اذهبي الى المحتوى

المشاركات التي تم ترشيحها

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين

 

& .. صفات عباد الرحمن ..&

 

قال الله تعالى-: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا } إلى قوله ..{أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلامًا خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا} الفرقان:63-76 .

 

 

في هذه الآيات الكريمة من خواتيم سورة الفرقان، يصف الله -عز وجل- أحوال عباده الذين شرفهم بنسبهم إليه

 

وعباد الرحمن هم العباد الذين شرفوا بالانتساب إلى الله ؛ فإذا كان هناك عبيد الشيطان والطواغيت ، وعبيد الشهوات ، فهؤلاء عبيد الله ، وانتسابهم إلى الله باسمه الرحمن إشعار بأنهم أهل لرحمة الله عز وجل ،وقبل هذه الآيات قوله تعالى: (وإذا قيلَ لهم اسجدوا للرّحمنِ قالوا وما الرّحمن أنسجُد لما تأمُرنا وزادهُم نُفورا )الفرقان 60

 

فإذا كان هؤلاء يجهلون ما الرحمن ،فإن هناك أناسا يعرفون الرحمن ، ويقدرونه حق قدره ، ويؤدون له حقه ، فهم عباده الذين شرفوا بالانتساب إليه

 

وها هي صفاتهم وخصالهم لمن أراد أن يلتحق بركبهم

 

فقول الواحد منا أنا من عباد الرحمن دعوى تحتاج إلى برهان ، إلى أفعال إلى صفات نتحلى بها .

 

فتابعونا أخواتي الحبيبات لمعرفة الصفات التي يجب أن نتحلى بها لنكون من عباد الرحمن

 

فاللهم يسر وأعن يا كريم.

 

 

منقول من موقع الكلم الطيب

تم تعديل بواسطة ام جومانا وجنى

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمته وبركاته

جزاك الله خيرا يا حبيبة

وها هي صفاتهم وخصالهم لمن أراد أن يلتحق بركبهم

 

فقول الواحد منا أنا من عباد الرحمن دعوى تحتاج إلى برهان ، إلى أفعال إلى صفات نتحلى بها .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

جزاك ربى خير الجزاء

 

متابعة معك بإذن الله ~

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

@

 

وجزاكنّ الله خيرًا مثلُه يا حبيبات

تسعدني متابعتكنّ الكريمة

أسأل الله تعالى أن ينفعنا بهذه الصفات ويكتبنا من عباد الرحمن

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

أول صفات عباد الرحمن

 

& ..............&

 

&.. التواضع والسكينة .. &

أول هذه الأوصاف أنهم يمشون على الأرض هونا

{وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا}

 

أي: بسكينة ووقار وتواضع وبغير تجبر ولا استكبار.

لكن لماذا جعلها الله أول صفة لعباده ؟

لأن المشية غالبا ما تعبر عن صاحبها ، عن شخصيته وما يستكن فيها من مشاعر وأخلاق ،

فالرجل له مشية والمرأة لها مشية أخرى ، والمتكبرون لهم مشية ، والمؤمنون المتواضعون لهم مشية ، والصحيح السليم له مشية ، والمريض العليل له مشية .... وهكذا كل يمشي معبرا عما في ذاته .

 

& ..............&

 

فعباد الرحمن يمشون على الأرض هونا ، متواضعين هينين لينين ، بسكينة ووقار لا بتجبر واستكبار ، لا يستعلون على أحد ولا ينتفخون كأحد الذين يمشون فيقول: (يا أرض انهدي ماعليك قدي)

وقد نهانا الله عن هذه المشية فقال:

(ولا تمشِ في الأرضِ مرَحًا إنّكَ لَن تَخرِقَ الأرضَ ولَن تَبلُغَ الجِبالَ طولًا ) الإسراء 37

نعم فمهما دببت في الأرض فلن تخرقها ، ومهما تطاولت بعنقك ، فلن تبلغ الجبال طولا!!

 

& ..............&

 

وفي وصايا لقمان لابنه

(ولا تُصعِر خَدكَ لِلنَّاسِ ولا تَمشِ في الأرضِ مَرحًا إنّ اللهَ لا يُحِبُ كُلَ مُختالٍ فَخور * واقصِد في مَشيِكَ واغضُض مِن صَوتِكَ إنّ أنكَرَ الأصواتِ لَصوتُ الحَمير ) لقمان 19،18

( ولا تُصعِر خَدكَ لِلنَّاسِ ) لا تكلمهم وأنت عنهم معرض ولا تجعلهم يكلمونك وأنت معرض عنهم ، بل أقبل عليهم ووجهك منبسط إليهم .

(ولا تَمشِ في الأرضِ مَرحًا إنّ اللهَ لا يُحِبُ كُلَ مُختالٍ فَخور)

المختال الذي يظهر أثر الكبر في أفعاله والفخور الذي يظهر أثر الكبر في أقواله ...يقول أنا فلان وابن فلان .....فالله لا يحب الصنفين معا المختال والفخور ، إنما يحب المتواضع الذي يعرف قدر نفسه ، ولا يحتقرأحدا من الناس .

 

& ..............&

 

(الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا ) ليس المقصود أنهم يمشون متماوتين كالمرضى كما يفعل البعض ذلك وفي ظنه أن هذا من التنسك والزهد ...

كلا فما كان النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه يفعلون ذلك ، فقد كان -صلى الله عليه وسلم- إذا مشى فكأنما ينحط من صبب

(كأنما ينزل من مرتفع إلى منحدر يعنى يمشى على أطراف أصابعه كما يفعل الرياضيون الآن )

فهذه مشية أولى العزم والهمة والشجاعة .

 

& ..............&

 

يقول أبي هريرة :

(ما رأيت أحدا أسرع في مشيته من رسول الله كأنما الأرض تطوى له ، وإنا لنجهد أنفسنا وإنه لغير مكترث )

فلم يكن متماوتا ولا بطيئا إنما مشيه وسط بين السرعة والبطء .

وهكذا كان عمر لما رأى شابا يتماوت في مشيته فقال : أأنت مريض ؟ قال ما أنا بمريض ، قال : إذا فلا تمش هكذا .

ورأى رجلا يصلى وقد جعل رأسه في صدره فقال ياهذا لا تمت علينا ديننا ... ارفع رأسك فإن الخشوع في القلب وليس في الرقبة .

ورأت الشفاء أم عبد الله شبانا يمشون متماوتين ؛ فسألت عنهم من هؤلاء ؟ فقيل لها : هؤلاء نساك – عباد ....قالت رحم الله عمر لقد كان إذا مشى أسرع ، وإذا تكلم أسمع ، وإذا ضرب أوجع ؛ وكان الناسك حقا .

إذن فلا تماوت ولا اختيال وتفاخر

وإنما سكينة وتواضع

 

& ..............&

 

التحذير من الكبر:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر قال رجل إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة قال عليه الصلاة والسلام إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس ) رواه مسلم

و غمط الناس هو الاحتقار وبطر الحق هو دفعه وإنكاره ترفعا وتجبرا.

فالمسلم ينبغي أن يكون نموذج للتواضع وخفض الجناح، فلا يغتر بعلم، ولا مال

، ولا جاه ، بل كل شيء محض فضل من الله، وكرم لما يحمل من خير.

و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

( مانقص صدقة من مال وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله )

رواه مسلم

 

& ..............&

 

يروى أن مطرف بن عبد الله بن الشخير رأى المهلب ( وكان من كبار القادة العسكريين ) وهو يتبختر في جبة فقال‏:‏ يا عبد الله هذه مشية يبغضها الله ورسوله فقال له المهلب‏:‏ أما تعرفني فقال بلى أعرفك أولك نطفة مذرة وآخرتك جيفة قذرة وأنت بين ذلك تحمل العذرة‏!‏

فمضى المهلب وترك مشيته تلك‏.‏

وقال بعض السلف (عجبت لمن خرج من مجرى البول مرتين علام يتكبر؟!!)

ومعنى كلامه أنه خرج من أبيه نطفة ، ثم خرج من فرج أمه مولودا صغيرا .

 

& ..............&

 

فاعرف قدرك أيها الإنسان ، فمن تواضع لله رفعه ، ومن تكبر وضعه الله .

اللهم اجعلنا من المتواضعين ولا تجعلنا من المتكبرين

آميـــــــن

  • معجبة 3

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

موضوع قيم كعادتكِ

جزاكِ الله خيراُ ونفع بكِ

اللهم اجعلنا من المتواضعين ولا تجعلنا من المتكبرين

 

اللهم آميين

في المتابعة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين

وجزاكِ الله خيرًا مثلُه مشرفتي الحبيبة

تسعدني متابعتكِ الكريمة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

ثاني صفات عباد الرحمن

 

& ..............&

 

&.. الحِلم.. &

وكأنه لما ذكر حالهم مع أنفسهم وأنهم متواضعين غير مستعلين ولا مستكبرين ؛ ذكر حالهم مع الناس وخاصة مع أهل الجهل والسفه فقال : {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا}

أي: إذا سفه عليهم الجهال بالقول السيئ لم يردوا عليهم بمثله، بل يصفحون ولا يقولون إلا خيرًا كما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا تزيده شدة الجاهل إلا حلمًا.

فهم لا يردون السيئة بالسيئة، وإن كان هذا من حقهم ، إنما يقولون قولا سديدا يليق بحالهم وسمتهم

والجهل هنا في الآية ليس هو الجهل ضد العلم ؛ إنما هو من الجهل ضد الحلم

 

& ..............&

 

فالجاهل في نظر القرآن الكريم هو من عصى الله وغلب اتباع الهوى على الحق ،

حينما راودت النسوة يوسف عن نفسه قال :

( وإلا تَصرِف عَنى كيدَهُنَّ أصبُ إليهِنَّ وأكُن مِّنَ الجاهِلين )

يوسف 33

وموسى حينما أخبر قومه بأمر الله أن يذبحوا بقرة

(قالوا أتتخِذُنا هُزُوا قالَ أعوذُ باللهِ أن أكونَ مِنَ الجاهِلين ) البقرة 67

أي ممن يهزأون في موضع الجد أو يتكلمون بالسخرية في موضع الحق فهذا شأن الجاهلين ،

وعلى هذا فالجاهل هو العاصي لأنه جهل عظمة ربه ، وهو السفيه قليل العقل سيء الخلق .

فعباد الرحمن لا يشغلون أنفسهم في معركة مع الجاهلين ، فهم ينزهون أنفسهم عن الرد على هؤلاء

 

& ..............&

 

وللنبي -صلى الله عليه وسلم- مشاهد كثيرة في حلمه على الناس وفي دفع السيئة منهم بالحلم منه -صلى الله عليه وسلم- فيقابل السيئة بالحسنة،

ففي الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رجلًا أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- يتقاضاه فأغلظ له، فهم به أصحابه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-

(دعوه فإن لصاحب الحق مقالاً).

 

كذلك في الحديث المتفق عليه عن أنس -رضي الله عنه- قال:

(كنت أمشي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي، فجبذه بردائه جبذة شديدة، فنظرت إلى صفحة عاتق النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد أثرت به حاشية الرداء من شدة جبذته ثم قال: يا محمد، مر لي من مال الله الذي عندك فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء).

