اذهبي الى المحتوى
أم أمة الله

العبر و العظات من سياسة المفاوضات مع النبى صلى الله عليه وسلم

المشاركات التي تم ترشيحها

دروس من السيرة العطرة سياسة المفاوضات

_______________

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذا

درس جديد من دروس السيرة النبوية ومازلنا فى القسم الثالث : من البعثة الى الهجرة فنقول وبالله التوفيق

____________

سياسة المفاوضات

جاء فيما يرويه ابن هشام عن ابن اسحاق أن عتبة بن ربيعة - وكان سيداً ذا بصيرة ورأى فى قومه - قال فى نادى قريش : يا معشر قريش ’ ألا أقوم الى محمد فأكلمه ’ وأعرض عليه أمور لعله يقبل بعضها فنعطيه أيّها شاء ويكف عنا ؟ فقالوا بلى يا أبا الوليد : قم إليه فكلمه ’ فجاء عتبة حتى جلس الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:

(يابن أخى ’ إنك منا حيث علمت من الشرف فى العشيرة والمكانة فى النسب ’ وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم وسفهت به أحلامهم .... فاسمع منى أعرض عليك أموراً تنظر فيها لعلك تقبل منها بعضها ) فقال: له رسول الله صلى الله عليه وسلم قل يا أبا الوليد أسمع .

قال يابن أخى : إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا ’ وإن كنت تريد به شرفاً سودناك علينا حتى لا نقطع أمراً دونك ’ وإن كنت تريد به ملكاً ملكناكعلينا ’ وإن كان هذا الذى يأتيك رئيا تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه .

 

 

فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفرغت يا أبا الوليد ؟ قال نعم .... قال فاسمع منِّى ، ثم قال :( بسم الله الرحمن الرحيم حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (4) وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ (5)قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (6))

ثم مضى رسول الله فى القراءة وعتبة يسمع حتى وصل الى قول الله تعالى( فإن أعرضوا فقد أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود )

_فأمسك عتبة بفيه وناشده أن يكف عن القراءة ، وذلك خوفا مما تضمنته الآية من تهديد .

_ثم عاد عتبة الى أصحابه فلما جلس بينهم قالوا : ما وراءك يا أبا الوليد ؟ قال ورائى أنى سمعت قولا ما سمعت بمثله قط والله ماهو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة .... يا معشر قريش أطيعونى وخلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه فوالله ليكونن لقوله الذى سمعت منه نبأ عظيمفإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم ’ وإن يظهر على العرب فملكه ملككموعزه عزكم .

قالوا سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه ، قال هذا رأى فاصنعواما بدا لكم .

____________________________________________________

 

وروى الطبرى وابن كثير وغيرهما أن نفرا من المشركين فيهم الوليد بن المغيرةو العاص بن وائل

 

_جاؤوا فعرضوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطوه المال حتى يكون أغناهم وأن يزوجوه أجمل أبكارهم على أن يترك شتم آلهتهموتسفيه عاداتهم ’ فلما رفض إلا الدعوة الى الحق الذى بعث به .

 

_قالوا نعبد إلهك يوماً وتعبد آلهتنا يوما ’ فرفض ذلك أيضاونزل قوله تعالى :

 

 

 

(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدتُّمْ (4) وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)

 

 

_____________________________________________

 

 

 

 

 

ثم إن أشراف قريش عادوا فكرروا المحاولة التى قام بها عتبة ابن ربيعة فذهبوا إليه مجتمعين ’ وعرضوا عليه الزعامة و المال ’ وعرضوا عليه الطب إن كان هذا الذى يأتيه رئيا من الجن .

 

 

 

فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما بى ما تقولون، ما جئت بما جئتكم به أطلب أموالكمولا الشرف فيكمولا الملك عليكم ’ ولكن الله بعثنى إليكم رسولا، وأنزل علىّ كتاباً،وأمرنى أن أكون بشيراًونذيراً فبلغتكم رسالات ربى ونصحت لكم ، فإن تقبلوا منى ما جئتكم به فهو حظكم فى الدنيا و الآخرة’ وإن تردّوه علىّ ، أصبر لأمرالله حتى يحكم الله بينى وبينكم .

 

 

_فقالوا له : فإن كنت غير قابلمنا شيئا مما عرضناه عليك .

 

_فإنك قد علمت أنه ليس من الناس أحد أضيق بلداً ولا أقل ماءً ولا أشد عيشاً منا .

