اذهبي الى المحتوى
أم أمة الله

هذا عام اسلامى هجرى جديد ، ومعلومات هامة يجب ان تعرفيها

المشاركات التي تم ترشيحها

شهر الله المحرم و

استقبال العام الجديد الإسلامي الهجري

___________________________

.الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:

فإن الليالي والأيام والشهور والأعوام تمضي سريعا وتنقضي سريعا وهي محط أعمالنا ومقادير آجالنا.

وفي نهاية عام وفي بداية آخر حبذا أن يقدم الإنسان لنفسه توبة ناصحة ورجعة صادقة يغسل بها ما مضى ويستقبل بها ما أتى قال تعالى : (وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون).وقال (وإني لغفار لمن تاب و آمن.)

 

قطعت شهور العام لهوا وغفلة * ولم تحترم فيما أتيت المحرما

فلا رجبا وافيت فيه بحقه * ولا صمت شهر الصوم صوما متمما

ولا في ليالي عشر ذي الحجة الذي * مضى كنت قواما ولا كنت محرما

فهل لك أن تمحو الذنوب بعبرة * وتبكي عليها حسرة وتندما

وتستقبل العام الجديد بتوبة * لعلك أن تمحو بها ما تقدما

 

أيها الإخوة :

لقد فاضل الله بين الأوقات فجعل منها مواسم للخيرات ليجتهد الناس فيها بسائر الطاعات وأنواع العبادات

ومن هذه الأزمنة الفاضلة التي أشار القرآن إلى عظيم منزلتها وأظهرت السنة علو مكانتها شهر الله الحرام وسوف أتحدث عن فضله ومكانته في ضوء فضل الشهر عامة وفضل عاشوراء خاصة:

 

 

التعريف بـ(شهر الله المحرم).

يقول المؤرخون إن أول من سمى الأشهر العربية بهذه الأسماء هو كلاب الجد الخامس لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم

في عام 412مـ تقريبا. وشهر محرم سمي بذلك لأنه شهر محرم فيه القتال وسمي بذلك تأكيدا لحرمته.

_هو أول شهر من الأشهر الهجرية كما تمَّ الاتفاق على ذلك في عهدِ الخليفة الراشد عمر بن الخطاب سنة 16 هـ,

وهو أحد أشهر الحرم الأربعة التي ذكرها الله في كتابه {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ}.

 

* وقد بيَّنتِ السنَّة أسماءَ هذه الأربعةِ؛ فعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: (السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ) رواه الشيخان, والعربُ تعرِّفه فتقول (المحرم) قال النّحاس: وأُدْخِلَت الألف واللاّم في المُحَرَّم دون غَيْرِه من الشُّهُور اهـ.

 

*(سببُ تسميتهِ) وسمي محرماً لتحريمِ الجنة فيه على إبليسَ، وقيل –وهو الأقرب-: سمي محرمًا تأكيداً لتحريمِ القتالِ فيهِ، لأن العرب كانت تتقلب فيه، فتحله عاماً وتحرمه عاماً؛ كما قال تعالى:

{إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}،

لذا كانتِ العرب تسميه بـ"الأصم" لشدةِ تحريمه.

__________________________________________________ ____________

 

[ب] فضائلُ (شهر الله المحرم).

 

*إضافـةُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم هذا الشهر إلى الله, فإنه قال (شهرُ اللهِ المحرَّم) وهذه الإضافةُ إضافة تشريفٍ وتخصيص، ووجهُ التخصيصِ من كونِ أن تحريمه إلى الله عز وجل ليس لأحد تبديله كما كانت الجاهلية يحلونه ويحرمون مكانه صَفَراً، فأشار إلى أن مبدأ التحريم ومنتهاه إلى الله جلَّ جلاله.

 

*فضيلةُ الصيامِ فيه, فعن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أفضلُ الصيام بعد شهرِ رمضان شهرُ الله [الذي تدعونه] المحرم) رواه مسلم والنسائي, وقد استحبُّ الحنابلةُ صيامه فقطْ من الأشهر الحرم.

 

* تحريمُ القتالِ والظلمِ فيهنَّ، فقد نهى الله سبحانه عن ابتداءِ القتالِ في هذه الأشهرِ تعظيمًا لهنَّ وتشريفًا،قال تعالى:

"فلا تظلمـوا فيهن أنفسكم"

 

قال قتادة –رحمه الله- في تفسير الآية: اعلموا أن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزرا فيما سوى ذلك و إن كان الظلم في كل حال غير طائل ولكن الله تعالى يعظم من أمره ما يشاء ربنا تعالى).

ويقول القرطبي- رحمه الله-:خص الله تعالى الأربعة الأشهر الحرم بالذكر ونهى عن الظلم فيها تشريفا لها.

 

 

*ابتداءُ التأريخ الهجري به،ولم يكن التاريخ السنوي معمولاً به في أوّل الإسلام «حتى كانت خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه .

ففي السنة الثالثة أو الرابعة من خلافته كتبَ إليه أبو موسى الأشعري: إنّه يأتينا منك كُتبٌ ليس لها تاريخ فجمعَ عمر الصحابة - رضي الله عنهم - فاستشارهم فقيل: إن بعضهم قال: أرِّخوا كما تؤرِّخ الفُرس بملوكِها، كلّما هلكَ ملكٌ أرِّخوا بولايةِ مَن بعده، فكَرِهَ الصحابة ذلك، فقالَ آخرون: أرِّخوا كما تؤرِّخ الرُّوم ولكنهم كرهوا ذلك أيضًا؛ لأن الفُرس والروم ليسوا من المسلمين؛ الفُرس عبّاد النيران والروم نصارى أصحابُ صليب، فكَرِهَ الصحابة - رضي الله عنهم - أن يوافقوا هؤلاء و هؤلاء، ثم قال بعضهم: أرِّخوا من مولد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقال آخرون: أرِّخوا من مَبْعَثِ الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال قوم آخرون: أرِّخوا من مهاجر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فقال عمر رضي الله عنه: الهجرة فرَّقت بين الحق والباطل فأرِّخوا منها، فأرَّخوا من الهجرة واتَّفقوا على ذلك أن تكون أول السنوات الإسلامية هي السنة الأولى من الهجرة واتَّفقوا على ذلك ولكنهم تشاوروا من أيِّ شهر يكون ابتداء السنة ؟ فقال بعضهم: من رمضان؛ لأنَّه الشهر الذي أُنزل فيه القرآن، وقال آخرون: مِن ربيع الأول؛ لأنَّه الشهر الذي قدمَ فيه النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - المدينة مهاجرًا ولكن عمر وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب - رضي الله عنهم - وهم الخلفاء الثلاثة أفضل الأمة بعد أبي بكر رضي الله عنه - اتَّفقوا على أن يكون ابتداءُ السنة من المحرم؛ لأنَّه شهر حرام يلي شهر ذي الحجة الذي يؤدِّي المسلمون فيه حجّهم الذي به تمامُ أركان دينهم والذي كانت فيه بيعة الأنصار للنبي - صلى الله عليه وسلم - والعزيمة على الهجرة، فكان ابتداءُ السنة الإسلامية الهجرية من الشهر المحرم الحرام» انظر إلى هذا المبحث ذكره الحافظ بن حجر العسقلاني - رحمه الله تعالى- في كتابه [فتح الباري]

 

 

* وجودُ يومِ عاشوراء فيه، فهذا يومٌ عظيمٌ نجى الله فيه موسى وأغرقَ آل فرعون, فصامه اليهودُ شكرًا لله فقال النبي (نحن أولى بموسى منهم) فصامه وأمر بصيامه. وفى نهاية المقال سأذكر ما حكاه علماء التاريخ فى نجاة موسي عليه السلام من فرعون.

 

قال النبي صلى الله عليه وسلم: صيام عاشوراء احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله) رواه مسلم.

وسئل ابن عباس رضي الله عنهما عن صيام يوم عاشوراء فقال: ما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صام يوما يطلب فضله على الأيام إلا هذا اليوم ولا شهرا إلا هذا الشهر يعني رمضان) رواه البخاري ومسلم.

وفي رواية الطبراني رحمه الله: إن النبي صلى الله عليه وسلم : لم يكن يتوخى فضل يوم على يوم بعد رمضان إلا عاشوراء.صححه الألباني في صحيح الترغيب.

 

* كيفية صيامه:

قال ابن حجر- رحمه الله-:

صيام عاشوراء ثلاث مراتب:

أدناها أن يصام وحده.

وفوقه: أن يصام التاسع والعاشر.

وفوقه:أن يصام التاسع والحادي عشر أي مع العاشر.

ودليل المرتبة الأولى : فضل صيام اليوم العاشر مطلقا دون ذكر لصيام يوم قبله أو بعده..

ودليل المرتبة الثانية:قول النبي صلى اله عليه وسلم : (لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع) رواه مسلم.

ودليل المرتبة الثالثةsmiley-sad.gifخالفوا اليهود صوموا يوما قبله ويوما بعده) رواه البيهقي وسنده ضعيف.

قال ابن قيم الجوزية رحمه الله: وأما إفراد التاسع فمن نقص في فهم الآثار وعدم تتبع ألفاظها وطرقها وهو بعيد من اللغة والشرع .

________________________________

 

مسائلٌ وأحكامٌ تتعـلقُ بـ (شهر الله المحرم).

 

مسألة (1): أفضلُ الصومِ بعدَ رمضان شهر محرم؛ فكيفَ أكثرَ رسول الله من الصيامِ في شعبانَ دون محرم؟

 

أجيبَ بعدَّة احتمالاتٍ، منها:

(1) أنَّ رسول الله لم يعلم بفضلِهِ إلاَّ آخر حياتهِ.

(2) أنَّ رسول الله كانتْ الأعذار من سفرٍ ومرضٍ تعترضه في هذا الشهر.

(3) أن صيام شعبان من قبيل صوم النافلة قبل الفرض فهو أشبه بالرواتب؛ وصيام محرم من قبيل التطوع المطلق.

