اذهبي الى المحتوى

المشاركات التي تم ترشيحها

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

*||وقفات تدبرية مع سورة الزمر||*

 

من التفسير المطول لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

 

الآية (1)

*|{ تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ }

 

*- كلمة تنزيل توحي، أن القرآن نزل منجَّماً بحسب الوقائع والمناسبات، على مدَّةٍ مقدارها ثلاثة وعشرون عاماً.

*- كل الأحداث التي وقعت في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، والتي في ضوئها نزل تشريعٌ حكيم، أو نَطَقَ النبي عليه الصلاة والسلام بتوجيهٍ كريم، هذه الأحداث ليست مقصودةً لذاتها، المقصود لذاته هو التشريع الإلهي والسُنَّة النبويَّة، فكلُّ الأحداث التي وقعت إنما يراد منها أن يكون القرآن حُكْمَاً، وسنَّة النبي عليه الصلاة والسلام تشريعاً.

 

*|{ تَنْزِيلُ الْكِتَابِ}

*- هذا الكتاب، إن قلنا: قرآن فمن فعل قرأ، وإن قلنا: كتاب فمن فعل كتب، فهذا الذي نزَّله الله على النبي عليه الصلاة والسلام سمَّاه الله تارةً قرآناً لأنه يُقْرَأ، وسمَّاه الله تارةً كتاباً لأنه مكتوبٌ:

 

*|{ تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ }

*- دائماً يقولون: الرسالة شرفُها من شرف المرسل، كلَّما عظُمَ المرسِل عظُمَت الرسالة

*- هذا الكتاب من الله، من صاحب الأسماء الحسنى، من صاحب الصفات الفضلى، من الذات الكاملة، من الواجب الوجود، من العليم الحكيم، من العزيز الرحيم، من اللطيف الخبير، من الغني القوي، كلَّما ذكرت اسم الله عزَّ وجل فاستعرِض أسماءه الحسنى، فكل أسمائه الحُسنى داخلةٌ في أفعاله، أي فعلٍ يفعله الله عزَّ وجل فيه كل أسمائه الحسنى

 

*- إذا تحدَّث الله عن ذاته استعمل ضمير المفرد، كأن يقول تعالى: " إنني أنا الله "، أما إذا تحدَّث الله عن أفعاله استخدم ضمير الجمع، لأن أفعاله تتجلى فيها كل أسمائه

 

*|{ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ }

*-كلمة عزيز تعني أنه فردٌ، وأن كل شيءٍ بحاجةٍ إليه، وأن الإحاطة به مستحيلة، تصل إليه ولا تحيط به. { وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ } [سورة البقرة: 255]

 

*- الحكيم الذي يضع كل شيءٍ في مكانه الصحيح

كل ما في الكون يدلُّ على حكمةٍ بالغة.

*- دقِّق في خلقه؛ وضع العينين في محجرين، وضع الأنف فوق الفم، وضع الفم وجعل حركته في الفك السفلي، وضع الأذنين جانبيتين

صفة الحكيم دليلٌ قطعيٌّ على وجود الله عزَّ وجل

 

 

يتبع بإذن الله ~*

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الآية (2)

*|{ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ }

*- الله هو الحق، الحقُّ اسمٌ من أسماء الله عزَّ وجل، فإذا قال الله شيئاً فكلامه حق لأن الواقع يؤكِّده

*- فالحق هو الشيء الثابت فكل شيءٍ صحيح، وكل شيءٍ أساسه صحيح، وبني وفق قاعدةٍ صحيحة هذا هو الحق.

 

*- في القرآن حقائق، في القرآن قواعد، في القرآن سُنَن، في القرآن أوامر، في القرآن نواهٍ، في القرآن توجيهات، هذه كلُّها حق

*- أروع تفسير للحق أن يُفْهَم بالطريقة المخالفة، ربنا عزَّ وجل قال:

{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً}

إذاً الحق عكس الباطل

*-الباطل الشيء الزائل، الحق الشيء الثابت والشيء الهادف

*- ما دام هذا القرآن حقٌ، وهو حقَّاً من عند الله عزَّ وجل بكل ما فيه فعليك أن تعبده، قال الله تعالى:

*|{ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ }

قبل أن نقول: أخلص له الدين، نقول: اعبد الله مخلصاً

*- الإنسان له ظاهر وله باطن

*- عبادة السر، عبادة القلب هي الإخلاص، وعبادة الجوارح طاعة ظاهرة لله عزَّ وجل،

فالشيء العظيم، إذا فعلته حقَّقت من خلاله وجودك، واثبت ذاتك، وحقَّقت المراد الإلهي من خلقك هو أن تعبد الله.

*- أن تعبد الله عزَّ وجل أي أن تتبع منهج الله الذي نزَّله على النبي عليه الصلاة والسلام

 

*|{ فَاعْبُدِ اللَّهَ }

*- تعني أنَّ عليك أن تطيعه في كل ما أمر، وأن تدع كل ما نهى عنه، لا تسمَّى عابداً إلا إذا أخذت الإسلام كلَّه متكاملاً

 

*- الفرق بين العَبيد و العِباد :

*- العبيد هم المقهورون،كلُّنا عبيدٌ لله، ولكنَّ المؤمنين فضلاً عن أنهم عبيدٌ لله هم عِباد الرحمن

 

العبادة شيء والعبوديَّة شيء،

أن تتعرَّف إليه، وأن تقبل عليه طائعاً، أن تقبل عليه مختاراً، هذه عبوديَّةٌ

وجميع هؤلاء الذين يعبدونه بهذه الطريقة عِباد وليسوا عَبيد،

*- لذلك كل الخلق عبيدٌ للرحمن، ولكن عباد الرحمن قلائل، هم الذين عرفوه فأقبلوا عليه.

*- عليك أن تعبده في الظاهر، وأن تُخلص له في الباطن، القلب يعبده بالإخلاص، والجوارح تعبده بالطاعة، طاعةٌ في الظاهر وإخلاصٌ في الباطن، هذا هو سرُّ وجودك

*- ليس بين الله وبين عباده قرابة إلا طاعتهم له،

*- العباد يتفاوتون فيما بينهم بالعافية، ويدركون ما عند الله بالطاعة فقط.

 

*|{ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ }

*- لو أن الله عزَّ وجل قال: الدين له، لكانت العبارة تؤدي معنىً عاماً فقط،

أما (له الدين) فيها قصر، أي أن خضوع الإنسان لا ينبغي أن يكون لغير الله

 

 

يتبع بإذن الله ~*

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بارك الله فيك عروس الحبيبة قيّم جدا

في المتابعة بإذن الله

على فكرة هذه السورة من بين السور التي تزلزلني استمعنا لها أخواتي بصوت ادريس أبكر

رجاءا ليس أمرا وستتمعن بقمة الخشوع بفضل الله وبإذنه

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بارك الله فيك عروس الحبيبة قيّم جدا

في المتابعة بإذن الله

على فكرة هذه السورة من بين السور التي تزلزلني استمعنا لها أخواتي بصوت ادريس أبكر

رجاءا ليس أمرا وستتمعن بقمة الخشوع بفضل الله وبإذنه

 

وبارك فيكِ الرحمن طيبة الحبيبة

تسعدني متابعتكِ الكريمة

هي بالفعل من السور الجميلة وفيها العديد من الآيات المؤثرة

وجزاكِ الله خيرًا على اقتراحكِ الطيب إن شاء الله نستمع لها بصوت الشيخ ادريس

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الآية (3)

*|{ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ }

 

*|{ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ }

*- أي له الخضوع كله

*- الجهة التي تستحقُّ أن تكون أنت لها هي الله، فعمرك، وشبابك، ومالك، وفكرك، وعلمك، وعضلاتك، ووقتك، الجهة التي إذا وهبتها لله عزَّ وجل أعطاك كل شيء

*|{ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }

*- هذه دعوى ونظرة زائغة لهؤلاء الأصنام، يقول هؤلاء: نحن نعبدهم حتى نتقرَّب إلى الله بهم

 

*|{ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }

*- أي سوف يحكم بينهم، سوف تنطق جوارحهم بأعمالهم

 

*|{ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ }

*- لأنه كاذبٌ بهذه الدعوى، كافرٌ بالله عزَّ وجل.

