اذهبي الى المحتوى
بسمَة

✿`¯¨ كالنَّسِيمِ فِي رِقَّتِهِ ¨¯`✿

المشاركات التي تم ترشيحها

ArrefqHeader.gif

 

أقبلَ الصَّغيرُ إلى أُمِّهِ فَرِحًا مُبتَسِمًا ،

يقولُ لها : انظري ماذا فعلتُ يا أُمِّي : )

فدَفَعَتهُ بيدِها قائلَةً : ابتعِـد عَنِّي .

فاختَفَت ابتسامَتُهُ ، وبدا عليهِ الحُزنُ مِن هذا الموقِف .

فلم يكُن يتوقَّعُ هذا الصغيرُ أن تكونَ هذه رَدَّةُ فِعلِ أُمِّهِ .

 

قلتُ لها : لا تنهريهِ ، وشَجِّعيه ولو بكلمةٍ طيِّبةٍ ،

فما كان ينتظِرُ مِنكِ هذا .

ArrefqFasel1.gif

والحقيقةُ أنَّ كثيرًا مِنَ الناسِ يتعاملون مع مَن

حولهم بهذه الطريقةِ ؛ فلا يقبلونَ منهم كلمةً ،

ولا يشكرونَ لهم فِعلاً ، ولا يبتسِمونَ في وجوهِهم ،

فإذا أقبلَ عليهم أحدٌ مُبتسِمًا ، عَبَسُوا في وجهِهِ ،

وإذا قال كلمةً لم تُعجِبهم غضِبوا عليه ، ورُبَّما

خاصَموه ولم يُكلِّموه ، بل قد تَجِدُ الواحِدَ منهم

يتعامَلُ بنفسِ الطريقةِ هذه في بيتِهِ ، فلا يَلِينُ

لأهلِهِ ، ولا يقولُ كلمةً طيبةً لأبنائِهِ ، ويرفعُ صوتَه

عليهم لأتفهِ الأسباب ، ورُبَّما شَتَمَهم وضَرَبَهم .

 

ولم يكن هذا خُلُقَ النَّبِيِّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم -

مع أهلِهِ ولا مع أصحابِهِ ، بل حتى مع مَن حوله

مِن الكُفَّارِ والمُنافقين وغيرِهم ، فقد كان - صلَّى

اللهُ عليهِ وسلَّم - رفيقًا بهم ، ليِّنًا معهم ، ولم يكُن

فظًّا ولا غليظًا ، فهو القائِلُ عنه رَبُّهُ سُبحانَهُ وتعالى :

(( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ )) القلم/4 .

ArrefqFasel1.gif

والرِّفْقُ : هو التَّلَطُّفُ والِّلينُ وخَفْضُ الجَناحِ ،

وعدمُ الشِّدَّةِ والغِلْظَةِ والعُنْفِ .

 

وهو خُلُقٌ فاضِلٌ دعا إليهِ الإسلامُ ، وحَثَّ عليه .

قال اللهُ - عَزَّ وجلَّ – لنبيِّهِ صلَّى اللهُ عليهِ

وسلَّم : (( وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ )) الحِجر/88 ،

وقال سُبحانه : (( وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ

مِنَ الْمُؤْمِنِينَ )) الشعراء/215 .

ArrefqFasel1.gif

ومِـن صُــــــــــــــــــــوَرِ الرِّفْـــــــــقِ :

 

رِفْقُ المُسلِمِ بنَفسِهِ : فلا يُحَمِّلها المُسلِمُ ما لا

تُطيقُ مِنَ العِباداتِ أو غيرها مِنَ الأعمال والأحمال .

قال نبيُّنا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : ( اكلَفُوا مِنَ العملِ

ما تُطيقون ، فإنَّ خيرَ العملِ أَدْوَمُهُ وإنْ

قَلَّ ) صحيح الجامع .