 

مسألة (2): هل يُشرع التطوع بصيامِ المحرم كله ؟

 

ظاهر قولِ النبي صلى الله عليه وسلم (أفضلُ الصيام بعد شهرِ رمضان شهرُ الله المحرم) فضل صيام شهر المحرم كاملاً، وحمله بعض العلماء على الترغيب في الإكثار من الصيام في شهر المحرم لا صومه كله، لقول عائشة رضي الله عنها (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر منه صياماً في شعبان).

 

قال الطيبي رحمه الله: أراد بصيام شهر الله صيام يوم عاشوراء، فيكون من باب ذكر الكل وإرادة البعض، ويمكن أن يقال: أن أفضليته لما فيه من يوم عاشوراء، لكن الظاهر أن المراد جميع شهر المحرم اهــــ.

 

مسألة (3): هل يُشرع القتالُ فيه ؟

 

أولاً: اتفق أهل العلمِ على تحريمِ القتالِ فيه أول الأمر لقوله {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ} وقوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ} وقوله {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}

 

وأما الحكمةُ من تحريمِ القتالِ فيهنَّ فيقول الإمام ابن كثير: وإنما كانت الأشهر المحرمة أربعة ثلاثة سرد وواحد فرد, لأجل أداء مناسك الحج والعمرة فحرم قبل أشهر الحج شهراً وهو ذو القعدة لأنهم يقعدون فيه عن القتال وحرم شهر ذي الحجة لأنهم يوقعون فيه الحج ويشتغلون فيه بأداء المناسك وحرم بعده شهراً آخر وهو المحرم ليرجعوا فيه إلى أقصى بلادهم آمنين, وحرم رجب في وسط الحول لأجل زيارة البيت والاعتمار به لمن يقدم إليه من أقصى جزيرة العرب فيزوره ثم يعود إلى وطنه فيه آمناً اه.

 

ثانيًا: تنازعَ أهل العلمِ في حكمِ القتالِ في هذه الأشهر على قولين:

القول الأول: مُضيُّ تحريمُ ابتداء القتالِ فيهنَّ, ذهبَ إليه عطاءو ابن تيميةَ وابن القيم وجماعة من أهل العلم، واستدلوا؛ بعمومِ الأدلة التي سبقَ ذكرها في تحريمِ القتالِ في هذه الأشهر.

 

القول الثاني: نسخُ تحريم ابتداءِ القتالِ فيهنَّ، ذهبَ إليه أحمد والشافعي ومالك وأبو حنيفة وجماهير السلف والخلف، ويحتمل عندهم أن جميع آيات السيف والقتال ناسخة لتحريم الأشهر الحرم، منها قوله {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ} وقوله {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ} وأيضًا؛ فإن الصحابةَ اشتغلوا بعد النبي صلى الله عليه وسلم بفتح البلاد ومواصلة القتال والجهاد، ولم ينقل عن أحد منهم أنه توقف عن القتال في الأشهر الحرم.

 

ثالثًا: أجمعَ أهل العلم على وجوبِ جهادِ الدفعِ في هذه الأشهر، وقد حكى هذا الإجماع غير واحد من أهل العلم.

 

 

__________________________________________________ _________

 

 

بدعٌ محدَثة في (شهر الله المحرم).:_

 

 

(1) بدْعَةُ الحُزْنِ عِنْدَ الرَّافِضَةِ؛ أكرم الله سبحانه وتعالى الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما بالشهادة، وذلك سنة 61 هـ في شهر محرم يوم عاشوراء، وذلكَ حينما خرجَ مع طائفةٍ كاذبةٍ وعدته بالنصرِ والمؤازرةِ فلما أن ضيَّقوا عليه طلبَ اللحاق بابنِ عمه يزيد بن معاوية وتركَ الأمر، فمنعوه واستأسروه حتى قاتلهم فقتلوه.

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

(وصار الشيطان بسبب قتل الحسين رضي الله عنه يحدث للناس بدعتين: بدعة الحزن والنوح يوم عاشوراء ، من اللطم والصراخ ، والبكاء ، والعطش ، وإنشاء المراثي، وما يفضي إلى ذلك من سبّ السلف ولعنهم، وإدخال من لا ذنب له مع ذوي الذنوب ، حتى يسب السابقون الأولون ، وتقرأ أخبار مصرعه التي كثير منها كذب، وكان قصد من سن ذلك ، فتح باب الفتنة والفرقة بين الأمة، فإن هذا ليس واجباً ولا مستحباً باتفاق المسلمين ، بل إحداث الجزع والنياحة للمصائب القديمة ، من أعظم ما حرمه الله ورسوله). ثمً قال : (وهذه بدعة أصلها من المتعصبين بالباطل له وكل بدعة ضلالة).

 

 

 

(2) بدعةُ الفرحِ عندَ النَّواصب، قابلَ بعضُ المتعصِّبين لآلِ البيتِ بدعةَ الفرحِ والحزنِ ببدعة الفرح والترح، فصار أقوام يستحبون يوم عاشوراء (الاكتحال والاغتسال والتوسعة على العيال وإحداث أطعمة غير معتادة) قال شيخ الإسلام: (وهذه بدعة أصلها من المتعصبين بالباطل على الحسين رضي الله عنه).

