اذهبي الى المحتوى

المشاركات التي تم ترشيحها

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

عن الحسن البصري أن عائذ بن عمرو رضي الله عنه -وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم- دخل على عبيد الله بن زياد فقال:

"أي بُنَيَّ! إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

(إِنَّ شَرَّ الرِّعَاءِ الحُطَمَةُ),

فإياك أن تكون منهم، فقال له:

اجلس فإنما أنت من نُخَالة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم،

فقال: "وهل كانت لهم نُخَالة؟ إنما كانت النخالة بعدهم وفي غيرهم"

رواه مسلم.

 

غريب الحديث:

 

- الرعاء: جمع راعٍ، والمراد هنا: الأمراء.

- الحطمة: صيغة مبالغة من الحطم، وأصل الحطم كسر الشَّيء اليابِس، والحَطِم: السواق بعنف كَأَنَّه يحطم بعض الإِبِل بِبَعض أو العنيف برعاية الإبل في السوق،

* وسميت جَهَنَّم الحُطمة لحطمها ما يلقى فيها، فإنها تكسر العظم بعد أكل اللحم،

ويقصد به هنا: المُفْسد من الوُلَاة الذي لا يرفق برعيته.

- النخالة: استعارة من نخالة الدَّقيق وهي قُشوره, والنُّخَالَة والحُقَالَة والحُثَالَة بمعنى واحد.

 

شرح الحديث:

 

يروي لنا الصحابي الجليل عائذ بن عمرو رضي الله عنه -وكان ممن شهد بيعة الرضوان- مثلاً ضربه النبي صلى الله عليه وسلم لوالي السوء، ذكر فيه أهم صفة من صفاته.

 

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ شَرّ الرِّعَاء الحُطَمَة) يعني أن أشرَّ أنواع الولاة الحطمة، الذي يضرب الناس ولا يرحمهم،

وهو مأخوذ من الحَطم أو الحِطم، فيقال: راعٍ حُطَمَة، إذا كان قليل الرحمة بالماشية،

وهكذا الذي يكون قليل الرحمة برعيته من الناس، يقال له راع حُطَمَة، وهو الذي يسوق رعيته سوقًا شديدًا عنيفًا لا رفق فيه، ويأخذهم بالشدة.

 

يقول الحسن البصري -كما في إحدى الروايات عند الطبراني- : قدم علينا عبيد الله بن زياد أميرًا أمَّره معاوية رضي الله عنه، فقدم غلامٌ سفيهٌ حَدَثُ السن يسفك الدماء سفكًا شديدًا -هذا وصفُه لعبيد الله بن زياد- قال: وفينا عبد الله بن مُغَفَّل المزني رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أحد العشرة الذين بعثهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعلمون أهل البصرة، فدخل عليه داره -أي دخل عبدُ الله بن مغفل على الأمير عبيد الله بن زياد داره- في يوم الجمعة، فقال له: انْتَهِ عما أراك تصنع، فإن شر الرعاء الحطمة، فقال: وما أنت إلا من حُثالة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وهل كانت فيهم حثالة، لا أم لك! كانوا أهل بيوتات وشرف ممن كانوا منهم، أشهدُ لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

(لا يبيت إمامٌ غاشٌ لرعيته ليلةً، إلا حرم الله عز وجل عليه الجنة)

فخرج -أي عبد الله بن مغفل رضي الله عنه- حتى أتى المسجد، فجلس فيه ونحن قعود حوله، ونحن نعرف في وجهه ما قد لقي منه، فقلنا: يغفر الله لك يا أبا زياد، ما كنت تصنع بكلام هذا السفيه على رؤوس الناس؟ فقال: إنه كان عندي خفي من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأحببت أن لا أموت حتى أقوم علانيته، فوددتُ أن داره وسعتْ أهل البصرة فاجتمعوا فيها حتى يسمعوا مقالتي ومقالته.

 

وقفات مع الحديث:

 

- توضيح المثل النبوي: هذا مثل ضربه النبي صلى الله عليه وسلم للوالي السيئ الذي لا يحسن معاملة رعيته، حيث استعار للوالي الرعي، وأتبعه بما يلائم المستعار منه من صفة الحطم.

 

- واجب الإمام تجاه رعيته: هذا الحديث الشريف يبيّن لنا واجب الإمام تجاه رعيته، وهو أخذ الناس بالرفق وعدم سوقهم بالعنف، وفي الحديث الآخر عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: (يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ) رواه البخاري ومسلم، وفي رواية مسلم: (يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لاَ يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ، وَمَا لاَ يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ).

ويلحق بذلك أيضا وينطبق عليه: تعامل الأب أو الزوج مع أسرته وأهل بيته، وتعامل المدير مع موظفيه وعماله، وتعامل المعلم مع تلاميذه وطلابه، وكل من كان مسؤولا عن جماعة أو قائدا لهم.

 

- أفضل مراتب الرفق: أعظم ما يكون الرفق سُمُوًّا حين يكون من القادر على غير القادر، وحين يكون من الراعي على الرعية، فإن الأمة إنما تنظر إلى قائدها نظر الجندي للقائد الذي يقودها إلى حيث النصر، ونظر ركاب السفينة إلى القائد الحريص على أن يتجنب برعيته العواصف والزوابع، وأما حينما يكون الراعي عنيفًا شديدَ السَّوْق للرعية حريصًا على ما في أيديهم، طامعًا فيه، ينظر إليهم نظرَ الصائد الذي ينتهز الفرصة لكي يقتنص صيده، عند ذلك سينظر الناس إليه نظرَ الطير للصائد، ومن ثَم يكونون أخوفَ ما يكونون منه.

