اذهبي الى المحتوى
أم ريان الأثرية

الدليل على وجوب الحج في الكتاب والسنة، وبيان فضائله .

المشاركات التي تم ترشيحها

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأولين و الآخرين وعلى آله وصحبه والتابعين ،

وبعدُ :

يقول الإمام العلامة الشنقيطي رحمه الله تعالى :

قد دل الكتاب، والسنة، وإجماع المسلمين: على وجوب الحج مرة واحدة في العمر، وهو إحدى الدعائم الخمس، التي بني عليها الإسلام إجماعاً.

 

 

أما دليل وجوبه من كتاب الله: فقوله تعالى {وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَـٰعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱلله غَنِىٌّ عَنِ ٱلْعَـٰلَمِينَ}.

 

 

وأما السنة فالأحاديث في ذلك كثيرة، ومن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ قال «خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا»، فقال رجل: أكل عام يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: فسكت حتى قالها ثلاثاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو قلت: نعم لوجبت ولما استطعتم، ثم قال: ذروني ما تَرَكْتُكُم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه» انتهى منه.

 

 

ومحل الشاهد من هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: «أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا»، ونحوه أخرجه الإمام أحمد والنسائي، واستدل بهذا الحديث على أن الأمر المجرد من القرائن، لا يقتضي التكرار كما هو مقرر في الأصول.

 

 

والدليل على أنه إحدى الدعائم الخمس التي بني عليها الإسلام: حديث ابن عمر المتفق عليه: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «بني الإسلام على خمس: شهادة أنْ لا إلٰه إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان» هذا لفظ البخاري.

 

 

 

وقد وردت في فضل الحج والترغيب فيه أحاديث كثيرة: فمن ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال «إيمان بالله ورسوله قيل: ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله، قيل ثم ماذا؟ قال: حج مبرور» متفق عليه. وعنه رضي الله عنه أيضاً قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه» متفق عليه أيضاً: وعنه أيضاً رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما: والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» متفق عليه أيضاً، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟ قال: «لكن أفضل من الجهاد: حج مبرور» رواه البخاري: وعنها أيضاً رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء» أخرجه مسلم بهذا اللفظ. والأحاديث في الباب كثيرة. وفضل الحج وكونه من الدعائم الخمس معروف.

أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن

تفسير سورة الحج

يتبع

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

هذه إضافة للموضوع تم نشرها من أخت اخرى انقلها انا لكم للفائدة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِـــيمِ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدِّين، أما بعد ...

نُقل في هذه المشاركة جزءً من المسألة الأولى من المسائل التي ذكرها العلامة المفسِّر محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى في [أضواء البيان: 5/ 74-75] عند قول الله تعالى: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) [سورة الحج: 27]:

(قَدْ دَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وُجُوبِ الْحَجِّ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي الْعُمُرِ، وَهُوَ إِحْدَى الدَّعَائِمِ الْخَمْسِ، الَّتِي بُنِيَ عَلَيْهَا الْإِسْلَامُ إِجْمَاعًا.

أَمَّا دَلِيلُ وُجُوبِهِ:

ـ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ).

ـ وَأَمَّا السُّنَّةُ فَالْأَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ، وَمِنْ ذَلِكَ: مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِلَفْظِ: قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا» ، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ، لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ، ثُمَّ قَالَ: ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ، وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ». انْتَهَى مِنْهُ.

 

وَمَحَلُّ الشَّاهِدِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا»، وَنَحْوُهُ أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ، وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ الْمُجَرَّدَ مِنَ الْقَرَائِنِ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي الْأُصُولِ.

 

وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ إِحْدَى الدَّعَائِمِ الْخَمْسِ الَّتِي بُنِيَ عَلَيْهَا الْإِسْلَامُ:

 

حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهُ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» هَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ.

 

وَقَدْ وَرَدَتْ فِي فَضْلِ الْحَجِّ وَالتَّرْغِيبِ فِيهِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ، فَمِنْ ذَلِكَ:

 

ـ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ «إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: حَجٌّ مَبْرُورٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ـ وَعَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَيْضًا.

 

ـ وَعَنْهُ أَيْضًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَيْضًا.

