اذهبي الى المحتوى
~ أم العبادلة ~

[متميز]مجموعة مقالات في حفظ القرآن

المشاركات التي تم ترشيحها

post-25975-1258923033.gif

نظام الحفظ للقرآن الكريم

 

الحمد لله وكفى, وصلاة وسلاماً على عباده الذين اصطفى, ورضي الله عمن بهدي رسول الله وأصحابه اقتفى, أما بعد:

 

لله الحمد أن انتشرت الصحوة الإسلامية المباركة في عصرنا، وأصبحت نتائجها ظاهرة لكل أحد، ولعل من بعض ثمارها المباركة عودة كثير من شباب الأمة إلى القرآن الكريم قراءة وحفظاً، ونظراً لسلوك كثير من أولئك مسلكاً غير منهجي أثناء مرحلة الحفظ، مما يؤدي إلى سوء الحفظ سواء أكان ذلك من حيث النطق أو الاستيعاب لكامل ما يحفظ، أو استقرار الحفظ وثباته في الذهن، بالإضافة إلى عدم مواصلة الكثير منهم للحفظ والتوقف بعد ابتداء المشوار، أو حتى عدم الابتداء من الأصل مع وجود رغبة صادقة، وحرص أكيد للتشرف بحفظ القرآن الكريم.

 

ولعل هذه السطور أن تفيد الراغبين في حفظ كتاب الله الكريم, وسيتم تقسيم الموضوع كالتالي:

أولاً: ما ينبغي فعله لمن أراد حفظ القرآن الكريم قبل أن يحفظ,

ثانياً: خطوات عملية مقترحة لحفظ القرآن الكريم,

وثالثاً: ما يفعله الحافظ بعد أن يحفظ.

 

*ما ينبغي فعله لمن أراد حفظ القرآن الكريم قبل أن يحفظ:

 

1- الإخلاص لله تعالى: إذ لا يخفى على أحد أن الإخلاص وإرادة وجه الله تعالى شرط لصحة العمل وقبوله إن كان عبادياً محضاً كالصلاة والصيام والطواف .. الخ ، كما أنه شرط للثواب ونيل الأجر في الأمور المباحة كالأكل والشرب وحسن المعاشرة للناس ...الخ.

 

وبما أن قراءة القرآن وحفظه من الأمور العبادية المحضة فإنها لا تقبل عند الله تعالى إلا بالإخلاص، وهي داخلة في مثل قوله تعالى: فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110) سورة الكهف.

2- استشعار عظمة القرآن الكريم ومعرفة منزلته: ومن الأمور التي تحقق ذلك:

 

أ- تذكر أن القرآن كلام الله تعالى,

كما قال تعالى: فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ (6) سورة التوبة. وعظمته مأخوذة من عظمة الله، ولا أعظم من الله، وبالتالي فلا أعظم ولا أقدس من كلامه سبحانه.

 

ب- إدراك الأمر الذى نزل من أجله القرآن، وهو هداية الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور,

قال تعالى: ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2) سورة البقرة.

وقال -جل وعلا-: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ (185) سورة البقرة.

ومن عظمة القرآن عظمة الشهر الذي أنزل فيه القرآن, فهو أفضل الشهور، وعظمة الليلة التي أنزل فيها القرآن, فهي خير الليالي، وعظمة الرسول الذي أنزل عليه القرآن فهو إمام الأنبياء والمرسلين وسيد ولد آدم ولا فخر...الخ. ويكفي هذا في بيان مقدار عظمته وجلاله.

 

3- إدراك فضل أهل القرآن وعظم ثوابهم؛ فقد جاء بيان ذلك في كثير من النصوص ومنها:

 

ما رواه عمر رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ)1,

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ, وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا, لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ, وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ, وَلَامٌ حَرْفٌ, وَمِيمٌ حَرْفٌ)2.

وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ فِي الصُّفَّةِ فَقَالَ: (أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى بُطْحَانَ أَوْ إِلَى الْعَقِيقِ فَيَأْتِيَ مِنْهُ بِنَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ فِي غَيْرِ إِثْمٍ وَلَا قَطْعِ رَحِمٍ)؟ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ, نُحِبُّ ذَلِكَ, قَالَ: (أَفَلَا يَغْدُو أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيَعْلَمُ أَوْ يَقْرَأُ آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَيْنِ وَثَلَاثٌ, خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعٌ, خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَرْبَعٍ وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنْ الْإِبِلِ)3.

وعن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ)4.

 

4- معرفة أن الشارع قد حث على قراءة القرآن والاستماع إليه في نصوص منها:

 

أ- في القراءة:

قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ* لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (29-30) سورة فاطر.

 

ب- في الاستماع:

قوله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204) سورة الأعراف.

قال الليث بن سعد -رحمه الله-: "يقال ما الرحمة إلى أحد بأسرع منها إلى مستمع القرآن لقوله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ, ولعلَّ من الله واجبة"5.

 

5- إدراك من أراد الحفظ الهدف من قراءة القرآن وحفظه:

ويمكن أن يحصل ذلك عن طريق استشعار الأمور التالية:

 

أ- ما يقع من تحصيل الأجور العظيمة الواردة في النصوص، ومنها ما سبق بيانه.

 

ب- قراءة لتنفيذ الأوامر وتطبيق التعاليم الواردة في الآيات.

 

ج- قراءة التصورات الصحيحة الصائبة حيث أن القرآن الكريم هو المصدر الوحيد لتصوراتنا؛

لقوله تعالى: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ (89) سورة النحل.

 

6- التنبه إلى سهولة القرآن لمن أراد حفظه:

لقوله تعالى: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ (17) سورة القمر.

قال القرطبي -رحمه الله تعالى- عن هذه الآية: "أي سهلناه للحفظ وأعنا عليه من أراد حفظه, فهل من طالب لحفظه فيعان عليه؟"6.

 

7- ضرورة وجود العزيمة الصادقة:

وذلك عند الابتداء في الحفظ والاستمرار على ذلك، إذ بدونها يخور العبد ويتهاون ولا يتجاوز الأمر كونه مجرد أمنية وحلم يقظة، ويمكن أن يوجد الإنسان هذه العزيمة الصادقة بمعرفته لعظمة القرآن ومكانة أهله، والفضل الجزيل لقارئه ومستمعه إذ أن النصوص الواردة في ذلك تحث المسلم وتدفعه بشدة إلى تكوين رغبة جادة في قرارة نفسه على الحفظ والمواصلة.

 

8- التقليل من المشاغل والاكتفاء بالحفظ وبذل الجهد في ذلك,

قال الله تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا (69) سورة العنكبوت.

ومعروف أنه من سار على الدرب وصل، ومن جد وجد، ومن زرع حصد، ومما يعرفه الناس عن النملة أنها تحاول الرقي إلى مكان مرتفع, وقد تفشل في الوصول إلى غايتها وتسقط، ولكنها لا تكل أو تمل وتبذل جهداً مضاعفاً إلى أن يتكلل جهدها بالنجاح، وهذا هو ما ينبغي فعله لمن أراد حفظ القرآن.

 

9- تفريغ وقت يومي للحفظ:

سواء أكان ذلك بعد الفجر أو بعد العصر أو بعد المغرب,كل حسب ما يناسبه,

وكون مكان الحفظ في المسجد أولى لقوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث السابق: (أَفَلَا يَغْدُو أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ), ومعلوم أن الجو في المسجد مهيأ لهذا الأمر، وغيره ليس مثله,

وكونه مع مجموعة أفضل, لأن الجماعة عنصر مساعد ومشجع والإنسان قد يصاب بكسل وفتور فتدفعه الجماعة إلى المواصلة، ولذا قيل: "الصاحب ساحب".

 

10- اختيار شيخ مجيد للتلقي عليه:

ولذا قرر أهل العلم أنه لا يصح التعويل في قراءة القرآن الكريم على المصاحف وحدها بل لابد من التلقي على حافظ متقن متلق عن شيخ, لكون قراءة القرآن مبناها على التلقي والسماع,

وقد جاء عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه كان يقول: "والله لقد أخذت من في رسول الله بضعاً وسبعين سورة,

وذكر ابن حجر في الفتح بيان كيفية أخذ عبد الله لبقية القرآن فقال: "زاد عاصم عن بدر عن عبد الله: "وأخذت بقية القرآن عن أصحابه",

ولأهمية التلقي في تعلم القرآن نجد أن بعض الصحابة كانوا يوجهون طلابهم إلى ضرورة التلقي عن المتلقي.

 

11- اختيار مصحف معين في الحفظ حتى ترسخ مواضع الآيات في الذهن ولا يكون هناك تشتت.

 

12- الحرص على الابتداء في الحفظ من آخر المصحف وبخاصة صغير السن أو ضعيف العزيمة،

حتى يشعر أنه قد أنجز شيئاً في فترة وجيزة، حيث أن السور أكثر عدداً وأقل صعوبة ولديه خلفية عنها عن طريق مقررات القرآن في المدارس النظامية.

 

13- دعاء الله تعالى بالتوفيق والتمكين من الحفظ واللجوء إليه في ذلك؛

لأن حفظ القرآن الكريم منة من الله وهبة.

 

*خطوات عملية مقترحة لحفظ القرآن الكريم:

 

1- تحديد مقدار معين لحفظه في جلسة واحدة في حدود طاقة القارئ,

وينبغي له أن لا يزيد كمية المقدار كثيراً في أيام حماسه وبخاصة في بداية الحفظ، حتى لا يكل أو يمل أو يصاب بالإحباط حين لا يستطيع المحافظة على ذلك المقدار، وبالتالي يؤدي ذلك إلى تركه الحفظ بالكلية، بل عليه أن يربي نفسه على المرونة في تحديد المقدار جاعلاً نصب عينيه أن أهم قضية هي الاستمرار اليومي في الحفظ لا غير.

 

2- قراءة المقدار المعين على الشيخ المختار

من المصحف قبل مباشرة الحفظ وتلزم هذه الخطوة إذا كان القارئ لا يجيد قراءة الرسم العثماني.

 

3- قراءة القارئ المقدار المحدد للحفظ من المصحف بينه وبين نفسه

لإصلاح النطق في الكلمات التي لم يجد قراءتها.

 

4- أن يحفظ القارئ المقطع آية آية،

ويقوم بربط الآية الثانية بالتي تليها وإذا كانت الآية الواحدة تقل عن سطر فآيتين آيتين بحيث لا يتم الزيادة على سطرين أو ثلاثة في المرة الواحدة.

 

5- أن يرفع الصوت بتوسط أثناء الحفظ؛

لأن خفض الصوت يكسل القارئ ورفعه جداً يتعبه ويؤذي من حوله، هذا في الأصل أما لو كان خاشعاً، خالي الذهن وخفض صوته فلا بأس لكن لابد من القراءة باللسان، أما إمرار العين بدون تحريك اللسان فلا.

 

6- نطق الآيات أثناء الحفظ بترتيل وتمهل،

والحرص على عدم إغفال أحكام التجويد أثناء القراءة

امتثالاً لقوله تعالى: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4) سورة المزمل.

واهتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في تركه تحريك لسانه استعجالاً به بعد نزول قوله تعالى:لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) سورة القيامة.

ولأن هذا هو هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في تعليمه القرآن لأصحابه،

قال الله تعالى: وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً (106) سورة الإسراء.

ولقد سئل أنس بن مالك: كيف كانت قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "كانت مدّاً ثم قرأ: بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) سورة الفاتحة. ) يمد ببسم الله، ويمد بالرحمن، ويمد بالرحيم، وهذا الأمر كان ديدن كبار الصحابة,

ولذا قال ابن عباس -رضي الله عنهما- راداً على أبي حجر حين قال له: إني سريع القراءة وإني أقرأ القرآن في ثلاث : « لأن أقرأ البقرة في ليلة فأدبرها وأرتلها أحب إليَّ من أن أقرأ كما تقول, ولا شك أن الترتيل أثناء الحفظ يعين على تدبر الآيات والتفكر في معانيها مما يعني جمع القارئ بين حفظ الآيات والفهم مبدئياً لمعناها، وهو مما يعمق الحفظ ويقويه أيما تقوية.

 

7- أن يُسمِّع على نفسه المقدار المعين حفظه بعد إنهائه له.

 

8- أن يقوم بقراءة المقدار المحفوظ من المصحف بعد تسميعه على نفسه

للتأكد من سلامة الحفظ وعدم تجاوزه لبعض الآيات أو الكلمات أو الخطأ في الشكل.

 

9- أن يقوم بتسميع ما حفظ على شيخه المختار ولا بد من ذلك.

 

10- يفضل ربط المقدار المحفوظ من سورة ما قسمت إلى مقاطع بما حفظ من أول السورة يومياً

ليتم الربط بين المقاطع المحفوظة، وهذا أمر لا دخل له في برنامج الحافظ للمراجعة.

 

*ما يفعله الحافظ بعد أن يحفظ:

 

1- الخوف من الوقوع في الرياء:

والرياء في موضوعنا: طلب الحافظ للجاه والمنزلة في نفوس الخلق بإظهاره لهم إكماله لحفظ القرآن، أو جودة حفظه وحسن أدائه، وهو ضرب من الإشراك،

ولذا قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ) قَالُوا: وَمَا الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (الرِّيَاءُ, يَقُولُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا جُزِيَ النَّاسُ بِأَعْمَالِهِمْ: اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ فِي الدُّنْيَا فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً؟)7.

والمرائي بالقرآن معرض نفسه للعقوبة الشديدة الواردة في حديث أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (أَوَّلُ النَّاسِ يُقْضَى لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلَاثَةٌ..) وذكر منهم: (رَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ, فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا, قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ, قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ قَارِئٌ فَقَدْ قِيلَ, ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ)8.

فالواجب على مريد النجاة الحرص على الإخلاص واستمرار سلامة القصد والنية.

 

2- الحذر من الغفلة عن العمل بالقرآن والتأدب بآدابه والتخلق بأخلاقه؛

لأن القرآن إنما أنزل ليعمل به، ويتخذ نبراساً ومنهاج حياة،

قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "أنزل القرآن ليعملوا به فاتخذوا دراسته عملاً، إن أحدكم ليقرأ القرآن من فاتحته إلى خاتمته ما يسقط منه حرفاً، وقد أسقط العمل به",

وقال بعض أهل العلم: "إن العبد ليتلو القرآن فيلعن نفسه وهو لا يعلم، يقول: ألا لعنة الله على الظالمين,وهو ظالم نفسه، ألا لعنة الله على الكاذبين، وهو منهم",

وقال أنس -رضي الله عنه-: "رب تال للقرآن والقرآن يلعنه".

 

3- الخشية من العجب بالنفس والتعالي على الخلق,

فالعجب استعظام النفس لما بذلت من أسباب لتحصيل حفظ القرآن الكريم, والله تعالى هو الهادي إلى ذلك والمعين على تسهيله وتحققه، ولولا إحسانه وفضله لما تمكن العبد من حفظ القرآن أو بعضه، والواجب بدلاً من ذلك شكر الله تعالى على نعمته بمعرفتها حق المعرفة وإسناد الفضل إليه سبحانه وحده لا شريك له في تحققها، والتعالي على الخلق هو التكبر عليهم واعتقاد العبد بلوغه مرتبة في الكمال لم يبلغها من حوله فيتجه إلى احتقارهم وتجهيلهم، ومن هذه حاله ينسى ما ورد من النصوص في التحذير من مثل ذلك، ومنها قوله تعالى في الحديث القدسي: (الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي, فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا قَذَفْتُهُ فِي النَّارِ)9, وقوله -صلى الله عليه وسلم- (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ)10.

 

4- تذكر النصوص الآمرة بتعهد القرآن والمحذرة من نسيانه

حيث وردت نصوص كثيرة تحث على تعاهد القرآن وتحذر من هجره ونسيانه

ومنها ما ثبت عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِنَّمَا مَثَلُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْإِبِلِ الْمُعَقَّلَةِ إِنْ عَاهَدَ عَلَيْهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ أَطْلَقَهَا ذَهَبَتْ)11.

وعن عبد الله قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (بِئْسَ مَا لِأَحَدِهِمْ أَنْ يَقُولَ نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ, بَلْ نُسِّيَ وَاسْتَذْكِرُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنْ النَّعَمِ)12.

وبسبب هذه النصوص ومثيلاتها تحدث أهل العلم عن الزمن الذي لا يشرع للعبد تجاوزه سواء أكان من حيث القلة أو الكثرة في قراءة القرآن الكريم, فأقل زمن يستحب قراءة القرآن فيه على المختار ثلاثة أيام,

والحكمة -والله أعلم- في عدم مشروعية قراءته في أقل من ثلاث أن لا تؤدي سرعة القراءة إلى قلة الفهم والتدبر أو الملل والتضجر أو الهذرمة وعدم إتقان النطق،

وما ثبت عن السلف من قراءته في أقل من ذلك فهو محمول إما على أنه لم يبلغهم في ذلك حديث من مثل الحديث السابق، أو أنهم كانوا يفهمون ويتفكرون فيما يقرءونه مع هذه السرعة, أو أن ذلك كان في فترة حماس وكثرة نشاط أو وقت فاضل كرمضان ونحوه فأرادوا استغلاله لا أن يكون ذلك عادة لهم في سائر العمر,

وأما أوسع زمن جاءت النصوص مبينة مشروعية قراءة القرآن فيه فأربعون يوماً كما ورد فى حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- أنه سأل النبي-صلى الله عليه وسلم-: "فِي كَمْ يُقْرَأُ الْقُرْآنُ؟ قَالَ: (فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا) ثُمَّ قَالَ: (فِي شَهْرٍ) ثُمَّ قَالَ: (فِي عِشْرِينَ) ثُمَّ قَالَ: (فِي خَمْسَ عَشْرَةَ) ثُمَّ قَالَ: (فِي عَشْرٍ) ثُمَّ قَالَ: (فِي سَبْعٍ)13.

 

كيف تكون المراجعة؟:

 

لاشك أن الطريقة الأسلم للمراجعة هي تخصيص وقت كاف غير وقت الحفظ يقرأ فيه المرء ما يفتح الله تعالى عليه فيه، ولكن نظراً لعدم قدرة كثير من الناس على تخصيص وقت معين لذلك فيمكن استخدام الطرق التالية:

 

- القراءة في السنن الرواتب غير راتبة الفجر في كل ركعتين ثمن, وفي الصلوات المفروضة وقيام الليل تكون ثمنين, وعلى هذا فالحد الأدنى في اليوم الواحد يكون جزءاً كاملاً من القرآن الكريم.

 

- القراءة في الصلاة النافلة من غير الرواتب، وفي السيارة، وبين الأذان والإقامة, وأثناء الذهاب للدراسة أو العمل والعودة من ذلك...الخ من حالات الإنسان المناسبة.

 

- الجلوس بعد الفجر ولو قليلاً للقراءة بحيث يلزم الإنسان نفسه أن يقرأ في ذلك الوقت شيئاً من القرآن الكريم ولو ثمناً واحداً.

 

- يمكن لأصحاب الهمم العالية استخدام طريقة (فمي مشوق) وهي طريقة كان يستخدمها بعض مشايخ الإقراء في أرض الكنانة بحيث أن الحافظ يستطيع مراجعة القرآن كاملاً في أسبوع واحد وبيانها كالتالي:

 

الفاء من فمي مشوق للفاتحة

والميم للمائدة

والياء ليونس

والميم لمريم

والشين للشعراء

والواو للصافات

والقاف لسورة ق,

فيكون المقدار في اليوم الأول من أول الفاتحة إلى أول المائدة,

وفي اليوم الثاني من أول المائدة إلى أول يونس,

وفي اليوم الثالث من أول يونس إلى أول مريم,

وفي اليوم الرابع من أول مريم إلى أول الشعراء,

وفي اليوم الخامس من أول الشعراء إلى أول الصافات,

وفي اليوم السادس من أول الصافات إلى أول سورة ق,

وفي اليوم السابع من أول سورة ق إلى آخر المصحف الشريف.

 

ونوصي من حفظ شيئاً من القرآن الكريم دون عشرة أجزاء أن لا يمر عليه خمسة عشر يوماً دون إتمام مراجعته14, واللهَ نسأل للجميع التوفيق والسداد, وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم, والحمد لله رب العالمين.

 

 

 

-----------------------------------------------------

 

1 رواه مسلم (1353) (ج 4 / ص 252).

2 رواه الترمذي برقم (2835) (ج 10 / ص 153) وصححه الألباني برقم (6469) في صحيح الجامع.

3 رواه مسلم (1336) (ج 4 / ص 229).

4 رواه مسلم (1337) (ج 4 / ص 231).

5 تفسير القرطبي (ج 1 / ص 9).

6 تفسير القرطبي - (ج 17 / ص 134).

7 رواه أحمد (22523) (ج 48 / ص 123) وصححه الألباني برقم (1555) في صحيح الجامع.

8 رواه مسلم برقم (3527) (ج 10 / ص 9) والنسائي (3086 ) (ج 10 / ص 199).

9 رواه أبو داود (3567) (ج 11 / ص 127) وأحمد (8991 ) (ج 19 / ص 34) وصححه الألباني برقم (4311) في صحيح الجامع.

10 رواه مسلم برقم (131) (ج 1 / ص 247).

11 رواه البخاري (4643) (ج 15 / ص 445) ومسلم (1313) (ج 4 / ص 198).

12 رواه البخاري (4644) (ج 15 / ص 446) ومسلم برقم (1314) (ج 4 / ص 199).

13 رواه أبو داود برقم (1187) (ج 4 / ص 167) وصححه الألباني في تحقيق سنن أبي داود برقم (1395).

14 مستفاد من مجلة البيان.

