اذهبي الى المحتوى
  • اﻹهداءات

    قومي بتسجيل الدخول أوﻻً لإرسال إهداء
    عرض المزيد

المنتديات

  1. "أهل القرآن"

    1. 57479
      مشاركات
    2. ساحات تحفيظ القرآن الكريم

      ساحات مخصصة لحفظ القرآن الكريم وتسميعه.
      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" [صحيح الترغيب]

      109817
      مشاركات
    3. ساحة التجويد

      ساحة مُخصصة لتعليم أحكام تجويد القرآن الكريم وتلاوته على الوجه الصحيح

      9066
      مشاركات
  2. القسم العام

    1. الإعلانات "نشاطات منتدى أخوات طريق الإسلام"

      للإعلان عن مسابقات وحملات المنتدى و نشاطاته المختلفة

      المشرفات: المشرفات, مساعدات المشرفات
      284
      مشاركات
    2. الملتقى المفتوح

      لمناقشة المواضيع العامة التي لا تُناقش في بقية الساحات

      180555
      مشاركات
    3. شموخٌ رغم الجراح

      من رحم المعاناة يخرج جيل النصر، منتدى يعتني بشؤون أمتنا الإسلامية، وأخبار إخواننا حول العالم.

      المشرفات: مُقصرة دومًا
      56695
      مشاركات
    4. 259983
      مشاركات
    5. شكاوى واقتراحات

      لطرح شكاوى وملاحظات على المنتدى، ولطرح اقتراحات لتطويره

      23500
      مشاركات
  3. ميراث الأنبياء

    1. قبس من نور النبوة

      ساحة مخصصة لطرح أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم و شروحاتها و الفوائد المستقاة منها

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      8255
      مشاركات
    2. مجلس طالبات العلم

      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع"

      32133
      مشاركات
    3. واحة اللغة والأدب

      ساحة لتدارس مختلف علوم اللغة العربية

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      4162
      مشاركات
    4. أحاديث المنتدى الضعيفة والموضوعة والدعوات الخاطئة

      يتم نقل مواضيع المنتدى التي تشمل أحاديثَ ضعيفة أو موضوعة، وتلك التي تدعو إلى أمور غير شرعية، إلى هذا القسم

      3918
      مشاركات
    5. ساحة تحفيظ الأربعون النووية

      قسم خاص لحفظ أحاديث كتاب الأربعين النووية

      25483
      مشاركات
    6. ساحة تحفيظ رياض الصالحين

      قسم خاص لحفظ أحاديث رياض الصالحين

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      1677
      مشاركات
  4. الملتقى الشرعي

    1. الساحة الرمضانية

      مواضيع تتعلق بشهر رمضان المبارك

      المشرفات: فريق التصحيح
      30256
      مشاركات
    2. الساحة العقدية والفقهية

      لطرح مواضيع العقيدة والفقه؛ خاصة تلك المتعلقة بالمرأة المسلمة.

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      53011
      مشاركات
    3. أرشيف فتاوى المنتدى الشرعية

      يتم هنا نقل وتجميع مواضيع المنتدى المحتوية على فتاوى شرعية

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      19530
      مشاركات
    4. 6678
      مشاركات
  5. قسم الاستشارات

    1. استشارات اجتماعية وإيمانية

      لطرح المشاكل الشخصية والأسرية والمتعلقة بالأمور الإيمانية

      المشرفات: إشراف ساحة الاستشارات
      40679
      مشاركات
    2. 47551
      مشاركات
  6. داعيات إلى الهدى

    1. زاد الداعية

      لمناقشة أمور الدعوة النسائية؛ من أفكار وأساليب، وعقبات ينبغي التغلب عليها.

      المشرفات: جمانة راجح
      21004
      مشاركات
    2. إصدارات ركن أخوات طريق الإسلام الدعوية

      إصدراتنا الدعوية من المجلات والمطويات والنشرات، الجاهزة للطباعة والتوزيع.

      776
      مشاركات
  7. البيت السعيد

    1. بَاْبُڪِ إِلَے اَلْجَنَّۃِ

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو احفظه." [صحيح ابن ماجه 2970]

      المشرفات: جمانة راجح
      6306
      مشاركات
    2. .❤. هو جنتكِ وناركِ .❤.

      لمناقشة أمور الحياة الزوجية

      97009
      مشاركات
    3. آمال المستقبل

      "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" قسم لمناقشة أمور تربية الأبناء

      36838
      مشاركات
  8. سير وقصص ومواعظ

    1. 31794
      مشاركات
    2. القصص القرآني

      "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثًا يُفترى"

      4883
      مشاركات
    3. السيرة النبوية

      نفحات الطيب من سيرة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم

      16438
      مشاركات
    4. سيرة الصحابة والسلف الصالح

      ساحة لعرض سير الصحابة رضوان الله عليهم ، وسير سلفنا الصالح الذين جاء فيهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.."

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      15479
      مشاركات
    5. على طريق التوبة

      يقول الله تعالى : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } طه:82.

