اذهبي الى المحتوى
عروس القرءان

# .. لذة الإيمــان .. وشهْد الحيــاة .. #

المشاركات التي تم ترشيحها

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

صفية الودغيري

# .. لذة الإيمــان .. وشهْد الحيــاة .. #

 

إنَّ الحياة بلا أهداف نبيلة وغايات عظيمة هي أشبه بالموت، وإنَّ الإنسان الذي لا يحمل بداخله رسالة نبيلة يحيا لأجل تحقيق أهدافها ويوقِف لخدمتِها أنفسَ ساعاتِه، يصبح أشبه بالميِّت من الأحياء، همَلاً ليس له أثرٌ يذْكَر ولا بصمةٌ تخلّد أخبارَه وتنقش إسمه في الذَّاكرة وتاريخ الأمة الحافِل بالأمجاد.

 

 

ولكن هذا الوجود الرَّحب يحتوي من الأسرار والغايات ما تستحقُّ حفظنا لتلك الأمانة الجليلة التي استخلفنا الله عليها وأن نؤدِّيها بشرف ونزاهة، ونتحرَّر من ذاك الوجود الضيق الذي يحجُب عنَّا الإحاطَة بتلك الأسرار والمعاني العميقة التي تتحرَّك بها هذه الأنفاس الصَّاعدة والنَّازلة، والنَّبضات التي تهزُّ الصدر هزًّا فتوقِظ فينا الشُّعورَ الجامِد بدورة الحياة وصبيبِ الدَّم الجاري في عروقنا، كي نمضي في طريقٍ شاقٍّ وعر وأرواحُنا سابحة في الكون تلبِّي نداء التكبير والتهليل والتمجيد والتعظيم لمن أوْدعَها في هذه الأجساد ولم يقيِّدها بالأثقال، تتنفَّس بأنفاسها وحركات جوارحها وتنشَط لسعيها في الأرض على نورٍ وبصيرة.

 

# .. لذة الإيمــان .. وشهْد الحيــاة .. #

 

فإيمانك هو مصباح قلبك؛ ومتى انطفأ نوره السَّاطع بداخلك صارت روحك معتَّمة تعيشُ الضَّنك والشدة، مصداقا لقول الحق سبحانه: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى، قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا، قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى} [طه:123-126].

 

فليس العَمى هو السَّواد الذي تراه العيون التي حُجِب عنها الإبصار، فالقلوب لها عيونٌ تُبْصِر النُّور الذي يختبئ في سُرجِ الظَّلام.

 

إنما العَمى الحقيقي هو الشعور بالظلام حين يغشى قلوبًا جفَّت مجاريها ونضبَت في عروقِها مصبَّات الدِّماء، وخمدَ في مآقيها فتيلُ الأنوارِ السَّاطعة، وتوقَّفت تغاريد الإيمان الصَّادِحَة على عرش نبضاتها، وتعالى الحق سبحانه الذي أرشدنا إلى هذه العبر والعِظات البليغة لنهتدي بها فقال:

{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج:46].

 

# .. لذة الإيمــان .. وشهْد الحيــاة .. #

وإيمانك يدْفَعُك إلى غايةٍ أسْمى، فأنت لا تستمِدُّ قيمتَك الحقيقية ممَّن حولك من العبيد الفقراء لأنَّهم لا يملكون أكثر ممَّا أنت تملكُه، وما جُمِع بين أيديهم هي هِباتٌ ونِعَمٌ مُهْداة إليهم من صاحب النَّوال والعَطاء سبحانه، وما أدركوه من الدنيا الفانية لا يتعدَّى نقطةً من بحر علمه الواسع.

فاجعل إيمانك يرفعُك إلى القمة، ويدْفَعُك إلى طلبِ المعالي وبلوغ الغاياتِ الأسْمى، والمُجاهَدَة في رحلة الفلاح والفوز بالجنَّة، وفي سباقِ الطَّاعات مع الزُّمرة الأولى التي توحَّدت قلوبُها وغاياتها بوحدةِ الإيمان ورباطه المتين وتدثَّرَت بدِثارِ نوره وجلاله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:

«لا اختلافَ بينهم ولا تباغُضَ، قلوبُهم قلبٌ واحدٌ، يُسَبِّحونُ اللهَ بكرةً وعَشِيًّا»

(رواه البخاري).