 

يتبع بعون الله

تم تعديل بواسطة ** اللؤلؤة المكنونة **
إضافة وسام التميز

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

 

جزاكِ الله خيرا أختي أمة الرحمن

تبارك الله موضوع قيم

 

في انتظار التتمة بعون الله

اسأل الله العظيم أن يرزقنا و إياكم حفظ القرآن الكريم و العمل بما جاء فيه

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

طرق المراجعة

 

 

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

 

نذكر في هذه الحلقة - إن شاء الله تعالى- كيفيات وطرق المراجعة.

 

غير أنّنا قبل أن نذكر هذه الطرق نؤكد على أهمية المراجعة،

بل قد يكون مراجعة المحفوظ أفضل من حفظ شيء جديد، وإتقان الموجود خير من تحصيل المفقود،

وكما قيل: عصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة،

والمراجعة للقرآن قد أمر بها النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: (تـعاهـدوا هذا القرآن فو الذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتاً من الإبل في عقلها)1.

 

كيفيات وطرق مقترحة للمراجعة:

أولاً: بالنسبة للطالب المطلوب منه المراجعة مع الحفظ في وقت واحد؛

إن كان حفظه ضعيفاً فيمكن للمدرس أن يكلفه بمراجعة وجه واحد يومياً،

أما إن كان مستوى الحفظ لدى الطالب جيد فيمكن تكليفه بمراجعة ربع حزب وأكثر يومياً..

 

وفي حال كثرة الطلاب وضيق الوقت عن التمكن للاستماع لجميع الطلاب،

فيمكن للمدرس أن يجعل قراءة الطالب للمراجعة عليه أحياناً وعلى أحد زملائه أحياناً أخرى.

 

 

ثانياً: من الممكن أن يجعل المدرس الأيام الثلاثة الأخيرة من كل شهر للمراجعة أو آخر يوم من الأسبوع الدراسي؛ وذلك لجميع الطلاب.

 

ثالثاً: إذا رأى المدرس أن مستوى طلابه في الحفظ سيء،

فبإمكانه أن يخصص مرة أسبوع أو أسبوعين للمراجعة، وذلك حسب ما يراه كافياً..

وأكثر ما يحتاج إلى ذلك بعد الانقطاع عن الدراسة كالإجازات والاختبارات..

 

بل إنه ينبغي للمدرس بعد كل فترة إجازة وانقطاع عن الدراسة أن يجري للطلبة اختبارات في المقدار المحفوظ،

فمن كان حفظه جيداً: واصل الحفظ،

ومن كان حفظه سيئاً: أوقف عن الحفظ وفرغ للمراجعة حتى يتقن المحفوظ سابقاً،

مع محاولة إقناع الطالب بسبب ذلك؛ لئلا يسبب له ذلك إحباطاً..

 

رابعاً: على المدرس أن يكلف الطالب بمراجعة

كل جزء أتم حفظه إن كان قديماً في الحلقة

أو نصف جزء إن كان مبتدئاً فيها،

سواء أكان ذلك على يد المدرس أم أحد الطلاب..

 

خامساً: مراجعة الطالب لما يحفظ من خلال إحدى الطرق الآتية:

 

أ‌- قراءة الطالب على نفسه وفق جدول خاص بالطالب، يقيده له المدرس شهرياً..

ويقترح أن يعد المدرس عدة استمارات للمراجعة تناسب عدة مستويات، يحدد فيها للطالب مقدار المراجعة اليومية، وأوقات إعادة نفس المقدار ثانية،

كأن يراجع كل يوم ثمن جزء لمدة ثمانية أيام، وفي اليوم التاسع يعيد مراجعة الجزء كاملاً مرة واحدة،

وإن احتاج مزيد تثبيت فبالإمكان مطالبته بإعادة قراءة الجزء كاملاً في اليوم العاشر، وهكذا،

وهذا معين للطالب على التدرب على المحافظة على حزبه مع المراجعة مستقبلاً..

 

ب‌- الاستعانة بزميل للطالب، كأن يقرأ طالبان كل منهما على الآخر..

 

ت‌- قراءة الطالب على المدرس مباشرة.

 

سادساً: بالنسبة للطالب الذي أتم الحفظ وشرع في المراجعة

فإنه ينبغي للمدرس أن يضع له برنامجاً خاصاً به يهدف إلى تحسين الأداء وإجادته، وتقوية الحفظ وإتقانه، ويمكن أن يكون من عناصره:

 

أ‌- قراءة نصف جزء فأكثر يومياً على المدرس أو أحد الزملاء المجيدين.

ب‌- تكليفه بالتسميع للطلبة عن ظهر قلب دون فتح المصحف إلا عند الحاجة..

 

سابعاً: يمكن للمدرس الاستفادة من المنزل في المراجعة،

وذلك: عن طريق تكليف الطالب بالمراجعة على بعض ذويه أو على نفسه إن لم يوجد شخص مناسب لذلك.

 

هذه بعض الطرق والكيفيات لمراجعة القرآن الكريم..

 

والحمد لله رب العالمين،،،

 

المرجع: نحو أداء متميز لحلقات تحفيظ القرآن الكريم بتصرف

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

1 -رواه مسلم كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب الأمر بتعهد القرآن وكراهة قول نسيت آية كذا برقم (1317).

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

 

جزاكِ الله خيرا أختي أمة الرحمن

تبارك الله موضوع قيم

 

في انتظار التتمة بعون الله

اسأل الله العظيم أن يرزقنا و إياكم حفظ القرآن الكريم و العمل بما جاء فيه

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

وجزاك الله خيرا يا حبيبة

 

بارك الله لي في مرورك

 

ولكي مني هذه الهدية

 

متى أراك تحفظ القرآن ؟

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

جزاكِ الله خيرا اختي الحبيبة

لي عودة بإذن المولى لمتابعة الموضوع بعد الانتهاء من الاستماع للمحاضرة الرائعة

 

أسعد الله قلبك كما أسعدتي قلبي بهديتك يا حبيبة

أسأل الله العظيم أن يجعلنا و اياكم من حفظة القرآن

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

 

جزاكِ الله خيرًا يا غالية على المقالات النافعة

أسأل الله عز و جل أن ينفع بها و أن يجعلها في ميزان حسناتك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

 

تفاوت قدرات الناس في الحفظ

 

ليس لحفظ القرآن سن معينة , فالصحابة حفظوا القرآن كباراً,

وإذا كان الأطفال أرسخ حفظاً وأسرع استجابة,

فإن الشباب أكثر استيعاباً وإتقاناً,

وكبار السن أكثر إدراكاً ووعياً.

 

وذاكرة الحفظ تعتمد على عوامل فطرية يستوي فيها الجميع ,

قوة وضعفاً وتوسطاً ,

وقدرات الناس في ذلك مختلفة,

فمنهم بطيء الحفظ ,

ومنهم سريع الحفظ ,

ومنهم من يمسك الحفظ ,

ومنهم من يتفلّت منه سريعاً.

 

ولكن التجارب العملية أثبتت أن

الحفظ بالنسبة للأطفال, قبل سن المراهقة , ميسّر لهم أكثر من غيرهم ,

وهو كالنقش في الحجر إن بقي متعاهداً له, مستمراً في مراجعته, وإلا ضاع وتفلّت.

 

وسوف أتكلم بحول الله تعالى, عن حفظ الصغار أولاً , ثم الكبار, يما يلي:

 

المبحث الأول: حفظ القرآن بالنسبة للصغار:

 

الحفظ بالنسبة للصغار , من 5 إلى 9 سنوات:

وفيه تمهيد ومطلبان:

 

تمهيد:

 

أنسب سن لحفظ القرآن الكريم هو الذي يبدأ من الخامسة إلى التاسعة ,

حيث قلة الصوارف , والشواغل, والدروس, وصفاء الذهن, وتقبّل النصائح, وسهولة التوجيه والانقياد, وهيمنة الأب الكاملة,

وبعد هذه السن يقل من يتمكن من الحفظ الكامل للقرآن, فكيف يتم ذلك؟

 

فيه مطلبان:

 

المطلب الأول: طريقة حفظ القرآن:

 

يمكن استغلال سن الصبي على النحو التالي:

 

1- تعلم القراءة والكتابة أولاً:

يتعلم الصبي الهجاء والكتابة والإملاء وحُسن النطق, في العام السادس من عمره,

والسنة الواحدة كافية لتعلم الهجاء, مع الجد والمثابرة, والعناية الخاصة بالصبي.

 

2- الحفظ الأول وكيفيته:

يبدأ الصبي من أول عامه السابع:

يحفظ كل يوم سورة, من قصار السور, من أواخر المصحف, على يد قارئ - واحد لا يتغير - حافظ متقن,

يصحح الشيخ للتلميذ القدر المراد حفظه في المصحف , أكثر من مرة حتى يتقوم لسانه, وينطق الحروف نطقا صحيحياً.

ثم يترك الصبي ليحفظ هذا القدر جملة جملة, وآية آية, ويضم بعضها إلى بعض, ثم يكرر المقدار المراد حفظه كله, نحو عشر مرات ويتركه هذا اليوم.

وفي اليوم التالي يحفظه من جديد , بلا خطأ واحد.

ثم يقرؤه ( غيباً ) على الشيخ , ولا يقبل من الشيخ خطأ واحداً ,

وبعد قراءته لواجب اليوم, يصحح على الشيخ المقدار المناسب المراد حفظه غداً ,

ليكرره اليوم جملة جملة, وآية آية, عدة مرات, تمهيداً للحفظ التام, كما فعل بالأمس.

ويأتي غداً ليقرأه ويصحح غيره, وهكذا.

وبعد قراءة الواجب اليومي غيباً , وتصحيح واجب الغد نظراً ,

يقرأ غيباً على الشيخ ما سبق له أن حفظه في الأيام الماضية.

 

واختيار الشيخ المتقني, عربي اللسان, له تأثير كبير في إتقان الحفظ وحسن الأداء.

 

لابد كل يوم من ثلاثة أشياء:

أ‌- قراءة واجب اليوم غيباً.

ب‌- نلاوة واجب الغد وتكراره نظراً.

ج‌- قراءة الماضي الذي سبق له حفظه, ويقرأ بعضه فقط إن كان كثيراً, أو كله إن كان قليلاً. وكلما تم له حفظ سوره يقرؤها كاملة غيباً على الشيخ بالإضافة إلى الحفظ الجديد.

 

3- مقدار الحفظ اليومي:

يحفظ الصبي في بادئ الأمر مقدار سطر واحد كل يوم, وبعد شهر يحفظ سطرين, ويتضاعف مقدار الحفظ وهكذا.

بحيث يكون خمسة أسطر وهو في الجزء التاسع والعشرين.

وسبعة أسطر في الجزء الذي قبله.

وصفحة كاملة بعد ثلاثة أجزاء.

وربع الحزب كاملاً بعد عشرة أجزاء, من أسفل صعوداً, حتى ينتهي إلى أول القرآن, حيث إن البدء بالمفصّل أسهل.