      المشرفات: أمل الأمّة
      29721
      مشاركات
  9. العلم والإيمان

    1. العبادة المنسية

      "وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ.." عبادة غفل عنها الناس

      31147
      مشاركات
    2. الساحة العلمية

      العلوم الكونية والتطبيقية وجديد العلم في كل المجالات

      المشرفات: ميرفت ابو القاسم
      12926
      مشاركات
  10. إن من البيان لسحرًا

    1. قلمٌ نابضٌ

      ساحة لصاحبات الأقلام المبدعة المتذوقة للشعر العربي وأدبه

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      50492
      مشاركات
  11. مملكتكِ الجميلة

    1. 41313
      مشاركات
    2. 33884
      مشاركات
    3. الطيّبات

      ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ))
      [البقرة : 172]

      91746
      مشاركات
  12. كمبيوتر وتقنيات

    1. صوتيات ومرئيات

      ساحة مخصصة للمواد الإسلامية السمعية والمرئية

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      32200
      مشاركات
    2. جوالات واتصالات

      قسم خاص بما يتعلق بالجوالات من برامج وأجهزة

      13114
      مشاركات
    3. 34854
      مشاركات
    4. خربشة مبدعة

      ساحة التصاميم الرسومية

      المشرفات: محبة للجنان
      65605
      مشاركات
    5. وميضُ ضوء

      صور فوتوغرافية ملتقطة بواسطة كاميرات عضوات منتدياتنا

      6120
      مشاركات
    6. 8966
      مشاركات
    7. المصممة الداعية

      يداَ بيد نخطو بثبات لنكون مصممات داعيـــات

      4925
      مشاركات
  13. ورشة عمل المحاضرات المفرغة

    1. ورشة التفريغ

      هنا يتم تفريغ المحاضرات الصوتية (في قسم التفريغ) ثم تنسيقها وتدقيقها لغويا (في قسم التصحيح) ثم يتم تخريج آياتها وأحاديثها (في قسم التخريج)

      12904
      مشاركات
    2. المحاضرات المنقحة و المطويات الجاهزة

      هنا توضع المحاضرات المنقحة والجاهزة بعد تفريغها وتصحيحها وتخريجها

      508
      مشاركات
  14. IslamWay Sisters

    1. English forums   (37413 زيارات علي هذا الرابط)

      Several English forums

  15. المكررات

    1. المواضيع المكررة

      تقوم مشرفات المنتدى بنقل أي موضوع مكرر تم نشره سابقًا إلى هذه الساحة.