 

(3) بدعة إحياءِ اليوم الأول من المحرم، قال الشيخ بكر بن أبو زيد –رحمه الله-: لا يثبت في الشرع شيء من ذكر أو دعاء لأول العام وهو أول يوم أو ليلة شهر محرّم، وقد أحدث الناس فيه من الدعاء والذكر والذكريات وتبادل التهاني وصوم أول يوم من السنة وإحياء ليلة أول يوم من محرم بالصلاة والذكر والدعاء وصوم آخر يوم من السنة إلى غير ذلك مما لا دليل عليه) اهـ.

 

قال العلامة أبو شامة: ولم يأت شيء في أول ليلة المحرَّم، وقد فتشت فيما نُقِل من الآثار صحيحاً و ضعيفاً، وفي الأحاديث الموضوعة فلم أر أحداً ذكر فيها شيئاً، وإني لأتخوّف والعياذ بالله من مفترٍ يختلق فيها حديثًا اهـ.

 

(4) بدعةُ إحياء أيامٍ محدَّدةٍ بأعمال معينة، كتخصيصٍ ركعاتٍ أو أدعيةٍ أو صيامٍ على نمطٍ مرسومٍ، وهذه بدعةٌ رافضيةٌ لا أصلَ لها في الشريعة.

 

__________________________________________________ ______________

 

الأحاديث الضعيفة والموضوعة التي تتعلق بـ (شهر الله المحرم).والتى لا يُعمل بها ونذكرها للمعرفة وحتى لا نغتر بها...

 

• عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: سَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ : أَيُّ شَهْرٍ تَأْمُرُنِي أَنْ أَصُومَ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ، قَالَ لَهُ: مَا سَمِعْتُ أَحَدًا يَسْأَلُ عَنْ هَذَا إِلاَّ رَجُلاً سَمِعْتُهُ يَسْأَلُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا قَاعِدٌ عِنْدَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ شَهْرٍ تَأْمُرُنِي أَنْ أَصُومَ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ، قَالَ: (إِنْ كُنْتَ صَائِمًا بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ فَصُمُ الْمُحَرَّمَ، فَإِنَّهُ شَهْرُ اللهِ، فِيهِ يَوْمٌ تَابَ فِيهِ عَلَى قَوْمٍ، وَيَتُوبُ فِيهِ عَلَى قَوْمٍ آخَرِينَ) . أخرجه الترمذي (741) وقال: هذا حديث حسن غريب اهـ. ولم يخرجه الخمسة، انظر (ضعيف الجامع) (1298) و (المسند حديث رقم 1321) بتحقيق شعيب الأرناؤوط.

 

• عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيمِيِّ أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ كَانَ يَصُومُ أَشْهُرَ الْحُرُمِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (صُمْ شَوَّالًا فَتَرَكَ أَشْهُرَ الْحُرُمِ ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يَصُومُ شَوَّالًا حَتَّى مَاتَ). أخرجه ابن ماجه (1744) ولم يخرجه الخمسة، وعلة الحديث الانقطاع بين محمد بن إبراهيم وبين أسامة بن زيد, انظر (ضعيف الجامع) (3490).

 

• عَنْ مُجِيبَةَ الْبَاهِلِيَّةِ عَنْ أَبِيهَا أَوْ عَمِّهَا أَنَهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ انْطَلَقَ فَأَتَاهُ بَعْدَ سَنَةٍ وَقَدْ تَغَيَّرَتْ حَالُهُ وَهَيْئَتُهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَا تَعْرِفُنِي؟ قَالَ (وَمَنْ أَنْتَ؟) قَالَ أَنَا الْبَاهِلِيُّ الَّذِي جِئْتُكَ عَامَ الْأَوَّلِ قَالَ (فَمَا غَيَّرَكَ؟ وَقَدْ كُنْتَ حَسَنَ الْهَيْئَةِ) قَالَ مَا أَكَلْتُ طَعَامًا إِلَّا بِلَيْلٍ مُنْذُ فَارَقْتُكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (لِمَ عَذَّبْتَ نَفْسَكَ؟) ثُمَّ قَالَ (صُمْ شَهْرَ الصَّبْرِ وَيَوْمًا مِنْ كُلِّ شَهْرٍ) قَالَ زِدْنِي فَإِنَّ بِي قُوَّةً قَالَ (صُمْ يَوْمَيْنِ) قَالَ زِدْنِي قَالَ (صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) قَالَ زِدْنِي قَالَ: (صُمْ مِنْ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ صُمْ مِنْ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ صُمْ مِنْ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ) وَقَالَ بِأَصَابِعِهِ الثَّلَاثَةِ فَضَمَّهَا ثُمَّ أَرْسَلَهَا. أخرجه أبو داود (2073)، وابن ماجه (1741)، وعلة الحديث جهالة مجيبة الباهلي، والاضطراب بين رواته، انظر (ضعيف الجامع) (3491).

 

• عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من صام تسعة أيام من أول المحرم بنى الله له قبة في الهواء ميلا في ميل لها أربعة أبواب) . وهو حديثٌ موضوعٌ، وآفته موسى الطويل، انظر (اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة) (2/29) للسيوطي.

 

• عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صام آخر يوم من ذي الحجة، وأول يوم من المحرم، فقد ختم السنة الماضية، وافتتح السنة المستقبلة بصوم، جعله الله كفارة خمسين سنة). وهو حديثٌ موضوعٌ، فيه كذابان، انظر (الموضوعات) (2/ 199) لابن الجوزي.

