شق الصدر

[مروة برهان 7]

شق الصدر

رجع رسول الله صلى الله عليه و سلم ٳلى بنى سعد و فى السنة الرابعة من مولده على قول المحققين وقعت حادثة شق صدره . روى مسلم عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أتاه جبريل و هو يلعب مع الغلمان فشق عن قلبه فاستخرج القلب فاستخرج منه علقة فقال : هذا حظ الشيطان منك ثم غسله فى طِسْتْ من ذهب بماء زمزم ثم لأَمَهُ أى جمعه و ضم بعضه ٳلى بعض ثم أعاده فى مكانه . جاء الغلمان ٳلى أمه فقالوا : ٳن محمداً قد قتل فاستقبلوه و هو متَغَيِّر اللون . قال أنس : قد كنت أرى أثر ذلك المخيط فى صدره " .. خَشِيَتْ عليه حليمة بعد هذه الواقعة حتى ردته ٳلى أمه فكان عند أمه ٳلى أن بلغ ست سنين .. تعد حادثة شق الصدر التى حصلت له عليه الصلاة و السلام أثناء وجوده فى مضارب بنى سعد من ٳرهاصات النبوة و دلائل ٳختيار الله له لأمر جليل .

ليست الحكمة من هذه الحادثة و الله أعلم استئصال غدة الشر فى جسم رسول الله صلى الله عليه و سلم ٳذ لو كان الشر منعه غدة فى الجسم لأمكن أن يصبح الشرير خيراً بعمليَّة جراحية و لكن يبدو أن الحكمة هى ٳعلان أمر الرسول صلى الله عليه و سلم و تهييئوه للعصمة و الوحى منذ صغره ليكون ذلك أقرب ٳلى تصديق الناس برسالته .

ٳنها ٳذن عملية تطهير معنوىِّ و لكنها اتخذت هذا الشكل المادىِّ الحسىِّ ليكون فيه ذلك اﻹعلان اﻹلهى بين أسماع الناس و أبصارهم .

الذى يثبت مسألة شق الصدر هى الآية : ( ألم نشرح لك صدرك ٭ و وضعنا عنك وزرك ٭ الذى أنقض ظهرك ٭ و رفعنا لك ذكرك ٭ فان مع العسر يسراً ٭ ٳن مع العسر يسراً ) .

لماذا شق الصدر ؟

شق الصدر لتطهير قلب النبى صلى الله عليه و سلم و ليستخرج من قلبه النقطة السوداء أو الغدة السوداء . أما المنكرون قالوا أن هذا الشرح شرح معنوىِّ لأن ليس مفهوم شرح الله صدره معناه شق الصدر . و هل معنى شرح صدره للاسلام معناها يشق صدره للاسلام ؟ .

يجب أن لا يكون اﻹنكار لهذا المعنى انكاراً لاستعظام هذا الأمر من الله بفعل هذا .. طالما أن اﻹسلام شئ معنوىِّ فان الشق شئ معنوىِّ فهل الشرح معنوىِّ أم مادىِّ ؟ .

لا تقل أن حادثة شق الصدر مستحيلة لأنه طفل و ٳذا حدث شق الصدر سيموت . قول قال أنه مادىِّ و قول قال أنه معنوىِّ و لكن عندما قال الله لموسى ( اذهب ٳلى فرعون ٳنه طغى ) فقال موسى ( رب اشرح لى صدرى ) .

شق الصدر عندما كان الرسول صلى الله عليه و سلم عنده ثلاث سنوات و الذى شاهده أخوه و رأى آخر أنه حدث فى الطفولة و قبل بعثته و الرأى الثالث أن شق الصدر حدث فى أول طفولته و قبل بعثته و أول حادثة اﻹسراء و المعراج .

الدروس المستفادة :

1 – حادثة شق الصدر كانت فى السنة الرابعة أو الخامسة من مولده .

2 – شق الصدر لتطهير و استخراج النقطة السوداء أو الغدة السوداء من قلب النبى صلى الله عليه و سلم .