 

ومِن رِفْقِ الإنسانِ بنَفسِهِ : أن يرفُقَ بجوارِحِهِ ؛

فلا يستخدمها في الحرام ، مِن غيبةٍ ونميمةٍ

وكذبٍ وقَذفٍ بلسانِهِ ، أو سرقةٍ أو بَطشٍ أو قتلٍ

بيدِه ، أو مُشاهدةٍ للمُحرَّماتِ في التلفاز

والحاسوب وغيرهما بعينيه ، أو سماعٍ لِمَا

حرَّمَ اللهُ بأُذُنَيْه ، أو مشيٍ إلى أماكن المعاصي

والفُسُوقِ برِجلَيْه ، بل يفعلُ بجوارِحِهِ ما يُنقِذُه

مِنَ النار ، وما يتقرَّبُ بهِ إلى اللهِ عَزَّ وجلَّ .

ArrefqFasel2.gif

رِفْقُ الزَّوجِ بزوجتِهِ وأولادِه : وقد كان نبيُّنا محمدٌ

– صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – رفيقًا بزوجاتِهِ ، يسمعُ

لَهُنَّ ، ويحترِمُ كلامَهنَّ ، ولا يُعَنِّفُ واحِدةً منهنَّ

على خطأٍ بدَرَ منها دُونَ قَصدٍ .

 

فها هو – صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - يسمعُ لزوجِهِ

عائشة - رَضِيَ اللهُ عنها – وهِيَ تَقُصُّ عليهِ حديثَ

الإحدى عشرةَ نِسوة دُونَ سأمٍ مِن كلامِها ، ودُونَ

أن يُقاطِعَها ، أو يُغلِظَ لها القول .

 

كما كان - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم – يتحمَّلُ ما

يدورُ بين زوجاتِهِ من مواقف يكونُ سببها الغَيْرَة ،

بل ويدعوا الواحدةَ منهنّ للاقتصاصِ مِنَ الأخرى

إذا استدعى الأمرُ ذلك ، كما وقع بين عائشة

وسَوْدَة رَضِيَ اللهُ عنهما .

 

وكان – صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم – رفيقًا بأبنائِهِ

وبناتِهِ ، فقد دَمَعَت عيناهُ لموتِ ابنِهِ ، وكان

يتلطَّفُ مع فاطمة ابنتِهِ ، ويَفرحُ بقُدومِها .

ArrefqFasel2.gif

رِفْقُ المُعلِّمِ بتلامِيذِه : فيُحسِنُ إليهم ، ولا

يبخلُ عليهم بعِلمِهِ ، ويتلطَّفُ مع ضعيفِ

التحصيلِ منهم ، ولا يُوَبِّخه أمام زُملائِهِ ،

ويُشَجِّعُ النَّابِغَ منهم ، ويحترمُهم ولو خالفوه

الرأيَ .

 

وقد كان النبيُّ – صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم –

يتلطَّفُ مع أصحابِهِ ، ويُعلِّمُهم بلا ضَجَر ،

فهذا عبد الله بن مسعودٍ – رَضِيَ اللهُ عنه –

يقول : ( عَلَّمَنِي رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليهِ

وسلَّم - التَّشَهُّدَ ، كَفِّي بين كَفَّيْهِ ، كما يُعَلِّمُني

السورةَ مِنَ القُرآن ... ) رواه مُسلم .

ArrefqFasel2.gif

الرِّفْقُ في تعليمِ الجاهِل : وذلك بالصَّبرِ عليه ،

وعدم نَهره ، أو السُّخريةِ منه ، أو الاستهزاءِ به ،

وقد كان هذا هَدْيَ نبيِّنا محمدٍ – صلَّى اللهُ عليهِ

وسلَّم – في تعليمِ الجاهل .

 

جاء رجلٌ إلى النبيِّ – صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم -

فقال : ( إنِّي لا أستطيعُ أن آخُذَ شيئًا مِنَ

القُرآن ، فعَلِّمني ما يُجزئُني ، فقال : قُل :

سُبحانَ الله ، والحمدُ لله ، ولا إله إلَّا الله ،

واللهُ أكبر ، ولا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلَّا بالله )

حَسَّنه الألبانيُّ .

