اذهبي الى المحتوى
ظِـلاَلُ اليَّـاسَميـنْ

⋙ الدَّعــوَة إلَى الله || فَــوائِــد وَشَــــواهِــد || ⋘

المشاركات التي تم ترشيحها

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

" مدخل "

 

 

من استقرأ التاريخ قديمًا وحديثًا عرف نعمة الله عليه. نطل إطلالة سريعة...ها هو فرعون من أكبر ملوك الدنيا يحكم ويدير مملكة مترامية الأطراف، وحوله الخدم والحشم والقواد والجيوش، لم تغن عنه شيئًا لما تكبر وتجبر فأغرقه الله في اليم كافرًا .

 

 

وها هو قارون رفيق دربه إلى النار وبئس الورد المورود، من أكبر تجار الدنيا ومن أغنى أغنيائها، لما ذكر الله غناه، ذكر أن مفاتيح خزائنه : "لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ" [القصص: 76] ولكنه لما طغى واستعلى ما أغنت عنه هذه الأموال والخزائن "فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ" [القصص: 81] .

 

بل أصحاب السيادة والريادة كأبي جهل وأبي لهب ما أغنت عنهم تلك المكانة، ولا نفعتهم تلك المنزلة، قال تعالى : "تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ" [المسد: 1] .

 

 

وها هم أصحاب الشرف الرفيع والنسب العالي إذا لم تدركهم رحمة الله كانوا من أولئك قال عز وجل : "إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ"[القصص: 56] ها هو سيد ووجيه قريش وعم النبي صلى الله عليه وسلم أبو طالب لم تنفعه القرابة، ولم تشفع له النصرة لهذا الدين بل مات على ملة عبد المطلب، ولعلي أختم في هذا الأمر بمن هو أقرب من أولئك.. فلذة كبد نبي وابن من أبنائه لما تمرد وطغى حرم من الهداية، كابن نوح –على نوح السلام- يناديه –عليه السلام- يا بني أركب معنا، "قَالَ سَآَوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ" [هود: 43] .

 

 

بل حرم من الهداية من هن تحت الأنبياء، كما ذكر الله –عز وجل- عن امرأتي نوح ولوط "ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِين"[التحريم: 10] .

 

 

أرأيت أخي كيف جاد الله عليك وأكرمك وهداك وفضلك على كثير ممن خلق تفضيلاً ؟ فاللهم لك الحمد على نعمة الإسلام .

 

 

وما ذكرته هو هداية التوفيق، وتبقى هداية الطريق الذي نحن عليه سائرون فأسأل الله الثبات على هذا الدين إلى أن نلقاه .

 

ومن شكر هذه النعمة العظيمة القيام بحقوق هذا الدين العظيم والسعي في رفع رايته ونصرته وتبليغه إلى الناس، مع استشعار التقصير والعجز عن الوفاء بذلك .

 

 

مع الأسف اليوم بعض الناس يدافع وينافح عن بلدته !! وعن جهاز جواله أكثر مما يدافع عن دينه ! والأخرى من الأخوات تجدها تنفعل وترفع صوتها لاختلاف على لون فستان أو حذاء، فأين موقع الدين من القلوب؟ وأين مكان الدعوة إلى الله في النفوس ؟

 

 

وأنواع الحرمان كثيرة وليست في جانب الدعوة إلى الله فحسب أضرب مثلاً وأستدل بشواهد حية :

 

تجد رجلاً منفقًا صاحب كرم وجود لا يمر أسبوع إلا ولديه ضيوف يكرمهم بمائدة شهية، ويوصف بأن كما يقال صاحب ذبائح، هذا المحروم إذا جاء عيد الأضحى قدم رجلاً وأخر أخرى حتى لا يضحي، والأضحية سنة مؤكدة، هذا نوع من أنواع الحرمان وإلا فالكرم موجود لديه .

 

 

الثاني : وقد قرب موسم الحج وتجد بعضهم لم يؤد الفريضة وهي الركن الخامس من أركان الإسلام، ويدفع المبالغ الطائلة للسفر إلى الخارج مع أن تكلفة الحج لا تعادل قيمة تذكرة واحدة، وبعضهم يتعذر بالمشقة وتجده ينصب الخيام في وسط الصحراء في مكان بارد قارس أو في لهيب جو صحراوي ! ويحرم نفسه أداء فريضة الحج وهي أقل مشقة وتكلفة .

 

 

الثالث : ما انتشر أخيرًا : تجد بعضهم يبخل بإرساله رسالة دعوية عبر الجوال، ثم هو في الجانب الآخر يرسل رسائل استهزاء ونكت سامجة وبعضها محرم، خذ مثالاً ما نتشر أخيرًا من رسائل فيها استهزاء بالزوج السعودي وأن الزوج الآخر من غير السعودي يقول لزوجه كذا وكذا، وكذلك رسائل عن الزوجة الأجنبية وماذا تقول لزوجها ؟ وكأنها صورة متعمدة لتشوية المرأة السعودية العفيفة النقية التقية، وفي هذا محاذير :

 

 

أولاً : إضاعة المال بلا فائدة، والثاني : يخشى أن يكون من إفساد الزوج على الزوجة، الزوجة على زوجها فيكون من التخبيب المحرم .

