اذهبي الى المحتوى
أم أمة الله

دروس من سيرة حبيبنا محمد ﷺ (الجزء السابع)

المشاركات التي تم ترشيحها

0020.gif

 

 

 

94.gifدروس من سيرة حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم

الجزء السابع

0147.gif

في معارك الرسول الحربية....الوقائع التاريخية - غزوة أحد

0140.gif

 

1_وكانت يوم السبت لخمس عشرة خلت من شوال في العام الثالث للهجرة.

 

2_وسببها أن قريشا أرادت أن تثأر ليوم بدر، فما زالت تستعد حتى تجهزت لغزو الرسو ل صلى الله عليه وسلم في المدينة، فخرجت في ثلاثة آلاف مقاتل، ما عدا الأحابيش فيهم سبعمائة دارع ومائتا فارس، ومعهم سبع عشرة امرأة، فيهن هند بنت عتبة زوج أبي سفيان، وقد قتل أبوها يوم بدر، ثم ساروا حتى وصلوا بطن الوادي من قبل أحد (وهو جبل مرتفع يقع شمال المدينة على بعد ميلين منها) مقابل المدينة.

 

3_ وكان من رأي الرسول وعدد من الصحابة ألا يخرج المسلمون إليهم، بل يظلون في المدينة، فإن هاجمهم المشركون صدوهم عنها، ولكن بعض شباب المسلمين وبعض المهاجرين والأنصار، وخاصة من لم يحضر منهم معركة بدر ولم يحصل له شرف القتال فيها، تحمسوا للخروج إليهم ومنازلتهم في أماكنهم، فنزل الرسول صلى الله عليه وسلم عند رأيهم، ودخل بيته ولبس لأمته (درعه)، وألقى الترس في ظهره، وأخذ قناته بيده، ثم خرج إلى المسلمين، وهو متقلد سيفه، فندم الذين أشاروا عليه بالخروج إذ كانوا سببا في حمله على خلاف رأيه، وقالوا للرسول: ما كان لنا أن نخالفك فاصنع ما شئت أو اقعد إن شئت، فأجابهم الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: «ما كان ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه»، ثم خرج والمسلمون معه في نحو ألف بينهم مائة دارع وفرسان. _ولما تجمع المسلمون للخروج، رأى الرسول جماعة من اليهود يريدون أن يخرجوا مع عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين للخروج مع المسلمين، فقال الرسول: «أو قد أسلموا؟ قالوا: لا يارسول الله، قال: مروهم فليرجعوا؛ فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين»، وفي منتصف الطريق انخذل عن المسلمين عبد الله بن أبي بن سلول ومعه ثلاثمائة من المنافقين، فبقي عدد المسلمين سبعمائة رجل فحسب.

 

 

4_ ثم مضى الرسول حتى وصل إلى ساحة أحد، فجعل ظهره للجبل ووجهه للمشركين، وصف الجيش، وجعل على كل فرقة منه قائدا، واختار خمسين من الرماة، على رأسهم عبد الله بن جبير الأنصاري ليحموا ظهر المسلمين من التفاف المشركين وراءهم، وقال لهم: «احموا ظهورنا، لا يأتونا من خلفنا، وارشقوهم بالنبل؛ فإن الخيل لا تقوم على النبل، إنا لا نزال غالبين ماثبتم مكانكم، اللهم إني أشهدك عليهم» وقال لهم في رواية أخرى: «إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم هذا حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا هزمنا القوم أو ظاهرناهم وهم قتلى، فلا تبرحوا مكانكم حتى أرسل إليكم».

 

 

5_ثم ابتدأ القتال، ونصر الله المؤمنين على أعدائهم، فقتلوا منهم عددا، ثم ولوا الأدبار، فانغمس المسلمون في أخذ الغنائم التي وجدوها في معسكر المشركين، ورأى ذلك من وراءهم من الرماة فقالوا: ماذا نفعل وقد نصر الله رسوله؟ ثم فكروا في ترك أمكنتهم لينالهم نصيب من الغنائم، فذكرهم رئيسهم عبد الله بن جبير بوصية الرسول، فأجابوا بأن الحرب قد انتهت، ولا حاجة للبقاء حيث هم، فأبى عبد الله ومعه عشرة آخرون أن يغادروا أمكنتهم.

