اذهبي الى المحتوى
أمّ عبد الله

لعلي لست أنا المشكلة!

المشاركات التي تم ترشيحها

لعلي لست أنا المشكلة!

 

هاندي الشيخ نجيب

 

 

لو سألتُكم - قرَّاءنا الكرام - عن أكثر ما تسمعونه في هذه الأيام وأنتم مع العائلة، مع الجيران، الأقارب، الأصدقاء، في الأعراس، في مجالس العزاء، في الشارع، بل حتى في سيارة الأجرة مع السائق، أو في دكان الحي مع البائع...

 

 

أتوقع أن تكون الإجابة: "الشكوى"؛ فالكل يشكو من كلِّ شيء!

 

نَشكو من الأزمات في كل المجالات، نشكو من قِلَّة الماء، وانقطاع الكهرباء، نشكو من الأرصفة وزحمة السير، من معاملة الناس، من الموظفين في الإدارات، من الباعة على الطرقات..

 

الأساتذة يشكون من التلاميذ، والتلاميذ يشكون من الأساتذة.

 

أرباب العمل يشكون من العمَّال، والعمَّال يَشْكُون مِن أرباب العمل.

 

الزوج يشكو من زوجته، والزوجة تشكو من زوجها.

 

الأم والأب يشكوان من أبنائهما وبناتهما، والأبناء والبنات يشْكُون من أمهاتهم وآبائهم.

 

 

حتى انتشرت العدوى بين مختلف المستويات صعودًا وهبوطًا، فصارت الشعوب تشكو من الحكومات، وباتت الحكومات تَستثقلُ الشعوب!

 

 

ومسلسل الشكوى لا يزال يتفشَّى، حتى أمسى كالوباء الذي يستلزم حلًّا عاجلًا.

 

 

وحتى نعرف مَن وراء انتشار تلك العلل، وكيف السبيل إلى علاج المتسبب في هذا الخلل، ننتقِلُ إلى قصة بعنوان: (أين تكمُن المشكلة؟).

 

 

فقد انزعَجَ أحدُ الأزواج من وضع زوجتِه المُتفاقم، وضاق ذرعًا من عدم سماعها له وتجاهُلِها لحديثه!

 

قرَّر يومًا أن يَستشير طبيبًا لمعرفة سبُل التعامل مع عِلَّة زوجته.

 

 

نصحَه الطبيب أن يقوم بتجربة للتأكُّد مِن مستوى صمم الزوجة الغافلة، واقترح عليه بأن يبتعد عنها مسافة 20 مترًا ثم يُكلِّمها بصوت عادي، وفي حال عدم تَجاوبِها، يقلِّل المسافة إلى 10 أمتار، فإذا ظلَّت هائمة في عالمها، يقترب أكثر ويحدِّثها عن مسافة 5 أمتار فقط، ويرصد درجة تفاعلها مع كلامه!

 

 

بالفعل، عاد الزوج إلى البيت، بينما كانت الزوجة مُنشغلة بإعداد طبق العشاء في المطبخ، خاطبها من غرفة الجلوس بصوت عادي قائلًا: ماذا أعددتِ لنا يا حبيبتي على العشاء؟

 

لم تردَّ عليه!

 

 

اقترب مسافة عشرة أمتار ثم أعاد عليها السؤال، لكنَّها أيضًا لم ترد!

 

قلَّل المسافة بينهما حتى صار خلفها مُباشرة، ولا يكاد يفصل بينهما سوى خطوات، طرح عليها السؤال نفسه وهو يُمسك نفسه مِن شدَّة الغضب، قال لها: ماذا أعددت لنا على العشاء؟

 

 

استدارت الزوجة ونظرت إلى زوجها نظرة عتْب مُتفاجئة من إلحاحه، ثم ردَّت قائلة: هذه المرة الثالثة التي أقول لك فيها: عشاؤنا اليوم شوربة خضار!

 

 

نعم، لقد كان الزوج هو المصاب بالصمَم، فلم يكن يسمع جواب زوجته المتكرِّر، ولم يكن يسمعها مِن قبْل، في الوقت الذي كان يتَّهمها فيه بأنها لا تهتمُّ به ولا تسمع كلامه!

 

 

واقعة تُذكِّرنا بوصف الإمام الشافعي رحمه الله يوم أنشد:

 

نَعِيبُ زمانَنا والعيبُ فينا

space.gif

 

وما لزمانِنا عيبٌ سِوانَا

space.gif

 

 

ونَهْجو ذا الزمان بغير ذنْبٍ

space.gif

 

ولو نطَقَ الزمانُ لنا هَجَانَا

space.gif

 

 

وليس الذئبُ يَأكُلُ لحْمَ ذئبٍ

space.gif

 

ويأكُلُ بعضُنا بَعضًا عيانَا!

space.gif

 

 

 

لماذا نفترض دومًا أن العيب في غيرنا؟!