 

وتأمل فيمن تستهزئ به من النساء : إنها أمك وأختك وزوجتك وابنتك .

 

الشاهد أن هذا من أنواع الحرمان والقياس كثير .

 

منقول من موقع الكلم الطيب

يتبع بمشيئة الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

" وقفة مع الدعوة "

 

 

موضوع الدعوة موضوع طويل ومتشعب والدعوة إلى الله –عز وجل- من أعظم القربات وأجل الطاعات، وهي مهمة الأنبياء والمرسلين، ولهذا اصطفى الله –عز وجل- للقيام بها كرام الخلق من الأنبياء والعلماء ومن سار على نهجهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين .

 

 

قال ابن القيم –رحمه الله- : «فالدعوة إلى الله –تعالى- هي وظيفة المرسلين وأتباعهم» .

 

وقد أمر الله –عز وجل- نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالقيام بأمر الدعوة : "يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ" [المدثر: 1، 2] فالدعوة تحتاج إلى قيام وحركة ونشاط وتضحية وجهد وبذل .

 

 

والداعي هو الذي يسير إلى الناس ويذهب إليهم، قال الله –عز وجل- عن أهل النار موبخًا : "أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ" [الملك: 8، 9] فهو الذي يبذل ويعطي ويكد ويتعب حتى يبلغ دعوته .

 

 

والداعي سريع الحركة قوي الهمة صادق العزيمة : "وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ" [يس: 20]، والسعي في لغة العرب الجري الشديد، وكأن هذا الداعي يسرع إلى قومه حتى لا يقعوا في نار أحاطت بهم واقتربت منهم .

 

والآيات في ذلك معروفة؛ بل الآيات في الدعوة إلى الله والحث عليها أكثر من آيات الحج والصيام وهما ركنان من أركان الإسلام، واليوم تباطأ الناس في الدعوة إلى الله تباطئًا عجيبًا فالله المستعان !

 

 

ومن الأحاديث في الحث على الدعوة قول النبي صلى الله عليه وسلم : «بلغو عني ولو آية» وقوله صلى الله عليه وسلم : «من دل على خير فله مثل أجر فاعله» [رواه مسلم] .

 

 

وحياة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته العطرة فعلاً وقولاً : دعوة إلى الله –عز وجل-، فقد صعد الصفا، ودعا في موسم الحج، وذهب إلى الطائف، وهاجر إلى المدينة، حتى تركنا على المحجة البيضاء وسيأتي ورود أحاديث أخرى في ثنايا الكتاب .

 

 

والطريف أن بعض الجن أفقه من بعض الإنس في هذا الجانب، لما سمع الجن القرآن يتلى كما ورد في سورة الجن : "فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ" [الجن: 1، 2] هذه الخطوة الأولى منهم، ثم كانت الدعوة والعمل لها؛ ثم ولوا إلى قومهم منذرين : "يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآَمِنُوا بِهِ"[الأحقاف: 31]، انظر إلى تلك الهمم في الدعوة إلى الله والقيام بأمر الدين من أولئك النفر !

 

 

ومن فضل الله وجوده أن لك أيها الداعي مثل أجر من دعوته لا ينقص من أجره شيئًا، فإن أمرته بالصلاة فلك مثل أجر صلاته، وأن تحدثت عن النفقة وأنفق، لك مثل أجر نفقته، ها هو يصلي وأنت جالس، وذاك يحج وقد أعنته على الحج ودللته على الخير وأنت جالس في بيتك .

 

 

واليوم تأمل في حال من يعملون من النصارى وأرقام التنصير المفزعة لترى أنهم يعملون ونحن نتحدث! ثم يأخذك العجب فيم نتحدث !!!

 

 

وإذا رأيت اليوم مللاً ونحلاً باطلة تنتشر في أصقاع الأض فاعلم أن خلفها رجالاً يعملون وأناسًا يبذلون، فما الذي أدخل مثلاً في دول إسلامية الاشتراكية والشيوعية إلا أولئك، ومحبة الدين لانشك أن الجميع يقولها ويفعلها نية صادقة بقلبه لكن هذه لا تكفي لابد من العمل .

 

 

أذكر أني قرأت في صحيفة قبل سنوات أحد محبي الرياضة يقول : رهنت بيتي بمليون ريال لمصلحة النادي الفلاني ! نعم أحب هذا النادي فعمل له، ونحن نحب ديننا فماذا عملنا له ؟!

 

 

والسؤال يلقي بنفسه حسرة: هل يتوقف نشر العلم الشرعي وشريعة محمد صلى الله عليه وسلم والدعوة إلى هذا الدين على أفراد قلائل من الأمة ؟!

 

 

سؤال يحتاج إلى جواب عملي ممن أنعم الله – عز وجل- عليه بهذا الدين وهداه إليه .