 

وعن أبي هُريرةَ – رَضِيَ اللهُ عنه – ( أنَّ النبيَّ

- صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - دخل المَسجدَ ،

فدخل رجلٌ فصلَّى ، ثُمَّ جاء فسَلَّمَ على

الرسولِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ، فَرَدَّ النبيُّ -

صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - عليه السَّلامُ ، فقال :

ارجِع فصَلِّ ، فإنَّكَ لم تُصَلِّ . فصلَّى ، ثُمَّ

جاء فسَلَّم على النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ،

فقال : ارجِع فصَلِّ ، فإنَّكَ لم تُصَلِّ ، ثلاثًا ،

فقال : والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ ، فما أُحسِنُ

غيرَهُ ، فعَلِّمنِي ، قال : إذا قُمتَ إلى الصلاةِ

فكَبِّر ، واقرأ ما تيسَّر معكَ مِنَ القُرآن ، ثُمَّ

اركع حتى تَطمئِنَّ راكِعًا ، ثُمَّ ارفع حتى تَعتدِلَ

قائِمًا ، ثُمَّ اسجُد حتى تَطمئِنَّ ساجِدًا ، ثُمَّ

ارفع حتى تَطمئِنَّ جالِسًا ، ثُمَّ اسجُد حتى

تَطمئِنَّ ساجِدًا ، ثُمَّ افعل ذلك في صلاتِكَ

كُلِّها ) مُتفقٌ عليه .

ArrefqFasel2.gif

رِفْقُ الدَّاعيةِ بالمَدعُوُّيين : فلا يكونُ فظًّا

جافيًا في حديثِهِ ونُصحِه ، وقد قال رَبُّنا

– جَلَّ وعلا – لنبيِّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم :

(( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ

فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ))

آل عِمران/159 .

 

فلو أنَّ داعيةً بدأ يُرَهِّبُ الناسَ مِنَ النارِ ،

ويُعَنِّفُهم ، وينصحُهم بشِدَّةٍ وجفاء ، لرأيتَ

الناسَ عنه مُبتعدين ، ولنصائحِهِ غيرَ مُستمعين ،

بعكسِ مَن ألان لهم القولَ ، وبعد أن رَهَّبَهم مِنَ

النار رغَّبَهم في الجنةِ ، وما فيها مِنَ النعيم ،

ودعاهم إلى التوبةِ والرجوعِ إلى اللهِ بأسلوبٍ

لَيِّنٍ رقيق .

 

وقد قال نبيُّنا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : ( يَسِّروا

ولا تُعَسِّروا ، وبَشِّروا ولا تُنَفِّروا ) مُتفقٌ عليه .

 

وعن أبي هُريرة – رَضِيَ اللهُ عنه – قال : بال

أعرابيٌّ في المسجدِ ، فقام الناسُ إليه لِيَقعوا فيه ،

فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : ( دَعُوهُ وأريقوا

على بَوْلِهِ سَجْلاً مِن ماء ، أو ذَنُوبًا مِن ماء ، فإنَّما

بُعِثتُم مُيَسِّرين ، ولم تُبعَثوا مُعَسِّرين ) رواه البُخاريُّ .

ArrefqFasel2.gif

الرِّفْقُ بالخَدَم : بأنْ يُطعِمَهم المُسلِمُ مِمَّا يَطعَم ،

ويُلبِسَهم مِمَّا يَلبس ، ولا يُعنّفهم ، ولا يزدريهم أو

يتكبَّر عليهم ، أو يُكَلّفهم ما لا يُطيقونَ مِنَ الأعمال .

 

قال نبيُّنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( إذا أتى أحدَكم

خادِمُهُ بطعامه ، فإن لم يُجلِسه معه ، فليُناوله لُقمةً

أو لُقمتين ، أو أكلةً أو أكلتين ... ) رواه البُخاريّ ، وقال

صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : ( إخوانُكم خَوَلُكم ، جعلهم

اللهُ تحت أيديكم ، فمَن كان أخوه تحت يده ،

فليُطعمه مِمَّا يأكل ، وليُلبسه مِمَّا يَلبس ، ولا

تُكَلِّفُوهم ما يَغلِبُهم ، فإن كَلَّفتموهم فأعينوهم )

مُتفقٌ عليه .

 

قال القاضي عِياض في ( مشارق الأنوار ) :

" خَوَلكم - بفتح الواو - أي خَدَمُكم وعَبيدُكم

الذين يتخوَّلون أموركم ، أي يُصلحونها ،

ويتخوَّلونهم أي يُسَخِّرونهم " .