 

وفاة آمنة

الرسول صلى الله عليه و سلم واجه الحياة من أول يوم و هو يحمل صفة اليتيم . النبى صلى الله عليه و سلم تيمم مبكراً و تيمم مضاعفاً . مرَّ صلى الله عليه و سلم بهذه التجربة قبل أن يولد و بعد أن يولد بوفاة أمه ربما أمام عينيه فى ديار مضارب بنى سعد . حين بلغ السادسة من عمره , ذهبت به أمه ٳلى يثرب ليزور أقاربه من بنى النجار و قبيل يثرب تحدث وفاتها أمام عين ابنها . تلك التجربة التى لن ينساها رسول الله صلى الله عليه و سلم طول حياته و بادياً عليه علامات الحزن . فى حياة الطفل محمد بن عبد الله , لم تتوقف تجربة اليتم التى سبقت ولادته فلا تستمر كفالة عبد المطلب له أكثر من عامين و ينتقل هو الآخر ٳلى الرفيق الأعلى و يترك اليتيم صلى الله عليه و سلم يعاود تجربة اليتم مرة بعد مرة . لاشك أن هذه التجارب لها أثراً بالغاً فى نفس النبى صلى الله عليه و سلم .

يتيم عبد المطلب

رجع الطفل محمد من رحلته ٳلى يثرب يتيم الأبوين فقد فَقَدَ أمه كما فَقَدَ أباه فكل ما تركه له أبوه خمسة جمال و عدد صغير من الغنم و جاريته أم أيمن و لكن الله عطف على قلب هذه الجارية و حضنته فأحبه جده عبد المطلب و أحاطه و كان له أباً مكان أبيه .

كان عبد المطلب سيد قريش و كان لقريش تقاليدها فى ترفيه أبنائها فلم يكن الولد يستطيع أن يجالس أباه ٳلا حين يبلغ سن الرجولة .. كان من عادة عبد المطلب بن هاشم أن يتخذ له مجلساً بجوار الكعبة .. كان عبد المطلب ينظر نحو الحبيب صلى الله عليه و سلم بعاطفتين : حب و حنان و عاطفة الأبوة فهو ابن ولده عبد الله و أحب أبنائه ٳليه و الذى كان موته ضربة قاصمة و تركت فى قلبه جرحاً عميقاً فما هو ٳلا أن وُلِدَ له محمد حتى وجد فيه عبد المطلب صورة ابنه عبد الله .. كان مع هذه العاطفة عاطفة أخرى تزيد من فعلها هى عاطفة اﻹعجاب بما كان يبدو عليه صلى الله عليه و سلم من آيات العناية الربانية فقد كان كل شئ فيه يدل على أن أنه ليس كبقية الأطفال و قد أحس عبد المطلب هذا و تنبأ له من أول يوم وُلِدَ فيه صلى الله عليه و سلم فما كان يتحدث عنه قط ٳلا بصيغة اﻹعزاز و اﻹعجاب و الثقة بالمستقبل العظيم مما كان يراه من ٳعجاب الناس به و مما كان يبدو عليه من ٳعزاز الناس به و مما كان يبدو عليه من آيات السمو .. كان صلى الله عليه و سلم يلفت الأنظار فى كمال أدبه و فى سمو خلقه .

نشأ الحبيب محمد صلى الله عليه و سلم فى قوم غلبت عليهم الجهالة و قالوا : ( ٳن هى ٳلا حياتنا الدنيا نموت و نحيا و ما يهلكنا ٳلا الدهر ) فكان من الطبيعى أن ينشأ كما ينشأ الطفل المهمل بعد أن فَقَدَ الأب الذى يعنى بتأديبه و تهذيبه و الأم التى تعنى بتعليمه و تدريبه و لكن الله أراد له هذا اليتم المبكر ليكمله فيما يمضى له من الأخلاق و الآداب .. كان أمر هذا اليتيم موضع العجب حقاً فكان ذلك مما زاد جده الشيخ تعلقاً به و اهتماماً بنشأته .

