اذهبي الى المحتوى
أمّ عبد الله

شكر النعمة العبادة المغترَبَة

المشاركات التي تم ترشيحها

 

1446895895541.png

 

 

 

 

 

شكر النعمة؛ العبادة المغترَبَة

1446895895734.png

 

لقد تعبّدنا ربنا سبحانه بالشكر له {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} [البقرة:152]، لكن كثيرين جعلوا عبادة الشكر عبادة ممسوخة بلا روح، فإما أن يكفر بها أو ينساها أو يردِّدها بحركات لسان مع قلب غافل وعقل لا يعي معنى شكرها...

غافلون هم الذين يتنعَّمون بنعم ربهم سبحانه ويلتهون عن شكره، وخاسرون هم الذين ألهتهم النعم عن ذلك الشكر، فتقلبوا فيها ليلًا ونهارًا بينما هم لا يؤدون حق شكرها من صالح العمل.

 

قال سبحانه واصفًا حال قرية كانت مرفهة منعمة تتقلب في أنعم الله فغفلت عن شكره وكفرت بأنعمه... {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل:112].

1447002521061.png

 

وبينما قوم آخرون يرتعون في النعيم؛ فيطغون مستكبرين عن شكر ربهم بالعمل الصالح، إذ يقلِب سبحانه نعيمهم نقمة، ورغدهم خسرانًا قال سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ . فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ . ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا ۖ وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ} [سبأ:15-17].

 

قال ابن كثير: "كانت سبأ ملوك اليمن وأهلها، وكانت التبابعة منهم، وبلقيس -صاحبة سليمان- منهم، وكانوا في نعمة وغبطة في بلادهم، وعيشهم واتساع أرزاقهم وزروعهم وثمارهم. وبعث الله إليهم الرسل تأمرهم أن يأكلوا من رزقه، ويشكروه بتوحيده وعبادته، فكانوا كذلك ما شاء الله ثم أعرضوا عما أُمِروا به، فعوقبوا بإرسال السيل والتفرُّق في البلاد، شذر مذر، وعوقبوا بالقحط والجذب، وذلك بسبب كفرهم وشركهم بالله، وتكذيبهم الحق وعدولهم عنه إلى الباطل".

 

1447002521061.png

 

لقد تعبّدنا ربنا سبحانه بالشكر له {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} [البقرة:152]، لكن كثيرين جعلوا عبادة الشكر عبادة ممسوخة بلا روح، فإما أن يكفر بها أو ينساها أو يردِّدها بحركات لسان مع قلب غافل وعقل لا يعي معنى شكرها.

 

لقد سَمَّى سبحانه نفسه "بالشاكر والشكور" أي: الذي يشكر القليل من العمل، ويغفر الكثير من الزلل، ويضاعف للمخلصين أعمالهم بغير حساب، ويشكر الشاكرين، ويذكر من ذكره، ومن تقرَّب إليه بشيء من الأعمال الصالحة، تقرَّب الله منه أكثر.

 

ليس ذلك فقط؛ بل أن الله تعالى وعدنا بمضاعفة الأجر من الحسنات، واتبع الزيادة بالمغفرة للسيئات، والشكر على ذلك كله، فقال تعالى: {وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ} [الشورى من الآية:23].

 

كذلك؛ أذِن الله لعباده المؤمنين بالتمتع من طيباته التي رزقنا إيَّاها بالحلال الطيب، ومتابعة التمتع بها بالشكر له، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [البقرة:172].

 

ذكر القرطبي أن للشكر ثلاثة أركان، الإقرار بالنعمة للمنعِم سبحانه، الاستعانة بها على طاعته، شكر من أجرى النعمة على يده تسخيرًا منه إليه.

 

فما مِن مسلم إلا ويُقِرُّ بأن النعم من الله وحده؛ ولكن المشكلة هل هذه النعم يُستعان بها على طاعته سبحانه وتعالى، أم على معصيته؟ فكم ممن أنعم الله عليه بالمال والصحة والوقت وأنفقها في المعاصي واللهو والمحرَّمات! بل قد يحيا العبد ويموت ولا يعلم إلا طريق المعاصي ولا يعلم طريق الهداية، فكيف يُنعِم الله عليك وتستعين بنعمه على معصيته؟!

 

وانظر إلى حال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن غفر الله له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر، أن تورَّمت قدماه من شكر الله على ما أنعم عليه به، فقيل له: "أتفعل ذلك وقد غفر الله لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخَّر؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «أفلا أكون عبدًا شكورًا» (رواه

البخاري).

 

وكما ألزمنا سبحانه بالشكر له؛ فقد حذَّرنا من الكفر بنعمته وجحودها، وحذَّرنا من أن نسلك مسلك من قبلنا، من أتباع الشرائع الأخرى، أن كفروا بنعم الله وجحدوها، فقال تعالى: {سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [البقرة:211]، وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ . جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ} [إبراهيم:28-29]، فبالشكر تدوم النعم ويزيد الخير وبكفرها تزول النعم ويكثر الخبث.

1447002521061.png

 

وينطبع خُلق الشكر حتى يحوي الناس أيضًا؛ ففي الحديث: «من لم يشكرِ الناسَ لم يشكرِ اللهَ عزَّ وجلَّ» (رواه الهيثمي وغيره).

فإذا كان الله تعالى قد أمرنا بالشكر له؛ كذلك اتبع شكره بشكر الوالدين فقال تعالى: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [لقمان من الآية:14].

وحثَّنا كذلك على الشكر لمن أبدى لنا الخير فقال صلى الله عليه وسلم: «من صنع إليه معروف فقال لفاعله: جزاك الله خيرًا فقد أبلغ في الثناء» (رواه الترمذي).

 

1446895895622.png

 

عمرو سامي/ موقع طريق الإسلام

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

جزاكِ الله خيرًا ياغالية

وبارك الله في جهودكنّ

موضوع قيّم

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

جزاكِ الله خيرًا ياغالية، ونفع بكن ()

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×