 

ـ وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَرَى الْجِهَادَ أَفْضَلَ الْعَمَلِ، أَفَلَا نُجَاهِدُ؟ قَالَ: «لَكِنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

ـ وَعَنْهَا أَيْضًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِهَذَا اللَّفْظِ. وَالْأَحَادِيثُ فِي الْبَابِ كَثِيرَةٌ. وَفَضْلُ الْحَجِّ وَكَوْنُهُ مِنَ الدَّعَائِمِ الْخَمْسِ مَعْرُوفٌ.)

 

 

حتى هذا الموضع المنقول من كلام العلامة الشنقيطي رحمه الله تعالى هناك ثلاث وقفات، وهي متعلقة بالتالي:

أولًا: ما هي الآيات التي يذكرها أهل العلم عادة لإثبات حكم الوجوب للحج؟!

 

ثانيـًا: [فائدة تربوية وفقهية] متى يَسأل الإنسان عن الأمور التي تخفى عليه ومتى يحجم؟!

 

ثالثـًا: ما هي صفة الحج المبرور؟

سيتم وضعها تباعاً .

 

 

 

 

للأمانة منقوووول

 

يتبع

تم تعديل بواسطة أم ريان الأثرية

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

أولًا: ما هي الآيات التي يذكرها أهل العلم عادة لإثبات حكم الوجوب للحج؟!

 

الجـواب:

 

هذا السؤال في الحقيقة يخطر في ذهن القارئ عندما يقرأ أقوال أهل العلم عند فقرة حكم الحج، ومن الضروري ضبط الإجابة؛ لأنها متعلقة بمسائل أخرى في هذا الباب مثل مسألة هل الحج على الفور أم التراخي؟!

وفعل العلامة الشنقيطي رحمه الله تعالى عند حديثه عن أدلة وجوب الحج من الكتاب يدل على فقه عظيم واطلاع واسع فلقد ذكر آية واحدة وفي الحقيقة هي العمدة في هذا الباب ولم يذكر غيرها في هذا الموضع، بينما عندما أراد سرد الأدلة من السُّـنَّة قال رحمه الله تعالى: "وَأَمَّا السُّنَّةُ فَالْأَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ" فلماذا لم يذكر رحمه الله تعالى الآيات الأخرى؟!

ـ لمعرفة الجواب نحتاج لمعرفة ما هي الآيات الأخرى المتعلقة التي يسردها أهل العلم لإثبات وجوب الحج من الكتاب، قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره: "وَقَوْلُهُ: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا) هَذِهِ آيَةُ وُجُوب الْحَجِّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَقِيلَ: بَلْ هِيَ قَوْلُهُ: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) [الْبَقَرَةِ:196] وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ." لماذا كان الأول أظهر، وبسببه لم يورد العلامة الشنقيطي رحمه الله تعالى الآية (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) كدليل على وجوب الحج؟!

 

قال الشيخ محمد بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى معلقـًا[1] على مَن اعتبر قوله تعالى(وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) دليلًا على وجوبهما:

"وهذا في الحقيقة إنما يكون الاستدلال به في إتمامهما إذا شرع فيهما، أمَّا في الوجوب فلا يظهر الاستدلال بهذه الآية قوله جَلَّ وعلا: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) ظاهر الآية إنما هو في إيجاب الإتمام لمن شرع فيهما، أما أن يُستدل بها على الوجوب ففيه نظر." انتهى كلام الشيخ حفظه الله تعالى.

إذن هذه الآية لا تدل دلالة ظاهرة على وجوب الحج ابتداءً بل تدل على وجوب إكماله لمن شرع به.

ـ والآن الآية الثانية والتي ذكرها العلامة الشنقيطي رحمه الله تعالى في موضع متقدم[2] وهي قوله تعالى: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) هذه الآية هي الدليل على وجوب الحج عند بعض العلماء؛ لأن الخطاب لنبينا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وهذا قول الحسن ومال إليه القرطبي رحمهما الله تعالى، وهو خلاف قول الجمهور حيث قالوا إنَّ الخطاب لإبراهيم عليه السلام كما هو ظاهر من السياق، وقول الجمهور أنَّ وجوب الحج على هذه الأمة بهذه الآية مبني على أن شرع من قبلنا شرع لنا.

إذن فلدينا ثلاث آيات ذكرها العلماء على وجوب الحج على هذه الأمة أظهرها وأجودها على حكم الوجوب قوله تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا) والله تعالى أعلى وأعلم.

ـــــــــــــــ

[1] ينظر تفريغات ميراث الأنبياء لشرح مفيد الأنام ونور الظلام للشيخ محمد بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى، الشريط رقم (1).