 

6_ رأى خالد بن الوليد وكان قائد ميمنة المشركين خلو ظهر المسلمين من الرماة، فكرَّ عليهم من خلفهم، فما شعر المسلمون إلا والسيوف تناوشهم من هناوهناك، فاضطرب حبلهم، وأشيع أن الرسول قد قتل، ففر بعضهم عائدا إلى المدينة، واستطاع المشركون أن يصلوا إلى الرسول، فأصابته حجارتهم حتى وقع وأغمي عليه، فشج وجهه، وخدشت ركبتاه، وجرحت شفته السفلى، وكسرت الخوذة على رأسه، ودخلت حلقتان من حلقات المِغفر في وجنته، وتكاثر المشركون على الرسول يريدون قتله، فثبت صلى الله عليه وسلم وثبت معه نفر من المؤمنين، منهم: أبو دجانة، تترس على الرسول ليحميه من نبال المشركين، فكان النبل يقع على ظهره، ومنهم سعد بن أبي وقاص رمى يومئذ نحو ألف سهم، ومنهم: نسيبة أم عمارة الأنصارية، تركت سقاء الجرحى، وأخذت تقاتل بالسيف، وترمي بالنبل، دفاعا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصابها في عنقها، فجرحت جرحا عميقا، وكان معها زوجها وابناها، فقال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم: «بارك الله عليكم أهل بيت» فقالت له نسيبة: ادع الله أن نرافقك في الجنة، فقال: «اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة» فقالت رضي الله عنها بعد ذلك: «ما أبالي ما أصابني من أمر الدنيا» وقد قال صلى الله عليه وسلم في حقها: «ما التفت يمينا وشمالا يوم أحد، إلا ورأيتها تقاتل دوني» وقد جرحت يومئذ اثني عشر جرحا، ما بين طعنة برمح وضربة بسيف.

 

7_وقد حاول في ساعة الشدة أن يصل أبي بن خلف إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ليقتله، وأقسم ألا يرجع عن ذلك، فأخذ عليه السلام حربة ممن كانوا معه، فسددها في نحره، فكانت سبب هلاكه، وهو الوحيد الذي قتله صلى الله عليه وسلم في جميع معاركه الحربية.

 

 

8_ثم استطاع صلى الله عليه وسلم الوقوف والنهوض على أكتاف طلحة بن عبيد الله، فنظر إلى المشركين، فرأى جماعة منهم على ظهر الجبل، فأرسل من ينزلهم قائلا: «لا ينبغي لهم أن يعلونا، اللهم لا قوة لنا إلا بك» وانتهت المعركة، وقال أبو سفيان مظهرا تشفيه والمشركين من هزيمتهم يوم بدر: يوم بيوم بدر.

وممن قتل في هذه المعركة حمزة عم الرسول صلى الله عليه وسلم، ومثلت به هند زوج أبي سفيان، واحتزت قلبه ومضغته، فرأت له مرارة ثم لفظته، وقد حزن الرسول صلى الله عليه وسلم لمشهده حزنا عظيما فقال: «لئن أظهرني الله على قريش في موطن من المواطن لأمثلن بثلاثين رجلا منهم، ولكن الله نهى عن المُثلة بعد ذلك».

 

 

9_وقد بلغ عدد قتلى المسلمين في هذه المعركة نحوا من السبعين، وقتلى المشركين ثلاثة وعشرين.

وقد أنزل الله تعالى في هذه المعركة عدة آيات يضمد بها جراح المؤمنين، وينبههم إلى سبب الهزيمة التي حلت بهم، فيقول في سورة آل عمران: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ، إ ِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ، وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ، أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 139 - 142] ثم يقول بعد آيات: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم (تقتلونهم) بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِوَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، إِذْ تُصْعِدُونَ (أي تهربون إلى الجبل صاعدين). وَلاَ تَلْوُونَ عَلَى أحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غُمَّاً بِغَمٍّ (أي فجازاكم غما على غم) لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَا أَصَابَكُمْ وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [آل عمران: 152 - 153]. د.مصطفى السباعى

 

0147.gif

الدروس والعبر

0140.gif

 