 

- الصحابة صفوة الناس: قال عبيد الله بن زياد لعائذ بن عمرو رضي الله عنه: "اجلس فإنما أنت من نُخَالة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم": يعني لست من فضلائهم وعلمائهم وأهل المراتب منهم، بل أنت من سَقطهم، فكان الرد على تلك الإهانة: "وهل كانت لهم نخالة؟ إنما كانت النخالة بعدهم وفي غيرهم" وهذا من جزل الكلام وفصيحه وصدقه الذي ينقاد له كل مسلم،

فإن الصحابة رضوان الله عليهم كلهم هم صفوة الناس، وسادات الأمة، وأفضل ممن بعدهم، وكلهم عدول قدوة لا نخالة فيهم، وإنما جاء التخليط ممن بعدهم، وفيمن بعدهم كانت النخالة.

 

منقول من

إسلام ويب

  • معجبة 2

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاك الله خيرًا يا غالية

أين الصحابة أين من كانوا هنا

هم سادة الدنيا بكل الصفات

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بسم الله

و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته

 

شرح طيب جدًا جزاك الله خيرًا سدرة الحبيبة

نسأل الله أن يرزقنا الرفق في الأمر كله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاك الله خيرًا يا غالية

أين الصحابة أين من كانوا هنا

هم سادة الدنيا بكل الصفات

 

وجزاكِ بمثل أختي الكريمة

وبارك فيكِ

ورضي الله عن الصحابة

 

بسم الله

و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته

 

شرح طيب جدًا جزاك الله خيرًا سدرة الحبيبة

نسأل الله أن يرزقنا الرفق في الأمر كله

 

وجزاك الله خيرًا وبارك فيكِ أختي الحبيبة

اللهم آمين~

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..

 

بارك الله فيكِ وجزاك خيرا ياغالية

 

نسأل الله أن يرزقنا الرفق في الأمر كله

 

اللهم آمين ()

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

بورك فيكما أختاي الكريمتان

وجزاكما الله خيرً~

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

حديث وشرح طيب

ونسأل الله أن يُفرج كرب أمتنا من واليها

بارك الله فيك سدرة الحبيبة ونفع بك ِ

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

حديث وشرح طيب

ونسأل الله أن يُفرج كرب أمتنا من واليها

بارك الله فيك سدرة الحبيبة ونفع بك ِ

 

اللهم آمين

وفيكِ بارك الرحمن يا غالية~

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بارك الله فيكِ سدورة ونفع بكِ

 

فما بالنا فى زمننا هذا وقد تأمر علينا الفسدة واللصوص

 

وبلاطجة الغرب الفاسد الزارع للكيان الصهيونى فى سويداء قلب الامة

 

أسأل الله العظيم يقرب لنا يوم الخلاص منهم ويرينا خزيهم فى الدنيا وفى الآخرة عذاب عظيم

 

والله لاأرجو لهم توبة ولا حـُـسن خاتمة ولا أرجولهم خيرا فى الدنيا والآخرة

 

كل من ثبت عليه التورط فى حرب دين الله عز وجل اللهم أرنا فيهم آية ولا ترفع لهم راية وافضحهم واجعلهم عبرة ً وآية

 

وإلى الله المشتكى

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاكن الله خيرًا وبارك فيكنّ أخواتي الكريمات

 

ونسأل الله سبحانه أن يصلح ولاة أمور المسلمين~

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

بارك الله فيكِ ونفع بكِ ياحبيبة

جعله الرحمن في ميزان حسناتك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيرا أختي الحبيبة ، وجعله في ميزان حسناتك

 

اللهم آمين وإياكِ~

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

بارك الله فيكِ ونفع بكِ ياحبيبة

جعله الرحمن في ميزان حسناتك

 

اللهم آمين وإياكِ

بورك فيكِ~

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

  • محتوي مشابه

    • بواسطة ظِـلاَلُ اليَّـاسَميـنْ
      بسم الله الرحمن الرحيم
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
       
       
      شرح حديث: كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان...
       
      - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم))؛ متفق عليه.
       
      شرح الحديث:
      قوله: ((كلمتان حبيبتان إلى الرحمن... إلخ)): كلمتان خبر مقدم، مبتدؤه: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، وفي تقديم الخبر تشويق السامع إلى المبتدأ، وكلما طال الكلا‌م في وصف الخبر، حَسُن تقديمه؛ لأ‌ن كثرة الأ‌وصاف الجميلة تزيد السامع شوقًا؛ قاله الحافظ ابن حجر في (فتح الباري).
       
      قوله: (حبيبتان إلى الرحمن)؛ قال الحافظ ابن حجر: وخص لفظ الرحمن بالذكر؛ لأ‌ن المقصود من الحديث بيان سَعة رحمة الله - تعالى - على عباده؛ حيث يجازي على العمل القليل بالثواب الجزيل.
       