 

يتبع بإذن الله ~*

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الآية (4)

*|{ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ }

*- طبعاً هذا شيء افتراضي، لو أن الله عزَّ وجل أراد أن يتخذ ولداً لاصطفى مما يخلُق ما يشاء، ولكنَّه تنزَّه عن الزوجة والولد.

{ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ*اللَّهُ الصَّمَدُ*لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ*وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ }

[سورة الإخلاص: 1-4]

 

*- فأي ادعاءٍ أو أي اعتقادٍ بأن له ولداً من خلقه، هذا كفرٌ صريحٌ

{ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ }

 

يتبع بإذن الله ~*

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الآية (5)

 

*|{ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ }

*- تأخذ الآيات الكونية التي تحدث عنها القرآن حَيِّزاً واسعاً جداً في كتاب الله،

ألم يسأل أحدكم هذا السؤال: لماذا ذكَّرنا الله بهذه الآيات؟ ما الهدف من ذلك؟

الجواب البسيط هو: أن الله سبحانه وتعالى لا يُدرَك بالحواس، قال تعالى:

{ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ } [ سورة الأنعام: 103 ]

 

*- الكون كله ينطق بوجوده، ينطق بكماله، ينطق بوحدانيته، ينطق بأنه هو الخالق، هو الرب، هو المسَيِّر،

لذلك لما ذكر ربنا عز وجل هذه الآيات الكونية في قرآنه الكريم، ما ذكرها إلا لتكون وسيلةً لمعرفة الله، قال تعالى:

{ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآَيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ } [سورة الجاثية: 6]

 

*- فحيثما وَرَدَ في القرآن ذِكْرُ الكون فالقصد الكبير أن تتأمل في الكون، لا من أجل أن تنتفع منه كشأن أهل الكفر، إذا تأمَّلت من أجل أن تنتفع منه فلا مانع إذا اقترن النفع مع الهدى، والذي يدل على ذلك قول النبي عليه الصلاة والسلام حينما نظر إلى هلال، قال:

(( هِلالٌ خَيْرٍ وَرُشْدٍ )) [ رواه أبو داود عن قتادة ]

يا الله! أي أن هذا الهلال يرشدني إلى الله وينفعني في الدنيا، وقِس على الهلال كل شيء

*- إذاً هذا الكون نتعامل معه بنوعين من التعامل؛ تعامل نفعي، وتعامل مَعرفي،

التعامل النفعي تنتفع به ما دُمت حياً ترزق، تنتفع به ما دام قلبك ينبض، تنتفع بطعامه، بشرابه ..إلخ

التعامل المعرفي من فهمك لهذه الآيات التي بثَّها الله في الكون، إذاً يمكن أن تؤمن بالله من خلال خلقه، ويمكن أن تؤمن به من خلال أفعاله، آياته الكونية، ويمكن أن تؤمن به من خلال كلامه، ثلاث طرقٍ سالكةٍ إلى الله عزَّ وجل، طريق خلقه، وطريق كلامه، وطريق أفعاله.

*- كثير من الناس غافلون، أكبر مرض هو الغفلة والأمل، غافل عن الله، متأمل في الدنيا، هذا مرض خطير، لذلك ربنا عزَّ وجل قال:

*|{ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ }

 

*- إذاً العبادة الأولى هي التفكُّر في خلق السموات والأرض.

 

معنى بالحق: أي هذا الكون مبني على عِلم إلهي، وفق العلم، وفق الحكمة، بحكمةٍ ما بعدها حكمة

وأن هذه السماوات والأرض خلقت لهدفٍ كبير ليس فيها عَبَث، مأخوذٌ هذا من قوله تعالى:

{ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ } [ سورة الأنبياء: 16 ]

اللعب شيء مخالف للجد، اللعب هو الشيء العابث، عمل بلا هدف

 

*- الكون أيها الأخوة أوسع بابٍ لمعرفة الله وأقصر طريقٍ إليه:

{ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ }

[ سورة آل عمران: 190-191 ]

 

*- معنى بالحق، خُلق وفق أسسٍ علميَّة، خُلق لهدفٍ نبيل، خُلق الكون ليكون للإنسان دليلاً إلى الله عزَّ وجل، وليبقى الإنسان في جنَّة الله إلى أبد الآبدين، خُلق وفق الحكمة، خُلق وفق الرحمة، خُلق وفق أسماء الله الحُسنى لأن الله هو الحق.

*- تأتي كلمة السموات والأرض لتعبِّر عن كل شيءٍ سوى الله، يجب على المرء أن يصل إلى الحق من خلال خلق الله عزَّ وجل

 

*|{ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ }

*- الشيء المكوَّر هو الشيء المنحني، الشيء المُلْتَف، فالأرض كرة، فإذا قابلت الشمس أصبح نصف سطحها منيراً، وخط النور خطٌ منحنٍ، فإذا دارت الأرض انتقل الخط المنحني من النور إلى الظلام، فكأن النور يدخل في الظلام بشكلٍ منحنٍ، وهذه الآية فيها إشارةٌ لطيفةٌ إلى كرويَّة الأرض

 

*|{ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ }

*- كلمة سخَّر، الشمس مسخَّرة لمن؟

أنت أيها الإنسان بنصِّ القرآن الكريم ترى أن الكون مسخَّرٌ لك،

فأيهما أعظم شأناً عند الله المُسَخَّر له أم المسخَّر؟

المسخَّر له، إذاً أنت المخلوق الأول، أنت المخلوق المكرَّم الذي سخَّر الله لك ما في السموات والأرض

 

*- هذه الشمس النجم الملتهب، الذي يمدُّ الأرض بالحرارة، يمدُّها بالضوء ويمدُّها بأشياءٍ لا نعلمها

 

تصوَّر الأرض بلا شمس انتهت الحياة، الحياة تنتهي فجأةً، تصوَّر أن الشمس أقرب إلى الأرض مما هي عليه.

{ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ }

[ سورة الرحمن: 5]

*- هذه المسافة مسافة دقيقة جداً، لو أنها زادت لاحترق كل ما على الأرض، لو أنها ابتعدت لمات كل ما على الأرض من شدَّة البرد، إذاً الحجم مناسب، والمسافة مناسبة، والحرارة مناسبة، والأرض حجمها مناسب، ودورتها مناسبة، ومحورها مناسب

 

*|{ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ }

*- معنى هذه الآية أن الأرض كرة، ومعناها تدور حول نفسها، ومعناها أنَّ الشمس متألِّقة، وهي منبع الضوء والحرارة، ومعناها أن الأرض لها دورة حول نفسها ودورة حول الشمس

*|{ أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ }

*- من أدقِّ تعريفات العزيز، إذا قلت: هذا الشيء عزيز، الشيء العزيز هو الذي يندُر وجوده، والشيء العزيز المنال هو الذي يصعب الوصول إليه، إذا وصفت الأشياء بأنها عزيزة، فتشتدُّ الحاجة إليها، ويقلُّ وجودها، ويندر وجودها، ويصعب الوصول إليها.

*- معنى آخر لكلمة عزيز أنه يستحيل أن تحيط به، يمكن أن تصل إليه بعقلك، يمكن أن تتصل به بنفسك، أما أن تحيط به فهذا مستحيل.

 

*- مع كل هذه العظمة هو غفَّار، هذا اسمه متكاملاً، هو عظيمٌ لا مثيل له، لا ثاني له، لا شبيه له، لا شريك له، يحتاجه كل مخلوق، ومع ذلك خلقكم ليغفر لكم.

 

{ أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ }

*- لو تأمَّلت في خلق السموات والأرض لوجدت أن الله عزيزٌ غفَّار، أي أنه عظيم ومن جهةٍ ثانية خلقك ليغفر لك.

 

 

يتبع بإذن الله ~*

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الآية (6)

*|{ خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إلهَ إلا هُو فَأَنَّى تُصْرَفُونَ}

 

 

*|{ خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ }

*- فالتفرقة لا وجود لها عند الله عزَّ وجل، البشر جميعاً من طبيعةٍ واحدة،

خُلِقَ البشر جميعاً من طبيعةٍ واحدة، هذه الطبيعة لصالحهم، لصالح إيمانهم، لصالح إقبالهم على الله، لصالح تحقيق الهدف الكبير الذي خُلِقوا له في الدنيا.

طبيعة الإنسان أنه مبتلى.

{ إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً } [ سورة الإنسان: 2]

 

*|{ خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَة ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا }

*- المرأة من حيث التشريف والتكليف مساويةٌ للرجل تماماً، لكن من حيث البنيَّة الفيزيولوجيَّة والبنية النفسيَّة تختلف عنه باختلاف مهمَّتها في الحياة، لذلك قال تعالى:

{ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى } [ سورة آل عمران: 36]

*|{ خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ }

*- الضأن، والماعز، والبقر، والإبل، ذكور وإناث صارت ثمانية، هذه مسخَّرة، لو أن البقر كله أصبح متوحِّشاً لاضطرب شأن الإنسان واختلت بعض معاييره،

من جعل البقرة مذلَّلة؟

تعطيك الحليب، لحمها تأكله، وجلدها تستعمله، إذاً الله عزَّ وجل سخَّر هذه الأنعام.

*|{ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ }

*- ظلمة غشاء الجنين، الغشاء الذي يحيط بالجنين هذا هو الخلاص، وظلمة الرَحِم، وظلمة بطن المرأة، البطن مظلم، بداخله الرحم، بداخل الرحم الجنين.

*|{ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ }

*- هذا هو الله، هذه أفعاله، هذا خلقه، يتبدَّى من خلال خلقه علمه، وحكمته، وخبرته، ورحمته، ولطفه، ومحبَّته، لا إله غيره، إلى أين أنتم ذاهبون؟

*|{ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ }

*- فأين تذهبون؟ السعادة من هنا، السعادة، والسلامة، والراحة النفسيَّة، والطمأنينة، وسعادة الآخرة، والبرزخ، والقبر، والتوفيق في الدنيا بالزواج، وبالعمل، وبالصحَّة، كل الخير من طريق الإيمان

 

يتبع بإذن الله ~*

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الآية (7)

*|{ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ }

 

*|{ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ }

*- الله عزَّ وجل غني، واحدٌ أحد، فردٌ صمد، وجوده لا يتعلَّق بغيره، أما نحن كبشر وجودنا معلقٌ بغيرنا، نحن مفتقرون إلى الله في وجودنا

*- إذاً الإنسان وجوده ليس ذاتياً، هو مفتقر، لكن الله عز وجل لا يتعلَّق وجوده بجهةٍ أخرى

*|{ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ }

*- لكن لأنكم مطلوبون للرحمة، لأنه خلقكم ليسعدكم، لأنه خلقكم ليرحمكم.

{ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ } [ سورة هود:119]

*- لأنه خلقهم لسعادةٍ أبديةٍ، لأنه خلقهم لجنةٍ عرضها السماوات والأرض، لأنه خلقهم ليتفضَّل عليهم، لأنهم مطلوبون لرحمته لا يرضى لعباده الكفر.

*- ما الكفر؟ الكفر التكذيب والإعراض، التكذيب صفة عقلية، والإعراض صفة نفسية، بل إن الإعراض من نتائج التكذيب، إذا كذَّبْتَ أعرضت

*- لكن ماذا يقابل الكفر؟ الإيمان،

الإيمان تصديق والتفات وإقبال

*- الإيمان أيها الأخوة أن تؤمن بالله، أن تؤمن بوجوده، وأن تؤمن بوحدانيَّته، وأن تؤمن بكماله، والإيمان بالله عزَّ وجل يتأتَّى من جهدٍ

*- لذلك من ظن أن الإيمان قضية تصديق فقط فهو مخطئ، وقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام عما يكون آخر الزمان قال لك:

((بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَناً كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِناً وَيُمْسِي كَافِراً وَيُمْسِي مُؤْمِناً وَيُصْبِحُ كَافِراً يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا قَلِيلٍ )) [ أحمد عن أبي هريرة ]

*- الإيمان ليس معه ارتياب وتردد، ليس معه ظَن، بل هو يقين:

{كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ } [ سورة التكاثر: 5-6]

*- عندنا علم اليقين، وعندنا عين اليقين، عندنا حق اليقين،

علم اليقين: أن ترى دخاناً وراء جدار، فتحكم يقيناً وأنت بهذا تحكم مئة بالمئة أن هناك ناراً، إذ لا دخان بلا نار، هذا علم اليقين.

فإذا تحرَّكت إلى خلف الجدار ورأيت بأم عينك لهيب النار، هذا ما اسمه؟ هذا عين اليقين.

فإذا لا سمح الله ولا قدَّر أصابت النار جلد الإنسان، وصاح من شدة ألمه، هذه حق اليقين؛

 

*|{ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ }

*- فأنت مخلوق من أجل أن يسعدك الله، فإذا أنت قبلت هذا العرض العظيم، وسرت في طريقه القَويم، وسعدت بإيمانك، فقد حققت مراد الله من خلقك، إذاً يرضى عنك، ويشكر لك إيمانك به واستقامتك على أمره

*|{ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ }

*- ولذلك فالله عزَّ وجل لما خلق الكون، خلق الكون وسخره لهذا الإنسان تسخير تعريفٍ وتكريم، فردّ فعل التعريف أن تؤمن به، ورد فعل التكريم أن تشكره على نعمائه، فإذا آمنت به وشكرته، فقد حققت المُراد من وجودك، إذاً ينتهي العلاج، وهذا مصداق قوله تعالى:

{ مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِراً عَلِيماً } [ سورة النساء: 174 ]

*|{ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى }

*- هذه قاعدة أساسية في تعامل الله مع خلقه، كل إنسان محاسَب على عمله، لا يؤخذ إنسانٌ بجريرة إنسان، لا تحمل نفسٌ ذنب نفسٍ أخرى، أبداً، بل كل نفس بما كسبت رهينة.