      101648
      مشاركات
  • أحدث المشاركات

    • هل وقفتَ يوماً عندَ قولِه تعالى على لسانِ محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ وَلِيِّيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) [الأعراف: 196] وتأملتَ فيها؟   يقولُ ابنُ كثيرٍ -رحمه الله تعالى- في تفسيرِه: "أَيْ اللَّهُ حَسْبِي وَكَافِينِي، وَهُوَ نَصِيرِي وَعَلَيْهِ مُتَّكَلِي وَإِلَيْهِ أَلْجَأُ وَهُوَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَهُوَ وَلِيّ كُلِّ صَالِحٍ بَعْدِي".   فهنيئاً لكم أيها الصالحونَ عنايةَ اللهِ -تعالى- بكم، وتدبيرَه لأمورِكم، واختيارَه ما يَصْلُحُ لكم، سواءً كانت تلكَ الأقدارُ مُفْرِحةً في أعينِكم أو مؤلمةً، وسواءً كانت ظاهِرةً لكم أو مُبْهَمةً، فالخيرُ كلُ الخيرِ أن يكونَ اللهُ -تعالى- الذي يعلمُ غيبَ السمواتِ والأرضِ ويعلمُ ما كانَ وما يكونُ هو من يتولى شئونَك، ويختارُ لك.   وصدقَ أبو العتاهيةِ حينَ قالَ:   وَإِذَا العِنَايَةُ لاَحَظَتْكَ عُيُونُهَا *** نَمْ فَالمَخَاوِفُ كُلُّهُنَّ أَمَانُ   وخيرٌ منه قولُ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "عَجِبْتُ لِلْمُؤْمِنِ، إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْضِي لِلْمُؤْمِنِ قَضَاءً إِلَّا كَانَ خَيْرًا لَهُ".   أيها العبدُ الصالحُ: إذا علمتَ أن اللهَ -تعالى- أرحمُ بك من أمِك، وأرحمُ بك من نفسِك، فسيطمئنُ قلبُك، وتسكنُ روحُك، وستعلمُ أن ما كتبَه اللهُ -تعالى- لك فهو خيرٌ كلُه، حتى وإن كانَ ذلك القضاءُ في ظاهرِه شراً، فإن عاقبتَه حميدةٌ، ونهايتَه سعيدةٌ.   وتعالوا معي أحدِّثُكم عن شيءٍ من أسرارِ اللهِ -تعالى- في أقدارِه لعبادِه الصالحينَ:   مساكينُ يعملونَ في البحرِ، ليس لهم من حُطامِ الحياةِ إلا سفينةً يتَكَسَبونَ بها، ينقلونَ الناسَ من ساحلٍ إلى ساحلٍ بأُجرةٍ ينفقون بها على أنفسِهم وأهليِهم، مروا يوماً على الساحلِ فوجدوا رجلينِ، عرفوا أَحدَهما وهو الخَضِرَ وكانَ معَه موسى -عليه الصلاة والسلام-، فقالوا: "عَبْدُ اللَّهِ الصَّالِحُ، فَحَمَلُوهُمْ بِغَيْرِ نَوْلٍ" -أي بغيرِ أُجرةٍ-.   فحبُهم لأهلِ الصلاحِ ونقلهِم دونَ أُجرةٍ مع حاجتِهم للمالِ يدلُ على صلاحِهم، ثم حدثَ شيءٌ غريبٌ.   "فَلَمَّا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ لَمْ يَفْجَأْ إِلَّا وَالْخَضِرُ قَدْ قَلَعَ لَوْحًا مِنْ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ بِالْقَدُومِ".   ولكم أن تتخيلوا شعورَ أولئكَ المساكينِ، وهم يرونَ سفينَتَهم الوحيدةَ وقد خُرقتْ، وعلى يدِ مَن؟   على يدِ ذلكَ الرجلِ الصالحِ الذي حملوه بغيرِ أجرةٍ.   لذلك: "قَالَ لَهُ مُوسَى: قَوْمٌ قَدْ حَمَلُونَا بِغَيْرِ نَوْلٍ عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا" أي عظيماً.   فهذا هو ظاهرُ الأمرِ للمساكينِ والكليمِ، ولكن ما هو تقديرُ العليمِ الحكيمِ؟   قالَ الخَضِرُ لموسى -عليه السلام-: (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا) [الكهف: 79].   فسبحانَ الذي حفظَ لهم سفينتَهم من ذلك المَلِكِ الغاصبِ الذي يأخذُ كلَ سفينةٍ صالحةٍ غصباً، فسفينةٌ مخروقةٌ خيرٌ من عَدَمِها، قالَ الخَضِرُ: (وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي)[الكهف: 82].   ولقد صَدَقَ، وإنما هو عن أمرِ مَنْ: (يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ).   أبوَانِ مُؤْمِنَانِ، رزقَهما اللهُ -تعالى- غلاماً ملأَ حياتَهما، أحباهُ حُباً جمّاً، وفي يومٍ من الأيامِ وهو يلعبُ مع الغلمانِ، مرَ عليه الخَضِرُ: "فَأَضْجَعَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ بِالسِّكِّينِ" ثم: "أَخَذَ رَأْسَهُ بِيَدِهِ فَاقْتَلَعَهُ بِيَدِهِ فَقَتَلَهُ".   سبحانَ اللهِ، طفلٌ صغيرٌ ويُقتلُ بهذه الطريقةِ البَشِعةِ، فأيُ حُزنٍ قد أصابَ والديه؟ وأيُ همٍ قد غَشِيَ حياتَهما؟   فقالَ موسى -عليه السلام-: (أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا) [الكهف: 74].   ولكن ما الذي وراءَ ذلكَ؟   (وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا) [الكهف: 80].   فهو في علمِ اللهِ -تعالى- أنه لو كَبُرَ لكانَ كافراً، ولَشقيَ به والداهُ المُؤْمِنَانِ، ولأصبحتْ حياتُهما جحيماً لا يُطاقُ، وحنظلاً مرَ المذاقِ، بسببِ ذلك الولدُ العاقُ.   فكانَ اختيارُ الرحيمِ -سبحانه- لهم خيرٌ من اختيارِهم لأنفسِهم، فقبضَ الولدَ صغيراً لم يَبلُغْ، فسيشفعُ لوالديه يومَ القيامةِ، ثم يكونُ معهم في الجنةِ، وأما والديه فيحزَنا قليلاً، فتُرفعُ به درجاتُهما، وتكثرُ به حسناتُهما، وتُكَفرُ به سيئاتُهما، ثم يُبدلُهما اللهُ -تعالى- خيراً منه لينسونَ به الآلامَ، وتحلو به الأيامُ، قالَ الخَضِرُ: (فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا) [الكهف: 81].   ألم أقلْ لكم إن اللهَ: (يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ).   