اذهبي الى المحتوى

المشاركات التي تم ترشيحها

0064.gif

تفسير سورة القلم

تفسير الآيات(1- 4)

 

0060.gif

 

(ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4))

 

0086.gif

شرح الكلمات:

{ن~}: هو أحد الحروف المقطعة يكتب هكذا ن~ ويُقرأ نُون.

{والقلم وما يسطرون}: أي والقلم الذي كتب به الذكر (القدر) والذي يخطون ويكتبون.

{ما أنت بنعمة ربك}: أي لست بما أنعم الله عليك من النبوة وما وهبك من الكمال.

{بمجنون}: أي بذع جنون كما يزعم المشركون.

{غير ممنون}: أي غير مقطوع بل هو دائم أبدا.

 

0086.gif

معنى الآيات:

ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ

يقسم تعالى بالقلم، وهو اسم جنس شامل للأقلام، التي تكتب بها أنواع العلوم، ويسطر بها المنثور والمنظوم.

0060.gif

مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ

وذلك أن القلم وما يسطرون به من أنواع الكلام، من آيات الله العظيمة، التي تستحق أن يقسم الله بها، على براءة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، مما نسبه إليه أعداؤه من الجنون فنفى عنه الجنون بنعمة ربه عليه وإحسانه، حيث من عليه بالعقل الكامل، والرأي الجزل، والكلام الفصل، الذي هو أحسن ما جرت به الأقلام، وسطره الأنام، وهذا هو السعادة في الدنيا، ثم ذكر سعادته في الآخرة، فقال:

{ وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا } .

 

0060.gif

وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ

أي: لأجرا عظيمًا، كما يفيده التنكير، { غير ممنون } أي: غير مقطوع، بل هو دائم مستمر، وذلك لما أسلفه النبي صلى الله عليه وسلم من الأعمال الصالحة، والأخلاق الكاملة.

0060.gif

وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ

{ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ } أي: عاليًا به، مستعليًا بخلقك الذي من الله عليك به، وحاصل خلقه العظيم، ما فسرته به أم المؤمنين، [عائشة -رضي الله عنها-] لمن سألها عنه، فقالت: "كان خلقه القرآن"، وذلك نحو قوله تعالى له: { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ } { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ } [الآية]، { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيُصُ عَلَيْكُم بِالمْؤُمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } وما أشبه ذلك من الآيات الدالات على اتصافه صلى الله عليه وسلم بمكارم الأخلاق، [والآيات] الحاثات على الخلق العظيم فكان له منها أكملها وأجلها، وهو في كل خصلة منها، في الذروة العليا، فكان صلى الله عليه وسلم سهلًا لينا، قريبًا من الناس، مجيبًا لدعوة من دعاه، قاضيًا لحاجة من استقضاه، جابرًا لقلب من سأله، لا يحرمه، ولا يرده خائبًا، وإذا أراد أصحابه منه أمرًا وافقهم عليه، وتابعهم فيه إذا لم يكن فيه محذور، وإن عزم على أمر لم يستبد به دونهم، بل يشاورهم ويؤامرهم، وكان يقبل من محسنهم، ويعفو عن مسيئهم، ولم يكن يعاشر جليسًا له إلا أتم عشرته وأحسنها، فكان لا يعبس في وجهه، ولا يغلظ عليه في مقاله، ولا يطوي عنه بشره، ولا يمسك عليه فلتات لسانه، ولا يؤاخذه بما يصدر منه من جفوة، بل يحسن إلي عشيره غاية الإحسان، ويحتمله غاية الاحتمال صلى الله عليه وسلم.

0086.gif

فى ظلال الآيات:

0060.gif

• يقسم الله - سبحانه - بنون , وبالقلم , وبالكتابة . والعلاقة واضحة بين الحرف "نون" . بوصفه أحد حروف الأبجدية وبين القلم , والكتابة . . فأما القسم بها فهو تعظيم لقيمتها , وتوجيه إليها , في وسط الأمة التي لم تكن تتجه إلى التعلم عن هذا الطريق , وكانت الكتابة فيها متخلفة ونادرة , في الوقت الذي كان دورها المقدر لها فيعلم الله يتطلب نمو هذه المقدرة فيها , وانتشارها بينها , لتقوم بنقل هذه العقيدة وما يقوم عليها من مناهج الحياة إلى أرجاء الأرض . ثم لتنهض بقيادة البشرية قيادة رشيدة . وما من شك أن الكتابة عنصر أساسي في النهوض بهذه المهمة الكبرى .

• ومما يؤكد هذا المفهوم أن يبدأ الوحي بقوله تعالى اقرأ باسم ربك الذي خلق . خلق الإنسان من علق . اقرأ وربك الأكرم . الذي علم بالقلم . علم الإنسان ما لم يعلم). . وأن يكون هذا الخطاب موجها للنبي الأمي - الذي قدر الله أن يكون أميا لحكمة معينة - ولكنه بدأ الوحي إليها منوها بالقراءة والتعليم بالقلم . ثم أكد هذه اللفتة هنا بالقسم بنون , والقلم وما يسطرون . وكان هذا حلقة من المنهج الإلهي لتربية هذه الأمة وإعدادها للقيام بالدور الكوني الضخم الذي قدره لها في علمه المكنون .

•يقسم الله - سبحانه - بنون والقلم وما يسطرون , منوها بقيمة الكتابة معظما لشأنها كما أسلفنا لينفي عن رسوله صلى الله عليه وسلم تلك الفرية التي رماه بها المشركون , مستبعدا لها , ونعمته على رسوله ترفضها .

0060.gif

(ما أنت بنعمة ربك بمجنون). .

• فيثبت في هذه الآية القصيرة وينفي . . يثبت نعمة الله على نبيه , في تعبير يوحي بالقربى والمودة:حين يضيفه سبحانه إلى ذاته ربك). وينفي تلك الصفة المفتراة التي لا تجتمع مع نعمة الله , على عبد نسبه إليه وقربه واصطفاه . .

 

•وإن العجب ليأخذ كل دارس لسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم في قومه , من قولتهم هذه عنه , وهم الذين علموا منه رجاحة العقل حتى حكموه بينهم في رفع الحجر الأسود قبل النبوة بأعوام كثيرة . وهم الذين لقبوه بالأمين , وظلوا يستودعونه أماناتهم حتى يوم هجرته , بعد عدائهم العنيف له , فقد ثبت أن عليا رضى الله عنه تخلف عن رسول الله أياما في مكة , ليرد إليهم ودائعهم التي كانت عنده ; حتى وهم يحادونه ويعادونه ذلك العداء العنيف . وهم الذين لم يعرفوا عليه كذبة واحدة قبل البعثة . فلما سأل هرقل أبا سفيان عنه:هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل نبوته ? قال أبو سفيان - وهو عدوه قبل إسلامه - لا , فقال هرقل:ما كان ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله !.

 

•إن الإنسان ليأخذه العجب أن يبلغ الغيظ بالنَّاس إلى الحد الذي يدفع مشركي قريش إلى أن يقولوا هذه القولة وغيرها عن هذا الإنسان الرفيع الكريم , المشهور بينهم برجاحة العقل وبالخلق القويم . ولكن الحقد يعمي ويصم , والغرض يقذف بالفرية دون تحرج ! وقائلها يعرف قبل كل أحد , أنه كذاب أثيم !

• (ما أنت بنعمة ربك بمجنون). . هكذا في عطف وفي إيناس وفي تكريم , ردا على ذلك الحقد الكافر , وهذا الافتراء الذميم .

0060.gif

(وإن لك لأجرا غير ممنون). .

وإن لك لأجرا دائما موصولا , لا ينقطع ولا ينتهي , أجرا عند ربك الذي أنعم عليك بالنبوة ومقامها الكريم . . وهو إيناس كذلك وتسرية وتعويض فائض غامر عن كل حرمان وعن كل جفوة وعن كل بهتان يرميه به المشركون . وماذا فقد من يقول له ربه وإن لك لأجرا غير ممنون)? في عطف وفي مودة وفي تكريم ?

ثم تجيء الشهادة الكبرى والتكريم العظيم:

0060.gif

(وإنك لعلى خلق عظيم). .

وتتجاوب أرجاء الوجود بهذا الثناء الفريد على النبي الكريم صلى الله عليه وسلم; ويثبت هذا الثناء العلوي في صميم الوجود ! ويعجز كل قلم , ويعجز كل تصور , عن وصف قيمة هذه الكلمة العظيمة من رب الوجود , وهي شهادة من الله , في ميزان الله , لعبد الله , يقول له فيها (وإنك لعلى خلق عظيم). ومدلول الخلق العظيم هو ما هو عند الله مما لا يبلغ إلى إدراك مداه أحد من العالمين !

•ولقد رويت عن عظمة خلقه في السيرة , وعلى لسان أصحابه روايات منوعة كثيرة . وكان واقع سيرته أعظم شهادة من كل ما روي عنه . ولكن هذه الكلمة أعظم بدلالتها من كل شيء آخر . أعظم بصدورها عن العلي الكبير . وأعظم بتلقي محمد لها وهو يعلم من هو العلي الكبير , وبقائه بعدها ثابتا راسخا مطمئنا . لا يتكبر على العباد , ولا ينتفخ , ولا يتعاظم , وهو الذى سمع ما سمع من العلى الكبير !

•والله أعلم حيث يجعل رسالته .إن هذه الرسالة من الكمال والجمال , والعظمة والشمول , والصدق والحق , بحيث لا يحملها إلا الرجل الذي يثني عليه الله هذا الثناء . فتطيق شخصيته كذلك تلقي هذا الثناء . في تماسك وفي توازن , وفي طمأنينة . طمأنينة القلب الكبير الذي يسع حقيقة تلك الرسالة وحقيقة هذا الثناء العظيم . ثم يتلقى - بعد ذلك - عتاب ربه له ومؤاخذته إياه على بعض تصرفاته , بذات التماسك وذات التوازن وذات الطمأنينة . ويعلن هذه كما يعلن تلك , لا يكتم من هذه شيئا ولا تلك . . وهو هو في كلتا الحالتين النبي الكريم . والعبد الطائع . والمبلغ الأمين .

•والناظر في هذه العقيدة , كالناظر في سيرة رسولها , يجد العنصر الأخلاقي بارزا أصيلا فيها , تقوم عليه أصولها التشريعية وأصولها التهذيبية على السواء . . الدعوة الكبرى في هذه العقيدة إلى الطهارة والنظافة والأمانة والصدق والعدل والرحمة والبر وحفظ العهد , ومطابقة القول للفعل , ومطابقتهما معا للنية والضمير ; والنهي عن الجور والظلم والخداع والغش وأكل أموال الناس بالباطل , والاعتداء على الحرمات والأعراض , وإشاعة الفاحشة بأية صورة من الصور . . والتشريعات في هذه العقيدة لحماية هذه الأسس وصيانة العنصر الأخلاقي في الشعور والسلوك , وفي أعماق الضمير وفي واقع المجتمع . وفي العلاقات الفردية والجماعية والدولية على السواء .

• ثم إنها ليست فضائل مفردة:صدق . وأمانة . وعدل . ورحمة . وبر . . . . إنما هي منهج متكامل , تتعاون فيه التربية التهذيبية مع الشرائع التنظيمية ; وتقوم عليه فكرة الحياة كلها واتجاهاتها جميعا , وتنتهي في خاتمة المطاف إلى الله . لا إلى أي اعتبار آخر من اعتبارات هذه الحياة !

•وقد تمثلت هذه الأخلاقيه الإسلامية بكمالها وجمالها وتوازنها واستقامتها واطرادها وثباتها في محمد [ ص ] وتمثلت في ثناء الله العظيم , وقوله وإنك لعلى خلق عظيم)..