 

_فسل لنا ربك الذى بعثك بما بعثك به ’ فليسير عنا هذه الجبالالتى قد ضيقت علينا وليفجر لنا أنهاراً كأنهار الشام و العراق وليبعث لنا من مضى من آبائنا ’ وليكن فيمن بعث لنا منهم قصىّ ابن كلاب ’ فإنه كان شيخ صدق فنسألهم عما تقول : أحق هو أم باطلو

 

_وليجعل لك جناناً وقصوراً وكنوزاً من ذهب وفضة يغنيك بها عما نراك تبغى ....

 

_فإن صنعت ما سألناك صدقناك وعرفنا منزلتك من الله وأنه بعثك رسولاً كما تقول .

 

_فقال لهم : ما أنا بفاعل وما أنا بالذى يسأل ربه هذا.

 

_ثم إنهم قالوا له - بعد طول كلام وخصام - إنا قد بلغنا أنه إنما يعلمك هذا رجل فى اليمامة يقال له الرحمن ، وأنّا والله لا نؤمن بالرحمن أبداً ، فقد أعذرنا إليك يا محمد ، وإنّا والله لا نتركك وما بلغت منا حتى نهلك أو تهلكنا . ثم قاموا وانصرفوا عنه.

 

_______________

 

العبر و العظات :

 

فى هذا المشهد الذى عرضناه من سيرته صلى الله عليه وسلم ثلاث دلائل كل واحدة منها على جانب كبير من الأهمية:

 

الدلالة الأولى : وهى توضح لنا فى تمحيص دقيق حقيقة الدعوةالتى قام بهاالرسول صلى الله عليه وسلم وتفصلها عن كل ما قد يلتبس بها من الأهداف و الأغراض التى قد يضمرها فى أنفسهم عادة أرباب الدعوات الجديدة و المنادون بالثورة و الإصلاح .

 

هل النبى صلى اله عليه وسلم يضمر من وراء دعوته الوصول الى ملك ؟ أو لعله يضمر الوصول الى مستوى رفيع من الزعامة أو الغنى ’ أو لعل الأمر لا يعدو خيالات تتراءى له بسبب مرض يعانيه؟ .

 

كل هذه الإحتمالات وسائل قد يتذرع بها محترفوا الغزو الفكرى وأعداء هذا الدين ولكن يا لأسرار الحياة العظيمة التى هيأها رب العالمين لرسوله ! .... لقد ملأالله عز وجل حياة رسوله بالمواقف و المشاهد التى تقطع دابركل إحتمال ’ وتقطع السبيل الى كل وسواس ’ وتدع أرباب الغزو الفكرى حيارى فى الطريقة التى ينبغى لهم أن يسلكوها فى حربهم الفكرية

 

 

كان من جليل حكمةالله تعالىأن يقوم مشركوا قريش بسلسلة من المفاوضات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن صوروا فى أنفسهم كل هذه الإحتمالات ، وهم أدرى الناس بطبيعة دعوته و الغاية البعيدة من رسالته و بأنه لن ينزل عند شىء من مغرياتهم ولكن هكذا أرادت الحكمة الإلهية حتى ينطق التاريخ بتكذيب كل من سأتى من محترفى الغزو الفكرى و التشكيك مع الزمن .

 

 

 

لقد فكر أمثال كريمر وفان فلوتن طويلا .... ثم لم يجدوامن سبيل لأداء مهمة التشكيك و الغزو إلا أن يغمضوا أعينهم عن الحقيقة ويزعموا أن دوافع محمد عليه الصلاة والسلام فى دعوته إنما كانت الرغبة فىالسيادة و الملك ’ وإن صدموا رؤوسهم فى هذا الزعم بصخور عاتية تقذفهم وتردهم الى الوراء أشواطاً .لقد سخر الله من قبلهم عتبة ابن ربيعة و أمثاله لحمل هذه الدوافع و الآمال ووضعها بين يدى محمد صلى الله عليه وسلم لينالها قريبة سائغة وليبصر قريش كلها وقد دانت له وألقت من يدها ما رفعته من السلاح ووسائل التعذيب فى وجهه ووجه أصحابه ، فلماذا لم يلن الرسول لهم،ولم يتحول الى هذه الغنيمة التى سيقت إليه ما دام أنها الدافع له من وراء رسالته ودعوته ؟.

 

وهل ينصت طالب الملك و الزعامة لمن سعى يعرضهما عليه ’ فى مفاوضة طويلة وتخويف وتهديد ورجاء ، ليقول لهم أخيرا : ( ما جئت بما جئتكم به أطلب أموالكم ولا الشرف فيكم ولا الملك عليكم ولكن الله بعثنى إليكم رسولا وأنزل علىّ كتاباً ’ وأمرنى أن أكون لكم بشيراً و نذيراً ..... فإن تقبلوا منى ما جئتكم به فهو حظكم فى الدنيا و الآخرة وإن تردّوه علىّ أصبرلأمر الله حتى يحكم الله بينى وبينكم ).