لماذا قدر الحق تبارك و تعالى على حبيبه صلى الله عليه و سلم أن يمر بمثل هذه التجارب الأليمة و ما نفسها على الرسول صلى الله عليه و سلم ؟

شعور اليتامى و الفقراء موجع و يتضاعف أجره و ثوابه .. يقول بعض العلماء أن من ضمن الأسباب التى قدر الحق تبارك و تعالى أن يمر النبى صلى الله عليه و سلم بهذه التجارب لكى لا يكون لأحدٍ من الناس فضل فى تربية النبى صلى الله عليه و سلم غير الله سبحانه و تعالى لأننا لو فرضنا أن لو الحبيب صلى الله عليه و سلم كان له أباً ملاصقاً معتنياً به ثم شبَّ صلى الله عليه و سلم على الفترة السليمة و الخلق القويمة سينسسب البعض الفضل لوالده و هذا اجتهاد من اﻹجتهادات .. ٳذا كان هذا نصيب الحبيب من الدنيا أن يكون يتيماً فهل من حق أى يتيم فى الدنيا أن يسخط على نصيبه و يقول " لماذا حرمه الله من نعمة الأبوة ؟ " .. اليتم ابتلاء شريف و ابتلاء قدوة و ابتلاء عبرة و ابتلاء هداية .. من شأن تربية اﻹسلام أن ترجع دائماً ٳلى أبسط صور الحياة .. حياة اليتيم محمد صلى الله عليه و سلم كانت فى أبسط صورة ممكنة .. اليتم وسيلة ﻹخراج اﻹنسان من الوتيرة الطبيعية المعتادة المتكررة لحياة البشر و لذلك يقال عن النبى صلى الله عليه و سلم أنه " يتيم بنى هاشم " ربما أنه لم يكن فى بنى هاشم يتيماً غيره .

تجربة يتم النبى صلى الله عليه و سلم هى درس كبير لكل يتيم حتى لا يستهين بالحرمات أو بالأخلاقيات أو بانتهاك الممنوعات و يقول " ٳنى يتيم " و كثيراً ما نجد أيتام ينجحون فى حياتهم فكان من ذلك تعويض لهم من الله عز و جل .

يعيش عبد المطلب ٳلى أن يرى هذا الشاب العظيم و سرعان ما تقبض روحه و هو كثير العيال و قليل المال .

الدروس المستفادة :

1 – بيان يتم رسول الله صلى الله عليه و سلم ٳذ مات أبوه قبل أن يولد و ماتت أمه و هو فى السادسة من عمره . قال تعالى : ( ألم يجدك يتيماً فآوى ) سورة الضحى / 6 .

2 – حكمة أحكم الحاكمين أن يولد رسول الله صلى الله عليه و سلم يتيماً ثم لا يلبث أن يفقد أمه ثم جده حتى لا يكون للطاعنين سبيل ٳلى ٳدخال الشك بأن أباه و جده كان لهما الفضل فى دعوته و رسالته .

فى كفالة أبى طالب

بيت أبى طالب أخرج مجموعة من الأبطال : أخرج جعفر بن أبى طالب الذى كان أقرب الناس شبهاً للرسول صلى الله عليه و سلم خُلُقاً و خَلْقاً و كذلك أخرج على بن أبى طالب بطل الأبطال و أخرج بيت أبى طالب محمد صلى الله عليه و سلم .

أبو طالب أراد أن ينشئ بن أخيه على مهنة رجال قريش و هى التجارة و ما ٳن أتيحت له هذه التجارة حتى أخذ معه محمد صلى الله عليه و سلم .. الرحلة التى تسعى ٳليها قريش هى ٳما ٳلى اليمن و ٳما ٳلى الشام و تنبأ بأن هذا الصبى له مستقبل مختلف .. فمن ضمن هذه اﻹشارات أو العلامات التى لامحها أبى طالب حينما اصطحب معه محمد صلى الله عليه و سلم ٳلى بصرى من أرض الشام , دعاهم راهب هذه القرية ٳلى طعام عنده فى صومعته – بيت من بيوت النصارى للعبادة - . كان عند ذلك الراهب علمٌ من الكتاب و كان يقرأ فى التوراة و اﻹنجيل أن نبياً سيُبْعث فى بلاد العرب و أن هذا النبى قد آن أوانه – جاء فى اﻹنجيل : " فى تلك الأيام , جاء يوحنا المعمدان يكرز فى برية اليهود قائلا : تربوا لأنه قد اقترب ملكوت السموات " فقوله : " قد اقترب ملكوت السموات " ٳشارة ٳلى النبى محمد صلى الله عليه و سلم و بشارة به و بقرب بعثته " - سأل الراهب أبا طالب أشياء من حالات نوم و يقظة الحبيب صلى الله عليه و سلم فوجدها كما عنده فى الكتاب . سأل الراهب أبو طالب : " ماذا يكون هذا الغلام منك ؟ قال أبو طالب : " : " هو ابنى " . فقال الراهب : " ما ينبغى أن يكون أبوه حياًً " قال أبو طالب : " هو ابن أخى و قد مات أبوه و هو جنين فى بطن أمه " . فقال له الراهب : " ارجع بهذا الغلام و احرص عليه من اليهود فانهم لو يعلمون من أمره ما علمت ليَبْغُنَّه شراً – ينالونه بالشر " .