 

& ..............&

 

ويروي عن الحسن أن رجلاً قال : إن فلاناً قد اغتابك ، فبعث إليه طبقاً من الرطب ، وقال : بلغني أنك أهديت إليّ حسناتك ، فأردت أن أكافئك عليها ، فاعذرني، فإني لا أقدر أن أكافئك بها على التمام.

وقال رجل لحكيم ياقبيح الوجه فقال :ما كان خلق وجهي إلى فأحسنه!!!

وقال علي بن يزيد‏:‏ أغلظ رجل من قريش لعمر بن عبد العزيز القول فأطرق عمر زماناً طويلاً ثم قال‏:‏ أردت أن يستفزني الشيطان بعز السلطان فأنال منك اليوم ما تناله مني غداً

وسب رجل أبا بكر رضي الله عنه فقال‏:‏ ما ستر الله عنك أكثر

وسب رجل الشعبي فقال‏:‏ إن كنت صادقاً فغفر الله لي وإن كنت كاذباً فغفر الله لك‏.‏

ومر المسيح ابن مريم عليه الصلاة والسلام بقوم فقالوا له شراً فقال لهم خيراً فقيل له‏:‏ إنهم يقولون شراً وأنت تقول خيراً فقال‏:‏ كل ينفق مما عنده‏.‏

وكان الشيخ الشعراوي يتعرض للسب والغمز من بعض الكتاب والصحافيين فلما كلموه في الرد عليهم قال: لن أعطيهم شرف الرد عليهم.

 

& ..............&

 

ورحم الله من قال :

يخاطبني السفيه بكل قبحٍ و آبى أن أكون له مجيباً

يزيد سفاهةً و أزيد حلماً كعودٍ زاده الإحراق طيباً

 

وآخر يقول:

إذا نطق السفيه فلا تجبه فخير من إجابته السكوتُ

إذا جاوبته فرجت عنه و إذا خليته كمداً يموتُ

 

فهل يمتثل المسلمون ذلك الوصف؟

فكم رأينا من مسلم غضوب، وكم رأينا من ينتقم لنفسه، وينتصر لها، بل وقد يقع بعضهم في عرض آخر، وقد يغتابه، محتجًا بأنه ينتقده ، وقد يستبيح بعضهم سباب آخرين لمجرد مخالفته في أسلوب عمل..

 

& ..............&

 

من أراد أن يكون من عباد الرحمن فليدع هذه المعارك التي يفتعلها الشيطان ليزرع بها العداوة والبغضاء بين المسلمين .

 

نسأل الله أن يرزُقنا الحِلم والعِلم والتواضُع وسِعَة الصَّدر

 

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

ما شاء الله

رائع ~

جزاك الله خيرا : )

اللهم اجعلنا من المتواضعين ولا تجعلنا من المتكبرين

 

نسأل الله أن يرزُقنا الحِلم والعِلم والتواضُع وسِعَة الصَّدر

 

 

آميـــــــــــــــــــــــــــن

 

متابعة ~ واصلى ~

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

ثالث صفات عباد الرحمن

 

& ..............&

 

&.. قيام الليل .. &

 

{وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا}

الفرقان 64

 

لا زلنا نعيش مع عباد الرحمن

وقد حدثنا الله عن حالهم في أنفسهم أنهم { يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا}،

وأما حالهم مع الناس فهو حال من لا يشغل نفسه بالسفهاء ولا يخاطب الجاهلين إلا سلاما

{وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا}

 

وهو هنا يحدثنا عن حالهم مع ربهم وتتجلى حالهم هذه في جنح الليل ، فإذا أرخى الليل سدوله وغارت نجومه ، وأوى الناس إلى فرشهم كان لهم حال مع الله :

{وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا}

إنهم في ليلهم بين سجود وقيام ، وصفوا بالسجود حيث يضعون جباههم على الأرض لله تبارك وتعالى فهم بين:

سجود يتضرعون فيه لله ويسألونه الرحمة

وقيام يتدبرون فيه كلام الله وقد وصف الله أمثال هؤلاء فقال :

{أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} الزمر:9.

أي: هل يستوي من هذه صفته مع من نام ليله وضيّع نفسه، غير عالم بوعد ربه ولا بوعيده؟!

وأشار - سبحانه وتعالى- في قوله: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ } إلى إخلاصهم فيه ابتغاء وجهه الكريم.

وكما قال - تعالى-: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}

الذاريات:17، 18

 

قال الحسن: كابدوا الليل، ومدّوا الصلاة إلى السحر، ثم جلسوا في الدعاء والاستكانة والاستغفار.

أي قل نومهم فصار أغلب الليل قيام وفي آخره استغفار بالأسحار دفعهم حبهم لله أن يصفوا أقدامهم لله قائمين راكعين ساجدين يناجونه قائلين :

سهر العيون لغير وجهك باطل وبكاؤهن لغير فقدك ضائع

 

وقال تعالى {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا}

السجدة:16

قال مجاهد والحسن: يعني قيام الليل.

وقال ابن كثير في تفسيره: ( يعني بذلك قيام الليل وترك النوم والاضطجاع على الفرش الوطيئة ).

قال يحيى بن معاذ: دواء القلب خمسة أشياء: قراءة القرآن بتفكر، وخلاء البطن، وقيام اللّيل، والتضرع عند السحر، ومجالسة الصالحين .

وقيل للحسن البصري: ما بال المتهجدين باللّيل من أحسن النّاس وجوهاً؟

قال: لأنّهم خلوا بالرحمن فألبسهم من نوره .

وقال سعيد بن المسيب -رحمه الله-: إنّ الرجل ليُصلّي باللّيل، فيجعل الله في وجهه نوراً يحبه عليه كل مسلم، فيراه من لم يره قط، فيقول: إنّي لأحب هذا الرجل .

& .. قيام الليل في السنة :

حث النبي صلى الله عليه وسلم على قيام الليل ورغّب فيه، فقال عليه الصلاة والسلام:

{عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم،ومطردة للداء عن الجسد }

رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني

وقال النبي صلى الله عليه وسلم في شأن عبد الله بن عمر:

{ نعم الرجل عبد الله، لو كان يصلي من الليل }

متفق عليه

قال سالم بن عبد الله بن عمر: فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلاً.

وقال صلى الله عليه وسلم : { في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها }

فقيل: لمن يا رسول الله؟ قال: { لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وبات قائماً والناس نيام }

رواه الطبراني والحاكم وصححه الألباني.

 

وقال صلى الله عليه وسلم : { أتاني جبريل فقال: يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، وأعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس }

رواه الحاكم والبيهقي وحسنه المنذري والألباني.

 

وقال صلى الله عليه وسلم: { من قام بعشر آيات لم يُكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين }

رواه أبو داود وصححه الألباني

والمقنطرون هم الذين لهم قنطار من الأجر.

 

وقال : { أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل }

رواه مسلم.

ضحك الله إلى المتهجدين باللّيل، ففي الحديث : «ثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم، ويستبشر بهم ….. والذي له امرأة حسنة وفراش لين حسن، فيقوم من الليل فيقول: يذر شهوته ويذكرني!! ولو شاء لرقد!!».

وفي الحديث الصحيح: «إذا استيقظ الرجل من اللّيل، وأيقظ أهله وصليا ركعتين، كُتبا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات»

& .. قيام النبي صلى الله عليه وسلم :

أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بقيام الليل في قوله تعالى:

{ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً (2) نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً }

[المزمل: 1-4].

وقال سبحانه: { وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً }

[الإسراء: 79].

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: { كان النبي يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه. فقلت له: لِمَ تصنع هذا يا رسول الله، وقد غُفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبداً شكوراً؟ }

متفق عليه.

وهذا يدل على أن الشكر لا يكون باللسان فحسب، وإنما يكون بالقلب واللسان والجوارح، فقد قام النبي بحق العبودية لله على وجهها الأكمل ، مع ما كان عليه من نشر العقيدة الإسلامية، وتعليم المسلمين، والقيام بحقوق الأهل والذرية.

فكان كما قال ابن رواحة:

وفينا رسول الله يتلو كتابه إذا انشق معروفٌ من الصبح ساطعُ

أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا به موقناتٌ أن ما قال واقع

يبيت يجافي جنبه عن فراشه إذا استثقلت بالمشركين المضاجع

 

وعن حذيفة قال: { صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مُتَرَسلاً، إذا مرّ بآية فيها تسبيح سبّح، وإذا مرّ بسؤال سأل، وإذا مر بتعوّذ تعوذ... الحديث }

رواه مسلم.

وعن عطاء قال : دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة رضي الله عنها فقال عبد الله بن عمير : حدثينا بأعجب شيء رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم !!

فبكت وقالت : قام ليلة من الليالي فقال : يا عائشة ! ذريني أتعبد لربي قالت : قلت : والله إني لأحب قربك وأحب ما يسرك .

قالت : فقام فتطهر ثم قام يصلي فلم يزل يبكي حتى بل حجره ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بل الأرض وجاء بلال يؤذنه بالصلاة فلما رآه يبكي قال : يا رسول الله ! تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ !

قال : أفلا أكون عبدا شكورا ؟ لقد نزلت علي الليلة آيات ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها :

{ إنّ في خَلقِ السَّماواتِ والأرضِ }

صححه الألباني

& .. ثمرات قيام الليل :

من ثمراته: دعوة تُستجاب.. وذنب يُغفر.. ومسألة تُقضى.. وزيادة في الإيمان والتلذذ بالخشوع للرحمن.. وتحصيل للسكينة.. ونيل الطمأنينة.. واكتساب الحسنات.. ورفعة الدرجات.. والظفر بالنضارة والحلاوة والمهابة.. وطرد الأدواء من الجسد.

 

فمن منَّا مستغن عن مغفرة الله وفضله؟!

ومن منَّا لا تضطره الحاجة؟!

ومن منَّا يزهد في تلك الثمرات والفضائل التي ينالها القائم في ظلمات الليل لله؟!

 

& .. وهذه توجيهات نبوية تحض على نيل هذا الخير:

فعن عمرو بن عبسة رضي الله عنه أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممَّن يذكر الله في تلك الليلة فكن" (رواه الترمذي وصححه).

 

وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله، أي الدعاء أسمع؟ قال: "جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات"

رواه الترمذي وحسَّنه.

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له"

رواه البخاري ومسلم.

 

فيا ذا الحاجة ها هو الله جلَّ وعلا ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة.. يقترب منا.. ويعرض علينا رحمته واستجابته.. وعطفه ومودته.. وينادينا نداء حنوناً مشفقاً: هل من مكروب فيفرج عنه..

فأين نحن من هذا العرض السخي !

 

قم أيها المكروب.. في ثلث الليل الأخير.. وقول: لبيك وسعديك.. أنا يا مولاي المكروب وفرجك دوائي.. وأنا المهموم وكشفك سنائي.. وأنا الفقير وعطاؤك غنائي.. وأنا الموجوع وشفاؤك رجائي..

