اذهبي الى المحتوى
** الفقيرة الى الله **

وردةٌ بلا ساقي .. معزوفة الغياب عنك يا حواء...!

المشاركات التي تم ترشيحها

aRQ75594.png

وردةٌ بلا ساقي

معزوفة الغياب عنك يا حواء...!

لـ: رشيد العطران

 

في روضة غناء وعلى ربوة ذات قرار ومعين، كانت تعيش باهية المحيا، باسمة الثغر، تفوح بكل ريح طيب، تراها العين فلا تملها، يحفها عن يمينها نهر وعن شمالها نهر، تترامى عليها أفياء الحب اللطيفة، وتستر محياها أوراق الحياء الخضراء، وعلى جفونها تتراقص نغمات الفرح، عبقها يسري فيعانق كل روح حولها، الجميع هنا يعلن خوفه عليها، وتضحيته من أجلها، لم تكن وردة فحسب، بل هي لون آخر تصبغ به دنيا الحياة.!

 

كل من يراها في ذلك الحقل المحفوف بالإزهار، وجميل الشجر والثمار، يعلن انتماءه إليها، ويسعى لأن يقرب من نفسه ما هو من جنسها ومثيلاتها، لست أدري هل السر في جمالها.؟ أم في عبق ريحها.؟ أم في أصل منبتها ووجهتها.؟ أم في ثمنها وقيمتها.؟ وظني أن شيئاً من ذلك لا يكاد يفارقها.!

 

القلوب دائماً تشتاق إلى ما تحب، فأحياناً قد يكون الشوق لمكان خرب عشت فيه لحظة ذكرى، وأحياناً إلى كتاب ضاع منك بعد طول عهد ومرافقة، وهكذا قد يكون الشوق إلى وردةٍ تعيش في رابيةٍ بعيدة عنك، تحاول أن تشتريها فيقال: في مثل هذه الروابي لا تباع الورود.! ولماذا.؟ فيقال: هي أعظم من أن تهدى.! يالله..

 

وكيف فكاكي: خذها بعهد الله وذمته.!

 

انتزعت الوردة الحمراء الجميلة من جذوعها وهي تجود في تلك اللحظات، وعلى مشارف تلك الروابي بالندى الذي لا يغادر مورد محياها، نعم.. تجود به لنهرها وأفيائها وأوراق الشجر التي كانت تكسو حياءها، يا لقلبي كم هي خائفة أن لا تجد في بستانها وحديقتها من يسقي أغصانها، ويهتم بحياتها، إنها تخاف الذبول الذي قد يحجبها عن الحياة، أو قد يجعلها عاجزة عن أداء مهامها وواجباتها في إضفاء السعد والهناء لمن يدورون حولها.!

 

انتقلت الوردة إلى عالمها الثاني، ورأت في شهورها الأولى الرعاية والحب، والعطاء والتضحية، حتى خيل إليها أنها (ملكة مثيلاتها)، فهنا يد حانية ترعاها، تمسح عن محياها أساها، تتلطف بها حين تلقاها، تحاول حمايتها من رياح الخوف والقلق التي قد تعصف بها إلى بيادي البؤس والهلاك، لقد حظيت بالعيش الهنيء الذي يكفل لها حقوقها وكرامتها، والراعي الأمين الذي يحفظ سرها وجهرها، فهنيئاً لها هذا الهناء المحفوف بالرحمة والمودة بينها وبين ساقيها.!

 

ومرت شهور السعد والبهجة والسرور كلمح البصر، وأتت سنوات عجاف أهلكت الحرث والنسل، وأبادت الخير الذي في قلوب الناس، فاستبدلوا الثمين بالمهين، والجميل بالقبيح، والحلال بالحرام، والحسن بالسيئ، وهكذا حتى وصل بهم الحال إلى القطيعة والشحناء والبغضاء، وهل هذا إلا ثمار الذنوب والهجران.؟

 

لقد كان للوردة الحمراء أوفر الحظ والنصيب من ذلك الوبأ المسموم، تغير صفوها، واصفر وجهها، وأصبحت أسيرة في تلك الحديقة المهجورة، غاب عنها من كان يسقيها ماء الحياة، غاب الذي ربطت به كل آمالها وطموحاتها، غاب الساقي الحنون الذي ملأ كل أركان قلبها، غاب الحب والعطف والحنان، غابت الرحمة والمودة والبسمة والكلمة الطيبة.!