      قوله: (خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان)؛ قال الحافظ ابن حجر: وصفهما بالخِفة والثِّقَل؛ لبيان قلة العمل وكثرة الثواب.
       
      وقد نقل الحافظ ابن حجر في شرحه لهذا الحديث عن ابن بطال أنه قال:
      "هذه الفضائل الواردة في فضل الذكر، إنما هي لأ‌هل الشرف في الدين والكمال؛ كالطهارة من الحرام والمعاصي العظام، فلا‌ تظن أن من أدْمن الذِّكر، وأصرَّ على ما شاءه من شهواته، وانتهَك دين الله وحُرماته، أنه يلتحق بالمطهَّرين المقدَّسين، ويبلغ منازلهم بكلا‌مٍ أجراه على لسانه، ليس معه تقوى ولا‌ عمل صالح".
       
      (سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم):
      المعنى: أُنزِّه اللهَ عن كل ما لا‌ يليق به؛ قال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري): وسبحان اسم منصوب على أنه واقع موقع المصدر لفعلٍ محذوف تقديره: سبَّحت الله سبحانًا، كسبَّحت الله تسبيحًا، ولا‌ يستعمل غالبًا إلا‌ مضافًا، وهو مضاف إلى المفعول؛ أي: سبَّحت الله، ويجوز أن يكون مضافًا إلى الفاعل؛ أي: نزَّه الله نفسه، والمشهور الأ‌ول، وقال - في قوله: (وبحمده) -: قيل: الواو للحال، والتقدير أُسبِّح الله متلبسًا بحمدي له من أجل توفيقه، وقيل: عاطفة، والتقدير: أُسبح الله وأتلبَّس بحمده.
       
      قال الحافظ ابن حجر فيما نقَله عن شيخه أبي حفص عمر البلقيني في أواخر مقدمة الفتح، قال: (وهاتان الكلمتان ومعناهما، جاء في ختام دعاء أهل الجنان؛ لقوله - تعالى -: ﴿ دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [يونس: 10].
       
      من فقه الحديث:
      ♦ الحث على المواظبة على هذا الذكر، والتحريض على ملا‌زمته.
      ♦ إثبات صفة المحبة لله تعالى.
      ♦ الجمع بين تنزيه الله - تعالى - والثناء عليه في الدعاء.
      ♦ بيان الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأُ‌مته الأ‌سباب التي تُقربهم إلى الله، وتُثقل موازينهم في الدار الآ‌خرة.
      ♦ إثبات الميزان، وجاء في بعض النصوص إثبات أن له كِفَّتين.
      ♦ إثبات وزن أعمال العباد.
      ♦ التنبيه على سَعة رحمة الله؛ حيث يجازي على العمل القليل بالثواب الجزيل.
      ♦ الإ‌شارة بخِفة هاتين الكلمتين على اللسان إلى أن التكاليف شاقَّة على النفس، ومن أجل ذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: ((حُجبت الجنة بالمكاره، وحُجبت النار بالشهوات)).
       
      وقد جاء عن بعض السلف التعليل لثِقَل الحسنة وخِفة السيئة، فقال:
      "لأ‌ن الحسنة حضَرت مرارتها وغابت حلا‌وتها؛ فلذلك ثَقُلت، فلا‌ يَحملنَّك ثِقَلها على ترْكها، والسيئة حضَرت حلا‌وتها وغابَت مرارتها؛ فلذلك خفَّت، فلا‌ تَحملنَّك خِفتها على ارتكابها".
       
      ♦ إطلا‌ق الكلمة مُرادًا بها الكلا‌م.
       
      http://www.alukah.net/library/0/48905/
    • بواسطة سدرة المُنتهى 87
      بسم الله الرحمن الرحيم




      عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما قال:



      "قضى النبي صلى الله عليه وسلم بالشُّفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود، وصُرِّفت الطرق فلا شفعة"



      متفق عليه،



      وفي رواية لمسلم عن جابر أيضا قال:



      "قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشُّفْعة في كل شركة ما لم تقسم، ربعة أو حائط، لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه، فإن شاء أخذ، وإن شاء ترك، وإذا باع ولم يؤذنه فهو أحق به".
       
      غريب الحديث
       
      الشُّفْعة لغة: مشتقة من الشَّفع وهو الضّم،



      وشرعا: استحقاق الشريك انتزاع وضم حصة شريكه من يد مشتريها بالثمن الذي استقر عليه العقد مع المشتري،



      وتتضح العلاقة بين المعنيين اللغوي والشرعي، فإذا كانت الشفعة لغة بمعنى: الضم والزيادة، فإن الشفيع بانتزاعه حصة شريكه من يد من انتقلت إليه بضم تلك الحصة إلى ما عنده فيزيد بها تملكه، فالضم والزيادة موجودان في المعنيين اللغوي والشرعي، غير أن الشفعة في الشرع اعتبر فيها قيود جعلتها أخص من معناها في اللغة.
       
      وقد كانت الشُّفْعة معروفة عند العرب، فإن الرجل في الجاهلية إذا أراد بيع منزلٍ أو حائطٍ أتاه الجار والشريك والصاحب يشفع إليه فيما باع فيشفعه ويجعله أولى به ممن بعد منه، فسميت شفعة، وسمي طالبها شفيعا.