قم.. وأحسن الوضوء.. ثم أقم ركعات خاشعة.. أظهر فيها لله ذلَّك واستكانتك له.. وأطلعه على نية الخير والرجاء في قلبك

 

أتهـــــزأ بالدعــاء وتزدريه

ولا تدري ما صنع الدعاء

سهام الليل لا تخطيء ولكن

لها أمـــد وللأمـــد انقضاء

 

ويا صاحب الذنب :

قد جاءتك فرصة الغفران.. تعرض كل ليلة.. بل هي أمامك كل حين، ولكنها في الثلث الأخير أقرب إلى الظفر والنيل.

فعن أبي موسى بن قيس الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها"

رواه مسلم.

وقد تقدم في الحديث أنَّ الله جلَّ وعلا ينزل في الثلث الأخير من الليل إلى سماء الدنيا فيقول:

"من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له"

رواه البخاري ومسلم.

 

ويد الله سبحانه مبسوطة للمستغفرين بالليل والنهار.. ولكن استغفار الليل يفضل استغفار النهار بفضيلة الوقت وبركة السحر؛ ولذلك مدح الله جلّ وعلا المستغفرين بالليل فقال سبحانه: (وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ).

 

وذلك لأنَّ الاستغفار بالسحر فيه من المشقة ما يكون سبباً لتعظيم الله له.. وفيه من عنت ترك الفراش ولذاذة النوم والنعاس ما يجعله أولى بالاستجابة والقبول.. لا سيما مع مناسبة نزول المولى جلَّ وعلا إلى سماء الدنيا وقربه من المستغفرين..

فلا شكَّ أنَّ لهذا النزول بركة تفيض على دعوات السائلين وتوبة المستغفرين وابتهالات المبتهلين.

 

فيا من أسرف على نفسه بالذنوب.. حتى ضاقت بها نفسه.. وشقّ عليه طلب العفو والغفران؛ لما تراه من نفسه في نفسه من عظيم العيوب.. وكبائر السيئات.. قوم لربك في ركعتين خاشعتين.. فقد عرض عليك بهما الغفران.. فقال لك: "من يستغفرني فأغفر له".

 

قم.. واهمس في سجودك بخضوع وخشوع تقول:

"أستغفرك اللهمَّ وأتوب إليك.. ربَّ اغفر لي وارحمني وأنت خير الراحمين.. لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.. اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرةً من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم".

 

&.. ويا صاحب النعمة :

 

أقبل على ربك بالليل وأديِّ حقّ الشكر له، فإنَّ قيام الليل أنسب أوقات الشكر، وهل الشكر إلا حفظ النعمة وزيادتها؟!

 

تأمَّل في رسول الله صلى الله عليه وسلم، لمَّا قام حتى تفطَّرت قدماه، فقيل له: يا رسول الله، أما غفر الله لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخَّر؟ قال: "أفلا أكون عبداً شكوراً"

(رواه البخاري).

 

ففي هذا الحديث دلالة قوية على أنَّ قيام الليل من أعظم وسائل الشكر على النعم..

 

ومن منَّا لم ينعم الله عليه؟! فنعمه سبحانه .. تظهر علينا في كل صغيرة وكبيرة؛ في رزقنا وعافيتنا وأولادنا وحياتنا بكلّ مفرداتها، وما خفي علينا أكثر وأكثر..

 

ولذلك فإنَّ حق شكرها واجب علينا لزاماً في كل وقت وحين، وأحقّ الناس بالزيادة في النعمة هم أهل الشكر.. وأنسب أوقات الشكر حينما يقترب المنعم وينزل إلى السماء الدنيا.. ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلل قيامه ويقول: "أفلا أكون عبداً شكوراً". أي: أفلا أشكر الله عزَّ وجلَّ.

& ... ما يعين على التهجد وقيام الليل

(1) الأسباب الظاهرة:

1- قلة الطعام وعدم الإكثار منه، ففي الحديث الحسن: «… أقصر من جشائك ؛ فإنّ أكثر النّاس شبعاً في الدنيا أكثرهم جوعاً في الآخرة».

وقال وهب بن منبه: ليس من بني آدم أحب إلى شيطانه من الأكول النوّام ، فمن أكل كثيراً شرب كثيراً فنام كثيراً فخسر كثيراً يوم القيامة .

2- الإقتصاد في الكد نهاراً، فلا يُتعب نفسه بالنّهار في الأعمال التي تعيا بها الجوارح، وتضعف بها الأعصاب، فإنّ ذلك مجلبة للنوم، وعليه بالقصد في هذه الأعمال، وأن يتجنب فضول الكلام، وفضول المخالطة التي تشتت القلب.

3- الإستعانة بالقيلولة نهاراً؛ فإنها سُنة، ففي الحديث الحسن: «قيلوا ؛ فإنّ الشياطين لا تقيل».

ومر الحسن بقوم في السوق فرأى صخبهم ولغطهم فقال: أما يقيل هؤلاء؟ قالوا: لا قال: إنّي لأرى ليلهم ليل سوء .

4- ترك المعاصي، فقد قيدتنا خطايانا، قال رجل للحسن البصري: يا أبا سعيد إنّي أبيت معافى، وأحب قيام اللّيل وأعد طهوري فما بالي لا أقوم؟ فقال: ذنوبك قيدتك .

وقال الثوري: حُرمت قيام اللّيل خمسة أشهر بذنب أذنبته قيل: وما هو؟ قال: رأيت رجلاً يبكي فقلت في نفسي هذا مُراء .

وقال الفضيل بن عياض: إذا لم تقدر على قيام اللّيل وصيام النّهار، فاعلم أنّك محروم مُكبّل، كبّلتك خطيأتك .

وقيل للحسن: عجزنا عن قيام اللّيل قال: قيدتكم خطاياكم، إنّما يؤهل الملوك للخلوة بهم من يصدق في ودادهم ومعاملتهم، فأمّا من كان من أهل مخالفتهم فلا يرضونه لذلك .

5- طيب المطعم وأكل الحلال والابتعاد عن الحرام، فكم من أكلة منعت قيام ليلة، وإنّ العبد ليأكل أكلة فيُحرم قيام سنة؛ لأنّه لم يتجنب أكل الشبهات، وقال سهل بن عبد الله التُستري: من أكل الحلال أطاع الله شاء أم أبى .

وقال إبراهيم بن أدهم: أطب مطعمك ولا عليك أن لا تقوم باللّيل وتصوم النهار .

(2) الأسباب الباطنة المُيسِرة لقيام اللّيل :

1- الإخلاص، فإذا قمت لله فلا يكن في قلبك إلاّ الله وعلى قدر نيتك تنال الرحمة من ربّك.

2- معرفة مدى أُنس السلف وتلذذهم بالتهجد، قال أبو سليمان الداراني: لأهل الطاعة في ليلهم ألذ من أهل اللّهو بلهوهم ، وقال ثابت البُناني: ما شيء أجده في قلبي ألذ عندي من قيام اللّيل .

3- علمك بمدى حرص رسولك صلى الله عليه وسلم على القيام والإجتهاد فيه، فلقد كان صلى الله عليه وسلم يقوم من اللّيل حتى تتورم قدماه وقد غفر الله من ذنبه.

4- النوم على نية القيام للتهجد ليُكتب لك، والنوم على طهارة على الجانب الأيمن والمواظبة على أذكار النوم.

5- سؤال المولى عز وجل ودعاؤه أن يمُن عليك بالقيام (اللّهم اشفني باليسير من النوم وارزقني سهراً في طاعتك).

6- علمك بمدى اجتهاد الصحابة والسلف في قيام اللّيل.

7- علمك أنّ الشيطان يوسوس لك ويحاول منعك من القيام، فكيف تطيعه وهو عدوك ؟!

8- وضع الجنّة والنّار نصب عينيك.

9- الزهد في الدنيا وكثرة ذكر الموت وقصر الأمل وهذا أسلوب نبوي في تربية الصحابة على قيام اللّيل، ففي الحديث كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلث اللّيل قام فقال:

«يا أيّها النّاس اذكروا الله، جاءت الراجفة، من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إنّ سلعة الله غالية، ألا إنّ سلعة الله الجنّة، جاءت الراجفة، تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه».

& ... آداب قيام اللّيل :

1- الإخلاص وترك العجب، فقيام اللّيل عبادة عنوانها وتاجها الإخلاص، فعلى العبد أن يعلم عيوبه وآفاته وتقصيره ويعلم ما يستحقه الله عز وجل من العبودية وأنّها أعجز ما يكون أن يوفّي حق الله، قال مطرف بن عبد الله: لأن أبيت نائماً وأصبح نادماً أحب إليّ من أن أبيت قائماً وأصبح معجباً .

وقيل لمحمد بن واسع: قد نشأ شباب يصومون النّهار ويقومون اللّيل ويجاهدون في سبيل الله قال: بلى، ولكن أفسدهم العجب . فإيّاك والرياء والعجب وتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الرجل تطوعاً حيث لا يراه النّاس تعدل صلاته على أعين النّاس خمساً وعشرين».

2- اتباعك لهدي النبي صلى الله عليه وسلم في القيام بالآتي:

- التسوك لقيام اللّيل.

- غسل اليد قبل غمسهما في إناء الوضوء والوضوء وضوءاً حسناً.

- الحرص على أذكار القيام والإستفتاح والتأسّي برسول الله صلى الله عليه وسلم في كيفية صلاته (فينظر في السماء ويقرأ الآيات التي في آخر آل عمران كما في الصحيحين ويصلّي مثنى مثنى ويستفتح بركعتين خفيفتين ويصلي إحدى عشر ركعة) .

- ترديد الآية وتدبر ما فيها ويتعوذ عند ذكر النّار ويسأل الله الجنّة عند ذكر آيات الجنّة وهكذا.

 

- الفصل بين صلاة اللّيل بالتسبيح بين كل ركعتين لتسكن الجوارح وتزول سآمة النفس للقيام، قال تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ}

[ق:40]،

أي أعقاب الصلاة.

وأخيراً وفقنا الله إلى قيام الليل والإجتهاد فيه

فلنبدأ من الآن والنهاية عند الممات

ولنواظب عليه ولو بعشر آيات في أول الأمر

فخير الأعمال أدومها وإن قل .

تم تعديل بواسطة عروس القرءان
  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

موضوع رائع

ونقل موفق

أسأله سبحانه أن يجعلنا ممن يستحقون صفة عباده

جوزيتي الجنة يا حبيبة..

تم تعديل بواسطة *ميمونة*

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

رابع صفات عباد الرحمن

 

 

& ..............&

 

&.. الاستعاذة بالله من النار.. &

 

{والذينَ يَقولونَ رَبنا اصرِف عنّا عَذابَ جَهنّم إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا)}

الفرقان 65

 

لا زلنا نعيش مع عباد الرحمن، الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه

وقد حدثنا الله عن حالهم في أنفسهم أنهم { يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا}،

وأما حالهم مع الناس فهو حال من لا يشغل نفسه بالسفهاء ولا يخاطب الجاهلين إلا سلاما

{وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا} وعن حالهم مع الله {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا}

 

& ..............&

 

& ... ونتساءل مالذي دفعهم لذلك ؟

إنه الخوف والطمع ، إنه الخوف والرجاء، خوفهم من الله وتذكرهم للآخرة ، أيقنوا أنهم مهما عاشوا في هذه الدنيا فإنهم ميتون وأنهم بعد الموت مبعوثون ،وأنهم بعد البعث محاسبون فإما إلى جنة ،وإما إلى نار .

