اذهبي الى المحتوى
عروس القرءان

*~..القواعد العِلمية والعَملية لسلامة الصدر..~*

المشاركات التي تم ترشيحها

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم اهدني وسددني

*~..القواعد العِلمية والعَملية لسلامة الصدر..~*

 

ظافر بن حسن آل جبعان

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فالعفو وسلامة الصدر على المسلمين شِعار الصالحين الأنقِيَاء ذوِي الحِلم والأناة والنّفس الرضيّة؛ لأنَّ التنازلَ عن الحقِّ نوعُ إيثارٍ للآجلِ على العاجل، وبسطٍ لخُلُقٍ نقيٍّ تقيٍّ ينفُذ بقوّةٍ إلى شِغاف قلوب الآخرين، فلا يملِكون أمامه إلا إبداءَ نظرةِ إجلالٍ وإكبار لمن هذه صفتُه، وهذا ديدَنُه.

 

 

 

إنَّ العفو عن الآخرين، وسلامة الصدر عليهم ليس بالأمرِ الهيِّن؛ إذ له في النّفسِ ثِقلٌ لا يتِمّ التغلُّب عليه إلاّ بمصارعةِ حبِّ الانتصار والانتقامِ للنفس، ولا يكون ذلك إلا للأقوياءِ الذين استعصَوا على حظوظ النّفس ورغباتها وإن كانت حقًّا لهم يجوزُ لهم إمضاؤُه لقوله تعالى:

{وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ} [الشورى:41]،

 

غيرَ أنَّ التنازل عن الحقّ وملكةَ النفس عن إنفاذِه لهو دليلٌ على تجاوزِ المألوفِ وخَرق العادات.

 

 

 

وقد يقول قائلٌ كيف السبيلُ إلى العفو وسلامة الصدر والطوية على المسلمين؟

وكيف أهنأ بالعيش بين المسلمين وليس في قلبي لهم ضغينة، ولا يحملُ فؤادي غلاً على أحد منهم؟

 

 

فالجواب يكمن في تحقيق قواعد علمية وعملية ليتحقق للمسلم سلامة الصدر والعفو على المسلمين، وهي كالتالي:

أولها: أن تعلم علم اليقين أن هذا كله من الشيطان الرجيم، ونزغةٌ من نزغات ذلك الماردِ الأثيم، فإذا شعرت بذلك فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم:

{وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأعراف:200].

وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

«إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ»

(أخرجه مسلم: [2812]) .

قال الإمام النووي رحمه الله تعالى شارحاً لهذا الحديث: "هذا الحديث من معجزات النبوة ومعنا: أنه أيس أن يعبده أهل جزيرة العرب ولكنه سعى في التحريش بينهم بالخصومات والشحناء والحروب والفتن" (شرح النووي على مسلم: [17/156])

 

ثانياً: الإخلاص لله تعالى، فتتركها لله، تبتغي بذلك وجه الله عز وجل، فعن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«ثَلاَثٌ لاَ يُغَلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ -أي لا يحمل في قلبه حسداً ولا غلاً- إِخْلاَصُ الْعَمَلِ لِله، وَمُنَاصَحَةُ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلُزُومِ جَمَاعَتِهِمْ فَإِنَّ الدَّعْوَةَ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ»

(أخرجه أحمد: [3/225]، والترمذي: [2658]، وابن ماجه: [230]، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة: [404]).

 

ثالثاً: تذكر فضيلة العفو والصفح، قال الرحيم الرحمن:

{فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى من الآية:40]،

فإذا كان أجرك أيها العافي عن المسلمين على الله تعالى فماذا تريد بعد ذلك!

 

رابعاً: إن أردت أن يسلم صدرك على من بينَك وبينه شحناء، أو عداوةٌ أو بغضاء فأكثر من الدعاء له، واذكر محاسنه بين النَّاس، فإن هذا من أعظم أسبابِ ذهاب الغل والحقد، وسلامة الصدر على المسلمين، بهذا تكون قد رددت كيد شيطانك، وألجمت نْفسك.

 

خامساً: ترك الغيبة والنميمة والنيل من أعراض خُصُومِك:

إذا شئت أن تحيا سليمًا من الأذى وحظُكَ موفورٌ وعرضُكَ صينٌ

لسانكَ لا تَذْكُر به عَوْرَة امرئٍ فكُلُكَ عَوْرَاتٍ وللناسِ ألسنُ

وَعيْنَكَ إِن أبدت إليك مساوءً فصنها وقل يا عين للناس أعين

وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى وفارق ولكن بالتي هي أحسن

 

سادساً: ترك المراء والجدال، فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا، وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ»

(أخرجه أبو داود: «4800»، وحسنه الألباني في حجة النبي صلى الله عليه وسلم، ص:24).

 

سابعاً: عدم إساءة الظن، قال عز وجل:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات من الآية:12]؛

وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

«إياكم والظنَّ، فإنَّ الظنَّ أكذبُ الحديث»

(أخرجه

البخاري: [5925]، ومسلم: [6488]).