*|{ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى }

النبي صلى اله عليه وسلم قال:

(( يا فاطمة بنت محمد، أنقذي نفسك من النار فإني والله لا أملك لكم من الله شيئاً ))

[ أخرجه أحمد و الشيخان و الترمذي عن أبي هريرة]

*- لا يأتيني الناس بأعمالهم وتأتوني بأنسابكم، من يبطئ به عمله لم يسرع به نسبه، قال عليه الصلاة والسلام مخاطباً أصحابه:

(( إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئاً بِقَوْلِهِ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ فَلَا يَأْخُذْهَا ))

[ متفق عليه عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا]

*- إن صحَّت علاقتك مع الله هذا هو الإيمان، علاقتك مع الله فقط، فراقب الله عزَّ وجل في خلوتك وفي جلوتك، في سرك وفي جهرك، في بيتك وفي طريقك، وفي عملك، وفي بيعك وشرائك، هذا هو الإيمان.

*|{ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }

*- أخواننا الكرام، إذا الإنسان أيقن أن الله يعلم، وأيقن أنه سوف يحْشَرُ إليه، وأيقن أنه سيحاسبه، لا بد من أن يستقيم على أمر الله،

لذلك الناس يتعجبون من المؤمن، لماذا هو مستقيم إلى هذه الدرجة؟ بعضهم يقول له: لا تحتاج لكل هذا!!

العَجَب بالعكس، عليهم أن يعجبوا ممن يعصي الله، كيف يعصيه؟! كيف سيقابله؟ كيف سيقف بين يديه؟ ماذا يقول له؟!

{ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } [ سورة يس: 65 ]

*|{ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ }

*- يعلم نفسك على حقيقتها.

 

 

يتبع بإذن الله ~*

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

*- لأنه خلقهم لسعادةٍ أبديةٍ، لأنه خلقهم لجنةٍ عرضها السماوات والأرض، لأنه خلقهم ليتفضَّل عليهم، لأنهم مطلوبون لرحمته لا يرضى لعباده الكفر.

اللهم اجعلنا منهم جزاك الله خيرا عروس الحبيبة

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الآية (8)

*|{وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَاداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ }

 

*- كلمة (الضُر) ليست بالمعنى المطلق، بل بالمعنى النسبي، أي أنها ضرٌ بالنسبة للإنسان المقصِّر العاصي، لكنها بالنسبة إلى الله جلَّ جلاله تربيةٌ، وفضلٌ، ومعالجةٌ، ونعمةٌ باطنة، كما فسَّرها المفسِّرون.

 

*|{ وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ }

*- أروع ما في هذه الآية أن الضُر يكشف زيف الإنسان، ويجعل الإنسان وجهاً لوجهٍ أمام فطرته

*- الإنسان وهو في بحبوحة يتحدَّث عن قوَّته، عن ماله، عن شأنه، عن ذكائه، عن خبرته، لكن إذا ألمَّت به المكاره قال: يا رب يا رب.

 

*|{ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ }

*- يُمْتَحَن بالنعمة ويُمتحن بالنقمة، يمتحن بالعطاء ويمتحن بالمنع، يمتحن بالإمداد ويمتحن بالقبض وبالبسط. لكن المؤمن يرى أن منع الله عطاء، أجل المنع من الله عين العطاء لأن الله عزَّ وجل يحمي صفيَّه من الدنيا كما يحمي أحدكم مريضه من الطعام.

 

*|{ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَاداً }

*- الند طريقٌ غير سالك، لديك طريق وحيد سالك هو طريق طاعة الله، هذا الطريق سالك إلى الله، أما أي طريق آخر فهو مسدود، لو تعلَّقت بإنسان، هذا الإنسان ليس عنده ما يرضيك، ليس عنده سعادة تُسعدك، ليس عنده قوَّة تعينك، ليس عنده أنوار تنوِّر قلبك، طريقٌ مسدود، الطريق الوحيد طريق الله عزَّ وجل، هذا الطريق سالكٌ لرحمته، سالكٌ للسعادة، فالإنسان إذا تعلَّق بغير الله، وأطاع غير الله، أضلَّ نفسه عن الله، وسار في طريق مسدود.

 

*|{ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً }

هي أيَّام معدودة

 

*|{ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ }

*- فإذا هذا الإنسان الكفور، الجحود، الذي يعيش لحظته، ويعطِّل فكره، ويعطِّل قيمه كلها، ويعيش لذاته، فهل ذاك التائه يوازي هذا الإنسان العابد؟

{ أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ}

 

 

 

 

يتبع بإذن الله ~*

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الآية (9)

 

*|{ أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ }

 

*|{ أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ }

*- القنوت الانقطاع، أي انقطع لطاعة الله:

{ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ }

 

[ سورة التوبة:111]

*- لقد باع عمره، باع وقته كله

هذا الإنسان له عند الله شيءٌ كثير، لذلك:

(( أعْدَدْتُ لعباديَ الصالحين ما لا عين رأتْ، ولا أذن سمعتْ، ولا خطَر على قلبِ بَشَرْ ))

[متفق عليه عن أبي هريرة ]

 

*- الله تعالى قال:

{ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ } [ سورة السجدة: 17]

لم يقل: لو تعلم، بل قال: لا تعلم، أي لا يمكن أن تعلم..

{ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [ سورة السجدة: 17]

 

*|{ أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ }

*- تجد إنساناً مؤمناً يبذل من ماله، من وقته، يرجو أن يرضى الله عنه، يرجو أن يتجلَّى الله على قلبه، يرجو أن ينجِّيه الله من عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، فرحمة الله عزَّ وجل واسعة، رحمته واسعة جداً، خلقنا ليرحمنا:

{ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ }

[ سورة هود:119]

 

*|{ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ }

*- العلم الذي أراده الله هنا ليس العلم بالجُزْئِيَّات

*- العلم المقصود هنا العلم بالكُلِّيات، العلم الذي يقودك إلى معرفة الله، ومعرفة منهجه، ومعرفة سرِّ وجوده، ومهمَّتك في الحياة، العلم الذي يحملك على طاعة الله هو العلم المطلوب، فليس كل إنسان نال شهادة عُليا، اختصاص معيَّن، صار عالِماً حسب نص هذه الآية

 

 

يتبع بإذن الله ~*

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الآية (10)

 

*|{ قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ }

 

*- أي أنه لا بد من طاعة الله، فإذا حال أحدٌ بينك وبين طاعته، لا بد من أن تبحث عن مكانٍ تطيع الله فيه، هذا معنى:

{ إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ } [ سورة العنكبوت: 56 ]

 

*- ليس لك عذر، إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ، إذا ضاقت بك الدنيا في مكان فعليك أن تتحوَّل إلى مكانٍ آخر تطيع الله فيه

*- إذاً على الإنسان أن يرتحل من أرض يُعصى الله فيها إلى أرض يُطاع الله فيها

 

*|{ قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا }

 

*- (قل يا عبادِ)، الله عزَّ وجل نسب العِباد إلى ذاته تكريماً لهم، تكريماً وتشريفاً

فالمؤمن كلما ارتقى إيمانه أُرْهِفَت أحاسيسه، كلما ارتقى إيمانه تعامل مع الله تعاملاً صادقاً، كلما ارتقى إيمانه أصغى أذنه.