وقد ذكر العلامة ابن القيم-رحمه الله-في كتابه \" زاد المعاد في هدي خير العباد \" جملة من الفوائد المستفادة من غزوة أحد، نقتبس منها ما يلي:

1- أن حكمة الله وسنته في رسله، وأتباعهم، جرت بأن يُدالوا مرّة، ويُدال عليهم أُخرى، لكن تكون لهم العاقبة، فإنهم لوا انتصروا دائماً، دخل معهم المؤمنون وغيرهم، ولم يميز الصادق من غيره، ولو انتُصِر عليهم دائماً لم يحصل المقصود من البعثة والرسالة، فاقتضت حكمة الله أن جمع لهم بين الأمرين؛ ليتميز من يتبعهم ويطيعهم للحق، وما جاؤوا به، ممن يتبعهم على الظهور والغلبة خاصة.

 

 

2- تعريف المؤمنين سوء عاقبة المعصية، الفشل، والتنازع، وأن الذي أصابهم إنَّما هو شؤم ذلك، كما قال-تعالى-:{ ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حَتَّى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا [ ] ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم } آل عمران(152). فلما ذاقوا عاقبة معصيتهم للرسول وتنازعهم، وفشلهم، كانوا بعد ذلك أشد حذراً ويقظة ، وتحرزاً من أسباب الخذلان.

 

3- أن ما حصل يوم أُحد من أعلام الرسل،كما قال هرقل لأبي سفيان: هل قاتلتموه؟، قال: نعم، قال: كيف الحرب بينكم وبينه؟، قال: سجال، يُدال علينا المرة، ونُدال عليه الأخرى، قال: كذلك الرسل تبتلى، ثم تكون لهم العاقبة.

 

4- ومنها أن يتميز المؤمن الصادق من المنافق الكاذب، فإن المسلمين لما أظهرهم الله على أعدائهم يوم بدر، وطار لهم الصيت، دخل معهم في الإسلام ظاهراً من ليس معهم فيه باطناً، فاقتضت حكمة الله-عز وجل-أن سبب لعباده محنة ميزت بين المؤمن والمنافق، فأطلع المنافقون رؤوسهم في هذه الغزوة، وتكلموا بما كانوا يكتمونه، وظهرت مُخبَّاتهم وعاد تلويحُهم تصريحاً، وانقسم النَّاس إلى كافر، ومؤمن، ومنافق، انقساماً ظاهراً، وعرف المؤمنين أن لهم عدواً في نفس دورهم وهم معهم لا يفارقونهم، فاستعدوا لهم، وتحرزوا منهم. قال الله-تعالى-:

{ ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حَتَّى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء} آل عمران(179).أي ما كان الله ليذركم على ما أنتم عليه من التباس المؤمنين بالمنافقين، حَتَّى يميز أهل الإيمان من أهل النفاق، كما ميزهم بالمحنة يوم أُحد، وما كان الله ليطلعكم على الغيب الذي يميز به بين هؤلاء وهؤلاء، فإنهم متميزون في غيبه وعلمه، وهو سبحانه يريد أن يميزهم تمييزاً مشهوداً، فيقع معلومهُ الذي هو غيب شهادة. وقوله: { ولكن الله يجتبي من رسله ما يشاء} استدراك لما نفاه من اطلاع خلقه على الغيب، سوى الرسل، فإنه يطلعهم على ما يشاء من غيبه، كما قال:{ عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول } الجن(27) .فحظكم أنتم وسعادتكم في الإيمان بالغيب الذي يطلع عليه رسله، فإن آمنتم به وأيقنتم، فلكم أعظم الأجر والكرامة.

 

5- استخراج عبودية أوليائه وحزبه في السراء والضراء، وفيما يحبون وما يكرهون، وفي حال ظفرهم وظفر أعدائهم بهم، فإذا ثبتوا على الطاعة والعبودية فيما يحبون وما يكرهون، فهم عبيده حقاً، وليسوا كمن يعبد الله على حرف واحد من السراء والنعمة والعافية.

 

6- أنه-سبحانه- ولو نصرهم دائماً، وأظفرهم بعدوهم في كل موطن، وجعل لهم التمكين والقهر لأعدائهم أبداً، لطفت نفوسهم، وشمخت وارتفعت، فلوا بسط لهم النصر والظفر، لكانوا في الحال التي يكونون فيها لو بسط لهم الرزق، فلا يصلح عباده إلا السراء والضراء والشدة والرخاء، والقبض والبسط، فهو المدبر لأمر عباده كما يليق بحكمته، إنه بهم خبير بصير.