 

يتبع

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

" لماذا نتطرق لهذا الموضوع ؟ "

 

نتطرق إلى هذا الموضوع لأسباب كثيرة لعلي أوجزها في نقاط سريعة:

أولا : قلة الكتب التي تتحدث عن هذا الجانب العظيم، جانب الدعوة إلى الله في وسائل الإعلام وخطب الجمعة والدروس والمحاضرات، بل العكس كثر المثبطون، وهناك ولله الحمد أناس كثر يعملون لدين الله من الرجال والنساء فالدين منصور .

ثانيًا : نحن في زمن الدعوة شئنا أم أبينا، فالكل يدعو إلى دينه ومذهبه، أطلق بصرك وارخ سمعك لتجد ذلك واضحًا دون عناء وصعوبة، بل وحتى أصحاب البضائع التجارية اتخذوا من وسائل الإعلام دعوة إلى منتجاتهم فيما يسمى بالإعلان التجاري .

ثالثًا : أن الله –عز وجل- أنعم علينا بالعلم، ويبقى العمل ثم الدعوة إلى هذا العلم الذي تعلمناه وعرفناه .

رابعًا : أننا نحب الإسلام ولا نشك في ذلك؛ لكن هذا ادعاء محبة (إذا أردنا أن نعبر بدقة) فالمحبة دون عمل كيف تكون ؟ نحب الإسلام لكن لا نعمل له، ولهذا فإن التطرق لهذا الموضوع مطلب ملح لتحريك الهمم وتقوية العزائم في أوساط الشباب والبيوت والأسر .

خامسًا : الأصل أن يكون هذا العمل (أعني الدعوة إلى الله) ديدن المسلم في يومه وليلته، يذكر إذا نسى ويقوى إذا وهن ويحتاج إلى زاد في هذا الطريق الطويل، فلعل هذا الكتاب من الزاد على قلته .

سادسًا : كثرة من يعمل حولنا في الساحة من أصحاب الأفكار المنحرفة والديانات الباطلة، فحري بنا أن نتفقد أمرنا ونقوم بواجبنا حتى تبرأ الذمم أمام الله –عز وجل- .

سابعًا : بعض الإخوة يتحرقون شوقًا إلى خدمة الدين والقيام بأمر الدعوة إلى الله وهم يبحثون عن الوسائل والطرق المعينة لذلك لعلنا سويًا نقدم شيئًا يستفاد منه .

ثامنًا : أن البعض يمر بمرحلة فتور وتواكل وانتظار النتائج من أعمال الغير، وهنا وقفة فإن الله –عز وجل- لما ذكر حال مريم في كتابه الكريم قال : "وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا" [مريم: 25] كيف بامرأة في هذه الحال وتهز نخلة ؟ لكنه الأمر ببذل الأسباب، ولو اجتمعنا نحن جميعًا لما استطعنا أن نحرك جذع النخلة لكننا أمرنا ببذل الأسباب وهكذا الدعوة إلى الله نتلمس الأسباب المعينة عليها .

تاسعًا : توفر الأسباب المعينة على الدعوة إلى الله –عز وجل- في هذه البلاد وقبول الناس لها وأذكر أن أحد الإخوة ممن يعملون في توزيع الكتب على الحجاج القادمين ذكر أنه قدم حاج من السودان ومعه كتاب قديم قال : فخشيت أن يكون من كتب أهل البدع، فقلت له : أعطني هذا الكتاب فرفض، وبعد مشقة قلت : له أرني الكتاب، فوافق؛ فإذا به دليل الحاج والمعتمر للشيخ عبد العزيز بن باز –رحمه الله- فقلت له نعطيك كتابًا لنفس المؤلف هو كتاب : التحقيق والإيضاح، وتعطينا هذا الكتاب القديم، قال : هذا الكتاب له ما يقارب من عشرين سنة لدى إمام المسجد وكل من أراد الحج يأخذه ثم يعيده إليه ! وهذا الكتاب سعره لا يتجاوز ريالاً واحدًا .

عاشرًا : انصراف الناس إلى الدنيا من تجارة وأسهم وعقار حتى طغت على حياتهم ونسوا ما خلقوا له "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" [الذاريات: 56] .

وأختم بأمر هام وعظيم أن هذه البلاد بلاد الرسالة ومهبط الوحي شئنا أم أبينا والواجب علينا عظيم والمسئولية مضاعفة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

" محاور رئيسة في الدعوة إلى الله – عز وجل - "

 

سوف أتطرق إليها على عجل؛ وهي أيضًا لا تغيب عن فطنة القارئ ويكفي من القلادة ما أحاط بالعنق .

 

أولاً : من شروط الداعي إلى الله، أن يكون على علم وبصيرة قال تعالى : " فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ"[محمد: 19]، فبدأ بالعلم قبل العمل، فإذا لم يتعلم العلم ويعرفه قد يدعو إلى بدعة مثلاً أو إلى محرم وهو لا يعرف أنه محرم، ولا يكفي حسن النية في الأعمال بل لابد أن تكون صوابًا موافقة لما جاء في الكتاب والسنة .