*- لقد آمنتم بأن الله عزَّ وجل هو خالق الكون، وأنه خلقكم للدنيا كي تعرفوه، فهذا إذاً منهجه:

الآن:

*|{ اتَّقُوا رَبَّكُمْ }

*- أي قِ نفسك من عذاب الدنيا وعذاب الآخرة بطاعة الله، كلمة وقى فيها شيئان، فيها خوف من خطر، وفيها حركة لدرء هذا الخطر

*- عليك أن تتحرَّك للعمل، يقول بعضهم: الآن آمنت، نقول بدورنا: فلا بد أن تعمل صالحاً، إن آمنت، فأين الحركة؟ إن آمنت، فأين الالتزام؟ آمنت، فأين الطاعة لله عزَّ وجل؟ الإيمان بلا عمل كالشجر بلا ثمر

*- اتقِ الله في علاقتك به، اتقِ الله في علاقتك بالناس، اتقِ الله في علاقتك بالمخلوقات جميعاً

*- أي أطيعوه كي تسلموا من عذاب الدنيا، اتقوا عذابه بطاعته

 

*|{ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ }

*- من هو الصابر؟ هو إنسان يعرف الله، يعرف أن الله يعالجه

*- فكل إنسان لا يصبر يعني أنه أحمق، لا يعرف الله أبداً؛ أما الصابر فهو يرى أن يد الله تعمل في الخفاء، يرى أن الأمر كله بيد الله، يرى أن أفعال الله كلها يحمد عليها، لذلك قالوا: الحمد لله الذي لا يحمد على مكروهٍ سواه.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((عَجِبْتُ مِنْ أَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَ الْمُؤْمِنِ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ لأَحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ كَانَ ذَلِكَ لَهُ خَيْراً وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ فَصَبَرَ كَانَ ذَلِكَ لَهُ خَيْراً ))

[أحمد عَنْ صُهَيْبٍ]

*- فالمؤمن شيء عجيب، مثل المنشار على الحالتين شاكر، إذ أكرمه الله يقول: يا رب لك الحمد هذا فضلك علي، وإذا الله سلبه نعمة يا رب لك الحمد أنا أستحق، وأنت مربٍ، وأنت عالم، وأنت عادل، وأنت رحيم، وأنا طوعُ إرادتك، إن لم يكن بك غضبٌ علي فلا أبالي ولك العتبى حتى ترضى ولكن عافيتك أوسع لي

*- الصبر لا بد منه، الإيمان والصبر، الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد، فإذا ذهب الصبر ذهب الإيمان

*- طاعة الله تحتاج إلى صبر:

{ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ }

 

صارت الآيات تتحدث عن ثلاثة أنواع من الناس: الجاهل، المؤمن، المؤمن العاقل:

*|{ وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ }

*- هذا نموذج أول؛ الإنسان الجاهل غير المؤمن، سويعاتي، يعيش لحظته

ما تعرَّف إلى الله عزَّ وجل، الخير يستخفُّه، والشر يُقْعِدُهُ، والمعروف ينساه، هذه صفات الكافر

 

*- أما المؤمن قانتٌ، منقطعٌ لله أناء الليل:

*|{ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ }

لأنه عَلِم:

*|{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ }

أصحاب العقول:

*|{ قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ }

*- أي انتقلوا من السماع إلى التطبيق، من الإيمان للعمل، من التلقِّي للإلقاء:

*|{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ }

*- ففي الدنيا لمن آمن واتقى سعادة، وفي الآخرة الأجر بلا حدود وبغير حساب:

{ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ }

 

 

يتبع بإذن الله ~*

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الآية (11)

 

*|{ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ }

*- كل شيءٍ مسخَّرٌ لشيء، فالماء مسخَّرٌ للأرض، والأرض مسخَّرةٌ للنبات، والنبات مسخَّرٌ للحيوان، والحيوان مسخرٌ للإنسان، والإنسان مسخرٌ لمن؟ لله عزَّ وجل، ابن آدم خلقتك لنفسي وخلقت كل شيء لك فبحقي عليك لا تشتغل بما خلقته لك عما خلقتك له

 

*- أنت مخلوقٌ من أجل أن تعبد الله، الله عزَّ وجل قال:

{ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً }

أنت خليفة الله في الأرض، وخليفة الله في الأرض من لوازمه، أو من أولى خصائصه، أو من أوَّل واجباته أن يتعرَّف إلى الله عزَّ وجل، وهل تصدِّق أن خلق السماوات والأرض من أجل أن تعرف الله، وإليك الدليل النقلي:

{ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ } [ سورة الطلاق: 12 ]

علَّة خلق السماوات والأرض أن تعلم:

{ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً } [ سورة الطلاق: 12 ]

 

*- أنت مخلوقٌ لماذا؟ من أجل أن تعرفه، من أجل أن تصل إليه، من أجل أن تُقبل عليه، من أجل أن تسعد بقربه، من أجل أن تكون نموذجاً للمخلوقات، فلذلك جاء الأمر الإلهي:

*|{ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ }

*- مرَّة ثانية: عبادة الله عزَّ وجل لها معنيان، فيها معنى الخضوع وفيها معنى الحُب، فالذي خضع لله عزَّ وجل ولم يحبَّه ما عبده، والذي أحبَّه ولم يخضع له ما عبده.

 

*- إذاً العبادة طاعةٌ وحُب، والدليل:

{ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّه} [ سورة الروم: 30]

 

*- ولتعلم أن لكل عضو فيك عبادة؛ فالقلب له عبادة، الأعضاء لها عبادة، العين تعبد الله بأن تغضَّ عن محارم الله، الأذن تعبد الله، العين تعبد الله بشيئين؛ بشيء إيجابي وشيء سلبي، فالإيجابي أن ترى آيات الله - أُمرتُ أن يكون صمتي فكراً، ونطقي ذكراً، ونظري عبرةً

*-فالجوارح تعبده بأن تأتمر بما أمر، وأن تنتهي عما عنه نهى وزجر، لكن القلب يعبده بالإخلاص، فدائماً الإنسان له ظاهر وله باطن، ظاهره خاضعٌ لأمر الله، باطنه مخلصٌ لله

 

 

يتبع بإذن الله ~*

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الآية (12)

 

*|{ وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ }

*- الإنسان لا ينبغي أن يقبل بالمرتبة الدنيا، علو الهمَّة من الإيمان، لماذا هو في الدنيا يحب الأكمل؟

لأن هذا من طبيعة الإنسان، مفطورٌ على حب الأكمل، فلماذا نحن نبتغي الكمال في الدنيا ونقنع بمرتبةٍ وراء باب الجنَّة كما يقول الجهلاء في الآخرة؟ لمَ لا يكون الإنسان عالي الهمَّة؟ ورد عن النبي الكريم أن:

((علو الهمة والمروءة من الإيمان)) [أبو داود عن من العهود المحمَّديَّة]

 

*- وكذلك الطموح من الإيمان، الله عزَّ وجل قال:

{ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ } [ سورة المطففين: 26]

*- أهل الدنيا يتنافسون في بيوتهم، في ولائمهم، في ألبستهم، في مركباتهم، في قصورهم

*- لكن أهل الإيمان يتنافسون في طاعتهم لله عزَّ وجل، يتنافسون في طلبهم للعلم

*- المؤمن غَيُور، لكن هذه الغيرة يحبُّها الله ورسوله، يغار من أخوانه أن يسبقوه، يتنافس مع أخوانه ولكن تنافساً شريفاً، تنافس مع أخيك، كن أنت الأول في حفظ كتاب الله، في فهم كتاب الله، في تعليم كتاب الله، في توظيف طاقاتك في سبيل الله، هذا الذي يطلب الأدنى يخالف الفطرة، فطرة الإنسان تطلُب الأعلى، قال:

*|{ وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ }

*- مع هذه الآية نصل إلى نقطة دقيقة جداً وهي: أن الأفعال من الله عزَّ وجل، لماذا ربنا عزَّ وجل قدَّر على يد هذا الإنسان عملاً ما، ولم يقدِّر على يد إنسان آخر؟ لماذا أعطى هذا ومنع ذاك؟ قال: الأفعال كلها فِعل الله، أما الشيء الذي يُحَرِّك الأعمال هي النوايا الطيِّبة، والإخلاص لله عزَّ وجل،

 

*- فالمؤمنان يرتقيان عند الله بحسب إخلاصهما لا بحسب أفعالهما لأن أفعالهما من الله عزَّ وجل، فكلَّما نويت عملاً صالحاً الله عزَّ وجل قدَّر لك هذا العمل، فكأن الأعمال التي أجراها الله على يديك تعبِّر عن نواياك، تعبر عن طموحك، تعبِّر عن إخلاصك

 

 

يتبع بإذن الله ~*

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الآية (13)

 

*|{ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ }

 

*- إذا كان هذا حال النبي صلى الله عليه وسلم فما حال أمَّته من بعده؟

*- النبي وما أدراكم ما النبي صلى الله عليه وسلم، المخلوق الأول، الذي عرف الله، الذي أحبَّه، الذي أمضى كل حياته في طاعته، وفي خدمة خلقه، وفي نشر دينه، يخاف إن عصى الله عذاب يومٍ عظيم، فنحن إن لم نخف فنحن مرضى، الذي لا يخاف من الله مريض يحتاج إلى معالجة، لذلك:

((ركعتان من ورع خير من ألف ركعة من مخلط)) [الجامع الصغير عن أنس]

 

*- من المخلِّط؟ هو الذي خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً،

" ركعتان من ورع خيرٌ من ألف ركعة من مخلِّط"،

"من لم يكن له ورعٌ يصدُّه عن معصية الله إذا خلا لم يعبأ الله بشيءٍ من عمله

*- مقياس استقامتك يبدو جلياً وأنت وحدك، مقياس استقامتك فيما بينك وبين الله

 

*- والمؤمن من شدَّة خوفه من الله يُضَحِّي بما فيه شك:

((إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، من وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى، يوشك أن يرتع فيه)) [متفق عليه عن النعمان بن البشير]

 

*- أنا أضرب هذا المثل من باب الطرفة: مرَّة طالب قال لي في الصف: أنا لا أخاف من الله، قلت له: معك الحق ألا تخاف من الله، قال: لماذا؟ قلت له: لأن الطفل الصغير الذي عمره سنتان أحياناً يأخذه أبوه معه إلى حقل الحصاد، وقد يمر أمامه ثعبانٌ كبير لو رآه رجلٌ راشد لخرج من جلده خوفاً، أما هذا الطفل الصغير يضع يده عليه، لماذا لا يخاف؟ لأنه لا يُدرك، فالذي لا يدرك لا يخاف.

 

 

يتبع بإذن الله ~*

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الآية (14)

 

*|{ قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي }

 

*- النبيَّ صلى الله عليه وسلم قدوةٌ لنا، حقاً هو قدوة لنا

*-النبي صلى الله عليه وسلم أُمِرْ أن يعبد الله، أُمر أن يخلص له، أُمر أن يكون متفوِّقاً وتفوَّق، يعبِّر عن ذاته، يخاف إن عصى ربَّه عذاب يومٍ عظيم، هو قدوةٌ لنا، كل أمرٍ موجَّهٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم موجَّهٌ إلينا بالتبعيَّة

 

 

يتبع بإذن الله ~*

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الآية (15)

 

*|{ فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ }

 

*|{ فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ }

*- هذا أمر:

{ فَاعْبُدُوا } فعل أمر، هل هذا أمر فقط؟

قال العلماء: هذا أمر تهديد، أي اعبدوا من شئتم وما شئتم وسوف تدفعون الثمن باهظاً،

*- عندما يربط إنسان مصيره بإنسان آخر فهو يقامر بسعادته الأخرويَّة، هذا الذي عبدته من دون الله لا يملك لك نفعاً ولا ضراً، ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً، ولا رزقاً ولا حفظاً، ولا تأييداً ولا نصراً، وإن ملك من باب الافتراض قد لا يستجيب لك، وإن استجاب قد لا يسمعُك

{ إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ } [سورة فاطر: 14]

 

*|{ فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ }

*-أي اعملوا وكثِّروا، افعلوا ما تشاءون كل شيء بثمنه

 

*|{ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ }

*-أكبر خسارة أن تخسر ذاتك، فما معنى خسارة الذات؟

*- عندما يأتي الإنسان إلى الدنيا ويغادرها دون أن يعرف الله، ودون أن يستقيم على أمره فقد خسر نفسه في الآخرة،

أي أنه استحقَّ النار، فالإنسان حينما يخسر مكانه في الجنَّة، وأنت كإنسان خُلقْت للجنَّة، فإذا لم تُؤمن خسرت هذا المقام في الجنَّة وهو أكبر خسارة،

*- أكبر خسارة على وجه الأرض أن تخسر مقامك في الجنَّة، أي خسرت ذاتك، خسرت نفسك

 

*- فالله عزَّ وجل جعلك أباً، جعل لك زوجة، لك أولاد، لك بنات، لك أصهار، هؤلاء في الأساس من أجل أن يكونوا زادك إلى الله عزَّ وجل، من أجل أن تهديهم إلى الله، أن تعينهم على دينهم، فيوم القيامة ليست المشكلة مشكلتك وحدك، مشكلة الإنسان وذريَّته

 

*- الإنسان بعدما يتزوَّج تكبر مسؤوليته عن نفسه وعن أسرته، فمن الممكن أن تكون زوجته زاده إلى الآخرة إذا حملها على طاعة الله، إذا علَّم ابنه القرآن، إذا نشَّأهُ على حب النبي العدنان، إذا علَّمَهُ السيرة النبوية، إذا ضبط سلوكه، راقبه، وجَّهه، هذَّبه، نصحه، أكرمه، زوَّجه وهو في ريعان الشباب مبكراً