 

لماذا نبحث باستمرار في حقائب الآخرين عن أسباب المشكلة؟!

 

لماذا ننسى أن حقائبنا أيضًا مملوءة بالأسباب والعيوب؟!

 

وما الذي يفسِّر حدَّة نظَرِ أحدِنا ليرى القشَّة في عين غيره، بينما يعمى أن يرى الجذع في عينه؟!

 

 

أسئلة برسْم الإجابة، مع الاعتراف بأنَّ أكثَرَنا وصَلَ إلى مرحلة الاحتراف في البحث والتنقيب عن أخطاء الآخرين، كما لو كان يبحث عن كنز دفين!

 

 

قرَّاءنا الأفاضل، إنَّ سرد كل الأعذار لم يعد يكفينا لنخرج من مآسينا، كما لا يعفينا من المسؤولية فيما وصلنا إليه.

 

 

فكلُّ واحد منَّا معنيٌّ بالبحث عما تسبَّب به لإحداث تلك الشكاوى، أينما كان موقعُه، ومهما كان عمله؛ مُسترشدين بقول الله تعالى: ﴿ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ﴾ [القيامة: 14، 15].

 

 

وليكن - على الأقلِّ - أحد احتمالات سبب المشاكل هو: أنا، وأنتَ، وأنتِ، وهم..

 

 

إنَّ أمامنا طريقًا طويلًا للتغيير؛ لذلك علينا أن نبدأ بالتفكير بشكل جدِّيٍّ وموضوعيٍّ وعقلاني فيما يَجري حولنا، وأن نُساهم في امتصاص شكاوى الناس بتحويلها إلى مجموعة متطلبات، ونُبادِر في تطبيقها لتجاوز أزمة (الشكوى) التي غرقْنا في لُججها حتى التبَسَ علينا طريق الخروج.

 

 

وفيما نجتهد في إصلاح عيوبنا، لا بدَّ من التنبيه إلى عيب كبير يعيق مسيرة وعينا، جسَّده شاعر بقوله:

 

ولم أرَ في عُيوبِ الناس عيبًا *** كنقْص القادِرينَ على التَّمامِ

 

 

ومَن مِنَّا ليس قادرًا - بإذن الله - على التمام؟!

 

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

صدق الكاتب! ففي أحيان كثيرة نلقي اللوم على غيرنا وننسى أننا السبب

جزاك الله خيرا يا حبيبة.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

صدق الكاتب!

الشكوى أصبحت كشرب الماء

والله المستعان

بورك فيك للنقل الطيب .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خيرا مشرفتني

نسأل الله أن يصلحنا و ان يشغلنا بعيوبنا عن عيوب الناس

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

بوركتِ يا حبيبة نقل طيب

وصدق الكاتب !!

الشكوى اصبحت زبدة المجتمع

ولكن علنا نعلم علم اليقين ان الشكوى لله هي المخرج من كل ما يصادفنا في حياتنا

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

كلام راااااائع جدا ...

 

ولكن هذا المنهج فى خطاب الناس وصل بنا لمرحلة جلد الذات

 

فعليك يا الفقير المفحوت عمل ( عشان تاكل عيش حاف ) اتفحت لإنك ماتستهلش غير كده

 

ومؤسسات البلاد الفاسدة .. مش شغلك تحارب فساد حارب قسادك انت الأول

 

والغنى ..انت أصلا مش مسؤليتك تحارب جهل وفقر وتعطى زيادة شوية ـ دى ناس ماتستاهلش

 

وميخفاش عليكم منهج الكـِبر على البشر زى ( مين انتوا ) ــ نحن الأسياد وغيرنا هم العبيد ــ ده شعب متنيل بنيلة

 

وصل اننا نقول للمظلوم لم نفسك شوية عشان استقرار البلاد

 

لعلى لست أنا المشكلة ... أختلف مع هذا العنوان فأنا المشكلة وأنت وأنتِ وكل من حولنا

 

وافق أو مصمص الشفاه أو تغافل أو سار فى طريقه غير آبه بالظالمين وعلقها فى رقبة عالـِم قال

 

( نحن غير أهل أن يحكمنا العدول فعلينا بالإذعان للظالمين )

 

هذا الخطاب ومن على شاكلته هم المخذلون

 

إرحمونا يرحمكم الله شبعنا جلد ذات

 

إرحمونا يرحمكم الله .. نريد أن نعبد الله بنفسٍ مطمئنة

 

موقنة بـــ ( وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوفٌ رحيم )

 

اللهم لاتأخذ الأمة بذنوبى ونقنى من عيوبى

 

بارك الله فيكم ونفع بكم

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×