لهذا وصفهم الله بقوله (والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا)

الفرقان:65

وأي مقام أسوأ ، وأي مستقر أقبح من جهنم التي

(وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون )

التحريم 6

 

& ..............&

 

ولقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن أقل أهل النار عذابا فقال :

(إن أهون أهل النار عذابا رجل في أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل بالقمقم)

والقمقم ما يسخن به الماء من نحاس وغيره.

و (إن أدنى أهل النار عذابا الذي له نعلان من نار يغلي منهما دماغه)

فعباد الرحمن وضعوا جهنم نصب أعينهم وكأنها تريد أن تلفحهم فكان

(رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا )

لأن كل الناس وارد عليها مار بها كما قال تعالى:

(وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا )

مريم 72،71

والمعنى: أن الجميع يردون النار، والورود على الشيء:المرورعليه، فمن الناس من يمر ويدخل النار، ومنهم من يمر فوقها وينجو، نسأل الله العفو والعافية

وكان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم

(ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار )

رواه البخاري عن أنس

وكان صلى الله عليه وسلم يدعو بهذه الدعوات الأربع بعد فراغه من التشهد وقبل أن ينتهي من صلاته

(اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن شر فتنة المسيح الدجال)

رواه مسلم

 

& ..............&

 

& ... قوله تعالى: (إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا)

أي: ملازماً، وهي مأخوذة من الغريم، والغريم هو:الإنسان الذي تستلف منه، وتتدين منه، فالعادة أنه يلازمك ولا يفارقك مطالباً بحقه، فكأن النار -والعياذ بالله-عذابها يلازم أهل النار ملازمةالغريم لصاحبه، حتى ينجي الله عز وجل من يشاء بفضله وبرحمته سبحانه .

فلا بد للمسلم كلما تشوفت نفسه لفعل المعصية ، أو غفلة عن الله ، أو ظلم لعباده أن يذكر النار وشدتها وحرها ففي الحديث

(نار بني آدم التي توقدون جزء من سبعين جزءا من نار جهنم ، قالوا يا رسول الله: إن كانت لكافية (يعني لو كانت كنار الدنيا فهي عذاب موجع مؤلم فكيف وقد تضاعفت ؟ ) قال: فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا )

متفق عليه

ويروى عن داوود عليه السلام(إلهي لا صبر لي على حر شمسك فكيف أصبر على حر نارك ؟ )

وتلقفها بعض الشعراء فقال :

جسمي على الشمس ليس يقوى ولا على أهون الحرارة

فكيف يقوى على جحيم وقودها الناس والحجارة

 

& ..............&

 

 

إن الله تعالى وصف أولي الألباب

يتفكرون في خلق السموات والأرض ويذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم بأنهم يقولون

(رَبنا ما خَلقَت هَذا باطلًا سُبحانَكَ فَقِنا عَذابَ النّار * رَبَنا إنّكَ مِن تُدخِلِ النّارَ فقَد أخزَيتَه ومَا لِلظالِمينَ مِن أنصار)

آل عمران 192،191

(فقَد أخزَيتَه) أهنته وذللته فالنار مع عذابها الحسي ؛

ففيها من العذاب المعنوي الكثير : الخزي والذل والهوان

حينما يقال لهم ( اخسئوا فيها ولا تكلمون )

المؤمنون 108

أي خزي وأي هوان أشد من هذا

 

& ..............&

 

& ... المؤمن بين الخوف والرجاء :

إن على المؤمن أن تكون عبادته بين الخوف والرجاء ، فإذا كثرت الذنوب وتزاحمت المعاصي ،

فعلى الإنسان أن يغلب الخوف على الرجاء ، أن يتذكر ذنوبه ولا ينساها ،أن يحاسب نفسه قبل أن يحاسب ، وأن يزن أعماله قبل أن توزن عليه ، عسى أن يتدارك ما قد فات ، ويرجع إلى الله قبل الممات .

 

& ..............&

 

عن أبي هريرة قال: لما أنزلت هذه الآية " وأنذِر عَشيرَتكَ الأقرَبين "

رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا فاجتمعوا فعم وخص فقال: يا بني كعب بن لؤي أنقذوا أنفسكم من النار يا بني مرة بن كعب أنقذوا أنفسكم من النار يا بني عبد شمس أنقذوا أنفسكم من النار يا بني عبد منافأنقذوا أنفسكم من النار يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار يا فاطمة أنقذي نفسك من النار فإني لا أملك لكم من الله شيئا غير أن لكم رحما سأبلها ببلالها )

رواه مسلم

فكل إنسان عليه أن ينقذ نفسه من النار ، ينقذها بعمل الصالحات واجتناب السيئات ، بأداء الحقوق حق الله، وحق الناس

& ..............&

 

&... ما ينجي من عذاب الله :

1- التوبة: (يا أيُها الذينَ آمَنوا توبوا إلى اللهِ توبَةً نَصوحا )

التحريم:8.

قال ابن كثير: (التوبة النصوح أن تبغض الذنب كما أحببته وتستغفر منه كلما ذكرته)

2- المحاسبة: محاسبة النفس لازمة للنجاة

يقول عمر: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزنوا)

 

فما وجدته من خير فأحمد الله عليه وما وجدته من شر فاستغفر الله عنه

واعزم على أن يكون غدك خير من يومك ويومك خير من أمسك.

3-العمل الصالح : فما ذكر الله الإيمان إلا واتبعه بذكر العمل الصالح الذي يصدقه، والذي يوزن يوم القيامة هي الأعمال:

(فأمّا مَن ثَقُلتَ مَوازينُه فَهُوَ في عيشَةٍ رَّاضِيَة * وأمّا مَن خَفَت مَوازينُه فأمُّهُ هاوِيَة )

القارعة:7-9.

(فَمَن يَعمَل مِثقالَ ذَرَةٍ خَيرًا يَرَه ومَن يَعمَل مِثقالَ ذَرةٍ شَرًا يَرَه )

الزلزلة:7-8.

فيكون لنا في كل باب من أبواب الخير نصيباً كما علمنا النبي صلى الله عليه وسلم

(اتقوا النار ولو بشق تمرة)

4) حفظ الجوارح والحواس عن الحرام:

(إنّ السَّمعَ والبَصرَ والفُؤادَ كُلُ أولئِكَ كانَ عَنهُ مَسئولا )

الإسراء:36.

وحديث

(من يضمن لي ما بين لحييه (عظما الحنك أي اللسان) وما بين رجليه (الفرج كناية عن الزنا) ضمنت له الجنة).

5- سؤال الله الجنة والتعوذ بالله من النار :

لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:ما سأل رجلٌ مسلمٌ الله الجنة ثلاثاً, إلا قالت الجنة: اللهم أدخله الجنة, ولااستجار رجلٌ مسلمٌ الله من النار ثلاثاً إلا قالت النار: اللهم أجره مني"

صححه الألباني

 

 

 

 

17348.png

تم تعديل بواسطة عروس القرءان

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

موضوع رائع

ونقل موفق

أسأله سبحانه أن يجعلنا ممن يستحقون صفة عباده

جوزيتي الجنة يا حبيبة..

 

الحمد لله رب العالمين

اللهـــــــم آميـــــــن على دعواتكِ الغالية، ولكِ بمثلها

وجزاكِ ربي يالجنة ياحبيبة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

خامس صفات عباد الرحمن

 

& ..............&

 

&.. الاعتدال في الإنفاق .. &

 

{ وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً}

الفرقان 67

 

لا زلنا نعيش مع عباد الرحمن، الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه

وقد حدثنا الله عن حالهم في أنفسهم أنهم { يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا}،

وأما حالهم مع الناس فهو حال من لا يشغل نفسه بالسفهاء ولا يخاطب الجاهلين إلا سلاما

{وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا} وعن حالهم مع الله {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا}

وعن خوفهم من عذاب الله ورجائهم في عفوه ورحمته {والذينَ يَقولونَ رَبنا اصرِف عنّا عَذابَ جَهنّم إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا}

ثم وصف حالهم في أموالهم فقال تعالى :

{ وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً}

الفرقان 67

 

& ..............&

 

فليس المفترض في عباد الرحمن أنهم قوم لا مال لهم ، كلا فهم أغنياء بالله وليسوا عالة يسألون غيرهم النفقة عليهم ، وقد وصف الله رواد المساجد بأنهم

(رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ )

النور37

فهم بلغة العصر رجال أعمالهم تجارة وبيع ولكن لا يشغلهم ذلك عن واجبهم نحو ربهم

& ..............&

 

& ... المال مال الله :

والمال في نظر الإسلام نعمة يجب أن تشكر ، وهو أمانة يجب أن تُرعى .

ولهذا بوب الإمام النووي في كتابه (رياض الصالحين ) بابا سماه : باب فضل الغني الشاكر ؛

وهو من أخذ المال من وجهه وصرفه في وجوهه المأمور بها .

والمسلم في ماله مستخلف ، لأن المال مال الله والإنسان أمين عليه ولذلك قال تعالى:

(وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه )

الحديد 7

 

فإذا كان المال مال الله والإنسان مستخلف عليه فيجب عليه أن يراعي تعليمات صاحب المال :

ماذا يريد منه ؟

وماذا يرضيه ؟

وماذا يسخطه ؟

فلله سبحانه تعليمات في المال تتعلق بطرق اكتسابه ، أن يكتسبه من طريق حلال ،

وكذلك تعليمات تتعلق باستثماره وتنميته ، وتعليمات تتعلق بإنفاقه واستهلاكه وتوزيعه .

& ..............&

 

قد يجمع الإنسان المال من حله ، قد يكتسبه من حلال ، لكنه ربما يمنع فيه حقا فيبخل ، أو يسرف فيبعثره ذات اليمين وذات الشمال .

فإما أن تجد غنيا بخيلا يبخل عن أداء كل واجب ، أو غنيا متلافا مضيعا للمال ،

أما عباد الرحمن فإنهم { وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً}

& .. (لَمْ يُسْرِفُوا) الإسراف هو مجاوزة الحد في النفقة على الطعام والشراب واللباس وغيرها من متاع الدنيا . قال الله تعالى:

(وكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)

الأعراف:31.

وانظروا لهذه الصور لنرى حجم الإسراف،والذي وللأسف الشديد صار جزءا من عاداتنا الاجتماعية

وأخطر المنافذ التي نتعلم منها الإسراف والتبذير، هي الإعلانات التلفزيونية التي تفتح

باب الشره والاستهلاك على مصراعيه.

والذين لا هم لهم إلا الشهرة وتحقيق الأرقام القياسية في أكبر (سندوتش في العالم ) أو أكبر وليمة كبسة ، أو أغلى سيارة .........

& .. (وَلَمْ يَقْتُرُوا) التقتير : التضييق في النفقةوهو ضد الإسراف

& .. ( وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً) والقوام بمعنى الاعتدال والحد الوسط

& ..............&

 

& ... الفرق بين الإسراف والتبذير :

وقد جاء في آية أخرى هذا المعنى فقال تعالى في سورة الإسراء :

( وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا * وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا * وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا )

الآيات ( 26 ، 27 ، 28 ، 29 )

الإسراف هو مجاوزة الحد في النفقة كما سبق ،

أما التبذير فهو عدم إحسان التصرف في المال، وصرفه فيما لا ينبغي،من الشهوات والمباحات فيما لا نفع فيه

أما صرف المال إلى وجوه الخير فليس بتبذير ولذلك قيل:

(لا خير في إسراف ، ولا إسراف في خير )

 

فلا يسمي الإنفاق في سبيل الله إسرافا كما فعل أبو بكر وعمر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف وغيرهم من الصحابة الكرام ، ونفقاتهم الكبيرة في سبيل الله .

( إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا )

أي أشبههم في الشر والمعصية والجحود بنعمة الله .

& ..............&

 

(وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا )

 

وإذا أتاك القريب أو المسكين أو ابن السبيل يرجو منك شيئا ولا تملكه وتبتغي رحمة من الله ورزقا يسوقه لك فعدهم وعدا جميلا إذا وسع الله عليك

 

(وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا )

مغلولة من الغل وهو القيد فلا تبخل بالمال وكأن يدك مربوطة إلى عنقك ،وهذا فيه كناية عن البخل ، ولا تبسطها كل البسط ، كناية عن الإسراف كمن ينفق كل ما معه فلا يبقي شيئا .

(فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ) فإنك إذا أسرفت قعدت محسورا أي نادما أو معدما ، وإذا بخلت وقترت قعدت ملوما .

وفي الحديث ( ما عال من اقتصد ) أي ما افتقر من اقتصد

وذلك لأن الذي يقصد ويعتدل في إنفاقه فقلما يفتقر.

& ..............&

 

& ... المسلم لا يبخل :

البعض يحوز المال فيقتر على نفسه وأهله ، المال في يده وهو محروم منه ،

وهذا هو الذي قيل فيه :بشر مال البخيل بحادث أو وارث

إما حادثة تأكل أخضره ويابسه ، وإما وارث يتمتع به من بعده .

ولما جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلم تعجبه هيئته، فسأله ألك مال ؟ قال : نعم قال : أي المال عندك ؟ قال : من كل المال آتاني الله (أي عنده الإبل والبقر والغنم والزروع والثمار ، قال ( فإن الله يحب أن يرى أثر نعمته عليك )

رواه الترمذي وحسنه

وقال تعالى : ( وأما بنعمة ربك فحدث )

الضحى 11

والحديث ليس باللسان فقط ولكن بالحال أيضا .

& ..............&

 

والمسلم يحتسب كل نفقة في أوجه الخير عند الله ففي الحديث (أفضل دينار ينفقه الرجل : دينار ينفقه على عياله ، ودينار ينفقه على فرسه في سبيل الله ، ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله ) رواه مسلم

وقال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص

( وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها ، حتى ما تجعل في فيّ ( فم ) امرأتك )

متفق عليه

 

& ... التوازن

للاستهلاك في الإسلام أولويات لا بد من مراعاتها بحيث يبدأ المسلم بسد حاجات نفسه أولاً، ثم أهله ثم أقربائه ثم المحتاجين،

فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

( ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا" يقول: فبين يديك وعن يمينك وعن شمال )

رواه مسلم عن جابر.

& ..............&

 

و ينبغي للمسلم أن يقوم بتلبية ضروراته أولا، ثم حاجياته، ثم تحسينياته.

 

فالضروري: ما تتوقف عليه حياة الناس كالطعام والشراب.

والحاجيات هي: ما يرفع الحرج ويدفع المشقة عن الناس كالتعليم والمسكن والزواج .

والتحسينيات: ما يؤدي إلى رغد العيش ومتعة الحياة دون إسراف أو ترف أو معصية كسعة المسكن وتوفر وسيلة انتقال له (سيارة ) ووسائل تدفئة للشتاء أو تهوية للصيف ...وهكذا

لكن المشكل أن الكثير منا مبتلى بالتوسع في المباحات والتحسينيات بالسلف والتقسيط ،

والمسلم الفطن لا يشتري إلا ماهو في حاجة له ، إلا إذا كان ما يحتاج إليه من الضروريات أو الحاجيات ، فله أن يقترض لذلك .

ويتحدد الإنفاق بالقدرة المالية للشخص فلا يكلف الله نفسا إلا مَا آتَاهَا ،كما قال تعالى:

)لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا(

الطلاق: 7.

فالمسلم لا ينفق أكثر من طاقته ( يمد رجليه على قدر لحافه ) ويوازن بين دخله ومصروفاته .

& ..............&

 

& ... قصة مسجد (كأني أكلت )

هذا هو اسم جامع صغير في منطقة “فاتح” في اسطنبول والاسم باللغة التركية صانكي يدم” أي “كأنني أكلت” أو “افترض أنني أكلت”!!

ووراء هذا الاسم الغريب قصة غريبة طريفة ، وفيها عبرة كبيرة.

كان يعيش في منطقة فاتحشخص ورع اسمه خير الدين كججي أفندي ،

كان صاحبنا هذا عندما يمشي في السوق ، وتتوق نفسه لشراء فاكهة ، أولحم ، أو حلوى ، يقول في نفسه :صانكي يدم” “كأنني أكلت ثم يضع ثمن تلك الفاكهة أو اللحم أو الحلوى في صندوق له.

ومضت الأشهر والسنوات ، وهو يكف نفسه عن كل لذائذ الأكل ، ويكتفي بما يقيم أوده فقط ، وكانت النقود تزداد في صندوقه شيئا فشيئا ، حتى استطاع بهذا المبلغ الموفور القيام ببناء مسجد صغير في محلته ، ولما كان أهل المحلة يعرفون قصة هذا الشخص الورع الفقير ،وكيف استطاع أن يبني هذا المسجد أطلقوا على الجامع اسم: (جامع صانكي يدم)

& ..............&

 

كم من المال سنجمع للفقراء والمحتاجين

وكم من المشاريع الإسلامية سنشيد فيمجتمعنا وفي العالم

وكم من فقير سنسد جوعه وحاجته

وكم من القصور سنشيد في منازلنا في الجنة إن شاء الله

وكم من الحرام والشبهات سنتجنب لوأننا اتبعنا منهج ذلك الفقير الورع

وقلنا كلما دعتنا أنفسنا لشهوة زائدةعلى حاجتنا: (كانني أكلت)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

أختى الحبيـــبة / ......

 

موضووع في قمة الروووعه والجمال

هنيئا للمنتدى لأحتوائه على عضوة مـزجت بين رقي الأسلوب في الطرح وروعــة الكلمات في الردود ...يستحق أحلى تقييم ...

811294.gif

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الحمد لله رب العالمين

جزاكِ الله خيرًا يا حبيبة على كلامكِ الطيب .. أسعدتي قلبي به .. أسعد الله قلبك

وأرجو أن أكون عند حُسن ظنكنّ بي جميعًا

لاحرمني الله منكنّ

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

سادس صفات عباد الرحمن

& ..............&

 

&.. التوحيد .. &

 

{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً}

الفرقان 68

& ..............&

لا زلنا نعيش مع عباد الرحمن، الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه

وقد حدثنا الله عن حالهم في أنفسهم أنهم { يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا}،

وأما حالهم مع الناس فهو حال من لا يشغل نفسه بالسفهاء ولا يخاطب الجاهلين إلا سلاما

{وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا} وعن حالهم مع الله {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا}

وعن خوفهم من عذاب الله ورجائهم في عفوه ورحمته {والذينَ يَقولونَ رَبنا اصرِف عنّا عَذابَ جَهنّم إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا} ثم وصف حالهم في أموالهم فقال تعالى :{ وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً}

& ..............&

وهكذا ذكرهم الله بتلك الصفات الإيجابية ، ولكن الدين أمر ونهي ، فإذا كان حالهم مع أوامر الله تعالى وتوجيهات الدين ، فما هو حالهم مع ما نهى الله تعالى عنه ؟

هذا ما ذكرته هذه الآية الكريمة التي نقف عند الفقرة الأولى منها اليوم {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً}

الفرقان 68

& ..............&

 

& ... (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ )

 

فالموحدون طهرت قلوبهم وخلصت بالتوحيد لله ، فلا يشركون بالله غيره ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون

أما المشركون فلا يتورعون عن هتك الأعراض وسفح الشهوات .

فعباد الرحمن لا يعبدون إلا الله ولا يقدسون غير الله ، فهم يفردونه وحده بالعبادة والاستعانة فهموا سر قوله تعالى (إيَّاكَ نَعبُد وإيَّاكَ نَستَعين )

وقول النبي صلى الله عليه وسلم

( إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله )

وتلك هي عقيدة التوحيد التي هي لب عقائد الإسلام، الإيمان بإله واحد فوق هذا الكون، له الخلق والأمر، وإليه المصير، هو رب كل شيء، ومدبر كل أمر، هو وحده الجدير أن يعبد ولا يجحد، وأن يشكر ولا يكفر، وأن يطاع ولا يعصى،

( ذَلِكُم اللهُ رَبُكُم، لا إلهَ إلا هُو، خالِقُ كُلِ شِيءٍ فاعبُده وهُوَ على كُلِ شِيءٍ وَكيل)

الأنعام102

& ..............&

 

ومن روائع الإسلام أنه سن للأب المسلم أن يستقبل مولوده بالأذان الشرعي ، يؤذن به في أذنه اليمنى ، لتكون كلمة التوحيد أول ما يطرق سمعه من أصوات الناس .

فإذا عاش في الدنيا ما قدر له ، ثم حضرته الوفاة ، كان على أولياءه وأقاربه أن يلقنوه كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) .

وبهذا يكون أول ما يستقبل به المسلم نور الحياة هو كلمة التوحيد ، وآخر ما يودع به الحياة هو كلمة التوحيد ، وما بين مهد الطفولة وفراش الموت ليس له مهمة غير إقامة التوحيد والدعوة إلى التوحيد .

 

& ..............&

 

& ... الشرك في الجزيرة العربية قبل الإسلام:

لقد جاء الإسلام والشرك بالله ضارب أطنابه في كل أنحاء العالم، ولم يكن يعبد الله وحده إلا أفراد قلائل من الحنفاء في جزيرة العرب ممن يتعبدون على ما بقى سالماً من ملة إبراهيم ، أو بقايا من أهل الكتاب، سلموا من تأثير التحريفات الوثنية التي أفسدت الأديان الكتابية.

وحسبنا أن نعلم أن أمة كالعرب في جاهليتها غرقت في الوثنية إلى أذقانها ، حتى إن الكعبة التي بناها محطم الأصنام لعبادة الله وحده (إبراهيم الخليل ) بات في جوفها وحولها ثلاثمائة وستون صنماً، وحتى غدا في كل دار من دور مكة صنم يعبده أهلها .

بل روى الإمام البخاري عن أبي رجاء العطاردي قال: ( كنا نعبد الحجر، فإذا وجدنا حجراً هو خير منه ألقيناه وأخذنا الحجر الآخر فإذا لم نجد حجراً جمعنا حثوة من تراب، ثم جئنا بالشاة، فحلبنا عليه، ثم طفنا به) !

 

وأكثر من ذلك أنهم كانوا يتخذون إلهاً من ( العجوة )، وكثيراً ما كان يصطحبه أحدهم في سفره، فإذا فني زاده وغلبه الجوع لم يجد بداً من أن يأكله !