 

ثانيًا : الإخلاص لله –عز وجل- في هذه الدعوة رغبة في نيل ثواب الله، لا لعرض من أعراض الدنيا من مال أو جاه أو اجتماع الناس حوله، ويجب أن لا يكون للنفس حظ في هذا، وعليه أن يجاهد نفسه فالطريق طويل والشياطين في كل ناحية، وعلى الداعي أن يبتعد عن الإعجاب بعمله وقوله فإنها الهلكة .

 

 

وبعض الناس يكون ديدنه ذكر الحكايات عنه ومن اهتدى على يديه وأنه فعل وفعل وقد كان السلف –رحمهم الله- يخفون أعمالهم الصالحة كما نخفي سيئاتنا .

 

 

فالإخلاص هو حقيقة الدين، ومفتاح دعوة الرسل – عليهم السلام - قال تعالى : "وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ" [البينة: 5] وقال تعالى :"الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا" [الملك: 2] .

 

 

قال الفضيل بن عياض : هو أخلصه وأصوبه، قالوا : يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه ؟ فقال : إن العمل إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يقبل، وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًا لم يقبل حتى يكون خالصًا وصوابًا، والخالص : أن يكون لله، والصواب : أن يكون على السنة، ثم قرأ قوله تعالى : " فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا "[الكهف: 110] .

 

 

وعن أبي هريرة مرفوعًا : «قال الله -تعالى- : أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه» [رواه مسلم] .

 

 

وقاله صلى الله عليه وسلم : «من صلى يرائي فقد أشرك ومن صام يرائي، فقد أشرك، ومن تصدق يرائي فقد أشرك» [رواه أحمد] .

 

 

وعن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه» [متفق عليه] .

 

 

قال سهل بن عبد الله : ليس على النفس أشق من الإخلاص؛ لأنه ليس لها فيه نصيب .

 

 

وروي عن بعض الحكماء أنه قال : مثل من يعمل الطاعات للرياء والسمعة كمثل رجل خرج إلى السوق وملأ كيسه حصاة، فيقول الناس : ما أملأ كيس هذا الرجل، فلا منفعة له سوى مقالة الناس، ولو أراد أن يشتري له شيئًا لا يعطى به شيئًا، كذلك الذي عمل للرياء والسمعة لا منفعة له سوى مقالة الناس، ولا ثواب له في الآخرة، كما قال تعالى : "وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا"[الفرقان: 23] .

 

 

أما إذا عمل العمل لله خالصًا، ثم ألقى الله الثناء الحسن في قلوب المؤمنين، ففرح بفضل الله ورحمته واستبشر بذلك لم يضره، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الرجل يعمل العمل من الخير يحمده الناس عليه فقال : «تلك عاجل بشرى المؤمن» [رواه مسلم] .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

اللهم بارك

فوائد قيمّة ومهمة

جزاكِ الله خيرًا أختي الحبيبة

وجعله في ميزان حسناتكِ

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

" الرفق "

 

 

الرفق مطلب ملح، والدعوة والرفق متلازمان لا ينفصل أحدهما عن الآخر .

 

الرفق في جانب الدعوة إلى الله ضروري وهام، فالداعي مثل الطبيب الذي يترفق بمريضه ويقلبه ذات اليمين وذات الشمال حتى يبرأ .

 

 

وقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على الرفق بقوله : «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه» [رواه مسلم] خاصة في هذا الزمن الذي تحولت فيه الطبائع وأثرت في الناس القنوات الفضائية، وكثر المعاند وشحت الأنفس .

 

 

ذلك أن المقصود من الدعوة إلى الله تبليغ شرائع الله إلى الخلق، ولا يتم ذلك إلا إذا مالت القلوب إلى الداعي، وسكنت نفوسهم لديه، وذلك إنما يكون إذا كان الداعي رحيمًا كريمًا، يتجاوز عن ذنب المسيئ، ويعفو عن زلاته، ويخصه بوجوه البر، والمكرمة والشفقة .

 

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية –قدس الله روحه- : «وينبغي أن يكون الداعي حليمًا صبورًا على الأذى، فإن لم يحلم ويصبر كان ما يفسد أكثر مما يصلح» .

 

 

وقال –رحمه الله- : «ومن تدبر أصول الشرع علم أنه يتطلف بالناس في التوبة في كل طريق» .

 

 

الرابع من المحاور الرئيسة : لين الخطاب واختيار العبارات المناسبة، فالله –عز وجل- خاطب الكفار في مقام الدعوة بقوله تعالى : "يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ" [النساء: 171]، وقال تعالى : "قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ" [آل عمران: 64]، وهم يفرحون بهذا النداء وأنهم أمة كتاب .

 

 

وإبراهيم –عليه السلام- تلطف وترفق في دعوة والده فاسمعه يقول مرات عديدة : "يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا" [مريم: 44، 45] .

 

 

والله –عز وجل- لما أرسل موسى وهارون إلى فرعون قال له سبحانه : "قُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى" [طه: 44] .

