اذهبي الى المحتوى
*إشراقة فجر*

كيف نحوّل الحامض إلى شرابٍ حلو ؟!

المشاركات التي تم ترشيحها

بسم الله الرحمن الرحيم

السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

يقول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا أحب الله عبدًا ابتلاه، فإذا صبر اجتباه، فإذا رضي اصطفاه)).

والصبر هو حبس النفس على ما تكره، لكن حبس النفس على ما تكره، إذا قُصد به استمرار الشعور بمرارة الحياة وواقعها، وطول الإحساس بما في هذه الحياة من عنت ومشقة، قد ينتهي بالإنسان إلى حالة من الكآبة وعدم الشعور.

 

وربما ينهزم الصبر أمام المقارنات التي تعقدها النفس بين ما حصلت عليه، وبين ما كانت تحب وتتمنى، والرياح تجري بما لا تشتهي السفن، وها هو الشاعر يعاتب نفسه قائلاً لها:

 

أقولُ لنفسي في الخلاءِ أَلُومُها = لكِ الويلُ ما هذا التجلُّدُ والصَّبرُ

وهذا هو قمة التخبُّط في الظلمات، دون البحث عن نور يهدي في دياجيه، أو عزاء يمسح دموع الألم والجراح من مآسيه، والإسلام يعمل على تحويل الصبر إلى رضا في المجال الذي يصح فيه هذا التحول.

ولن يتم تذوق النفس لبرد الرضا بإصدار الأوامر الجوفاء الشديدة الغليظة، بل النفس تحتاج إلى تلطُّف في ذلك عن طريق استدراج لمشاعرها النافرة، فلا فائدة من قول أحدهم: أنا راضٍ، بينما نفسه تطفح بالضيق والسخط.

 

فلنتهم أنفسنا ومشاعرنا حيال ما ينزل بنا؛ يقول سعيد بن المسيب - رحمه الله -: "إني لأعلم ما هو الذنب الذي به حُمِّلتُ هذا الدَّين، قلتُ لرجل: يا مُفْلِس، فادخرها لي ربي أربعين عامًا ثم أفقرني".

الله أكبر، قلَّت ذنوبهم، فعرفوا من أين يُؤتَون، وكثرت ذنوبنا، فلا نعرف من أين نُؤْتى. إن أكثرنا يتبرم بالظروف التي تحيط به وقد يضاعف ما فيها من نقص وحرمان، مع أن المتاعب والآلام هي التي تنبت فيها بذور الرجولة، وما تفتَّقت مواهب العظماء إلا وسط ركام من المشقات والجهود، ورُبَّ ضارة نافعة! ومَن يدري، رُبَّ مِحْنة في طيِّها مِنْحة صحت الأجسام بالعلل، ولرُبَّما كانت المتاعب التي نعاني بابًا إلى خير مجهول، وإن أحسنا التصرُّف فيها، فنحن أحرى أن ننفذ منها إلى مستقبل زاهر عامر بالخير والسعادة.

إن المصابين والمعاقين في هذه الحياة كثيرون، ولكنهم لم يجسموا مصائبهم، ثم يطوفوا حولها معوِّلين منتحبين، ولم يدعوا ألسنتهم تلعق ما في واقعهم المر من غضاضة، لقد قَبِلوا هذا الواقع، ثم تركوا العنان لمواهبهم تحوِّل المحنة إلى مِنْحة؛ بفضل الله ورحمته وإرادته وتوفيقه، وتحوِّل ما في هذا الواقع من كدر وطين إلى ورود ورياحين، وتلك هي دعائم العظمة، أو أن هذا هو تحويل الحامض المر إلى شراب حلو سائغ.

فها هو عبدالله بن عباس - رضي الله عنهما - يفقد عينيه ويعرف أنه سيقضي ما بقي من عمره مكفوف البصر، محبوسًا وراء الظلمات عن رؤية الحياة والأحياء، لم ينطو على نفسه؛ ليندب حظه العاثر، بل قبل قضاء الله بالصبر والتسليم، ثم أخذ يضيف إليها ما يهون المصائب، ويبعث على الرضا، فيقول:

"وليس كل امرئ يُؤْتَى القدرة على تحويل قسمته المكروهة إلى حظ مستحب ذي جدوى، فإن عشَّاق السخط، ومُدْمِني الشكوى أفشل الناس في إشراب حياتهم معنى السعادة، إذا جفت منها أو إذا لم تجيء وفق ما يتمنون ويشتهون".

بينما أصحاب اليقين وأولو العزم يلقون الحياة بما في أنفسهم من رحابة قبل أن تلقاهم بما فيها من عنت.

فكم سمعنا عن معاقين كثيرين حوَّلوا حياتهم إلى سعادة غامرة، يرويها الزمان رغم ما هم فيه من بعض النقص من أجسادهم.

وها هو ذاك الطبيب الذي أصيب بحادث وهو في بكالريوس الطب وقطع ساقيه، فلم يستسلم لهذه الإعاقة،بل اجتهد وزاد نشاطه في المذاكرة والتحصيل؛ حتى نجح بامتياز - بتوفيق الله - ليعود ويعمل طبيبًا في نفس المستشفى التي عُولِج فيها إثر الحادث الذي نتج عنه بتر ساقيه.

ولا شك أن تلقي المتاعب والنوازل بهذه الروح المتفائلة وهذه الطاقة على استئناف العيش، والتغلب عليها وعلى صعابها - أفضل وأعظم من مشاعر الانكسار والانسحاب التي تجتاح بعض الناس وتقضي عليهم.

فالبون شاسع والفرق كبير بين كلام ابن عباس - رضي الله عنهما - وبشار بن برد وغيرهم، وبين ما قاله صالح بن عبدالقدوس لما عَمِي، حيث قال:

ومع أننا نحس الرقة لهذا الفؤاد الجريح، غير أنه خير لصاحبه أن ينهض ويسير ويضاعف الإنتاج في الحياة من مواهبه الأخرى، كما فعل الرجال قبله.

وصلِّ اللهم على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

 

****************

 

 

 

small_akhawat_islamway_1368645808__13601664061.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

بارك الله فيكِ ياغالية موضوع جميل

جعله الله في ميزان حسناتكِ

وجزاكِ الله خيرًا

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

بوركتِ يا حبيبة نقل قيم

عَنْ ثَوْبَانَ ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:مَنْ قَالَ حِينَ يُمْسِي : رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا ، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا ، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يُرْضِيَهُ. أخرجه التِّرْمِذِي (3389) .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

@@حواء أم هالة

 

@

 

@@راماس

 

بارك الله فيكنّ وجزاكنّ خيرا يا حبيبات

سرّني مروركنّ الطيّب

 

يقول الشيخ محمد حسين يعقوب حفظه الله ونفع به الأمة : كان هناك رجل أصيب بمرض السكر فكان يسأله عن حاله فيقول له الرجل : إنّ هذا الابتلاء نعمة من الله

لأن مريض السكر يذهب كثيرا للحمام-أعزكنّ الله- فيقول كلما يستيقظ في الليل يذهب للحمام ويتوضأ ويصلي ركعتين خفيفتين

 

والثاني مصاب بالسكر إلا إنه عكس الأول ، عندما سأله عن حاله ، قال له أنه يجمع عن المشاهير الذين اصيبوا بالسكر كي يعمل موسوعة !

 

فكان يقول عن الأول : سكره حلو محلّيه

والثاني سكره مالح (:

 

سبحان الله !

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×