ٳقترح الراهب على أبى طالب ألا يدخل النبى صلى الله عليه و سلم الشام و لكن هل أبو طالب استجاب لنصيحة هذا الراهب ؟ .

ربما لم يستجب أبو طالب لنصيحة هذا الراهب و هذا يبرز خروج النبى صلى الله عليه و سلم بنفسه فى رحلة أخرى و أيضاً ٳلى أرض الشام .. مهنتا الرعى و التجارة هما المهنتان التى عمل بهما محمد صلى الله عليه و سلم و قبل بعثته هاتان المهنتان التى عمل بهما أى نبى .. عمل الحبيب صلى الله عليه و سلم بالتجارة و اشتهر بين الناس بأمانته و بصدقه حتى قيل عنه " الصادق الأمين " كأن الله عز و جل أراد أن يستخلص الحجة عليهم من ألسنتهم فاذا كان لا يكذب على الناس فكيف يكذب على الله عز و جل و كان لا يفترى على الناس ؟ ! .. هذا الذى ألجأهم ٳلى أن يقولوا كاهن أو ساحر أو مجنون و كيف يكون عليه الصلاة و السلام مجنون و قد قالوا عنه بألسنتهم " الصادق الأمين " ؟ ! .

فلما مات أبو طالب بكى عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم و حزن لموته أشد الحزن . عن على بن أبى طالب رضى الله عنه قال : " أخبرت رسول الله صلى الله عليه و سلم بموت أبى طالب فبكى و قال : " اذهب فاغسله و كفنه . غفر الله له و رحمه ! " . قال على : " ففعلت ما قال . و جعل رسول الله يستغفر له أياماً و لا يخرج من بيته حتى نزل جبريل عليه السلام بهذه الآية فى قوله تعالى : ( ما كان للنبى و الذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين و لو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ) و كم تمنى رسول الله لو أن الله هدى عمه أبا طالب ٳلى اﻹسلام و شرح به صدره و ليس عجباً أن يهتم رسول الله باسلام عمه هذا اﻹهتمام .. لقد كان رسول الله مثلاً عالياً فى الوفاء و عرفان الجميل .

الدروس الستفادة :

1 – تقرير عقيدة القضاء و القدر و أن السعيد من سعد فى بطن أمه و الشقى من شقى فى بطن أمه كذلك ٳذ رفعت الأقلام و جفت الصحف .

2 – بيان أن فعل الخير لا يعدم فاعله جوازيه - الجوازى جمع جازية أى لا يعدم جزاء عليه - فان أبا طالب أخبر النبى صلى الله عليه و سلم عنه أنه فى النار لموته على غير اﻹسلام و أخبر أنه يخفف عنه العذاب لما قدم لرسول الله صلى الله عليه و سلم من عون و حماية طيلة حياته معه فى مكة .

رعى الغنم

أخذ رسول الله يستقبل فترة الشباب من عمره فبدأ بالسعى للرزق و راح يشتغل برعى الغنم و لقد قال عليه الصلاة و السلام عن نفسه فيما بعد : " كنت أرعى الغنم على قراريط لأهل مكة " و حفظه الله من كل ما قد ينحرف ٳليه الشبان من مظاهر اللهو و العبث .. مكة ليست بلداً زراعياً و لو كان فى يثرب لاستطاع أن يشتغل فلاحاً فى الأرض أو بستانياً فى أحد بساتينها الكثيرة و لكنه فى مكة و مكة بلد قفر بواد غير ذى زرع تحيط به الجبال من جميع نواحيها و هى جبال صخريَّة جرداء لا ينبت فيها شجر و لا نبات .

