اذهبي الى المحتوى
ساجدة للرحمن

صاحب الظل الكبير

المشاركات التي تم ترشيحها

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

 

محمد الغباشي

 

كان يوازيني طولاً وجسمًا وحجمًا، إلا أنه كان يكبرني بكثير لطالما تمنيت أن أكون في دماثته وأخلاقه العالية وثباته وشجاعته في المواقف الصعبة لم يكن يساورني شك في أنه يسبقني إلى الله بمفازات وقفار وبحار قطعها في الطريق، قنعتُ منه بمجرد القرب والإفادة من مواقفه الفريدة حينما تأكدت ألا طاقة لي باللحاق به.

 

كنت أتساءل دائمًا عن السر الذي أوصله إلى مثل هذه الحالة، بيْد أن المعايشة المستمرة له أوقفت ضميري على مآثره ومزاياه التي لم أرها في أحد قبله.

 

لم أكن في بادئ الأمر أعبأ كثيرًا إذا تعرضت لفقد شيء مما أملك, ولكنني صرت على يقين عندما أثبتت لي الأيام أن الإنسان لا يقدّر النعمة التي أنعم الله بها عليه إلا حينما يفتش عنها فلا يجدها.. ويسبر أغوار ذاته فلا يجد منها إلا طيفًا مستقرًا في وحشة الغربة والأسى.. أو يتخبط يمنة ويسرة حينما لا يجد توجيهها الذي اعتاده على مر الأيام والسنين.

 

لم يتسرب هذا المعنى إلى ضميري إلا حينما سافر زوجي ومرّ على سفره سبع سنوات حتى الآن.. فمع أن الله قد رزقني بثلاث زهراوات تشرق لهن الدنيا حينما تطل إحداهن، إلا أنني أشعر بوحدة لا تكاد توصف بغيابه.

 

لا يزال صدى كلماته يهمس في أذني كلما جلست إلى نفسي أتذكره وأتذكر ذكرياتنا معًا.. أتذكر نظراته الحنونة أحيانًا والغاضبة أحيانًا أخرى.. الباسمة تارة والحزينة تارة والمترقبة تارة أخرى.. أكاد أرى الآن عينيه مرتسمتين أمامي برموشهما الطويلة وبؤبؤيهما الأسودين شديدي القتامة.. لم يبق لي منهما إلا الذكرى.

 

كم كنت حمقاء عندما كنت أسبب له الضيق والحزن بداعٍ وبلا داع.. كنت أحيانًا أندهش من غضبه " الرقيق " من بعض ما لا أعده أنا شيئًا في ميزان المشكلات بين المرء وزوجه.

 

ولكنني بمرور الوقت اكتشفت كم كان رقيق القلب جياش العاطفة بشكل لا محدود.. لذلك كان القليل من الخطأ يغضبه كما كان القليل من الحب يرضيه ويقنعه.. من أجل ذلك لم أجد في نفسي غضاضة الآن لأصف نفسي بالحمق حينًا والبلاهة أحيانًا.

 

كان شيء بداخلي يخبرني بأنني يومًا ما سأجد نتيجة ما كانت تقترفه يداي.. صوت كان يأتيني من ركن بعيد في أعماق ذاتي كان يتردد صداه في نفسي.. لم أكن أدري أن هكذا عقابًا أليمًا كان سيحل عليّ بالبعد عنه..

 

لا أخفيكم.. في بعض الأحيان عندما كان يدب الشك إلى عقلي كنت أتصنّع المشكلات لإغضابه.. وكأن عقلي الباطن يدفعني لأضعه في اختبارات لأرى مدى قوته وصلابته ـ أو رجولته إن شئت أن تقول ـ بل وفي بعض الأحيان كان حِلمه هو ما يجرّئني على أن أستفزه بفعل سوء أو كلمة سوء أو نظرة سوء..

 

كنت أجالس صديقاتي في بعض الأحيان فيحكين لي عن زوج ضَرَبَ، وثانٍ شَتَمَ وسَبَّ وقَذَف.. وثالث هجر البيت شهرًا أو شهرين.. ورابع كسر ضلعًا أو ضلعين.. وخامس وسادس وسابع.

 

فأتخيل حينها صورة "صاحب الظل الكبير " تتراءى أمامي وهو يفعل الشيء نفسه فأستعيذ.. وأستعيد ذكريات ـ أعدّها أليمة ـ لترسم لي الغضب على طريقته هو.. حيث ضرب.. نعم ضرب.. ضرب مثلاً في النزاهة والحلم والأخلاق.. كانت غضبته هجرًا في أقصى صورها ويا لها من غضبة لهفي على قلبي من غضبة " صاحب الظل الكبير ".

 

كانت تتقطع معها أوصالي ويتفتت إزاءها قلبي وكبدي.. ولكن ريثما كان يعود فتعود للدنيا بسمتها وإشراقها من جديد.

 

حينما يبتسم " صاحب الظل الكبير " كنت أرى الدنيا بمنظار آخر.. كنت أراها كما علّمني أن أراها خاليةً من الشر من القهر من الأسى أو الحزن مليئةً بالبشر والحبور قريرةً بالدفء والنور بسمة واحدة من ثغره ـ الواسع إلى حد ما ـ كانت تملأ البيت روحًا وريحانًا.

