اذهبي الى المحتوى
أم لبابة بنت أحمد محمد

تفسير سورة ق للشيخ / محمد صالح العثيمين

المشاركات التي تم ترشيحها

(( الحلقـــــة الأولـى ))

 

من الأيـة ( 1 : 3 )

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

 

{ بسم الله الرحمن الرحيم } ،

 

البسملةـ ، أنهــا آيــة مستقلة يــؤتى بهــا في ابتــداء كل سورة إلا سورة بـــراءة ، فــإن الصحــابة - رضي الله عنهم - لم يكتبـــوا أمــامهــا بسملة ، ولكـــــن جعلــوا فـاصـــلاً بينهــا وبين آخـــر سورة الأنفــال ، وليس هنــاك ذكر يذكر بـدلاً عن البسملة ، كما يــوجد في هامش بعـض المصــاحف، حيث كتب : ( أعــوذ بالله من النـار ، ومن كيــد الفجـــار ، ومن غضب الجبــــار ، العــزة لله ولرسوله وللمؤمنين ) ، ولا شك أن هـــذا كـــلام بدعي لا أصل له .

 

{ ق والقـــرءان المجيد }

 

(ق) حــــرف من الحــروف الهجــائية التي يتــركب منها الكلام العربي ، وهي كسائـر الحــروف ، ليس لها معنى في حــد ذاتهــا ، ومن المعلــوم أن القــرآن نــزل بلسان عربي ، وإذا كــانت هذه الحـــروف ليس لها معنى باللسان العـربي ، فهي كــذلك ليس لها معنى في كتــاب الله - عز وجل - من حيث المعنى الــذاتي لها ،

 

وأما بالنسبة للمغــزى العظيم الكبيــر ، فلهــا مغــزى عظيم كبير ، ألا وهـــو أن هذا القــرآن الذي أعجــز العــرب مع بــلاغتهم وفصــاحتهم لم يأت بشيء جــديد من حــروف لم يعــرفــونهــا ، بل هـــو بالحــروف التي يعــرفــونهــا ، ومـــع ذلك عجــزوا أن يــأتــوا بمثله ،

 

فـــدل ذلك على أنه من كــلام العــزيــز الحميد - جل وعلا - ولهــذا لا تكــاد تجد سورة ابتــدأت بالحــروف الهجــائية إلا وبعــدها ذكــر القـــرآن .

 

{ والقـــرءان المجيد }

 

الــواو هنــا حـــرف قسم . أقسم الله تعالى بالقـــرآن ، لأن لله تعالى أن يقسم بما شاء ، وإقسامه هنــا بالقـــرآن إقسام بكــلامه ، وكــلام الله تعالى من صفــاته ،

 

وقــد ذكـــر أهــل العلم - رحمهم الله - أنــه يجـــوز الإقسام بالله تعالى ، أو بصفــة من صفـــاتـه ،

 

وأمــا آيــاتــه فـــلا يُقسم بهــا إلا إذا قصد الإنسان بالآيــات كلمــاته ، كالقــرآن الكــريم ، والتــوراة ، والإنجيــل ، ومــا أشبه ذلك ،

 

وأمــا الآيــات الكــونيــة كالشمس والقمـر فــلا يجـــوز لنا أن نقسم بهـا ،

 

أمــا الله - عز وجل - فله أن يقسم بما شاء ، والقـــرآن مــأخــوذ من قــرأ إذا تلي ، أو من قــرأ إذا جمع ، ومنه قــريــة ؛ لأن الناس يجتمعـــون فيهـــا ، والقـــرآن يتضمن المعنيين ، فهــــو متلــو وهـــو مجمـــوع أيضــاً ،

 

{ المجيــد } أي ذي المجد ، وهـــو العظمة والسلطان المطلق ، فالقـــرآن له عظمة عظيمة ، مهيمن مسيطــر على جميع الكتب السابقـــة، حــاكم عليها ، ليس محكــوماً عليه ، وهــــو أيضاً مجيد ، بـه يمجد ويعلــو ويظهـــر من تمسك به ، وهـــذا كقــوله تعالى : {بــل هـــو قـــرءان مجيـــد في لــوح محفــوظ } .

 

{ بل عجبـــوا أن جــاءهم منــذر منهم فقــال الكــافــرون هـذا شيء عجيب }

 

هنــا لا يتــراءى للإنسان التالي جــواب القسم ، فاختلـف العلماء - رحمهم الله - في مثل ذلك :

 

هـــل لـه جـــواب ، أو جـــوابه يعـــرف من السياق ، أو يعــرف من المقسم بـه ؟

 

وأظهـــر مــا يكـــون أن نقــول :

 

إن مثـــل هــذا التركيب لا يحتـاج إلى جـــواب القسم ، لأنـه معــروف من عظمة المقسم عليه ،

فكــأنه أقسم بالقـــرآن على صحة القـــرآن ،

 

فـالقـــرآن المجيد لكـــنه مجيداً كــان دليــلاً على الحق ، وأنــه منزل من عند الله - عز وجل - وحينئذ لا يحتـاج القسم إلى جــــواب ؛ لأن الجـــواب في ضمن القسم : { بـل عجبـــوا أن جــاءهم منذر منهم فقــال الكــافــرون هـذا شيء عجيب }

 

عجبـــوا : الــواو تعـــود على المكــذبين للرسول - عليه الصلاة والسلام - الـذين كــذبــوا رسالته ، وكــذبــوا بـالقـــرآن ، وكــذبـــوا بالبعث ، وكــذبــوا باليـــوم الآخــر ،

 

ولهــذا { عجبــوا أن جــاءهم منــذر منهم } عجبـــوا عجب استغــراب واستنكــار

 

، وإنمــا قلنا ذلك لأن العجب تــارة يُــراد بــه الاستنكــار والتكــذيب ، وتــارة يــراد به الاستحسان ،

 

فقـــول عائشة - رضي الله عنها -: « كـــان الرسول "صلى الله عليه وسلم" يعجبــه التيمن في تنعله ، وتـرجله، وطهــوره ، وفي شأنه كله » .

 

(( أخرجه البخاري ، كتاب الـوضــوء ، باب التيمن في الـوضــوء والغسل (رقم 167) ومسلم، كتاب الطهــارة، باب التيمن في الطهــور وغيره (رقم 268) ))

 

والمـــراد بـالعجب هنـــا الاستحســان ،

 

وقــوله هنــا : { بـل عجبـــوا أن جـــاءهم منذر منهم } المـــراد به الاستنكــار والتكــذيب ،

{ أن جــاءهم منذر منهم } أي : ليس بعيــداً عنهم بــل هـــو منهم نسبـاً وحسباً ومسكنــاً ، يعــرفــونــه ، ومـــع ذلك قــالـــوا هـــذا شيء عجيب .

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يتبع

 

تفسيـــــــــر ســـــورة (( ق ))

للعـلامـة / محمد بن العثيمين "رحمه الله تعالى " .

 

تجميع أختنا \ فتاة الهدي غفر الله لها وثبتها

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

جزاكِ الله خيرا والأخت التي جمعت الشرح

وجعل هذا الشرح في ميزان حسنات الشيخ الجليل رحمة الله عليه

أتابع معكِ بإذن الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

@ام جومانا وجنى

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

جزانا وإياكِ ..

تسعدنس متابعتك حبيبتي

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

(( الحلقـــــة الثــــانيـــــة ))

الأيـتـان ( 4 ) و ( 5 ) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قـال تعالى :

{ أءذا متنـــا وكـنــا تــرابــاً ذلك رجــع بعيد }

لما جـــاءهم محمد رسول الله "صلى الله عليه وسلم" أخبــرهم بأن الله ســوف يبعثهم ، وســوف يجــازيهم ، ويحــاسبهم تعجبــوا كيف هــذا ؟

 

أيحيى الإنسان بعــد أن كـان رفــاتـاً ، قــال الكــافـــرون : {هـذا شيء عجيب أءذا متنــا وكنــا تــرابــاً }

إذا من المعـــروف أنهــا ظــرفيــة ، وكــل ظــرف يحتــاج إلى عــامــل ،

والعــامل محــذوف دل عليه مــا بعده ،

 

والتقــديــر [{أءذا متنـــا وكنــا تــرابــاً } نــرجــع ونبعث]

 

ثم قــال: {ذلك رجــع بعيد } ولهــذا يحسن عند التــلاوة أن تقف على قــوله : { أءذا متنا وكنــا تــرابـاً }

لأن قــولـه: {ذلك رجـــع بعيد } جملة استئنــافيـة لا عــلاقــة لها من حيث الإعــراب بما قبلها ،

والاستفهــام هنا بمعنى الإنكــار والتكــذيب ، كـأنهم يقــولــون : لا يمكن أن نــرجــع ونبعث بعد أن كنــا تــرابــاً وعظــامــاً ،

 

ولكـــــــن بين الله - عز وجل - أنه قــادر على ذلك، فلما قــالـــوا : {ذلك رجـــع بعيد } ومــرادهم بالبعد هنا الاستحــالة ، فهم يــرون أن ذلك مستحيل ، وربما تلطف بعضهم وقــال : {ذلك رجـــع بعيد } فهم تــارة ينكـــرون إنكــاراً مطلقــاً ، ويقــولـــون هــذا محـال ،

وتــارة يقـــولـــون : هــذا بعيد ،

 

قــال الله تعالى مبيناً قــدرتـه على ذلك : {قــد علمنــا مــا تنقص الأَرض منهم }

 

الأرض تــأكل الإنسان إذا مــات ، فالله تعالى يعلم مـا تنقص الأرض من أجــزاء بــدنـه ذرة بعد ذرة ، ولــو أكلته الأرض ،

وقــوله : {مــا تنقص الأَرض منهم } قــد يفيد أنهــا لا تــأكـل كل الجسم وفي ذلك تفصيــل ،

 

أمــا الأنبياء فــإن الأرض لا تــأكلهم مهما دامـــوا في قبــورهم ، لقــول النبي "صلى الله عليه وسلم" : « إن الله حـــرم على الأرض أن تــأكــل أجساد الأنبيــاء » .

 

ـــــــــ أخــرجه النسائي ، كتــاب الجمعة ، باب إكثــار الصلاة على النبي "صلى الله عليه وسلم " يــوم الجمعة (1372) وابن ماجه ، كتاب إقــامة الصلاة ، باب في فضل الجمعة (1085) والدارمي ، كتاب الصلاة، باب في فضل يــوم الجمعة (1580) ـــ .

 

وأمـــا غيرهم فقــد يبقى الجسم مــدة طــويلة لا تــأكله الأرض إلى مــا شاء الله ، وقــد تـأكله الأرض ، لكــــن إذا أكلتــه الأرض فـإنـه يبقى عجب الــذنب ،

 

وعجب الــذنب هـــــو عبـــارة عن الجـــزء اليسيــر من العظم بأسفــل الظهــر ،

 

هـــذا يبقى بــإذن الله لا تــأكله الأرض كــأنـه يكـــون نــواة للجسم عند بعثــه يــوم القيــامــة ، فــإنه منه يخلــق الآدمي في قبــره ، فــإذا تم النفــخ في الصـــور قــامـــوا من قبــورهم لله - عز وجل - وإذا كــان الله تعالى عــالم بما نقصت الأرض منهم فهــو قــادر على أن يــرد هــذا الـذي نقصتــه الأرض عند البعث ،

 

{ وعنــدنــا } أي عند الله تعالى

{ كتـاب حفيظ } ، أي: حــافظ لكل شيء ، قــال الله تعالى : { كــلا بـل تكــذبــون بالـدين * وإن عليكم لحـفظين * كــرامــاً كـتبين * يعلمـــون مــا تفعلـــون }.

 

قــال تعالى : {بــل كــذبــوا بـالحــق لما جــاءهم } بــل هنا للإضـــراب الانتقــالي ، وليست للإضــراب الإبطـالي ؛

لأن الأول ثــابت والثاني زائــد عليه ، وهــذا هـــو الفــرق بين ( بــل ) التي للإضـــراب الإبطـالي ، وبين ( بــل ) التي للإضـــراب الانتقــالي ، فصـارت بـل للإضــراب دائمة لكـــن إن كــانــت تبطــل الأول سمــوهــا إضــراب إبطــال ، وإن كــانــت لا تبطله فهـــو إضـــراب انتقــالي ، كــأنــه انتقـــل من مــوضــــوع إلى آخــر

 

{ بــل كــذبــوا بـالحــق لما جــاءهم } ولكــــن قلــوبهم مــوقنــة إلا أن ألسنتهم تكــذب ،

كما قــال الله تعالى عن آل فــرعــون : { وجحــدوا بها واستيقنتهــآ أنفسهم ظلمــاً وعلــواً }

 

{ لما جــاءهم } لما هنا بمعنى حين ، فهي ظــرف وليست حــرفــاً ، { فهم في أمــر مــريج }

الفـــاء هنــا للتعقيب والسببية ، والمعنى فهم لمــا كــذبــوا بــالحــق في أمـــر مــريــج ، أي : مختلط اختلط عليهم الأمـــر - والعياذ بالله -

 

وهـــو كقــوله تعالى : { ونقلــب أفئــدتهم وأبصـرهم كما لم يــؤمنـــوا بـه أول مــرة } يعني لأنهم لم يــؤمنـــوا بـه أول مــرة وظلــوا في طغيــانهم يعمهـــون ، هـــؤلاء لما كــذبــوا صـــاروا في أمــر مــريــج ، التبس عليهم الأمـــر ، وتــرددوا في أمــرهم ،

 

وهكــذا كل إنسان يــرد الحــق أول مـــرة ، فليعلم أنـه سيبتلى بالشك والـريب في قبـــول الحــق في المستقبل ،

 

ولهـــذا يجب علينا من حين أن نسمــع أن هــذا الشيء حــق أن نقـــول : سمعنــا وأطعنــا ، خــلافــاً لبعض الناس الآن ،

تقـــول : أمــر الــرسول "صلى الله عليه وسلم" بهـــذا ؟ فيقـــول : الأمـــر للــوجــوب أم للاستحبــاب ؟

 

سبحـــان الله ، افعــل مــا أمـــرك بـه ســواء على الــوجــوب أو على الاستحبــاب ، لأن معنى قــوله : هـــل هـــو للــوجــوب أو للاستحبــاب ؟ معنــاه إذا كــان للاستحبــاب فــأنــا في حــل منه ،

وإذا كــان للــوجــوب فعلتـه ، وهــذا خطــأ ، ولكــــن قــل : سمعنــا وأطعنــا ، ثم إذا وقعت المخالفــة فحينئذ ربمــا يكـــون الســـؤال عنه : هــل هــو واجب أو مستحب ؟ ربما يكـــون وجيهــاً ، أمــا قبل فــلا .

