اذهبي الى المحتوى
amifiamifi

بصمتي "لا للغيبة بعد اليوم"

المشاركات التي تم ترشيحها

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

بصمتي "لا للغيبة بعد اليوم"

 

 

 

 

 

 

 

من أهم ما يميز المجتمع الإسلامي أنه مجتمع مودة وتراحم، وتكافل وتلاحم، يقوم على أسس التعامل المشترك والتقدير المشاع بين أفراده، لا مكان فيه للأثرة الممقوتة، ولا للأنانية المقبوحة، قلوب أفراده مفعمة بالحب لإخوانهم، وألسنتهم تلهج بذكر محاسنهم وفضائلهم، حذرة من الوقوع في أعرضهم، والنيل من كرامتهم، كما وصفهم الله عز وجل بقوله:
sQoos.gif
أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ
eQoos.gif
[الفتح:29]، وقوله:
sQoos.gif
أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ
eQoos.gif
[المائدة:54].

 

لقد أحاط الإسلام المجتمع المسلم بسياج منيع من داخله يحول دون تصدع بنيانه، وتزعزع أركانه، فأقام الحصانات الكافية، الحائلة دون معاول الهدم والتخريب أن تتسلل إليه، وطالب القرآن والسنة المسلمين أن يرعوا حق الإيمان والأخوة، وأن يصلحوا ذات بينهم، وأن يحفظوا ألسنتهم من الوقوع في أعراض المؤمنين.

 

 

 

 

عباد الله! هناك مرض عضال، وداء خطير منتشر بين الناس، قل أن تسلم منه المجالس، ويندر أن ينفك منه مجتمع من المجتمعات، بل إنه يضرب أطنابه في كثير من مجالسنا إلا من رحم الله، ومع عظيم خطره على الإيمان والأخلاق، وكبير أثره على الأفراد والأسر والمجتمعات، نجد أن كثيراً من الناس رجالاً ونساء واقعين فيه، إنه داء الغيبة، ويا لها من خصلة ذميمة، تنمو عن ضعف الإيمان وحرارة اللسان، صاحبها يمثل ضعف الخلق وقلة الوازع.

 

الغيبة مصيبة على المجتمع، تفعل في القلوب والأرواح أفعالاً عجيبة، تؤثر على الأسر والمجتمعات آثاراً خطيرة، وتفعل بها فعل النار في الهشيم، تفرق بين الإخوة، وتباعد بين الأحبة، وتفسد العلاقات بين الزملاء، وتعكر المودة بين الأصدقاء، كم فرقت بين المرء وزوجه، وبين الابن وأبيه، وبين الأخ وأخيه، كم مزقت من أسر، وكم أذكت من أحقاد وأورثت من ضغائن، وأوغرت من صدور.

 

 

 

لقد جاء القرآن والسنة بتحريم الغيبة تحريماً قاطعاً، بل نقل
رحمه الله تعالى الإجماع على أن الغيبة من الكبائر، قورنت بالقتل والربا والزنا وسائر الكبائر، قال
رحمه الله تعالى: الغيبة هي الداء العضال، والسم الذي في الألسن أحلى من الزلال، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (
)، فقرنها النبي صلى الله عليه وسلم بقتل النفس وسرقة المال وغصبه.

 

قال
رحمه الله: والله للغيبة أسرع في دين المؤمن من الأكلة في جسده، وقال الله عز وجل:
sQoos.gif
وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ
eQoos.gif
[الحجرات:12].

فتأمل رحمك الله هذا الأسلوب البليغ في النهي المقرون بالمثال الذي يزيد الأمر شدة وتغليظاً، والعمل قبيحاً،
sQoos.gif
أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ
eQoos.gif
، فإن أكل لحم الإنسان من أعظم ما يستقذر به النفس ولو كان كافراً، فكيف إذا كان أخاً في الدين؟ فإن الكراهة أعظم، بل فكيف إذا كان ميتاً وجيفة! فسبحان الله! سبحان الله! ما أعظم خطر الغيبة! ويا سبحان الله! ما أكثر تساهل الناس بها اليوم حتى لكأنها مائدة مجامعهم! فإنا لله وإنا إليه راجعون.