       

      وقعت الحدود: عُيِّنت الحدود، والحدود جمع حد وهو هنا: ما تُميّز به الأملاك بعد القسمة.



      صُرِّفت الطرق -بضم الصاد وكسر الراء المثقلة-: بُينت مصارفها وشوارعها.
       
      شرح الحديث
       
      هذا الحديث الشريف هو العمدة في مشروعية الشُّفْعة؛ إذ أن الشُّفْعة من الأحكام التي جاءت بها السنة ابتداءً،



      ومعنى الحديث: أنه إذا باع أحد الشريكين نصيبه من العقار أو المال المشترك بينهما، فللشريك الذي لم يبع أخذ النصيب من المشتري بمثل ثمنه، دفعاً لضرره بالشراكة.



      وهذا الحق ثابت للشريك ما لم يكن العقار أو المال المشترك قد قُسم وعرفت حدوده وصرفت طرقه، أما بعد معرفة الحدود وتميزها بين النصيبين، وبعد تصريف شوارعها فلا شُفعة، لزوال ضرر الشراكة والاختلاط الذي ثبت من أجله استحقاق انتزاع المبيع من المشتري.
       
      من فقه الحديث
       
      - الشُّفْعة من محاسن الإسلام: شرعت لدفع الضرر عن الشريك؛ لأنه ربما اشتري نصيب شريكه عدو له، أو صاحب خلق سيء، فيحدث بسبب ذلك التباغض، ويتأذى الجار، وفي ثبوت الشفعة دفع للأذى والضرر.


       

      - تثبت الشُّفْعة: في كل شيء لم يقسم من أرض، أو دار، أو حائط، ويحرم التحايل لإسقاطها؛ لأنها شرعت لإزالة الضرر عن الشريك.


       

      - الشُّفْعة حق للشريك متى علم بالبيع: فإن أخرها بطلت شفعته، إلا أن يكون غائباً أو معذوراً فيكون على شفعته متى قَدَر عليها، وإن أمكنه الإشهاد على المطالبة بها ولم يشهد بطلت شفعته.



      - إذا مات الشفيع: ثبتت الشفعة لورثته، ويأخذ الشفيع المبيع بكل الثمن، فإن عجز عن بعضه سقطت.


       

      - لا يجوز للشريك أن يبيع نصيبه حتى يؤذن شريكه: فإن باع ولم يؤذنه فهو أحق به، وإن أذن له وقال: لا غرض لي فيه، لم يكن له المطالبة به بعد البيع.


       

      - الجار أحق بشُفعة جاره: فإذا كان بين الجارين حقٌّ مشتركٌ من طريق أو ماء ثبتت الشفعة لكل منهما، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الجار أحق بشفعة جاره يُنْتَظَرُ بها وإن كان غائباً، إذا كان طريقهما واحداً) رواه أبو داود وابن ماجه بإسناد صحيح.


       

      منقول من الشبكة الإسلامية~


    • بواسطة سدرة المُنتهى 87
      بسم الله الرحمن الرحيم


       

      شرح حديث:
      (كنت بين أظهرنا فقمت فأبطأت علينا)


       

      عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:



      كُنَّا قُعُوداً حَوْلَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَنَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فِي نَفَرٍ.



      فَقَامَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا.



      فَأَبْطَأَ عَلَيْنَا. وَخَشِينَا أَنْ يُقْتَطَعَ دُونَنَا. وَفَزِعْنَا فَقُمْنَا.



      فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ فَزِعَ.


       

      فَخَرَجْتُ أَبْتَغِي رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَتَيْتُ حَائِطاً لِلأَنْصَارِ لِبَنِي النَّجَّار.



      فَدُرْتُ بِهِ هَلْ أَجِدُ لَهُ بَابا. فَلَمْ أَجِدْ.



      فَإِذَا رَبيعٌ يَدْخُلُ فِي جَوْفِ حَائِطٍ مِنْ بِئرٍ خَارِجَةٍ (وَالرَّبِيعُ الْجَدْوَلُ) فَاحْتَفَزْتُ كَمَا يَحْتَفِزُ الثَّعْلَبُ.



      فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ "أَبُو هُرَيْرَةَ؟"



      فَقُلْتُ: نَعَمْ. يَا رَسُولَ اللّهِ.



      قَالَ: "مَا شَأْنُكَ؟"


       

      قُلْتُ: كُنْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا. فَقُمْتَ فَأَبْطَأْتَ عَلَيْنَا. فَخَشِينَا أَنْ تُقْتطَعَ دُونَنَا. فَفَزِعْنَا. فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ فَزِعَ. فَأَتَيْتَ هذَا الْحَائِطَ. فَاحْتَفَزْتُ كَمَا يَحْتَفِزُ الثَّعْلَبُ. وَهؤُلاءِ النَّاسُ وَرَائِي


       

      فَقَالَ: "يَا أَبَا هُرَيْرَةَ" (وَأَعْطَانِي نَعْلَيْهِ) قَالَ:



      "اذْهَبْ بِنَعْلَيَّ هَاتَينِ. فَمَنْ لَقِيتَ مِنْ وَرَاء هذَا الْحَائِطِ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللّهُ، مُسْتَيْقِناً بِهَا قَلُبُهُ، فَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ".