من أجل ذلك , عمل رسول الله أول ما عمل فى رعى الغنم و كان يرعى غنم أهله بأجياد و " أجياد " وادٍ من وديان مكة و كان أول واد ذهب ٳليه رسول الله يرعى فيه غنم أهله لقربه من عمران مكة ولله الحكمة البالغة ٳذ جعل هذه المهنة – مهنة رعى الأغنام – هى مهنة الأنبياء ٳذ يبدءون حياتهم برعى الأغنام .

النبى صلى الله عليه و سلم قال : " بُعِثَ موسى عليه السلام و هو راعى غنم و بُعِثَ داود عليه السلام و هو راعى غنم و بُعِثْتُ و أنا أرعى غنم أهلى بأجياد " .

الدروس المستفادة :

1 – حماية الله لرسوله صلى الله عليه و سلم من كل ما يسئ ٳلى عظيم منزلته فداه أبى و أمى .

2 – بيان رعيه صلى الله عليه و سلم الغنم فى البادية و هى سنة الأنبياء من قبله فقد قال صلى الله عليه و سلم : " ما من نبى ٳلا و قد رعى الغنم " فقالوا : و لا أنت يا رسول الله ؟ فقال : " و لا أنا , فقد كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة .

3 – ٳن الحكمة من رعى الأنبياء للغنم هى اﻹعداد لسياسة البشر و الرحمة و اللين لأن الغنم – الضأن و المعز – أضعف من اﻹبل و البقر و أحوج ٳلى الرفق و اﻹنسان يحتاج ٳلى سياسة الرفق و اللين و عدم الشدة و العنف .

محمد فى قومه

نشأ رسول الله صلى الله عليه و سلم بين قومه فى مكة يعيش فيها كما يعيش الناس و يأكل كما يأكلون و يشرب كما يشربون و يلبس كما يلبسون غير أن رسول الله كان يمتاز على كل من يعيشون فى بيئته بطابع خاص لا يشاركه فيه غيره و هو حماس الشباب و دوافعه و نزعاته و لكنه لم يتنزل ٳلى ما يتنزل ٳليه الشباب من عبث و لهو .. عُرِفَ الحبيب صلى الله عليه و سلم بين أهله فى مكة بالوقور و وصفوه بأحسن ما يمكن أن يوصف به ٳنسان .. رأوه شيئاً آخر غير ما يرون فى بيئتهم فقد كانوا قوماً غلاظ يتهالكون على اللذات و يتجاهرون بالمنكرات و قد عصم الله رسوله من هذه الموبقات و طهره من هذه الأنجاس فلم يسجد لصنم من الأصنام و لم يعبد قط وثناً من الأوثان .. رسول الله كان يخالف قومه فى كثير من عاداتهم و أخلاقهم فانه كان يعيش بينهم كواحد منهم يألفهم و يألفونه و يحبهم و يحبونه .

فقد حضر رسول الله صلى الله عليه و سلم مع قومه " حرب الفجار " و هى حرب قامت بين قريش و هوازن و كان سببها أن رجلاً من قريش غدر برجل من هوازن فقتله فى الأشهر الحرم و هى الأشهر التى حُرِّمَ فيها القتال و قد ساهم فيها رسول الله مع قومه و هو بين الخامسة عشرة و العشرين و قد دامت هذه الحرب أربع سنين .

شارك رسول الله قومه فى بناء الكعبة و هو فى الخامسة و الثلاثين .. فكان صلى الله عليه و سلم يزامل عمه العباس فى نقل الحجارة فلما بلغوا موضع الركب – و هو الحجر الأسود- أرادوا أن يضعوه فى مكانه فاختلفوا .. كان الحجر الأسود فى نفوسهم منزلة من اﻹجلال و التقديس و اشتد بينهم الخلاف لولا أن رجلاً حازماً منهم دعاهم ٳلى أن يُحَكِّمُوا بينهم فى الأمر أول من يدخل عليهم من باب المسجد فارتضوا ذلك و اتفقوا عليه فكان هو رسول الله صلى الله عليه و سلم ففرحوا به جميعاً و استراحوا لرؤيته .