__________________________________________________ __________

 

ما ذكره علماء التاريخ من نجاة موسي من فرعون...

عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود صياما يوم عاشوراء فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذا اليوم الذي تصومونه فقالوا هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وغرق فرعون وقومه فصامه موسى شكرا فنحن نصومه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحن أحق وأولى بموسى منكم فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه ( رواه البخاري )

 

نجاة موسى الكليم وهلاك فرعون اللئيم

( ملخص ماذكر الامام ابن كثير في تاريخه مع جملة من الدروس والعبر )

 

لما تمادى قبط مصر على كفرهم وعتوهم وعنادهم متابعة لملكهم الطاغية فرعون ومخالفة لنبي الله ورسوله وكليمه موسى بن عمران عليه السلام وأقام الله على أهل مصر الحجج العظيمة القاهرة وأراهم من خوارق العادات ما بهر الأبصار وحير العقول وهم مع ذلك لا يرعوون ولا ينتهون ولا ينزعون ولا يرجعون .

_لقد تمادى فرعون في سطوته وجبروته وكفره وطغيانه يفتن قومه عن الدين الحق قال الله تعالى مخبرا عن فرعون وكفى بالله شهيداً ( وإن فرعون لعال في الأرض ) أي جبار عنيد مستعل بغير الحق ( وإنه لمن المسرفين ) أي في جميع أموره وشئونه وأحواله .

 

ولمًا بلغ به الأمر مبلغه حتى اعتبر نفسه إلاهاً معبوداً ، وهنا لما يبلغ الكفر مبلغه والطغيان منتهاه يظن الرسل يأتيهم نصر الله ،

ولقد كانت أول معالم ذلك النصر اجتماع موسى عليه السلام بأتباعه يوصيهم ويثبتهم ويرشدهم ، ويربطهم بفاطر الأرض والسماء ( يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين )

.ويأتي الجواب مطمئنا ً لموسى عليه السلام ممن تربوا في هذه المدرسة النبوية فقالوا ( على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ونجنا برحمتك من القوم الكافرين ) أمرهم بالتوكل على الله والاستعانة به والالتجاء إليه فأتمروا بذلك فجعل الله لهم مما كانوا فيه فرجا ومخرجا .

 

ويأتي الثاني من معالم النصر بشرى الله لهم ( وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوآ لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين )

فقد أوحى الله تعالى إلى نبيه موسى وأخيه هارون عليهما السلام أن يتخذوا لقومهما بيوتاً متميزة فيما بينهم عن بيوت القبط ليكونوا على أهبة في الرحيل إذا أمروا به ليعرف بعضهم بيوت بعض ، وفي هذا العمل تأكيد على مبدأ فعل الأسباب وأنه ينبغي أن يقرن بالتوكل على الله تعالى .

 

ثم إن الله قد أمرهم ( واجعلوا بيوتكم قبلة ) قيل مساجد وقيل معناه كثرة الصلاة فيها قاله مجاهد وغيره ومعناه على هذا الاستعانة على ما هم فيه من الضر والشدة والضيق بكثرة الصلاة كما قال تعالى ( واستعينوا بالصبر والصلاة ) وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع للصلاة فالصلاة لها من الآثار الدنيوية والأخروية الشيء الكثير .

 

وتتالى الأيام وموسى عليه السلام ومن معه يكسوهم الصبر ويحليهم الإيمان بالله والتوكل عليه ويزينهم الصلة بالله والاستعانة بالصلاة ، وهناك في الطرف الآخر فرعون ومن معه في غيهم يعمهون وعن الحق معرضين يعاندون ويتمردون .

 

وتقترب لحظات النصر ، ( وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالاً في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم وأشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم )

إنه دعاء من قلب صادق متوكل على الله ، دعاء لنصرة الحق ودحر الباطل إنها دعوة عظيمة دعا بها كليم الله موسى على عدو الله فرعون غضباً لله عليه لتكبره عن اتباع الحق وصده عن سبيل الله ومعاندته وعتوه وتمرده واستمراره على الباطل ومكابرته الحق الواضح الجلي الحسي والمعنوي والبرهان القطعي وتأتي الإجابة من القريب المجيب سبحانه وتعالى ( قال قد أجيبت دعوتكما )

 

[ والتثنية هنا كما قرر أهل العلم لإن هارون عليه السلام كان يؤمُن على دعاء أخيه فأصبح المؤمُن بمنزلة الداعي ]

( فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون ) ويأتي الإذن من الله لموسى عليه السلام ليسير ومن اتبعه إلى الشام خارجين من مصر ،

فلما علم بذهابهم فرعون حنق عليهم كل الحنق واشتد غضبه عليهم وشرع في استحثاث جيشه وجمع جنوده ليلحقوا بموسى عليه السلام ومن معه ،

وأجمل بالقرآن الكريم وهو يصور لنا هذه الأحداث في منظر بديع وتصوير أخاذ قال الله ومن أصدق من الله قيلاً : (وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي إنكم متبعون فأرسل فرعون في المدائن حاشرين إن هؤلاء لشرذمة قليلون وإنهم لنا لغائظون وإنا لجميع حاذرون فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم كذلك وأورثناها بني إسرائيل فأتبعوهم مشرقين )

 

قال علماء التفسير : لما ركب فرعون في جنوده طالباً بني إسرائيل كان في جيش كثيف عرمرم حتى قيل كان في خيوله مائة ألف فحل أدهم وكانت عدة جنوده تزيد على ألف ألف وستمائة ألف فالله أعلم .