0086.gif

من هداية الآيات:

1- تقرير مسألة أن الله تعالى أن يقسم بما شاء من خلقه.

2- بيان فضل القلم الذي يكتب به الهدى والخير.

3- تقرير عقيدة القضاء والقدر إذ كان ذلك بالقلم الذي أول ما خلق الله.

4- بيان كمال الرسول صلى الله عليه وسلم في أدبه وأخلاقه وجعله قدوة في ذلك.

0086.gif

 

جزاكم الله خيراً على طيب المتابعة .. دمتم طيبين .فى رعاية الرحمن

0086.gif

المراجع:

•تفسير القرآن العظيم ابن كثير

• تيسير الكريم الرحمن فى تفسير كلام المنان

السعدى

•في ظلال القرآن الكريم سيد قطب

• أيسر التفاسير لكلام العلي الكبيرالجزائرى.

0009.gif

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

0064.gif

 

تفسير سورةالقلم

(الآيات 5:9)

 

0002.gif

{فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (6) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (7) فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (8) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9)}

 

0086.gif

 

.شرح الكلمات:

{بأيكم المفتون}: أي بأيكم المجنون.

{ودّوا لو تدهن}: أي تمنوا وأحبوا لو تلين لهم بأن لا تذكر آلهتهم بسوء.

{فُيدهنون}: فيلينون لك ولا يغلظون لك في القول.

 

 

0086.gif

 

معنى الآيات:

5،6 (فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ)

فلما أنزله الله في أعلى المنازل من جميع الوجوه، وكان أعداؤه ينسبون إليه أنه مجنون مفتون قال

: { فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ } وقد تبين أنه أهدى الناس، وأكملهم لنفسه ولغيره، وأن أعداءه أضل الناس، [وشر الناس] للناس، وأنهم هم الذين فتنوا عباد الله، وأضلوهم عن سبيله، وكفى بعلم الله بذلك، فإنه هو المحاسب المجازي.

_7 { هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }

وهذا فيه تهديد للضالين، ووعد للمهتدين، وبيان لحكمة الله، حيث كان يهدي من يصلح للهداية، دون غيره. تفسيرالسعدى.

(8 ) فاثبت على ما أنت عليه -أيها الرسول- من مخالفة المكذبين ولا تطعهم.

( 9 ) تمنَّوا وأحبوا لو تلاينهم، وتصانعهم على بعض ما هم عليه، فيلينون لك. التفسير الميسر

 

0086.gif

 

فى ظلال الآيات:

وبعد هذا الثناء الكريم على عبده يطمئنه إلى غده مع المشركين الذي ن رموه بذلك البهت اللئيم ; ويهددهم بافتضاح أمرهم وانكشاف بطلانهم وضلالهم المبين:

(فستبصر ويبصرون . بأيكم المفتون . إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين). .

_ والمفتون الذي يطمئن الله نبيه إلى كشفه وتعيينه هو الضال . أو هو الممتحن الذي يكشف الامتحان عن حقيقته . وكلا المدلولين قريب من قريب . . وهذا الوعد فيه من الطمأنينة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين معه , بقدر ما فيه من التهديد للمناوئين له المفترين عليه . . أيا كان مدلول الجنون الذي رموه به . والأقرب إلى الظن أنهم لم يكونوا يقصدون به ذهاب العقل . فالواقع يكذب هذا القول . إنما كانوا يعنون به مخالطة الجنة له , وإيحاءهم إليه بهذا القول الغريب البديع - كما كانوا يظنون أن لكل شاعر شيطانا هو الذي يمده ببديع القول ! - وهو مدلول بعيد عن حقيقة حال النبي صلى الله عليه وسلم وغريب عن طبيعة ما يوحى إليه من القول الثابت الصادق المستقيم .

_ وهذا الوعد من الله يشير إلى أن الغد سيكشف عن حقيقة النبي وحقيقة مكذبيه . ويثبت أيهم الممتحن بما هو فيه ; أو أيهم الضال فيما يدعيه . ويطمئنه إلى أن ربه (هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين). . وربه هو الذي أوحى إليه , فهو يعلم أنه المهتدي ومن معه . وفي هذا ما يطمئنه وما يقلق أعداءه , وما يبعث في قلوبهم التوجس والقلق لما سيجيء !

_ثم يكشف الله له عن حقيقة حالهم , وحقيقة مشاعرهم , وهم يخاصمونه ويجادلونه في الحق الذي معه , ويرمونه بما يرمونه , وهم مزعزعو العقيدة فيما لديهم من تصورات الجاهلية , التي يتظاهرون بالتصميم عليها . إنهم على استعداد للتخلي عن الكثير منها في مقابل أن يتخلى هو عن بعض ما يدعوهم إليه ! على استعداد أن يدهنوا ويلينوا يحافظوا فقط على ظاهر الأمر لكي يدهن هو لهم ويلين . . فهم ليسوا أصحاب عقيدة يؤمنون بأنها الحق , وإنما هم أصحاب ظواهر يهمهم أن يستروها:

(فلا تطع المكذبين . ودوا لو تدهن فيدهنون). .

_ فهي المساومة إذن , والالتقاء في منتصف الطريق . كما يفعلون في التجارة . وفرق بين الاعتقاد والتجارة كبير ! فصاحب العقيدة لا يتخلى عن شيء منها ; لأن الصغير منها كالكبير . بل ليس في العقيدة صغير وكبير . إنها حقيقة واحدة متكاملة الأجزاء . لا يطيع فيها صاحبها أحدا , ولا يتخلى عن شيء منها أبدا .

وما كان يمكن أن يلتقي الإسلام والجاهلية في منتصف الطريق ولا أن يلتقيا في أي طريق .

 

وذلك حال الإسلام مع الجاهلية في كل زمان ومكان . جاهلية الأمس وجاهلية اليوم , وجاهلية الغد كلها سواء . إن الهوة

_قال ابن إسحق: حدثني يزيد بن زياد , عن محمد بن كعب القرظي , قال:حدثت أن عتبة بن ربيعة وكان سيدا , قال يوما وهو جالس في نادي قريش , ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد وحده:يا معشر قريش . ألا أقوم إلى محمد فأكلمه وأعرض عليه أمورا لعله يقبل بعضها فنعطيه أيها شاء ويكف عنا ؟ وذلك حين أسلم حمزة , ورأوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيدون ويكثرون . فقالوا:

يا أبا الوليد قم إليه فكلمه . فقام إليه عتبة حتى جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:يا بن أخي . إنك منا حيث علمت:من السطة في العشيرة والمكان في النسب , وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم , فرقت به جماعتهم , وسفهت به أحلامهم , وعبت به آلهتهم ودينهم , وكفرت به من مضى من آبائهم . فاسمع مني أعرض عليك أمورا تنظر فيها , لعلك تقبل منها بعضها . قال:فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :" قل يا أبا الوليد أسمع " . . قال:يا بن أخي . إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا . وإن كنت إنَّما تريد به شرفا سودناك علينا حتى لا نقطع أمرا دونك . وإن كنت تريد به ملكا ملكناك علينا , وإن كان هذا الذي يأتيك رئيا تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه , فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه ! - أو كما قال له - حتى إذا فرغ عتبة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع منه قال:

" أقد فرغت يا أبا الوليد ؟ " قال:نعم . قال:" فاستمع مني " . قال:أفعل . فقال: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. حم. تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ. بَشِيراً وَنَذِيراً، فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ. وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها يقرؤها عليه، فلما سمعها منه عتبة أنصت لها، وألقى يديه خلف ظهره معتمدا عليهما، يسمع منه، ثم انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السجدة منها فسجد، ثم قال: قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت، فأنت وذاك. فقام عتبة إلى أصحابه، فقال بعضهم لبعض: نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به. فلما جلس إليهم قالوا: ما وراءك يا أبا الوليد؟

قال ورائي أني سمعت قولا والله ما سمعت مثله قط، والله ما هو بالشعر، ولا بالسحر، ولا بالكهانة، يا معشر قريش أطيعوني واجعلوها بي، وخلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه،

فو الله ليكونن لقوله الذي سمعت منه نبأ عظيم، فإن تصبهالعرب فقد كفيتموه بغيركم، وإن يظهر على العرب فملكه ملككم، وعزه عزكم، وكنتم أسعد الناس به، قالوا:

سحرك والله يا يا أبا الوليد بلسانه، قال: هذا رأيي فيه، فاصنعوا ما بدا لكم

فهذه صورة من صور المساومة . وهي كذلك صورة من صور الخلق العظيم . تبدو في أدبه صلى الله عليه وسلم وهو يستمع إلى عتبة حتى يفرغ من قوله الفارغ الذي لا يستحق الانتباه من مثل محمد صلى الله عليه وسلم في تصوره لقيم هذا الكون , وفي ميزانه للحق ولعرض هذه الأرض . ولكن خلقه يمسك به لا يقاطع ولا يتعجل ولا يغضب ولا يضجر , حتى يفرغ الرجل من مقالته , وهو مقبل عليه . ثم يقول في هدوء:" أقد فرغت يا أبا الوليد ؟ " زيادة في الإملاء والتوكيد . إنها الطمأنينة الصادقة للحق مع الأدب الرفيع في الاستماع والحديث . . وهما معا بعض دلالة الخلق العظيم .

 

0086.gif

 

.من هداية الآيات من أول السورة ..

1- تقرير مسألة أن الله تعالى أن يقسم بما شاء من خلقه.

2- بيان فضل القلم الذي يكتب به الهدى والخير.

3- تقرير عقيدة القضاء والقدر إذ كان ذلك بالقلم الذي أول ما خلق الله.

4- بيان كمال الرسول صلى الله عليه وسلم في أدبه وأخلاقه وجعله قدوة في ذلك.

5_التنديد بأصحاب الصفات التالية كثرة الحلف بالكذب، المهانة، الهمزة النميمة، الغيبة، البخل، الأعتداء، غشيان الذنوب، الغلظة والجفاء، الشهرة بالشر.

 

0086.gif

جزاكم الله خيراً على طيب المتابعة .. دمتم طيبين .فى رعاية الرحمن

0086.gif

المراجع:

تفسير القرآن العظيم ابن كثير

تيسير الكريم الرحمن فى تفسير كلام المنان

السعدى

في ظلال القرآن الكريم سيد قطب

أيسر التفاسير لكلام العلي الكبيرالجزائرى.

0009.gif

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

0064.gif

تفسير سورة القلم

(الآيات10:16)

 

0002.gif

{ وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (13) أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ (14) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (15) سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (16)}

 

0086.gif

شرح الكلمات

{كل حلاف مهين}: أي كثير الحلف بالباطل حقير.

{هماز مشاء بنميم}: أي عياب مغتاب.

{معتد أثيم}: أي على الناس بأذيتهم في أنفسهم وأموالهم أثيم يرتكب الجرائم والآثام.

{عتل بعد ذلك زنيم}: أي غليظ جاف. زنيم دعي في قريش وليس منهم وهو الوليد بن المغيرة.

{قال أساطير الأولين}: أي ما وردته الأولون من قصص وحكايات وليس بوحي قرآني.

{سنسمه على الخرطوم}: أي سنجعل على أنفه علامة يعير بها ما عاش فخطم أنفه بالسيف يوم بدر...

 

0086.gif

معنى الآيات

 

{ وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ}

أي: كثير الحلف، فإنه لا يكون كذلك إلا وهو كذاب، ولا يكون كذابًا إلا وهو { مُهِينٌ } أي: خسيس النفس، ناقص الهمة، ليس له همة في الخير، بل إرادته في شهوات نفسه الخسيسة.