 

واجعل إيمانَك يسمو بك عن سَفاسِف الأمور وأَوْشالِ الحظوظ وأَخَسِّ الرَّغبات وأَصاغِرها، ويرْفعُك عن مخالطة كل ردِيَّة تُرْديك وخصْلَة مَذْمُومَة تخلع عنك هيبتك ووقارك

 

# .. لذة الإيمــان .. وشهْد الحيــاة .. #

 

واجعل إيمانك يرْتقي بك مداِرجَ العزِّ والمجد والرِّفعة، فيصْغُر العالَم بأجزائه الكثيفة في محيطِ بصرِك

 

إيمانك يهَبُك الحرية والحياة المضاعفة؛ فالإنسان المؤمن يجِدُ سعادته في لذَّة العبودية، فيسطع قلبه بنورها الإيماني ويسري بداخله سريانَ الدِّفء المنبعث من الشمس أوَّل ظهورها بذاك الصفاء والنقاء والإشراق، ويصبح له كيانٌ شامِخ ووجودٌ يتمثَّل الحرية المرتبطة بقوة التوحيد، في أنفاسه وخلجاته، وفي تلك العين التي تتأمَّل وتتدبَّر، وتلك البصيرة التي تكشف له حقيقة الأشياء ومعانيها، وتلك الحواس التي تحرّرت من كل عبودية لغير الله، فصار التوحيد لها منهجًا وطريقًا، ومعالم تحدِّد غاياتها.

 

# .. لذة الإيمــان .. وشهْد الحيــاة .. #

 

أما الحياة المنعَّمة بنعيم الملذَّات الفانية، والمُفرِطة في الإقبال على ترفِ الحاجات، وتلْبية نداء الرَّغبات، وتحقيقِ مطامِح النفس التي لا تقنع إلا ببلوغ ما لا يسَع العمر بلوغَه،فهي تُلْقي بصاحبها في مراتِع الشهوات، وتغرقُه الأهواء في بحرٍ تتجاذبُه أمواج الفتن، فتصرفُ روحه عن ارْتِقاء مدارجِ السَّالكين طريق الله، وتقيِّد جسده بالقيود والأغلال المادِّية حتى تُرْهِقه بالإِشْباعِ الزَّائِد عن حاجة النفس الضروريَّة.

 

فما أجمل أن يمتلك الإنسان حياة مضاعفة ومشرقة بسِراج المعرفة، فلا تبْرد جذْوة معانيها العزيزَة في ميزان الإيمان والتقوى بقيمتِها النَّفيسة، وقيمِها الإنسانية والفكرية العظيمة، وإن كانت خامِلَة في ميزان المادة.

 

وما أسعد النفس المؤمنة بما تَزْرعُه من الطيِّبات، وما تلْتقِطُه من سنابلِ الخَيْرات، وما تحْصُدُه من الرُّطَب وأَعْذاقِ الطَّاعات، فتروم مرامَ العارفين بالله، مُقْبِلةً على الله إقبالَهُم عليه وقد تحلَّلت ممَّا تحلَّلوا منه من قيود العبوديَّة وفِتَن المادَّة، وانصرفَت انْصرافهم للطاعات، وتطهَّرت مما اسْوَدَّ من الضَّغائنِ والأحقاد، والخطايا والآثام، والأَخْلاطِ الرَّديئة، ترْتوي من رَشْفِ منابع الفطرة حتى تطيبَ وتلتذَّ بسِقائِها العذْب، وتتَنفَّس بأنفاسِها في فضائِها الرَّحْب .

 

 

مما راق لي~

  • معجبة 3

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

رائعة هي الأحرف التي سُطرت هنا

بارك الله فيك وجزاك خيرا

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاك الله خيرا أختي ونفع بك..

إنتقاء جميل وموفق بفضل الله.. بوركت

أحبك في الله أخيتي.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

@

@

 

وجزاكنّ الله خير الجزاء أخواتي الحبيبات

بوركتنّ على كلامكنّ الطيب .. ومروركنّ الجميل :)

رزقني الله وإياكنّ لذة الإيمان، والجنة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

انتقاء طيب جدا بفضل الله

جزاك الله خيراً وجعله في ميزان حسناتك

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاك الله خيرا يا غالية

جميل بارك الله فيك ونفع بك

وإيمانك يدْفَعُك إلى غايةٍ أسْمى، فأنت لا تستمِدُّ قيمتَك الحقيقية ممَّن حولك من العبيد الفقراء لأنَّهم لا يملكون أكثر ممَّا أنت تملكُه، وما جُمِع بين أيديهم هي هِباتٌ ونِعَمٌ مُهْداة إليهم من صاحب النَّوال والعَطاء سبحانه، وما أدركوه من الدنيا الفانية لا يتعدَّى نقطةً من بحر علمه الواسع.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

جزاكنّ الله خيرًا يا حبيبات على كلامكنّ الطيب ومروركنّ الجميل

لاحرمني الله من صحبتكنّ الجميلة :)

أسأل الله أن ينفعني وإياكنّ بهذه الكلمات الطيبة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×