 

_ثم إن معيشته الحياتية كانت مطابقة لكلامه هذا ، فلم يعرض عن الملك و الزعامة بلسانه، ليصل إليهما خلسة بسعيه وعمله ، بل كان صلى الله عليه وسلم بسيطا فى مأكله ومشربه , ولا يعلو عما عليه حال الفقراء و المساكين.

 

 

 

قالت عائشة رضى الله عنهافيما يرويه البخارى[ لقد توفى النبى صلى الله عليه وسلم وما فى رفّى من شىء يأكله ذو كبد إلا شطر شعير فى رفّ(الرف شبه الطاق في الحائط أو هو رف خشب يرتفع عن الأرض في البيت يوضع فيه ما يراد حفظه) لى فأكلت منه حتى طال علىّ ]

 

_ويقول أنس رضى الله عنهفيما يرويه البخارى أيضا: لم يأكل النبى صلى الله عليه وسلم على خوان حتى مات ’ وما أكل خبزاً مرققا حتى مات]

 

 

 

 

_وكان بسيطا للغاية فى ملبسه و أثاث بيته ،يؤثر فى جنبه الحصير وما عرف أنه نام على شىء وثير( لَيِّنٌ) .

 

_حتى إن نساءه جئن إليه يوما وفيهن السيدة عائشة رضى الله عنها يشتكين الفاقة ويطالبنه بمزيد من النفقة لزينتهن ولباسهن حتى لا تكون إحداهن أقل شأناً من مثيلاتها من نساء الصحابة ،فأطرق ولم يجب ، ثم نزل قول الله تعالى :

 

 

(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً (28) وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً (29)

_ فتلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهن هاتين الآيتين، ثم خيَّرهنَّ بين قبول العيش معه على الحالة التى هو فيها ، أو الإصرار على مطالبهن من النفقة وزيادة الزينة و المال وحينئذ يفارقهنَّ و يسرحهنَّ سراحاً جميلا ، فاخترن العيش معه على ما هو عليه .

 

__________________

 

 

 

فكيف يشك العقل - أى عقل - بعد هذا كله فى صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلموكيف يصح أن يتوهم الفكر او الخيال بأنه قد يكون مدفوعا برغبة الزعامة أو الطمع فى الغنى ؟ فهذه هى الدلالة الأولى التى تؤخذ من هذا المشهد الذى ذكرناه .

 

__________________

 

الدلالة الثانية :

 

وهى تبين لنا معنى الحكمة التى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمسك ويتصف بها . هل الحكمة أن تضع أنت السياسة التى تراهافى سير الدعوةمهما كانت كيفيتهاو مهما كان نوعها ؟ وهل أعطاك الشارع صلاحية أن تسلك أى سبيل أو وسيلة تراها ما دام هدفك من وراء ذلك هو الحق ؟

 

لا ...... إن الشريعة الإسلامية تعبدتنا بالوسائل كما تعبدتنا بالغايات. فليس لك أن تسلك الى الغاية التى شرعها اللهلك إلا الطريق المعينة التى جعلها الله وسيلة إليها و للحكمة و السياسة الشرعية معان معتبرة ، ولكن فى حدود هذه الوسائل المشروعة فقط.

 

والدليل ما رويناه آنفا.

 

_فقد كان من المتصور فى باب الحكمة و السياسة الشرعية أن يرضى رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم بالزعامة و الملكعلى أن يجمع فى نفسه إتخاذ الملك و الزعامة وسيلة الى تحقيق دعوة الإسلام فيما بعد ’ خصوصاً وأن للسلطانوالملك وازعاً قوياً فى النفوس، وحسبك أن أرباب الدعوات و المذاهب ينتهزون فرصة الإستيلاء على الحكم كى يستعينوا بسلطانه على فرض دعوتهم و مذاهبهم على الناس .ولكن النبى صلى الله عليه وسلم لم يرض مثل هذه السياسة و الوسيلة الى دعوته ، لأن ذلك ينافى مبادىء الدعوة نفسها .

 

لو جاز أن يكون مثل هذا الأسلوبنوعا من أنواع الحكمة و السياسة الرشيدة ، لإنمحى الفرق بين الصادق الصريح فى صدقه و الكاذب الذى يخادع فى كذبه ولتلاقى الصادقون فى دعوتهم مع الدجالين و المشعوذين على طريق واحدة عريضة إسمها : الحكمة و السياسة .

 

 

 

إن فلسفة هذا الدين تقوم على عماد الشرف و الصدق فى كل من الوسيلة و الغاية ’ فكما أن الغاية لا يقوّمها إلا الصدق و الشرف وكلمة الحق ،فكذلك الوسيلة لا ينبغى أن يخطّها إلا مبدأ الصدق و الشرف و كلمة الحق،ومن هنا يحتاج أرباب الدعوة الإسلامية فى معظم حالاتهم وظروفهم الى التضحية و الجهاد لأن السبيل التى يسلكونها لا تسمح لهم بالتعرج كثيراً ذات اليمين وذات الشمال .