 

0002.gif

هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ

{ هَمَّازٍ } أي: كثير العيب [للناس] والطعن فيهم بالغيبة والاستهزاء، وغير ذلك.

{ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ } أي: يمشي بين الناس بالنميمة، وهي: نقل كلام بعض الناس لبعض، لقصد الإفساد بينهم، وإلقاء العداوة والبغضاء.

 

0002.gif

 

(مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ)

{ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ } الذي يلزمه القيام به من النفقات الواجبة والكفارات والزكوات وغير ذلك، { مُعْتَدٍ } على الخلق في ظلمهم، في الدماء والأموال والأعراض { أَثِيمٍ } أي: كثير الإثم والذنوب المتعلقة في حق الله تعالى

 

 

0002.gif

 

 

(عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ)

{ عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ } أي غليظ شرس الخلق قاس غير منقاد للحق { زَنِيمٍ } أي: دعي، ليس له أصل ولا مادة ينتج منها الخير، بل أخلاقه أقبح الأخلاق، ولا يرجى منه فلاح، له زنمة أي: علامة في الشر، يعرف بها.

وحاصل هذا، أن الله تعالى نهى عن طاعة كل حلاف كذاب، خسيس النفس، سيئ الأخلاق، خصوصًا الأخلاق المتضمنة للإعجاب بالنفس، والتكبر على الحق وعلى الخلق، والاحتقار للناس، كالغيبة والنميمة، والطعن فيهم، وكثرة المعاصي.

0002.gif

 

 

(أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ)

وهذه الآيات - وإن كانت نزلت في بعض المشركين، كالوليد بن المغيرة أو غيره لقوله عنه: { أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ } أي: لأجل كثرة ماله وولده، طغى واستكبر عن الحق، ودفعه حين جاءه، وجعله من جملة أساطير الأولين، التي يمكن صدقها وكذبها- فإنها عامة في كل من اتصف بهذا الوصف، لأن القرآن نزل لهداية الخلق كلهم، ويدخل فيه أول الأمة وآخرهم، وربما نزل بعض الآيات في سبب أو في شخص من الأشخاص، لتتضح به القاعدة العامة، ويعرف به أمثال الجزئيات الداخلة في القضايا العامة.

0002.gif

سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ

ثم توعد تعالى من جرى منه ما وصف الله، بأن الله سيسمه على خرطومه في العذاب، وليعذبه عذابًا ظاهرًا، يكون عليه سمة وعلامة، في أشق الأشياء عليه، وهو وجهه. تفسير السعدى

 

0086.gif

 

فى ظلال الآيات:

قيل:نزلت هذه الآيات فى الوليد بن المغيرة، وكذلك آيات من سورة المدثر:

{ ذرني ومن خلقت وحيداً، وجعلت له مالاً ممدوداً،..الآيات)

ورويت عنه مواقف كثيرة في الكيد لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإنذار أصحابه، والوقوف في وجه الدعوة، والصد عن سبيل الله..

و قيل: نزلت في الأخنس بن شريق.. وكلاهما كان ممن خاصموا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولجوا في حربة والتأليب عليه أمداً طويلاً.

وهذه الحملة القرآنية العنيفة في هذه السورة، والتهديدات القاصمة في السورة الأخرى، وفي سواها، شاهد على شدة دوره سواء كان هو الوليد أو الأخنس والأول أرجح، في حرب الرسول والدعوة، كما هي شاهد على سوء طويته، وفساد نفسه، وخلوها من الخير.

والقرآن يصفه هنا بتسع صفات كلها ذميم..

0 فهو حلاف.. كثير الحلف. ولا يكثر الحلف إلا إنسان غير صادق، يدرك أن الناس يكذبونه ولا يثقون به، فيحلف ويكثر من الحلف ليداري كذبه، ويستجلب ثقة الناس.

0 وهو مهين.. لا يحترم نفسه، ولا يحترم الناس قوله.

_وآية مهانته حاجته إلى الحلف، وعدم ثقته بنفسه وعدم ثقة الناس به. ولو كان ذا مال وذا بنين وذا جاه. فالمهانة صفة نفسية تلصق بالمرء ولو كان سلطاناً طاغية جباراً. والعزة صفة نفسية لا تفارق النفس الكريمة ولو تجردت من كل أعراض الحياة الدنيا!

0 وهو هماز.. يهمز الناس ويعيبهم بالقول والإشارة في حضورهم أو في غيبتهم سواء. وخلق الهمز يكرهه الإسلام أشد الكراهية؛ فهو يخالف المروءة، ويخالف أدب النفس، ويخالف الأدب في معاملة الناس وحفظ كراماتهم صغروا أم كبروا. وقد تكرر ذم هذا الخلق في القرآن في غير موضع؛ فقال:{ ويل لكل همزة لمزة } { يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نسآء من نسآء عسى أن يكن خيراً منهن. ولا تلمزوا أنفسكم. ولا تنابزوا بالألقاب }

وكلها أنواع من الهمز في صورة من الصور..

0 وهو مشاء بنميم. يمشي بين الناس بما يفسد قلوبهم، ويقطع صلاتهم، ويذهب بموداتهم. وهو خلق ذميم كما أنه خلق مهين، لا يتصف به ولا يقدم عليه إنسان يحترم نفسه أو يرجو لنفسه احتراماً عند الآخرين. حتى أولئك الذين يفتحون آذانهم للنمام، ناقل الكلام، المشاء بالسوء بين الأوداء. حتى هؤلاء الذين يفتحون آذانهم له لا يحترمونه في قرارة نفوسهم ولا يودونه.

_ولقد كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ينهى أن ينقل إليه أحد ما يغير قلبه على صاحب من أصحابه. وكان يقول: " لا يبلغني أحد عن أحد من أصحابي شيئاً فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر ".

_وثبت في الصحيحين من حديث مجاهد عن طاووس عن ابن عباس قال: " مر رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ بقبرين، فقال: إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير. أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة ".

_وروى الإمام أحمد ـ بإسناده ـ عن حذيفة قال: " سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: لا يدخل الجنة قتات " أي نمام (ورواه الجماعة إلا ابن ماجه).

_وروى الإمام أحمد كذلك ـ بإسناده ـ عن يزيد بن السكن. أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: " ألا أخبركم بخياركم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: " الذين إذا رؤوا ذكر الله عز وجل " ثم قال: ألا أخبركم بشراركم؟ المشاءون بالنميمة المفسدون بين الأحبة، الباغون للبرآء العيب ".رجاله رجال الصحيح

عن أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

ألا أخبرُكم بخيارِكُم ؟ . قالوا : بلَى يا رسولَ اللهِ ! قال : أطوَلُكم أعمارًا ، وأحسَنُكُم أخلاقًا .صحيح لغيره

______________________________________

 

ولم يكن بد للإسلام أن يشدد في النهي عن هذا الخلق الذميم الوضيع، الذي يفسد القلب، كما يفسد الصحب، ويتدنى بالقائل قبل أن يفسد بين الجماعة، ويأكل قلبه وخلقه قبل أن يأكل سلامة المجتمع، ويفقد الناس الثقة بعضهم ببعض، ويجني على الأبرياء في معظم الأحايين!

0وهو مناع للخير.وهو معتد.. متجاوز للحق والعدل إطلاقاً. ثم هو معتد على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعلى المسلمين وعلى أهله وعشيرته الذين يصدهم عن الهدى ويمنعهم من الدين..والاعتداء صفة ذميمة تنال من عناية القرآن والحديث اهتماماً كبيراً.. وينهى عنها الإسلام في كل صورة من صورها، حتى في الطعام والشراب: { كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه }.. لأن العدل والاعتدال طابع الإسلام الأصيل.

0 وهو أثيم.. يرتكب المعاصي حتى يحق عليه الوصف الثابت. { أثيم }.. بدون تحديد لنوع الآثام التي يرتكبها. فاتجاه التعبير إلى إثبات الصفة، وإلصاقها بالنفس كالطبع المقيم!

0 وهو بعد هذا كله { عتل }.. وهي لفظة تعبر بجرسها وظلها عن مجموعة من الصفات ومجموعة من السمات، لا تبلغها مجموعة ألفاظ وصفات. فقد يقال: إن العتل هو الغليظ الجافي. وإنه الأكول الشروب. وإنه الشره المنوع. وإنه الفظ في طبعه، اللئيم في نفسه، السِّيئ في معاملته.. وعن أبي الدرداء رضي الله عنه: " العتل كل رغيب الجوف، وثيق الخلق، أكول شروب، جموع للمال، منوع له ".. ولكن تبقى كلمة { عتل } بذاتها أدل على كل هذا، وأبلغ تصويراً للشخصية الكريهة من جميع الوجوه.

0 وهو زنيم.. وهذه خاتمة الصفات الذميمة الكريهة المتجمعة في عدو من أعداء الإسلام ـ وما يعادي الإسلام ويصر على عداوته إلا أناس من هذا الطراز الذميم ـ والزنيم من معانيه اللصيق في القوم لا نسب له فيهم، أو أن نسبه فيهم ظنين. ومن معانيه، الذي اشتهر وعرف بين الناس بلؤمه وخبثه وكثرة شروره. والمعنى الثاني هو الأقرب في حالة الوليد بن المغيرة. وإن كان إطلاق اللفظ يدمغه بصفة تدعه مهيناً في القوم، وهو المختال الفخور.

 

__________________________________

 

_ثم يعقب على هذه الصفات الذاتية بموقفه من آيات الله، مع التشنيع بهذا الموقف الذي يجزي به نعمة الله عليه بالمال والبنين:

{ أن كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه آياتنا قال: أساطير الأولين }..

_وما أقبح ما يجزي إنسان نعمة الله عليه بالمال والبنين؛ استهزاء بآياته، وسخرية من رسوله، واعتداء على دينه.. وهذه وحدها تعدل كل ما مر من وصف ذميم.

ومن ثم يجيء التهديد من الجبار القهار، يلمس في نفسه موضع الاختيال والفخر بالمال والبنين؛ كما لمس وصفه من قبل موضع الاختيال بمكانته ونسبه.

_ويسمع وعد الله القاطع:

{ سنسمه على الخرطوم }..

ومن معاني الخرطوم طرف أنف الخنزير البري.. ولعله هو المقصود هنا كناية عن أنفه! والأنف في لغة العرب يكنى به عن العزة فيقال: أنف أشم للعزيز. وأنف في الرغام للذليل.. أي في التراب! ويقال ورم أنفه وحمي أنفه، إذا غضب معتزاً. ومنه الأنفة.. والتهديد بوسمه على الخرطوم يحوي نوعين من الإذلال والتحقير.. الأول الوسم كما

يوسم العبد.. والثاني جعل أنفه خرطوماً كخرطوم الخنزير!

وما من شك أن وقع هذه الآيات على نفس الوليد كان قاصماً. فهو من أمة كانت تعد هجاء شاعر ـ ولو بالباطل ـ مذمة يتوقاها الكريم! فكيف بدمغه بالحق من خالق السماوات والأرض. بهذا الأسلوب الذي لا يبارى. في هذا السجل الذي تتجاوب بكل لفظ من ألفاظه جنبات الوجود. ثم يستقر في كيان الوجود.. في خلود..

إنها القاصمة التي يستأهلها عدو الإسلام وعدو الرسول الكريم صاحب الخلق العظيم.

 

 

0086.gif

من هداية الآيات

1- التنديد بأصحاب الصفات التالية كثرة الحلف بالكذب، المهانة، الهمزة النميمة، الغيبة، البخل، الأعتداء، غشيان الذنوب، الغلظة والجفاء، الشهرة بالشر.

 

2- التحذير من كثرة المال والولد فإنها سبب الطغيان {إن الإنسان ليطغى أن آراه استغنى} 3- التنديد بالمكذبين بآيات الله تعالى جملة أو تفصيلاً. والعياذ بالله تعالى.