 

وقال أنسُ بنُ مالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنه : ( خدمتُ

- النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - عَشرَ سِنين ،

فما قال لي أُفٍّ قَط ، وما قال لي لشيءٍ لم

أفعله : ألَا كُنتَ فعلتَه ؟ ولا لشيءٍ فعلتُه : لِمَ

فعلتَه ؟ ) صَحَّحه الألبانيُّ .

ArrefqFasel2.gif

رِفْقُ الرئيسِ بمَرءوسيه : بألَّا يَشُقَّ عليهم ، ولا

يتعالى عليهم بمَنصبه ، ولا يَحرمهم مِن مُستحَقَّاتِهم

بدونِ سَبَبٍ واضِحٍ ، سواءٌ أكان رئيسَ دولةٍ ،

أو مُديرَ مَصلحةٍ ، وقد قال نبيُّنا صلَّى اللهُ عليهِ

وسلَّم : ( اللهم مَن وَلِيَ مِن أمرِ أُمَّتي شيئًا ، فشَقَّ

عليهم ، فاشقُق عليه ، ومَن وَلِىَ مِن أمرِ أُمَّتي شيئًا ،

فرَفَقَ بهم ، فارفُق به ) رواه مُسلم .

ArrefqFasel2.gif

الرِّفْقُ بغيرِ المُسلمين المُسالِمين ما لم يُؤذُوا

المُسلمين : وذلك بحُسنِ مُعاملتِهم ، وعدمِ

الإساءةِ لهم بقولٍ أو فِعل ، والعَدلِ معهم ،

وعدم ظُلمِهم ، قال اللهُ تعالى : (( لَا يَنْهَاكُمُ

اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ

مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ

الْمُقْسِطِينَ )) المُمتحِنة/8 .

 

وهذا لا يعني مُشاركتَهم في أعيادِهم ، أو تَهنئَتَهم

بها ؛ لأنَّ هذا يُعَدُّ موالاةً لهم ، وتأييدًا لهم على

باطِلِهم . وكذلك لا يعني التَّشَبُّهَ بهم في أفعالِهم

المُخالِفةِ لدينِ اللهِ عزَّ وجل . قال رَبُّنا سُبحانه :

(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى

أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ

مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )) المائدة/51 ،

وقال نبيُّنا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : ( مَن تشبَّهَ بقومٍ

فهو مِنهم ) صحيح الجامِع .

ArrefqFasel2.gif

الرِّفْقُ في المَعيشة : ويكونُ بأن يعيشَ المُسلِمُ

على قَدر إمكانياتِهِ المَادِية ، فلا يُنفِقُ الكثيرَ مِنَ

الأموالِ في الطعامِ والشرابِ واللباسِ والمَسكنِ

وغير ذلك مِنَ الكمالياتِ أو الأشياء الثانوية التي

لا حاجةَ لها في البيت ، بل يُنفِقُ على قَدرِ حاجتِه .

وفي نفسِ الوقتِ لا يَقتُرُ على نَفسِه أو على أهلِ بيتِهِ ،

قال نبيُّنا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : ( دِينارٌ أنفقتَه في

سبيل الله ، ودِينارٌ أنفقتَه في رقبة ، ودِينارٌ تصدَّقتَ

به على مِسكين ، ودِينارٌ أنفقتَه على أهلِكَ ، أعظمُها

أجرًا الذي أنفقتَه على أهلِكَ ) رواه مُسلِم .

 

وللأسف ، كثيرٌ مِنَ المُسلمين اليوم لا يعرفون

الرِّفقَ في مَعيشتِهم ؛ فيشترونَ كُلَّ جديدٍ في السُّوق ،

ويجرون وراء المَوضة والمُوديلات ، بل قد يشترون

مِنَ المأكولات ما لا يُحِبُّونه أو يشتهـونـه ، ويسعون

لامتلاكِ العقارات والسيارات ، وغيرِها مِمَّا لا حاجةَ

لهم فيه ، فيُصبحون بذلك مِنَ المُبذِّرين ، الذين قال

اللهُ – تعالى – عنهم : (( إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ

الشَّيَاطِينِ )) الإسراء/27 .

 

والرِّفْقُ في المَعيشةِ مَطلوبٌ مِنَ المُسلِمِ ؛

حتى يَسعَدَ في حياتِهِ ، ولا يَشقَى بكثرةِ

حاجِيَّاتِهِ ومُتطلباتِه .