 

*|{ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ }

*- هذه الخسارة الحقيقيَّة،

*- الخسارة الحقيقيَّة هي عندما يكتشف الإنسان أنه ضيَّع أثمن ما في الدنيا،

*- لذلك قال بعض العارفين: " مساكين أهل الدنيا جاءوا إلى الدنيا وخرجوا منها ولم يعرفوا أثمن ما فيها ". أثمن ما فيها معرفة الله وطاعته

 

 

يتبع بإذن الله ~*

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الآية (16)

 

*|{ لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ }

 

*- الظلل أي الطبقات، أي طبقاتٌ من النار من فوقهم، وطبقاتٌ من تحتهم، وهي طبقاتٌ بعضها فوق بعض، والإنسان في الدنيا يشعر بألم الحريق، يبقى أياماً معدودات لا يطيق هذا الألم، والحريق في الدنيا مس وليس حريقاً مباشراً، وليس بقاءً في الحريق إلى ما شاء الله، بل لحظات فهذا كلام الله عزَّ وجل، والله جل جلاله يقول:

{ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ } [ سورة البقرة: 175 ]

أي كيف يصبرون على هذه النار المحرقة؟!!

 

*|{ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِه عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ }

*- هذه المشاهد ذكرها الله عزَّ وجل في القرآن قبل الأوان لتكون عبرةًً لنا

وهذا وضع الكافر في جهنَّم فاحذر:

*|{ لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ }

أدركوا أنفسكم، أنقذوها قبل فوات الأوان، لآن الحياة فيها بحبوحة، ما دام القلب ينبض الأمور تُحَل، لكن بعدما يموت الإنسان انتهى كل شيء، وبالموت يُخْتَم عمله ويحاسب حساباً عسيراً

 

 

يتبع بإذن الله ~*

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الآية (17)

 

*|{ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ }

 

*- الطاغوت صيغة مبالغة من طغى، والطاغوت هنا هو الشيطان،

*- والإنسان بشكلٍ أو بآخر إما أن يتَّبع وساوس الشيطان، وإما أن يهتدي بإلهامات الملائكة،

فالإنسان رحماني أو شيطاني، إما مع الحق رحماني، أو مع الباطل شيطاني

 

*- فالمؤمنون من خصائصهم ومن لوازمهم أنهم يجتنبون الطاغوت أن يعبدوها،

*- والعبادة كما مرَّ بنا من قبل هي: غاية الخضوع مع غاية الحُب

فالجهة التي تستحق العبادة في الكون هي الله عزَّ وجل، فإذا اتجهت إلى مخلوقٍ مما سوى الله ومحَّضته حبك وخضوعك واستسلمت له فأنت تعبده وأنت لا تدري،

إذاً المؤمنون يجتنبون الطاغوت أن يعبدوها.

 

*|{ وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ }

*- أي عادوا إليه، ناب وأناب بمعنى رجع، أناب إلى الله بمعنى رجع إلى الله:

{وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ} [سورة لقمان:15]

 

*- أي اتبع سبيل من عاد إلى الله، كيف يعود الإنسان إلى الله عزَّ وجل؟

أي أنه كلما عرض له موقف يرجع إلى حكم الله فيه، هذا معنى العودة

يعود إلى حُكم الله في كتاب الله، وليس من صفات المؤمن أنه إذا رأى حكماً لله عزَّ وجل ابتعد عنه، لقول الله عزَّ وجل:

{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ } [ سورة الأحزاب: 36]

 

 

*- المعنى الثاني: عاد إليه بمعنى أقبل عليه، لو أن الإنسان كان أمام عِدّة أشخاص، ثم تركهم جميعاً واتجه لشخصٍ آخر، نقول عاد إلى فلان، ترك هؤلاء وعاد إلى فلان

 

*|{ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ}

 

 

*- والقرآن الكريم فيه بشارات للمؤمنين، فالمؤمن إذا قرأ القرآن وقرأ ما وعد الله به المؤمنين يستبشر ويطمئن، لكن هناك بُشرى من نوع آخر، هو أن المؤمن يشعر شعوراً واضحاً مركزاً أن الله سبحانه وتعالى أعد له خيراتٍ كثيرة في الدنيا والآخرة، هذا الشعور يجعله يطمئن ولو كان واقع المؤمن بعيداً عن شعوره

 

 

*- البشرى إذاً نصيةٌ ونفسية،

*- والإنابة؛ عن طريق الرجوع إلى أحكام الشريعة هذه إنابة أولى، وعن طريق الإقبال على الله على أثر العمل الصالح هذه إنابة ثانية، وهؤلاء المؤمنون الصادقون:

{ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ }

لهم صفةٌ أخرى:

{ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ }

 

 

يتبع بإذن الله ~*

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الآية (18)

 

*|قوله تعالى:{ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ}

 

*|{ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ }

*- من أبسط معاني هذه الآية إذا الله عزَّ وجل أمر ونهى،

*- فالعبد حينما يتَّبع الأمر اتَّبع أحسن القول، وحينما اجتنب النهي انتهى عن أسوأ القول،

وإذا الله وصف أهل الجنة وأهل النار، يتبع سبيل أهل الجنة، وإذا الله عزَّ وجل وصف السابقين السّابقين ووصف أهل اليمين يسلك سبيل السابقين،

كلما عرض له شيئان يختار أقربهما إلى الله عزَّ وجل وأرضاهما لله.

 

*- إذا اتبع أحسن القول هذا هو المستمع المثالي الذي أراده الله عزَّ وجل.

 

الاستماع سهل، كلكم يستمع، لكن العبرة أن كل مستمعٍ لا جدوى من استماعه إن لم يُطَبِّق الذي استمعه،

*- وكل متكلمٍ لا جدوى من كلامه إلا إذا طبَّق ما يقول

 

 

*|{ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ }

*- الهدى استقامة، فليس الهدى فلسفة وتنطُّع، وليس الهدى صف كلام.

*- إذاً من الممكن أن نعرف المهتدي بأنه إنسانٌ ابتعد عن المنكر كليةً، وتقَصَّى أمر الله في كل أحواله، وعمل صالحاً، وأقبل على الله، وما خُيِّرَ بين شيئين إلا اختار أرضاهما لله عزَّ وجل، هذا المهتدي.

 

*- ممكن إذاً أن تعرِّف المهتدي بالتعريف التالي: استقامة تامة، أعمال صالحة، اتصال بالله، ابتغاء مرضاة الله، هذا المهتدي بنص هذا القرآن الكريم:

{ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ}

 

 

يتبع بإذن الله ~*

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الآية (19)

 

*|قوله تعالى:{ أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ }

*- أيها الأخوة، هذه الآية من الآيات الأساسية في نفي مفهوم الشفاعة الساذج الذي يعتقده مُعظم الناس، الشفاعة حق ولتعلم أن بمفهومها الصحيح، وقد وردت في الكتاب والسُنة لكن بمفاهيم دقيقة جداً، فالنبي عليه الصلاة والسلام يشفع للمؤمنون الصادقون

 

*- أما أن ينالها شارِبو الخمر، ومرتكبو الحرام، أصحاب الدخل الحرام، يريدون كل ما يفعلون ويتَّكلون على شفاعة النبي لهم يوم القيامة، فهذا هو الحمق بعينه، وإجابة هؤلاء هذه الآية:

{ أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ }

أفأنت - يا محمَّد - تنقذ من في النار.