قريةٌ من القُرى فيها قومٌ لئامٌ بُخلاءٌ، ومن لؤمِهم أنه نزلَ بهم خيرُ مَن على الأرضِ في ذلك الزمانِ موسى والخضرُ -عليهما السلام- فـ(اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا).   فلم يمتنعوا عن الطعامِ فقط، بل امتنعوا حتى عن الضيافةِ وإسكانِهم في بيتٍ من البيوتِ للراحةِ: (اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا).   وكان يسكنُ معهم رجلٌ صالحٌ قد نزلَ به الموتُ، وعندَه صبيةٌ صغارٌ ولديه مالٌ، ولم يجدْ في القريةِ أميناً يحفظُ المالَ حتى يكبَرَ الأيتامُ، فما كانَ منه إلا أن حفرَ تحتَ أحدِ جدرانِ القريةِ ودفنَ الكنزَ ثم ماتَ.   ولما مرَ الخضرُ وموسى على القريةِ: (وَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ) الخضرُ بيدِه وأصلحَه، فتعجّبَ موسى من فعلِه بالجدارِ مع هؤلاءِ اللئامِ الذينَ لم يضيفوهما: (قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً)[الكهف: 77].   فأخبرَه بما أوحاهُ اللهُ -تعالى- إليه: (وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ)[الكهف: 82].   اللهُ أكبرُ، لأجلِ صلاحِ أبيهم يحفظُ اللهُ -تعالى- لهم كنزَهم، ويرسلُ لهم خيرَ من على الأرضِ في ذلك الزمانِ، ليصلحا الجدارَ، حتى لا يسقطَ ويظهرَ الكنزُ، فيأخذَه أهلُ القريةِ، فهل بعدَ هذا يرتابُ من يتلوا قولَه تعالى: (وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ).   لمّا حضرت عمرَ بنَ عبدِ العزيزِ الوفاةُ، قيلَ له: هؤلاء بنوك، وكانوا اثني عشرَ، ألا توصي لهم بشيءٍ فإنهم فقراءُ، فقال: (إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ).   واللهِ لا أعطيتُهم حقَّ أحدٍ، وهم بين رجلينِ: إما صالحٌ فاللهُ يتولى الصالحينَ، وإما غيرُ صالحٍ فما كنتُ لأعينُه على فسقِه ولا أبالي في أي وادٍ هلكَ، ثم استدعى أولادَه فودَّعَهم وعزَّاهم بهذا وأوصاهُم بهذا الكلامِ، ثم قالَ: انصرفوا عصمَكم اللهُ، وأحسنَ الخلافةَ عليكم. قالوا: فلقد رأينَا بعضَ أولادِ عمرِ بنِ عبدِ العزيزِ يحملُ على ثمانينَ فرساً في سبيلِ اللهِ، وكانَ بعضُ أولادِ سليمانَ بنِ عبدِ الملكِ مع كثرةِ ما تركَ لهم من الأموالِ يتعاطى ويسألُ من أولادِ عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ؛ لأن عمرَ وَكَلَ ولدَه إلى اللهِ -عز وجل-، وسليمانُ وغيرُه إنما يَكلِونَ أولادَهم إلى ما يَدَعُونَ لهم، فيَضيعونَ وتذهبُ أموالهُم في شهواتِ أولادِهم.   يقولُ اللهُ -تعالى- لنبيِه -عليه الصلاة والسلام-: (قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) [التوبة: 51].   هل لاحظتُم أنه لما كانَ الخِطابُ للنبيِ -صلى الله عليه وسلم- وللمؤمنينَ، قالَ تعالى: (لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا).   فكلُ ما كتبَ اللهُ -تعالى- عليكم في هذه الدنيا فهو لكم وفي صالحِكم، أتعلمونَ لماذا؟   لأنه: (هُوَ مَوْلَانَا) الذي (يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ).   فإذا علِمتَ أنك بصلاحِك، تُحفظُ في نفسِك، وفي مالِك، وفي ولدِك، ويتولى اللهُ -تعالى- جميعَ أمورِك، وكلُ ما كتبَ اللهُ عليك فهو لك، فماذا تنتظرُ؟   وستعلمونَ أيضاً أن ما يُصيبَ إخوانَنا في كلِ مكانٍ، مما يجعلُ الحليمَ حيرانَ، هي من أقدارِ اللهِ -تعالى- الذي: (يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) فخُرقتْ سفينةٌ وظنَّ موسى -عليه السلام- أن أهلَها يغرقونَ، فإذا هم وسفينتُهم يَنجونَ، ويُقتلُ من يُقتلُ في سبيلِ اللهِ وتحكيمِ شريعةِ اللهِ -تعالى-، وعسى: (أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا) [الكهف: 81].   ويُرسلُ اللهُ -تعالى- في كلِ زمنٍ من يقيمُ جدارَ الأمةِ الذي يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ؛ ليحفظَ كنزَ الإيمانِ والدينِ، للأجيالِ القادمةِ من المسلمينَ، فأحسنوا الظنَ بربِكم، وتمسكوا بسنةِ نبيِكم، وتذكروا دائماً قولَه تعالى: (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) [آل عمران: 139].   اللَّهمَّ أَصْلِحْ لنا دِينَنا الَّذي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنا، وأَصْلِحْ لِنا دُنْيَانا التي فِيهَا مَعَاشُنا، وَأَصْلِحْ لنا آخِرَتنا الَّتي فِيها معادُنا، وَاجْعلِ الحيَاةَ زِيادَةً لنا في كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الموتَ راحَةً لنا مِنْ كُلِّ شَرٍ.   ملتقى الخطباء ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,, وهو يتولى الصالحين كان المشركون يخوِّفون الرسول صلى الله عليه وسلم بآلهتهم، فأوحى الله إلى نبيه صلى الله عليه وسلم بأن يقول: {إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين} (الأعراف:196)، فالآية خطاب من الله سبحانه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين المعاندين لما جاء به، والمشركين من عبدة الأوثان: إن نصيري، ومعيني، وظهيري عليكم هو الله رب العالمين، ومن ثم فلا سيبل لكم إلي؛ لأن الله حاميني، وناصري، وحافظي. هذا معنى الآية على الجملة، والتفصيل فيما يأتي:

      قوله تعالى: {إن وليي الله } (ولي) الشيء: الذي يحفظه، ويمنع عنه الضرر. و(الولي) الناصر، والكافي. و(الولي) هو الحبيب الموالي، والنصير، والمظل بالرعاية، وكل هذا يتضمنه ولاية الله لنبيه، فهو حبيبه وناصره، ومن يعيش في ظله، ومن يفيض عليه برحمته وهدايته، ومن يكون الله تعالى وليه لا يُضار، ومن يكون وليه الله فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

      قوله سبحانه: {الذي نزل الكتاب} (الكتاب) القرآن، و(أل التعريف) فيه للعهد، أي: الكتاب الذي عهدتموه، وسمعتموه، وعجزتم عن معارضته، والإتيان ولو بسورة من مثله. وهذه الجملة تعليل لسابقتها، والمراد أن الله تعالى ناصر محمداً صلى الله عليه وسلم؛ لأنه صاحب الولاية المطلقة؛ ولأنه رسوله، وصاحب (الكتاب المبين) الذي يماري فيه الضالون، فالله ناصره، ومؤيده. قال أبو السعود: "ووَصْفُه تعالى بتنـزيل الكتاب؛ للإشعار بدليل الولاية، والإشارة إلى علة أخرى لعدم المبالاة. كأنه قيل: لا أبالي بكم وبشركائكم؛ لأن وليي هو الله الذي نزل الكتاب الناطق بأنه وليي وناصري، وبأن شركاءكم لا يستطيعون نصر أنفسهم، فضلاً عن نصركم".

      قوله عز وجل: {وهو يتولى الصالحين} (الصالحون) هم الذين صلحت أنفسهم بالإيمان، والعمل الصالح. قال ابن عاشور : "ومجيء المُسْنَد -يقصد الفعل المضارع {يتولى}- فعلاً مضارعاً؛ لقصد الدلالة على استمرار هذا (التولي)، وتجدده، وأنه سُنَّة إلهية، فكما تولى الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم، يتولى الصالحين من عباده أيضاً، وهذه بشارة للمسلمين المستقيمين على صراط نبيهم صلى الله عليه وسلم بأن الله ناصرهم، كما نصر نبيه وأولياءه".

      وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم ولايته لله بالجملة الاسمية: {وهو يتولى الصالحين}، و{إن} المؤكِّدة. والكلام يفيد القصر، أي: إن ولايتي لله تعالى وحده، لا ولاية لأحد سواه، كما قال تعالى: {هنالك الولاية لله الحق} (الكهف:44)، وإنه {نعم المولى ونعم النصير} (الأنفال:78)، فالله سبحانه من شأنه أن يتولى الصالحين من عباده، فيتعهدهم برعايته، وتأييده وتوفيقه، ولا يتولى المفسدين.

      وقد قال بعض أهل التفسير: في هذا الكلام إشارتان بيانيتان:

      إحداهما: الحكم على النبي صلى الله عليه وسلم بأنه من الصالحين، الذين يصلحون في الأرض ولا يفسدون، وأن عبدة الأوثان مفسدون، قد أفسدوا في تفكيرهم وفي اعتقادهم، وأفسدوا وأضلوا باتباعهم الأوهام، وبعبادتهم من لا ينفع ولا يضر.

      والثانية: أن الله تعالى ناصر الصالحين من عباده على الفاسدين والمفسدين، ويتولى الصالحين برعايته، وأنه سبحانه وتعالى لن يضيعهم أبداً، وأن النصر في النهاية للفضيلة لا للرذيلة، وللحق لا للباطل، وأنه سبحانه هو يتولى عباده المخلصين دائماً، وفي كل حال. وإذا كان الله ولي المؤمنين، فالشيطان ولي الكافرين؛ ومن كان الشيطان وليه فبئس المولى، وبئس المصير.

      والآية عموماً تعليل لجزمه صلى الله عليه وسلم بما ذكر من عجز هذه المعبودات، وتحقير أمرها، وأمر عابديها، فهي لا تملك من الأمر شيئاً، ولا تملك نفعاً ولا ضراً. ومن ثم تقرر أن الناصر الحقيقي للصالحين من عباده إنما هو الله سبحانه، لا ناصر سواه، ولا ولي غيره، فعبادة غيره باطلة، ودعاء من سواه سخف، لا يرضاه لنفسه إلا جاهل سافل. وقد قال تعالى: {أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون} (الزمر:64).