 

ومن الخطأ أن تحسب مبدأ الحكمة فى الدعوة إنما شرع من أجل تسهيل عمل الداعىأو من أجل تفادى المآسى و الأتعاب’ بل السر فى مشروعية الحكمة فى الدعوة إنما هو سلوك أقرب الوسائل الى عقول الناس و أفكارهم

 

 

 

_وأعنى هذا أنه إذا إختلفت الأحوال وقامت عثرات الصد و العناد دون سبيل الدعوة ، فإن الحكمة حينئذ إنما هى إعداد العدة للجهاد و التضحية بالنفس و المال

 

 

إن الحكمة هى أن تضع الشىء فى مكانه .وهذا هو الفرق بين الحكمة و المخادعة ، وبين الحكمة و المسالمة.

_وأنت خبيرأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما إستبشر بما رآه من دلائل إقبال بعض زعماء قريش على فهم الدين ’ إنصرف إليهم بكليته مبتهجاً يكلمهم ويشرح لهم ما يستفسرون عنه من حقائق الإسلام ’ حتى دعاه ذلك الإستبشار و الطمع فى هدايتهم الى أن يعرض عن الصحابى الضرير عبد الله ابن أم مكتوم حينما مر بهم فوقف الى جانبهم يستمع ، وأخذ هو الآخر يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان ذلك منهعليه الصلاة و السلام حرصاً على الفرصة أن لا تفوته وأملا فى أن يجيب عبد الله ابن أم مكتوم فى أى وقت آخر

 

 

فعاتبه الله على ذلك فى سورة : ( عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى) وأنكر عليه إجتهاده هذا وإن كانت غايته مشروعة ونبيلة ’ ذلك لأن الوسيلة قد إنطوت على كسر خاطر مسلم أو ما يدل على الإعراض عنه وعدم الإلتفات إليه من أجل إجتذاب قلوب المشركين فهى ليست بمشروعة ولا مقبولة .

 

 

 

والخلاصة أنه ليسلأحد من الناس أن يغير شيئا من أحكام الإسلام ومبادئه ، أو يتجاوز شيئاً من حدوده أو يستهين بها، باسم إتباع الحكمة فى النصيحة و الدعوة لأن الحكمة لا تعتبر إلا إذا كانت مقيدة ومنضبطة ضمن حدود الشريعة ومبادئها و أخلاقها.

 

 

 

______________________

 

 

 

الدلالة الثالثة :

 

ونستفيدها من موقف الرسول صلى الله عليه وسلم من تلك المطالب التى طلبتها قريش منه صلى الله عليه وسلم شرطاً لإتباعها إياه ، وهو موقف أيده الله فيه ، ففيه كما ذكر عامة المسلمين نزل فيه قول الله تعالى :( وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا ( 90 ) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا ( 91 ) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا ( 92 ) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا ( 93 ) .

 

_وليس السبب فى عدم إستجابة الله لهم ذلك ، ما قد يظنه البعض من أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما أوتى من المعجزات إلا معجزة القرآن ، ولذلك لم يستجب لهم مطالبهم .

 

 

 

_وإنما السبب أن الله عز وجل علم أنهم إنما يطالبون بذلك كفراً وعناداً وإمعاناً فى الإستهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما هو واضح فى أسلوب طلبهم ونوع المطاليب التى عرضوها ، ولو علم الله عز وجل فيهم صدق الطلب وحسن النية وأنهم مقبلون فى ذلك على محاولة التأكد من صدق النبى عليه الصلاة و السلام ’ لحقق لهم ذلك ’ ولكن أمر قريش فى ذلك مطابق لما وصفه الله تعالى فى آية أخرى وهى قوله تعالى

 

 

(وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ (15))

وإذا علمت ذلك أدركت أنه لا تنافى بين هذا وما ثبت من إكرام الله لنبيه عليه الصلاة و السلام بالمعجزات الكثيرة المختلفة مما سنفصل القول فيه قريبا ً إن شاء الله .

 

 

3115286_2d11f.gif

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيرا أختي الحبيبة

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ...جزانا وايَّاكِ وباركَ الله فيكِ ورزقنا وايَّاكِ شفاعته ومرافقته فى الجنَّة صلى الله عليه وسلم

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاكِ الله خيراً أختي الحبيبة مسلمة

موضوع قيم

جعله الله تعالى في ميزان حسناتكِ

 

اللهم ارزقنا شفاعته

 

اللهـــــــن آميــــــــــــن

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×