 

7- أنه إذا امتحنهم بالغلبة، والكَسرَة، والهزيمة، ذلٌَّوا وانكسروا، وخضعوا، ما ستوجبوا منه العز والنصر، فإن خِلعة النصر إنما تكون مع ولاية الذٌّل والانكسار، قال تعالى: { ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة} آل عمران(123) ،وقال: { ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً } التوبة (25) .فهو سبحانه إذا أراد أن يُعزَّ عبده ويجبره وينصره، كسره أولاً، ويكون جبره له، ونصره على مقدار ذُلِّه وانكساره.

 

8- أنه سبحانه هيَّأ لعباده المؤمنين منازل في دار كرامته، لم تبلغها أعمالهم، ولم يكونوا بالغيها إلا بالبلاء والمحنة، فقيض لهم الأسباب التي توصلهم إليها من ابتلائه وامتحانه، كما وفقهم للأعمال الصالحة التي هي من جملة أسباب وصولهم إليها.

 

9- أن النفوس تكتسب من العافية الدائمة والنصر والغنى طغياناً وركوناً إلى العاجلة، وذلك مرض يعوقها عن جدها في سيرها إلى الله والدار الآخرة، فإذا أراد بها ربها ومالكها وراحمها كرامته، قيض لها من الابتلاءوالامتحان ما يكون دواء لذلك المرض العائق عن السير الحثيث إليه، فيكون ذلك البلاء والمحنة بمنزلة الطبيب يسقى العليل الدواء الكريه، ويقطع منه العروق المؤلمة لاستخراج الأدواء منه ، ولو تركه لغلبته الأدواء حَتَّى يكون فيها هلاكه.

 

10- أنَّ الشهادة عنده من أعلى مراتب أوليائه، والشهداء هم خواصه والمقربون من عباده، وليس بعد درجة الصِّدَّيقية إلا الشهادة، وهو سبحانه يحب أن يتخذ من عباده شهداء، تراق دماؤهم في محبته ومرضاته، ويؤثرون رضاه ومحابه على نفوسهم، ولا سبيل إلى نيل هذه الدرجة إلا بتقدير الأسباب المفضية إليها من تسليط العدو. راجع: \" زاد المعاد \" (3/ 218-222) .

 

11- صدق رؤيا النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ-، إذ رأى في منامه ثلماً في سيفه، فأوله بموت بعض آل بيته، فمات حمزة-رضي الله عنه-وعبد الله بن جحش ابن عمته -رضي الله عنه.

 

12- رد عين قتادة بعد أن تدلت على وجنته، فأصبحت أحسن منها قبل إصابتها وتدليها بعد خروجها، فكانت آية محمد-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ.

 

13- قتل النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- أبي بن خَلَف، كان قد أخبره به في مكة قبل الهجرة وتم كما أخبر فكان آية النبوة المحمدية، لم يقتل النَّبيٌّ-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- أحداً سواه، وشر الخلق من قتله نبي كما أخبر بذلك الرسول-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ.

 

14- تقرير مبدأ الشورى، إذا استشار أصحابه في قتال المشركين خارج المدينة أو داخلها، وأخذ برأي الأغلبية، وسجل حكمة انتفع بها كل من أخذ بها من مؤمن وكافر وهي قوله: \" ما كان لنبي أن يضع لامته على رأسه ثم يضعها قبل أن يحكم الله بينه وبين عدوه \"، الحاكم في مستدركه(2/141)، والبيهقي في سسننه الكبرى(7/41). إنها آية العزم ومظهر الحزم والصدق.

 

15- بيان شجاعة الرسولِ-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ-القلبية والعقلية، تجلت في مواقف عديدة له -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- منها أنه لم يثني عزمه رجوع ابنِ أُبي بثلثِ الجيش،وثباته-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- في المعركة بعد أن فرَّ الكثير من أصحابه.انتفاضته وهو مثقل بجراحاته وطَعنه أبي بن خلف طعنةً خار لها كالثور وسقط منها كالجبل ومات في طريقه.