      وهذه الآية الكريمة هي كقول هود عليه السلام، لما قال له قومه: {إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون * من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون * إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم} (هود:54-56)، وكقول إبراهيم عليه السلام: {قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون * أنتم وآباؤكم الأقدمون * فإنهم عدو لي إلا رب العالمين * الذي خلقني فهو يهدين * والذي هو يطعمني ويسقين * وإذا مرضت فهو يشفين} (الشعراء:75-80)، وكقوله لأبيه وقومه: {إنني براء مما تعبدون * إلا الذي فطرني فإنه سيهدين * وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون} (الزخرف:26-28).

      والذي نريد أن نخلص إليه -على ضوء هذه الآية- أن الله سبحانه هو وحده ولي المستضعفين من عباده في الأرض، وهو وحده -لا أحد سواه- ناصرهم، ومعينهم، وهذا الذي ينبغي أن يدين الله به كلُّ مسلم، ومن طلب الولاية من غيره سبحانه فقد ضل ضلالاً بعيداً، وخسر خسراناً مبيناً.

      ونختم الحديث عن هذه الآية بما روي عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أنه ما كان يدخر لأولاده شيئاً، فقيل له في ذلك، فقال: ولدي إما أن يكون من الصالحين، أو من المجرمين، فإن كان من الصالحين، فوليه الله، ومن كان الله له وليًّا، فلا حاجة له إلى مالي، وإن كان من المجرمين، فقد قال تعالى: {فلن أكون ظهيرا للمجرمين} (القصص: 17)، ومن رده الله، لم أشتغل بإصلاح مهماته.   إسلام ويب
    • يا لهذه العظمة القرآنية في بناء المجتمع، وتقوية آواصره.   مقدمة: القرآن نور الحياة:
      يقف المبتهلون الضارعون إلى الله متلهفين يبتغون فضلاً من ربهم ورضواناً، وينشدون بصائر القرآن لتنير حياتهم فيتألقون بنوره الذي يمشون به في الناس.. عسى أن يجدوا سبل السلام .. ويأخذوا منها أعمدة السعادة في أزمنة الظلام.
      البصائر القرآنية هي أهم أعمدة الفوز لبناء الحياة، واتقاء المشكلات، والنجاة في الفتن المضلات، وبدونها يقع الإنسان في العمى والدمار، ويتردى في الهلاك والبوار {فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} (الحج:31)، ويتلبط بدونها المرء تلبط الغريق، ولذا قال الله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ}(الأنعام:104)، وفي مسلم: ((أَما بعد: أَلا أيها الناس! فَإنما أنا بشر يوشك أن يأتى رسول ربى فَأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلينِ أولهما كتاب اللَّه فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب اللَّه واستمسكوا به)). فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَرَغَّبَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ: ((وأهل بيتى. أذكركم الله فى أهل بيتى. أذكركم الله فِى أهل بيتى. أذكركم الله فى أهل بيتى)) فالوصية بالقرآن للتمسك به، والوصية بأهل البيت لبرهم ومعرفة حقهم ما داموا بالكتاب متمسكين، وعند ابن حبان عن أبي شريح الخزاعي قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((أبشروا وأبشروا. أليس تشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟)) قالوا: نعم قال: ((فإن هذا القرآن سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تضلوا ولن تهلكوا بعده أبدا))   من بصائر القرآن وأنواره في البناء الاجتماعي والسياسي: مكانة الأخ المسلم هي مكانة النفس.
      عظَم الله سبحانه مكانة الأخ المسلم من أخيه تعظيماً عجيباً ثم فصل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك، وطبقه، فأما في القرآن فإننا نجد وصف (الآخر المسلم) بوصف فريد هو (النفس) حيث جعل الله مكانة الأخ من أخيه كمكانة نفس الإنسان من صاحبها.. فماذا يريد الإنسان أن يصنع لنفسه من خيرٍ ويقيها من شرٍّ وضير فليصنع لأخيه ذلك، فلنرصد ذلك في النظم القرآني الفريد:     الموضع الأول: قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ}(البقرة: 54)
        فالمراد من قوله {إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ} نفس كل إنسان حقيقة لكن المراد بقوله {فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}(البقرة:54) هو اقتلوا إخوانكم الذين هم بمثابة أنفسكم، ولذا روى الطبري عن ابن عباس قال: أمر موسى قومه عن أمر ربه عز وجل - أن يقتلوا أنفسهم، قال: فاحتبى الذين عكفوا على العجل فجلسوا، وقام الذين لم يعكفوا على العجل، وأخذوا الخناجر بأيديهم، وأصابتهم ظلمة شديدة، فجعل يقتل بعضهم بعضا، وروى عن سَعِيد بْن جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِد قَالاَ: "قَامَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ بِالْخناجِر يَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا لاَ يَحِنُّ رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ قَرِيبٍ وَلاَ بَعِيدٍ".