جزاكم الله خيراً على طيب المتابعة .. دمتم طيبين اللهم.فى رعاية الرحمن

0086.gif

المراجع

•تفسير القرآن العظيم ابن كثير

• تيسير الكريم الرحمن فى تفسير كلام المنان

السعدى

•في ظلال القرآن الكريم سيد قطب

• أيسر التفاسير لكلام العلي الكبيرالجزائرى.

 

جزاكم الله خيراً على طيب المتابعة .. دمتم طيبين

فى رعاية الرحمن

0086.gif

 

0009.gif

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكِ

جزاكِ الله خيرًا يا حبيبة ونفع الله بكِ

()

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاك الله خيرا أختي

استمتعت بمدارسة السورة والحمد لله

جعله الله في موازين حسناتك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاك الله خيرا أختي

استمتعت بمدارسة السورة والحمد لله

جعله الله في موازين حسناتك

بارك اله فيكِ وأحسن اليكِ ووفقنا الله وايَّاكِ لما يُحب ويرضى

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

0064.gif

تفسير سورة القلم

الآيات (17- (25)

{إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (17) وَلَا يَسْتَثْنُونَ (18) فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (19) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (20) فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ (21) أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ (22) فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (23) أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (24) وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ (25)}

 

0002.gif

شرح الكلمات

{إنا بلوناهم}: أي امتحنا كفار مكة بالمال والولد والجاه والسيادة فلم يشكروا نعم الله عليهم بل كفروا بها تكذيبهم رسولنا وإنكارهم توحيدنا فأصبناهم بالقحط والقتل لعلهم يتوبون كما امتحنا أصحاب الجنة المذكورين في هذا السياق.

{ليصر منها فطاف عليها طائف من ربك}: أي ليجذُنها أي يقطعون ثمارها صباحاً.

{وهو نائمون}: أي نار فأحرقتها.

{فأصبحت كالصريم}: أي كالليل الأسود الشديد الظلمة والسواد.

{إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ}

{على حرثكم}: أي غلة جنتكم وقيل حرث لأنهم عملوا فيها.

{وهم يتخافتون}: أي يتشاورن بأصوات مخفوضة غير رفيعة حتى لا يسمع بهم.

{وغدوا على حرد قادرين}: أي وغدوا صباحا على قصد قادرين على صرمها قبل أن يطلع عليهم المساكين.

0086.gif

معنى الآيات

17 ) ( 18 ) إنا اختبرنا أهل "مكة" بالجوع والقحط، كما اختبرنا أصحاب الحديقة حين حلفوا فيما بينهم، ليقطعُنَّ ثمار حديقتهم مبكِّرين في الصباح، فلا يَطْعَم منها غيرهم من المساكين ونحوهم، ولم يقولوا: إن شاء الله.

( 19 ) ( 20 ) فأنزل الله عليها نارًا أحرقتها ليلا وهم نائمون، فأصبحت محترقة سوداء كالليل المظلم.

( 21 ) ( 22 ) فنادى بعضهم بعضًا وقت الصباح: أن اذهبوا مبكرين إلى زرعكم، إن كنتم مصرِّين على قطع الثمار.

( 23 ) ( 24 ) فاندفعوا مسرعين، وهم يتسارُّون بالحديث فيما بينهم: بأن لا تمكِّنوا اليوم أحدا من المساكين من دخول حديقتكم.

( 25 ) وساروا في أول النهار إلى حديقتهم على قصدهم السيِّئ في منع المساكين من ثمار الحديقة، وهم في غاية القدرة على تنفيذه في زعمهم.

 

0086.gif

 

فى ظلال الآيات

_ وبمناسبة الإشارة إلى المال والبنين , والبطر الذي يبطره المكذبون , يضرب لهم مثلا بقصة يبدو أنها كانت معروفة عندهم , شائعة بينهم , ويذكرهم فيها بعاقبة البطر بالنعمة , ومنع الخير والاعتداء على حقوق الآخرين ; ويشعرهم أن ما بين أيديهم من نعم المال والبنين , إنما هو ابتلاء لهم كما ابتلي أصحاب هذه القصة , وأن له ما بعده , وأنهم غير متروكين لما هم فيه.

وهذه القصة قد تكون متداولة ومعروفة , ولكن السياق القرآني يكشف عما وراء حوادثها من فعل الله وقدرته , ومن ابتلاء وجزاء لبعض عباده . ويكون هذا هو الجديد في سياقها القرآني .

ومن خلال نصوصها وحركاتها نلمح مجموعة من الناس ساذجة بدائية أشبه في تفكيرها وتصورها وحركتها بأهل الريف البسطاء السذج . ولعل هذا المستوى من النماذج البشرية كان أقرب إلى المخاطبين بالقصة , الذين كانوا يعاندون ويجحدون , ول كن نفوسهم ليست شديدة التعقيد , إنما هي أقرب إلى السذاجة والبساطة !

والقصة من ناحية الأداء تمثل إحدى طرق الأداء الفني في القرآن ; وفيه مفاجآت مشوقة كما أن فيه سخرية بالكيد البشري العاجز أمام تدبير الله وكيده . وفيه حيوية في العرض حتى لكأن السامع - أو القارئ - يشهد القصة حية تقع أحداثها أمامه وتتوالى . فلنحاول أن نراها كما هي في سياقها القرآني:

ها نحن أولاء أمام أصحاب الجنة - جنة الدنيا لا جنة الآخرة - وها هم أولاء يبيتون في شأنها أمرا . لقد كان للمساكين حظ من ثمرة هذه الجنة - كما تقول الروايات - على أيام صاحبها الطيب الصالح . ولكن الورثة يريدون أن يستأثروا بثمرها الآن , وأن يحرموا المساكين حظهم . . فلننظر كيف تجري الأحداث إذن !

(إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (17) وَلَا يَسْتَثْنُونَ (18)).

لقد قر رأيهم على أن يقطعوا ثمرها عند الصباح الباكر , دون أن يستثنوا منه شيئا للمساكين . وأقسموا على هذا , وعقدوا النية عليه , وباتوا بهذا الشر فيما اعتزموه . . فلندعهم في غفلتهم أو في كيدهم الذي يبيتوه , ولننظر ماذا يجري من ورائهم في بهمة الليل وهم لا يشعرون . فإن الله ساهر لا ينام كما ينامون , وهو يدبر لهم غير ما يدبرون , جزاء على ما بيتوا من بطر بالنعمة ومنع للخير , وبخل بنصيب المساكين المعلوم . . إن هناك مفاجأة تتم في خفية . وحركة لطيفة كحركة الأشباح في الظلام . والناس نيام:

(فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (19). .

فلندع الجنة وما ألم بها مؤقتا لننظر كيف يصنع المبيتون الماكرون .

_ها هم أولاء يصحون مبكرين كما دبروا , وينادي بعضهم بعضا لينفذوا ما اعتزموا:

( فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ (21) أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ (22).

يذكر بعضهم بعضا ويوصى بعضهم بعضا ويحمس بعضم بعضا !

_ ثم يمضي السياق في السخرية منهم , فيصورهم منطلقين , يتحدثون في خفوت , زيادة في إحكام التدبير , ليحتجنوا الثمر كله لهم , ويحرموا منه المساكين !

(إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين , ولا يستثنون).

لقد قر رأيهم على أن يقطعوا ثمرها عند الصباح الباكر , دون أن يستثنوا منه شيئا للمساكين . وأقسموا على هذا , وعقدوا النية عليه , وباتوا بهذا الشر فيما اعتزموه . . فلندعهم في غفلتهم أو في كيدهم الذي يبيتوه , ولننظر ماذا يجري من ورائهم في بهمة الليل وهم لا يشعرون . فإن الله ساهر لا ينام كما ينامون , وهو يدبر لهم غير ما يدبرون , جزاء على ما بيتوا من بطر بالنعمة ومنع للخير , وبخل بنصيب المساكين المعلوم . . إن هناك مفاجأة تتم في خفية . وحركة لطيفة كحركة الأشباح في الظلام . والناس نيام:

(فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون . فأصبحت كالصريم) . .

فلندع الجنة وما ألم بها مؤقتا لننظر كيف يصنع المبيتون الماكرون .

ها هم أولاء يصحون مبكرين كما دبروا , وينادي بعضهم بعضا لينفذوا ما اعتزموا:

(فتنادوا مصبحين:أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين). .

 

يذكر بعضهم بعضا ويوصى بعضهم بعضا ويحمس بعضم بعضا !

ثم يمضي السياق في السخرية منهم , فيصورهم منطلقين , يتحدثون في خفوت , زيادة في إحكام التدبير , ليحتجنوا الثمر كله لهم , ويحرموا منه المساكين !

فانطلقوا وهم يتخافتون:ألا يدخلنها اليوم عليكم مسكين !!!

وكأنما نحن الذين نسمع القرآن أو نقرؤه نعلم ما لا يعلمه أصحاب الجنة من أمرها . . أجل فقد شهدنا تلك اليد الخفية اللطيفة تمتد إليها في الظلام , فتذهب بثمرها كله . ورأيناها كأنما هي مقطوعة الثمار بعد ذلك الطائف الخفي الرهيب ! فلنمسك أنفاسنا إذن , لنرى كيف يصنع الماكرون المبيتون .

إن السياق ما يزال يسخر من الماكرين المبيتين:

(وغدوا على حرد قادرين)!

أجل إنهم لقادرون على المنع والحرمان . . حرمان أنفسهم على أقل تقدير !!

وها هم أولاء يفاجأون . فلننطلق مع السياق ساخرين . ونحن نشهدهم مفجوئين

 

0086.gif

 

من هداية الآيات

1- الابتلاء يكون بالسراء والضراء أي بالخير والشر وأسعد الناس عند السراء الصابرون على طاعة الله ورسوله عند الضراء.

2- مشروعية التذكير بأحوال المبتلين والمعافين ليتخذ من ذلك طريق إلى الشكر والصبر.

3- صلاح الآباء ينفع أبناء المؤمنين فقد انتفع أصحاب الجنة بصلاح أبيهم الذي كان يتصدق على المساكين من غلة بستانه وعلامة انتفاعهم توبتهم.

جزاكم الله خيراً على طيب المتابعة .. دمتم طيبين اللهم.فى رعاية الرحمن

 

0086.gif

فائدة

قال ابن كثير:وقال ابن أبي حاتم : ذكر عن أحمد بن الصباح : أنبأنا بشر بن زاذان ، عن عمر بن صبح ، عن ليث بن أبي سليم ، عن عبد الرحمن بن سابط ، عن ابن مسعود قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :

" إياكم والمعاصي ، إن العبد ليذنب الذنب فيحرم به رزقا قد كان هيئ له " ، ثم تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :

( فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم ) قد حرموا خير جنتهم بذنبهم .

 

0086.gif

 

المراجع

ابن كثيرتفسير القرآن العظيم

السعدى تيسير الكريم الرحمن فى تفسير كلام المنان

في ظلال القرآن الكريم سيد قطب

الجزائرى أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير.

الطنطاوى تفسير الوسيط

0086.gif

 

جزاكم الله خيراً على طيب المتابعة ..

دمتم طيبين .فى رعاية الرحمن

0086.gif

0009.gif

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

0051.gif

تفسير سورة القلم

تفسير الآيات (26- 33)

0015.gif

 

{ فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (26) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (27) قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ (28) قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (29) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ (30) قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ (31) عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ (32) كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (33)}

0018.gif

شرح الكلمات

 

{إنا لضالون}: أي مخطئوا الطريق أي ما هذا طريق جنتنا ولا هي هذه.