 

ثامناً: إفشاء السلام، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا. أَوَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلاَمَ بَينَكُمْ»

(أخرجه مسلم: [157]).

وعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ»

(أخرجه البخاري: [5727]، ومسلم: [2560]).

وقال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه:"ثَلاثٌ يُصَفِّينَ لَكَ وُدَّ أَخِيكَ: تُسَلِّمُ عَلَيْهِ إِذَا لَقِيتَهُ، وَتُوَسِّعُ لَهُ فِي الْمَجْلِسِ، وَتَدْعُوهُ بِأَحَبِّ أَسْمَائِهِ إِلَيْهِ"

(أخرجه ابن المبارك في الزهد: [352]، وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق: [316]، و ابن عساكر في تاريخ دمشق: [44/359]).

قال ابن العربي رحمه الله تعالى: "من فوائد إفشاء السلام حصول الألفة فتتألف الكلمة وتعم المصلحة وتقع المعاونة على إقامة شرائع الدين وإخزاء الكافرين".

(فيض القدير: [2/23]).

 

تاسعاً: الهدية، فعن أبي هريرة رضيالله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

«تَهَادَوْا تَحَابُّوا»

(أخرجه البخاري في الأدب المفرد: [594]، والطبراني في الأوسط: [7240]، والبيهقي في الشعب: [6/479]، وحسنه الألباني في الإرواء: [1601]).

 

عاشراً: الرضا بقضاء الله وقدره، فمن الناس من يعترض على ما قضاه الله وقدره من خير لأخيه المسلم فيَحْسُدُه، ويَدْخُلُ الحقدُ والدغلُ إلى قلبه،

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "إنَّ الرضى يفتح له بابَ السلامة فيجعل قلبه سليماً نقياً من الغش والدغل والغل، ولا ينجو من عذاب الله إلا من أتى الله بقلب سليم"

(مدارج السالكين: [2/207]).

 

الحادي عشر: كثرة الدعاء بأن يُذهبَ اللهُ وحرَ صَدْرِكَ، وسَخِيْمَةَ قَلْبِكَ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو:

«وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ قَلْبِي»

وفي رواية الترمذي: «صَدْرِيْ» ؛

والسخيمة: هي الغل، والحقد، والحسد، ونحوها مما يسكن القلب من مساوئ الأخلاق، ورديء الفعال.

وعن شدادِ بنِ أوسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ فِي صَلاتِهِ «:اللهمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّباتَ فِي الأَمْرِ، وعَزِيمَةَ الرُّشْدِ، وشُكْرَ نِعْمَتِكَ، وحُسْنَ عِبَادَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ قَلْباً سَلِيماً»

خرجه أحمد: [4/125]، والنسائي: [1302]، وصححه ابن حبان: [1688])؛

فعلى المسلم أن يلتزم هذا الدعاء لنفسه، وأن يدعو به لإخوانه المسلمين.

 

أسأل الله أن يرزقنا سلامة الصدر على المسلمين، والعفو عن عباد الله أجمعين.

والحمد لله رب العالمين

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

موضوع قيم ومفيد

جزاكِ الله خيرا عروس الحبيبه ونفع بكِ

وجعله في موازين حسناتك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إ ق ت ب ا س

ثانياً: الإخلاص لله تعالى، فتتركها لله، تبتغي بذلك وجه الله عز وجل، فعن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

 

«ثَلاَثٌ لاَ يُغَلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ -أي لا يحمل في قلبه حسداً ولا غلاً- إِخْلاَصُ الْعَمَلِ لِله، وَمُنَاصَحَةُ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلُزُومِ جَمَاعَتِهِمْ فَإِنَّ الدَّعْوَةَ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ»

 

(أخرجه أحمد: [3/225]، والترمذي: [2658]، وابن ماجه: [230]، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة: [404]).

 

جزاك الله خير عروس الحبيبة

تم تعديل بواسطة ميرفت ابو القاسم

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

مقال جداً طيب جداً مفيد جداً رائع بفضل الله

جزاك الله خيراً عروس القرآن حبيبتنا

 

استفدت منه فعلا بفضل الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

وجزاكنّ الله خيرًا مثلُه أخواتي الحبيبات

سعدت بمروركنّ العطر

جملكنّ الله بالطاعات

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

موضوع قيم جدا ()

جزاك الله خيرا يا حبيبة.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بسم الله

و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته

 

اللهم بارك موضوع قيم عروس الحبيبة

جزاك الله خيرًا ()

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

مقال قيّم ورائع

بارك الله فيك أختي الحبيبة ونفع بكِ.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

@

 

وجزاكنّ الله خيرًا مثلُه يا حبيبات

بوركنّ وبورك مروركنّ الكريم

أسأل الله أن يرزقنا جميعًا سلامة الصدر إلى أن نأتيه بقلب سليم

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×