اذهبي الى المحتوى
*إشراقة فجر*

وقفة مع قوله تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا... ﴾

المشاركات التي تم ترشيحها

بسم الله الرحمن الرحيم

السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:

 

قال تعالى: (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ) [مريم: 71، 72].

...

 

 

قال الشيخ عبدالرحمن بن سعدي:

 

"هذا خطاب لسائر الخلائق، برهم وفاجرهم، ومؤمنهم وكافرهم، أنه ما منهم من أحد إلا سيرد النار حكمًا حتمه الله على نفسه، وأوعد به عباده، فلا بد من نفوذه، ولا محيد عن وقوعه"

[1]. اهـ.

 

 

روى الإمام الترمذي في سننه من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يرد الناس النار ثم يصدرون عنها بأعمالهم فأولهم كلمح البرق، ثم كالريح، ثم كحضر الفرس، ثم كالراكب في رحله، ثم كشد الرجل ثم كمشيه"

[2].

 

 

وهذا الحديث له شواهد في الصحيحين،

والصراط الذي وردت الإشارة إليه في الأحاديث هو جسر منصوب على متن جهنم، وهو صراط دقيق جدًا كما جاء في حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنه قال: "بلغني أن الجسر أدق من الشعرة، وأحد من السيف"[3].

 

 

والصراط ثابت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، قال السفاريني - رحمه الله -: والصراط شرعًا جسر ممدود على متن جهنم يرده الأولون والآخرون فهو قنطرة جهنم بين الجنة والنار وخُلِق من حين خلقت جهنم[4].

 

 

قال الشاعر:

 

أمـــــامــــــي مـــوقف قـــدام ربــي ... يسائلني وينكشف الغطاءُ

وحسبي أن أمر على صراط ...كحد السيف أسفله لظاءُ

 

روى البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في حديث طويل: "ثم يضرب الجسر على جهنم، وتحل الشفاعة، ويقولون: اللهم سلّم سلّم، قيل: يا رسول الله، وما الجسر؟ قال: دحض مزلة - قال في الحاشية: "الدحض والمزلة بمعنى واحد وهو الموضع الذي تزل فيه الأقدام، ولا تستقر"- فيه خطاطيف وكلاليب وحسك- الخطاف هو الحديدة المعوجة كالكلوب يختطف بها الشيء، والكلابيب هي حديدة معطوفة الرأس، ويعلق عليها اللحم، والحسك هي شوكة صلبة معروفة - فيمر المؤمنون كطرف العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاويد الخيل والركاب، فناج مسلم ومخدوش مرسل ومكدوس في نار جهنم، حتى يمر آخرهم يسحب سحبًا... الحديث"

[5].

 

 

قوله تعالى: (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا) [مريم: 72].

...

 

 

قال ابن كثير:

 

أي إذا مر الخلائق كلهم على النار، وسقط فيها من سقط من الكفار، والعصاة ذوي المعاصي بحسبهم، نجى الله تعالى المؤمنين المتقين منها بحسب أعمالهم، فجوازهم على الصراط وسرعتهم بقدر أعمالهم التي كانت في الدنيا

[6]. اهـ.

 

 

ومن فوائد الآيتين الكريمتين:

 

أولًا: أن الورود على النار لا بد منه لكل الناس، روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أم مبشر امرأة زيد بن حارثة قالت:

كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيت حفصة، فقال: لا يدخل النار أحد شهد بدرًا والحديبية، قالت حفصة: أليس يقول الله تعالى: (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا) [مريم: 71]، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا) [مريم: 72]

[7].

 

 

وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم"

[8].

 

 

ثانيًا:

الصراط حق يجب الإيمان به، والاستعداد له بالعمل الصالح، قال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله -: "والصراط حق، يوضع على شفير جهنم، ويمر الناس عليه، والجنة من وراء ذلك، نسأل الله لسلامة في الجواز"[9].

 

 

ثالثًا: أن

التقوى سبب النجاة في الدنيا والآخرة؛ لقوله تعالى: (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا) [مريم: 72].

 

وقال تعالى: (وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [الزمر: 61].

 

 

رابعًا: أن الظلم عاقبته الهلاك في الدنيا والآخرة، لقوله في هذه الآية: (وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا)[مريم: 72].