 

16- بيان كمال قيادته العسكرية،ويتجلَّى ذلك بوضوح في اختياره مكان المعركة وزمانها، وفي وضعه الرماة على جبل الرماة ووصيته لهم بعدم مغادرة أماكنهم مهما كانت الحال، ولو رأوا الموت يتخطف إخوانهم في المعركة، ويدل على هذا أن الهزيمة النكراء التي أصابت الأصحاب كانت نتيجة تخلي الرماة عن مراكزهم،كما مَرَّ في عرض المعركة، وتسجيل أحداثها.وفي إرساله علياً-رضي الله عنه-يتتبع آثار الغزاة للتعرف على وجهتهم إلى المدينة،أو إلى مكة ليتحرك بحسب ما يتطلبه الموقف.

 

 

17- مظاهر رحمة الحبيب-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ-حيث تجلت في عفوه عن الأعمى الذي سبه ونال منه، حَتَّى هم أصحابه بقتله، فأبي عليهم، وقال:\"دعوه فإنَّه أعمى القلبِ أعمى البصر\".وفي قوله وهو يجفف الدم السائل من وجهه الكريم الشريف:\"اللهم اغفر لقومي، فإنَّهم لا يعلمون \". \"البخاري، رقم(3290).

 

وللفائدة قصة الاعمى هىَّ:

*مرَّ جيش المسلمين في أثناء ،سيره في غزوة أحد ببستان رجل كافر أعمى يُدعى: مربع بن قيظي، فلما سمع حِسَّ الجيش، قال: لا أُحِل لك إن كنت نبيًّا أن تَمرَّ في حائطي، وأخذ في يده حفنة من تراب، ثم قال: لو أعلم ألا أصيب بها غيرَك لرميتُ بها وجهَك، وأساء الأدب مع النبي - صلى الله عليه وسلم.

*فابتدره القوم ليقتلوه ويؤدِّبوه؛ عقابًا له على سوء أدبه مع خير الخلق - صلى الله عليه وسلم - لكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحِلم وعفو ورحمة أمرهم أن يتركوه، ولا يمسُّوه بسوء قائلاً لهم:

((دعوه؛ فإنه أعمى القلب أعمى البصر)

18- مظاهر صبره-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ-وقد تجلى صبره بوضوح في عدم جزعه لما أصابه وأصاب أصحابه من آلام وأحزان، ومن فوات النصر الذي قاربه في أول النهار، وخسره في آخره، حيث انقلب إلى هزيمة مرة وانكسار خطير.

 

19- بيان الآثار السيئة لتقديم الرأي على قولِ الرَّسُولِ-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ-،إذ كان من عوامل الهزيمة إصرار الصحابة على رأيهم في القتال خارج المدينة، في الوقت الذي كان الرسول يرى عدم الخروج حَتَّى ألجأوه إلى أدراعه ولباس لامته، ثم ندموا فلم ينفعهم ندم.

 

20- بيان أن الرغبة في الدنيا وطلبها بمعصية الله والرسول هي سبب كل بلاء ومحنة تصيب المسلمين،في كل زمان ومكان.

 

21- بيان صدق وعد الله للمؤمنين بالنصر،إذ ظهر ذلك في أول النهار قال-تعالى-:

{ ولقد صدقكم الله وعد إذ تحسونهم بإذنه} آل عمران(152) .

 

22- بيان عقوبة الله-تعالى-للمؤمنين لما عصوه بترك الرماة لمراكزهم الدفاعية،وطلبهم للغنيمة،ولما تسائلوا عن سبب هزيمتهم أجابهم–تعالى-بقولِهِ:{ قل هو من عند أنفسكم } آل عمران(165) .وهو ظاهر قوله-تعالى-

:{ إذ تحسونهم بإذنه حَتَّى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون} أي من النصر

{منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين }. آل عمران152

 

0147.gif

 

بارك الله فيكم على طيب المتابعة ورزقنا الله وايَّاكم شفاعة حبيبنا صلى الله عليه وسلم ومجاورته فى الجنّة

الحلقة القادمة بإذن الله تعالى غزوة بنى النضير

المراجع

السيرة النبوية - دروس وعبر د. مصطفى السباعى

زاد المعاد لابن القيم

167261d1430013669-a-.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×