 

المطلب الثاني: عوامل تساعد على الحفظ وتثبيته:

 

مما يساعد على الحفظ:

 

1- كتابة المراد حفظه:

يساعد على الحفظ كتابة القدر المراد حفظه, وأن يحفظ الطالب في طبعه معينة , ومصحف خاص فإن غيره فليكن من الطبعة ذاتها , فالرسم الواحد يُعين على الحفظ , لأن صورة الآيات ومواضعها تنطبع في الذهن.

 

2- فهم المعنى:

فهم الآيات, ومعرفة أسباب النزول, والأحكام الشرعية فيها, والقصص القرآني بالنسبة للكبار, من أهم العوامل المساعدة على الحفظ.

 

3- معرفة التشابه:

معرفة التشابه اللفظي , وتحديد كلمات الخلاف بين الألفاظ المتشابهة, والموازنة بينها, ومعرفة مواضعها, تكون بقوة الحفظ وجودته, وبكثرة المراجعة, وبالتأمل وإمعان النظر, وهذا أكبر عامل في ثبات الحفظ.

وهناك كُتب عنيت بدراسة التشابه بين ألفاظ القرآن والموازنة بينه , بحيث لا يخفى على القارئ معرفته.

وقد يكون التحليل اللفظي للتشابه وبيان فرق المعنى , ووجه البلاغة والإعراب , وحصر حروف وكلمات الخلاف أيسر طريق لذلك.

 

4- التفكير في الحفظ:

ويساعد على الحفظ :

إمرار المحفوظ على الذهن عند النوم ,

وقراءته في الصلاة ولا سيما النافلة,

والتكرار الدائم له,

وقراءته على شخص آخر,

وربط المعاني والآيات ببعضها ,

وإعادة الحفظ كله بصفة دورية كل أسبوعين على الأكثر مرة, بقراءة بعضه غيباً كل يوم, والتفكير فيه عند القيام من النوم.

وكل ذلك يُعين على الحفظ الجيد.

 

5- ضم أجزاء السورة إلى بعضها:

يقرأ الطالب (غيباً) الربع الأول من السورة في واجبه اليومي, وفي اليوم التالي بعد تلاوة واجبه يضم إليه واجب الأمس, وهكذا إلى نهاية السورة, ثم يقرأ السورة كلها غيباً, دون خطأ فيها دفعة واحدة, مع الواجب اليومي الجديد من السورة الأخرى, وهكذا.

 

6- مراجعة ما سبق حفظه:

يقرأ الطالب على الشيخ مما سبق له حفظه ما يعادل نصف جزء كل يوم على الأقل غيباً, وكلما وصل إلى حيث حفظ, يرجع من جديد, بحيث لا يمضي عليه أكثر من خمسة عشر يوماً, دون العودة من جديد.

 

7- الحفظ الثاني: (الإعادة):

المراد بالحفظ الثاني: هو إعادة القرآن الكريم للمرة الاولى بعد حفظه مجزءًا, ويكون ذلك بأن يقرأ الطالب على الشيخ غيباً في كل يوم نصف جزء مع مراجعته الشخصية, وتعاهده لما حفظه على الشيخ, بتلاوة جزء كل يوم على الأقل من الجهة العكسية لما يقرؤه على الشيخ, حتى لا يُركز على مكان معين, ويضيع الآخر.

فإذا فرغ من إعادة الختمة الأولى فليقرأ غيباً مرة ثالثة, كل يوم جزءًا كاملاً على المدرس, لتقويم اللسان, وتقويم النطق والحروف, وتحقيق المخارج والصفات, وحركات الإعراب, ومعرفة الوقف اللازم والممنوع, وعدم الوقوع في اللحن الجلي, والخلط بين الحروف في الحفظ .. إلخ.

 

8- المراجعة المستمرة للقرآن:

لكي يبقى الحفظ مستمراً في الذهن؛ لابد من تعاهده باستمرار, شأن الحال المرتحل , يبدأ ويعيد, بأن يقرأ على نفسه غيباً, أو على غيره, كل يوم جزأين, ويختم القرآن كل أسبوعين بصفة دورية معه مرتين في العام الأخير, ومراعاة أحكام التجويد في المراجعة تقوي الحفظ وتثبته.

وننصح بأن تكون القراءة بصوت مسموع عقب صلاة الفجر, أو كما يتيسر له,

كما ننصح بتلاوة القرآن مرتباً في الصلاة , إماماً أو منفرداً, في الفرائض والنوافل ,

وقراءة الإنسان على نفسه في الحفظ لا تفيده كثيراً والأولى أن يقرأ على غيره - في المراجعة - ليُمسك عليه الخطأ.

 

أما القراءة قبل الحفظ, فلابد أن تكون على شيخ متخصص, ليصحح له المقدار المراد حفظه,

ثم يقرؤه عليه بعد الحفظ, ليتبين له سلامة الألفاظ وصحة الأداء,

أما إن حفظ من المصحف أو من السماع فقط, فقد يبذل جهداً في الحفظ , ويتبين له بعد ذلك أن حفظه فيه أخطاء لم يعرفها أثناء الحفظ, لأنه لم يصحح على شيخ,

أما المراجعة مرات متكررة بعد الحفظ الأول؛ فلا بأس أن تكون على كل من يُحسن القراءة.

ومراجعة ما حفظه غيباً في المصحف, غير مُجدية في إبقاء الحفظ, وإنما تكون المراجعة عن ظهر قلب.

 

9- العمل بما في القرآن أهم من حفظه:

كما يهتم المسلم بحفظ كتاب الله تعالى, وتجويده, وتقويم لسانه في نطقه, بالنسبة له أو لولده,

فإنه يجب عليه أن يصرف همته إلى

فهم القرآن وتدبر معانيه ومعرفة أحكامه,

وأسباب نزوله,

وحلاله وحرامه,

وقصصه,

وأمره ونهيه,

ومن ثم إلى العمل والتطبيق,

وانعكاس الأثر عليه,

ويجب أن يكون الحث على هذا في مناهج التعليم,

كما كان الصحابة لا يتجاوزون العشر آيات حتى يتعلّموا حلالها وحرامها, والعمل بما فيها, فتعلّموا العلم والعمل معاً.

 

ومن الوبال على الإنسان أن يخالف عمله علمه, وقوله فعله, فتجد بعضهم يحفظ القرآن,

ولكنه يرتكب المخالفات الشرعية, والنكرات الظاهرة,

 

والأمة بحاجة إلى قرآن يمشي بين الناس لا إلى زيادة عدد المصاحف نسخة.

 

قال الحسن: قراء القرآن على ثلاثة أصناف:

صنف اتخذوه بضاعة يأكلون به.

وصنف أقامو حروفه وضيعوا حدوده.

وصنف عمدوا إلى دواء القرآن فوضعوه على داء قلوبهم (1).

 

المبحث الثاني: الحفظ بالنسبة للكبار:

 

تختلف قدرات الناس وتتفاوت في الحفظ وكمياته, والإمساك به من عدمه,

لذلك فإني سأضع عملية حسابية سهلة لمتوسطي الذكاء,

مع ملاحظة : أن الشاب في سن العشرين أو الثلاثين مثلاً, عنده من الوعي والإدراك وفهم المعاني, والحفظ لبعض الآيات والسور, ما يسهل عليه إكمال المصحف حفظاً أكثر من الصغير إن تجرد من الهوى .

 

والقرآن الكريم ثلاثون جزءاً,

وهي تساوي 240 ثمناً (ربعاً),

أي أنه بالإمكان أن يحفظ في كل يوم ثمناً.

وبهذا سوف يختم القرآن في 240 يوماً. لا مقطوعاً ولا ممنوعاً, إلا ما شاء الله تعالى.

 

فإذا كان مشغولاً, أو متوسط الحفظ فيقل المحفوظ ,

بحيث يحفظ كل يوم صفحة واحدة (نصف الثمن), وبذلك يتم له حفظ القرآن كله إن شاء الله في 480 يوماً أو نحوها,

ويكون بتخصيص ساعة بعد صلاة الفجر أو غيرها في المسجد, وقبل الذهاب للبيت يومياً,

يصحح الجديد, ويراجع القديم, ويتقن ما سبق حفظه مساءاً,

مع الجد والمثابرة على ذلك وتعاهد الحفظ على نحو ما سبق.

 

وطريقة حفظ الكبار لا تختلف عن الصغار,

إلا في مقدار الحفظ اليومي, وإمكانية مراعاة تطبيق أحكام التجويد مع الحفظ, لقدرتهم على ذلك أكثر من الصغار.......

 

------------------

(1) مختصر المرشد الوجيز لأبي شامة ص 109 .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

 

جــــــــزاكـ الله خيـــــــر يا غالية و جعله في موازين حسناتكـ

 

ما أجملها من مقالات مفيدة سلمتى لنا

 

اللهم اجعله حجة لنا لا علينا واجعل القرآن مؤنثا لنا في قبورنا

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

لماذا يتعسر الحفظ ؟

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين.. أما بعد:

 

كثيراً مما تنطلق الشكاوى ممن أراد حفظ كتاب الله - تعالى - (وبخاصة أهل حلقات القرآن الكريم)،

فذاك يقول: كنت في بداية مشواري جيداً في الحفظ، والآن تتعسر الصفحة بل الآية إن طالت قليلاً،

وآخرٌ يقول: كلما هممّت بحفظ شيء من القرآن أجد كأن شيئاً يصدني عن ذلك فتمر الأيام وتنقضي الشهور بل والأعوام وأنا لم أستطع تحقيق شيء من أحلامي في هذا الباب،

وثالثٌ قد ملَّ معاتبة أستاذه له في الحلقة بسبب ضعف حفظه أو عدمه، حتى أنه كثيراً ما يغيب عن الحلقة، وكثيرا ً ما يختلق المعاذير، أو يجعل ما ليس بسببٍ للغياب سبباً له، مع إمكان تفاديه؛ وكل ذلك بسبب أنه لم يستطع أن يحفظ، أو لم يستطع أن يتم المقطع الذي قرر عليه.

 

وهذه المشاهد لا تكاد تخلو منها حلقات تحفيظ القرآن؛ مما يجعل الحديث عن هذا الأمر يزداد يوماً بعد يومٍ،

ولا يعني ذلك انعدام الرغبة في الحفظ بين أوساط الشباب الذين يسكن في قلوبهم حب كتاب الله - عز وجل -،

لكنهم ما استطاعوا تطبيق ما أرادوه، وتحقيق ما طلبوه.

 

ومن باب المساهمة ولو بالقليل، والمشاركة في هذا الخصوص؛

كانت هذه السطور لكل من يعاني من هذه المشكلة، أو يعلم من يشتكيها، ويندب حاله فيها ممن منَّ الله عليه، وجعله من معلمي القرآن، ومدرسي حلقات التحفيظ.