 

قـــد يقـــول قــائـــل : أنــا أسأل هــل هـــو واجـــب أو مستحب ؟

 

لأن هنـــاك فــرقــاً بين الــواجب والمستحب ، والــواجب أحــب إلى الله ، فــأنــا أفعله من أجــل إذا اعتقــدت أنــه واجــب أُثــاب عليه ثــواب واجـب ، وإذا اعتقــدت أنـه سُنَّــة أُثــاب عليه ثــواب سُنَّـــة .

 

قلنــا : نعم ، هـــذا طيب ، لكــــن ثــواب انقيــادك للحق لأول مــرة وبكــل سهــولـة وبــدون ســـؤال أفضــل من كــونــك تعتقده واجبــاً أو مستحبّــاً ،

 

وإذا كــان الله قــد أوجبــه عليك أثــابــك ثـــواب الــواجـب ، وإن كنت لا تــدري ، فالانقيــاد وتمام الانقيــاد أفضل بكثير من كــون أعتقد هــذا واجبــاً أو مستحبّــاً .

ـ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

تفسيـــــــــر ســـــورة (( ق ))

للعـلامـة / محمد بن العثيمين "رحمه الله تعالى " .

ــــــــــ يتبــــع ـــــــــــ

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته

 

جزاكِ الله خيرًا على الطرح القيم

جعله الله في ميزان حسناتك

 

نتابع معكِ إن شاء الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

@أم سهيلة

 

جزانا وإياكِ يا غاليه ..

 

نسعدنس جداً جداً متابعتك ,, حياكِ الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

ام جومانا وجنى

 

 

أم سهيلة

 

 

تفضلن يا حبيبات ()

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

(( الحلقـة الثــالـثــة ))

 

( الأيتــان ( 6 ) و ( 7 ) )

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ثم قــــال : { أفلم ينظــــروا إلى السماء }

 

استدل بالآيـــات الكــونيــة على صحة الآيــات الشرعية . والاستفهــام هنا للتــوبيخ ، يــوبخهم - عز وجل - لمــاذا لم ينظــروا إلى هــذا ؟

 

لماذا لم ينظــروا إلى السماء ومــا فيها من عجــائب القدرة الـدالة على أن الله تعالى قـادر على إحيــاء الموتى الــذي أنكــره هـــؤلاء المكــذبــون ،

 

وقــولـه: { أفلم ينظـــروا إلى السماء } يشمل نظــر البصــر ، ونظــر البصيـرة ، نظـــر البصر يكـــون بالعين ، ونظر البصيـرة يكـــون بالقلب ، أي : التفكـــر ،

 

وقــولـه : {إلى السماء فــوقهم كيف بنينـها }

 

قــد يقـــول قــائــل : إن كلمة : {فــوقهم } لا فــائــدة منهــا ، لأن السماء معــروفــة أنهــا فـــوق ،

ولكــــن نقـــــول : إن النص على كــونهــا فــوقهم إشارة إلى عظمة هــذه السماء ، وأنهــا مــع علــوهــا وارتفــاعهــا وسعتهــا وعظمتهــا تــدل على كمال خلقــه وقــدرتـه - جل وعلا - { كيف بنينـها } بنــاها الله - عز وجل - بقـــوة وجعلهــا قــويــة ،

 

فقــال - جل وعلا -:{ وبنينــا فــوقكم سبعــاً شداداً } أي قــويــة ،

 

وقــال تعالى : {والسماء بنينـها بأيــد } أي بقـــوة ، وهــــذا البناء لا نعلم كيف بناها الله - عز وجل - لكننا نعلم أنــه خلق السموات والأرض في ستة أيــام ، خلق الأرض في أربعــة ، والسماء في يــومين ،

 

كما قــال الله تعالى : {فقضــاهن سبع سموات في يــومين } وقـــولـه: {وزينـهــا } أي حسنَّـا منظــرهــا ، بما خلق الله تعالى فيهـا من النجـــوم العظيمة المنيرة المنتظمة في سيرهـا ،

وهــذه النجـــوم قــال قتادة - رحمه الله - وهـــو من أئمة التـابعين : « خلــق الله هــذه النجـــوم لثلاث : زينــة للسمــاء ، وعــلامــات يُهتدى بهــا ، ورجــومــاً للشيــاطين ، فمن ابتغى فيها شيئــاً سوى ذلك فقد أضــاع نصيبه ، وتكلف ما لا علم لـه بـه » .

 

(( أخرجه البخــاري معلقــاً بصيغة الجـزم كتــاب بــدء الخلق ، بــاب في النجــوم )) .

 

يشير إلى مــا ينتحله المنجمـــون من الاستدلال بحــركــات هــذه النجــوم على الحـــوادث الأرضية ، حتى إنهم يبنـــون سعادة الشخص وشقــاءه على هـــذه النجــوم ،

مثلاً يقــولــون : إذا ولــد في النجم الفــلاني فهــو سعيد ، وإذا ولــد في النجم الفــلاني فهـــو شقي ، وهـــذا لا أثــر لهـا ، أعني تحــركــات النجـــوم في السماء ، ليس لها أثــر فيما يحـــدث في الأرض ،

 

ثم قــال تعالى : {ومــا لهــا من فــروج } يعني ليس للسماء من فـــروج ، أي من فطـــور وتشقق ، بــل مبنية محكمــة قــويــة .

 

{ والأَرض مددنـاها وألقينـــا فيها رواسى وأنبتنـــا فيها من كــل زوج بهيج } هـــذه ثــلاثــة أمــور ،

 

أولاً : الأرض مــدهــا الله - عز وجل - مـع أنهــا بالنسبة للسماء صغيـــرة جداً ، لكنهــا ممدودة للخلق، مسطحة لهم كما قـــال تعالى :{ وإلى الأَرض كيف سطحت }

 

ثــانيـــاً : { وألقينــا فيها روسى } أي جبـــال ثــابتـات لا تــزعــزعهــا الــريــاح فهي قاسية ، وكــذلك أيضــاً تـرسي الأرض .

 

ثــالثــاً : { وأنبتنــا فيهــا مـن كــل زوج بهيــج } أي من كــل زوج سار لنــاظــره ، والمــراد بالــزوج هنا الصنف ،

 

يعني أن ما ينبت في الأرض أصنـــاف متعددة متنـوعة حتى إنك تــرى البقعة من الأرض وهي صغيــرة تشتمل على أنـــواع من هـذه الأصنــاف ، تختلف في ألـوانهــا ، وتختلف في أحجــامهـا ، وتختلف في ملمسهــا مــا بين شديدة ولينة إلى غير ذلك من الاختــلافــات العظيمة ، بــل إنهــا تختلف في مــذاقهــا إذا كــانت من ذوات الثمـــر ،

 

كما قــال تعالى : { ونفضل بعضهــا على بعض في الأُكل } فمن القادر على أن يخلق هـــذه الأشياء ؟

هــــــو الله سبحانه وتعالى ، وهــذه التي { فيها من كل زوج بهيج } مــع أنهــا في مكان واحد وتسقى بمـــاء واحد ، والأرض أيضــاً واحدة ، من يقــدر على هـــذا ؟

 

الجـــــــــواب :

هـــــو الله – عز وجل - إنـك تـأتي الأرض المعشبة التي أنبت الله تعالى فيها من أصنــاف النبات ، فتتعجب تــرى هــذه مثلاً زهــرتهــا صفـــراء ، وهـــذه بيضــاء ، وهــذه بنفسجيـة ، وهــذه منفتحـة ، وهــذه منضمــة إلى غير ذلك من الآيـــات العظيمة ،

فهــذا أكبـــر دليل على أن الله قـــادر على إحيــاء الموتى الــذي أنكـــره هـــؤلاء المكذبــون لرسول الله "صلى الله عليه وسلم "،

 

وقــالــوا : { أءذا متنا وكنا تــرابــاً ذلك رجــع بعيد } فالقــادر على خلق هــذه المخلــوقات العظيمة قــادر على إحيــاء الموتى ،

ثم يقــال : من الـذي خلق الإنسان ؟ هـــو الله ، وإعــادة الخلــق أهـــون من ابتدائـه

 

كما قــال تعالى : { وهـــو الــذي يبــدأ الخلق ثم يعيده وهـــو أهـــون عليه } فــإذا كنتم أيهـــا المشركــون تقـــرون بــأن الله هـــــو الخــالـق ، وأنــه هـــو الــذي خلقكم وأوجــدكم ،

 

فلماذا تنكـــرون أن يعيدكم مـع أن أمـــره إذا أراد شيئــاً أن يقـــول لـه كـن فيكـــون .

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

تفسيـــــــــر ســـــورة (( ق ))

للعـلامـة / محمد بن العثيمين "رحمه الله تعالى " .

ــــــــــ يتبــــع ــــــــــ

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

ما يستفاد من الآيات الكريمات /

1ـ { أفلم ينظــــروا إلى السماء } استفهام للتوبيخ ، أي : لماذا لم ينظــروا إلى السماء ومــا فيها من عجــائب القدرة الـدالة على أن الله تعالى قـادر على إحيــاء الموتى الــذي أنكــره هـــؤلاء المكــذبــون

 

2ـ النظر يكون بالبصر ويكون بالبصيرة أي : التفكر

 

3ـ الفائدة من قوله تعالى : ( فوقهم) مع أنه معروف أن السماء فوق ؛ إشارة إلى عظمة هــذه السماء ، وأنهــا مــع علــوهــا وارتفــاعهــا وسعتهــا وعظمتهــا تــدل على كمال خلقــه وقــدرتـه - جل وعلا - { كيف بنينـها } بنــاها الله - عز وجل - بقـــوة وجعلهــا قــويــة ،

فقــال - جل وعلا -:{ وبنينــا فــوقكم سبعــاً شداداً } أي قــويــة ،

وقــال تعالى : {والسماء بنينـها بأيــد } أي بقـــوة ، وهــــذا البناء لا نعلم كيف بناها الله - عز وجل - لكننا نعلم أنــه خلق السموات والأرض في ستة أيــام ، خلق الأرض في أربعــة ، والسماء في يــومين ،

كما قــال الله تعالى : {فقضــاهن سبع سموات في يــومين}

 

4ـ الفائدة من خلق النجـــوم قــال قتادة - رحمه الله - وهـــو من أئمة التـابعين

: « خلــق الله هــذه النجـــوم لثلاث : زينــة للسمــاء ، وعــلامــات يُهتدى بهــا ، ورجــومــاً للشيــاطين ، فمن ابتغى فيها شيئــاً سوى ذلك فقد أضــاع نصيبه ، وتكلف ما لا علم لـه بـه » .

(( أخرجه البخــاري معلقــاً بصيغة الجـزم كتــاب بــدء الخلق ، بــاب في النجــوم ))

 

5ـ لا علاقة للنجوم بسعادة الإنسان أو شقائه كما يدعي المنجمون

 

6ـ الأرض مع صغرها بالنسبة للسماء إلا أن الله عز وجل :

مدها للناس وسطحها كما قال تعالى ( وإلى الأرض كيف سطحت)

جعل فيها الجبال الثابتات والتي ترسي الأرض أيضا

أنبت فيها من النباتات أصنافا متعددة مختلفة مفضل بعضها على بعض في الأكل كما قال تعالى (ونفضل بعضها على بعض في الأكل)

 

7ـ خلق السماء والأرض من الآيات الكونية التي تثبت الآيات الشرعية كالبعث

 

8ـ عــادة الخلــق أهـــون على الله عز وجل من ابتدائـه

كما قــال تعالى : { وهـــو الــذي يبــدأ الخلق ثم يعيده وهـــو أهـــون عليه } فــإذا كنتم أيهـــا المشركــون تقـــرون بــأن الله هـــــو الخــالـق ، وأنــه هـــو الــذي خلقكم وأوجــدكم ،

فلماذا تنكـــرون أن يعيدكم مـع أن أمـــره إذا أراد شيئــاً أن يقـــول لـه كـن فيكـــون

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

(( الحلقـــــة الـــرابعـــــة ))

 

الأيــات من ( 8 : 11 )

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

{ تبصــرةً وذكـــرى لكل عبد منيب }

 

يعني أن الله تعالى حثنــا على أن ننظــر إلى السمــاء وإلى الأرض ، ومـا يحدث فيهما تبصــرة ، أي لأجــل التبصـــرة والــذكـــرى ،

 

قــال العلمــاء : والفــرق بين التبصــرة والـذكرى أن التبصــرة مستمرة ، والـذكــرى عند النسيان ، فهذه الآيــات تــذكــرك إذا نسيت ، وتبصــــرك إذا جهلت ،

 

وقــد يقال: إن الفـــرق بينهما أن التبصــرة في مقابل الجهل ، والــذكــرى في مقابل النسيان ، وكلا القــولان حــق ،

المهم أنك إذا نظرت إلى السماء وإلى الأرض ومـا فيهما مما أودعه الله - عز وجل - من النبات فـإنك سوف تبصـــر بقلبك ، وتــذكر أيضاً إذا نسيت، ولكن لمن هذه التبصرة والذكرى

 

{لكل عبد منيب }، ليست لكل إنسان ، مــا أكثــر مـا ينظــر الكفــار في الآيـات ، ولكــــن مـا تغني الآيــات والنذر عن قــوم لا يــؤمنــون ، إنما الـذي ينتفع بهـا هم كل عبد منيب ، أي: رجــاع إلى الله - عز وجل -.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

{ ونــزلنــا من السماء مـــاءً مبــاركاً فـأنبتنا بــه جنات وحب الحصيد } .