 

والنبي صلى الله عليه وسلم لما أرسل الرسائل للملوك والرؤساء يدعوهم إلى الإسلام، قال فيها صلى الله عليه وسلم: «من محمد رسول الله إلى عظيم الروم» و «من رسول الله إلى عظيم فارس» .

 

 

وقد أرشد صلى الله عليه وسلم إلى ذلك في أحاديث كثيرة: «يسروا ولا تعسروا بشروا ولا تنفروا» [رواه البخاري] .

 

ومن الوسائل في ذلك البشاشة وحسن المعاملة وهذه تحتاج إلى بسط طويل... ولين القول مع الكفار على سبيل العطف بهم، والرحمة لا على سبيل الخوف والذلة .

 

 

وفي عتاب النبي صلى الله عليه وسلم للرجل حسن أدب وتوجيهه بعيدًا عن التجريح والتعنيف اسمعه صلى الله عليه وسلم يقول : «زادك الله حرصًا ولا تعد» [رواه البخاري] .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

" طريق تبليغ الدعوة "

 

 

تبلغ الدعوة عبر طريقين اثنين :

 

 

الأول : القدوة : قال تعالى : "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ" [الأحزاب: 21] والنبي صلى الله عليه وسلم كان قدوة للصاحبة في كل شيء، وشهد له كفار قريش بالصدق والأمانة، والإسلام في العصور الأولى انتشر في شبه القارة الهندية وأفريقيا وإندونيسيا عن طريق التجار بما يمثلونه من قدوة حسنة في التعامل والصدق في المعاملة .

 

 

وجانب القدوة تتفلت من أيدي الناس اليوم إلا من رحم ربي وقليل ما هم، وابحث إن شئت عن هذا التفلت في تعامل الموظف مع المراجعين، والتاجر مع المشترين والزوج مع زوجته والقائمة طويلة، نحتاج إلى قدوات في الأقوال والأفعال والأعمال والمظهر والمخبر .

 

 

وبعض الكفار من العمالة إذا دعوته لماذا لا تسلم ؟ قال بعد نقاش طويل : الكفيل لا يعطيني مرتبي، فهو نظر إلى الإسلام في شخص هذا الكفيل، وقد يكون هذا من الصد عن دين الله ! ولاشك أن القدوات من الأخيار كثر ولله الحمد لكننا نتحدث عن هذا الجانب لما له من أثر في الدعوة إلى الله .

 

 

ومن أوضح الأمثلة تأثيرًا الأب في المنزل، إذا كان قدوة في خلقه وتعامله وعبادته وصدقه طبع ذلك في أهل البيت أبناء وزجه .

 

وإذا كان من المفرطين انعكس ذلك على أهل البيت، وهذا واضح جلي وهو إما إلى الخير وإما إلى الشر –والعياذ بالله- فعلى كل أب أن يتفقد نفسه وكل أم أن تنظر في نفسها .

 

 

وقد رأى أحد السلف رجلاً يصلي صلاة ينقرها نقرًا، فقال : إني أرحم عياله، قالوا : كيف ؟، قال : لأنهم يأخذونها عنه .

 

وأضرب مثلاً : لو أن شابًا ملتزمًا جمع الله له بين الدين والخلق تزوج بامرأة ينقصها الكثير من أمور الدين (لنقل أنها مقصرة) هي وأسرتها، ثم رأوا من الزوج حسن الخلق وطيب التعامل وحسن العشرة ألا يحبونه ؟! وإذا أحبوه كانت النتيجة الموجوة من دعوته ألا وهي القبول .

 

 

ولو كان الأمر بالعكس، وكان فظًا غليظًا لا يحسن المعاملة ويجانب الرفق في حياته ! ماذا يكون الأمر يتحول إلى زوج غير مقبول وقل مكروه، بل وتصل هذه السمعة إلى أقارب الزوجة وجيرانهم فتشوه صورة هذا الرجل .

 

 

الأول بحسن خلقه واستقامته الاستقامة الصحيحة سوف تهفو إليه قلوب العفيفات، بل والآباء والأمهات يرغبون في تزويج ابنتهم بشاب مثله ! والآخر، الله المستعان .

 

 

وقد غفل الناس عن القدوة وأضاعوا أمرًا عظيمًا،وأذكر أن بعض السلف قال: كنا نمزح ونضحك فلما صار يقتدى بنا تركنا ذلك .

 

 

ولننظر مثلاً جانب العمالة المنزلية: لو أن كل امرأة أحسنت إلى خادمتها وبدأت تعاملها المعاملة الحسنة وتعلمها العقيدة الصحيحة لتحولت الخادمة إلى داعية إذا عادت إلى بلدها، يعدن الآن وهن يتعلمن الطبخ ويفتحن المطاعم هناك !!!

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

" البـلاغ "

 

 

الطريق الآخر في تبليغ الدعوة هو: البلاغ كما قال تعالى : " مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ " [المائدة: 99] وقال تعالى : "يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ" [المائدة: 67] ويكون عبر الكلمة والرسالة والكتاب والشريط والمحادثة الشخصية أو ما يسمى بالعلاقات الشخصية، وقد توفر في عصرنا الحاضر من الوسائل ما لا يخطر على بال، أنت جالس في بيتك وبين أهلك وأولادك وتدعو من هو في أطراف الأرض عبر كلمة تقولها، أو كتاب ترسله، أو برسائل الجوال، أو الإنترنت وغيرها كثير .