 

أولاً: ما هي الأسباب التي يكون فيها الحفظ عسيراً؟

 

بالنظر إلى حفظ القرآن فإننا نجد أن القرآن الكريم قد سهل حفظه وقراءته، وتدبره والنظر في معانيه

يقول الإمام السعدي - رحمه الله تعالى -: "{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ}1

أي: ولقد يسرنا وسهلنا هذا القرآن الكريم،

ألفاظه للحفظ والأداء،

ومعانيه للفهم والعلم؛

لأنه أحسن الكلام لفظاً، وأصدقه معنى، وأبينه تفسيراً، فكل من أقبل عليه؛ يسر الله عليه مطلوبه غاية التيسير، وسهله عليه"2،

وما يقع للبعض من تعسير فلأسباب ينصرف بها عن هذا الأصل فلا يتحقق له الحفظ، ومن تلك الأسباب:

 

1- المعاصي والذنوب

 

يقول الإمام الشافعي - رحمه الله -:

شكوت إلى وكيعٍ سوء حفظي ... فأرشدني إلى ترك المعاصي

وأخبرني بأن العلم نــــور ... ونـور الله لا يُعطى لعاصي

 

وكم صرفت المعاصي والذنوب أناساً عن حفظ القرآن، وأوقعت القلوب في شراك الشيطان، وصدت النفوس عن طريق الرحمن،

وقد ذكر العلامة ابن القيم - رحمه الله - آثاراً للذنوب والمعاصي فقال:

"فمنها:

حرمان العلم؛

فإن العلم نورٌ يقذفه الله في القلب، والمعصية تطفئ ذلك النور،

ولما جلس الإمام الشافعي بين يدي مالك، وقرأ عليه؛ أعجبه ما رأى من وفور فطنته، وتوقد ذكائه، وكمال فهمه،

فقال: إني أرى الله قد ألقى على قلبك نوراً فلا تطفئه بظلمة المعصية،...

ومنها:

تعسير أموره عليه،

فلا يتوجه لأمرٍ إلا يجده مغلقاً دونه، أو متعسراً عليه،

وهذا كما إن من اتقى الله؛ جعل له من أمره يسراً،

فمن عطل التقوى؛ جعل الله له من أمره عسراً،

ويا لله العجب كيف يجد العبد أبواب الخير والمصالح مسدودة عنه، متعسرة عليه، وهو لا يعلم من أين أُتى؟"3،

وقد سأل رجلٌ الإمام مالك بن أنس - رحمه الله -: يا أبا عبد الله هل يصلح لهذا الحفظ شيءٌ؟ قال: "إن كان يصلح له شيءٌ فترك المعاصي"4.

 

2- الانشغال بأمور الدنيا، وعدم التفرغ لحفظ كتاب الله،

 

فمن أراد الحفظ فلا بد أن يجعل وقتاً مناسباً من يومه، ويكون تاركاً الشغل بالدنيا ظاهراً وباطناً - بقدر المستطاع -،

أما من لا يلبث إذا أمسك المصحف أن يسبح في بحار الدنيا، ويخوض عراكها، ويترك العنان لقلبه يسرح في أزقة الحياة؛

فأنى لهذا القلب أن يستوعب ما عليه حفظه، وأنى له أن يعي ما عليه إتقانه

قال عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه -: "إن هذه القلوب أوعية؛ فاشغلوها بالقرآن، ولا تشغلوها بغيره"5.

 

3- الاستعجال،

 

فالبعض يريد أن يحفظ القرآن لكن بسرعة فائقة،

فإذا ما طالت مدة الحفظ بدأ الملل يدب؛ فإذا به يترك ما بدأ، ويثقل عليه ما أراد،

ولو أنه مشى في خطى ثابتة بهدوء وتؤده؛ لحصل ما يريد،

أما الاستعجال فلا يورث إلا الحرمان،

وقد قيل: "من استعجل الشيء قبل أوانه؛ عوقب بحرمانه"،

فليحفظ مريد الحفظ على فترات ومراحل،

وليحفظ على حسب جدول معين حتى وإن طالت المدة، فإن الغالب أن ما حفظ بسرعة نُسي بسرعة.

 

4- ضعف الإرادة، وغياب العزيمة،

 

وهذا أمر خطير، إذ كيف يمضي لرحلة اسمها "حفظ القرآن الكريم" ولم يرد السفر، ولم يعزم على ذلك؟

ولا بد لذلك من همة عالية يقتحم بها طالب المعالي كل الصعوبات التي تواجه، ويتخطى بها كل العوائق التي تعرقل خطاه

 

همة تنطح الثريا وعزم نبوي يزعزع الأجبالا

 

همة يستسهل فيها الصعب، ويستلذ في سبيلها المشاق

 

لأستسلهن الصعب أو أدرك المنى فما انقادت الآمال إلا لصابر

 

همة يسير بها صاحبها رابط الجأش، ثابت الخطى، قوي الإرادة، صادق العزيمة

 

فكن رجلاً رجله في الثرى وهامة همته في الثريا

 

5- عدم الاستعانة بالله - عز وجل -،

 

وأنى لمن ترك الاستعانة بربه أن يعان؟

 

إذا لم يكن عونٌ من الله للفتى فأول ما يجني عليه اجتهاده

 

وطالب حفظ القرآن إن دعا الله أن ييسر له ذلك؛ أعانه الله، وفتح عليه، وكيف لا يعينه والقرآن كلامه ومنه نزل؟

كيف لا يعينه وهو القائل: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ}6؟،

كيف لا يعينه وهو القائل: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}7؟.

 

فلا يركن الإنسان إلى قدراته ومهاراته، ولا يعتمد - في ذلك وفي كل أموره - على نفسه فقط، بل لا بد أن يكون دائم الصلة بالله - عز وجل -، كثير اللجوء إليه في حاجاته،

فقد كان من دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت))8.

 

هذه بعض أسباب تعسر حفظ كتاب الله - عز وجل -،

وربما وجد عند البعض أسباب أخرى؛

فليتقي كلٌ ما يمنعه من الوصول إلى مبتغاه،

وعليه بالقرب من الله، ونيل رضا مولاه،

نسأل الله - عز وجل - أن يجعلنا من أهل الله وخاصته، وصلى الله وسلم على رسول الله محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه.

 

---------------------------------------------------------

 

1 سورة القمر (17).

2 تفسير السعدي (1/825-826).

3 الجواب الكافي (1/34-35).

4 الجامع للخطيب البغدادي (2/258).

5 جامع بيان العلم وفضله (1/66).

6 سورة القمر (17).

7 سورة غافر (60).

8 رواه أبو داود (4426)، وقال الألباني: حسن، انظر الكلم الطيب، ص(117).

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

35 نصيحة لطلاب الدورات المكثفة لحفظ ومراجعة القرآن الكريم

 

1. أخلص النية لله واستحضر عظمته سبحانه وتعالى وراقبه جل وعلا في السر والعلن .

 

2. طهّر ظاهرك وباطنك ، وتطيب والبس أحسن الثياب ، واستخدم السواك قبل القراءة .

 

3. استعذ بالله من الشيطان الرجيم ، ورتِّل وحسّن صوتك ، والتزم الخشوع والتدبر .

 

4. صحح القراءة تصحيحاً متقناً على المعلم قبل البدء في الحفظ .

 

5. اسأل الله الرحمة عند تلاوة آيات الرحمة ، وتعوذ به عند تلاوة آيات العذاب .

 

6. اسأل الله التوفيق والإعانة على الحفظ ، لاسيما وقت السحر والسجود ، وبين الأذانين .

 

7. تأدب مع الطلاب فإنه أدبٌ مع شيخك ، وسلِّم عليهم عامة وخُصَّه بتحية خاصة .

 

8. طبِّق أحكام التجويد ، ولا تترك مَداً ، ولا غنة ، ولا قلقلة ، بحجة أنك تحفظ .

 

9. اقرأ تفسيراً مختصراً قبل الحفظ ، وتعرَّف على أسباب النـزول ليسهل عليك الحفظ .

 

10. إذا حضرت نوبتك استأذن الشيخ في القراءة ، ثم ادعُ له ولوالديه ولمشايخه ولنفسك .

 

11. أنصت واستمع لشيخك ، واعتقد فيه درجة الإتقان ، فإن ذلك أقرب لنفعك .

 

12. احذر التطلع إلى الشهادة أو إلى أي مطامع دنيوية من منصب ومال ... وغير ذلك .

 

13. تواضع لمعلمك وتأدب معه ، حتى وإن كان أصغر منك سناً ، وأقل شهرة ونسباً .

 

14. احرص على الانقياد لمعلمك وشاوره في أمورك الدينية والدنيوية واقبل قوله .

 

15. لا تشيرن عنده بيدك ، ولا تغمزن بعينيك ، ولا تقولن قال فلان خلاف ما تقول .

 

16. اغتم الوقت ، واحرص على الاستفادة المثلى منه ، في الحفظ والإكثار من الطاعات .

 

17. لا تسمح لأحد أن يغتاب شيخك ، ورُد غيبته فإن تعذر عليك رَدُها فقم من المجلس .

 

18. اجلس بين يدي الشيخ جِلسة المتعلمين ، ولا ترفع صوتك عنده من غير حاجة .

 

19. لا تكثر الكلام ، ولا ترفع صوتك بالضحك ، ولا تعبث بيدك ، ولا بجوالك أمامه .

 

20. احذر من غيبة الزملاء ، والمعلمين والمشرفين على الدورة فهم يكدحون من أجلك .

 

21. احرص على الحفظ والمراجعة والاختبار وفق الجدول المخصص لك في الدورة .

 

22. إياك والثرثرة في غير فائدة ، وكثرة السؤال عما لا يعنيك ، ولا تتكلم إلا في خير .

 

23. اكسب قلب أخيك ، ولو بسواك تهديه له ( تهادوا تحابوا ) .

 

24. أنفق كل يوم ولو ريالاً واحداً ، وحبذا لو كان لتعليم القرآن الكريم .

 

25. احرص على حُسن الخلق والابتسامة مع المشرفين والمعلمين والزملاء في الحلقة .

 

26. اسأل المشرف عما يُشكل عليك في التجويد والتفسير وطريقة الحفظ .

 

27. تذكر أن مِن الناس مَن حُرم الصحة والفراغ ، وحيل بينه وبين حضور هذه الدورة .

 

28. إياك والعجب بكثرة حفظك ، وحُسنِ صوتك ، فالعُجب من المهلكات .

 

29. استشعر التقصير في حق الله وفي حق كتابه وتذكر مُنذ متى وأنت تتمنى حفظ القرآن

 

30. إذا اقترفت إثماً ، أو فعلت ذنباً ، أو اغتبت أحداً ، أو أسأت خلقاً ، فبادر بالندم والتوبة .

 

31. من غَيرُك لدعم الجمعية ، فلا تبخل على نفسك ( ما نقص مال من صدقة ) .

 

32. اخرج من هذه الدورة برفقةٍ صالحة ، فهل تجد أكرم وأفضل من أهل القرآن .

 

33. كُن موجهاً حكيماً ، وناصحاً أميناً ، ومرشداً أريباً ، وداعيةً صدوقاً لإخوانك .