 

يقـــول - جل وعلا -: {ونــزلنــا } ، لأن المطر ينــزل شيئأاً فشيئــاً ،

وربما يعبــر عنه بــأنــزل لأنه تجيء بــه الأوديــة والشعاب ،

 

وقــوله : {من السماء } أي من العلــو ، لأن هــذا المطر ينــزل من السحاب وليس من السماء التي هي السقف المحفـــوظ ، بـدليل قــوله تعالى : {والسحاب المسخــر بين السماء والأَرض } ،

إذن هـــو ينزل من العلــو ، والحكمة في إنــزاله من العلــو ليشمل قمم الجبــال ومــراتــع الإبــل ، والسهــل والأوديـة ، لأنـه لــو جــاء يمشي سيحــاً من الأرض مــا وصل إلى قمم الجبــال ، ولكـــــــن الله - عز وجل - جعله من فــوق ،

 

وقــوله : {مــاءً مبــاركاً } من بــركتــه أنــه يُنبت به

 

{ جنــات وحب الحصيد ) ، الجنــات هي البساتين الكثيــرة الأشجــار ، وسميت البساتين الكثيــرة الأشجـــار جنــات ، لأنها تُجن أي تستر مــا تحتهــا ، وكل بستان ذو شجـــر ملتف بعضه إلى بعض يسمى جنــة ،

 

وأمــا قــوله : { وحب الحصيد } يعني بــه الــزروع التي تحصد ، فــذكــر الله هنا الأشجار والــزروع ، فمن الأشجار تجــد الثمـــار ، ومن الــزروع تحصد الحبــوب ،

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

{ والنخـــل بـاسقـات لهـا طلــع نضيد }

 

خص الله النخــل لأنها أشرف الأشجار ، ولهــذا شبه بها المــؤمن حيث قــال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: « إن من الشجر شجــراً مثلها مثل المــؤمن »

 

قــال ابن عمــر - رضي الله عنهما - فــذهب الناس يخــوضــون في شجر البــوادي ، كل يقـــول : هي الشجــرة الفـلانية ،

يقـــول ابن عمـــر : فوقع في قلبي أنها النخلة ، لكني كنت أصغــر القـــوم - يعني فاستحيــا أن يتكلم وهـــو أصغــرهم -

فقــال النبي صلى الله عليه وسلم : « هي النخلة »

 

ــ أخــرجه البخاري ، كتاب العلم ، بـاب قـول المحدث : حدثنا أو أخبرنا وأنبـأنا (61) ومسلم ، كتاب صفــات المنافقين وأحكـامهم ، بــاب مثل المؤمن مثل النخلة (2811) ـــ.،

 

وهي الشجـــرة المذكــورة في قــول الله تعالى : {ضـــرب الله مثلاً كلمــةً طيبةً كشجــرة طيبة أصلهــا ثـابت وفــرعهــا في السماء }

 

فلهــذا خصهــا هنا بالــذكــر فقــال : { والنخــل بـاسقـات } أي عــاليــات

 

{ لها طلــع نضيــد } أي منضــود ، فالطلــع في شمــاريخــه تجده منضــوداً من أحسن مــا يكـــون النضــد ، ومــع ذلك تجد هذه الثمـــرات تسقى بالشمــراخ الدقيق الليــن مــع أنـه قــد يكـــون فيه أحيــاناً أكثر من ثـلاثين حبة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

{ رزقــاً للعبـــاد } أي فعلنــا ذلك ، أنــزلنــا من السماء مــاءً فــأنبتنا بــه جنــات وحب الحصيد ، والنخل بـاسقـــات .

فعلنــا ذلك رزقــاً للعبـــاد أي عطـــاءً وفضـــلاً للعبـــاد ،

 

والعبـــاد هنا يشمل العباد المــؤمنين والعبــاد الكـافــرين ؛ لأن الكــافــر عبد لله كما قـال الله تعالى : { إن كل من في السمــوات والأَرض إلا آتى الـرحمـن عبداً }.

 

والمـــراد هنا العبــوديــة الكــونيــة القــدرية ، أمــا العبــودية الشرعية فــلا يكــون عبداً لله إلا من كــان ممتثـــلاً لأمـــره ، مجتنبــاً لنهيــه ، مصــدقــاً بخبــره ،

 

{ وأحيينــا بـه بلــدةً ميتــاً } أحيينا بالماء الــذي ننــزله من السماء بلــدة ميتــة ،

 

{بلدةً } لما كانت مؤنثة اللفظ، مذكرة المعنى، صح أن توصف بوصف مذكر،

 

{ بلــدةً ميتــاً } أي بلـد ميـت ، أحيــاه بهــذا الماء الــذي نــزل من السماء ، تجــد الأرض هــامــدة خاشعـة ليس فيهــا نبــات ، فــإذا أنــزل الله المطــر عجت بالنبــات واخضرت وازدهــرت ، فهذه حيـــاة بعــد المــوت

 

{ كــذلك الخـــروج } أي مثل ذلك الإحيــاء

 

{ الخــروج } ، خـــروج الناس من قبـــورهم لله - عز وجل - وإنما ذكــر الله تعالى الخـــروج لأن من عبـــاد الله من أنـكــر ذلك { زعم الــذين كفــروا أن لن يبعثـــوا }

 

وحجتهم أنهم قــالــوا من يحيي العظــام وهي رميم ؟

من يحيي العظام بعد أن أرمت وصــــارت تـرابـاً ؟

 

هــذا مستنكـــر عندهم بعيد ، ولكـــــن الله سبحانه وتعالى بين أنـه ليس ببعيد ، وأنهم كما يشاهــدون الأرض الميتة ينــزل عليهــا المطــر فتحيــا ، إذن فالقــادر على إحيــاء الأرض بعد مــوتهــا بنــزول المطر قــادر على إحيــاء الأمـــوات بعـد مــوتهم، وهـــذا قياس جلي واضــح ، كــذلك الخـــروج .

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

تفسيـــــــــر ســـــورة (( ق ))

للعـلامـة / محمد بن العثيمين "رحمه الله تعالى " .

ــــــــــ يتبــــع ــــــــــ

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

مايستفاد من الآيات الكريمات

1ـ حثنا الله عز وجل على النظر في السماء والأرض من أجل التبصرة والذكرى

 

2ـ التبصرة والذكرى لا تكون لكل إنسان ولكنها تكون للعبد الأواب أي : الكثير الرجوع إلى ربه

 

3ـ الفرق بين التبصرة والذكرى :

أن التبصرة تكون مستمرة وقد تكون في مقابل الجهل

أما الذكرى فتكون عند النسيان

 

4ـ الحكمة في أن المطر ينزل من أعلى ليعم قمم الجبال ومراتع الإبل والسهول والأودية بعطس ما لو كان خروجه من أسفل من الأرض

 

5ـ الجنات هي البساتين كثيرة الأشجار وسميت كذلك لأنها تجن ما فيها أي تستره

 

6ـ حب الحصيد هي الزروع التي تحصد ، فالمطر تخرج به الأشجار ذوات الثمار وتخرج به الزروع التي تنتج الحبوب التي تحصد

 

7ـ خص الله عز وجل النخل من بين الأشجار لأنها أشرف الأشجار وهي التي شبه بها المؤمن ففي الحديث :

« إن من الشجر شجــراً مثلها مثل المــؤمن »

قــال ابن عمــر - رضي الله عنهما - فــذهب الناس يخــوضــون في شجر البــوادي ، كل يقـــول : هي الشجــرة الفـلانية ،

يقـــول ابن عمـــر : فوقع في قلبي أنها النخلة ، لكني كنت أصغــر القـــوم - يعني فاستحيــا أن يتكلم وهـــو أصغــرهم -

فقــال النبي صلى الله عليه وسلم : « هي النخلة »

ــ أخــرجه البخاري ، كتاب العلم ، بـاب قـول المحدث : حدثنا أو أخبرنا وأنبـأنا (61) ومسلم ، كتاب صفــات المنافقين وأحكـامهم ، بــاب مثل المؤمن مثل النخلة (2811) ـــ.،

 

وهي أيضا الشجـــرة المذكــورة في قــول الله تعالى : {ضـــرب الله مثلاً كلمــةً طيبةً كشجــرة طيبة أصلهــا ثـابت وفــرعهــا في السماء}

 

8ـ أنزل الله عز وجل المطر من السحب في السماء وليس من السماء التي هي السقف المحفـــوظ ، بـدليل قــوله تعالى : {والسحاب المسخــر بين السماء والأَرض }

وأنبت الله عز وجل به الأشجار والحبوب والنخيل فضلا وعطاء من الله للعباد وإحياء للبلاد

 

9ـ العباد تشمل المؤمن والكافر ، لأن الكــافــر عبد لله كما قـال الله تعالى :

{ إن كل من في السمــوات والأَرض إلا آتى الـرحمـن عبداً }.

والمـــراد هنا العبــوديــة الكــونيــة القــدرية ، أمــا العبــودية الشرعية فــلا يكــون عبداً لله إلا من كــان ممتثـــلاً لأمـــره ، مجتنبــاً لنهيــه ، مصــدقــاً بخبــره

 

10ـ أحيــا الله بهــذا الماء الــذي نــزل من السماء الأرض الهــامــدة الخاشعـة ليس فيهــا نبــات ، فــإذا أنــزل الله المطــر عجت بالنبــات واخضرت وازدهــرت ، فهذه حيـــاة بعــد المــوت

{ كــذلك الخـــروج } أي مثل ذلك الإحيــاء

{ الخــروج } ، خـــروج الناس من قبـــورهم لله - عز وجل - وإنما ذكــر الله تعالى الخـــروج لأن من عبـــاد الله من أنـكــر ذلك { زعم الــذين كفــروا أن لن يبعثـــوا }

 

وحجتهم أنهم قــالــوا من يحيي العظــام وهي رميم ؟

من يحيي العظام بعد أن أرمت وصــــارت تـرابـاً ؟

 

11ـ البعث هــذا مستنكـــر عندهم بعيد ، ولكـــــن الله سبحانه وتعالى بين أنـه ليس ببعيد ، وأنهم كما يشاهــدون الأرض الميتة ينــزل عليهــا المطــر فتحيــا ، إذن فالقــادر على إحيــاء الأرض بعد مــوتهــا بنــزول المطر قــادر على إحيــاء الأمـــوات بعـد مــوتهم، وهـــذا قياس جلي واضــح ، كــذلك الخـــروج .

 

12ـ بلــدة ميتــة {بلدةً } لما كانت مؤنثة اللفظ، مذكرة المعنى، صح أن توصف بوصف مذكر،

{ بلــدةً ميتــاً } أي بلـد ميـت

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

(( الحلقـــــة الخـــامســة ))

 

الأيـات : ( 12 ) و ( 13 ) و ( 14 )

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(( كَــذَّبَــتْ قَبْلَهُمْ قَــوْمُ نُــوحٍ وَأَصْحَـــابُ الــرَّسِّ وَثَمُــودُ وَعَــادٌ وَفِــرْعَــوْنُ وَإِخْـــوَانُ لُــوطٍ وَأَصْحَـــابُ الْأَيْكَــةِ وَقَـــوْمُ تُبَّــعٍ ))

 

ذكــر الله هــؤلاء المكــذبين لفــائــدتيــن :

 

الفــائـــدة الأولى :

 

تسلية الـرسول "صلى الله عليه وسلم " بـأنـه ليس أول رسول كُــذِّب ، بـل قــد كُــذِّبـت الـرسل من قبل ، كما قــال الله تعالى : { مــا يقــال لك إلا مــا قــد قيل للرسل من قبلك } .

قيل : إنــه شاعــر، قيل : إنـه مجنـــون ، قيل : إنــه كـاهــن .

 

وقــد قــال الله تعالى : { كــذلك مــآ أتى الـذين من قبلهم من رسول إلا قــالــوا سـاحر أو مجنــون } ، هــذه فــائدة لـذكــر قصص الأمم السابقــة ، وهي تسلية النبي "صلى الله عليه وسلم " ؛ لأن الإنسان إذا رأى غيـــره قــد أصيب بمثل مصيبتــه يتسلى بـلا شك ، وتهــون عليه المصيبــة .