       

      فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ لَقِيتُ عُمَرُ. فَقَالَ: مَا هَاتَانِ النَّعَلاَنِ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟!



      فَقُلْتُ: هَاتَيْنِ نَعْلاَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم بَعثَنِي بِهِمَا. مَنْ لَقِيِتُ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللّهُ مُسْتَيْقِنا بِهَا قَلْبُهُ، بَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ.


       

      فَضَرَبَ عُمَرُ بِيَدِهِ بَيْنَ ثَدْيَيَّ. فَخَرَرْتُ لاِسْتِي. فَقَالَ: ارْجِع يا أَبَاهُرَيْرَةَ، فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَجْهَشْتُ بُكَاءً، وَرَكِبَنِي عُمَرُ، فَإِذَا هُوَ عَلَى أَثَرِيْ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:


       

      "مَالَكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟"



      قُلْتُ: لَقِيتُ عُمَرَ فَأَخْبِرْتُهُ بالذِيْ بَعَثتَنِي بهِ. فَضَرَبَ بَينَ ثَدْيَيَّ ضَرْبَةً، خَرَرْتُ لاِسْتِيْ، قَالَ: ارْجِع، فقَالَ لَه رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:


       

      « يَا عُمَرَ! مَا حَمَلكَ عَلى مَا فَعَلتَ؟ »


       

      قَالَ: يَا رسُولَ اللهِ! بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، أَبَعَثْتَ أَبَا هُرَيرَةَ بِنَعْلِيْكَ، مَنْ لَقِيَ يَشْهَدُ أَن لا إِلَهَ إِلا اللهُ مُسْتَيقَنَاً بِهَا قَلبُهُ، بَشَّرَهُ بِالجَنَّةِ؟ قَالَ: « نَعَمْ »


       

      قَالَ: فَلا تَفْعَلْ، فَإِني أَخْشَى أَن يَتكِلَ النَّاسُ عَليْهَا، فَخَلِّهِمْ يَعْمَلونَ،


       

      قَالَ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "فَخَلِّهِمْ " رواه مسلم.


       
       
       
       
       

      شرح ألفاظ الحديث:


       

      (فَقَامَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا): أي فقام من بيننا.


       

      (وَخَشِينَا أَنْ يُقْتَطَعَ دُونَنَا): أي خشينا أن يقطعه مكروه أصيب به من عدو إما بأسر و إما بغيره.


       

      (ففَزِعْنَا و قُمْنَا): أي اهتممنا لاحتباسه فتركنا ما نحن فيه وأقبلنا على طلبه.


       

      (حَتَّى أَتَيْتُ حَائِطاً): الحائط البستان وسمي بذلك لأنه حائط لا سقف له.


       

      (فَإِذَا رَبيعٌ يَدْخُلُ فِي جَوْفِ حَائِطٍ): الربيع هو الجدول، والجدول هو الساقي الواضح كالطريق للماء.


       

      (مِنْ بِئرٍ خَارِجَةٍ): قيل خارجة صفة للبئر، و قيل: خارجة اسم رجل يملك هذا البئر.


       

      (فَاحْتَفَزْتُ كَمَا يَحْتَفِزُ الثَّعْلَبُ): احتفزت أي تضاممت كما يتضام الثعلب ليسعه الدخول في نافذ الجدول على الحائط.


       

      (وَأَعْطَانِي نَعْلَيْهِ): أراد النبي -صلى الله عليه وسلم-أن يعطيه قرينة تعضد ما سيقوله من خبر وأنه واجه النبي -صلى الله عليه وسلم-حقيقة وقال له هذا الخبر العظيم ودليل ذلك وقرينته نعلي النبي -صلى الله عليه وسلم-التي جاء بها لتأكيد اللقاء به،



      مع أن أبا هريرة ثقة ولا يتهم ولكن أعطاه ذلك زيادة في التأكيد لعظم الخبر الذي معه.


       

      (مُسْتَيْقِنا بِهَا قَلُبُهُ): اليقين هو العلم الراسخ والثابت في القلب.


       

      (فَخَرَرْتُ لاِسْتِي): أي على استي وهو اسم من أسماء الدبر، فكأنه دفعه في صدره فوقع على دبره، وفعل عمر مع أبي هريرة حتى أسقطه لم يكن ليؤذيه وإنما ليمنعه فوافق فعله هكذا ليكون أبلغ في الزجر.


       

      (فَأَجْهَشْتُ بُكَاءً): بفتح الهمزة والهاء وإسكان الجيم أي تهيأت للبكاء ولم أبك بعد.


       

      (وَرَكِبَنِي عُمَرُ): أي تبعني ومشى خلفي في الحال بلا مهلة، و لذلك قال (فإذا هو على أثري).


       

      (بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي): أي أفديك بأبي وأمي.


       
       
       

      من فوائد الحديث:


       

      الفائدة الأولى: الحديث دليل على بسط النبي -صلى الله عليه وسلم-نفسه لأصحابه، يعلمهم ويخرج معهم إلى الحوائط، ويفيدهم، وهكذا ينبغي لصاحب العلم أن يهتم بتعليم الناس والخروج لهم بما لديه من الخير لينشره.