{بل نحن محرمون}: أي لما علموا أنها هي وقد احترقت قالوا بل نحن محرومون منها لعزمنا على حرمان المساكين منها.

{قال أوسطهم}: خيرهم تقوى وأرجحهم عقلا.

{لولا تسبحون}: أي تسبحون الله وتستثنون عندما قلتم لنصرمنها مصبحين.

{يتلاومون}: أي يلوم بعضهم بعضاً تندماً وتحسراً.

{إنا إلى ربنا راغبون}: أي طامعون.

{كذلك العذاب}: أي مثل هذا العذاب بالحرمان العذاب لمن خالف أمرنا وعصانا.

 

0018.gif

 

معنى الآيات

( 26 : 33 )فلما رأوا حديقتهم محترقة أنكروها، وقالوا: لقد أخطأنا الطريق إليها، فلما عرفوا أنها هي جنتهم، قالوا: بل نحن محرومون خيرها؛ بسبب عزمنا على البخل ومنع المساكين. قال أعدلهم: ألم أقل لكم هلا تستثنون وتقولون: إن شاء الله؟ قالوا بعد أن عادوا إلى رشدهم: تنزَّه الله ربنا عن الظلم فيما أصابنا، بل نحن كنا الظالمين لأنفسنا بترك الاستثناء وقصدنا السيِّئ. فأقبل بعضهم على بعض، يلوم كل منهم الآخر على تركهم الاستثناء وعلى قصدهم السيِّئ، قالوا: يا ويلنا إنَّا كنا متجاوزين الحد في منعنا الفقراء ومخالفة أمر الله، عسى ربنا أن يعطينا أفضل من حديقتنا؛ بسبب توبتنا واعترافنا بخطيئتنا. إنا إلى ربنا وحده راغبون، راجون العفو، طالبون الخير. مثل ذلك العقاب الذي عاقبنا به أهل الحديقة يكون عقابنا في الدنيا لكل مَن خالف أمر الله، وبخل بما آتاه الله من النعم فلم يؤدِّ حق الله فيها، ولَعذاب الآخرة أعظم وأشد مِن عذاب الدنيا، لو كانوا يعلمون لانزجروا عن كل سبب يوجب العقاب.

 

0018.gif

فى ظلال الآيات

ويبدو أنه كان له رأي غير رأيهم . ولكنه تابعهم عندما خالفوه وهو فريد في رأيه , ولم يصر على الحق الذي رآه فناله الحرمان كما نالهم . ولكنه يذكرهم ما كان من نصحه وتوجيهه قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ (28) ?!

والآن فقط يسمعون للناصح بعد فوات الأوان قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (29) )?!

وكما يتنصل كل شريك من التبعة عندما تسوء العاقبة , ويتوجه باللوم إلى الآخرين . . ها هم أولاء يصنعون:فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ (30)

ثم ها هم أولاء يتركون التلاوم ليعترفوا جميعا بالخطيئة أمام العاقبة الرديئة . عسى أن يغفر الله لهم , ويعوضهم من الجنة الضائعة على مذبح البطر والمنع والكيد والتدبير:

(قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ (31) عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ (32)

_ وقبل أن يسدل السياق الستار على المشهد الأخير نسمع التعقيب:

(كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (33)}). .

وكذلك الابتلاء بالنعمة . فليعلم المشركون أهل مكة . (إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة)ولينظروا ماذا وراء الإبتلاء . . ثم ليحذروا ما هو أكبر من ابتلاء الدنيا وعذاب الدنيا:

(ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون)!

وكذلك يسوق إلى قريش هذه التجربة من واقع البيئة , ومما هو متداول بينهم من القصص , فيربط بين سنته في الغابرين وسنته في الحاضرين ; ويلمس قلوبهم بأقرب الأساليب إلى واقع حياتهم . وفي الوقت ذاته يشعر المؤمنين بأن ما يرونه على المشركين - من كبراء قريش - من آثار النعمة والثروة إنما هو ابتلاء من الله , له عواقبه , وله نتائجه . وسنته أن يبتلي بالنعمة كما يبتلي بالبأساء سواء . فأما المتبطرون المانعون للخير المخدوعون بما هم فيه من نعيم , فذلك كان مثلا لعاقبتهم: (ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون). . وأما المتقون الحذرون فلهم عند ربهم جنات النعيم:

(إن للمتقين عند ربهم جنات النعيم). .

 

0018.gif

 

من هداية الآيات

1- الابتلاء يكون بالسراء والضراء أي بالخير والشر وأسعد الناس عند السراء الصابرون على طاعة الله ورسوله عند الضراء.

2- مشروعية التذكير بأحوال المبتلين والمعافين ليتخذ من ذلك طريق إلى الشكر والصبر.

 

3- صلاح الآباء ينفع أبناء المؤمنين فقد انتفع أصحاب الجنة بصلاح أبيهم الذي كان يتصدق على المساكين من غلة بستانه وعلامة انتفاعهم توبتهم.

4- مشروعية الاستثناء في اليمين وأنه تسبيح لله تعالى، وأن تركه يوقع في الإثم ولذا إذا حنث الحالف الذي لم يستثن تلوثت نفسه بإثم كبير لا يُمحى إلا بالكفارة الشرعية التي حددها الشارع وهي إطعام أو كسوة عشرة مساكين أو عتق رقبة فإن لم يقدر على واحدة من هذه الأنواع صام ثلاثة أيام ليمحي ذلك الذنب من نفسه.

 

0018.gif

فائدة

ذكر ابن كثير فى تفسيره

عن الحسين بن علي بن أبي طالب أنّض رسول الله صلى اله عليه وسلم

نهَى عن الجِدادِ باللَّيلِ ، والحصادِ باللَّيلِ . قال جعفرُ بنُ محمَّدٍ : أراه من أجلِ المساكينِ

المحدث:الألباني المصدر:السلسلة الصحيحة الجزء أو الصفحة:2393 حكم المحدث:إسناده صحيح على شرط مسلم

ثم قد ذكر بعض السلف أن هؤلاء قد كانوا من أهل اليمن - قال سعيد بن جبير : كانوا من قرية يقال لها ضروان على ستة أميال من صنعاء . وقيل : كانوا من أهل الحبشة - وكان أبوهم قد خلف لهم هذه الجنة ، وكانوا من أهل الكتاب ، وقد كان أبوهم يسير فيها سيرة حسنة ، فكان ما استغله منها يرد فيها ما يحتاج إليها ، ويدخر لعياله قوت سنتهم ، ويتصدق بالفاضل . فلما مات ورثه بنوه ، قالوا : لقد كان أبونا أحمق إذ كان يصرف من هذه شيئا للفقراء ، ولو أنا منعناهم لتوفر ذلك علينا . فلما عزموا على ذلك عوقبوا بنقيض قصدهم ، فأذهب الله ما بأيديهم بالكلية ، ورأس المال ، والربح ، والصدقة ، فلم يبق لهم شيء .

جزاكم الله خيراً على طيب المتابعة .. دمتم طيبين

______________________________________

0018.gif

المراجع

_ابن كثيرتفسير القرآن العظيم

_السعدى تيسير الكريم الرحمن فى تفسير كلام المنان

_ في ظلال القرآن الكريم سيد قطب

لجزائرى أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير.

تم تعديل بواسطة أم أمة الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاك الله خيرا أختي

متابعة معك بإذن الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
• فهذه صورة من صور المساومة . وهي كذلك صورة من صور الخلق العظيم . تبدو في أدبه صلى الله عليه وسلم وهو يستمع إلى عتبة حتى يفرغ من قوله الفارغ الذي لا يستحق الانتباه من مثل محمد صلى الله عليه وسلم في تصوره لقيم هذا الكون , وفي ميزانه للحق ولعرض هذه الأرض . ولكن خلقه يمسك به لا يقاطع ولا يتعجل ولا يغضب ولا يضجر , حتى يفرغ الرجل من مقالته , وهو مقبل عليه . ثم يقول في هدوء:" أقد فرغت يا أبا الوليد ؟ " زيادة في الإملاء والتوكيد . إنها الطمأنينة الصادقة للحق مع الأدب الرفيع في الاستماع والحديث . . وهما معا بعض دلالة الخلق العظيم .

جزاااك الله خير

تم تعديل بواسطة ميرفت ابو القاسم

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
• فهذه صورة من صور المساومة . وهي كذلك صورة من صور الخلق العظيم . تبدو في أدبه صلى الله عليه وسلم وهو يستمع إلى عتبة حتى يفرغ من قوله الفارغ الذي لا يستحق الانتباه من مثل محمد صلى الله عليه وسلم في تصوره لقيم هذا الكون , وفي ميزانه للحق ولعرض هذه الأرض . ولكن خلقه يمسك به لا يقاطع ولا يتعجل ولا يغضب ولا يضجر , حتى يفرغ الرجل من مقالته , وهو مقبل عليه . ثم يقول في هدوء:" أقد فرغت يا أبا الوليد ؟ " زيادة في الإملاء والتوكيد . إنها الطمأنينة الصادقة للحق مع الأدب الرفيع في الاستماع والحديث . . وهما معا بعض دلالة الخلق العظيم .

جزاااك الله خير

 

جزانا وايَّاكِ وبارك الله فيكِ ورضى عنكِ جمعنا الله وايَّاكِ فى الجنَّة دمتِ طيبة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

0051.gif

تفسير سورة القلم

تفسير الآيات (34- 41)

0015.gif

 

{إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (34) أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (37) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ (38) أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (39) سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ (40) أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (41)

0018.gif

شرح الكلمات

0018.gif

{إن للمتقين}: أي الذين اتقوا ربهم فآمنوا به ووحده فاتقوا بذلك الشرك والمعاصي.

{عند ربهم جنات النعيم}: أي لهم جنات النعيم يوم القيامة عند ربهم عز وجل.

{أفنجعل المسلمين كالمجرمين}: أي أنحيف في الحكم ونجور فنجعل المسلمين والمجرمين متساوين في العطاء والفضل والجواب لا، لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة.

{أم لكم كتاب فيد تدرسون}: أي تقرأون فعلمتم يواسطته ما تدعون.

{أن لكم فيه لما تخيرون}: أي فوجدتم في الكتاب الذي تقرأون أن لكم فيه ما تختارونه.

{إن لكم أيمان علينا بالغة}: أي ألكم عهود منا موثقة بالأيمان لا نخرج منها ولا نتحلل إلى يوم القيامة.

{إن لكم لما تحكمون}: أي أعطيناكم عهودنا الواثقة أن لكم ما تحكمون به لأنفسكم كما تشاءون.

{سلهم أيهم بذلك زعيم}: أي سلهم يا رسولنا عن زعيمهم الذي يكفل لهم مضمون الحكم الذي يحكمون به لأنفسهم من أنهم يعطون في الآخرة أفضل مما يعطى المؤمنون.

{أم لهم شركاء}: أي أعندهم شركاء موافقون لهم في هذا الذي قالوا يكفلون لهم به ما ادعوه وحكموا به لأنفسهم وهو أنهم يعطون أفضل مما يعطى المؤمنون يوم القيامة.

0018.gif

معنى الآيات

0018.gif

* إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ

يخبر تعالى بما أعده للمتقين للكفر والمعاصي، من أنواع النعيم والعيش السليم في جوار أكرم الأكرمين،

* أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ

 

وأن حكمته تعالى لا تقتضي أن يجعل المسلمين القانتين لربهم، المنقادين لأوامره، المتبعين لمراضيه كالمجرمين الذين أوضعوا في معاصيه، والكفر بآياته، ومعاندة رسله، ومحاربة أوليائه

 

* مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ

وأن من ظن أنه يسويهم في الثواب، فإنه قد أساء الحكم، وأن حكمه حكم باطل، ورأيه فاسد.

* أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (37) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ (38)

وأن المجرمين إذا ادعوا ذلك، فليس لهم مستند، لا كتاب فيه يدرسون ويتلون أنهم من أهل الجنة، وأنَّ لهم ما طلبوا وتخيروا.

 

* أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (39) سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ (40) أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (41).

وليس لهم عند الله عهد ويمين بالغة إلى يوم القيامة أن لهم ما يحكمون، وليس لهم شركاء وأعوان على إدراك ما طلبوا، فإن كان لهم شركاء وأعوان فليأتوا بهم إن كانوا صادقين، ومن المعلوم أن جميع ذلك منتف، فليس لهم كتاب، ولا لهم عهد عند الله في النجاة، ولا لهم شركاء يعينونهم، فعلم أن دعواهم باطلة فاسدة.

*{ سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ }

أي: أيهم الكفيل بهذه الدعوى الفاسدة، فإنه لا يمكن التصدر بها، ولا الزعامة فيها.

 

0018.gif

فى ظلال الآيات

0018.gif

 

* كذلك يسوق إلى قريش هذه التجربة ( قصة أصحاب الجنَّة)من واقع البيئة , ومما هو متداول بينهم من القصص , فيربط بين سنته في الغابرين وسنته في الحاضرين ; ويلمس قلوبهم بأقرب الأساليب إلى واقع حياتهم . وفي الوقت ذاته يشعر المؤمنين بأن ما يرونه على المشركين - من كبراء قريش - من آثار النعمة والثروة إنما هو ابتلاء من الله , له عواقبه , وله نتائجه . وسنته أن يبتلي بالنعمة كما يبتلي بالبأساء سواء . فأما المتبطرون المانعون للخير المخدوعون بما هم فيه من نعيم , فذلك كان مثلا لعاقبتهم: (ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون). . وأما المتقون الحذرون فلهم عند ربهم جنات النعيم:

{إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (34)

* وهو التقابل في العاقبة , كما أنه التقابل في المسلك والحقيقة . . تقابل النقيضين اللذين اختلفت بهما الطريق , فاختلفت بهما خاتمة الطريق !

*وعند هاتين الخاتمتين يدخل معهم في جدل لا تعقيد فيه كذلك ولا تركيب . ويتحداهم ويحرجهم بالسؤال تلو السؤال عن أمور ليس لها إلا جواب واحد يصعب المغالطة فيه ; ويهددهم في الآخرة بمشهد رهيب , وفي الدنيا بحرب من العزيز الجبار القوي الشديد:

* والسؤال الاستنكاري الأول:

(أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35)

يعود إلى عاقبة هؤلاء وهؤلاء التي عرضها في الآيات السابقة . وهو سؤال ليس له إلا جواب واحد . . لا . لا يكون . فالمسلمون المذعنون المستسلمون لربهم , لا يكونون أبدا كالمجرمين الذين يأتون الجريمة عن لجاج يسمهم بهذا الوصف الذميم ! وما يجوز في عقل ولا في عدل أن يتساوى المسلمون والمجرمون في جزاء ولا مصير .

* ومن ثم يجيء السؤال الاستنكاري الآخر:

 

(مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) . .

ماذا بكم ? وعلام تبنون أحكامكم ? وكيف تزنون القيم والأقدار حتى يستوي في ميزانكم وحكمكم من يسلمون ومن يجرمون ?!

* ومن الاستنكار والإنكار عليهم ينتقل إلى التهكم بهم والسخرية منهم:

( أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (37) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ (38)). .

فهو التهكم والسخرية أن يسألهم إن كان لهم كتاب يدرسونه , هو الذي يستمدون منه مثل ذلك الحكم الذي لا يقبله عقل ولا عدل ; وهو الذي يقول لهم:إن المسلمين كالمجرمين ! إنه كتاب مضحك يوافق هواهم ويملق رغباتهم , فلهم فيه ما يتخيرون من الأحكام وما يشتهون ! وهو لا يرتكن إلى حق ولا إلى عدل , ولا إلى معقول أو معروف !

* ( أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (39)). .

فإن لا يكن ذلك فهو هذا . وهو أن تكون لهم مواثيق على الله , سارية إلى يوم القيامة , مقتضاها أن لهم ما يحكمون , وما يختارون وفق ما يشتهون ! وليس من هذا شيء . فلا عهود لهم عند الله ولا مواثيق . فعلام إذن يتكلمون ?! وإلام إذن يستندون ?!

* ( سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ (40)). .

سلهم من منهم المتعهد بهذا ? من منهم المتعهد بأن لهم على الله ما يشاءون , وأن لهم ميثاقا عليه ساري المفعول إلى يوم القيامة أن لهم ما يحكمون ?!

وهو تهكم ساخر عميق بليغ يذيب الوجوه من الحرج والتحدي السافر المكشوف !

* (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (41)). .

وهم كانوا يشركون بالله . ولكن التعبير يضيف الشركاء إليهم لا لله . ويتجاهل أن هناك شركاء . ويتحداهم أن يدعوا شركاءهم هؤلاء إن كانوا صادقين . . ولكن متى يدعونهم ?

0018.gif

من هداية الآيات

0018.gif

 

* تقرير أن المجرمين لا يساوون المؤمنين يوم القيامة أذ لا يستوى أصحاب النَّار وأصحاب الجنَّة فمن زعم من المجرمين أنه يعطى كالمؤمنين من جنات النعيم فهو مخطئ في تصوره كاذب في قوله لا يملك دليل على قوله بل هو الظن والامانى الكاذبة.

جزاكم الله خيراً على طيب المتابعة دمتم فى امان الله

0018.gif

المراجع

_ابن كثيرتفسير القرآن العظيم

_السعدى تيسير الكريم الرحمن فى تفسير كلام المنان

_ في ظلال القرآن الكريم سيد قطب

لجزائرى أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير.

جزاكم الله خيراً على طيب المتابعة .. دمتم طيبين

فى رعاية الرحمن

************************

تم تعديل بواسطة أم أمة الله
  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

0051.gif

تفسير سورة القلم

الآيات (42- 45)

 

0015.gif

{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (43)فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (44) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (45)}

 

0018.gif

شرح الكلمات

{يوم يكشف عن ساق}: أي يوم يعظم الهول ويشتد الكرب ويكشف الرب عن ساقه الكريم التي لا يشبهها شيء عندما يأتي لفصل القضاء.

{ترهقهم ذلة}: أي تغشاهم ذلة يالها من ذلة.

{وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون}: وهم سالمون أي وقد كانوا يدعون في الدنيا إلى الصلاة وهو سالمون من أية علة ولا يصلون حتى لا يسجدوا تكبراً وتعظماً.

{ذرني ومن يكذب}: أي دعني ومن يكذب أي لا يصدق.

{بهذا الحديث}: أي بالقرآن الكريم.

{سنستدرجهم}: أي نستنزلهم درجة درجة حتى نصل بهم إلى العذاب.

{وأملي لهم}: أي وامهلهم.

{إن كيدي متين}: أي شديد قويّ لا يطاق.

 

0018.gif

معنى الآيات

يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ

لما ذكر تعالى أن للمتقين عنده جنَّات النعيم ، بين متى ذلك كائن وواقع ، فقال : ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ ...الآيه )

 

يعني : يوم القيامة وما يكون فيه من الأهوال والزلازل والبلاء والامتحان والأمور العظام . وقد قال البخاري ها هنا :

عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول :

" يكشف ربنا عن ساقه ، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة ، فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقا واحدا " .

_____________________________

 

وَأُمْلِي لَهُمْ ۚ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ

أي : وأؤخرهم ، وأنظرهم ، وأمدهم ، وذلك من كيدي ومكري بهم ; ولهذا قال تعالى : ( إن كيدي متين ) أي : عظيم لمن خالف أمري ، وكذب رسلي ، واجترأ على معصيتي .

وفي الصحيحين عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " إن الله تعالى ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته " . ثم قرأ : ( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد )

 

[ هود : 102 ] ..........تفسير ابن كثير

 

0018.gif

 

فى ظلال الآيات

* {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (43)

* فيقفهم وجها لوجه أمام هذا المشهد كأنه حاضر اللحظة , وكأنه يتحداهم فيه أن يأتوا بشركائهم المزعومين . وهذا اليوم حقيقة حاضرة في علم الله لا تتقيد في علمه بزمن . واستحضارها للمخاطبين على هذا النحو يجعل وقعها عميقا حيا حاضرا في النفوس على طريقة القرآن الكريم .

* (خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (43)

* يوم يشتد الكرب والضيق . . ويدعى هؤلاء المتكبرون إلى السجود فلا يملكون السجود , إما لأنَّ وقته قد فات , وإما لأنهم كما وصفهم في موضع آخر يكونون:

 

(مهطعين مقنعي رؤوسهم)وكأن أجسامهم وأعصابهم مشدودة من الهول على غير إرادة منهم ! وعلى أية حال فهو تعبير يشي بالكرب والعجز والتحدي المخيف . .

* ثم يكمل رسم هيئتهم: (خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة). . هؤلاء المتكبرون المتبجحون . والأبصار الخاشعة والذلة المرهقة هما المقابلان للهامات الشامخة والكبرياء المنفوخة . وهي تذكر بالتهديد الذي جاء في أول السورةسنسمه على الخرطوم). . فإيحاء الذلة والانكسار ظاهر عميق مقصود !

* وبينما هم في هذا الموقف المرهق الذليل , يذكرهم بما جرهم إليه من إعراض واستكبار:

 

(وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون). . قادرون على السجود . فكانوا يأبون ويستكبرون . . كانوا . فهم الآن في ذلك المشهد المرهق الذليل . والدنيا وراءهم . وهم الآن يدعون إلى السجود فلا يستطيعون .

 

________________________________

 

* وبينما هم في هذا الكرب , يجيئهم التهديد الرعيب الذي يهد القلوب:

(فذرني ومن يكذب بهذا الحديث). .

وهو تهديد مزلزل . . والجبار القهار القوي المتين يقول للرسول صلى الله عليه وسلم:خلي بيني وبين من يكذب بهذا الحديث . وذرني لحربه فأنا به كفيل !

_ ومن هو هذا الذي يكذب بهذا الحديث ؟؟

_إنه ذلك المخلوق الصغير الهزيل المسكين الضعيف ! هذه النملة المضعوفة . بل هذه الهباءة المنثورة . . بل هذا العدم الذي لا يعني شيئا أمام جبروت الجبار القهار العظيم !

* فيا محمد . خل بيني وبين هذا المخلوق . واسترح أنت ومن معك من المؤمنين . فالحرب معي لا معك ولا مع المؤمنين . الحرب معي . وهذا المخلوق عدوي , وأنا سأتولى أمره فدعه لي , وذرني معه , واذهب أنت ومن معك فاستريحوا !

* أي هول مزلزل للمكذبين ! وأي طمأنينة للنبي والمؤمنين . . المستضعفين . ؟؟

 

_______________________________

 

* ثم يكشف لهم الجبار القهار عن خطة الحرب مع هذا المخلوق الهزيل الصغير الضعيف !

(فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (44) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (45)}).

* وإن شأن المكذبين , وأهل الأرض أجمعين , لأهون وأصغر من أن يدبر الله لهم هذه التدابير . . ولكنه - سبحانه - يحذرهم نفسه ليدركوا أنفسهم قبل فوات الأوان .

_وليعلموا أن الأمان الظاهر الذي يدعه لهم هو الفخ الذي يقعون فيه وهم غارون .