 

الفــائـــدة الثــانيـــة :

 

التحــذيــر لمكـذبي الرسول "صلى الله عليه وسلم " ، ولهــذا قــال في آخــر مــا ذكــر { كــل كذب الـرسل فحـق وعيد } فحــق عليهم وعيد الله بالعــذاب ،

 

وقــد قــال عز وجل :{ فكـلا أخــذنا بذنبــه } يعني كــل واحــد من هــذه الأمم جــوزي بمثل ذنبــه فعــوقــب بمثل ذنبـه ،

 

{ كَــذَّبَــتْ قَبْلَهُمْ قَــوْمُ نُــوحٍ } ، وقــد لبث فيهم ألـف سنة إلا خمسين عــامــاً ،

يعني تسعمــائــة وخمسين سنـة ، وهـــو يــدعــوهم إلى الله - عز وجل - ولكـــن لم يستفيـــدوا من ذلك شيئــاً ، كلما دعــاهم ليغفـــر لهم {جعلـــوا أصـــابعهم في ءاذانهم واستغشــوا ثيــابهم } تغطــوا {وأصــروا واستكبـــروا استكبــاراً } .

 

وبقي فيهم هــذه المـدة ، وقــد قــال الله تعالى في النهــاية : { ومــآ آمــن معه إلا قليل } .

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

{ وَأَصْحَـــابُ الــرَّسِّ } قــوم جــاءهم نبيهم ولكنهم قتلــوه بـالـرَّس ، وهـــو البئــر ، أي حفــروا بئــراً ودفنــوه ، هــذا قــول ،

 

والقــول الثــاني : أَصْحَـــابُ الــرَّسِّ ، أي أنهم قــومٌ حــول مــاءٍ وليسوا بالكثــرة الكـافيــة ، ومــع هــذا كــذبــوا رسولهم

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

{ وَثَمُــودُ } وهم قــوم صــالح في بــلاد الحجــر المعــروفــة ، كــذبــوا صـالحاً وقــالــوا : { ائتنــا بما تعــدنـآ إن كنت من المرسلين } .

 

وهــذا تحدٍّ ، فـأرسل الله عليهم صيحة فأصبحــوا في ديـارهم جـاثمين

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

{ وَعَــادٌ } كــذلك أيضــاً عَـاد أرسل الله إليهم هــوداً فكــذبــوه فــأهلكهم الله - عز وجل - بالـريح العقيم { مـا تــذر من شيء أتـت عليه إلا جعلته كالـرميم }

 

وكــانــوا يفتخــرون بقــوتهم ويقــولــون : {من أشد منا قــوةً }. فـأراهم الله - عز وجل - قـوتـه وأهلكهم بالـريح اللطيفــة التي لا يــرى لها جسم ، ومـع ذلك دمــرتهم تـدميــراً ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

{ وَفِــرْعَــوْنُ }

الـذي أرسل الله إليه نبيه موسى عليه السلام ، وفــرعــون كــان معـروفــاً بـالجبــروت والعنـاد والاستكبــار ، حتى إنـه استخـف قــومـه وقــال لهم إنـه رب {فقــال أنـا ربكم الأَعلى } فـأطــاعــوه فجــاءهم موسى عليه الصلاة والسلام بـالآيــات البينــات ، لكنهم كــذبــوا ، وأراهم الله تعالى آيــة كــانــوا يفتخــرون بما يضـاد مــا جــاء بـه موسى وهـــــو السحــر ،

 

فجمعوا لموسى عليه الصلاة والسلام كــل السحرة في مصـر ، واجتمعـــوا وألقــوا الحبــال والعصي ، وألقــوا عليهــا السحـر فصــار الناس يشاهــدون هــذه الحبــال والعصي وكـأنهــا حيــات وثعـابين ، ورهب الناس كما قــال الله تعالى : {واسترهــبــوهم وجــاءو بسحـرٍ عظيم } .

 

حتى إن موسى عليه الصلاة والسلام أوجس في نفسه خيفــة ؛ لأنـه شاهـد أن كل الجــو حــولـه ثعــابين تـريــد أن تلتهم مــا تقــابله ،

 

فـأوحى الله إلى موسى أن ألـقِ عصــاك ، فألقى العصــا فالتهمت جميــع هــذه الحيــات ، وهـــذا من آيــات الله ، إذ إن الحيــة كما هــو معــروف ليست بــذات الكبــر لكي تـأكـل هــذا ، وكــان هــذا يـذهــب بخــاراً ، إذا أكـلت هــذه الحبــال والعصي ،

 

فالسحــرة رأوا أمــراً أدهشهم ولم يملكــوا أنفسهم إلا أن يــؤمنــوا مــع ذلك إيمـانـاً تـامًّـا { وألقى السحرة سـاجــدين } ،

 

وتــأمــل قــوله تعالى: { وألقى السحـرة سـاجــدين } ولم يقــل سجــدوا ، كــأن شيئـاً اضطــرهم إلى السجــود ، كـأنهم سجــدوا بغـير اختيــار لقــوة ما رأوا من الآيــة العظيمــة ، ومــع هـذه الآيــة البينة الــواضحــة على صدق موسى عليه الصــلاة والسلام لم يــؤمــن فــرعــون بــل قــال : { إِنَّ هَـــؤُلاءِ لَشِرْذِمَــةٌ قَلِيلُــونَ * وإنهم لنا لغـآئظــون }،

 

فهمّ بـأن يهجـم على موسى ومـن معه مـن المؤمنين ، فــأمــر الله موسى أن يخــرج من مصر إلى جهة المشرق نحــو البحر الأحمـر ، فـامتثــل أمــر الله ، وخــرج من مصــر إلى هــذه الناحيــة ، فتبعهم فــرعــون بجنوده على حنــق ، يــريــد أن يقضي على موسى وقــومــه ، فلما وصلــوا إلى البحــر قــال قــوم موسى له : { إنَّـا لمدركــون } .

 

{قــال كلا } يعني لن نــدرك { إن معى ربي سيهدين } فـأوحى الله إليه أن يضــرب بعصاه البحــر ، البحــر الـذي عــرضــه مسافات طــويلة فضـــرب البحــر فانفلق البحر اثني عشر طــريقــاً ، وصــارت قطــع الماء كــأنهــا جبــال ، وصــارت هذه الطــرق التي كانــت ريـاً من الماء ، وطينــاً زلقـاً ، صــارت طــريقــاً يبساً بـإذن الله في لحظة ،

 

فــدخـل موسى وقــومــه عابــرين من أفــريقيـا إلى آسيا من طــريــق البحــر ، فلما تكاملــوا داخلين وخــارجين للناحيـة الشرقية دخــل فــرعــون وقــومــه ، فلما تكاملــوا للدخــول أمــر الله البحر فانطبــق عليهم ، فلما أدرك فـــرعـــون الغـــرق أعلن فقــال : { آمنت أنـه لآ إلـه إلا الذي آمنت به }.

 

وتـأمل أنـه لم يقــل : آمنت بالله ، بــل قــال : آمنت بالـذي آمنت بـه بنــو إسرائيل ، لماذا ؟

 

إذلالاً لنفسه ، حيث كــان ينكــر على بني إسرائيل ويهـاجمهم ، فأصبــح عند المــوت يقــر بـأنه تبــع لهم ، وأنـه يمشي خلفهم ، ولكــــن مــاذا قيل له : {ءالئــن } تــؤمـن بالـذي آمنت به بنــو إسرائيل وأنك من المسلمين { وقــد عصيت قبل وكنت من المفسدين }. فلم تقبل تــوبتــه ، لأنه لم يتب إلا حين حضـــره المـــوت ، والتــوبــة بعد حضــور المــوت لا تنفــع ،

 

كما قــال الله تعالى : ( وَلَيْسَتْ التَّــوْبَــةُ لِلَّــذِيــنَ يَعْمَلُـــونَ السَّيِّئَـــاتِ حَتَّى إِذَا حَضَـــرَ أَحَــدَهُمْ الْمَـــوْتُ قَــالَ إِنِّي تُبْــتُ الآنَ ) .

 

لا تنفـــع التــوبـة إذا حضـــر المـــوت ، نسأل الله تعالى أن يمن علينا بتــوبـة قبل المـــوت ، ولكــــــن الله قــال : {فاليوــم ننجيــك ببــدنك لتكـــون لمن خلفــك ءايـةً }. ننجيك ببدنك لا بــروحــك ، الــروح فــارقــت البــدن ، لكــــن البدن بقي طــافيــاً على المـاء .

 

وبيَّن الله الحكمــة { لتكــون لمن خلفــك ءايــةً } لأن بني إسرائيل قـد أرعبهم فــرعــون فلــو لم يتبين لهم أنــه غــرق بنفسه لكــانت أوهــامهم تــذهب كل مــذهب ، لعله لم يغــرق ، لعله يخــرج إلينا من نــاحيــة أخــرى ، فــأقــر الله أعين بني إسرائيل بـأن شاهــدوا جسمه غــارقــاً في المــاء ، { لتكـــون لمن خلفــك ءايـةً } .

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

{ وَإِخْـــوَانُ لُــوطٍ } إخـــوان لــوط يعني قــوم لــوط ، أرسل إليهم لــوط عليه الصلاة والسلام، لأنهم كــانـوا - والعياذ بالله - يــأتــون الــذكـــران ، ويــدعــون النساء ، أي أن الــواحد يجــامــع الــذكـــر ويــدع النساء ،

 

كما قــال لهم عليه الصلاة والسلام : { أتــأتــون الـذكــران من العالمين * وتــذرون مــا خلق لكم ربكم من أزواجكم بــل أنتم قــوم عــادون }.

دعــاهم إلى الله - عز وجل - وأنــذرهم وخــوَّفهم من هذا الفعــل الــرذيــل ، ولكنهم أصـــروا عليه ، فـأرسل الله عليهم حجـــارة من طين مسومـة ، يعني معلَّمـة ، كل حجــارة عليهــا علم ، يعني عــلامــة على من تنـــزل عليه وتصعقــه ، وهــذه الخصلة الـرذيلة من أقبــح الخصــال ،

ولهـــذا كــان حــدهــا في الشريعــة الإسلامية القتل بكــل حــال ، يعني أنهــا أعظم من الــزنــا ، فــإذا كــان الــزاني لم يتــزوج من قبل فــإنه يجلد مــائــة جلدة، ويغــرَّب عن البلد سنة كاملة ، وإن كــان محصنــاً وهــــو الــذي قــد تــزوج وجــامــع زوجتــه فــإنــه يــرجم حتى يمـــوت ،

 

أمــا اللــواط فــإن حــده القتل بكــل حــال ، يعني لـو تلــوط شخص بــالــغ بآخــر بــالــغ باختيــار منهمــا فــإنه يجب أن يقتـــل الفــاعل والمفعــول بــه ،

 

لقــول النبي "صلى الله عليه وسلم" : (( من وجــدتمــوه يعمل عمل قــوم لــوط فاقتلـــوا الفــاعل والمفعــول بــه )) .

 

قــال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: ( إن الصحـــابــة أجمعـــوا على قتله ، لكــــن اختلفـــوا كيف يُقتــل ؟

 

فقــال بعضهم : إنــه يحــرق بالنــار لعظم جــرمه ، والعياذ بالله ،

وقــال آخـــــرون : إنــه يــرجم بالحجـــارة ، وقــال آخـــرون : إنــه يلقى من أعلى مكــان في البلد ويتبع بالحجـــارة ، والشاهــد أن ابن تيمية رحمه الله نقـــل إجماع الصحـــابة على قتله ، وإجمــاع الصحـــابة حجــة فيكــــون مــؤيــداً للحديث : (( من وجــدتمـــوه يعمل عمل قــوم لــوط فاقتلــوا الفــاعل والمفعـــول بــه »

 

ولأن هـــذه الفاحشة الكبرى - والعياذ بالله - فــاحشة مفسدة للمجتمــع ، لأنــه يصبح المجتمع الــرجــالي مجتمعــاً نسائيــاً، وهــــو أيـــضاً لا يمكن التحــرز منه ، فــالــزنــا يمكن التحــرز منه إذا رؤيــت امـــرأة مـــع رجـــل في محل ريبــة فــإنه يمكن مناقشتهمــا ، لكـــــــن إذا رؤي ذكــر مع ذكـــر كيف يمكن أن نناقشهمــا ،

 

والأصـــــــل أن الــرجل مـــع الــرجل يجتمــع ولا يتفــرق ، لهـــذا كـــان القـــول بــوجـــوب قتلهما هـــــو الحق، أمــا قـــوم لـــوط فــإن الله تعالى أرسل عليهم حجـــارة من سجين ، مسومــة فــدمــرهم تــدميــراً ، حتى جعــل عالي قــريتهم سافلهــا .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

{ وَأَصْحَـــابُ الْأَيْكَــةِ } ،

 

يعني الشجـــرة ، أرسل الله تعالى إليهم شعيبـــاً فــدعــاهم إلى الله وذكَّـــرهم بـه ، وحــذَّرهم من بخس المكيــال والميــزان ، ولكنهم - والعياذ بالله - بقــوا على كفـــرهم وعنادهم {فــأخــذهم عـــذاب يــوم الظلة }

 

وهـــذا العـــذاب يقــال : إن الله تعالى أرسل إليهم حــرًّا شديداً ولم يجـــدوا مفــرًّا منه إلا أنــه أرسلت غمــامــة واسعة بـاردة فصـــاروا يتــدافعـــون إلى ظلها، يتظللــون بهــا ، فــأنــزل الله عليهم نــاراً فــأحــرقتهم ،

وفي هــذا يقــول تعالى : {فكــذبــوه فأخــذهم عــذاب يــوم الظلة إنـه كــان عــذاب يــوم عظيم }.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

{ وَقَـــوْمُ تُبَّــعٍ } أيضـــاً ممن كــذبــوا الــرُّسل وهم أصحــاب تُبّــع ، وهـــو ملك من ملوك اليمن أرسل الله إليهم رسولاً فكــذبــوه ولم ينقـــادوا له ،

 

فيقـــول - عز وجل -: { كُــلٌّ كَــذَّبَ الـرُّسُلَ فَحَــقَّ وَعِيــدِ } أي أن هـــؤلاء الأمم الــذين أشار الله تعالى إلى قصصهم كلهم كــذبــوا الــرسل ، فحق عليهم وعــد الله - والعياذ بالله - بعــذابــه وانتقــامــه .