 

 

وقال تعالى: (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [النمل: 52].

 

 

وفي الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته" قال ثم قرأ: ( وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ) [هود: 102].

 

 

وقال تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ) [إبراهيم: 42].

 

 

خامسًا: أن سرعة مرور المؤمن على الصراط بقدر أعماله التي كانت في الدنيا؛ فلذلك ينبغي له المسارعة إلى الخيرات والأعمال الصالحة، قال تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) [آل عمران: 133].

 

 

وقال تعالى: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) [الأنبياء: 90].

 

 

وقال تعالى: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) [فاطر: 32].

 

 

قال ابن عباس - رضي الله عنه - "السابق بالخيرات يدخل الجنة بغير حساب"

[10].

 

 

ومن أمثلة المبادرة إلى الأعمال الصالحة التبكير في الحضور إلى المسجد لأداء صلاة الجماعة أو الجمعة، والإكثار من نوافل الصلاة، والصيام، والحج، والعمرة، والصدقة على الفقراء والمساكين، وغير ذلك من أبواب الخير العظيمة.

 

 

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

-----------------------------

[1] تفسير ابن سعدي، (ص 580).

[2] برقم (3159) وقال: هذا حديث حسن.

[3] صحيح مسلم برقم (183).

[4] لوامع الأنوار البهية للسفاريني (2 /189).

[5] صحيح البخاري برقم (4581)، وصحيح مسلم برقم (183) مختصًرا.

[6] تفسير ابن كثير (9 /287).

[7] (44 /590) برقم (27042) وقال محققوه: صحيح.

[8] صحيح البخاري برقم (6656)، وصحيح مسلم برقم (2632) واللفظ له.

[9] البخاري برقم (4686)، ومسلم برقم (2583).

[10] تفسير ابن كثير (11 /323).

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

يارب سلم ..سلم

جزاك الله خيرا على التذكرة

اللهم قنى عذاب النار

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

جزاكِ الله خيراً أختي الحبيبة إشراقة على هذه الفائدة

لاحرمكِ الله تعالى الأجر

 

وكان لي استفسار هل هذه الآية توافق قوله تعالى في سورة التكاثر : { كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7) }

أسأل الله تعالى أن يخلصنا من النار سالمين ويدخلنا الجنة آمنين برحمته يا أرحم الراحمين

 

(ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا) [مريم: 72].

 

وقال تعالى: (وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [الزمر: 61].

 

 

 

اللهـــــــــــــم اجعلنا منهم يــــــــــــــــارب

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

يـــارب ســلـّم ســلـّم

 

برحمتك نستغيث ...اللهم حـرم أجسادنا على النار

 

وأدخلنا الجنة بغير حساب ولا سابقة عذاب

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بارك الله فيكنّ وجزاكنّ خيرا أخياتي الحبيبات

أسأل الله أن يجعلنا من الذين قال فيهم: (ثم ننجي الذين اتقوا)

اللهم آمين

 

@

بالنسبة لسؤالك حبيبتي ، أرجو أن يفيدك هذا

 

 

وقوله : لترون الجحيم جواب قسم محذوف ، وفيه زيادة وعيد وتهديد : أي والله لترون الجحيم جواب قسم محذوف ، وفيه زيادة وعيد وتهديد : أي والله لترون الجحيم في الآخرة .

 

قال الرازي : وليس هذا جواب لو ، لأن جواب لو يكون منفيا ، وهذا مثبت ولأنه عطف عليه ثم لتسألن وهو مستقبل لا بد من وقوعه . قال : وحذف جواب لو كثير ، والخطاب للكفار ، وقيل عام كقوله وإن منكم إلا واردها [ مريم : 71 ] قرأ الجمهور لترون بفتح التاء مبنيا للفاعل وقرأ الكسائي ،وابن عامر بضمها مبنيا للمفعول .

 

ثم كرر الوعيد والتهديد للتأكيد فقال ثم لترونها عين اليقين أي ثم لترون الجحيم الرؤية التي هي نفس اليقين ، وهي المشاهدة والمعاينة ، وقيل المعنى : لترون الجحيم بأبصاركم على البعد منكم ، ثم لترونها مشاهدة على القرب .