* وأن إمهالهم على الظلم والبغي والإعراض والضلال هو استدراج لهم إلى أسوأ مصير . وأنه تدبير من الله ليحملوا أوزارهم كاملة , ويأتوا إلى الموقف مثقلين بالذنوب , مستحقين للخزي والرهق والتعذيب . .

= وليس أكبر من التحذير , وكشف الاستدراج والتدبير , عدلا ولا رحمة . والله سبحانه يقدم لأعدائه وأعداء دينه ورسوله عدله ورحمته في هذا التحذير وذلك النذير . وهم بعد ذلك وما يختارون لأنفسهم , فقد كشف القناع ووضحت الأمور !

* إنه سبحانه يمهل ولا يهمل . ويملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته .

وهو هنا يكشف عن طريقته وعن سنته.التي قدرها بمشيئته.

_ ويقول لرسوله صلي الله عليه وسلم ذرني ومن يكذب بهذا الحديث , وخل بيني وبين المعتزين بالمال والبنين والجاه والسلطان . فسأملي لهم , واجعل هذه النعمة فخهم ! فيطمئن رسوله , ويحذر أعداءه . . ثم يدعهم لذلك التهديد الرعيب !

0018.gif

من هداية الآيات

1_ بيان عظم هول يوم القيامة وأن الرب تبارك وتعالى يأتي لفصل القضاء ويكشف عن ساق فلا يبقى أحد إلا سجد وأن الكافر والمنافق لا يستطيع السجود عقوبة له وفضيحة إذ كان في الدنيا يدعى إلى السجود لله فلا يسجد أي إلى الصلاة فلا يصلي تكبراً وكفراً.

2_ ردّ الأمور إلى الله إذا استعصى حلّها فالله كفيل بذلك.

0018.gif

المراجع

_ابن كثيرتفسير القرآن العظيم

_السعدى تيسير الكريم الرحمن فى تفسير كلام المنان

_ في ظلال القرآن الكريم سيد قطب

لجزائرى أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير.

جزاكم الله خيراً على طيب المتابعة .. دمتم طيبين

فى رعاية الرحمن

************************

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

0093.gif

تفسيرسورة القلم

الآيات(46:52)

 

0039.gif

 

أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (46) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (47) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48) لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (49) فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ }

0036.gif

شرح الكلمات:

{فهم من مغرم مثقلون}: أي فهم مما يعطونكه مكلفون حملا ثقيلا.

{أم عندهم الغيب}: أي اللوح المحفوظ.

{فهم يكتبون}: أي ينقلون منه ما يدعونه ويقولونه.

{ولا تكن كصاحب الحوت}: أي يونس في الضجر والعجلة.

{وهو مكظوم}: أي مملوء غماً.

{بالعراء}: أي الأرض الفضاء.

{وهو مذموم}: لكن لما تاب نُبِذَ وهو غير مذموم.

{فاجتباه ربه}: أي اصطفاه.

0036.gif

.معنى الآيات:

 

أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ يقول السعدى

والمعنى:

* أي: ليس لنفورهم عنك، وعدم تصديقهم لما جئت به ، سبب يوجب لهم ذلك، فإنك تعلمهم، وتدعوهم إلى الله، لمحض مصلحتهم، من غير أن تطلبهم من أموالهم مغرمًا يثقل عليهم.

 

_ ويقول الطنطاوى فى تفسير الآية:بل أتسألهم - يا محمد - على دعوتك لهم إلى الحق والخير ( أَجْراً ) دنيويا ( فَهُمْ ) من أجل ذلك مثقلون بالديون المالية ، وعاجزون عن دفعها لك . . فترتب على هذا الغرم الثقيل . أن أعرضوا عن دعوتك ، وتجنبوا الدخول فى دينك؟

________________________

 

*أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ

أم أنَّ هؤلاء القوم عندهم علم الغيب ، بأن يكونوا قد اطلعوا على ما سطرناه فى اللوح المحفوظ من أمور غيبية لا يعلمها أحد سوانا . . فهم يكتبون ذلك ، ثم يصدرون أحكامهم . ويجادلونك فى شأنها . وكأنهم قد اطلعوا على بواطن الأمور! .

الحق الذى لا حق سواه ، أن هؤلاء القوم ، أنت لم تطلب منهم أجرا على دعوتك إياهم إلى إخلاص العبادة لنا ، ولا علم عندهم بشئ من الغيوب التى لا يعلمها أحد سوانا ، وكل ما يزعمونه فى هذا الشأن فهو ضرب من الكذب والجهل . .

_____________________________________

 

*فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ

 

فلم يبق إلا الصبر لأذاهم، والتحمل لما يصدر منهم، والاستمرار على دعوتهم، ولهذا قال: { فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ } أي: لما حكم به شرعًا وقدرًا، فالحكم القدري، يصبر على المؤذي منه، ولا يتلقى بالسخط والجزع، والحكم الشرعي، يقابل بالقبول والتسليم، والانقياد التام لأمره.

وقوله: { وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ } وهو يونس بن متى، عليه الصلاة والسلام أي: ولا تشابهه في الحال، التي أوصلته، وأوجبت له الانحباس في بطن الحوت، وهو عدم صبره على قومه الصبر المطلوب منه، وذهابه مغاضبًا لربه، حتى ركب في البحر، فاقترع أهل السفينة حين ثقلت بأهلها أيهم يلقون لكي تخف بهم، فوقعت القرعة عليه فالتقمه الحوت وهو مليم وقوله { إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ } أي: وهو في بطنها قد كظمت عليه، أو نادى وهو مغتم مهتم( والمكظوم - بزنة مفعول - : المملوء غضبا وغيظا وكربا) بأن قال { لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ } فاستجاب الله له، وقذفته الحوت من بطنها بالعراء وهو سقيم، وأنبت الله عليه شجرة من يقطين.

وهذا النداء قد أشار إليه - سبحانه - فى آيات منها قوله - تعالى - :

 

( وَذَا النون إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فنادى فِي الظلمات أَن لاَّ إله إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظالمين . فاستجبنا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الغم وكذلك نُنجِي المؤمنين).

_____________________________________

 

لَّوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ

والمعنى : لولا أن الله - تدارك عبده يونس برحمته ، وبقبول توبته . . لطرح من بطن الحوت بالأرض الفضاء الخالية من النبات والعمران . . وهو مذموم ، أى : وهو ملوم ومؤاخذ منا على ما حدث منه . .

ولكن ملامته ومؤاخذته منا قد امتنعت ، لتداركه برحمتنا ، حيث قبلنا توبته ، وغسلنا حوبته ، ومنحناه الكثير من خيرنا وبرنا . .

فالمقصود من الآية الكريمة بيان جانب من فضل الله - تعالى - على عبده يونس - عليه السلام - ، وبيان أن رحمته - تعالى - به ، ونعمته عليه ، قد حالت بينه ويبن أن يكن مذموما على ما صدر منه ، من مغاضبة لقومه ومفارقته لهم بدون إذن من ربه . .

__________________________________

 

فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ

وقوله : ( فاجتباه رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصالحين ) تأكيد وتفصيل لنعمة الله - تعالى - التى أنعم بها على عبده يونس - عليه السلام - ، وهو معطوف على مقدر .

 

أى : فتدراكته النعمة فاصطفاه ربه - عز وجل - حيث رد عليه الوحى بعد انقطاعه ، وأرسله إلى مائة ألف أو يزيدون من الناس ، وقبل توبته ، فجعله من عباده الكاملين فى الصلاح والتقوى ، وفى تبليغ الرسالة عن ربه .

 

0036.gif

فى ظلال الآيات

 

_(أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (46)

فثقل الغرامة التي تطلبها منهم أجرا على الهداية هو الذي يدفعهم إلى الإعراض والتكذيب , ويجعلهم يؤثرون ذلك المصير البشع , على فداحة ما يؤدون ?!

 

_ أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (47)

ومن ثم فهم على ثقة مما في الغيب , فلا يخيفهم ما ينتظرهم فيه , فقد اطلعوا عليه وكتبوه وعرفوه ? أو أنهم هم الذين كتبوا ما فيه . فكتبوه ضامنا لما يشتهون ?

ولا هذا ولا ذاك ? فما لهم يقفون هذا الموقف الغريب المريب ?!

 

_ وا لحقيقة أن المعركة معركته هو سبحانه . وأن الحرب حربه هو سبحانه . وأن القضية قضيته هو سبحانه . وأنه حين يجعل لهم فيها دورا فإنما ذلك ليبليهم منه بلاء حسنا . وليكتب لهم بهذا البلاء أجرا . أما حقيقة الحرب فهو الذي يتولاها . وأما حقيقة النصر فهو الذي يكتبها . . وهو سبحانه يجريها بهم وبدونهم . وهم حين يخوضونها أداة لقدرته ليست هي الأداة الوحيدة في يده !

 

_ أنها حقيقة تفزع قلب العدو , سواء كان المؤمن أمامه في حالة ضعف أم في حالة قوة .

فليس المؤمن هو الذي ينازله , إنما هو الله الذي يتولى المعركة بقوته وجبروته .

 

_الله الذي يقول لنبيه (فذرني ومن يكذب بهذا الحديث)وخل بيني وبين هذا البائس المتعوس ! والله يملي ويستدرج فهو في الفخ الرعيب المفزع المخيف , ولو كان في أوج قوته وعدته . فهذه القوة هي ذاتها الفخ وهذه العدة هي ذاتها المصيدة . .(وأملي لهم إن كيدي متين)! أما متى يكون . فذلك علم الله المكنون ! فمن يأمن غيب الله ومكره ? وهل يأمن مكر الله إلا القوم الفاسقون ؟؟

 

* وأمام هذه الحقيقة يوجه الله نبيه صلى الله عليه وسلم إلى الصبر . الصبر على تكاليف الرسالة . والصبر على التواءات النفوس .

 

* والصبر على الأذى والتكذيب . الصبر حتى يحكم الله في الوقت المقدر كما يريد . ويذكره بتجربة أخ له من قبل ضاق صدره بهذه التكاليف , فلولا أن تداركته نعمة الله لنبذ وهو مذموم:

____________________________________

 

_{فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48) لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (49) فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ )

* وصاحب الحوت هو يونس - عليه السلام - كما جاء في سورة الصافات . وملخص تجربته التي يذكر الله بها محمدا صلى الله عليه وسلم لتكون له زادا ورصيدا , وهو خاتم النبيين , الذي سبقته تجارب النبيين أجمعين في حقل الرسالة , ليكون هو صاحب الحصاد الأخير , وصاحب الرصيد الأخير , وصاحب الزاد الأخير . فيعينه هذا على عبئه الثقيل الكبير . عبء هداية البشرية جميعها لا قبيلة ولا قرية ولا أمة . وعبء هداية الأجيال جميعها لا جيل واحد ولا قرن واحد كما كانت مهمة الرسل قبله . وعبء إمداد البشرية بعده بكل أجيالها وكل أقوامها بمنهج دائم ثابت صالح لتلبية ما يجد في حياتها من أحوال وأوضاع وتجارب . وكل يوم يأتي بجديد . .

 

* ملخص تلك التجربة أن يونس بن متى - سلام الله عليه - أرسله الله إلى أهل قرية . قيل اسمها نينوى بالموصل . فاستبطأ إيمانهم , وشق عليه تلكؤهم , فتركهم مغاضبا قائلا في نفسه:إن الله لن يضيق علي بالبقاء بين هؤلاء المتعنتين المعاندين , وهو قادر على أن يرسلني إلى قوم آخرين ! وقد قاده الغضب والضيق إلى شاطئ البحر , حيث ركب سفينته , فلما كانوا في وسط اللج ثقلت السفينة وتعرضت للغرق . فأقرعوا بين الركاب للتخفف من واحد منهم لتخف السفينة . . فكانت القرعة على يونس . فألقوه في اليم . فابتلعه الحوت .