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

تفسيـــــــــر ســـــورة (( ق ))

للعـلامـة / محمد بن العثيمين "رحمه الله تعالى " .

ــــــــــ يتبــــع ـــــــــ

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

(( الحلقـــــة الســـادســة ))

 

الأيـــات من ( 15 : 18 )

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

{ أفعيينـا بالخلــق الأَول بــل هم في لبس من خلــق جـديد }

 

الاستفهام هنــا للنفي، وعيينا هنا بمعنى تعبنا، والخلق الأول هو ابتداء الخلائق يعني هل نحن عجــزنا عن ابتــداء الخلائق حتى نعجز عن إعــادة الخـلائق؟!

 

من المعلوم أن الجـــــواب : لا، كما قـال تعالى: { أولم يــروا أن الله الذي خلق السماوات والأَرض ولم يعى بخلقهن }.

 

أي لم يتعب بذلك ، فـإذا كان الله - جل وعلا - لم يتعب بالخلق الأول فـإن إعــادة الخلق أهــون من ابتـدائه كما قـال تعالى: { وهــو الـذي يبدأ الخلق ثم يعيده }

 

وهــذا استدلال عقلي يــراد بـه إقنــاع هـــؤلاء الجاحدين لإعـادة الخلق ، فـإن الذين كفـــروا زعمـــوا أن لن يبعثـــوا وأنه لا بعث ، وأنكـــروا هــذا واستدلـوا لذلك بدليل واهٍ جدًّا ،

فقــالــوا فيما حكــاه الله عنهم : {من يحي العظـام وهي رميم } فقال الله تعالى: { قـل يحييهـا الـذي أنشأهـآ أول مرة وهــو بكل خلق عليم }.

 

ثم ساق الأدلة العقليـة الـدالة على أن الله تعالى قـادر على أن يحيي العظـام وهي رميم ، قـال تعالى : { بـل هم في لبس من خلق جديد } أي هم مقــرون بأننا لم نـعِ بالخلـق الأول ، وأنَّـا أوجـدناه لكـــن هم في لبس من خلق جديد ، ولهــذا حصل الإضـــراب هنا ،

 

حيث قــال : {بل هم } يعني أن هــذا عجبٌ من حـالهم كيف يقــرون بأول الخلق ثم ينكرــون البعث بعد المـوت ،

 

بل هم{ في لبس } أي في شك وتــردد {من خلق جديد } وهــو إعــادة الخلق . والقـادر على ابتـداء الخلق يكــون قــادراً على إعـادته من بـاب أولى ، وهــذا دليل عقلي لا يمكن لأي إنسان أن يفــر منه ،

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ثم قــال - عز وجل - مستدلاًّ على قــدرته على البعث :

 

{ ولقــد خلقنــا الإنسان } يعني ابتــدأنـا خلقه وأوجـدناه وجعلنا له عقــلاً وسمعــاً وبصــراً وتفكيــراً وحــديثــاً للنفس ، { ونعلم مـا تـوسوس به نفسه } يعني ونحن نعلم مـا تـوسوس به نفسه ، أي مـا تحــدثــه بـه نفسه ، دون أن ينطق بـه ، فالله تعالى عالم بـه ،

بـل إن الله عالم بما سيحدث بـه نفسه في المستقبل ، والإنسان نفسه لا يعلم مـا يُحدث بـه نفسه في المستقبل ، والله يعلم مـا تـوسوس بـه نفسك غـداً وبعد غدٍ ، وإلى أن تمــوت وأنت لا تعلم وإذا كان الله يعلم مـا تـوسوس بـه النفس فهذا العلم يـوجب لنا مــراقبــة الله سبحانه وتعالى ، وأن لا نحدث أنفسنا بما يُغضبـه وبما يكــره .

فعلينـــا أن يكـــون حــديث نفــوسنا كله بما يــرضيــه ، لأنه يعلم ذلك ،

 

أفــلا يليق بنا أن نستحيــا من ربنـا - عز وجل - أن تـوسوس نفــوسنـا بما لا يـرضــاه ؟!

 

{ ونحن أقـــرب إليه من حبــل الــوريد }، حبل الـوريـد هـــو الأوداج ، وهما العــرقــان العظيمــان المحيطــان بالحلقــوم ، يسمى الـوريـد ، ويسمى الـودج ، وجمعـه أوداج ، ويضــرب المثل بهما في القــرب ، أقــرب شيء إلى قلبك هـــو حبل الــوريد ، هــذا أقــرب إلى المخ ، وأقــرب من كل شيء فيه الحياة هما الــوريدان .

 

واختلف المفسرون في قــوله : {ونحن أقــرب إليه }

هـــل المـراد قــرب ذاته - جل وعلا - أو المــراد قــرب مــلائكتــه ؟.

 

والصحيح أن المـــراد قــرب مـلائكتــه . ووجه ذلك أن قــرب الله تعالى صفــة عالية لا يليق أن تكــون شاملة لكل إنسان ،

لأننـا لــو قلنـا : إن المـــراد قــرب ذات الله لكــان قــريبــاً من الكـافــر وقــريبــاً من المــؤمـن .

لأنـه قــال : {خلقنــا الإنسان } ، أي إنسان المــؤمن والكــافــر {ونحن أقــرب إليه } أي إلى هــذا الإنسان الــذي خلقنــاه من حبل الـوريـد ، فــإذا قلنــا الآيـة الشاملة ، وقلنــا أن القــرب هنا القــرب الـذاتي صــار الله قــريبــاً بـذاتـه من الكــافــر ، وهــذا غير لائــق ، بـل الكــافــر عــدو لله - عز وجل -

 

لكـــــن الــراجـــح مــا اختــاره شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - أن المـــراد بالقــرب هنا قـــرب الملائكــة ، أي أقـــرب إليه بمــلائكتنــا ،

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ثم استــدل لقــوله بقــوله تعالى : {إذ يتلقى المتلقيــان }

 

فـإذ بمعنى حين ، وهي متعلقة بالقــرب ، أي أقــرب إليه في هــذا الحال حين يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد .

 

فــإن قــال قــائـل : كيف يضيف الله القــرب المسند إليه والمــراد بـه المــلائكــة ألهـذا نظيــر ؟.

 

قلنــا : نعم ، لـه نظيـــر . يقـــول الله تعالى لنبيه "صلى الله عليه وسلم" : { لا تحـــرك به لسانك لتعجــل به * إن علينا جمعــه وقــرءانه * فــإذا قــرأنـاه فـاتبــع قــرءانـه { قــرأنــاه المــراد بذلك جبريل ، ونسب الله فعـل جبريل إلى نفسه ؛ لأنه رسوله ، كـذلك الملائكــة نسب الله قــربهم إليه لأنهم رسله ، كما قـال تعالى: { أم يحسبـــون أنَـا لا نسمع سرهم ونجــواهم بلى ورسلنا لـديهم يكتبـــون }.

 

ومــا اختــاره شيخ الإسلام - رحمه الله - هـــو الصـــواب .

 

فــإن قــال قــائــل : وهـــل الله تعالى قــريب من المــؤمن على كل حــال ؟.

 

قلنــا : بــل في بعض الأحـــوال ،

قـال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الــذي تــدعــونـه أقــرب إلى أحــدكم من عنق راحلتـه )

ــ أخـرجه مسلم، كتاب الـذكـر والـدعــاء والتــوبـة ، باب استحبــاب خفض الصـوت بالذكــر (2704) (46) ــ .

 

فهــذا قــربٌ في حــال الــدعــاء ، مصداق ذلك قـوله تعالى: { وإذا سألك عبادي عني فـإني قــريب أجيب دعــوة الـداع إذا دعــان فليستجيبــوا لى وليــؤمنــوا بى لعلهم يـرشدون } .

كــذلك هـــو قــريب من المــؤمن في حــال السجــود ،

 

لقــول النبي "صلى الله عليه وعلى آله وسلم" : (( أقـــرب مــا يكــون العبد من ربــه وهـــو ساجد ))

ـــ أخرجه مسلم ، كتاب الصــلاة ، باب ما يقال في الـركــوع والسجود (482) ـ

 

وعلى هـــذا فيكـــون المـؤمن قــريباً من الله تعالى حــال عبـادته لــربـه ، وحــال دعـائـه لـربـه ، أمــا القــرب العام فــإن المـــراد بـه القــرب بالمـلائكــة على القــول الــراجح .

 

وقــوله : { إذ يتلقى المتلقيــان } هما ملكـان بين الله مكــانهما من العبد ،

 

فقــال : { عن اليمين وعن الشمال قعيد } ، ولم يقل على اليمين وعلى الشمال ، لأنهما ليسا على كتفيــه ، بــل هما في مكــان قــريب ، أقــرب من حبل الــوريد ،

 

ولـكــــن قــد يقــول قــائــل ملحـد : أنا ألتمس حــولي لا ألمس أحــداً ، أين القعيـد ؟

 

فنقـــول : هــذا من علم الغيب الـذي لا تـدركــه عقــولنا ، وعلينا أن نصدق بـه ونــؤمن بـه ، كما لــو لمسنــاه بأيــدينــا ، أو شاهـدناه بـأعيننــا ، أو غير ذلك من أدوات الحس ، علينا أن نــؤمن بـذلك ، لأنـه قــول الله - عز وجل - { عن اليمين وعن الشمال قعيد } ،

قــاعد مستقــر ، أحــدهما يكتب الحسنــات ،

والثاني يكتب السيئــات ، هــذا المكتــوب عــرضــة للمحــو والإثبــات ،لأن المكتــوب الـذي بـأيـدي المــلائكــة عــرضــة للمحـــو والإثبــات لقــول الله تعالى : { يمحــو الله مــا يشاء ويثبت وعنده أم الكتــاب }.

 

يعني أصــل أم الكتـاب هـــو لــوح محفــوظ مكتــوب فيه مــا يستقــر عليه العبد ، فما يستقــر عليه العبد مكتــوب ، لكـــن مــا كــان قــابـلاً للمحــو والإثبــات في أيـدي الملائكــة ، قــال الله - عز وجل -: { وأقم الصلاة طـرفي النهــار وزلفــاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئــات }.

 

حسنة تـذهب السيئــة وتمحــوهـا بعد أن كتبت ، وهــذا باعتبــار مــا في أيدي المــلائكــة ، أمــا أم الكتاب الأصل مكتــوب فيهــا مـا يستقــر عليه العبد ، نسأل الله أن يجعلنا ممن يستقــر على الإيمــان والثبات في الدنيــا والآخـــرة .

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

{ مــا يلفظ من قــول إلا لـديـه رقيب عتيد }

 

{مـا يلفظ } : مــا هنــا نــافيــة ، و { قــول } مجــرورة بمن الـزائدة إعــراباً المفيدة معنىً ، لكـــن تـأتي حـــروف الجــر أحيــانـاً زائــدة في الإعــراب ، لكنهــا تفيد معنى التــوكيد ،

ولهــذا إذا اقتــرن المنفي بمن الـزائدة ، أو بالباء الــزائدة مثل { ومــآ أنــا بظلام للعبيد }

فــإنـه أوكــد من النفي المجرد من حــرف الجر الـزائد ،

{ مــا يلفظ من قــول } إذا جعلنــا من زائــدة إعــرابـاً مفيدة معنىً ففــائدة معنــاها التــوكيد على العمــوم أي : أي قــول يلفظه الإنسان لــديــه رقيب عتيد ، {رقيب } مــراقب ليــلاً ونهــاراً ، لا ينفك عن الإنسان ،

 

{ عتيد } حــاضــر لا يمكن أن يغيب ويــوكل غيــره ، فهــو قــاعــد مــراقب حــاضـر ، لا يفــوته شيء { من قــول } أي قــول نقــوله ،

 

كــل قــول لأن {من } هــذه زائــدة و { قــول } نكــرة في سياق النفي فهي للعمـوم ، أي قــول ، وظــاهــر الآيــة الكريمة أن القــول مهما كــان يكتب ، سواء كان خيــراً أم شرًّا ، أم لغــواً يكتب ، لكــن يحاسب على مــا كــان خيــراً أو شرًّا ، ولا يلــزم من الكتــابة أن يحاسب الإنسان عليهــا ، وهــذا ظــاهــر اللفظ ، وهـــو أحد القــولين لأهل العلم .