 

وقيل المراد بالأول رؤيتها قبل دخولها ، والثاني رؤيتها حال دخولها .

وقيل هو إخبار عن [ ص: 1652 ] دوام بقائهم في النار : أي هي رؤية دائمة متصلة .

وقيل المعنى : لو تعلمون اليوم علم اليقين وأنتم في الدنيا لترون الجحيم بعين قلوبكم ، وهو أن تتصوروا أمر القيامة وأهوالها .

 

ثم لتسألن يومئذ عن النعيم أي عن نعيم الدنيا الذي ألهاكم عن العمل للآخرة .

 

قال قتادة : يعني كفار مكة كانوا في الدنيا في الخير والنعمة ، فيسألون يوم القيامة عن شكر ما كانوا فيه ، ولم يشكروا رب النعم حيث عبدوا غيره وأشركوا به .

 

قال الحسن : لا يسأل عن النعيم إلا أهل النار .

 

وقال قتادة : إن الله سبحانه سائل كل ذي نعمة عما أنعم عليه ، وهذا هو الظاهر ، ولا وجه لتخصيص النعيم بفرد من الأفراد ، أو نوع من الأنواع لأن تعريفه للجنس أو الاستغراق ، ومجرد السؤال لا يستلزم تعذيب المسئول على النعمة التي يسأل عنها ، فقد يسأل الله المؤمن عن النعم التي أنعم بها عليه فيم صرفها ، وبم عمل فيها ؟ ليعرف تقصيره وعدم قيامه بما يجب عليه من الشكر ، وقيل السؤال عن الأمن والصحة ، وقيل عن الصحة والفراغ ، وقيل عن الإدراك بالحواس ، وقيل عن ملاذ المأكول والمشروب ، وقيل عن الغداء والعشاء ، وقيل عن بارد الشراب وظلال المساكن ، وقيل عن اعتدال الخلق ، وقيل عن لذة النوم ، والأولى العموم كما ذكرنا .

 

وقد أخرج ابن أبي حاتم عن أبي بردة في قوله : ألهاكم التكاثر قال : نزلت في قبيلتين من قبائل الأنصار في بني حارثة وبني الحارث تفاخروا وتكاثروا ، فقالت إحداهما : فيكم مثل فلان وفلان ؟ وقال الآخرون مثل ذلك ، تفاخروا بالأحياء . ثم قالوا : انطلقوا بنا إلى القبور ، فجعلت إحدى الطائفتين تقول : فيكم مثل فلان يشيرون إلى القبر ، ومثل فلان ، وفعل الآخرون كذلك ، فأنزل الله ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر لقد كان لكم فيما زرتم عبرة وشغل .

 

وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : ألهاكم التكاثر قال : في الأموال والأولاد .

 

وأخرج ابن أبي حاتم ، وابن مردويه عن زيد بن أسلم عن أبيه قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ألهاكم التكاثر يعني عن الطاعة حتى زرتم المقابر يقول : حتى يأتيكم الموت كلا سوف تعلمون يعني لو قد دخلتم قبوركم ثم كلا سوف تعلمون يقول : لو قد خرجتم من قبوركم إلى محشركم كلا لو تعلمون علم اليقين قال : لو قد وقفتم على أعمالكم بين يدي ربكم لترون الجحيم وذلك أن الصراط يوضع وسط جهنم ، فناج مسلم ومخدوش مسلم ومكدوش في نار جهنم ثم لتسألن يومئذ عن النعيم يعني شبع البطون وبارد المشرب وظلال المساكن واعتدال الخلق ولذة النوم .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

 

وقوله : لترون الجحيم جواب قسم محذوف ، وفيه زيادة وعيد وتهديد : أي والله لترون الجحيم جواب قسم محذوف ، وفيه زيادة وعيد وتهديد : أي والله لترون الجحيم في الآخرة .

 

قال الرازي : وليس هذا جواب لو ، لأن جواب لو يكون منفيا ، وهذا مثبت ولأنه عطف عليه ثم لتسألن وهو مستقبل لا بد من وقوعه . قال : وحذف جواب لو كثير ، والخطاب للكفار ، وقيل عام كقوله وإن منكم إلا واردها [ مريم : 71 ] قرأ الجمهور لترون بفتح التاء مبنيا للفاعل وقرأ الكسائي ،وابن عامر بضمها مبنيا للمفعول .