       
       

      الفائدة الثانية: في الحديث حرص الصحابة ومحبتهم لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-حيث خافوا عليه وفزعوا في طلبه حين أبطأ عليهم.


       
       

      الفائدة الثالثة: الحديث دليل على جواز دخول الإنسان ملك غيره من دون إذنه إذا علم رضاه بذلك، لاسيما إن كان لحاجة كما فعل أبو هريرة رضي الله عنه حين دخل الحائط ولم ينكر عليه النبي -صلى الله عليه وسلم-.


       
       

      قال النووي: "وهذا غير مختص بدخول الأرض بل يجوز له الانتفاع بأدواته وأكل طعامه والحمل من طعامه إلى بيته ونحو ذلك من التصرف الذي يعلم أنه لا يشق على صاحبه، هذا هو المذهب الصحيح الذي عليه جماهير السلف والخلف من العلماء رحمة الله عليهم" [انظر شرح النووي لمسلم حديث (21)].


       
       

      الفائدة الرابعة: الحديث دليل على تأييد الخبر العظيم بقرينة تؤكده، كما فعل النَّبي -صلى الله عليه وسلم-حين أعطى أبا هريرة نعليه.


       
       

      الفائدة الخامسة: الحديث فيه رد على غلاة المرجئة القائلين أن التلفظ بالشهادتين يكفي في الإيمان ولو لم يصاحبه اعتقاد القلب، فقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (مُسْتَيْقِنا بِهَا قَلُبُهُ) رد على مذهبهم الفاسد الذي به يدخل المنافقون في الإيمان، و المرجئة -كما تقدم- أقسام منهم الغلاة ومنهم دون ذلك، وتمسك بحديث الباب المرجئة غير الغلاة الذين قالوا: بأن الاعتقاد والنطق بالشهادتين كافٍ للإيمان ولا يضره أي معصية ولو كانت مكفرة، وتقدم الرد عليهم في شرح الأحاديث السابقة ما يغني عن الإعادة فارجع إليها ففيها الإفادة.


       
       

      الفائدة الساسة: الحديث دليل على شدة عمر - رضي الله عنه-، وحكمته وسعة فقهه حين ردَّ أبا هريرة وأشار إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-أن ذلك يدعوهم للاتكال وترك العمل ووافقه النبي -صلى الله عليه وسلم-فرجع إلى رأي عمر، وفي هذا



      جواز مراجعة المتبوع للتابع إن رأى مصلحة راجحة يبينها له في رأيه الذي خالفه فيه.


       
       
       

      مستلة من إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم (كتاب الإيمان)


       

      منقول من الألوكة~


    • بواسطة سدرة المُنتهى 87
      الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:


       

      عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:



      ((بُعِثْتُ بين يَدَيِ السَّاعة بالسَّيف، حتى يُعبَدَ اللهُ وحدَه لا شريك له، وجُعِلَ رِزْقي تحت ظلِّ رُمْحي، وجُعِلَ الذَّلُّ والصَّغار على مَنْ خالَف أمري، ومَنْ تَشَبَّهَ بقومٍ فهو منهم))[1].


       




       

      هذا الحديث اشتمل على حِكَم عظيمة، وجُمَل نافعة، ينبغي أن نقف عندها وقفةَ تأمُّل وتدبُّر، وقد شرحه الحافظ ابن رجب الحنبلي في رسالةٍ صغيرةٍ، اختصرتُ كلامَه فيها في هذه الكلمة:


       

      *‘‘ قوله: ((بُعِثْتُ بالسَّيْف بين يَدَيِ السَّاعة))؛ يعني:



      أنَّ الله بعثه داعيًا إلى توحيده بالسَّيف بعد دعائه بالحُجَّة؛ فمَنْ لم يَسْتَجِبْ إلى التوحيد بالقرآن والحُجَّة والبيان، دُعِيَ بالسَّيف؛



      قال تعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحديد: 25]،


       

      وفيه إشارةٌ إلى قُرْب بعثَته صلى الله عليه وسلم من قيام السَّاعة.



      فعن أنسٍ رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((بُعِثْتُ أنا والسَّاعةَ كهاتَيْن))، قال: وضَمَّ السبَّابة والوسطى[2].


       




       

      *‘‘وقوله: ((حتَّى يُعْبَد اللهُ وحده لا شريك له)):



      هذا هو المقصود الأعظم من بعثَتِه وبعَثْة الرُّسُل من قبله؛ كما قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ) [الأنبياء: 25]، وقال تعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) [النحل: 36]؛



      بل هذا هو المقصود من خَلْق الخَلْق وإيجادهم؛



      كما قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات: 56]، فما خَلَقَهم إلا ليأمرهم بعبادته، وأَخَذَ عليهم العهدَ لمَّا استخرجهم من صُلْبِ آدمَ على ذلك؛ كما قال تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا......) [الأعراف: 172].