ArrefqFasel2.gif

الرِّفْقُ بالحيوانات والطيور : ويكونُ ذلك بعدم

ضربها ، أو حَبسِها ، أو وضعِ أحمالٍ ثقيلةٍ عليها ؛

كالحِمَارِ والجَمَلِ والحِصَان ، وكذلك بتوفيرِ

طعامِها وشرابها .

 

عن عبد الله بن جعفر قال : ( أردفني رسولُ اللهِ

- صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - خلفه ذات يومٍ ، فأَسَرَّ

إليَّ حديثًا لا أُحَدِّثُ به أحدًا مِنَ الناس ، وكان

أَحَبَّ ما استَتَر به رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليهِ

وسلَّم - لحاجتِهِ هَدفٌ أو حائِشُ نَخلٍ ، فدخل

حائطًا لرجلٍ مِنَ الأنصار ، فإذا جَمَلٌ ، فلَمَّا رأى

النبيَّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - حَنَّ وذَرَفَت عيناه ،

فأتاه النبيُّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - فمَسَحَ ذفراه ،

فسَكَتَ ، فقال : مَن رَبُّ هذا الجَمَل ؟ لِمَن هذا

الجَمَل ؟ فجاء فتىً مِنَ الأنصار فقال : لي يا رسولَ

الله ، فقال : أفلا تَتَّقِي اللهَ في هذه البهيمةِ التي مَلَّكَكَ

اللهُ إيَّاها ، فإنَّه شكا إليَّ أنَّكَ تُجيعُهُ وتُدئِبُه )

يعني : تُتعِبُه وتُكِدُّه .. رواه أبو داود ، وصَحَّحه الألبانيُّ .

 

وقد ( عُذِّبَت امرأةٌ في هِرَّةٍ سَجَنَتها حتى ماتت ،

فدخلت فيها النار ، لا هِيَ أطعمتها ولا سقتها إذ

حَبَسَتها ، ولا هِيَ تركتها تأكلُ مِن خَشاشِ الأرض )

مُتفقٌ عليه .

 

وقال أنسُ بنُ مالِكٍ – رَضِيَ اللهُ عنه – لغِلمانٍ

أو فِتيانٍ نَصَبُوا دجاجةً يرمونها : ( نَهَى النبيُّ –

صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم – أنْ تُصبَرَ البهائِمُ ) مُتفقٌ عليه .

قال العُلماءُ : صَبْرُ البهائِمِ : أنْ تُحبَسَ وهِيَ حَيَّةٌ ؛

لِتُقتَلَ بالرَّمي ونَحْوِهِ .

 

ومِن الرِّفقِ بالحيوانِ أيضًا : الإحسانُ في ذَبْحِهِ ،

وهو ما ورد في حديثِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم :

( إنَّ اللهَ كَتَبَ الإحسانَ على كُلِّ شيء ، فإذا قَتَلتُم

فأحسِنُوا القِتْلَة ، وإذا ذَبَحتُم فأحسِنُوا الذِّبْحَة ،

وليُحِدّ أحدُكم شَفرتَه ، وليُرِح ذَبيحتَه ) رواه مُسلم .

ArrefqFasel2.gif

الرِّفْقُ بالجَمَادات : وذلك بالمُحافظةِ على ما

يمتلِكُه المُسلِمُ مِن أدواتٍ وأجهزةٍ وأثاث ، وعدم

إتلافِها ، أو إهمالِها ، أو إساءةِ استعمالِها .

 

وانظري لهذه التي أرادت أن تُطيلَ عباءَتها قليلاً ،

فبدأت تَفُكُّ الثنيةَ الموجودةَ بها بِشِدَّة ، فانقطعت

عباءَتُها ، فعضَّت على شَفَتِها ، وقالت : لو تعاملتُ

معها برِفقٍ لَمَا حَدَثَ هذا .

 

وهذا الذي أغلقَ البابَ بعُنفٍ ، فجُرِحَت يدُه .

 

ونبيُّنا – صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم – يقول : ( إنَّ

الرِّفْقَ لا يكونُ في شئٍ إلَّا زانَه ، ولا يُنزَعُ مِن

شئٍ إلَّا شانَه ) رواه مُسلم .