طبعاً هذا استفهام إنكاري، أي أنت لا تنقذه، ولا تستطيع إنقاذه

 

 

يتبع بإذن الله ~*

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الآية (20)

*|قوله تعالى:{ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ }

 

*- لكن الذين اتقوا، مشهد آخر من مشاهد أهل الجنَّة..

*|{ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ }

*- قصور في الجنة، وجنَّات تجري من تحتها الأنهار، أنهارٌ مما لَذَّ وطاب، فواكه، حور عين، كلها في الجنة:

*|{ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ }

أي:

{ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ } [ سورة التوبة: 111 ]

{ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً } [ سورة النساء: 87 ]

 

*- فأثناء تلقين الميت: ويقال اعلم أن الجنة حق، وأن النار حق، أي واقعة لا محالة، ثابتة، لن تفاجأ بشيء خلاف ما قرأت في القرآن، اعلم أن الصراط حق، والحَوض حق، أيُّ شيءٍ ذكره القرآن وصحَّ عن النبي عليه الصلاة والسلام هو حقٌ من عند الله عزَّ وجل.

*|{ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ }

 

 

يتبع بإذن الله ~*

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الآية (21)

 

*|{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَاماً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ }

 

*- القرآن الكريم في توجيهه للنفوس البشريَّة ينوَّع، فتارةً يذكُر آيةً كونيَّة، وتارةً يذكر مشهداً من مشاهد يوم القيامة، وتارةً يذكر حُكماً شرعياً، وتارةً يذكرُ خبراً من أخبار الأقوام السابقة، من أجل أن تتعرف النفس إلى الله، وأن تُقْبِل عليه، وأن تسعد به.

 

*- آيةٌ من الآيات الكونيَّة:

*|{ أَلَمْ تَرَ }

*- كلمة (ألم ترَ) تعني أن هذه الآية تحت سمع كل إنسان وبصره، آيةٌ مرئيَّةٌ، الصغار والكبار يرونها، لكن المشكلة أن الإنسان بشهوته أصيب بعمى البصر والبصيرة، إذا انغمس في شهواته الماديَّة غفل عن الآيات الكونيَّة.

{ وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ }

[سورة يوسف: 105]

 

*|{ فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ }

*- إن موضوع المياه الجوفيَّة آية من آيات عظمة الله، وكذلك موضوع الآبار، موضوع الطبقات التي سخَّرها الله لجمع هذه المياه؛ طبقات نفوذة تقوم بدور المصفاة،

*- أيها الإنسان، كل حياتنا على الماء، الماء نشربه، والماء نسقي به مزروعاتنا، والماء نسقي به الحيوانات الأهليَّة التي نحن في أشد الحاجة إليها، والماء نستخدمه استخداماتٍ للتنظيف، واستخدامات صناعيَّة، وقِوام حياة البشر على الماء، وقد قال الله عزَّ وجل:

{ وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ } [ سورة الأنبياء: 30 ]

 

ما قيمة السُكنى من دون ماء؟

إذاً قيمة الأماكن بمياهها،

يقولون: مصر هبة النيل، ودمشق هبة بردى، كل مدينة فيها نهر تشرب منه، وتسقي منه مزروعاتها، به ينبت النبات والكلأ وما إلى ذلك.

 

*|{ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ }

ما هذا الزرع؟ إنه يُسقى بماءٍ واحد

كل ثمرةٍ لها طعمٌ، ولها شكلٌ، ولها رائحةٌ، ولها قِوامٌ، ولها تغليفٌ، ولها حجمٌ، ولها وقت إنباتٍ، ولها وقت إزهارٍ، تفاوت عجيب جداً والماء واحد.

 

{ وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ } [ سورة الرعد: 4]

 

*- وبعد حين هذا النبات يهيج أي ييبَس.

*|{ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَاماً }

*- إذا اصفرَّ النبات، ويبس، وتكسَّر، جاءت الرياح فقذفته في أطراف البلاد

 

*|{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ }

آية النبات

*- وبعد نزول الأمطار تتم هذه الدورة النباتية، أن أيّ شيء تزرعه ينبت أولاً غضَّاً طرياً، جميلاً، يزهر، يثمر، ثم ييبس، يتحطَّم، تذروه الرياح، وأنت كذلك، فانظر إلى الطفل الصغير؟

كتلة من الحيويَّة ويكبرْ، بعد هذا تجد أنه مال إلى الضعف

*- دورة، نحن بضعة أيَّام كلَّما انقضى يومٌ انقضى بضعٌ منَّه

قال سيدنا عمر بن عبد العزيز: الليل والنهار يعملان فيك.

*- فإذا كنت عاقلاً فاعمل فيهما، الأعمال الصالحة، حتى لا تندم على هذه الدنيا، لئلا يقول الإنسان: يا ليتني قدَّمت لحياتي.

 

{ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ } [ سورة المؤمنون: 99-100]

 

يتبع بإذن الله ~*

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الآية (22)

 

*|{ أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ }

*- القلوب بيد الله عزَّ وجل يقلِّبها كما يشاء،

*- إنك إذا اخترت الحق شرح الله صدرك للحق،

*- وإن اختار الإنسان الباطل فعندئذٍ يجد قلبه قاسياً كالصخر؛ أجل ومن اختار الباطل، من اختار الشهوة، من اختار الدنيا، من اختار المادَّة، من اختار الدنيا على الآخرة، كان قلبه قاسياً كالصخر وويلٌ لهذا القلب.

*- إن رأيت هذا الإنسان فاعلم عِلم اليقين أنه مقطوعٌ عن الله عزَّ وجل، لأن انقطاعه عن الله سبَّب له قسوة قلبه، لذلك قال تعالى:

*|{ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ }

*- المقطوع عن الله إذا ذكَّرته بآيات الله يَضْجَر، لا يحب أن يسمعها، لا يحتمل أن يسمع ذكر الله، ولا أن يدخل بيوت الله، ولا يحب مجالسة المؤمنين، هناك كراهيَّة ثابتة عند أهل الدنيا للمؤمنين، لأن المؤمن يذكِّره بتقصيره، المؤمن المستقيم يذكِّره بانحرافه

 

*- هذه الآية مؤدَّاها أنك مخيَّر، فإذا اخترت طريق الحق شرح الله صدرك له، فلا ترتاح إلا في المساجد، لا ترتاح إلا في طاعة الله عزَّ وجل، لا ترتاح إلا بالإنفاق، لا ترتاح إلا بغض البصر، لا ترتاح إلا بالصدق والأمانة والاستقامة، لا ترتاح إلا بنصيحة المُسلمين

*- ما دمت قد اخترت رضوان الله عزَّ وجل يشرح الله لك صدرك، فيقبل الحق ويثبُت عليه،

*- شرح الصدر معناه قبول الحق والثبات عليه، لأنك اخترت الحق.

*- إذاً إذا شرح الله لك صدرك لمعرفة الحق وللثبات عليه فهذه نعمةٌ ما بعدها نعمة، تؤكِّدها الآية الكريمة:

{ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمْ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمْ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ } [ سورة الحجرات: 7]

 

 

 

يتبع بإذن الله ~*

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×