 

*عندئذ نادى يونس - وهو كظيم - في هذا الكرب الشديد في الظلمات في بطن الحوت , في وسط اللجة , نادى ربه: (لا إله إلا أنت سبحانك ! إني كنت من الظالمين)فتداركته نعمة من ربه , فنبذه الحوت على الشاطئ . . لحما بلا جلدا . . ذاب جلده في بطن الحوت . وحفظ الله حياته بقدرته التي لا يقيدها قيد من مألوف البشر المحدود !

*وهنا يقول:إنه لولا هذه النعمة لنبذه الحوت وهو مذموم . أي مذموم من ربه . . على فعلته . وقلة صبره . وتصرفه في شأن نفسه قبل أن يأذن الله له . ولكن نعمة الله وقته هذا , وقبل الله تسبيحه واعترافه وندمه . وعلم منه ما يستحق عليه النعمة والاجتباء .(فاجتباه ربه فجعله من الصالحين). .

 

*هذه هي التجربة التي مر بها صاحب الحوت . يذكر الله بها رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم في موقف العنت والتكذيب . بعد ما أخلاه من المعركة كما هي الحقيقة , وأمره بتركها له يتولاها كما يريد . وقتما يريد . وكلفه الصبر لحكم الله وقضائه في تحديد الموعد , وفي مشقات الطريق حتى يحين الموعد المضروب !

 

*إن مشقة الدعوة الحقيقية هي مشقة الصبر لحكم الله , حتى يأتي موعده , في الوقت الذي يريده بحكمته . وفي الطريق مشقات كثيرة . مشقات التكذيب والتعذيب . ومشقات الالتواء والعناد . ومشقات انتفاش الباطل وانتفاخه . ومشقات افتتان الناس بالباطل المزهو المنتصر فيما تراه العيون . ثم مشقات امساك النفس على هذا كله راضية مستقرة مطمئنة إلى وعد الله الحق , لا ترتاب ولا تتردد في قطع الطريق , مهما تكن مشقات الطريق . . وهو جهد ضخم مرهق يحتاج إلى عزم وصبر ومدد من الله وتوفيق . . أما المعركة ذاتها فقد قضى الله فيها , وقدر أنه هو الذي يتولاها , كما قدر أنه يملي ويستدرج لحكمة يراها . كذلك وعد نبيه الكريم , فصدقه الوعد بعد حين .

0036.gif

من هداية الآيات:

- وجوب الصبر على الدعوة مهما كانت الصعاب فلا تترك لأذًى يصيب الداعي.

0036.gif

فائدة

1_ قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا ينبغي لأحد أن يقول : أنا خير من يونس بن متى " .

 

ورواه البخاري من حديث سفيان الثوري وهو في الصحيحين من حديث أبي هريرة .

2_روى أبي وسعد بن أبي وقاص أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

(دعوةُ ذي النُّونِ إذْ هوَ في بطنِ الحوتِ (لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) فإنَّهُ لم يدعُ بِها مسلمٌ بشيء قطُّ إلَّا استجابَ لَهُ)

المحدث:ابن حجر العسقلاني المصدر:تحفة النبلاء الجزء أو الصفحة:294 حكم المحدث:رجاله ثقات

بارك الله فيكم وطيب الله أوقاتكم

____________________

المراجع:

_ابن كثيرتفسير القرآن العظيم

_ في ظلال القرآن الكريم سيد قطب

_الجزائرى أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير

_الطنطاوى تفسير الوسيط

0003.gif

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

0064.gif

تفسيرسورة القلم

تفسير الآيات(52:50)(آخر السورة)

0072.gif

 

(50) وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51) وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (52)}

 

0090.gif

شرح الكلمات:

0072.gif

( يَكَادُ ) بصيغة المضارع ، للإِشارة إلى استمرار ذلك فى المستقبل .

{ليزلقونك بأبصارهم}: أي ينظرون إليك نظرا شديدا يكاد أن يصرعك.

_ ويقول الطنطاوى:وقوله ( لَيُزْلِقُونَكَ ) من الزَّلَق - بفتحتين - ، وهو تزحزح الإِنسان عن مكانه ، وقد يؤدى به هذا التزحزح إلى السقوط على الأرض ، يقال : زَلَقه يَزْلِقه ، و أزْلقه يُزْلِقه إزلافا ، إذا نحاه وأبعده عن مكانه .

وجاء قوله ( لَيُزْلِقُونَكَ ) بلام التأكيد للإشعار بتصميم على هذه الكراهية ، وحرصهم عليها .

( وَمَا هُوَ ) أى : القرآن الذى أنزلناه عليك

( إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ )أى : تذكير بالله - تعالى - وبدينه وبهداياته . . وشرف لهم وللعالمين جميعا أي الإِنس والجن .فليس بمجنون كما يقول المبطلون.

 

0090.gif

معنى الآيات:

0072.gif

(وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (52))

فجعل الله له العاقبة { والعاقبة للمتقين } ولم يدرك أعداؤه فيه إلا ما يسوءهم، حتى إنهم حرصوا على أن يزلقوه بأبصارهم أي: يصيبوه بأعينهم، من حسدهم وغيظهم وحنقهم، هذا منتهى ما قدروا عليه من الأذى الفعلي، والله حافظه وناصره، وأما الأذى القولي، فيقولون فيه أقوالًا، بحسب ما توحي إليهم قلوبهم، فيقولون تارة "مجنون" وتارة "ساحر" وتارة "شاعر". تفسير السعدى

وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51)

وفى تفسير ابن عاشور:

0072.gif

المعنى : يقولون ذلك اعتلالاً لأنفسهم إذ لم يجدوا في الذكر الذي يسمعونه مدخلاً للطعن فيه فانصرفوا إلى الطعن في صاحبه صلى الله عليه وسلم بأنه مجنون لينتقلوا من ذلك إلى أن الكلام الجاري على لسانه لا يوثق به ليصرفوا دهماءهم عن سماعه ، فلذلك أبطل الله قولهم : { إنه لمجنون } بقوله : { وما هو إلاّ ذكر للعالمين ، } أي ما القرآن إلاّ ذكر للناس كلهم وليس بكلام المجانين ، وينتقل من ذلك إلى أن الناطق به ليس من المجانين في شيء .

لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ

والذكر : التذكير بالله والجزاء هو أشرف أنواع الكلام لأن فيه صلاح الناس .

 

0072.gif

وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ

قال تعالى { وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ } أي: وما هذا القرآن الكريم، والذكر الحكيم، إلا ذكر للعالمين، يتذكرون به مصالح دينهم ودنياهم.

 

0090.gif

فى ظلال الآيات:

0072.gif

*وفي الختام يرسم مشهدا للكافرين وهم يتلقون الدعوة من الرسول الكريم , في غيظ عنيف , وحسد عميق ينسكب في نظرات مسمومة قاتلة يوجهونها إليه , ويصفها القرآن بما لا يزيد عليه:

(وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51) وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (52)).

* فهذه النظرات تكاد تؤثر في أقدام الرسول [ ص ] فتجعلها تزل وتزلق وتفقد توازنها على الأرض وثباتها ! وهو تعبير فائق عما تحمله هذه النظرات من غيظ وحنق وشر وحسد ونقمة وضغن , وحمى وسم . . مصحوبة هذه النظرات المسمومة المحمومة بالسب القبيح , والشتم البذيء , والافتراء الذميم: (ويقولون:إنه لمجنون).

 

وهو مشهد تلتقطه الريشة المبدعة وتسجله من مشاهد الدعوة العامة في مكة . فهو لا يكون إلا في حلقة عامة بين كبار المعاندين المجرمين , الذين ينبعث من قلوبهم وفي نظراتهم كل هذا الحقد الذميم المحموم !

*يعقب عليه بالقول الفصل الذي ينهي كل قول:

(وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ).والذكر لا يقوله مجنون , ولا يحمله مجنون .

*وصدق الله وكذب المفترون . .

ولا بد قبل نهاية الحديث من لفتة إلى كلمة(لِلْعَالَمِينَ). .

هنا والدعوة في مكة تقابل بذلك الجحود , ويقابل رسولها بتلك النظرات المسمومة المحمومة , ويرصد المشركون لحربها كل ما يملكون . . وهي في هذا الوقت المبكر , وفي هذا الضيق المستحكم , تعلن عن عالميتها . كما هي طبيعتها وحقيقتها . فلم تكن هذه الصفة جديدة عليها حين انتصرت في المدينة - كما يدعي المفترون اليوم - إنما كانت صفة مبكرة في أيام مكة الأولى . لأنهاحقيقة ثابتة في صلب هذه الدعوة منذ نشأتها .

*كذلك أرادها الله . وكذلك اتجهت منذ أيامها الأولى . وكذلك تتجه إلى آخر الزمان . والله الذي أرادها كما أرادها هو صاحبها وراعيها . وهو المدافع عنها وحاميها . وهو الذي يتولى المعركة مع المكذبين . وليس على أصحابها إلا الصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين . سيد قطب رحمه الله

0090.gif

من هداية الآيات:

0072.gif

1_وجوب الصبر على الدعوة مهما كانت الصعاب فلا تترك لأذًى يصيب الداعي.

2- بيان حال المشركين مع الرسول صلى الله عليه وسلم وما كانوا يضمرونه له من البغض والحسد وما يرمونه به من الاتهامات الباطلة كالجنون والسحر والكذب.

0090.gif

فائدة:

0072.gif

قال شيخ الإسلام الذي ألف كتابه العظيم (الصارم المسلول على شاتم الرسول)

أن من سب النبي صلى الله عليه وسلم من مسلم أو كافر فإنه يجب قتله، هذا مذهب عامة أهل العلم". قال ابن المنذر: "أجمع عوام أهل العلم على أن حد من سب النبي صلى الله عليه وسلم القتل"، وممن قاله مالك والليث وأحمد وإسحاق، وهو مذهب الشافعي رحمه الله تعالى.

وحكى أبو بكر الفارسي من أصحاب الشافعي إجماع المسلمين على أن حد من يسب النبي صلى الله عليه وسلم القتل، كما أن حد من سب غيره الجلد.

قال القاضي عياض رحمه الله: أجمعت الأمة على قتل متنقصه من المسلمين وسابه يقتل. وقال إسحاق بن راهوية الإمام: "أجمع المسلمون على أن من سب الله أو سب رسوله أو دفع شيئاً مما أنزله الله عز وجل، أو قتل نبياً من الأنبياء أنه كافر بذلك، وإن كان مقراً بكل ما أنزله الله".

لا أعلم أحداً من المسلمين – كما يقول الإمام الخطابي – اختلف في وجوب قتل من سب النبي صلى الله عليه وسلم.

وحتى أهل الذمة الذين هم أهل الذمة، الذين أعطوا الأمان والعهد والميثاق، إذا سب الواحد منهم النبي صلى الله عليه وسلم يقتل مباشرة.

قال الإمام أحمد: "ليس على هذا أعطوا العهد والذمة". لم نعطهم العهد والذمة على سب النبي صلى الله عليه وسلم وشتمه.

 

بارك الله فيكم على طيب المتابعة ونبدأ بإذن الله تعالى فى تفسير سورة الحاقة دمتم طيبين فى رعاية الرحمن.

 

0072.gif

المراجع:

_ابن كثيرتفسير القرآن العظيم

_ في ظلال القرآن الكريم سيد قطب

_ابن عاشور التحرير والتنوير

_الجزائرى أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير

_الطنطاوى تفسير الوسيط

_الرد على الصور التي نشرها اليهود فى موقع الشيخ محمد صالح المنجد.

0018.gif

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×