 

 

في جانب الشريط والكتاب أذكر أن أشرطه قراءة أئمة الحرم تسمعها في أواسط قارة أفريقيا .

 

وللكتاب نصيب عظيم كوسيلة دعوية: أذكر أن بعض الإخوة ذهب إلى روسيا وحمل معه من أحد الكتيبات مائة نسخة ولما استقر به المقام وزع عليهم هذه النسخ، وفي نهاية رحلته طرح عليه المرافق رأيًا حول هذا الكتاب قال : لو تطبع هذا الكتاب في العاصمة –وكان ذاهبًا لها- لكان أوفر تكلفة مع فارق قيمة الشحن وغيرها من الصعوبات، فاستحسن الفكرة وقال : أعطني نسختك فقال : لا، وطلبها من غيره فكلهم رفضوا خشية أن لا يعود الكتاب إليهم مرة أخرى !

 

 

بل ووجد لديهم في بعض القرى كتبًا لها عشرات السنوات يتداولونها بينهم .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

" متى أدعو ؟ "

يدعو الإنسان في كل وقت ؛ فالدعوة عبادة، والعبادة نهايتها الموت "وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ" [الحجر: 99] .

يراعي في ذلك المكان والمناسبة، فليس للدعوة مكانًا ولا حدًا ولا زمانًا .

 

أذكر أن داعية من الجنسية الفلبينية سافر معنا إلى حيث افتتاح مكتب جاليات في بلدة الحناكية على طريق مكة القديم، وكلما مررنا ببلدة أو قرية سألنا : ما أسمها ؟ وكان معه دفترًا يسجل فيه كل المعلومات التي يحصل عليها .

فلما سألناه : لماذا تسجل هذه المعلومات ؟ قال : حتى إذا أردت الذهاب إلى زيارة هذا المكتب في المستقبل لا يكون أمامي عقبة وليس لدي عذر فأنا أعرف الطريق، فتأمل في هذا الهم المبكر الذي حمله على السؤال والتدقيق لمعرفة الطريق .

 

وأذكر أن رجلاً آخر من الله عليه بالإسلام يدعو في أوساط قومه، أسلم على يديه حسب الإحصاءات الرسمية أكثر من أربعة الآف شخص ما بين رجل وامرأة !

* أيضًا : لابد من الاستفادة من المواسم والأماكن؛ فالمواسم كالحج مثلاً كتاب بريال يحمله الحاج عنك إلى بلده، لا تسافر ولا تتكلف بل هو يأخذه من هنا إلى بلاده، وقد لا تصل أنت إلى بلده لو أردت فقد يكون بلده نائية في قمم الجبال أو في أواسط الأدغال.

والأماكن فرصة لا تتكرر، مثلاً : الدراسة الجامعية سنوات، ثم تخرج من الجامعة لو أردت أن تعود لتدعو لا تستطيع وقس على ذلك كثير .

وأذكر أن امرأة مرضت فأدخلت المستشفى وقرر الأطباء تنويمها لمدة ساعة وسعى الأقارب إلى إيجاد غرفة مستقلة لها، ولكنها رفضت، وقالت : استفيد من المريضات وابقى معهن في غرفة جماعية، هذه أعلمها التوحيد وتلك فضل التوكل على الله ، وأخرى أعلمها أحكام الطهارة .

 

وأثمن الفرص وأعظمها الفرصة التي لا تتكرر في حياة الإنسان إلا مرة واحدة! ألا وهي استغلال العمر في الدعوة إلى الله والعمل لهذا الدين، إن انتقلت إلى الدار الآخرة لن تعود مرة أخرى للدنيا لتعمل !

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

" بماذا أدعو ؟ "

 

تدعو بما تعرف من العلم، وكذلك عن طريق توزيع الكتب والأشرطة، ولما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذًا إلى اليمن قال له : «إنك تأتي قومًا من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة...» .

عرفه النبي صلى الله عليه وسلم بحال المدعو حتى يتهيأ لأسئلته ونقاشه ويعرف مدخله ومخرجه ثم أعلمه إلى ماذا يدعو ؟ فبدأ بالتوحيد ثم الصلاة وهكذا .

 

والحكمة مطلوبة في الدعوة، فالمؤمن كيس فطن أذكر موقفًا: لو كان لدينا مجموعة من المصاحف وهي مصاحف مراجعة إملائيًا وطباعيًا من الإفتاء ومن جهة إشرافية أوكلت لهما مهمة المراجعة، ومطبوع في مجمع الملك فهد بالمدينة، وفيه تصريح وأمر بالطبع من أعلى سلطة هنا، لو وقفنا في الشارع وبدأنا نوزع... اجتمع واحد وثلاثة وعشرة وكثر الزحام وارتفعت الأصوات واختلط الحابل بالنابل، جاء رجل المرور لأننا أعقنا حركة السير، ثم جاء...! تحول الأمر إلى مشكلة هل أخطأنا أم لا ؟ نعم، أخطأنا في آلية التوزيع وليس من الحكمة التوزيع هكذا .