فسر النبي صلى الله عليه وسلم الغيبة بقوله في حديث
رضي الله عنه: (
)، رواه
، فكل ما يكرهه المسلم في خلقه أو خلقه أو في علمه أو في مركبه، فهذا داخل في الغيبة.

 

 

 

 

الأدلة من السنة على عظم خطر الغيبة

 

روى الإمام
و
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (
).

 

وفي عقوبة المغتابين روى
عن
رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (
)، ولما قالت
رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم: (
)؛ أي: أنتنته وغيرت ريحه.

اسمعوا يا من تقعون في أعراض عباد الله! تخطئة وتجريحاً، إذ من الناس من ينصب نفسه حكماً أو خليقاً في كل وقت، بل في لحظة يخطئ هذا ويسفه ذاك، ويجهل هذا ويضلل ذاك، وهو أهون عليه من شرب الماء،
sqoos.gif
وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ
eqoos.gif
[النور:15].

أين الخوف من الله؟ أين استشعار رقابة الله؟ أين رعاية حرمة حقوق عباد الله؟ مع الأسف لقد تحولت كثير من المجالس والمنتديات ومكالمات الهواتف إلى أسواق تروج فيها أعراض المسلمين، وتقدم لحومهم في أطباق من ذهب، ويتندر بأفعالهم وتصرفاتهم فاكهة في المجالس هي للنار والعياذ بالله.

 

 

تحذير السلف من الغيبة

 

قال
رحمه الله تعالى: ومن العجب أن الإنسان يهول عليه الاحتراز عن كثير من المحرمات، ويحرم عليه التحفظ من حركة لسانه حتى ترى الرجل يشار إليه بالدين والزهد والعبادة، وهو يتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يزل بالواحدة منها أبعد ما بين المشرق والمغرب.

 

وقال
رحمه الله: إذا رأيت الرجل يشتغل بعيوب غيره ويترك عيوب نفسه فاعلم أنه قد مكر به.

وقال بعض السلف: إذا أراد الله بعبد خيراً فتح له باب العمل وأغلق عنه باب الجدل، لقد أدب رسول الله صلى الله عليه وسلم صحابته الأدب الرفيع، حيث قال: (
)، رواه
.

أين هذا من حال المفتونين بتتبع الزلات وتعقب الهفوات، يمتطون صهوة سوء الظن بإخوانهم، ورب كلمة تموت في حينها ولا تبارك مكانها، ورب كلمة صارت شرارة تعقبها نار ملتهبة تقضي على الأخضر واليابس.

ومنهج السلف رحمهم الله التناصح المحبوب لا التفاضح المذموم، قال
رضي الله عنه: عليكم بذكر الله فإنه شفاء، وإياكم وذكر الناس فإنه داء.

وقال بعض السلف: الغيبة أشد من الزنا، قيل: وكيف؟ قال: الرجل يزني ثم يتوب فيتوب الله عليه، وصاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه.

وقال
رحمه الله تعالى: ذكر لنا أن عذاب القبر ثلاثة أثلاث: ثلث من الغيبة، وثلث من البول، وثلث من النميمة.

واغتاب رجل آخر عند بعض السلف فنهره، فقال: يا هذا! إياك والولوغ ولوغ الكلاب.

 

 

 

 

عظم غيبة العلماء والأمراء

 

 

عباد الله! من أشد الغيبة خطراً وأعظمها ضرراً الوقوع في أعراض من له منصب ديني أو دنيوي، فالعلماء وأهل الدعوة والإصلاح لحومهم مسمومة، وغيبتهم مذمومة، ومن ابتلي بالوقوع فيهم والسلب لهم ابتلاه الله قبل موته بموت القلب والعياذ بالله كما قال ذلك الحافظ
رحمه الله تعالى.

 

 

الغيبة عند النساء

 

على المرأة المسلمة أن تجتنب الغيبة، وأن تحذر من ذلك أشد الحذر، فإن الغيبة في مجالس النساء كثيرة، في فلان وفلانة، وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم أكثر أهل النار من النساء كما في الصحيحين من حديث
رضي الله تعالى عنهما.