وفي بلد كالهند بلغت الوثنية أوجها في القرن السادس لميلاد المسيح، حتى قدر عدد الآلهة حينئذ ب330 مليوناً .

 

& ..............&

 

& .. التوحيد هو حق الله على العباد

ومما يؤكد هذا المعنى أن الرسول صلى الله عليه وسلم بين أن التوحيد هو حق الله على عباده الذي لا يجوز التفريط فيه ، ولا الغفلة عنه ..

روى الشيخان البخاري ومسلم عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال :

( كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار ، فقال لي : ( يا معاذ ، أتدري ما حق الله على العباد ؟ وما حق العباد على الله ؟) قلت : الله ورسوله أعلم . قال : ( حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً ، وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئاً ) ، قلت : يا رسول الله ، أفلا أبشر الناس ؟ . قال : ( لا تبشرهم فيتكلوا ) .

 

التوحيد المأمور به : إنه توحيد اعتقادي علمي ، وتوحيد عملي سلوكي.

 

وقد جرى كثير من المصنفين قديماً وحديثاً

على تسمية النوع الأول من التوحيد (توحيد الربوبية)

وعلى تسمية النوع الثاني( توحيد الإلوهية).

 

فما معنى توحيد الربوبية ؟

فما معنى توحيد الألوهية ؟

& ..............&

 

& .. أولاً: توحيد الربوبية

معناه اعتقاد أنه تعالى رب السموات والأرض وخالق من فيهما وما فيهما ، ومالك الأمر في هذا العالم كله لا شريك له في ملكه ، ولا معقب عليه في حكمه، فهو وحده رب كل شئ ، ورازق كل حي ، ومدبر كل أمر ، وهو وحده الخافض الرافع ، المعطي المانع ، الضار النافع ، المعز المذل ، وكل من سواه وما سواه لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعاً ولا ضراً ، إلا بإذن الله ومشيئته

وهذا القسم لم يجحده إلا الماديون الملحدون الذين ينكرون وجود الله تعالى ، كالدهريين قديماً والشيوعيين في عصرنا .

أما معظم المشركين كالعرب في الجاهلية فكانوا يعترفون بهذا النوع من التوحيد ولا ينكرونه ، كما حكى عنهم القرآن :

(ولَئِن سَألتَهُم مَّن خَلقَ السَّمواتِ والأرضَ وسَخَرَ الشَّمسَ والقَمَر ليَقولُن الله)

العنكبوت 61

 

فهذه أجوبة المشركين ، تدل على أنهم يقرون بربوبية الله تعالى للكون وتدبيره لأمره ، وكان مقتضى إيمانهم بربوبيته تعالى للكون أن يعبدوه وحده ولا يشركوا بعبادة ربهم أحداً ، ولكنهم أنكروا القسم الآخر من التوحيد ، وهو توحيد الإلوهية .

 

& ..............&

 

& .. ثانيًا: توحيد الألوهية

ومعنى توحيد الإلوهية ، إفراد الله تعالى بالعبادة والخضوع والطاعة المطلقة ، فلا يعبد إلا الله وحده ، ولا يشرك به شئ في الأرض أو السماء .

ولا يتحقق التوحيد ما لم ينضم توحيد الإلهية إلى توحيد الربوبية . فإن هذا وحده لا يكفي ، فالعرب المشركون كانوا يقرون به ، ومع هذا لم يدخلهم ذلك في الإسلام لأنهم أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً ، واتخذوا مع الله آلهة أخرى ، زعموا أنها تقربهم إلى الله زُلفى ، أو تشفع لهم عند الله .

 

& ..............&

 

& .. ولكن ما معنى (العبادة )التي هي من حق الله وحده ؟

 

& .. معنى العبادة :

العبادة كلمة تتضمن معنيين امتزج أحدهما بالآخر ، فصاروا شيئاً واحداً . وهما نهاية الخضوع مع نهاية الحب .

فالخضوع الكامل الممتزج بالحب الكامل هو معنى العبادة .

فأما حب بلا خضوع ، أو خضوع بلا حب ، فلا يحقق معنى العبادة .. وكذلك بعض الخضوع مع بعض الحب لا يحقق العبادة ، بل لا بد من كل الخضوع مع كل الحب .

وعرفها ابن تيمية بأنها

(اسم جامع لكلّ ما يُحبّه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة.)

& ..............&

 

& .. صور العبادة وأنواعها :

والعبادة ليست مقصورة على صورة واحدة ، كما يخيل لكثير من الناس ، بل لها أنواع وصور عديدة منها :

 

1- الدعاء:أى الاتجاه إلى الله تعالى بطلب نفع أودفع ضر ، أو رفع بلاء أو نصر على عدو ، أو نحو ذلك .

فهذا الاتجاه بالسؤال المنبعث من القلب لله تعالى هو مخ العبادة وروحها كما في الحديث

( الدعاء هو العبادة. )

رواه الترمذي.

 

2- ومنها : إقامة الشعائر الدينية ، مثل الصلاة والصيام والصدقة والحج والنذر والذبح وما شابه ذلك . فلا يجوز أن توجه هذه الشعائر إلا لله .

 

3- الانقياد والإذعان الديني لما شرع الله من أحكام ، أحل بها الحلال وحرم الحرام ، وحد الحدود ، ونظم شئون الحياة ، فلا يجوز لمن آمن بالله رباً أن يأخذ عن البشر النظم والأحكام والقيم والقوانين ، يخضع لها ويحكمها في حياته بغير سلطان من الله فهذا ضرب من العبادة .

& ..............&

 

& .. التوحيد رسالة الأمة الإسلامية إلى الأمم:

والتوحيد كما هو رسالة في الحياة ، هو أيضاً رسالة الأمة المسلمة إلى العالم كله ، وإلى الأمم جميعاً .

ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يختم دعوته إلى كسرى وقيصر وغيرهما من ملوك الأرض وأمرائها، بهذه الآية الكريمة :

( يآ أهلَ الكِتابِ تَعالَوا إلى كَلِمَةٍ سوآءٍ بَينَنا وبَينَكُم ألا نَعبُدَ إلا اللهَ ولا نُشرِكَ بِهِ شَيئًا ولا يَتخِذَ بَعضنا بَعضًا أربابًا مِن دونِ الله فإن تَولَوا فقولوا اشهَدوا بَأنّا مُسلمون)

آل عمران64.

 

وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم ومن تبعهم بإحسان يعرفون هذه الرسالة وواجبهم نحوها ، وحين سأل رستم قائد الفرس ربعي بن عامر في حرب القادسية : من أنتم ؟ وما مهمتكم ؟ أجابه بقوله : ( نحن قوم بعثنا الله لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام )

 

& ..............&

 

& ... التوحيد مصدر الأمان النفسي :

التوحيد يربي المسلم على ألا يخاف إلا الله ، ولا يرجو إلا الله ، المشرك يخاف من كل شيء ، ويخاف على كل شيء ، والمؤمن الذي وحد الله لا يخاف من شيء ، لأنه يحيا في الدنيا مطمئنا على رزقه ، فلا يخاف من الغد ، حتى الموت لا يخاف منه لأنه يعلم أن بعد الموت حياة أخرى يلقى فيها ربه.

فالإسلام بنى حقيقة التوحيد على الصلة بالله تبارك وتعالى فيما ينوب ويروع واليأس من الناس فيما لا يملكون فيه على الله بتا، ولا يقدمون نفعا ولا ضرا :

(أَمْ مَنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (20) أَمْ مَنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (21))

 

الملك21،20

ومن هنا كان التوحيد مصدر الأمان النفسي قال تعالى حكاية عن إبراهيم لقومه

(وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ )

الأنعام 81 ، 82

 

& ..............&

 

 

والظلم هنا هو الشرك، كما جاء في الصحيحين من حديث ابن مسعود، أن النبي قال في هذه الآية حينما استعظم الصحابة هذه الآية وقالوا: يا رسول أينا لم يلبس إيمانه بظلم؟

فقال: « ليس الذي تذهبون إليه، الظلم الشرك، ألم تسمعوا لقول العبد الصالح

( إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ )

لقمان:13

قال ابن كثير في الآية: أي: هؤلاء الذين اخلصوا العبادة لله وحده، ولم يشركوا به شيئاً هم الآمنون يوم القيامة،لمهتدون في الدنيا والآخرة.

وقال عن المشركين

(سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ)

آل عمران 151

& ..............&

 

& .. التوحيد مصدر عزة المسلم :

فالموحد يؤمن بإله قادر قوي عزيز لا يغفل ولا يقهر ولا يذل

قال تعالى : (مَن كانَ يُريدُ العِزَةَ فَللهِ العِزَةُ جَميعا)

إن العزة كلها لله، فمن كان يريد العزة فليذهب إلى المصدر الأول، ليطلبها عند الله ، ولا يذهب يطلب قمامة الناس وفضلاتهم، وهم مثله محاويج ضعاف!

فالموحد لا يحني رأسه لمخلوق متجبر، ولا لقوة من قوى الأرض جيمعاً... فالعزة لله جميعاً.

قال بعض السلف (إن الناس يطلبون العزة في أبواب الملوك ولا يجدونها إلا في طاعة الله)

 

& ..............&

 

 

& ... التذلل والانكسارلله عزة :

فتذلل العباد لربهم هي ذلة لمن له الخلق والأمر والغنى والملك ، وكل العباد رهن مشيئته وطوع أمره ، فالعزة الحقيقية ألاَّ تكون مغلوباً ولا مقهوراً لعبد مثلك ، فمهما بلغ الإنسانُ في الدنيا من القوة والجبروت لا بُدَّ أنْ يُغلب، ولا بُدَّ أنْ يقهره الموت، فإنْ كنتَ مغرماً بعزة لا تزول، فهي في جنب الله.

قال بعض السلف ( من أراد عزا بلا سلطان وكثرة بلا عشيرة وغنى بلا مال فلينتقل من ذل المعصية إلى عز الطاعة)

ولنتأمل هذا الذي يعبد فأرا ويذل نفسه له

وذاك الذي يعبد بقرة أو ثعبانا أو حجرا بل وصل الأمر في الهند إلى عبادة فرج المرأة ، بل وأنواع شتى من الحشرات

الشرك أذل الإنسان وانحط به وصدق الله العظيم إذ يقول

( وَمَن يُشرِك باللهِ فكأنّما خَر مِنَ السَّمآء فتَخطَفهُ الطَيرُ أو تَهوى بِهِ الريحُ في مِكانٍ سَحيق )

الحج 31

فجاء الإسلام ليحررنا من العبودية لغير الله تبارك وتعالى

فالحمد لله على نعمة التوحيد لله

 

نسأل الله أن يديمها علينا وأن يميتنا عليها وأن يحشرنا في زمرة أهلها ...آمين

تم تعديل بواسطة عروس القرءان

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

سابع صفات عباد الرحمن

& ..............&

 

&.. اجتناب القتل .. &

 

{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً}

الفرقان 68

& ..............&

لا زلنا نعيش مع عباد الرحمن، الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه

وقد حدثنا الله عن حالهم في أنفسهم أنهم { يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا}،

وأما حالهم مع الناس فهو حال من لا يشغل نفسه بالسفهاء ولا يخاطب الجاهلين إلا سلاما

{وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا} وعن حالهم مع الله {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا}

وعن خوفهم من عذاب الله ورجائهم في عفوه ورحمته {والذينَ يَقولونَ رَبنا اصرِف عنّا عَذابَ جَهنّم إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا} ثم وصف حالهم في أموالهم فقال تعالى :{ وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً}

 

& ..............&

ومع هذه الطائفة الراضية المرضية الذين ذكرهم الله لنا في كتابه نموذجا يحتذى ويقتدى به ووقفنا في أوصافهم عند قوله تعالى :

( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا )

الفرقان:68

 

& ..............&

 

فهم لا يدعون إلا الله وحده وبهذا حافظوا على الهدف الأول من رسالات الله إلى خلقه ، وهو العقيدة ، ولكن الشرائع الإلهية لم تأت لحفظ الدين والعقيدة فحسب ، إنما جاءت لحفظ الدماء والأنفس وحفظ الإعراض والحرمات والأنساب والعقول والأموال.