 

والمقصود أن فرعون لحقهم بالجنود فادركهم عند شروق الشمس وتراءى الجمعان ولم يبق ثم ريب ولا لبس ، وعاين كل من الفريقين صاحبه وتحققه ورآه ولم يبق إلا المقاتلة والمجادلة والمحاماة

 

فعندها قال أصحاب موسى وهم خائفون ( إنا لمدركون )وذلك لأنهم اضطروا في طريقهم إلى البحر فليس لهم طريق ولا محيد الا سلوكه وخوضه وهذا ما لا يستطيعه أحد ولا يقدر عليه والجبال عن يسرتهم وعن أيمانهم وهي شاهقة منيفة وفرعون قد غالقهم وواجههم وعاينوه في جنوده وجيوشه وعدده وهم منه في غاية الخوف والذعر لما قاسوا في سلطانه من الإهانة والمنكر فشكوا إلى نبي الله ما هم فيه مما قد شاهدوه وعاينوه فقال لهم الرسول الصادق المصدوق ( كلا إن معي ربي سيهدين )

( كلا ) .. يالها من كلمة قوية مدوية ، ثبات وثقة بوعد الله وموعوده ، حتى في أحلك الظروف ولك أن تتخيل الموقف أكثر ، موسى عليه السلام ومن معه محاصرون البحر أمامهم والعدو الحاقد خلفهم ، والوقت يمضي والعدو يقرب من مناله .

 

فلما تفاقم الأمر وضاق الحال واشتد الأمر واقترب فرعون وجنوده في جدهم وحدهم وحديدهم وغضبهم هناك تنزل الوحي على موسى عليه السلام ( فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم )

نعم لقد تحول البحر إلى يابس حوله من يقول للشيء كن فيكون .

فلما آل أمر البحر إلى هذه الحال بإذن الرب العظيم الشديد المحال أمر موسى عليه السلام أن يجوزه ببني إسرائيل فانحدروا فيه مسرعين مستبشرين مبادرين وقد شاهدوا من الأمر العظيم ما يحير الناظرين ويهدي قلوب المؤمنين

فلما جاوزوه وجاوزه وخرج آخرهم منه وانفصلوا عنه كان ذلك عند قدوم أول جيش فرعون إليه ووفودهم عليه فأراد موسى عليه السلام أن يضرب البحر بعصاه ليرجع كما كان عليه لئلا يكون لفرعون وجنوده وصول إليه ولا سبيل عليه

فأمره القدير ذو الجلال أن يترك البحر على هذه الحال (واترك البحر رهوا ) أي ساكناً على هيئته لا تغيره عن هذه الصفة ، فلما تركه على هيئته وحالته وانتهى فرعون فرأى ما رأى وعاين ما عاين هاله هذا المنظر العظيم وتحقق ما كان يتحققه قبل ذلك من أن هذا من فعل رب العرش الكريم

فأحجم ولم يتقدم وندم في نفسه على خروجه في طلبهم والحالة هذه حيث لا ينفعه الندم

 

لكنه أظهر لجنوده تجلداً وعاملهم معاملة العدا وحملته النفس الكافرة والسجية الفاجرة على أن قال لمن استخفهم فأطاعوه وعلى باطله تابعوه : أنظروا كيف انحسر البحر لي لأدرك عبيدي الآبقين من يدي الخارجين عن طاعتي وجعل يوري في نفسه أن يذهب خلفهم ويرجو أن ينجو وهيهات ويقدم تارة ويحجم فلما رأته الجنود قد سلك البحر اقتحموا وراءه مسرعين فحصلوا في البحر أجمعين حتى هم أولهم بالخروج منه عند ذلك أمر الله تعالى كليمه فيما أوحاه إليه أن يضرب البحر بعصاه فضربه فارتد عليهم البحر كما كان فلم ينج منهم إنسان قال الله تعالى ( وأنجينا موسى ومن معه أجمعين ثم أغرقنا الآخرين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم )

 

*إن في إنجاء الله لأولياءه فلم يغرق منهم أحد وإغراقه لأعداءه فلم يخلص منهم أحد آية عظيمة وبرهان قاطع على قدرته تعالى العظيمة وصدق رسوله عليه السلام فيما جاء به عن ربه من الشريعة الكريمة والمناهج المستقيمة

ولما رأى فرعون الحقيقة وأدركه الغرق ( قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين ) وهيهات ( آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين ) ويأتي الحكم من الله ( فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون ) .

 

وانتهت أحداث ذلك اليوم العظيم – كما سماه رسولنا صلى الله عليه وسلم .

فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود صياما يوم عاشوراء فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذا اليوم الذي تصومونه فقالوا هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وغرق فرعون وقومه فصامه موسى شكرا فنحن نصومه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحن أحق وأولى بموسى منكم فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه ( رواه البخاري )

 

__________________________________________________ _____________

واتماماً للفائدة انقل مناشدة للشيخ ابن العثيمين

أيها المسلمون، سمعتم ما عانى المسلمون السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار في التحرِّي عن ابتداء التاريخ والتقويم الإسلامي العربي، ورأيتم اختلافهم واستقرارهم على هذا الرأي الحميد وهذا يدلُّ على أنه يجب على المسلمين أن يعتنوا بتاريخهم وأن يعتنوا بتقويمهم وألا يكونوا أذنابًا لغيرهم يؤرِّخون بتاريخ غيرهم؛ فإن هذا بلا شك من الذّل والخنوع .

وإن من المؤسف حقًّا أن يعدل أكثر المسلمين اليوم عن التاريخ الإسلامي الهجري إلى تاريخ النصارى الميلادي الذي لا يمتُّ إلى دين الإسلام بصلة؛ ولئن كان لبعضهم - أي: لبعض هؤلاء المسلمين الذين كانوا يؤرِّخون بالتاريخ الميلادي - شبهةٌ من العذر حين استعمر بلادهم النصارى وأرغموهم على أن يتناسوا تاريخهم الإسلامي الهجري فليس لهم الآن أي عذر في البقاء على تاريخ النصارى الميلادي؛ لأن الله تعالى بنعمته أزالَ عنهم كابوس المستعمرين وظلمهم وغشمهم، ولقد سمعتم ما قيل من أن الصحابة - رضي الله عنهم - كَرِهوا التاريخ بتاريخ الفُرس والروم .

أيها المسلمون، إن التاريخ وإن التقويم شعارُ الأمة، فإذا تناست الأمة هذا الشعار فهو تناسٍ لشخصياتها ومقوّماتها التاريخية

 

أيها المسلمون، إنَّنا في هذه الأيام نستقبل عامًا جديدًا إسلاميًّا هجريًّا شهورُه الشهور الهلالية التي قال الله عنها في كتابِهِ المبين: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ﴾ [التوبة: 36]، هذه الشهور الاثنى عشر هي الشهور التي جعلها الله تعالى مواقيت للعالم كلهم، قال الله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ﴾ [البقرة: 189] ﴿قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ﴾ [البقرة: 189]، أيُّ الناس ؟ إنها مواقيت للناس كلهم بدون تخصيص، لا فرقَ بين عرب وعجم؛ وذلك لأنها علامات محسوسة ظاهرة كلّ أحد يعرف بها دخول الشهر وخروجه، فمتى رؤي الهلال من أول الليل دخلَ الشهرُ الجديد وخرج الشهر السابق، قال الله عزَّ وجل: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ﴾ [يونس: 5] .

 

إن هذه الشهور المبنيَّة على أمر محسوسٍ ليست كالشهور الإفرنجية شهورًا وهميَّة غير مبنيَّة على مشروع ولا معقول ولا محسوس بل هي شهور اصطلاحية مختلفة بعضُها يبلغ واحدًا وثلاثين يومًا وبعضها لا يبلغ تسعة وعشرين يومًا وبعضها بين ذلك، ولا يُعلم لهذا الاختلاف سبب حقيقيّ معقول أو محسوس أو ديني؛ ولهذا طُرحت في الآونة الأخيرة مشروعات لتغيّير هذه الأشهر على وجه منضبط لكنّها عُورضت من قِبل الأحبار والرهبان، من قبل العلماء والعباد من النصارى .

فتأمَّل، تأمَّل - أيها المسلم - كيف يعارض رجالُ دين اليهود والنصارى العبّاد منهم والعلماء في تغيير أشهر وهميَّة مختلفة إلى اصطلاح أضبط؛ لأنهم يعلمون؛ لأنهم - أعني: الأحبار والرهبان - يعلمون ما لذلك من خطر ورجال دين الإسلام ساكتون بل مقرُّون لتغيّير التوقيت بالأشهر الإسلامية بل الأشهر العالمية التي جعلها الله مواقيت للعباد؛ حيث عدل عنها كثيرٌ من المسلمين إلى التوقيت بالشهور الإفرنجية، وقد سُئل الإمام أحمد - رحمه الله - فقِيل له: إن للفرسِ أيامًا وشهورًا يسمّونها بأسماء لا تُعرف، فكَرِهَ ذلك أشدّ الكراهة، ورُوي عن مجاهد أنه كان يكرَهُ أن يُقال: آذار ماه .

 

 

أيها المسلمون، إننا في هذه الأيام نستقبل عامًا جديدًا إسلاميًّا هجريًّا ليس من السنَّة أن نُحدث عيدًا لدخوله وليس من السنَّة أن نهنئ بعضنا بدخوله ولكن التهنئة به إنما هي أمر عادي وليس أمرًا تعبّديًّا، وليست الغبطة - أيها المسلمون - بكثرة السنين، كم من إنسانٍ طالَ عمره وكثرت سنواته ولكنَّه لم يزدد بذلك إلا بعدًا من الله !