 

ومن العلمــاء من يقــول : إنـه لا يكتب إلا الحسنــات والسيئــات فقط ، أمــا اللغــو فلا يكتب .

 

والقــول الأول أولى ، وهـــو العمـــوم ، أمــا النتيجــة فــواحدة ، لأنه حتى على القــول بـأن الكــاتب يكتب كل شيء يقــولــون : إنـه لا يحاسب إلا على الحسنـات والسيئــات ،

لكــن كــوننــا نقــول بالعمــوم هـــو المطابق لظــاهــر الآية ، ثم هـــو الذي فيه الدليل على أن المَلَكين لا يتـركان شيئــاً ، مما يــدل على كمال عنــايتهما بما ينطق به الإنسان ، وبنــاءً على ذلك يجب علينا أن نحتــرز غــاية الاحتــراز من أقــوال اللسان ،

 

فكم زلـة لسانية أوجبت الهــلاك - والعياذ بالله -

 

ففي حديث أبي هـريرة - رضي الله عنه - في الرجل الذي قال: والله لا يغفــر الله لفلان ، فقال الله : ( من ذا الـذي يتــألَّى عليَّ أن لا أغفــر لفلان ، قــد غفــرت له وأحبطت عملك ) .

ــ أخــرجه مسلم ، كتاب البــر والصلة والآداب ، بــاب النهي عن تقنيط الإنسان من رحمة الله تعالى (2621) ــ .

 

قــال أبــو هــريرة - رضي الله عنه -: إنــه تكلم بكلمة أوبقــت دنيــاه وآخــرته ، نسأل الله العــافية.

 

(( احـــذر لسانك أن تقـــول فتبتلى إن البـــلاء مــوكــل بالمنطق ))

 

احـــذر آفــات اللسان ، إن النبي "صلى الله عليه وسلم" جعل حفظ اللسان مَــلاك الأمــر كله ،

فقـــال عليه الصلاة والسلام لمعاذ بن جبل - رضي الله عنه -: ( أفــلا أدلك على مــلاك ذلك كله ) ؟

قلت: بلى يا رسول الله ، قــال : فــأخــذ بلسان نفسه وقــال : ( كف عليك هذا ) .

 

لا تطلقه، لا تتكلم ، قــال : يا رسول الله ، وإنـا لمــؤاخــذون بما نتكلم به ؟

فقــال له : ( ثـكلتك أمــك يـا معــاذ ، وهــل يكبّ الناس على وجـــوههم أو على منــاخــرهم إلا حصــائد ألسنتهم ) .

ـــ أخــرجه التــرمذي ، كتاب الإيمان ، بـاب مــا جــاء في حرمة الصلاة (2616) وقــال: هذا حديث حسن صحيح ـــ .

 

فـالمــؤمن يجب أن يحــذر لسانه فــإنه آفــة عظيمة ، ولهــذا قــال الرسول عليه الصلاة والسلام : ( من كــان يــؤمن بالله واليــوم الآخــر فليقل خيــراً أو ليصمت ) .

ـــ أخــرجه البخاري ، كتاب الأدب، باب من كان يــؤمن بالله واليوم الآخر فلا يــؤذ جــاره (6018، 6019)

ومسلم ، كتـاب الإيمان ، باب الحث على إكــرام الجار والضيف ولـزوم الصمت (47) ــ .

 

وحينئــذ نعــرف أن الصمت مفضّل على الكـلام ؛ لأن الكـلام قـد لا يــدري الإنسان أخيــراً هـــو أم شراً ، ثم إني أقـــول : الكلمة إذا أطلقتهــا وخــرجت من فمك فهي كالــرصــاصة تطلقهــا ، لا يمكنك أن تمنعهــا إذا خــرجت من فــوهــة البندقية ،

 

إذا انطلقت تفسد أو تصلح ، كـذلك الكلمة ، فـالعــاقل يمنع لسانه ولا يتكلم إلا بخير ،

والخيــر إما في ذات المتكلم به ، وإمـا في غيره ،

 

يعني قــد يكـــون الكلام ليس خيراً لا بنفسه ، لكنه خيــر من جهة آثـاره ، قد يتكلم الإنسان بكلام لغــو ليس أمــراً بالمعــروف ولا نهياً عن منكــر ، وليس إثماً ووزراً ، لكـــن يتكلم من أجــل أن يفتح الباب للحاضــرين ، لأنه أحيــاناً تستولي على المجلس الهيبة ولا أحد يتكلم ، فيبقى الناس كلهم في غم ، فيتكلم من أجـل أن يفتح الباب للناس ، وتنشرح صــدورهم ، ويحصل تبــادل الكــلام الذي قــد يكــون نـافعــاً ،

 

نقـــول : هــذا الكــلام الذي تكلم وفتح به بــاب الكــلام وأزال عن الناس الغم يعتبــر خيراً لغيــره ، وهـــذا داخل إن شاء الله في قـــول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( من كان يــؤمــن بالله واليـــوم الآخـــر فليقل خيراً أو ليصمت ) .

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

تفسيـــــــــر ســـــورة (( ق ))

للعـلامـة / محمد بن العثيمين "رحمه الله تعالى " .

ــــــــــ يتبــــع ـــــــــ

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

( الحلقــــة الســابعــة )

 

من أيـة ( 19 ) : أيـة ( 22 )

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

{ وجــاءت سكرة المــوت بالحـق ذلك مــا كنت منه تحيد } ،

 

السكــرة هنــا : هي تغطية العقـل كالإغمــاء ونحــوه ،

وقـد قـال النبي "صلى الله عليه وسلم" : « إن للمــوت سكــرات » (13) .

 

وقـولـه : { سكــرة المــوت } مفــرد مضــاف ، فيشمل الـواحــدة أو أكثــر ،

 

وقـولـه { بالحـق } : أي أن المــوت حــق كما جــاء في الحديث: « المــوت حــق ، والجنــة حـق ، والنـار حــق » (14)

فهي تـأتي بالحـق ، وتـأتي أيضــاً بحـق اليقين ، فـإن الإنسان عند المــوت يشاهد مـا تُـوُعِّــد بـه ، ومــا وُعِــدَ بـه ؛ لأنه إن كـان مــؤمنــاً بُشِّر بالجنــة ، وإن كــان كــافــراً بُشِّر بالنار - أعـاذنـا الله منها -

 

{ذلك } أي المــوت { مــا كنت منه تحيد } اختلــف المفســرون في ( مــا )

هل هي نــافيــة ؟ فيكــون المعنى : ذلك الـذي لا تحيد منه ، ولا تنفــك منه ،

أو أنها مــوصــولة ؟ فيكــون المعنى ذلك الـذي كنت تحيد منه ، ولكـــن لا مفــر منه ،

 

فعلى الأول يكــون معنى الآيـة ، ذلك الـذي لا تحيد منه ، بـل لابــد منه ،

 

وقــد قــال الله تعالى : { قــل إن المــوت الذي تفــرون منه فـإنه ملـقيكم }.

وتــأمــل يا أخي :

{ قــل إن المــوت الـذي تفــرون منه فـإنه ملـقيكم } ولم يقــل فـإنـه يـدرككم ، ومــا ظنك بشيء تفــر منه وهــو يــلاقيــك ،

 

إن فــرارك منه يعني دنــوك منه في الــواقــع فلــو كنت فــارًّا من شيء وهــو يقــابلك فكلما أسرعت في الجــري أسرعت في مــلاقــاتـه ،

 

ولهــذا قـال : {فإنه ملـقيكم } وفي الآيـة الأخــرى : { أينمـا تكــونـــوا يــدرككم المــوت ولـو كنتم في بـروج مشيدة } ،

لأنه ذكــر في هــذه الآيــة أن الإنسان مهما كـان في تحصنـه فـإن المــوت سوف يـدركـه على كل حــال ،

 

وهنا يقــول تعالى : { ذلك مـا كنت منه تحيد } ، وعلى المعنى الثـاني ، أي : ذلك الـذي كنت تحيد منه وتفــر منه في حيــاتـك ، قـد وصلك وأدركـك ، وعلى كـل حــال ففي الآيـة التحــذيــر من التهــاون بالأعمال الصالحة ، والتكاسل عن التــوبـة ، وأن الإنسان يجب أن يبــادر ، لأنـه لا يـدري متى يـأتيــه المــوت .

 

ثم قــال : { ونفخ في الصــور ذلك يــوم الــوعيـد } النــافــخ في الصـــور هــو ملك ، وَكَّله الله تعالى بـه يسمى إسرافيـل ، والنفـخ في الصــور نفختــان :

 

الأولى : نفخــة الصعــق فيسبقهــا فــزع ، ثم صعـق .

 

والثــانيــة : نفخــة البعــث . وبينهما أربـعـــون ،

وقـد سُئل أبــو هــريــرة راوي الحــديث : مــا المــراد بالأربعيــن ؟ فقــال : أبيت (15) .

 

أي أني لا أدري مــا المــراد بالأربعيــن التي ذكــرهــا النبي "صلى الله عليه وسلم" ،

 

المهم أن المـــراد بقــوله: { ونفخ في الصــور } النفخــة الثــانيــة بـدليل قــولـه : { ذلك يــوم الــوعيد } وهـــذا يعني أنـه بهذه النفخــة صــار يــوم القيــامــة الـذي هـــو يــوم الــوعيد .

 

فــإن قــال قــائــل : يــوم القيـامـة يــوم الــوعيد للكفــار ، ويــوم الـوعـد للمــؤمنين ، فلمـاذا ذكــر الله تعالى هنــا الـوعيــد دون الــوعــد ؟

 

فـالجـــواب : لأن السورة كلها مبــدوءة بتكـذيب المكـذبين للـرسول عليه الصلاة والسلام ، فناسب أن يغلب فيها جــانــب الــوعيد { ق والقـــرءان المجيد * بـل عجبــوا أن جــاءهم منذر } إلخ..

فكــان من الحكمة أن يــذكــر الــوعيــد دون الــوعــد ، ومــع ذلك فقـد ذكــر الله تعالى أصحــاب الجنة فيما بعد ، لأن القــرآن مثاني .

 

{ وجـــاءت كــل نفس معها سآئــق وشهيد }

 

جـــاءت يعني يــوم القيــامــة كل نفس ، أي كـل إنسان كل بشر . ويحتمل أن يكــون معنى كل نفس من بني الإنسان ومـن الجن أيضــاً ، ممن يلــزمــون بالشــرائــع ،

 

لأننا إن نظــرنـا إلى السيــاق وهـــو قــولـه : { ولقــد خلقنــا الإنسـان ونعلم مــا تــوسوس بـه نفسه } الـخ ..

قلنــا : المــراد بالنفس هنــا نفس الإنسان ، وإذا نظــرنـا إلى أن الشرائــع تلــزم الجن كما تلـزم الإنس ، وأن الجـن يحشــرون يــوم القيــامــة ، ويـدخــل مــؤمنهم الجنــة ، وكــافــرهم النـار ،

 

قلنــا : إن هــذا عــام ، فالله أعلم بما أراد ، { معها سـآئــق } يسـوقهــا { وشهيد } يشهد عليها بما عملت ، لأن هـــؤلاء المــلائكــة - عليهم الصلاة والسلام - قــد وكلــوا بكتــابـة أعمــال بني آدم من خيــر وشر ،

 

وكما سبق أنهم يكتبـــون كل شيء : الخيـــر والشر واللغــو ، لكـــن لا يحاسب الإنسان إلا على الخيــر أو الشر ،

 

ثم قــال تعالى: { لقـد كنت في غفلة من هـذا } { كنت} الخطــاب للإنسان ، وفيها التفـات ، والالتفــات معنــاه أن ينتقل الإنسان في أسلــوبـه من خطــاب إلى غيبة ، أو من غيبة إلى خطــاب ، أو من تكلم إلى غيبـة ،

 

وفــائدة ذلك الالتفــات أنه يشد ذهن السامــع ، فبينمــا الكلام على نسق واحــد ، إذا بـه يختلف ،

انظـــر إلى قــوله تعـالى : { ولقــد أخــذ الله ميثــاق بني إسرءيل وبعثنــا منهم اثنى عشر نقيبــاً } ولم يقــل وبعث ،

 

وانظــر إلى الفـاتحــة نقــرأها كل يــوم في كل ركعــة من صلــواتنــا {الحمد لله رب العـالمين * الـرحمـن الـرحيم * مـلك يــوم الـدين * إيــاك نعبد } ولم يقــل ( نعبــده )

 

فالالتفــات أسلــوب من أساليب اللغــة العــربيــة ، وفــائـدتــه شدُّ ذهــن السامـع لما يلقى إليه من الكــلام { لقــد كنت في غفلة من هـذا }

 

{ لقــد كنت } هــذه الجملة ، يقــول العلمــاء : إنها مــؤكــدة بثــلاثـة مــؤكــدات ،

 

الأول : القسم ، والثــاني : اللام ، والثــالث : قـد ،

والتقــديـــر ( والله لقــد كنت في غفلة من هــذا) .