ArrefqFasel1.gif

والرِّفْقُ في حياتِنا يُشبِهُ النَّسيمَ في رِقَّتِه ،

والماءَ في عُذوبَتِهِ ، والعسلَ في حلاوتِهِ .

 

و ( مَن يُحرَم الرِّفْقَ ، يُحرَم الخيرَ كُلَّه ) رواه مُسلم ،

كما أخبر بذلك نبيُّنا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم .

ArrefqFasel1.gif

ومِن ثمراتِ الرِّفْق : أنَّه يُؤلِّفُ بين القلوبِ ،

ويُزيلُ ما بها مِن غِلٍّ وبُغضٍ وشحناء .

 

كما أنَّه يَمنحُ صاحِبَه راحةً نفسيةً ، وطُمأنينةً

قلبيةً ، ويُوجِدُ مَحَبَّتَهُ في قلوبِ الناس .

 

والرِّفْقُ يجعلُ المُسلِمَ لا ينتقِمُ لنفسِهِ أبدًا ،

ولا يَغضبُ لها ، بل يغضبُ للهِ إذا انتُهِكَت

حُرُماتُه ، وقد كان هذا خُلُقَ النبيِّ صلَّى اللهُ

عليهِ وسلَّم ؛ قالت عائشةُ رَضِيَ اللهُ عنها :

( ... وما انتقمَ رسولُ اللهِ – صلَّى اللهُ عليهِ

وسلَّم – لنفسِهِ في شئٍ قَط ، إلَّا أنْ تُنتَهَكَ

حُرمَةُ الله ، فينتقِم للهِ تعالى ) مُتفقٌ عليه .

 

ومِن ثمراتِ الرِّفْقِ أيضًا : أنَّ الإنسانَ الرَّفيقَ

ينجو مِنَ النارِ بإذن الله سُبحانه ؛ لقولِ نبيِّنا

صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : ( ألَا أُخبركُم بِمَن يَحْرُمُ

على النار ، أو بِمَن تَحْرُمُ عليهِ النار ؟ تَحْرُمُ على

كُلِّ قريبٍ هَيِّنٍ لَيِّنٍ سَهلٍ ) صحيح الجامِع .

ArrefqFasel1.gif

فلنتحلَّى جميعًا بهذا الخُلُقِ الحميد ،

ولنبتعِد عن الغضبِ والشِّدَّةِ والعُنف .

 

ولنتذكَّر وَصيَّةَ نبيِّنا وحبيبِنا وقُدوتِنا - مُحمد

بن عبد الله - عليه الصلاةُ والسَّلامُ - لِمَن طلبَ

منهُ الوصيةَ : ( لا تَغضَب ) ، بل لم يكتفِ بقولِها

مرةً واحدةً ، ( فرَدَّدَ مِرارًا قال : لا تَغضَب ) رواه البُخاريُّ .

 

ولنتأمَّل مَلِيًّا هذا الحديث : ( إنَّ اللهَ رَفيقٌ يُحِبُّ

الرِّفقَ ، ويُعطي على الرِّفقِ ما لا يُعطي على العُنفِ ،

وما لا يُعطي على ما سِواه ) رواه مُسلِم .

 

فإذا كان اللهُ عَزَّ وجلَّ يُحِبُّ هذه الصِّفةَ

الجميلةَ ، وهذا الخُلُقَ الحَسَنَ ، فكيف لا

نتَّصِفُ به دائمًا ، ولا نتخلَّقُ به ؟!! وكيف

نجعلُ الغضبَ والغِلظةَ مُلازِمَيْنِ لنا في كُلِّ

موقفٍ ؟!!

 

فلنستخدِم الرِّفقَ في كُلِّ شئونِ حياتِنا ؛ حتى

نسعَدَ ونُسعِدَ مَن حولنا ، بجميلِ أخلاقِنا ،

وبتطبيقنا لِهذا الخُلُقِ الذي تخلَّقَ به نبيُّنا

وحبيبُنا – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – وحَثَّنا عليه .

 

رَزَقنا اللهُ وإيَّاكنَّ الرِّفقَ وحًسنَ الخُلُق ، وجعلنا

هُداةً مُهتدين ، غيرَ ضالِّين ولا مُضِلِّين .