فمن هنا قرن الله هذه الصفة بصفة أخرى فقال : (وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ)

والقرآن قرن القتل بالشرك لبشاعة هذه الجريمة وفظاعتها

الشرك اعتداء على الدين ، والقتل اعتداء على الحياة ، والحياة وديعة أودعها الله تعالى لصاحبها ، فكيف يجنى القاتل على حياة غيره، وهذه الحرمة متعلقة بكل مسلم ، وكذلك من عاهد المسلمين بعقد ذمة أو هدنة أو أمان ، بل كل من سالم المسلمين فلا يجوز قتله كما قال تعالى

(فإن اعتَزَلوكُم فَلم يُقاتُلوكُم وألَقَوا إليَكُمُ السَّلَمَ فمَا جَعلَ اللهُ لكُم عَليهِم سَبيلا )

النساء 90

 

& ..............&

 

ولقد بلغ من تحريم الإسلام هذه الجريمة النكراء: أن الله تعالى جعل قتل النفس الواحدة تعدل جريمة قتل الناس جميعا، وذلك لأن حق الحياة ثابت لكل نفس فقتل واحدة من هذه النفوس يعتبر تعديا على الحياة البشرية كلها، كما قال عز وجل:

(مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا)

المائدة/32

 

 

ومن اجترأ على قتل مسلم فقد عصى الله ورسوله، وارتكب كبيرة من كبائر الذنوب، مما يجر عليه الوبال والوعيد الشديد، قال عز وجل :

(وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)

النساء/93

 

& ..............&

 

وحينما بعث النبي صلى الله عليه وسلم، كان القتل فاشيا في أهل الجاهلية، يزهقون الأرواح عدوانا وظلما، وتثور بينهم الحروب الطاحنة التي يروح ضحيتها الكثير من النفوس البريئة عند أتفه الأسباب، فعمل صلى الله عليه وسلم على القضاء على ذلك، وأكد ما جاء في كتاب الله من النهي عن القتل و العدوان على النفس المعصومة

 

مُنَدِدًا صلى الله عليه وسلم غاية التنديد بمن يرتكب ذلك، مُبيِّنًا ما توعد الله به مَن أقدَمَ على إزهاق روح معصوم الدم بغير حق من شديد العقاب وسوء الحال والمآل، فقال صلى الله عليه وسلم: (لزوال الدنيا أهون على الله من قتلرجل مسلم)

رواه النسائي

 

& ..............&

 

فإذا علمنا أن قتل المؤمن أعظم من زوال الدنيا علمنا خطورة وفظاعة القتل العمد بما لا يمكن للغة البشر أن تصفه وقد جمعه من أوتي جوامع الكلم في هذا اللفظ الوجيز

ولحرمة هذه الدماء عند الله جل وعلا وأنها ليست رخيصة يسفكها من شاء في أي وقت شاء بل هي عظيمة عند الله جل وعلا قال النبي صلى الله عليه وسلم:

(لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار)

رواه الترمذي عن أبي هريرة

ولقد بلغ من تحذيره صلى الله عليه وسلم عن قتل النفس، أن الإعانة على ذلك ولو بأدنى إعانة مشاركة للقاتل في الجريمة تستوجب لصاحبها المقت والطرد من رحمة الله ورضوانه

 

فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:

«من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة، لقي الله عز وجل مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله»

رواه ابن ماجة بسند ضعيف

 

& ..............&

 

ولذا فإن أول ما يُقضى فيه يوم القيامة هو الدماء كما في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أولُ ما يقضى فيه بين الناس يوم القيامة في الدماء )

رواه البخاري

ولا منافاة بين هذا وبين قوله ( أول ما يحاسب به العبدُ الصلاة )

رواه أبو داود

فهذا حق بينه وبين الله والدماء حق العباد .

وقد ورد عند النسائي وأبي داود من حديث ابن مسعود بلفظ

( أول ما يحاسب به العبد الصلاة وأول ما يقضى بين الناس الدماء )

صححه الألباني

& ... (وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ)

(إِلَّا بِالْحَقِّ ) إذن متى يجوز قتل النفس بحق ؟

 

& ..............&

 

حدد النبي صلى الله عليه وسلم حالات ثلاث فقال :

( لا يحلُ دمُ امرئ مسلمٍ إلا بإحدى ثلاث النفسُ بالنفسُ ، والثيب الزاني ، التارك لدينه المفارقُ للجماعة )

رواه البخاري ومسلم

فأما الحالة الأولى : فهي القصاص العادل من القاتل فوقوع القصاص عليه يضمن الحياة للمجتمع كله .

كما قال تعالى : { وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }

البقرة 179

نعم .. حياةٌ بردع هؤلاء الذين يفكرون مجرد تفكير في الاعتداء على الناس .

وحياةٌ بكفَّ أهل المقتول عن الثأر قد لا يقف عند القاتل بل يتعداه إلى أهله ممن لا ذنب لهم ولا جريرة .

وحياةٌ يأمن فيها كل فرد على نفسه لأنه يعلم يقيناً أن هناك قصاصاً عادلاً ينتظر كل من يتعدى حدود الله .

أما الحالة الثانية : التي يجوز فيها القتلُ وبالرجم فهي للثيب الزاني الذي رزقه اللهُ الحلال الطيب فراح يرتعُ في مستنقع الرذيلة العفن .

والحالة الثالثة : التي يجوز فيها القتلُ تكون لمن ترك دينه وخرج على الجماعة وانضم إلى جماعة أخرى مخالفة يعطيها ولاؤه، ويعادي جماعته الأصلية ،فهذا أشبه بما يسمى في عصرنا (خيانة الأمة والوطن ) ولا يعاقب بذلك من ارتد في نفسه ولم يجاهر بردته فهذا حسابه على الله .

ولا بد أن يستتاب المرتد ويناقش وتزال عنه الشبهة التي دفعته للردة وذلك من خلال العلماء .

هذه هي الحالات الثلاث التي تبيح قتل المسلم على يد ولي الأمر أو من

ينوب عنه .

أما فيما عدا هذه الحالات فإنه لا يجوز أبداً قتل النفس

& ..............&

 

& ... حكم من قتل نفسه فمات منتحراً :

ولم ينتف هذا الوعيد الرهيب في حق من قتل نفسه منتحراً والعياذ بالله بل هو خالد في النار

لما ورد في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

(من تردى من جبل (أي ألقى بنفسه) فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالداً مخلداً فيها أبداً ، ومن تحسى سماً فقتل نفسه فسمه في يده يتحساهُ في نار جهنم خالداً فيها أبداً ، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً )

رواه البخاري

يتوجأ : من الوجأ وهو الطعن بالسكين ونحوه

 

& ..............&

 

& ... حكم إجهاض الجنين المشوه:

الحكم الشرعي للجنين المشوه يتلخص في أمرين :

الأول : علاج هذه التشوهات فإذا أمكن علاج الجنين وهو في بطن أمه - إذا تحقق الأطباء من وجود هذه التشوهات - فإن هذا هو الواجب.

الثاني : الإجهاض : وهل يصار إليه أو لا يصار إليه إذا لم يتمكن الأطباء من علاج هذه التشوهات ؟

حكمه :

هذه التشوهات يقسمها الفقهاء في الوقت الحاضر إلى نوعين:

 

النوع الأول: التشوهات التي تصل قبل نفخ الروح.

يعني : يكتشف أن هذا الجنين قد حصلت له عيوب خلقية قبل نفخ الروح.

فهذا أكثر المعاصرين يجوزون إجهاض الجنين في هذه المرحلة لقاعدة : ارتكاب أخف الضررين، فالإجهاض ضرر وخروجه معيباً عيباً خلقياً ضرر عليه وعلى والديه.

النوع الثاني: اكتشاف العيوب والتشوهات الخلقية بعد نفخ الروح.

فهذا لا يجوز إجهاضه؛ لما ورد من الأدلة على حرمة قتل النفس لأنه بعد نفخ الروح أصبح نفساً معصومة لا يجوز الإقدام على قتلها وانتهاك حرمتها .

لكن أكثر المعاصرين من العلماء يجوّزون إجهاض الجنين بعد نفخ الروح إذا كان في بقائه ضرر محقق على أمه، وعلى هذا إذا كان الجنين مشوها خلقيا ومريضا ومرضه سيؤدي إلى تضرر الأم - هلاك محقق- فيجوز الإجهاض.

أما إذا كان الضرر ظنيا فلا يجوز الإجهاض حينئذ لأنه قتل للنفس التي حرم الله إلا بالحق .

* تنبيه :

نلاحظ أن بعض الأطباء يفترضون الأسوأ لإبراء ذمتهم من أي تبعات قانونية وقد رأيت ذلك في العديد من الحالات قالوا بموتها أو بتشوهها وهؤلاء الأطفال أحياء يرزقون إلى الآن وولدوا أصحاء معافين ، فعلى الزوجين استشارة أكثر من طبيب ومراجعة أكثر من مستشفى في هذا الأمر ،ولله الأمر من قبل ومن بعد .

 

& ..............&

 

& ... حكم القتل الخطأ :

وقد بينه الله جل وعلا في سورة النساء بقوله :

{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً }

النساء:92

فالحالة الأولى : أن يقع القتل على مؤمن أهله مؤمنون في دار الإسلام .

وفي هذه الحالة يجب تحرير رقبة مؤمنة وديةٌ تسلمُ إلى أهل القتيل

فأما تحرير الرقبة المؤمنة فهو تعويض للمجتمع المسلم عن قتل نفس بعتق نفس مؤمنة أخرى

وأما الدية فتسكين لثائرة نفوس أهل القتيل وشراء لخواطرهم بعد ما فجعوا في قتيلهم وتعويض لهم عن بعض ما فقدوه إلا أن يتصدَّقوا ويتنازلوا عن هذا الحق تسامحاً وتعاطفاً .

الحالة الثانية : أن يقع القتل على مؤمن وأهله محاربون للإسلام في دار الحرب .

وفي هذه الحالة يجب تحرير رقبة مؤمنة لتعويض النفس المؤمنة التي قتلت لكن لا يجوز دفع الدية لقوم القتيل المحاربين حتى لا يستعينوا بها على قتال المسلمين ، إذا لا مكان ولا مجال هنا لاسترضاء أهل القتيل لأنهم محاربون وأعداء للإسلام والمسلمين .