 

فــإن قيــل : أليس خبــر الله تعالى حقًّـا وصــدقــاً . سواءٌ أكـد أم لم يـؤكــد ؟

 

قلنــا : بلى ، ولا شك ، ولكــن مـادام القـــرآن نـزل باللسان العربي ، فــإنه لابــد أن يكـــون التأكيــد في مــوضعــه ، وعــدم التـأكيد في مــوضعــه ، لأن المقصـــود أن يكـــون هــذا القــرآن في أعلى مــراتب البــلاغــة

 

{ لقــد كنت } أي : أيهــا الإنسان { في غفلة من هـذا } أي كنت غــافــلاً عن هــذا اليــوم ساهٍ في الـدنيــا ، كــأنــك خلقت لها { فكشفنــا عنك غطــاءك } يعني هــذا اليــوم كشف الغطــاء ، وبـان الخفي ، واتضــح كـل شيء

 

{ فبصــرك اليــوم حـديـد } أي قــوي بعد أن كـان في الـدنيــا أعشى أعمى ، غـافــل ، لكـــن يــوم القيــامــة { يــوم تجــد كـل نفس مـا عملت من خيــر محضــرًا }

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

تفسيـــــــــر ســـــورة (( ق ))

للعـلامـة / محمد بن العثيمين"رحمه الله تعالى " .

ــــــــــ يتبــــع ـــــــــ

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

( الحلقــــة الـثــامنــة )

 

تفسيـر الآيــات من أيـة ( 23 ) : أيـة ( 26 )

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

{ وقــال قــرينــه هـذا مــا لـدى عتيد }

 

قــريـن الإنسان هـــو المَلَك المـوكــل بـه ليحفظ أعمــاله ؛ لأن الله تعالى وكَّـل ببني آدم مـلائكــة عن اليمين وعن الشمال قعيــد ،

 

وهــذا من عنــاية الله بــك أيها الإنسان ، أن وكَّــل بــك هــؤلاء المــلائكـة يعلمــون مــا تفعل ، ويكتبـــون ، لا يــزيــدون فيه ولا ينقصــون فيه ، فيقــول القــرين : { هـــذا مــا لدى عتيــد} أي : حــاضــر ، ويحضــر للإنسان

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

فيقــال : { ألقيــا في جهنم كـل كفــار عنيد } قــوله : { ألقيا }

قـد يشكل على طــالب العلم ، لأنـه قــال : { وقــال قــرينه هـذا مــا لدى عتيد } وقـرين مفــرد ،

وهنـا { ألقيــا } فيهـا ألــف التثنيـة ، فكيف صــح أن يخــاطــب الــواحــد بخطــاب الاثنين ؟

 

اختلف المفســـرون في الجــواب عن هــذا ، فقــال بعض العلمــاء :

 

ألقيـا اتصل بهـا ضمير التثنية بنــاءً على تكــرار الفعل ، مثل قــولـه : ألقي ألقي ، فالتكــرار للفعل لا للفـاعل .

 

القـــول الثـاني :

 

أن قـوله : { وقــال قــرينه هـذا مــا لـدى عتيد } إمــا أن يكــون مفــرداً مضــافــاً ، والمعــروف أن المفــرد المضاف يكــون للعموم، فيشمل كــل مــا ثبت من قــرين ، وعلى هـــذا فيكــون { وقـال قــرينــه } أي الملكــان المــوكـلان بـه .

 

فــإذا قــال قــائــل : أروني دليــلاً أو شاهـداً على أن المفــرد يكــون لأكثــر من واحــد .

قلنـــا : يقــول الله - عز وجل -: { وإن تعــدوا نعمة الله لا تحصــوهــا }.

وهـــل نعمــة الله واحــدة ؟

لا ، لأن الله تعالى قــال: { وأسبــغ عليكم نعمه ظــاهـــرةً وبـاطنــةً } . لكــن نعمة الله مفــرد مضاف، فتكــون شاملة لكــل نعمــة .

 

ويمكن أن يقــول قــائــل : إن قــولـه : { وقــال قــرينــه } هـــو واحـــد من الملكين ، ولا شك أنـه يجـــوز أن يتكلم واحــد من الاثنين باسم الاثنيـن .

 

{ كــل كفــار عنيــد * منـاع للخيــر معتد مــريـب * الـذي جعــل مــع الله إلـهـاً ءاخــر }

خمسة أوصـــاف :

 

{ كفـــارٍ } ، صيغــة مبــالغــة ، فــإمــا أن يقــال إنـه كــان صيغــة مبـالغــة ، لأن هذا الكــافــر قــد فعل أنــواعــاً من الكفــر ، فــإذا جمعــت الأنـــواع صـــارت كثيـــرة ،

 

وقــد يقــال : إن هــذه الصيغة ليست صيغـة مبالغـة ، وإنما هي صيغــة نسبــة ، كما يقــال : نجــار ، وحــداد ، ومــا أشبه ذلك ممن ينسب إلى هــذه الحــرفــة ،

فكفــار ، أي : كــافــر ، لكنــه قــد تمكن الكفــر في قلبه - والعياذ بالله -.

 

{عنيـدٍ } أي : معــانــد للحق، لا يقبــل مهما عــرض لـه الحــق بصـــورة شيقـة بينـة واضحــة لا يقبــل .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

{ منـاعٍ للخيــر } فيمنــع الــدعــوة إلى الله ، ويمنــع بـذل أمــواله فيما يـرضي الله ، ويمنــع كـل خيــر ،

لأن قــولـه : { للخيـــر } لفظ يشمل كـل خيـــر ، وقــولـه : منــاع كـأنه يلتمس كل خيــر فيمنعــه ، فتكــون هــذه الصيغة صيغــة مبالغـة .

 

{معتــدٍ } أي : يعتــدي على غيــره ، فلم يمنــع غيــره من الخيـــر فقط ، بــل يعتــدي عليه ، وانظــروا إلى كفــار قــريش مــاذا صنعــوا مــع الــرسول "صلى الله عليه وسلم " ، منعــوه واعتــدوا عليه .

 

{ مـريـبٍ } أي : واقــع في الــريبــة والشك والقلــق ، وكــذلك أيضــاً يشكــك غيــره فيــدخــل في قلبه الــريبــة ، فكلمة { مــريــبٍ } تقتضي وصــف الإنسان بها ، وحمل هــذا الــوصف إلى غيــره .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

{ الــذي جعــل مــع الله إلـهــاً ءاخـــر } ،

مــا أوسع هــذه الكلمــة ، وإذا كــانــت هــذه الكلمة وصفــاً للكفَّــار العنيد ، فالمعنى أنـه يعبد مــع الله غيــره ،

وكلنا يعلم أن المشركين كــانــوا يعبدون مــع الله غيــره ، فيعبــدون اللات ، ويعبــدون العـزى ، ويعبدون منـاة ، ويعبـــدون هبل ، وكـل قــوم لهم طــاغيــة يعبــدونها كما يعبــدون الله ، يـركعــون لها ، ويسجــدون لها ، ويحبــونهــا كما يحبـــون الله ، ويخــافـــون منها كما يخــافــون من الله - نسأل الله العـافيــة -

 

هــذا إذا جعلنــا قــولـه تعالى : { مــع الله إلـهــاً ءاخــر } وصف لهـذا الكفَّــار العنيد ،

 

أمــا إذا جعلناه أشمل من ذلك فــإنهــا تعم كــل إنسان تعبد لغيــر الله ، وتـذلل لغيــر الله ، حتى التــاجــر الـذي ليس لـه هم إلا تجــارتــه وتنميتهــا فـإنــه عــابــد لها ، حتى صــاحب الإبـل الــذي ليس له هم إلا إبله هـــو عــابد لها ،

 

والــدليل على أن من انشغل بشيء عن طــاعــة الله فهــو عــابــد له ،

 

قــول النبي صلى الله عليه وسلم: «تعس عبدالدينار، تعس عبدالدرهم، تعس عبدالخميصة ، تعس عبد الخميلة » (16) .

عبدالدينــار هــذا تــاجــر الــذهب ، وعبدالدرهم تـاجـــر الفضــة ، وعبدالخميصة تــاجــر الثيــاب ؛ لأن الخميصة هي الثـــوب الجميل المنقــوش ، وعبدالخميلة تـاجــر الفــرش ، أو ليس بتــاجــر ، يعني لا يتجــر بهذه الأشيــاء لكــن مشغـــول بها عن طــاعــة الله ، إن أعطي رضي ، وإن لم يعط سخط ،

 

فسمى النبي "صلى الله عليه وسلم" مـن اشتغــل بهــذه الأشياء الأربعـة عبــداً لها ،

وفي القــرآن الكــريم مــا يــدل على أن العبــادة أوسع من هــذا ، قــال الله تعالى : { أرءيــت من اتخــذ إلـهه هـــواه } .

 

فــدل ذلك على أن كــل من قــدم هــوى نفسه على هــدي ربــه فهــو قــد اتخــذ إلهــاً غيــره ،

ولهــذا يمكننـا أن نقــول : إن جميع المعاصي داخلة في الشرك في هــذا المعنى ، لأنـه قــدمهــا على مــرضــاة الله تعالى وطــاعتــه ، فجعـل هــذا شريكـاً لله - عزوجل - في تعبــده لـه ، واتبــاعــه إيــاه ،

 

فالشرك أمــره عظيم ، وخطــره جسيم ، حتى الـرجــل إذا تصدق بـدرهم وهــو يـلاحظ لعل الناس يـرونـه ليمدحــوه ويقــولــون :

 

إنـه رجــل كــريم . يعتبــر مشركـاً مــرائيــاً ، والــريــاء شرك ، وأخـــوف مــا خــاف النبي عليه الصلاة والسلام على أمتــه الشرك الخفي ، وهـــو الــريــاء (17) ،

 

فعلى هــذا نقــول : { الــذي جعل مــع الله إلـهــاً ءاخــر } ، إن كـانــت وصفــاً خــاصـاً بالكفَّــار العنيد ، فــإنهــا تختص بمن يعبد الصنم والــوثــن ،

 

وإن كــانت للعمـــوم فهي تشمل كــل من اشتغل بغيــر الله عن طــاعتــه ، وتقــدم ذكــر الأمثلة والأدلـة على مــا ذكــرنــا .

 

قــال الله تعالى : { فـألقيــاه في العــذاب الشديد } وهــو عــذاب النار ، نسأل الله أن يعيــذنـا منهــا بمنه وكــرمــه ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

تفسيـــــــــر ســـــورة (( ق ))

للعـلامـة / محمد بن العثيمين "رحمه الله تعالى " .

ــــــــــ يتبــــع ـــــــــ

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بارك الله فيكِ حبيبتى ونفع بكِ

 

مجهود راااااااائع جعله الله فى ميزان حسناتك

 

سبحان الله ..هذه السورة أعشقها فما قرأتها مرة إلا وأجد تأثرى بها أعلى من التى قبلها

 

أشعر أنها سورة جامعة رغم أنها تقريبا 3 صفحات لكن فيها الكون كله من البدء إلى الآخرة

 

اللهم ارزقنا الثبات على الحق والبعث عليه بإذن الله برحمته وعفوه و مغفرته ..أمين يارب العالمين

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

@أم يُمنى

 

اللهم امين

 

وانا ايضا من اقرب السور لقلبي .. سبحان الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

( الحلقــــة الـتـاسعــة )

 

تفسيـر الآيــات من أيـة ( 26 ) : أيـة ( 30 )

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

{ قــال قــرينــه ربنــا مــآ أطغيتــه ولـكن كان في ضــلال بعيــد }

 

هــو يـدعي أن قــرينــه هـــو الـذي أطغــاه وهــو صده عن سبيل الله ،

فيقــول قـرينــه : { ربنــا مــآ أطغيتـه } ، مــا أمــرتـه أن يكــذب ، ولا أن يكــون عنيـداً ، ولا أن يكــون معتـديـاً ، ولا أن يكــون مـريبــاً ، ولا أن يكـون مشركـاً مــع الله أحــداً ،

 

مــا فعلت هــذا { ولـكن كـان في ضلـل بعيــد } أي : كـان هــذا الكــافـر في ضـلال بعيد عن الحق ،

حينئذ لـدينــا خصمــان : الكفَّــار العنيد ، والقـريـن ، فالكفَّــار العنيد يـدعي أن القـرين هــو الـذي أغــواه وأطغــاه ، والقـريـن ينكــر ذلك ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

فيقــول الله - عز وجل - { لا تختصمــوا لـدى } ، الخصــومــة منقطعــة ، لأن الحجـة قـائمــة ولا عــذر لأحـد ،

 

{ وقــد قــدمــت إليكم بـالــوعيد } ، أي أوعــدتـكم على المخـالفــة فـلا حجــة لكم ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

{ مـا يبــدل القــول لــدىَّ ومـآ أنـا بظــلام للعبيـد }.

 

يعني لا أحــد يستطيـع أن يبـدل قــولي ؛ لأن الحكم لله - عز وجل - وحــده ، فـإذا كـان الله تعالى قــد وعــد فهــو صــادق الـوعــد سبحانه وتعالى ،

 

وأمــا الإيعــاد فقـد يغفــر مـا شاء من الــذنــوب إلا الشرك { ومــآ أنــا بظـلام للعبيد } يعني لست

أظلم أحــداً ،

وكلمــة ( ظــلاَّم ) لا تظـن أنها صيغــة مبــالغــة ، وأن المعنى أني لست كثيــر الظلم ، بل هي من بــاب النسبة ، أي: لست بـذي ظلم ،

 

والـدليــل على أن هــذا هــو المعنى ، وأنـه يتعيــن أن يكــون هــذا المعنى قــوله تعالى : { إن الله لا يظلم مثقــال ذرة وإن تـك حسنــةً يضـاعفهــا } ،

 

ويقــول - عز وجل -: { ومن يعمل من الصـالحـت وهــو مــؤمـن فــلا يخــاف ظلمـاً ولا هضمـاً } .