 

كنت أستغرب عند رؤيتي ظلَّه ونحن سائرون معًا فرغم كوننا متساوييْن في الحجم إلا أن ظلّه كان ثلاثة أضعاف ظلي تقريبًا، تعجبت كثيرًا حينما شاهدت ذلك لأول وهلة، بيْد أن العجب زال حينما رأيت صاحب الظل الكبير من الداخل.. حينما نضح قلبُه حبًّا وعقلُه فكرًا، أيقنت حينها أن الشمس تظلمه حينما منحته ذلك الظل الذي يتضاءل بجانبه كل ظل آخر.

 

كنت أستظل به كلما أصابتنا أشعة شمس الزمن الحارقة بسخونتها ورعونتها وقساوتها وفجاجتها وغلظتهاكانت تلفحني بعدما تتفرس في وجهي، لم تكن الأيام تمهلنا كثيرًا حتى تصوب إلينا أشعة شمسها الضارة، ولكن ظِلّه الكبير كان يحميني منها، فأكاد أراها مغتاظة مقرورة لمرآه، تحاول التسلل من خلفه أو بين يديه ولكنه يتصدى لها في تحدٍّ بالغ ليثبت لها أنه لا يتزعزع وأنها لا محالة منهزمة مادامت تواجه " صاحب الظل الكبير ".

 

 

 

مما راق لي كثيرا : )

  • معجبة 3

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

نسأل الله أن يحفظ أزواجنا ويعيننا على طاهتهم

بوركت يا حبيبة على نقلك الطيب

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

ماشاء الله موضوع رائع ياتى ع الجرح

ربنا يبارك فيك يا اختى وﻻ; حرمك اجر هذا النقل الطيب

فعلا انا واحدة من الناس الى مش بحس بقيمة زوجى الحقيقية الا لما يسافر

واتمنى وجودة لو بضع دقائق ربنا بجعلنا خير زوجات لخير ازواج ويبارك لنا فى ازواجنا

ويرد كل زوج غائب عن اهلة وبيتة سالما غانما اللهم امين.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

رائع!

جزاكِ الله خيرا يا غالية.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

----

رائع جدا ومبعبر ما انتقيت غاليتي.

راق لي انا أيضا ^^

بورك مسعاك يا حبيبة.

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

----

رائع جدا ومبعبر ما انتقيت غاليتي.

راق لي انا أيضا ^^

بورك مسعاك يا حبيبة.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم و رحمة الله وبركاته

بارك الله لك مشرفتنا الغالية ساجدة للرحمن علي هذا النفع القيم

فالنفس يجب ان تستشعر ما عندها من نعم

مهما كانت صغيرة او كبيرة و تؤدي واجبها من الشكر

قبل ان تتبدل و تتغير عليها هذه النعم

جزاك الله خيرا

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

سبحان الله العظيم

 

كم من نعم بين أيدينا ولا نلتفت لها وكأنها ( ده العادى )

 

لأ طبعا حبيباتى.. فلتهنأ كل أخت ببيتها وزوجها وتعلم أنها فى نعمة

 

اللهم اجعل بيوت المسلمين تقية هنية عامرة بالسعادة والمحبة

 

بارك الله فيكِ سجودة الحبيبة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم

---

أختي ساجدة الحبيبة ايه رأيك في المقولة إللي بتقول: ظل رجل ولا ظل حيطة.

بستنى ردك يا اطيب مشرفة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

@أم يُمنى

صدقت يا غالية

بورك فيك وجزيت خيرا على مرورك اللطيف ..

 

 

 

@

^___^

هذا يختلف من ظل لآخر : )))

في بعض الأحيان قد يكون ظل الرجل على مساوئه إلا أنه أفضل للمرأة

فقد يقع الحائط عليها من حيث لا تدري

 

وأحيان أخرى قد يكون حائطا قويا تستطيع المرأة أن تستند عليه

 

فالمثل لا أحب تعميمه : )))

بورك فيك حبيبتي

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاك الله خيرا

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

تصفيق حاااااار بحرارة المقالة

 

قمة التعبير عن مكانة الزوج في حياة زوجته

 

نعمة لا نستشعرها الا عندما نفقدها و قد نفقدها ليس فقط عند السفر كما قال الكاتب

 

و لكن في كل مرة يغضب فيها الزوجان و يكون رد فعلهما هجر

 

الكلام بينهما

 

 

 

اللهم ارزقنا من ازواجنا و ذرياتنا قرة اعين و اجعلنا للمتقين اماما

تم تعديل بواسطة عهد الوفاء

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جميل ورائع لكنه مخيف مشرفتي الحبيبة

 

صراحة يجعلنا نراجع تصرفتنا مع احبابنا

 

صراحة الفراق مر لكن اكيد سيتم التلاقي بينهم مرة اخرى غدا مثلا

 

هههه لابد للقصة ان تنتهي نهاية رومانسية

 

بورك نقلك مشرفتي الحبيبة

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته

جميل (:

جزاك الله خيرا يا حبيبة

و عودا حميدا أنرت()

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×