 

ثم كرر الوعيد والتهديد للتأكيد فقال ثم لترونها عين اليقين أي ثم لترون الجحيم الرؤية التي هي نفس اليقين ، وهي المشاهدة والمعاينة ، وقيل المعنى : لترون الجحيم بأبصاركم على البعد منكم ، ثم لترونها مشاهدة على القرب .

 

وقيل المراد بالأول رؤيتها قبل دخولها ، والثاني رؤيتها حال دخولها .

وقيل هو إخبار عن [ ص: 1652 ] دوام بقائهم في النار : أي هي رؤية دائمة متصلة .

وقيل المعنى : لو تعلمون اليوم علم اليقين وأنتم في الدنيا لترون الجحيم بعين قلوبكم ، وهو أن تتصوروا أمر القيامة وأهوالها .

 

ثم لتسألن يومئذ عن النعيم أي عن نعيم الدنيا الذي ألهاكم عن العمل للآخرة .

 

قال قتادة : يعني كفار مكة كانوا في الدنيا في الخير والنعمة ، فيسألون يوم القيامة عن شكر ما كانوا فيه ، ولم يشكروا رب النعم حيث عبدوا غيره وأشركوا به .

 

قال الحسن : لا يسأل عن النعيم إلا أهل النار .

 

وقال قتادة : إن الله سبحانه سائل كل ذي نعمة عما أنعم عليه ، وهذا هو الظاهر ، ولا وجه لتخصيص النعيم بفرد من الأفراد ، أو نوع من الأنواع لأن تعريفه للجنس أو الاستغراق ، ومجرد السؤال لا يستلزم تعذيب المسئول على النعمة التي يسأل عنها ، فقد يسأل الله المؤمن عن النعم التي أنعم بها عليه فيم صرفها ، وبم عمل فيها ؟ ليعرف تقصيره وعدم قيامه بما يجب عليه من الشكر ، وقيل السؤال عن الأمن والصحة ، وقيل عن الصحة والفراغ ، وقيل عن الإدراك بالحواس ، وقيل عن ملاذ المأكول والمشروب ، وقيل عن الغداء والعشاء ، وقيل عن بارد الشراب وظلال المساكن ، وقيل عن اعتدال الخلق ، وقيل عن لذة النوم ، والأولى العموم كما ذكرنا .

 

وقد أخرج ابن أبي حاتم عن أبي بردة في قوله : ألهاكم التكاثر قال : نزلت في قبيلتين من قبائل الأنصار في بني حارثة وبني الحارث تفاخروا وتكاثروا ، فقالت إحداهما : فيكم مثل فلان وفلان ؟ وقال الآخرون مثل ذلك ، تفاخروا بالأحياء . ثم قالوا : انطلقوا بنا إلى القبور ، فجعلت إحدى الطائفتين تقول : فيكم مثل فلان يشيرون إلى القبر ، ومثل فلان ، وفعل الآخرون كذلك ، فأنزل الله ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر لقد كان لكم فيما زرتم عبرة وشغل .

 

وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : ألهاكم التكاثر قال : في الأموال والأولاد .

 

وأخرج ابن أبي حاتم ، وابن مردويه عن زيد بن أسلم عن أبيه قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ألهاكم التكاثر يعني عن الطاعة حتى زرتم المقابر يقول : حتى يأتيكم الموت كلا سوف تعلمون يعني لو قد دخلتم قبوركم ثم كلا سوف تعلمون يقول : لو قد خرجتم من قبوركم إلى محشركم كلا لو تعلمون علم اليقين قال : لو قد وقفتم على أعمالكم بين يدي ربكم لترون الجحيم وذلك أن الصراط يوضع وسط جهنم ، فناج مسلم ومخدوش مسلم ومكدوش في نار جهنم ثم لتسألن يومئذ عن النعيم يعني شبع البطون وبارد المشرب وظلال المساكن واعتدال الخلق ولذة النوم .

 

 

جزاكِ الله خيراً أختي الحبيبة إشراقة على هذه الإفادة

جعله الله تعالى في ميزان حسناتكِ

 

أسأل الله تعالى أن يُخلصنا من النار سالمين ويدخلنا الجنة آمنين

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×