ويقــول - عز وجل -: { ولا يظلم ربــك أحــدًا } .

 

والآيــات في هــذا كثيـــرة ، أن الله لا يظلم ، بـل إننـا إذا تـأملنــا وجــدنــا أن فضل الله وإحسانه أكثــر من عـدله .

 

جــزاء سيئــة سيئــة مثلهــا ، وجزاء حسنة عشرة أمثــالهـا ، ولــو أردنا أن نأخذ بالعــدل لكـان السيئــة بالسيئــة ، والحسنة بالحسنة ، لكـــن فضل الله زائــد على عـدله - عز وجل - فهــو سبحانه وتعالى يجـزي بالفضــل والإحسان لمن كـان محسنــاً ،

وبـالعــدل بـدون زيـادة لمن كـان مسيئـاً { مــا يبــدل القــول لـدىَّ ومــآ أنـا بظـــلام للعبيـد} .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

{ يــوم نقــول لجهنم هـل امتــلأَت وتقـــول هــل من مــزيــد }

 

يــوم : ظـــرف زمــان ، والظــروف الــزمــانيـة والمكــانيــة ، وكــذلك حــروف الجــر لابد لهـا من متعلـق ، أي لابـد لها من فعــل ، أو مــا كــان بمعنى الفعــل تتعلــق بـه ،

 

فما هـــو متعلــق قــولـه : { يــوم نقـــول لجهنم }

نقـــول : هـــو محــذوف ، والتقــديــر : ( اذكــر يــوم نقــول لجهنم ) وليعلم أنـه يــوجــد في اللغــة العــربية كلمــات تحــذف بـل ربما جمـل تحــذف ،

 

وذلك فيما إذا دل عليها السيــاق ، فهنــا الكلمــة التي تتعلـق بها كلمـة يــوم محــذوفــة ، والتقــديــر : اذكـــر { يــوم نقـــول لجهنم هــل امتــلأَت وتقـــول هـل من مــزيــد }

 

يســألهـا الله - عز وجل -: { هــل امتـــلأَت } وهـــو يعلم سبحــانـه وتعـالى أنهـا امتــلأت ، أو لم تمتلىء ؛ لأنــه لا يخفى عليه شيء، لكنــه يسألهـا هــل امتــلأت ، ليقــرر لهـا مــا وعــدهــا سبحـانه وتعــالى ،

 

فــإن الله يقــول : { وتمت كلمةُ ربــكَ لأَمــلأَن جهنم من الجِــنَّـة والناس أجمعيـن }.

 

فيسألهـا : { هــل امتـــلأَت } يعني هــل حصــل مــا وعـد الله بـه ؛ لأن الله تكفــل بـأن يمــلأ الجنــة ويمــلأ النــار ،

فتقــول : { هــل مــن مـزيـد } ، ( هــل ) أداة استفهــام ، وهي حــرف .

 

وهــل هي استفهــام طلب ، بمعنى : أنهـا تطلــب الـزيـادة ، أو استفهــام نفي ، بمعنى : أنهـا تقــول : لا مــزيــد على مــا فيهــا ؟ في هــذا للعلمــاء قــــولان :

 

القــــول الأول :

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

إن المعنى : لا مـزيــد على مــا فيَّ ، و ( هــل ) تـأتي لاستفهــام النفي كما في قــوله تعــالى : { هــل من خــالــق غير الله يــرزقكم من السمـاء والأَرض } أي مـا من خــالــق ؟ وعلى هــذا فتكــون النــار امتــلأت إذا قــالــت : لا مــزيــد على ذلك ، فالمعنى أنها امتــلأت .

 

القـــول الثــاني :

ــــــــــــــــــــــــــــــ

أنهـا استفهــام طلب، يعني تطلب الـزيــادة .

 

ـــ وإذا اختلـف العلمــاء في التفسيــر أو غير التفسيـــر فلنــرجــع إلى مــا قــالـه الله تعالى ورسوله "صلى الله عليه وسلم" ، فلننظــر أي القــولين أولى بالصـــواب ،

 

ثبت عنه "صلى الله عليه وعلى آله وسلم" أنــه قــال : ( لا تــزال جهنم تلقى فيهــا وهي تقـــول : هــل من مــزيـد ؟ حتى يضــع رب العــزة عليهــا قـدمــه » أو قــال عليها رجله « فينــزوي بعضها إلى بعض وتقـــول قـط قـط )

 

ـــ أخــرجه البخـاري ، كتــاب الأيمان والنــذور، باب الحلف بعــزة الله وصفــاته وكلمــاته (6661) ومسلم، كتاب الجنة وصفــة نعيمهـا وأهلهـا ، باب النار يدخلهــا الجبــارون والجنــة يدخلها الضعفــاء (2848). ـــ

 

فـأولى القـــولين بالصـــواب ، إنها استفهــام طلب يعني تطلب الــزيــادة ، ولكــن رحمة الله سبقــت غضبـه ، يضــع عليهــا عـزوجل رجله على الـوجــه الــذي أراد ،

 

ثم ينــزوي بعضهــا ينضم إلى بعض وتتضــايــق وتقــول : لا مــزيــد على ذلك ، فحقت كلمــة الله أنـه مـلأ جهنم من الجنــة والناس أجمعين ،

 

وفي الحــديــث الـذي سقتــه إثبــات القــدم ، أو الـرجــل لله عـزوجل ،

والمــــراد رجــل حقيقــة لله عـزوجل ، إلا أنهــا لا تشبه أرجــل المخلــوقيــن بـأي وجــه من الــوجـــوه ،

 

نعلم علم اليقين أنهـا ليست مثــل أرجــل المخلــوقيــن ، لقــوله تعالى : { ليس كمثله شيء وهـــو السميع البصيـــر }.

 

والمقصـــود من قــوله تعالى : { يــوم نقــول لجهنم } هـــو تحــذيــر للناس ، لأن كل واحــد منا لا يــدري أيكــون من حطب جهنم ، أو يكــون ممن نجـا منهــا ؟

نسأل الله أن ينجينــا وإيــاكم منهــا .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

تفسيـــــــــر ســـــورة (( ق ))

للعـلامـة / محمد بن العثيمين "رحمه الله تعالى " .

ــــــــــ يتبــــع ـــــــــ

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

( الحلقــــة الـعــاشــرة )

 

تفسيـر الآيــات من أيـة ( 31) : أيـة ( 35 )

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

{ وأزلفــت الجنــة للمتقيــن غيــر بعيد }

أي قــربـت للمتقين مكـانـاً غيــر بعيــد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

{ هـذا } أي مــا تشاهــدون من قــرب الجنــة { مـا تــوعــدون } أي : هــذا الـذي تــوعــدون ، فـإن الله تعالى وعــد المــؤمنين العـاملين الصـالحــات وعــدهم الجنـة ، وصدق وعـده عـز وجـل ،

 

ولكـــن لمـن ؟

{ لكــل أواب حفيــظ } الأواب : صيغــة مبــالغــة من أبى يئــوب بمعنى رجــع ، أي لكـل أواب إلى الله ، أي رجـــاع إليه ،

 

{حفيـــظ } أي : حفيــظ لما أمـــره الله بـه ،

وهــذا كقــول النبي "صلى الله عليه وعلى آله وسلم " لعبـدالله بن عباس - رضي الله عنهما -: ( احفــظ الله يحفظــك ) .

ــــ أخـرجـه التـرمـذي ، كتـاب صفـة القيـامـة ، بـاب 59 (2516)

والإمـام أحمد (1/293، 303، 307) وقـال التـرمـذي : هـذا حـديث حسن صحيح ــــ .

 

والمعنى أنـه حفيــظ لأوامـــر الله ، لا يضيعهــا ولا يقــابلهــا بكسل وتــوانٍ بــل هـــو نشيط فيهــا ،

وإذا عصى بتـــرك واجـــب ، أو فعـل محـــرم تجــده يــرجــع إلى الله ، فهــو أواب رجــاع إلى الله تعالى مـن المعـاصي إلى الطـاعــات ،

وكـذلك حفيـظ حــافـظ لما أمـــر الله بـه ، محـافــظ عليه ، قــائـم بـه

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

{ من خَشِىَ الــرحمـن بالغيــب وجــاء بقلب منيب } من بـدل مما سبقهــا {خَشِىَ الرحمـن } أي : خــافـه عن علم وبصيـــرة ، لأن الخشية لا تكـــون إلا بعلم ،

 

والــدليــل قــوله تعالى : { إنما يخشى الله من عبــاده العلمــاء } فهي خشية أي خـــوف ورهبــة وتعظيم لله عز وجل ، لأنهـا صــادرة عن علم ،

 

وقــولـه : { من خَشِىَ الــرحمـن بـالغيــب } لهــا معنيـــان :

 

المعنى الأول :

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

أنـه خشي الـرحمـن مــع أنـه لم يــره ، لكـــن رأى آيــاتـه الــدالة عليه .

 

المعنى الثــاني :

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

خشيــه بالغيــب ، أي : بغيبتـه عن الناس ، فهــو يخشى الله وهــو غــائــب عن الناس ، لأن مـن الناس من يخشى الله إذا كــان بين الناس ، وإذا انفـــرد فــإنـه لا يخشى الله ، مثل المــرائي المنــافــق ، إذا كــان مــع الناس تجــده من أحسن الناس خشيــة ، وإذا انفــرد لا يخشى الله ،

 

كـذلك أيضــاً من الناس من يكـــون عنده خشية ظــاهــريــة ، لكـــن القلــب ليس خــاشيــاً لله عـز وجل - فيكـــون بـالغيــب ، أي مــا غــاب عن الناس ، ســواء كــان عمله في مكــان خــاص ،

أو مــا غــاب عن الناس بقلبـه ، فـإن خشيــة القلــب هي الأصــل

 

{ وجـــاء بقلــب منيب }

أي جــاء يــوم القيــامــة بقلـب منيب يعني رجـــاع إلى الله - عـز وجل - يعني أنــه مــات وهـــو منيب إلى الله فهـــو كقــولـه : { ولا تمــوتــن إلا وأنتم مسلمـــون }

 

والمعنى أنــه بقي على الإنــابــة والــرجـــوع إلى الله - عــز وجل - إلى أن مــات ، وإلى أن لقي الله ، لأن الأعمــال بالخــواتيـم ، نسأل الله أن يختم لنا بـالخيــــر .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

{ ادخلـــوهـا بسلام ذلك يــوم الخلـــود } ،

ادخلــوهــا : أمــر ، وهــل هـــو أمــر إلــزام ، أو أمـــر إكــرام ؟

 

لا شك أنـه أمــر إكـــرام ، لأن الآخـــرة ليس فيهـا تكليــف وإلــزام ، بــل إمــا إكــرام وإمــا إهــانــة .

فقـــوله تعـالى للمجــرمين : { ادخلــوا أبــواب جهنم } هــذا أمــر إهــانــة ،

 

وقــوله للمــؤمنين هنــا { ادخلـــوهــا بسلام } هــذا أمــر إكــرام وقــوله { بسلام } ، البـاء هنــا للمصــاحبــة ،

والمعنى : دخــولاً مصحــوبـاً بسلام ، سلام مـن كـل آفــة ،

 

فـأصحــاب الجنــة سالمـــون مـن الأمـــراض ، وسالمــون مـن الهــرم ، وسالمـــون من المـــوت ، وسالمـــون مـن الغل ، وسالمـــون مـن الحسد ، وسالمـــون من كـل شيء ،

فــأهـــل الجنـــة سالمــــون { لهم مــا يشاءون فيهـا } أي لهـــؤلاء المتقين مــا يشاءون {فيهـا } أي : في الجنـــة

 

{ ولــدينــا مــزيــد } يعني مـزيــد على مــا يتمنـــون ويشاءون ، لأن الإنسان بحكمــه مخلــوقــاً يعجــز عن أن يستقصي كـل شيء وتنقطــع نيتــه بحيث لا يـدري مـا يتمنى ،

لـكــــن هــــؤلاء أهــل الجنــة ، كــل مــا يشتهـــون فيهـا فـإنـه مــوجـــود طيب ، لــو اشتهى الإنسان ثمــرة معينـة كــرمــان أو عنــب أو مــا أشبه ذلك يجــدهــا في أي وقــت ، كــل شيء يشتهيــه الإنسان ويطلبــه فــإنه مــوجـــود لا ينتهي ،

 

بــل قــال الله - عـز وجل -: { ولــدينــا مــزيــد } يعني نعطيهم فــوق مــا يشتهــون ويتمنـــون.

 

ومــن الــزيــادة النظـــر إلى وجــه الله - عـز وجل -

ولهــذا استــدل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وغيــره من أهــل العلم بهــذه الآيــة على إثبــات رؤيــة الله - عـز وجل - وقــال : إن هــذه الآيــة : { لهم مــا يشاءون فيهــا ولــدينـا مــزيــد } .

كقــوله تعـالى: { للــذين أحسنـــوا الحسنى وزيــادة } ،

نسأل الله تعالى أن يجعلنــا منهم ، وأن يـرزقنــا النظــر إلى وجهـه الكــريم في جنــات النعيم .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

تفسيـــــــــر ســـــورة (( ق ))

للعـلامـة / محمد بن العثيمين "رحمه الله تعالى " .

ــــــــــ يتبــــع ـــــــــ

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×