 

34. جاهد نفسك ، وتغلب على هواك ، فالدورة تحتاج إلى مزيد من الجد والاجتهاد .

 

35. وأخيراً ... ابتعد عن رفقاء السوء والمحبِّطين والسلبيين ، إلا أن تكون ناصحاً لهم وداعياً

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

تعاهد الحفظ

 

تدل جميع التجارب العملية على أن من يزيد على شهر في مراجعة حفظه كله يتفلت منه القرآن الذي حفظه ، سواء كله أو بعضه ، قل الحفظ أم كثر .

 

وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتعاهد الحفظ ، فيما يرويه أبو موسى الأشعري - رضي الله تعالى عنه - قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( تعاهدوا القرآن فو الذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها ) (1)

 

وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( بئسما لأحدكم أن يقول نسيت آيه كيت وكيت ، بل نسي ، واستذكروا القرآن ، فإنه أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم في عقلها ) (2)

 

وفي الحديث ذم لمن يقول :

إنه نسي سورة كذا أو آية كذا ،

وأنه ينبغي له أن يقول :

إن الله تعالى هو الذي أنساني ،

وفيه أمر بمراجعة القرآن بصفة دائمة .

 

( والتفصي ) كل شيء كان لازماً لشيء فصل عنه ، كالإبل تفصل من عقلها ، والإنسان حين يفصل عنه القرآن الذي كان ملازماً له .

 

والآية ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىً ) [طه : ،125،124 126]

 

ليست نصاً في الموضوع ، وإنما نسيان القرآن هنا بمعنى عدم الاعتناء به ، وتعريضه للنسيان ، وعدم العمل بمقتضاه ، والاعراض عن تلاوته ، فيه تهاون كبير ، وتفريط شديد ، وهو يدخل مراد الآية .

 

نسأل الله السلامة والعافية .

 

 

المرجع : فن الترتيل وعلومه 276،275 / 1 للشيخ : أحمد بن أحمد الطويل

 

---------------------------------------------------------

 

(1) أخرجه الشيخان ، راجع ابن الأثير : جامع الأصول 2/447 رقم 900

 

(2) المرجع نفسه ، ج : 2/448 رقم : 902 ، وانظر الفتح الرباني ، 18، 24 ، 25 ، وسنن الدارمي ، 2/316 ، باب في تعاهد القرآن . وقد أخرجه الشيخان والترمذي والنسائي ومالك وأبو داود .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

اللهم بارك

رائع يا حبيبة

موضوع مهم و مميز

 

أتابع بإذن الله

جزاكِ الله خيرا

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

 

هذا هو جدول للحفظ الخاص بإحدى المعاهد سأضعه فلعله يفيد الأخوات في حفظهن ولكنه للأسف غير مكتمل

 

وقد وضع الجدول للحفظ بدءا من جزء آخر ثلاثة أجزاء ثم بدأ بسورة البقرة بعد ذلك

 

لو نشر المعهد باقي الجداول سأحاول ارفاقها بعون الله

وطبعا بالنسبة ليوم المراجعة فلابد من مراجعة ما سبق حفظه من بداية المصحف وليس ما حفظ خلال الاسبوع فقط

 

~.~.~.~.~.~.~.~.~

 

المرحلة التحضيرية ف1

296ee507f0.jpg

7d68f892c3.jpg

142f6c08e4.jpg

 

المرحلة التحضيرية ف2

6bf0b6d901.jpg

e43ad1c2a1.jpg

202a8ab229.jpg

 

~.~.~.~.~.~.~.~.~.~.~

 

المرحلة الرسمية - سنة اولي ف1

nsaayat2081820da3.jpg

nsaayat02a7bc6cc3.jpg

nsaayatc7997074df.jpg

 

المرحلة الرسمية - سنة اولى ف2

nsaayat77247b3dc3.jpg

nsaayatb17ed48d83.jpg

nsaayat6145a2104a.jpg

 

المرحلة الرسمية - سنة اولى ف3

e5c5405cbd.jpg

1c263f41e3.jpg

06a30cb1ec.jpg

 

~.~.~.~.~.~.~.~.~.~.~

 

المرحلة الرسمية - سنة ثانية ف1

321b087655.jpg

af17592955.jpg

8ff40033ed.jpg

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

اللهم بارك

رائع يا حبيبة

موضوع مهم و مميز

 

أتابع بإذن الله

جزاكِ الله خيرا

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

وجزيت خيرا على المتابعة يا حبيبة

 

بارك الله فيكِ عزيزتي

 

دمتِ في حفظ المولى

وبارك الرحمن فيك يا غالية

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

أساتذة تحفيظ القرآن يؤكدون أن المراجعة الدائمة ضرورية

 

 

نسـيان الطلاب لحفظهم..مشكلة حلولها كثيرة!

 

اترگوا (الأرقام القياسية في الحفظ) فهي ضارة

 

الشيخ الحربي:

 

- لا بــد من انتــقاء مــدرس القـــرآن انــتقاء جـــيداً

 

- لا تتهاونـــوا في تقييم الطــــلاب فمنـح الدرجـــات بــدون حق يســــاعد على الضعــف.

 

- طلاب التحقوا بمدارس التحفيظ (بدون رغبة)

 

- بعض المدارس تدرس بطريقة روتينية

 

- هناك طلاب التحقوا بالمرحلة الثانوية ولم يدرسوا المتوسطة في التحفيظ

 

تحقيق- د. عقيل العقيل:

 

القرآن دستور الأمة وسر عزها وعلو مكانتها وعناية الأمة به تلاوة وحفظاً وتدبراً وتفسيراً دليل على التزامها بمنهج رسولها - صلى الله عليه وسلم - الذي حثها على العناية بهذا الكتاب وأنها إن تمسكت به هديت إلى صراط مستقيم وإن ابتغت الهدى من غيره ضلت بلا ريب.

 

وإن مما يسر الله من أبواب الخير هذه الجمعيات الخيرية التي تُعنى بتحفيظ كتاب الله وتشجيع الطلاب على ذلك وتوافر المدرسين المتخصصين في علم القراءات وغير ذلك، وهذا جهد مشكور وبإذن الله مأجور.

ولكن

هناك ظاهرة لوحظت في السنوات الأخيرة وهي كثرة نسيان الطلاب لما حفظوه حتى أنك لتعلم أن فلاناً من الطلاب قد حصل على جوائز ودروع في حفظ القرآن أو أغلبه ثم تفاجأ بعدم إتقانه لحفظه أو نسيانه لذلك.

 

وفي هذا العدد التقينا مجموعة من أساتذة تحفيظ القرآن لنعرف من خلالهم الطرق المُثلى لحفظ القرآن وكيفية المحافظة عليه وما أسباب نسيان الطلاب له بعد الحفظ وما العلاج الناجح لذلك.

 

* لماذا ينسى الطلاب ما حفظوه؟

 

- بداية تحدث الشيخ عبد الله بن سعود الحربي - إمام مسجد العجلان بالرياض وأستاذ العلوم الشرعية في ثانوية أبي عمرو البصري لتحفيظ القرآن - فقد عرض لهذه الأسباب قائلاً:

 

1 - فإن مما يجب على موجهي التربية الإسلامية في وزارات التربية وجمعيات تحفيظ القرآن الكريم انتقاء مدرس القرآن الكريم انتقاءً جيداً والحرص على اختيار المتخصصين المتخرجين من كليات القرآن ومعاهد تعليمه، أو من لديه إجازة إقراء وعُلِم تمكنه وضلوعه فيه من تحليه بالتقوى وتجمله بأخلاق القرآن العظيم ووضع المعايير الدقيقة والأسس الواضحة بقبولهم.

لأن من أهم أسباب ضعف التكوين العلمي والتربوي مع القرآن عند الأجيال والطلبة هو ضعف مدرسي العلوم الشرعية عموماً من الناحية العلمية والعملية، وفي القرآن الكريم خصوصاً

فنجد القصور الكبير في الإلمام بأحكام التجويد

والنقص البيِّن في التبحر في كتب التفسير

والخلل الواضح في الاقتداء والتأسي والإخلاص

فإخلاء ساحة تعليم القرآن لمن هو أهل لها أمر متعينٌ ابتداءً لإصلاح هذا الأمر.

 

2 - كذلك معاملة مادة القرآن الكريم على أنها مادة أساسية وعلى رأس القائمة، وهو أمر توجبه الشريعة وعدم وضعها في حصص الكسل والخمول العقلي أو تكميل نصاب من ينقص نصابه من المعلمين.

 

3 - عدم التهاون في تقييم الطلبة وإعطائهم درجات أكثر مما يستحقون ومنحهم درجات عالية في ضعفهم في التلاوة والحفظ

حتى أصبحت حصة القرآن بلا هيبة ولا تقدير.

 

4 - ضرورة التركيز على بيان فضل القرآن العظيم،

وعظيم الأجر لمن حفظه وعمل به،

ووجوب توقيره وإجلاله وإحلاله المكانة اللائقة به وغرس هذه المعاني في نفوس الطلاب.

 

5 - حث الطلبة على تدبر ما يقرؤون وقراءة تفسيره وفهمه

ليرتفع منسوب الإيمان في قلوبهم وتطمئن بتلك المعاني نفوسهم.

 

ثم تحدث الشيخ وائل بن حسين صنبع - أستاذ القراءات في ثانوية أبي عمرو البصري لتحفيظ القرآن الكريم - فبيَّن هذه الأسباب قائلاً:

 

مستويات هزيلة

 

الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً قيّماً أحمده على قديم الإحسان وجزيل الإنعام، خلق الإنسان وشرَّفه بنطق اللسان وعلَّمه البيان وصلى الله وسلم على خير الخلق طهراً وأعلاهم عند الله قدراً وأشرفهم جاهاً وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين وبعد.

إن حفظ كتاب الله - عز وجل - أمنية عزيزة يتمناها كل مسلم له أو لأبنائه، فترى كثيراً من أبناء المسلمين ينتظمون في حلقات تحفيظ القرآن وفي مدارس تحفيظ القرآن رغبة في أن يكونوا من أهل الحفظ لكتاب الله العزيز يسبق ذلك الانتظام أو يوافقه حرص أبوي على انضمام الأبناء في هذه المحاضن الجليلة بيد أن هذا الحرص من الأبناء والآباء ما يكاد أن يذوب عند دخول الابن في المدرسة وضمان كونه فيها فترى الابن ضعيف الحفظ مع أنه في الصف الثالث المتوسط يعد حافظاً لكتاب الله ثم في الصف الثالث الثانوي يعد قد راجع المصحف كاملاً وألمَّ ببعض قراءته فلا تراه يكاد يضبط من القرآن إلا مواضع قليلة هي ما يكرره الأئمة في الصلوات وما يحتاجه هو في افتتاح بعض الحفلات أو المناسبات، أو ما يشارك به في بعض المسابقات حتى أنك عندما تتجول في كثير من مدارس تحفيظ القرآن تفاجأ بمستوى الحفظ الهزيل عند كثير من الطلاب وتكاد تجزم في بعض الأحيان أن هؤلاء الطلاب، ليسوا من حفظة كتاب الله مع أنهم في المرحلة الثانوية من هذه المدارس، وليس بعيداً عنه الصغار في القدر الذي يحفظون فما هي أسباب هذا المرض الذي أصبح مشكلة تحتاج إلى علاج حتى لا تتطور إلى ما لا يُحمد عقباه، وسوف نقسِّم الحديث هنا إلى قسمين.