 

لم يكُ ذاك الساقي ميتاً فتبكيه الوردة بجمان عينيها، ولم يكُ مشلول الأركان فتلتف عليه بلطيف أغصانها، ولم يكُ سقيماً يشكو وجعاً أو جرحاً فتضمد جرحه بأوراقها، ولكنه حيٌ تراه كل يوم في صباحها ومساءها.! تحاول أن تغريه ببسماتها فلا ترى إلى التكشير.! تتلطف إليه بانكسارها فلا ترى إلا الإعراض والنفور.! تسترحمه بذبولها وجفافها فلا ترى إلا القسوة والغلظة.!

 

يا الله.. كم هو تعيس ذلك الساقي حين يقتل الحياة في قلوب من يعيشون حوله ثم يطالبهم بالحراك العاطفي نحوه.؟ نعم كم هم منحوس حين يقتل أحلامهم وآمالهم وطموحاتهم وكل جميل فيهم ثم يطالب بالمثالية المستحيلة.!

 

U6175594.png

 

وهكذا تبدوا حياة الكثيرات من بنات حواء، تعيش السعادة حينا من الدهر، ثم يعانقها الشقاء الدهر كله، فتتمنى أن لو كانت شجرة تعضد، أو شيئاً لا يعقل معنى الحياة لتتخلص من هذا العبء الثقيل الذي رماه عليها ذلك الزوج المنحوس.!

 

وهنا ثمة وصية إليك يا حواء الخير تأمليها وهي:

(إذا كان الرجل قد يبحث عن "الدين، والجمال، والنسب، والمال" فعليكِ أن تبحثي عن "الدين والخلق" فبهما سيكون عيشكِ آمن في كنف العدل، وربوع السجايا الحميدة، وفي الحديث "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه" فإذا لم يكن البحث في هذا المدار المنوط بالسعادة والهناء، فليكن الشقاء رفيقكِ في ذلك البستان القاحل الأجدب، وليكن ذبول الوردة الحمراء مصيركِ المحتوم، فليس وراء ذلك من ساقي إلا أن يشاء الله أمراً { وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا } [النساء: 47].

 

وهنا وقفة مع أصحاب المروءة والرجولة تذكروا وصايا نبيكم - صلى الله عليه وسلم -: (خيركم خيركم لأهله)، (إنما هن عوان عندكم)، (اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم)، (رفقاً بالقوارير) صلى عليك الله وسلم يا خيرة خلق الله..

 

حبالنا موصولة..

 

ab675594.png

  • معجبة 2

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله.

رائع وجميل ما نقلت أختي أمونة الحبيبة.

بارك الله فيك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

ما أجمل اختياراتك يا غالية!!

جزاكِ الله خيرًا

وبارك في الكاتب~

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاك الله خيرا حبيبتي

ونفع بك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مقال رائع ،،

جزاكِ الله خيراً على النقل

الجميل أختى الحبيبة .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

تشبيه بليغ ومميز

بارك الله فيك على النقل الطيب

 

تسأل الله أن يرزق جميع أخواتنا بالأزواج الصالحين

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

تشبيه بليغ ومميز

بارك الله فيك على النقل الطيب

 

تسأل الله أن يرزق جميع أخواتنا بالأزواج الصالحين

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

يا هلا بالحبيبات ^__^

كم أسعد بردودكنّ وكلماتكنّ الطيبة لا حرمكنّ ربي الأجر

جزانا وإياكنّ خيرا..

شكر الله لكنّ مروركنّ وأسعد قلوبكنّ ورزقكنّ من فضله العظيم.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×