أما الحالة الثالثة : فهي أن يقع القتل على مؤمن أو على غير مؤمن قومه معاهدون أي لهم عهد هدنة أو عهد ذمة .

وفي هذه الحالة يجب أن تدفع الدية إلى أهله المعاهدين ولو لم يكن القتيل مؤمناً لأن عهدهم مع المؤمنين يجعل دماءهم مصونة كدماء المسلمين ويجب أيضاً على القاتل أن يعتق رقبة مؤمنة ،

وفي عصرنا الحاضر لا يوجد عبيد فعليه أن يصوم شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا .

هذه هي أحكام القتل الخطأ .

 

& ..............&

 

& ... وأخيراً : هل للقاتل المتعمد توبة ؟

اختلف العلماء في هذه المسألة :

روى البخاري عن سعيد بن جبير قال : اختلف أهل الكوفة فَرَحَلْتُ فيها إلى ابن عباس فسألته عنها فقال هذه الآية { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً ....... } هي آخر ما ترك وما نسخها شيء .

وذهب أهل السنة وما عليه المحققون من علماء السلف أن القاتل المتعمد إن تاب تاب الله عليه لأن الأخذ بظاهر آية النساء ومن يقتل مؤمنا متعمداً ليس بأولى من الأخذ بظاهر قوله تعالى:

{وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ }

الشورى : 25

ثم إن الجمع بين آية النساء وآية الفرقان ممكن فلا نسخ ولا تعارض وذلك بحمل الحكم المطلق في آية النساء على الحكم المقيد في آية الفرقان لا سيما وقد اتفقا في الحكم والسبب فيكون معناه :

{وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً }

النساء:93

{إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً }

الفرقان : 70

 

& ..............&

 

وأما الأحاديث التي تذكر هذا أيضاً فهي كثيرة منها

ما رواه البخاري ومسلم عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً ، ولا تزنوا ، ولا تسرقوا ، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ، فمن وفَىَّ منكم فأجره على الله ، ومن أصاب شيئاً من ذلك فعوقب به فهو كفارة له ، ومن أصاب من ذلك شيئاً فستره الله عليه ، فأمره إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه )

رواه البخاري

وكذلك حديث أبي سعيد الخدري في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( كان فيمن قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفساً ، فسأل عن أعلم أهل الأرض ؟ فدٌل على راهب ، فأتاه ، فقال : إنه قتل تسعة وتسعين نفساً ، فهل له من توبة ؟ فقال : لا ، فقتله ، فكمل به مائة ، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض ؟ فدُل على رجل عالم ، فقال : إنه قتل مائة نفس ، فهل له من توبة ؟ فقال : نعم ، ومن يحول بينه وبين التوبة ؟ انطلق إلى أرض كذا وكذا ، فإن بها أناساً يعبدون الله فاعبد الله معهم ، ولا ترجع إلى أرضك ، فإنها أرض سوء ، فانطلق حتى إذا نصَفَ الطريق ، أتاه الموت ، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ، فقالت ملائكة الرحمة : جاء تائباً ، مقبلا إلى الله ، وقالت ملائكة العذاب : إنه لم يعمل خيراً قط ، فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم ، فقال : قيسوا مابين الأرض التي أراد فقبضته ملائكة الرحمة )

رواه البخاري

 

& ..............&

 

فالخلاصة:

أن من قتل مؤمناً متعمداً فتاب تاب الله عليه

أما إن لم يتب وأصر على الذنب حتى وافى ربه على ما هو عليه من شؤم المعصية

 

{فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً }

النساء:93

تم تعديل بواسطة عروس القرءان

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

موضوع قيِّم ورائع

جزاكِ الله خيراً أختي الحبيبة

وجعله في ميزان حسناتك إن شاء الله،

 

نسأل الله أن يجعلنا من عباده الطائعين له

المنيبين إليه ، الذين يعبدونه حق عبادته.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

وجزاكنّ الله خيرًا مثلُه يا حبيبات

واللهم آمين على دعواتكِ الغالية محبة الحبيبة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

  • محتوي مشابه

    • بواسطة مُقصرة دومًا
      الهداية والثبات عليها والفرح بها جنة الدنيا التي من دخلها دخل جنة الآخرة .



      تكون الهداية ومعها إرشاد الله عبده لطريق الفلاح فإذا انقاد وثبت وفرح القلب بهداية الله رزقه الله المزيد وثبته ووضعه على طريق التوفيق؛ والذي لم ينقد ولم يفرح قلبه بالهداية بل ثقلت عليه ثم أضاع الفرصة تلو الأخرى وباع دبنه بدنياه فلا يلومن إلا نفسه.



      {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ} [التوبة:115ـ 116]



      قال السعدي في تفسيره: يعني أن اللّه تعالى إذا منَّ على قوم بالهداية، وأمرهم بسلوك الصراط المستقيم، فإنه تعالى يتمم عليهم إحسانه، ويبين لهم جميع ما يحتاجون إليه، وتدعو إليه ضرورتهم، فلا يتركهم ضالين، جاهلين بأمور دينهم، ففي هذا دليل على كمال رحمته، وأن شريعته وافية بجميع ما يحتاجه العباد، في أصول الدين وفروعه.



      ويحتمل أن المراد بذلك {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} فإذا بين لهم ما يتقون فلم ينقادوا له، عاقبهم بالإضلال جزاء لهم على ردهم الحق المبين، والأول أولى.



      {إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} فلكمال علمه وعمومه علمكم ما لم تكونوا تعلمون، وبين لكم ما به تنتفعون.



      {إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ} أي: هو المالك لذلك، المدبر لعباده بالإحياء والإماتة وأنواع التدابير الإلهية، فإذا كان لا يخل بتدبيره القدري فكيف يخل بتدبيره الديني المتعلق بإلهيته، ويترك عباده سدى مهملين، أو يدعهم ضالين جاهلين، وهو أعظم توليه لعباده؟".



      فلهذا قال: {وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ} أي: ولي يتولاكم بجلب المنافع لكم، أو {نَصِيرٍ} يدفع عنكم المضار.


       
       



    • بواسطة امانى يسرى محمد
      (فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (31))سورة ص "المراد بالخير الخيل"



      الحِجاب الشَّمس ؛ أيْ فاتَتْهُ صلاة العَصْر، قال تعالى:



      (رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ (32)&



      هكذا فعل سيدنا سليمان حين شغلته الخيل عن ذكر ربه قام بذبحها قاصدا أن يمحو كل ما ينسيه ذكر الله حتى لو كانت خيرا !



      يقول الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ )



      رغم أنه حق عليك أن تعطي وقتا لتجارتك و لذريتك و لتعمير الأرض لكن ينهى الله سبحانه وتعالى عباده مناديا إياهم بوصف الإيمان، ينهاهم أن تشغلهم الأموال والأولاد عن ذكر الله من صلاة و تلاوة قرآن و تسبيح و إستحضار لعظمته و قدرته جل وعلى، حتى لا يكونوا من الخاسرين النادمين.



      فماذا إن كان ما يشغلك عن ذكر الله لا هو بخير ولا هو في أمر مالك أو أهلك؟ كيف إن كان عملا لا يقربك من الله سبحانه وتعالى شبرا واحدا؟



      فالتقرب إلى الله بترك المحرمات أولا ثم ترك فضول المباحات زيادة في الورع وتقوى الله .



      إبتعد عن كل ما يلهيك عن ذكر الله وكل مسببات الغفلة محتسبا الأجر مخلصا له وحده سبحانه.. و كما أبدل الله سيدنا سليمان بريح يصرفها كيف يشاء ..سيبدلك الله بخير مما تركت لأجله جل وعلا!


       

      امسح كل ما يعيقك عن الله، ولو كان من أحب الأشياء إليك" ردوها عليّ فطفق مسحًا بالسوق والأعناق " / مها العنزي


       




    • بواسطة امانى يسرى محمد
      قال الإمام أحمد بن حنبل حدثنا الأسود بن عامر شاذان، حدثنا أبو بكر - هو ابن عياش - عن عاصم -هو ابن أبي النجود - عن أبي وائل، عن عبد الله -هو ابن مسعود رضي الله عنه - قال خَطَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خطًا بيده، ثم قال "هذا سَبِيل الله مستقيما". وخط على يمينه وشماله، ثم قال "هذه السُّبُل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه". ثم قرأ ( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ).


       
       

      ( هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً) جاء الصراط مفرداً، ونستنبط من قوله تعالى :(وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ)السبل جاءت جمع، فماذا نستنبط من أن كلمة صراطي مستقيماً جاءت مفردةً، وأن السبل جاءت جمعاً، نستنبط أن الباطل يتعدد، وأن الحق لا يتعدد، الحق واحد.



      يعني من نقطتين لا تستطيع أن ترسم إلا خطاً مستقيماً واحداً، لو رسمت خطاً آخر يأتي فوق الأول، خطاً ثالث يأتي فوق الثاني، فبين نقطتين ليس في إمكانك أن ترسم إلا خطاً واحداً.



      لذلك الحق لا يتعدد، لو أننا على حق لاجتمعنا، لو أن فلان وفلان وفلان أو أن الجماعة الفلانيه والجماعة الفلانيه والجماعة الفلانيه والفئة الفلانيه، والفئة الفلانيه، لو أنهم على حق لاجتمعوا، فإذا تفرقوا منهم من هم على باطل، لأن الحق لا يتعدد.


       
       

      (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً ) لذلك ربنا عز وجل قال(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً)(سورة آل عمران: 103 ) ما الذي يجمعنا، كلكم يعلم ويرى ويسمع، رغم الماضي واحد، والمستقبل الواحد والآلام الواحدة، والآمال الواحدة، واللغة الواحدة، و، و، ويقتتلون.



      ما الذي يجمع إذاً ؟ أن نكون جميعاً على حق، فإذا كان بعضنا على حق وبعضنا على باطل لا نجتمع.(وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ)(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً)إذاً الذي يجمعنا حقيقةً، يجمعنا قلباً وقالباً، هو أن نلتزم الحق جميعاً، فالحق يجمع، كيف أن خيط السبحة يجمع حباتها المتناثرة ؟ هذا الخيط يجمع، لولا هذا الخيط لما اجتمعت هذه الحبات.(وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ) ومعنى مستقيم، بمعنى الآخر، الخط المستقيم أقصر خط بين نقطتين، المنحني أطول، المنكسر أطول المتعرج أطول، المستقيم لا يتعدد، والمستقيم أقصر خط إلى الله عز وجل.(وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ) هذا يذكرنا بأن الله سبحانه وتعالى، وحد كلمة النور وجمع كلمة الظلمات،(اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ)(سورة البقرة: 257 )الباطل متعدد، إذاً ظلمات فوقها فوق بعض، الحق واحد، إلى النور، النور مفرد والصراط المستقيم مفرد.


       
       

      (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ)



      سبيل الله هو الوحيد إلى الجنة، فإذا اتبعت سبيلاً آخراً باطلاً، صرفك عن طريق الحق إلى طريق الباطل، وطريق الباطل إلى جهنم.(ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)



      ثم يقول الله عز وجل: في الآية الواحدة والستين بعد المائة.



      (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)


       

      لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي


منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×