ArrefqFasel1.gif

وهـذه هَديَّــــــــةٌ بسيطةٌ .. عِبارة عن كُتَيِّبٍ

بعُنوان : [ كالنَّسِيمِ في رِقَّتِهِ ] .

أتمنى أن ينال على إعجابِكُنَّ .

 

الكُتَيِّب بصيغة PDF ، وجاهِزٌ للطِّباعة .

 

التحميــــــــــــــــــــلُ مِن هُنا : ~ كالنَّسِيمِ فِي رِقَّتِـه ~

 

جَزَى اللهُ كُلَّ مَن كَتَبَه ، أو قرأه ، أو نَشَرَه ،

أو طَبَعَه ووزَّعَه ، خيرَ الجزاء .

وأسألُ اللهَ - عَزَّ وجَلَّ - أن يرزُقَني وإيَّاكُنَّ

الإخلاصَ في القولِ والعمل ، وأن يتقبَّلَ مِنَّا

جميعًا صالحَ الأعمال .

 

ArrefqFasel1.gif

 

أُختُكُنَّ في الله /

الساعية إلى الجنة

تم تعديل بواسطة الساعية إلى الجنة
  • معجبة 10

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاكِ الله خيرا يا حبيبة ونفع بكِ وبما تعلمتِ.

وصلى الله وسلم على الصادق الذي لا ينطق عن الهوى.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاكِ الله خيرا يا حبيبة ونفع بكِ وبما تعلمتِ.

وصلى الله وسلم على الصادق الذي لا ينطق عن الهوى.

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاكِ الله خيرا يا حبيبة ونفع بكِ وبما تعلمتِ.

وصلى الله وسلم على الصادق الذي لا ينطق عن الهوى.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

ما أجمل ما خطت أناملك أختي الفاضلة!

صلى الله على الرحمة المهداة والنعمة المسداة -صلى الله عليه وسلم-

جزاكِ الله خيرا وأحسن إليكِ

نفع الله بكِ وبما تقدمين.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

جزيت خيرا أختي الحبيبة

موضوع قيم

وطرح جميل

لا حرمت الأجر والمثوبة

أكرمك الله تعالى على الهدية،..(جاري التحميل)

ونفع الله تعالى بك

ينقل إلى ساحته الأنسب بإذن الله تعالى

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

جزاك الله خيرا يا حبيبة

وبارك فيك وفي قلمك

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

موضوع قيم اللهم بارك

جزاك الله خيرا ياغالية ونفع بك

 

واللهم صلّ وسلم وبارك على حبيبنا محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

بارك الله فيك يا الساعية وجوزيت خيرًا

فكما قال الحبيب صلوات الله وسلامه عليه " ما كان الرفق في شيء لا زانه "

أسلوب جميل ، وطرحٌ مشوق ، جعله الله في موازين حسناتك .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

جزاكِ الله خيرًا يا حبيبة

وبارك فيكِ وفي قلمك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

اللهم صلِّ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

جزاكِ الله كل خير

كم نحتاج الى الرفق حقا..!

الرفق الذي لم نعد نراه الا قليلا..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

موضوع قيم اللهم بارك

جزاك الله خيرا ياغالية ونفع بك

 

واللهم صلّ وسلم وبارك على حبيبنا محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

جزاك الله خيرا يا حبيبة

وبارك فيك وفي قلمك

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

اثابكِ الله خير يا حبيبة

طرح قيم ورائع لا حرمكِ الله أجر ما خطته اناملكِ

وصلَ الله وسلم على نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد عليه الصلاة والسلام

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

موضع أقل مايقال عنه رائع

زادكِ الله من فضله أختي الحبيبة

ونفع الله بكِ وبماتقدمين ..

دمتي معطاءة()

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

موضوع طيب اللهمّ بــــارك

رزقنا الله الرفق واللّينه واليسر في الأمر كله

وصلى الله على المبعوث رحمة للعــالــــمين

جزاكِ الله خير الجـــزاء يا غالية : )

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

موضوع طيب اللهمّ بــــارك

رزقنا الله الرفق واللّينه واليسر في الأمر كله

وصلى الله على المبعوث رحمة للعــالــــمين

جزاكِ الله خير الجـــزاء يا غالية : )

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×