       




       

      *‘‘وقوله: ((وجُعِل رزقي تحت ظل رمحي)):



      فيه إشارةٌ إلى أن الله لم يَبْعَثْهُ بالسَّعي في طلب الدُّنيا، ولا بجمعها واكتنازها، ولا الاجتهاد في السعي في أسبابها،



      وإنما بَعَثَه داعيًا إلى توحيده بالسَّيف، ومن لازِمِ ذلك: أن يقتل أعداءه الممتنعِين عن قَبول دعوة التوحيد، ويستبيح أموالهم، ويسبي نساءهم وذراريهم؛ فيكون رزقه مما أفاء الله من أموال أعدائه، فإنَّ المال إنما خَلَقَه لبني آدمَ؛ يستعينون به على طاعته وعبادته، فمَنِ استعان به على الكفر بالله والشِّرْك به، سَلَّط الله عليه رسولَه وأتباعَه، فانتزعوه منه، وأعادوه إلى مَنْ هو أوْلى به من أهل عبادة الله وتوحيده وطاعته؛ ولهذا يسمَّى الفَيْء لرجوعه إلى مَنْ كان أحقَّ به، ولأَجْلِه خُلِقَ.


       

      قال تعالى: (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّبًا) [الأنفال: 69]، وهذا مما خَصَّ الله به محمدًا - صلى الله عليه وسلم – وأمَّته؛ فإنه أَحَلَّ لهم الغنائم.


       




       

      *‘‘قوله: ((وجُعِلَ الذُّلُّ والصَّغَار على مَنْ خالَف أمري)):



      هذا يدلُّ على أنَّ العزَّ والرِّفعة في الدنيا والآخِرة بمتابعة أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لامتثال متابعة أمر الله تعالى؛ قال تعالى: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ)[المنافقون: 8]، وقال تعالى: (مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا) [فاطر: 10]؛ فالذِّلَّة والصَّغار تحصل بمخالفة أمر الله.


       

      والمخالِفون لأمر الله ورسوله ينقسمون إلى ثلاثة أقسام:



      الأول: مخالفةُ مَنْ لا يعتقد طاعةَ أمره؛ كمخالفة الكفار وأهل الكتاب الذين لا يرون طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فهم تحت الذِّلَّة والصَّغار؛ ولهذا أمر الله بقتال أهل الكتاب حتى يُعْطُوا الجزية عن يَدٍ وهم صاغرون، وعلى اليهود الذِّلَّة والمَسْكَنَة؛ لأن كفرهم بالرسول صلى الله عليه وسلم كفرُ عناد.


       

      الثاني: مَنِ اعتقدَ طاعَتَهُ، ثم يخالف أمره بالمعاصي التي يعتقد أنها معصية - فله نصيبٌ من الذُّلِّ والصَّغار؛ قال الحسنُ البَصْريُّ: "إنهم وإن طَقْطَقَتْ بهم البِغال، وهَمْلَجَتْ بهمُ البراذينُ، إنَّ ذُلَّ المعصية لفي قلوبهم؛ أبَى اللهُ إلاَّ أن يُذِلَّ مَنْ عصاه". وقال الإمام أحمد بن حنبل:



      "اللهم أعِزَّنا بالطاعة، ولا تُذِلَّنا بالمعصية".


       

      قال الشاعر أبو العتاهية:


       

      أَلا إِنَّمَا التَّقْوَى هِيَ العِزُّ والكَرَمْ *** وَحُبُّكَ لِلدُّنْيَا هُوَ الذُّلُّ والسَّقَمْ



      وَلَيْسَ عَلَى عَبْدٍ تَقِيٍّ نَقِيصَةٌ *** إِذَا حَقَّقَ التَّقْوَى وَإِنْ حَاكَ أَوْ حَجَمْ


       
       

      الثالث: مَنْ خالَف أمرَه من أهل الشُّبهات - وهم أهل الأهواء والبِدَع - فكلُّهم لهم نصيبٌ من الذُّلِّ والصَّغار بحسب مخالفتهم لأوامره؛ قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ) [الأعراف: 152].


       

      وأهل البِدَع والأهواء كلُّهم مفْتَرونَ على الله، وبدعتهم تتغلَّظ بحسب كثرة افترائهم عليه؛ قال تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النور: 63].


       

      قال ابن رجبٍ الحنبلي رحمه الله: "ومن أعظم ما حصل به الذُّلُّ من مخالفته أمرَ الرسول صلى الله عليه وسلم: تركُ ما كان عليه من جهاد أعداء الله، فمَنْ سَلَكَ سبيلَ الرسول صلى الله عليه وسلم في الجهاد عَزَّ، ومَنْ تَرَكَ الجِهادَ مع قُدْرَتِه عليه ذَلَّ.


       

      عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا تبايَعْتُم بِالعِينَة، وأخَذْتم أذنابَ البَقَر، ورَضِيتم بالزَّرْع، وتركتم الجهاد - سلَّط الله عليكم ذُلاًّ، لا ينزعه حتى ترجِعوا إلى دينكم)) [3].


       

      ورأى النبيُّ صلى الله عليه وسلم سِكَّةَ الحَرْث فقال: ((ما دَخَلَتْ دارَ قوْمٍ؛ إلاَّ دخلها الذُّلُّ)).


       

      فمَنْ ترك ما كان عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم من الجهاد مع قدرته، واشتغل عنه بتحصيل الدنيا من وجوهها المباحة - حصل له الذُّلُّ؛ فكيف إذا اشتغل عن الجهاد بجمع الدنيا من وجوهها المحرَّمة" [4] اهـ.