كان صلى الله عليه و سلم قد عُرِفَ بينهم بسداد الرأى و صواب الحكم و أخبروه فيما كان من أمرهم فقال صلى الله عليه و سلم : " هَلُمُّوا ٳلىَّ ثوباً " و جاءوه بالثوب فأخذ الثوب فبسطه على الأرض ثم أخذ الحجر فوضعه فى وسط الثوب ثم قال : " لتأخذه كل قبيلة بناحية من الثوب ثم ارفعوه جميعاً " فوضعه فى مكانه ثم بنى عليه .

كان صلى الله عليه و سلم يشارك قومه فى غير ذلك من الشئون و يعمل كواحد منهم .. كانت التجارة مهنة شائعة فى مكة يشتغل بها كثيراً من أهلها فاشتغل رسول الله بالتجارة كما يشتغل غيره من الأحرار .

و مازال صلى الله عليه و سلم يشتغل بالتجارة و غيرها من شئون الحياة حتى أكرمه الله بكرامته و اختاره من بين قومه ليرسله ٳلى الناس شاهداً و مبشراً و نذيراً و داعياً ٳلى الله باذنه و سراجاً منيراً .

الدروس المستفادة :

بيان مشاركة النبى صلى الله عليه و سلم قومه فيما هو خير و معروف .

حلف الفضول :

على أثر هذه الحرب وقع حلف الفضول فى ذى القعدة فى شهر حرام تداعت ٳليه قبائل من قريش : بنو هاشم و بنو المطلب و أسد بن عبد العزى و زهرة بن كلاب و تيم ابن مرة فاجتمعوا فى دار عبد الله بن جدعان التيمى لسنه و شرفه و تعاهدوا على ألا يجدوا بمكة مظلوماً من أهلها و غيرهم من سائر الناس ٳلا قاموا معه و كانوا على من ظلمه حتى ترد عليه مظلمته و شهد هذا الحلف رسول الله صلى الله عليه و سلم .

الدروس المستفادة :

1 - هذا الحلف روحه تنافى الحمية الجاهلية التى كانت العصبية تثيرها .

2 – سبب هذا الحلف أن رجلاً من زبيد قدم مكة ببضاعة و اشتراها منه العاص بن وائل السهمى و حبس عنه حقه فاستعدى عليه الأحلاف عبد الدار و مخزوماً فلم يكترثوا له فوقف على جبل أبي قبيس و نادى بأشعار يصف فيها ظلمه حتى اجتمعت هذه القبائل فى حلف الفضول ثم قاموا ٳلى العاص بن وائل فانتزعوا منه حق الزبيدى .

 

مروة برهان

[جمانة راجح 1481]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بارك الله فيك أختي الحبيبة مروة

 

ينقل للساحة المخصصة له : )

[سدرة المُنتهى 87 1317]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

جزاك الله خيرًا أختي الكريمة

موضوع جميل ورائع بارك الله فيكِ

 

يقول بعض العلماء أن من ضمن الأسباب التى قدر الحق تبارك و تعالى أن يمر النبى صلى الله عليه و سلم بهذه التجارب لكى لا يكون لأحدٍ من الناس فضل فى تربية النبى صلى الله عليه و سلم غير الله سبحانه و تعالى لأننا لو فرضنا أن لو الحبيب صلى الله عليه و سلم كان له أباً ملاصقاً معتنياً به ثم شبَّ صلى الله عليه و سلم على الفترة السليمة و الخلق القويمة سينسسب البعض الفضل لوالده و هذا اجتهاد من اﻹجتهادات

جميل جدًا هذا الاستنتاج

 

اللهم صلِ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه

[* صبيحة * 59]

جزيتِ خيرا اختي ،، ..()

اللم انعنا بما علمنا ، و زدنا علما ..

[يسرا عبد الرحمن 718]

جزاك الله خيرا مروة الحبيبة

على هذا النقل الرائع