 

قد ينتج عن هذا التصرف رد فعل قوي من الإدارة فتوقف مثلاً توزيع المصحف، فنكون بذلك من أسباب قطع هذا الخير .

لابد من مراعاة الآداب الشرعية والأخلاق المرعية حتى لا يقع الإنسان في حرج وحتى لا يفسد عليه هذا الطريق .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

" من أدعو ؟ "

 

أولاً: تدعوا نفسك التي بين جنبيك قال تعالى : "يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ * وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ * وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ" [المدثر: 1-7] وهذه في تربية النفس .

وقال تعالى : "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا" [الشمس: 9] .

 

قال ابن القيم –رحمه الله- : «جماع ذلك أن يحاسب الإنسان نفسه أولاً على الفرائض، فإن تذكر فيها نقصًا تداركه، إما بقضاء أو إصلاح، ثم يحاسب نفسه على المنهيات، فإن عرف أنه وقع في شيء منها تداركه بالتوبة والاستغفار والحسنات الماحية، ثم يحاسب نفسه على الغفلة، فإن غفل عما خلق له تداركه بالذكر والإقبال على الله -تعالى- .

 

وليس معنى؛ أن يدعو نفسه ويتوقف عن دعوة الآخرين، بل هنا وهناك .

ثانيًا : أن تدعو من حولك من الأقارب والوالدين وامتثالاً لأمر الله عز وجل : "وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِين"[الشعراء: 214] من الوالدين والزوجة والأبناء والإخوة والأخوات، وهؤلاء إن استجابوا للداعي كانوا أعوانًا وأنصارًا له في دعوته، ثم تأتي إلى المجال الأوسع والأرحب أماكن العلم الدائمة، أماكن الزيارات والأمر واسع جدًا ولعلك تسد ثغرة في أسرتك، بل لعلك تفعل أقاربك وتدفعهم إلى الأعمال الدعوية، وأعظم به من أجر .

 

ولكل ميسر لما خلق له، فكل إنسان في مجاله أرأيت العالم المشهور كيف هي دعوته ؟ ثم أرأيت المعلم بين طلابه ؟ أرأيت العامل في عمله ؟ لكل سهم من سهام الدعوة والناس في ذلك ما بين مقل ومستكثر .

 

وأذكر قصة طريفة لكنها من الناحية الدعوية مهمة، موظف صغير الرتبة يعمل في قسم المواعيد في أحد المستشفيات، يحيل الرجال إلى الطبيب والنساء إلى الطبيبة، فانظر إلى عمله الدعوي البسيط في أعين بعض الناس وهو عظيم في حفظ حرمات المسلمين .

وهنا أمر هام : ألا وهو الهمة في الدعوة إذا وجدت الهمة والحرص تيسر ما بعدها، لأنه سوف يسأل ويبحث ويفكر وسوف يصل بإذن الله إلى ما يريد .

والإنسان يدعو حسب الوسائل المتيسرة، يوسف –عليه السلام- دعا في السجن مع عدم توفر الوسائل المعينة، موسى –عليه السلام- عنده ضعف في الكلام كما ذكر الله عنه، ومع ذلك بعث رسولاً نبيًا، وفي هذا حجة على من كان لديه نقص في إيصال المعلومة مثلاً، يستعين بالوسائل التي توصل المعلومة وينتهي ذلك العذر !

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

" من الوسائل المعينة على الدعوة "

 

أولاًَ : منها ما كان بالمال، وتأمل حال رجل كأبي بكر -رضي الله عنه- يأتي بماله كله للنبي صلى الله عليه وسلم فيقول صلى الله عليه وسلم : «ماذا أبقيت لأهلك» ؟ قال : أبقيت لهم الله ورسوله .

 

قال العلماء هذا من عظم التوكل على الله .

ثم تأمل في حال عمر –رضي الله عنه- يأتي بنصف ماله، وعثمان –رضي الله عنه- قصته معروفة في تجهيز جيش العسرة، وعبد الرحمن بن عوف في إنفاقه –رضي الله عنهم وأرضاهم- .

 

فما ظنك لو جعل كل فرد منا مبلغًا سنويًا أو شهريًا للدعوة، بل دعنا نسأل أنفسنا، العام المنصرم كما أنفقنا لنصرة الدين والدفاع عنه ورفع رايته؟ كم نصيب الدعوة إلى الله من أموالنا وقد فتح لنا الرزق من أوسع أبوابه ؟

 

وكل الآيات التي ذكر الله –عز وجل- فيها الجهاد قدم فيها المال على النفس عدا آية واحدة، هي قوله تعالى : "إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ" [التوبة: 111] .

 

أذكر قصة واحدة في النفقة لأن فيها عبرة وعظة وفيها أسرة كاملة زوج وزوجة وأبناء !