[2] ينظر لمزيد فائدة: أضواء البيان: 5/ 70-71.

 

 

يتبع

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

ثانيـًا: [فائدة تربوية وفقهية] متى يَسأل الإنسان عن الأمور التي تخفى عليه ومتى يحجم؟!

أورد العلامة الشنقيطي رحمه الله تعالى الحديث الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِلَفْظِ: قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا» ، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ، لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ، ثُمَّ قَالَ: ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ، وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ».

 

فلنتأمل قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ، وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ» وفيه فوائد استنبطها العلامة العثيمين رحمه الله تعالى في مواضع مختلفة[1] سأورد بعضًا منها، وهي:

 

1) النهي والإنكار على الذين يسألون رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم مسائل فلقد جاء في الصحيحينِ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قوله: (أن أعظم المسلمين جرمـًا مَن سأل عن شيءٍ لم يحرَّم فحُرِّم من أجل مسألته)؛ والمطلوب من المسلم في زمن الوحي أن يسكت حتى ينزل ما أراد الله عز وجل من أمر أو نهي، ففي عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم لا ينبغي أن يسأل عن شيء مسكوت عنه، ولهذا قال: (دعوني ما تركتكم، فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم) أما في عهدنا، وبعد انقطاع الوحي بموت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فاسألْ، اسأل عن كل شيء تحتاج إليه؛ لأن الأمر مستقر الآن، وليس هناك زيادة ولا نقص، أما في عهد التشريع فيمكن أن يزاد ويمكن أن ينقص.

2) كثرة الأسئلة للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فيها مشابهة لليهود والنصارى.

 

3) كثرة المسائل والاختلاف على الأنبياء من أسباب الهلاك في عهد النبوة عهد التشريع.

 

4) الواجب على المسلم أن يسأل عن كل ما يحتاج إلى السؤال عنه ولا حرج عليه، أما أغلوطات المسائل وألغاز المسائل والأشياء التي يقصد بها التشدد والتعنت فهذه منهي عن السؤال عنها لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (هلك المتنطعون هلك المتنطعون هلك المتنطعون) والله أعلم.

 

5) التنبيه على فهم خاطئ منتشر بين العامة وهو: أنَّ بعض العوام يفهم من قوله تعالى: (لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (ذروني وما تركتكم ...) يفهم من ذلك فهمـًا خاطئـًا فتجده يفعل الحرام، ويترك الواجب ولا يسأل، حتى إن بعضهم يقال له: هذا حرام، اسألِ العلماء، فيقول: (لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم)!! وهذا لا يجوز، فالواجب على الإنسان أن يتفقه في دين الله، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين).

 

هذا والله تعالى أعلى وأعلم.

ـــــــــ

[1] ينظر: تفسير (سورتي الفاتحة والبقرة) لابن عثيمين: 1/ 354-355 ط. دار ابن الجوزي، وشرح رياض الصالحين لابن عثيمين: 2/ 271-272، وكذلك 5/ 319-320، ط. مدار الوطن، وتم النقل من هذه المواضع وبتصرف.

 

يتبع

32.gif

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

ثالثـًا: ما هي صفة الحج المبرور؟

 

ـ يقول الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ حفظه الله تعالى: "اختلفت عبارات السلف في تفسير الحج المبرور، فمنهم من قال: الذي لا يخالطه إثم، ومنهم من قال: الذي لا رياء فيه ولا سمعة ولا رفث ولا فسوق، وقيل : الذي لا معصية بعده، وكلها أقوال صحيحة يجمعها أن الحج المبرور هو الذي يُؤدى تقربـًا إلى الله وطاعة له، خالصـًا من أدران الشرك صغيره وكبيره والبدع والمعاصي، ويكون حاملًا لصاحبه على إحسان العمل بعده"[1] انتهى كلام الشيخ حفظه الله تعالى.

 

ـ وقال العلامة الفقيه محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:

 

"الحج المبرور هو الذي جمع عدة أوصاف:

 

الوصف الأول: أن يكون خالصًا لله عز وجل، بحيث لا يريد الإنسان بحجه ثناءً من الناس، أو استحقاق وصف معين يوصف به الحاج، أو شيئـًا من الدنيا دون عمل الآخرة، أو ما أشبه ذلك.