 

فاتقوا الله عباد الله! ولا تجعلوا للمرتابين عندكم رواجات، واحذروا تشديقهم في فلان وغيره إلا بعد التبين والتثبت،
sQoos.gif
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ
eQoos.gif
[الحجرات:6]، احفظوا أعراض إخوانكم، احملوهم وإن خالفوكم على المحامل الحسنة، واحذروا أن يوقع الشيطان بينكم فإنه يئس أن يعبده المصلون، فعمل على التحريش بينهم، ولا يفسد ذات بينكم الأدعياء والجهلة والسفهاء.

 

كونوا عباد الله يداً واحدة في الخير والصلاح،
sQoos.gif
فاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ
eQoos.gif
[الأنفال:1].

 

 

 

أسباب الغيبة

 

إذا بحثنا عن الأسباب والبواعث لهذا المرض الخطير، وجدناها لا تعدو: ضعف الإيمان وقلة الوازع وعدم الخوف من الله، إضافة إلى التشفي والغيظ والانسياق وراء رغبات النفس الأمارة بالسوء، والعمل على وضعها فوق منزلتها، والحط من أقدار الآخرين، فالذي يغتاب الناس يقول بلسان حاله: أنا الكامل والناس مخطئون، وأنا المحق والناس مبطلون، وكفى بذلك ضعة ودناءة، أضف إلى ذلك تمكن الحسد والشحناء والضغائن، والاسترسال مع الآخرين مجاملة دون حسيب ولا رقيب.

 

 

علاج الغيبة

 

 

والعلاج لهذا المرض الخطير التوبة إلى الله؛ بالكف عن هذا الذنب العظيم، وكثرة الاستغفار ومجانبة مجالس الغيبة، والبعد عن أهل السوء والباطل، والدعاء لمن اغتبته، وذكره بالخير والتحلل منه إن أمكن ذلك، فإن كان إخباره سيولد ضغينة وحقداً، فعليك أن تكثر من الدعاء له، وأن تذكره بالخير، وأن تبدي محاسنه في المكان الذي اغتبته فيه.

وأيضاً: علينا أن نحافظ على كفارة المجلس وختامة بالاستغفار، وأطر النفس على الحق، وطلب المعاذير للمسلمين والبعد عن الشائعات والظنون السيئة، وتذكر الموت والدار الآخرة.

يروى أن
رحمه الله كان إذا اغتاب عنده أحد قال: يا هذا! اذكر الكفن والقطن والحنوط إذا وضع عليك، ويا لفوز وسعادة من اغتابهم الناس؛ لاستفادتهم من حسناتهم.

يروى أنه لما بلغ
رحمه الله أن رجلاً اغتابه أرسل إليه طبقاً من رطب، وقال: بلغني أنك أهديت إلي حسناتك؛ أي: بغيبتك لي، فأردت أن أكافئك عليها، فاعذرني فإني لا أقدر على مكافأتك على التمام.

اتقوا الله عباد الله! وتوبوا إلى ربكم من جميع الذنوب والمعاصي تسعدوا وتفلحوا في دنياكم وأخراكم، رزقنا الله التوبة النصوح والأوبة الصادقة بمنه وكرمه.

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وارض اللهم عن صحابته أجمعين، وأخص منهم الأئمة المهديين، والخلفاء الراشدين:
و
و
و
، وعن بقية العشرة المبشرين، وعن بقية صحابة نبيك أجمعين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، اللهم عليك بأعداء الدين، اللهم عليك باليهود الظالمين، والنصارى الحاقدين، اللهم شتت شملهم، وفرق جمعهم، وجعل اللهم الدائرة عليهم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم انصر المسلمين عليهم، اللهم وحد كلمة المسلمين، وألف بين قلوبهم، وأصلح ذات بينهم، اللهم احقن دماءهم، واحفظ أموالهم وأعراضهم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم فرج كرب المكروبين، ونفس عسرة المعسرين، واقض الدين عن المدينين، اللهم اشف مرضى المسلمين، اللهم اجعل ما أصابهم كفارة لسيئاتهم ورفعة لدرجاتهم، اللهم ارحم موتى المسلمين، اللهم اغفر لهم وارحمهم، وعافهم واعف عنهم، واخصص من ذلك الأقربين من الوالدين والإخوة والأخوات والأعمام والعمات يا أرحم الراحمين، ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً، حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله إنا إلى الله راغبون، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×