 

وليعذرني القارئ الكريم في أن الكلام سيكون مختصراً جداً وعلى هيئة رسائل سريعة.

 

أين الخلل

 

أولاً سبب هذه المشكلة: لهذه المشكلة ُعدة أسباب يمكن أن نذكر منها:

 

1 - أن هذا الكتاب أخبر عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -: إنه إذا لم يتعهد ينفلت

فقال - عليه الصلاة والسلام - (تعهدوا هذا القرآن والذي نفسي بيده لهو أشد تفلتاً من الإبل في عقالها).

فإذا كان هذا القرآن الأصل فيه أنه يُنسى إلا إذا تعهده صاحبه فهذا أول أسباب ضعف الحفظ وهو قلة المراجعة.

 

2 - عدم الاستقلالية عند الطالب في المراجعة

فهو دائماً معتمد على المدرس في وضع جداول المراجعة مما يجعل أوقات الإجازات أوقات ترك للحفظ والمراجعة وعدم تربية الطلاب على المراجعة الذاتية.

 

3 - إن قبول الطلاب في مراحل متقدمة في الدراسة من هذه المدارس - مدارس تحفيظ القرآن - مع أنه لم يحفظ ما حفظه أقرانه مما يجعل ما سبق مقداراً ليس محفوظاً.

 

4 - قبول بعض الطلاب الذين لم يحفظوا وليس عندهم رغبة في الحفظ بضغط من أولياء الأمور مما يجعل ظاهرة عدم الحفظ مألوفة عند بقية الطلاب.

 

5 - عدم ربط الطلاب بناصية الأجر والثواب من الله - عز وجل - ورجاء ما عنده وإخلاص النية لله - تعالى -وأن الأصل في ذلك هو التقرب إلى الله وليس مسألة الدرجات.

 

6 - ترك ناصية الأداء المجود المرتل الذي يجعل الطالب يستمتع بالقراءة

والاكتفاء بالهز الذي يفقد القراءة جمالها ورونقها.

 

7 - عدم مراعاة قدرات الطلاب في الحفظ.

 

8 - بعض الطلاب يدخل في المدرسة في المرحلة الثانوية ولا يكون مرَّ على المرحلة المتوسط

ويفاجأ بمقدار الحفظ الكبير الذي هو موجّه للطلاب الخاتمين مما يجعله سيئ الحفظ.

 

9 - الطرق الروتينية في حصص القرآن وترك التلقين في الصفوف الأولى.

إلى غير ذلك من الأسباب التي أدت إلى ظهور هذه المشكلة.

 

10 - إهمال الوسائل الحديثة في حصص القرآن وعدم الاستفادة من تقنيات العصر..

 

11 - إهمال عرض المعاني والتفسير وتصحيح الكلمات الغريبة مما يعين الطالب على الحفظ والتدبر.

 

غلبة العادة

 

ثم تحدث الشيخ عبد المجيد بن ناصر العقل - إمام مسجد سليمان الحمزة بالرياض، وأستاذ العلوم الشرعية في متوسطة أبي عمرو البصري لتحفيظ القرآن الكريم - فقال:

من أسباب الضعف من وجهة نظري

غلبة العادة والضعف في استحضار العبادة مع كثرة الطلاب عند المعلم

وعدم ربط الطالب تربوياً بالقرآن مما يضعف ارتباط الطالب بالقرآن، ويضعف همته في الحفظ

كما نلاحظ الاهتمام بالكم على حساب الكيف.

فالطالب يسمح له بتجاوز المقطع مع وجود أخطاء كثيرة على ختم القرآن

أو قطع أجزاء كثيرة في فترة قصيرة دون مراعاة لضبط الحفظ والمراجعة المستمرة،

فيجد الطالب في النهاية أنه لم يحصل على شيء. كما يوهن همته عن الاستمرار

وتلاحظ أن ضعف الطالب في القراءة والتأسيس يجعل عملية الحفظ عنده أصعب من الطالب المؤسس تأسيساً قوياً.

 

النية والإخلاص:

 

ثم تحدث الشيخ عبد الله الفهدي - إمام مسجد الأمير متعب بحي الفاروق بالرياض، وأستاذ القراءات في ثانوية أبي عمرو البصري لتحفيظ القرآن الكريم - فقال:

إن مما لا يخفى هو أهمية حفظ القرآن وحمله ومدارسته، فعظمة القرآن تكمن في أنه كلام الله الذي أنزله على نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وحفظ القرآن في الصدور من أعظم العبادات وبه تكون فواتح العلم وأصوله...

وقد اهتمت هذه الدولة - حفظها الله - بالقرآن وحلق تحفيظ القرآن منذ أكثر من عشرين سنة ولله الحمد على المستوى المحلي والدولي، وقد تخرج كثير من الحفظة من شتى أنحاء البلاد،

ومع كثرة الحفظ، فقد ظهر تفلت القرآن لكثير منهم، بل قد تجد بعضهم لا يُحسن القراءة بعد أن كان حافظاً؟...

والأسباب كثيرة ومتنوعة والحلول موجودة وهي مبسوطة في كثير من الكتب والبحوث التي اهتمت بهذا الموضوع، ونحن نسهم بشيء منها عسى الله أن ينفع بها.

 

الأسباب:

 

1 - ضعف النية عند الحفظ

(عدم الإخلاص لله أو ضعفه).

 

2 - عدم فهم كثير من الآيات الفهم الصحيح ومعرفة معانيها.

 

3 - عدم الاهتمام بالمتشابه من الآيات أثناء الحفظ، لأن كثيراً من الآيات لا تختلف عن بعضها إلا شيئاً يسيراً إما بحرف أو كلمة أو تقديم وتأخير وغير ذلك

(لولا المتشابه في القرآن لتغنت به الغلمان).

 

4 - سرعة الحفظ..

وهو من أهمها وأكثرها انتشاراً.. لأن ما يُحفظ سريعاً يُنسى سريعاً..

 

5 - عدم التأسيس الصحيح للحفظة..

لأن الحفظ المتقن له أُسس وطرق اتبعها كثير من الحفظة فاتقنوا حفظهم

(ولولا الإطالة لذكرنا هذه الأسس والخطوات بالتفصيل).

 

6 - فترة الانقطاع الطويلة في الإجازات.

 

7 - الاهتمام بكمية الحفظ دون العناية بما سبق حفظه.. وهذا يتعلّق بكثير من المعلمين.

 

8 - عدم وجود معاهد أو مراكز تهتم بالحفظ وتوليهم العناية الخاصة

(مثل رعاية الموهوبين والمتميزين)،

لأن كثيراً من الحفظة قد تفلت القرآن منهم لأسباب اجتماعية أو أخلاقية وسلوكية خاصة عند المرور بفترة المراهقة.

 

9 - رفاهية المعيشة والاهتمام بأمور الدنيا كانت سبباً في انشغال كثير من الشباب عن القرآن.

 

10 - ضعف الاهتمام من قبل الآباء والأمهات وذلك من خلال عدم المتابعة للابن بعد الحفظ.

 

11 - اعتقاد كثير من الحفظة والمعلمين أن مسؤوليتهم قد انتهت عند إكمال الطالب لحفظ القرآن كاملاً، وعدم السؤال عنه أو متابعته بعد ذلك.

 

12 - الاهتمام بالجوائز العينية وكثرتها وتنوعها حتى أصبح القرآن لدى كثير منهم مصيدة للجوائز.

 

العلاج

 

ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه ما علاج هذه الظاهرة؟ وكيف يمكن التغلب عليها؟

 

يقول الشيخ عبد الله بن سعود الحربي:

لتلافي هذه الظاهرة والقضاء عليها ينبغي القضاء أولاً على أسبابها.

وكذلك إعلاء همم الطلاب ورفع معنوياتهم وحثهم على مواصلة السير في طلب العلم ومراقبة الله - تعالى - في كل ذلك وطلب رضاه وعلاج أمراض القلوب وأدوائها من رياءٍ وعجب وكِبر وحسد، وطلب محمدة أو منصب أو جاه أو عَرَض من أعراض الدنيا.

وكذلك ربط هذا العمل العظيم - وهو حفظ كتاب الله - بما يترتب عليه من حصول رضا الله والأجر الكبير في الآخرة، وعلو المنزلة والترقي في درجات الجنان، كذلك أيضاً أهمية العمل به فلا قرار ولا بقاء للقرآن في صدور تاليه إلا بتمثله وتطبيقه وكذا كان الصحابة رضوان الله عليهم.

كذلك من أهم ما يحفظ القرآن في قلب صاحبه معرفة عظيم نعمة الله - تعالى - عليه بحفظه للقرآن الكريم وشكره ودوام ذكره،

وكذلك اللجوء إليه والدعاء بإلحاح والتضرع في أن يتم الله عليه هذه النِعمة ويحفظها له ويُرزقه شكرها والله أعلم.

 

الأرقام القياسية مضرة

 

ثم تحدث الشيخ وائل بن حسين صنبع قائلاً:

 

وإذا حددنا المشكلة وأسبابها بقي أن توجد سُبل علاجها وذلك يتلخص في معالجة أسباب هذه المشكلة وتحليلها لتكون هي سبيلا للعلاج ومن ذلك:

 

1 - ربط الطالب بالأجر وذكر القدرة من سلف هذه الأمة، وكيف كان حالهم مع القرآن وغرس ذلك في نفس الطالب وتذكيره به في كل مناسبة يرى ضعفه فيها.

 

2 - الاهتمام بمرحلة الحفظ وتأسيسها من حيث جودة القرآن وإتقان الحفظ

فلا يهتم بالكم على حساب الكيف، والبعد عن ذكر الأرقام القياسية في الحفظ التي تؤدي إلى الاهتمام بالكم دون الكيف، خاصة عند من يرى فيهم ضعف الحفظ.

 

3 - جعل برنامج للحفظ والمراجعة للطالب ذاتي

يطبقه في كل الأوقات ودون الحاجة إلى المدرس خاصة فيما سبق وأن قرأه على المدرس.

 

4 - جعل القرآن مع الطالب في كل مكان وتوصيته بأن يقرأ أي الحفظ في النوافل والسنن الرواتب والصلوات السرية.

 

5 - تعويد الطالب على الترتيل والتغني بالقرآن

وذكر فضائل ذلك وتحذيره من الهز والقراءة التي لا يصحبها تأمل للمعاني.

 

6 - إعطاء الطالب بعض اللمحات عن تفسير الآيات مما يعين على الحفظ.

 

7 - وضع ضوابط للقبول في المدارس - مدارس تحفيظ القرآن -

بحيث لا يُقبل إلا من يكون مؤهلاً للحفظ وعنده القدرة حتى لا يؤثِّر سلباً على الطلاب.