صورة عجيبة تحكي واقع الإيمان والتصديق بوعد الله –عز وجل- عن عبد الله بن مسعود قال : لما نزل قول الله تعالى : "مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً" [البقرة: 245]قال أبو الدحداح الأنصاري : يا رسول الله، وإن الله – عز وجل - ليريد منا القرض ؟ قال : «نعم يا أبا الدحداح» قال قد أقرضت ربي –عز وجل- حائطي، قال : وحائط له فيه ستمائة نخلة، وأم الداحداح فيه وعيالها، قال فجاء أبو الدحداح يا أم الدحداح قالت : لبيك، قال : اخرجي، فقد أقرضته ربي –عز وجل- فحملت ما لها من متاع وكان بيد أبنائها تمرة فألقتها من يده وخرجت مع صغارها !

 

تفكرت في حال أم الداحداح وقبولها بالأمر والفرح به وخروجها من بستان به خير عيش وحياة سعيدة في وسط ستمائة نخلة، خرجت غير باكية، ولا متسخطة على زوجها وفعله، بل تجاوزت الأمر وأسقطت ما في يد ابنها من تمرات كانت معه ! لقد ربح البيع يا أم الداحداح .

وبعض الأسر اليوم تقوم فيها الدنيا ولا تقعد إذا أنفق الرجل والمرأة وتنشأ المشاكل الأسرية شحًا وبخل اً!!

أذكر أن أحد الدعاة ممن يعملون في دعوة الجاليات ذكرأنه ذهب إلى أحد الفنادق في انتظار موعد هناك، قال : فدخلت بهو الفندق ولمحت عيني رجلاً من الجنيسية الفلبينية فسارعت وجلست بجواره، وقلت في نفسي لعل الله أن يهديه على يدي، ولما تجاذبنا أطراف الحديث ذكر لي أنه مسلم، فقلت : الحمد لله، ثم ذكر لي أنه يبني مسجدًا في قريته وأن البناء توقف عند سقف المسجد؛ فكأنني فهمت من حديثه أنه يريد تبرعًا مني لإتمام هذا المسجد فأدخلت يدي في جيبي وأخرجت ورقة من الـ (500) ريال ولما نظرت إليها أجلب علي الشيطان وقال : تدفع هذا المبلغ بهذه العجلة، لابد أن تتأكد، لا تكن عاطفي وهممت أن أعيد المبلغ إلى مكانه ولكن أبصرت الرجل ينظر إليها فاستحييت وناولتها إياه .

 

فسألني : ما هذا ؟ قلت : مبلغًا يسيرًا للمساعدة في إتمام بناء المسجد ! فشكرني وقال : المسجد أبنيه بأموالي لا أريد أحدًا يشاركني فيه !!! والعجب أنه على قلة مرتباتهم فهم أكثر إنفاقًا ممن لديه الأموال الطائلة والخزائن الكثيرة ؟!

تجد من راتبه ستمائة ريال ويبني مسجدًا، وهنا تجد من راتبه يتجاوز العشرة الآف ولا يفكر في بناء مسجد، فاستغفر الله العظيم من هذا البخل !

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

" من الوسائل المعينة على الدعوة "

 

الوسائل المعينة على الدعوة إلى الله كثيرة جدًا وسأذكر طرفًا منها :

القيام بالنفس : ومنه ذلك خدمة المجتمع: كقيام الأطباء بعلاج الفقراء مجانًا أو بتكلفة يسيرة، المساعدة في تزويج الأقارب والمعارف والجيران، تعليم كتاب الله في المساجد القيام على الأرامل والأيتام، إقامة دروس خصوصية اللراسبين من أهل الحي أو الأقارب،وهذا جربها مجموعة من المدرسين فكان لها الأثر البالغ .

 

* أنطلق بكم في استراحة دعوية لنرى كيف كان حال النبي صلى الله عليه وسلم وخدمته؟ ها هو صلى الله عليه وسلم يأتي إلى امرأة عجوز مقعدة فيقم لها بيتها ويحلب شاتها ويطعمها، ولما توفي صلى الله عليه وسلم قام بذلك أبو بكر –رضي الله عنه- فأتى عمر –رضي الله عنه- وقال للمرأة ماذا يصنع الرجل الذي يأتيك ؟ قالت : إنه يقم بيتي ويحلب شاتي ويطعمني، فبكى عمر وقال : قد أتعبت الدخلاء من بعدك !

وهذا سبط النبي صلى الله عليه وسلم من تربى في دوحة النبوة ونهل من معينها : كان علي بن الحسن –رضي الله عنهما- يحمل جرب الدقيق ليلاً على ظهره يقسمها على فقراء المدينة ! فلما مات وجدوا سوادًا في ظهره من حمل تلك الأكياس الثقيلة .

 

وعرف الفقراء من أهل المدينة أنه مات لانقطاع الدقيق عنهم .

فخدمة الناس والقيام بقضاء شئونهم من أوسع أبواب الدعوة فهو يقرب القلوب ويجدد المودة .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×