       




       

      *‘‘قوله: ((ومَنْ تشبَّه بقوْمٍ، فهو منهم))، هذا يدلُّ على أمرَيْن:



      أحدهما: التشبُّه بأهل الشرِّ؛ مثل أهل الكفر والفسوق والعصيان، وقد وَبَّخ الله مَنْ تَشَبَّهَ بهم في شيءٍ من قبائحهم؛ قال تعالى: (فَاسْتَمْتَعْتُم بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا) [التوبة: 96].


       

      وقد نهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن التَشَبُّه بالمشركين وأهل الكتاب، فنهى عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها، وعن حلق اللِّحى، وعن تسليم اليهود والنصارى، وغيرها من النواهي.


       

      الثاني: التَّشَبُّه بأهل الخير والتقوى، فهذا حَسَنٌ، وهذا مندوبٌ إليه؛ ولهذا يُشْرَع الاقتداء بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في أقواله وأفعاله وحركاته، وذلك مقتَضى المحبَّة الصحيحة؛ فإنَّ المرء مع مَنْ أَحَبَّ، ولابد من مشاركته في أصل عمله، وإن قصر المحبُّ عن درجته.


       

      والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.


       
       

      --------------------



      [1] مسند الإمام أحمد (2/92).



      [2] صحيح البخاري (4/192) برقم (6504)، وصحيح مسلم (4/2269) برقم (2951).



      [3] سنن أبي داود (3/275) برقم (3462).



      [4] شرح حديث يتبع الميت ثلاثة لابن رجب الحنبلي.


       

      منقول من الألوكة


       




    • بواسطة سدرة المُنتهى 87
      عن أبي مالكٍ الحارث بن عاصمٍ الأشعري رضي الله عنه قال:



      قال رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:



      "الطهُورُ شطرُ الإيمان، والحمدُ لله تملأُ الميزان، وسُبحان الله والحمدُ لله تملآن -أو: تملأُ- ما بين السماء والأرض،



      والصلاةُ نُورٌ، والصدقةُ بُرهانٌ، والصبرُ ضياءٌ، والقُرآنُ حُجةٌ لك أو عليك،



      كُل الناس يغدُو، فبائعٌ نفسهُ فمُعتقُها أو مُوبقُها"



      رواهُ مُسلمٌ- رقم: 223.


       




       

      لغة الحديث:



      ••••••



      الطهور: المراد به التطهر من الأحداث أو طهارة القلب أو هما معاً فقد يكون الحديث شامل لهذا وهذا فتكون الطهارة طهارة حسية ومعنوية.



      شطر: نصف.



      الميزان: الذي توزن به أعمال العباد يوم القيامة.



      تملأ الميزان: بعظم أجرها تملأ الميزان.



      برهان: أي حجة ودليل قاطع.



      يغدو: الغدو هو الذهاب مبكراً وهو الذهاب ما بين طلوع الشمس إلى غروب الشمس، فالذي يخرج من بين طلوع الشمس إلى غروبها هذا يسمى غادي يغدو.



      مُعتقها: مخلصها من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.



      مُوبقها: أي مهلكها.






       

      فوائد مستنبطة من الحديث:



      ••••••


       

      1- فضل الطهور وأنه نصف الإيمان.



      (شطر الإيمان): اختلف في معنى أن الطهور شطر الإيمان، وقيل هو التخلي من الإشراك فالإنسان إذا أراد أن يحقق التوحيد عليه ركنان:



      •• التخلي عن الإشراك.



      •• وعبادة الله وحده.


       

      وقيل المقصود بالطهور هو الوضوء وهي نصف الصلاة؛ والإيمان بمعنى الصلاة لقوله تعالى: "وما كان الله ليضيع إيمانكم" يعني صلاتكم.



      وهو يحتمل المعنيين ولا بأس في الجمع بينهما.


       

      2- الحديث دليل على إثبات الميزان الذي توزن به أعمال العباد وأن أعمال العباد توزن.


       

      3- فضل التسبيح والتحميد وأنهما لو كانتا جسما يرى لملأت ما ذُكر في الحديث.


       

      4- عظم ثواب الصلاة والصدقة والصبر.


       

      5- حامل القرآن إما غانم أو غارم. (والقرآن حجة لك أو عليك)


       

      6- في الحديث بيان حال الناس وأنهم يعملون لكنهم يتفاوتون في النتائج.


       

      7- الحرية في هذه الحياة تكون بطاعة الله تعالى لأن بها تحصل النجاة (كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها) أي أن من عمل بطاعة الله أعتق نفسه.


       

      فالحرية ليست بإطلاق الهوى كما يطلقه دعاة الحرية إنما نقول لهم الحرية ما كانت تحت العبودية.



      يقول ابن القيم:



      هربوا من الرق الذي خُلقوا له *** وبلوا برق الهوى والشيطان


       




       

      قواعد مستنبطة من الحديث:



      ••••••



      • قاعدة في أثر الطاعة: إدراك أثر الطاعة يكون بحجب أثر كل علة مانعة.


       

      مثلا: الصلاة نور؛ يقول أنا لا أحس بأثر هذه الطاعة أو النور الناتج عنها فنقول هناك موانع حجبت عنك هذه الآثار فاحجبها حتى تنال تلك الآثار.


       

      منقول من موقع الألوكة


       




منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×