 

8 - أن يحاول المعلم ابتكار طرق جديدة لجذب الطلاب

كاستخدام المكبر ومصحف الوسيلة وغيرها من الوسائل.

 

9 - الاستعانة بالمسابقات والمنافسة بين الطلاب في حفظ وتجويد القرآن.

 

إلى غير ذلك من طرق علاج هذه المشكلة التي أسأل الله ألا تكون ظاهرة تدمر العلاقة بين أبنائنا وكتاب ربنا

وما هذه إلا إشارة إلى أن الموضوع يحتاج إلى كثير من البحث ويفتقر إلى الاستشهادات من السّنة وكتاب أهل العلم

ولكن هي خواطر وإشارات والله المسؤول أن يصلح لنا النية والذرية وأن يصلح شبابنا ويوفقهم للهدى والسداد.

 

الجانب الإيماني

 

ثم تحدث الشيخ عبد المجيد بن ناصر العقل واصفاً العلاج لهذه الظاهرة قائلاً:

 

وإذا تكلمنا عن العلاج فسوف أركِّز على أهمية الاهتمام بالمراجعة

ومن الأساليب الناجعة التي ينطبق عليها عبارة

(بطيء وقوي المفعول)

التكرار،

ولو قيل لي لخص علاج ضعف الحفظ بكلمة للخصته بكلمة التكرار.

ولا أنسى أن أذكر الطالب على أن يجعل له حزباً يومياً محدداً يراجع فيه حفظه السابق.

وخلاصة القول:

إن المعنيين بحفظ القرآن أرى له أن يجمع بين ثلاثة أمور حتى تكون منهجيته متكاملة وهي

ضبط الحفظ

والتكرار

وتحديد حزب يومي يراجع فيه ما سبق له حفظه

ولا ينسى الاستعانة بالله وإخلاص النية فهذه أسباب التوفيق في الأعمال.

 

ثم تحدث الشيخ عبد الله الفهدي مبدياً عدداً من الحلول لعلاج هذه الظاهرة قائلاً:

 

1 - الاهتمام بالجانب الإيماني وتعميق مراقبة الله والإخلاص له والتأثر بمعاني الآيات خاصة ما جاء به الوعد والوعيد.

 

2 - تغيير الروتين الذي يستخدمه كثير من المعلمين عند التسميع،

وذلك أن كثيراً من المعلمين يطالب طلابه أن يكون الحفظ يومياً.

فيكون تقييمه للطالب على هذا النوع دون النظر إلى ما سبق حفظه.

 

3 - قد يكون لكثير من الطلاب طاقات تفوق الحفظ المقرر

فعلى المعلم أن يوجّه هذه الطاقات إلى ما تم حفظه في السابق دون زيادة الحفظ الجديد.

 

4 - اتباع طرق الحفظ المتقن وألا يجتهد المعلم لنفسه أو ما يعرف بالعشوائية لدى بعض المعلمين.

 

5 - أن يكون المعلم مسؤولاً عن طلاب محددين في الحلقة الواحدة

وألا يزيد عدد الطلاب على العشرة لكي يتمكن من تسميع الحفظ والمراجعة والنصح والإرشاد لهم.

 

6 - الاستعانة بعد الله بالمصاحف التي تحمل تفسيراً مختصراً لكي يفهم الطالب بعض المعاني المبهمة لديه.

 

7 - السماح لبعض الطلاب الذين أتموا حفظ القرآن باتقان بالتدريس في نفس الحلقة تحت نظر المعلم.

 

8 - تفعيل متابعة الحفظ والمراجعة خارج الحلقة أو المدرسة (في السيارة والمنزل)

وذلك بتوزيع الأشرطة لمتابعة القرآن سماعاً.

 

9 - تفعيل دور الأسرة وذلك بمراسلتهم والاتصال بهم وإعطائهم تقييماً عن مستوى ابنهم في الحلقة أو المدرسة.

 

10 - تكوين الجماعات الصغيرة بين الطلاب لمراجعة الجديد والقديم..

فمثلاً يكون كل طالبين معاً للمراجعة..

فتكون بينهم صداقة وأخوة قائمة على القرآن الكريم وأنعم بها من أخوة..

 

11 - أن تكون هناك دورات ودروس للمعلمين وذلك في تدريس القرآن الكريم.

 

12 - إدخال الكتابة من أجل الحفظ وهذا مما يزيد من ثبات الحفظ إن شاء الله.

 

13 - الحل السليم للمشاكل النفسية والاجتماعية التي تطرأ على بعض الطلاب ومحاولة حلها سريعاً.

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

اللهم بارك ما شاء الله

 

والله كنت مستمتعه جدااا بالقراءه وسرحت مع الكلام من حلاوته ما شاء الله

 

ما أحلى كلام الله اللهم ثبتنا فى الدنيا والاخرة وأجعل القران ربيع قلوبنا أاامين

 

أنا فعلا بدات الحفظ وكنت مشتته جدا وكل شوية يحصل حاجة وأترك الحفظ واستعدت نفسى مرة اخرى

 

وكل الكلام ما شاء الله مفيد جدا وانا استفدت بيه جداااا نفع بيكى جميع الاخوات وفى الانتظار البقية يا حبيبة

 

احبك فى الله

 

ربنا يجعله فى ميزان حسناتك كل كلمة كتبتيها

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الأسباب الميسرة لحفظ القرآن

 

اعلم أخي المسلم – وفقني الله وإياك – أن حفظ القرآن الكريم يسير على من يسّره الله عليه ،

قال تعالى:

((وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ)) (القمر:17) .

 

ولما كان الأخذ بالأسباب أمراً لازماً لا بد منه، رأيت أن أذكر لك جملة من الأسباب التي تعين على حفظ كتاب الله عز وجل وضبطه، لعلك تنتفع بها أو ببعضها والله الموفق .

 

1- الإخلاص،

قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-:

(( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ... )) .

 

فينوي بحفظه وجه الله، والعمل به وتعليمه، لا ليقال فلان حافظونحو ذلك .

 

2- قوة العزيمة، وتوفر الهمة لحفظه، والاستمرار على ذلك .

 

3- المداومة على الحفظ يوميا وإن قلّ المحفوظ ؛

فخير الأعمال أدومها وإن قل، فلا يحفظ يوما وينقطع أياماً، ومن فعل ذلك فإنه في الغالب لا يستمر .

 

4- ترك النظر إلى آخر المصحف أو إلى آخر السورة،

لا سيما عند بداية الحفظ وبداية كل سورة طويلة، فإن ذلك مما يضعف الهمة ويثني العزيمة .

 

5- أن لا يبدأ في حفظ آيات جديدة حتى يحسن ما قبلها .

 

6- أن يحفظ في مصحف واحد لا تختلف طبعته

(وإن اختلفت النسخ) حتى يضبط مكان الآيات في المصحف، فيسهل عليه استحضارها متى شاء .

 

7- كثرة التكرار والصبر على ذلك،

وأحسن طريقة للحفظ أن يقرأ الآيات التي يريد حفظها خمسين مرة نظراً في المصحف،

ثم خمسين مرة عن ظهر قلب،

أو أقل

أو أكثر

حسب مقدرته وطاقته،

ولا ينبغي أن يكلف نفسه ما لا يطيق .

 

8- التفرغ للحفظ؛

فيخصص لحفظه وقتاً معيناً ثابتاً في كل يوم ينقطع فيه عن كل شاغل إلا ما لا بدل له منه .

 

9- اختيار الوقت المناسب، والمكان المناسب،

وهذا يختلف من شخص لآخر،

وأنسب الأوقات ما كان بعد راحة ونوم،

وأما المكان المناسب فما كان بعيداً عن الضوضاء والمناظر الملهية ونحو ذلك .

 

10- صفاء الذهن؛

فلا يكون أثناء الحفظ مشغول البال؛ فيكون حفظه مضطرباً ضعيفاً .

 

11- أن يحفظ على شيخ موثوق ضابط؛

فإن القرآن إنما نقل إلينا مشافهة،

والعلم إذا كان لا يؤخذ من الكتب مباشرة؛ فإن القرآن هو أصل العلم وأساسه،

فلا يؤخذ من المصحف،

ولا يكفي التلقي عن الشيوخ عن طريق الأشرطة المسجلة؛

بل لا بدّ من شيخ تجلس بين يديه وتقرأ عليه.

 

12- التنافس على حفظه مع الأقران،

(( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون))

فإن التنافس في مثل هذه الأمور يضاعف الهمة ويقوي العزيمة.

 

13- المبادرة إلى حفظه قبل الانشغال،

قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-:

((اغتنم خمساً قبل خمس))

ذكر منها:

((فراغك قبل شغلك وشبابك قبل هرمك)) .

 

والعلم في الصغر كالنقش على الحجر،

ولقد كان من هدي سلفنا الصالح -رضي الله عنهم- أنهم كانوا يعلمون أولادهم القرآن في سن مبكرة،

فلا يتم أحدهم العاشرة إلا وقد حفظ القرآن كله وأتقنه .

 

14- كثرة استماع القرآن من المذياع وغيره،

فإن ذلك يعين على الحفظ ويسهله .

 

15- ربط كل آية بالتي قبلها والتي بعدها أثناء الحفظ؛

فإن ذلك يعين على ضبط ترتيب الآيات وتسلسلها فلا يقدم آية على أخرى.

 

16- مراجعة تفسير الآيات من كتب التفسير الموثوقة؛

فإن فهم الآيات يعين على حفظها.

 

17- كتابة الآيات قبل حفظها من المصحف للتأكد من ضبطها؛

وبعد الحفظ فإن الكتابة تعين على تثبيت الحفظ .

 

18- العناية بالآيات المتشابهة أثناء الحفظ وبعده، وضبطها،

وقد ألّفت في ذلك مؤلفات يمكن الرجوع إليها والاستعانة بها،

ولكاتب هذه الأسطر رسالة صغيرة في هذا الموضوع بعنوان:

تنبيه الحفّاظ للآيات المتشابهة الألفاظ .

 

وأخرها وهو من أهمها:

الجمع بين الحفظ ومراجعة ما سبق حفظه،

فيخصص وقتاً للمراجعة أثناء فترة الحفظ،

ويحرص على قراءة ما حفظه في الصلوات وفي غيرها، حتى لا ينساه فيذهب جهده سدى.

 

ولا بأس أن يحمل في جيبه مصحفاً صغيراً للنظر فيه متى احتاج إلى ذلك،

لكن ينبغي أن يحرص على صيانة المصحف من الإهانة أو الجلوس عليه، أو الدخول به إلى الأماكن النجسة ونحو ذلك .

 

هذه بعض الأسباب المعينة على حفظ القرآن وضبطه، أسال الله أن ينفع بها، وصلى الله على نبينا محمد .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

 

ماشاء الله ، موضوع نافع وقيم وهام جدًا .

جزاكِ الله عنا خيرًا حبيبتنا في الله .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×