إن أسوأ الناس وشر الناس مَن طال عمره وساء عمله، ليست الغبطة واللهِ بكثرة السنين وإنما الغبطة بما أمضاه العبد من هذه السنين في طاعة الله عزَّ وجل، فكثرة السنين خيرٌ لمن أمضاها في طاعة ربه شرٌّ لمن أمضاها في معصية الله والتمرّد على طاعته .

 

إن علينا - أيها المسلمون - أن نستقبل أيامنا وشهورنا وأعوامنا بطاعة الله ومحاسبة أنفسنا وإصلاح ما فسَدَ من أعمالنا ومراقبة مَن ولانا اللهُ عليه من الأهل: من زوجات وأولاد: بنين وبنات وأقارب .

 

فاتقوا الله - عباد الله - وقوموا بما أنتم به معنيُّون وعنه يوم القيامة تسألون ﴿قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [التحريم: 6]،

قوموا بذلك على الوجه الأتَمِّ الأكملِ أو على الأقل بالواجب، واعلموا - أيها المسلمون - أن أعضاءكم وأن جلودَكم ستكون عليكم يوم القيامة بمنزلة الخصوم يوم يُختم على الأفواه وتكلّم الأيدي والأرجل بما كسب الإنسان، قال الله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [فصلت: 20-23]، وقال عزَّ وجل: ﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾

__________________________________________________ ___

 

سُئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ما حكم التهنئة بالسنة الهجرية وماذا يرد على المهنئ ؟

 

فأجاب رحمه الله :

إن هنّأك احد فَرُدَّ عليه ولا تبتديء أحداً بذلك هذا هو الصواب في هذه المسألة لو قال لك إنسان مثلاً نهنئك بهذا العام الجديد قل : هنئك الله بخير وجعله عام خير وبركه ، لكن لا تبتدئ الناس أنت لأنني لا أعلم أنه جاء عن السلف أنهم كانوا يهنئون بالعام الجديد بل اعلموا أن السلف لم يتخذوا المحرم أول العام الجديد إلا في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. انتهى

 

وقال الشيخ عبد الكريم الخضير في التهنئة بدخول العام الهجري :

الدعاء للمسلم بدعاء مطلق لا يتعبد الشخص بلفظه في المناسبات كالأعياد لا بأس به لا سيما إذا كان المقصود من هذه التهنئة التودّد ، وإظهار السرور والبشر في وجه المسلم . قال الإمام أحمد رحمه الله : لا ابتدئ بالتهنئة فإن ابتدأني أحد أجبته لأن جواب التحية واجب وأما الابتداء بالتهنئة فليس سنة مأمورا بها ولا هو أيضا مما نهي عنه .

______________________________

نسألك اللهم أن تجعل عامنا هذا وما بعده عام أمنٍ وطمأنينة، عام علم نافعٍ وعملٍ صالحٍ، عامًا تسبغُ به علينا النّعم وتدفع به عنّا النقم، عامًا ترزقنا فيه شكر نعمتك وحسن عبادتك،

واخر دعوانا ان الخمد لله رب العالمين

%D9%83%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%AA%2B%D8%B4%D9%87%D8%B1%2B%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87%2B%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D8%B1%D9%85.gif

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

جزاكِ الله خيرًا أختنا الكريمة

موضوع شامل وجامع

لا حرمكِ الله الأجر~

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

جزاكِ الله خيرًا أختنا الكريمة

موضوع شامل وجامع

لا حرمكِ الله الأجر~

جزاكِ الله خيراً ونفعنا الله وايًاكِ ..حفظكِ الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاكِ الله خيراً كثيــــراً أختي الحبيبة على هذا المجهود

مقال جامع ونافع

نفع الله بكِ ، ولا حرمكِ الله تعالى الأجر

 

نسألك اللهم أن تجعل عامنا هذا وما بعده عام أمنٍ وطمأنينة، عام علم نافعٍ وعملٍ صالحٍ، عامًا تسبغُ به علينا النّعم وتدفع به عنّا النقم، عامًا ترزقنا فيه شكر نعمتك وحسن عبادتك،

 

 

 

اللهـــــــــــــــــــــــــــــــم آميـــــــــــــــــــــــــــــــــن

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاكِ الله خيراً كثيــــراً أختي الحبيبة على هذا المجهود

مقال جامع ونافع

نفع الله بكِ ، ولا حرمكِ الله تعالى الأجر

 

نسألك اللهم أن تجعل عامنا هذا وما بعده عام أمنٍ وطمأنينة، عام علم نافعٍ وعملٍ صالحٍ، عامًا تسبغُ به علينا النّعم وتدفع به عنّا النقم، عامًا ترزقنا فيه شكر نعمتك وحسن عبادتك،

 

 

 

اللهـــــــــــــــــــــــــــــــم آميـــــــــــــــــــــــــــــــــن

اللهم آمين باركَ الله فيكِ وهدانا الله وايًاكِ .. حفظكِ الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

جزاكِ الله خيرًا أختنا الكريمة

موضوع شامل وجامع

لا حرمكِ الله الأجر~

جزاكِ الله خيراً ونفعنا الله وايًاكِ ..حفظكِ الله

باركَ الله فيكِ ونفعنا الله وايًاكِ ..احسن الله اليكِ

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×