الوصف الثاني: أن يكون متبعًا فيه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، بحيث يأتي بالحج كما حج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أو أذن فيه، ودليل هذا قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"[2] وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: "خذوا عني مناسككم"[3] ومن ثم يتبين ضرورة الإنسان إذا أراد الحج إلى أن يقرأ مناسك الحج قبل أن يحج حتى يحج على بصيرة وبرهان، وإذا كان لا يستطيع القراءة فليشتر ما يستمع إليه من أشرطة من علماء موثوق بهم وإن لم يتيسر ذلك فليسأل علماء بلده كيف يحج، ولا أظن العلماء يقصرون في بيان ذلك عند سؤالهم عنه.

 

الوصف الثالث: أن يكون من نفقات طيبة، أي من كسب طيب؛ لأن الكسب الخبيث خبيث، فليتحرى الإنسان أن تكون نفقاته في الحج من كسب طيب، لأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبًا.

الوصف الرابع: أن يتجنب فيه المآثم سواءً كانت هذه المآثم، من خصائص الإحرام كمحظورات الإحرام، أو من المآثم العامة كالغيبة، والنميمة، والكذب وما أشبه ذلك، لقول الله تعالى: (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) [سورة البقرة: 197].

 

ومن هذا أن يتجنب أذية الناس بالمزاحمة عند الطواف، أو السعي، أو الجمرات، أو غير ذلك؛ لأن أذية الناس من الأمور المحرمة قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) [الأحزاب: 58] فلا يجوز أن يأتي لرمي الجمرات بانفعال وغضب وشد عضلات، وكأن بني آدم الذين أمامه خراف لا يهتم بهم، فإن هذا مما ينافي أن يكون الحج مبرورًا.

ومن ذلك أي مما يشترط للحج أن يكون مبرورًا أن يتجنب شرب الدخان؛ لأن شرب الدخان محرم كما دلت على ذلك نصوص الكتاب والسنة العامة، وإذا كان محرمًا كان الإصرار عليه كبيرة من كبائر الذنوب، ولو أن الحجاج تجنبوا شرب الدخان في مواسم الحج، لاعتادت أبدانهم على تركه، ثم من الله عليهم بالإقلاع عنه إقلاعـًا تامـًا.

 

فالحج المبرور قال فيه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: "ليس له جزاء إلا الجنة"[4] وهذا لا يقتضي أن يغفر للإنسان التبعات التي لبني آدم، فالتبعات التي لبني آدم لابد من إيصالها إليهم، فمن أخذ مالًا للناس وحج ـ وإن حج بغير هذا المال الذي أخذه وإن أتقن حجه تمامـًا في الإخلاص والمتابعة ـ فإنه لا يغفر له الذنب، حتى يرد الحق إلى أهله، وإذا كانت الشهادة في سبيل الله، وهي من أفضل الأعمال (وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ) [الحديد: 19] (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) [آل عمران: 169] إذا كانت الشهادة في سبيل الله لا تكفر الدين، فالحج من باب أولى؛ ولهذا نقول: إذا كان على الإنسان دين فلا يحج حتى يقضي هذا الدين، إلا إذا كان دينـًا مؤجلًا وهو واثق من قضائه إذا حل الأجل، فهنا لا بأس أن يحج، أما إذا كان الدين حالًا غير مؤجل، أو كان مؤجلًا لكنه لا يثق من نفسه أن يوفيه عند أجله فلا يحج، وليجعل المال الذي يريد الحج به وفاءً للدين، وبهذا علم أن الحج المبرور لا يسقط حقوق الآدميين، بل لابد من إيصالها إليهم إما بوفاء أو إبراء)[5] انتهى كلام الشيخ العثيمين رحمه الله تعالى.

 

ـــــــــــ

[1] مجلة البحوث الإسلامية: 71: 74-75، مجلد الأعداد من ذو القعدة إلى صفر لسنة 1424هـ، يراجع موقع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء على الشابكة.

 

[2] أخرجه مسلم: كتاب الأقضية، باب (نقض الأحكام الباطلة): (1718) (18).

 

[3] أخرجه مسلم: كتاب الحج، باب (حجة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم): (1218).

 

[4] أخرجه البخاري: كتاب العمرة، باب (وجوب العمرة وفضلها)، رقم (1773)، ومسلم: كتاب الحج، باب (في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة)، رقم (1349).

 

[5] مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين: 24/ 11- 14، ط. دار الثريا للنشر.

 

 

منقول

 

أسأل الله أن يرزقني أنا وإياكم حجة وأن يتقبلها منا .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×