      والآية تحتمل أن يقتل الإنسان نفسه كما يفعل المنتحر لكن ذلك لم ينقله المفسرون ولا أوَلوا به هذا الموضع، فالشاهد جعل الأخ بمثابة النفس.. ترى أين نحن من آثار هذا المصطلح القرآني الفريد؟.   الموضع الثاني: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُم}(البقرة:84).
      فالمراد من كلمة (أنفسكم) أي إخوانكم لأن الإنسان لا يخرج نفسه من داره بل يُخرجه غيره، ولذا قال بعدها: {وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}(البقرة:85).
      فكأن الله تعالى يقول لا تخرجوا إخوانكم الذين هم بمثابة أنفسكم .. هل أحد منكم يقبل بأن يُهَجِّر نفسه من داره ويسلمها لأعدائه أو لخصومه؟
      يا لروعة البناء القرآني لعلاقة المسلم بأخيه المسلم! فمن يحيى هذا المنهج القرآني في هذه الأيام بين الأفراد والجماعات والقبائل والأحزاب والدول؟   الموضع الثالث: {ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ}(البقرة:85)، وهم في الحرب لا يقتلون أنفسهم بل يقتلون إخوانهم، ولكنه بَشَّع ما يفعلون بإخوانهم وشنَّع كأنهم يقتلون أنفسهم، كما أن التعبير يدل على ما يجب أن يكون من العطف واللطف والمحبة تجاه (الآخر المسلم)، وصورت الآية هذه الصورة العجيبة التي تجعل مباشر الاعتداء يرتدع عن عدوانه لأنه لن يعتدي على أخيه بل على نفسه.   الموضع الرابع: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}(البقرة:188) فقد قال الطبري: "قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: ولا يأكل بعضُكم مالَ بعض بالباطل. فجعل تعالى ذكره بذلك آكلَ مال أخيه بالباطل، كالآكل مالَ نَفسه بالباطل".
      فلا يوجد من يأكل ماله بالباطل فالإنسان يأكل ماله بالحق، والباطل حرق للمال وإتلاف للثروة بالظلم والإنسان لا يفعل هذا بماله، فيكون معناها يعني لا تأكلوا أموال إخوانكم، ولكنه نسب الأموال إليهم كأنه يقول كما لا تحبون أن يأكل أحدكم مالكم كذلك لا تأكلوا أموال غيركم وحقوقهم.   الموضع الخامس: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}(النساء:29)، وفيها الكلام السابق.   الموضع السادس: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}(النساء:29)
      فقد ذكر المفسرون في قوله : (ولا تقتلوا أنفسكم) عدة معانٍ، ومن أوجهها ولا يقتل أحدٌ منكم أخاه، وتحتمل معانٍ أخرى مثل الانتحار بأن يقتل الإنسان نفسه، إلا أن من معانيها أن لا يقتل بعضكم بعضا، روى السيوطي في الدر المنثور في التفسير بالمأثور عن مجاهد وعطاء وعكرمة: {ولا تقتلوا أنفسكم} لا يقتل بعضكم قال: بعضا، وفي تفسير مقاتل بن سليمان: "لا يقتل بعضكم بعضا ؛ لأنكم أهل دين واحد".   الموضع السابع: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ}(النور:12) والإنسان -غالبا- يظن بنفسه خيرا فالمقصود هنا ظنوا بإخوانهم، وكأن الله يقول: كما لا يحب الإنسان أن يظن به غيره إلا خيراً كذلك يجب أن يظن الأمر ذاته بغيره، فلا يظن به سوءا ولا يتكلم عنه إلا خيراً كما لا يحب أن يتكلم أحدٌ عنه إلا بالخير، ولذا قال الطبري: "وهذا عتاب من الله تعالى ذكره أهل الإيمان به فيما وقع في أنفسهم من إرجاف من أرجف في أمر عائشة بما أرجف به، يقول لهم تعالى ذكره: هلا أيها الناس إذ سمعتم ما قال أهل الإفك في عائشة ظن المؤمنون منكم والمؤمنات بأنفسهم خيرا... وقال: (بأنفسهم)، لأن أهل الإسلام كلهم بمنزلة نفس واحدة، لأنهم أهل ملة واحدة".   الموضع الثامن: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً}(النور:61) والإنسان إذا دخل على بيت أحد من الناس فإنه يسلم على أهلها، وليس على نفسه، فقد قال الله في البداية: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا}(النور:27) فجعل الله أهل البيوت بمثابة الأنفس، وقد روى الطبري عن الحسن وابن زيد في قوله:(فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ) قال: إذا دخل المسلِّمُ سُلِّم عليه، كمثل قوله:(وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) إنما هو: لا تقتل أخاك المسلم.   الموضع التاسع: {وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُم}(الحجرات:11) والإنسان عندما يلمز لا يمكن أن يلمز نفسه إنما يلمز غيره، إلا أن الله جعل الغير بمثابة النفس، ولذا قال الطبري : "وقوله(وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ) يقول تعالى ذكره: ولا يغتب بعضكم بعضا أيها المؤمنون، ولا يطعن بعضكم على بعض...فجعل اللامز أخاه لامزاً نفسه، لأن المؤمنين كرجل واحد فيما يلزم بعضهم لبعض من تحسين أمره، وطلب صلاحه، ومحبته الخير"، وقال القرطبي: " اللمز باليد والعين واللسان والإشارة. والهمز لا يكون إلا باللسان، وهذه الآية مثل قوله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}(النساء:29) أي لا يقتل بعضكم بعضاً، لان المؤمنين كنفسٍ واحدة، فكأنه بقتل أخيه قاتلٌ نفسه... والمعنى: لا يعب بعضكم بعضاً... وفي قوله{أَنْفُسَكُمْ} تنبيهٌ على أن العاقل لا يعيب نفسه، فلا ينبغي أن يعيب غيره لأنه كنفسه..."
        وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم هذا وفصله ففي مسلم عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((مثل الْمؤمنينَ في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الْجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الْجسد بالسهر والحمى))، وفي البخاري عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) أي كما تحب لنفسك ينبغي أن تحب لأخيك . فأنت أذا أحببت لنفسك الولد والسيارة والزوجة والعيش الكريم كذلك يجب أن تحب لأخيك. فانظر لهذه الجوهرة القرآنية الفريدة: الأخ المسلم هو النفس، ولاحظ الفرق عندما تقول: أنت أخي أو عندما تشعر أنه نفسك التي بين جنبيك، "فَمَا أَبْلَغَ هَذَا الْإِيجَازَ ! وَمَا أَجْدَرَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ بِوَصْفِ الْإِعْجَازِ !".   تنبيه: من أهم مقتضيات هذه الكلمة أن يحب الإنسان الخير الدائم في الدين والدنيا لأخيه لأن حقيقة ذلك أنه يحبه لنفسه، ومن أعظم الخير نصحه ومعاتبته ومراجعته ليرجع إلى الخير الذي يفترض أن يكون حياته ودأبه، وليس النصح طعناً بأي حال من الأحوال، وهذا النصح قد يتخذ شكلاً سرياً ما دام الخلل فردياً، وقد يتخذ طابعاً علنياً إذا اقتضت المصلحة الشرعية ذلك كأن يكون الخلل فردياً ولكنه خلل علني تقتضي المصلحة إصلاحه علناً، أو كان الخلل جماعياً معلناً فإن المصلحة تقتضي العلنية غالباً، وقد يتخذ النصح والمعاتبة طريقاً لطيفاً رفيقاً وهو الغالب في الأسلوب الإسلامي، ولكنه أيضاً قد يتخذ طابعاً فيه شدة مناسبة لمقتضى الحال حيث لا يتم الارعواء والانزجار إلا به، والتفريق بين هذه الأنواع مفصلة في غير هذا المكان، والموفق فيه من رسخ علمه، وعلا خلقه، وصدقت عاطفته، ووفقه الله فأحبه. اللهم اجعلنا من الموفقين من أوليائك بفضلك ورحمتك.   اسلام ويب ( أ. د. عبدالسلام مقبل المجيدي )  
    • (وَأَشْرَقَتِ ٱلأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ وَجِـيءَ بِٱلنَّبِيِّيْنَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِٱلْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ )٦٩(وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ )٧٠-الزمر هذه الآية تنقلنا إلى عالم آخر، إلى الآخرة حيث تُبدَّل الأرض غير الأرض والسماوات غير السماوات، كنا في الدنيا نعيش على الأرض بنور الشمس نقول: أشرقت الشمس أما وقد انتقلنا إلى الآخرة فالأرض هي نفسها تشرق، { وَأَشْرَقَتِ ٱلأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا .. } [الزمر: 69] وكأن النور شيء ذاتي فيها، فليس هناك شمس تشرق عليها إنما هي التي تشرق بذاتها.
      ولم لا؟ وأنت الآن في عالم فيه ما لا عينٌ رأتْ، ولا أذنٌ سمعتْ، ولا خطر على قلب بشر، وقال تعالى: { { لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلاَ زَمْهَرِيراً } [الإنسان: 13] لأن الدنيا كانت بالأسباب، فالشمس تشرق لتنير الأرض بالنهار والقمر بالليل، أما في الآخرة فلا نعيش بالأسباب، إنما بالمسبِّب سبحانه حيث كل شيء فيها يكون بلا علاج، فلسنا - إذن - في حاجة إلى زراعة الأرض، ولا إلى الشمس تنير النهار، ولا إلى القمر ينير الليل.
      وكما تُبدَّل الأرض غير الأرض، والسماوات غير السماوات، كذلك أنتم تُبدَّلون على هيئة أخرى تناسب الآخرة، فستأكلون ولا تتغوطون، وتعيشون ولا تهرمون.
        وحين تشرق الأرضُ بنور ربها تراها مشرقةً دون أنْ ترى مصدر هذا الإشراق، وهذا ما رأينا شيئاً منه في الدنيا، ففي طرق الإضاءة الحديثة توضع الأنوار في أماكن تخفي مصدر الضوء فيأتي النور غير مباشر فلا يؤذي العين، كما يأتيك ضوء الشمس فينير لك الغرفة في حين لا ترى شعاع الشمس المباشر.
        وقد ضرب لنا الحق سبحانه مثلاً لتنويره للسماء والأرض، وذلك في سورة النور، حيث قال سبحانه: { { ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ .. } [النور: 35] أي: مُنوِّرهما، ولما أراد سبحانه أن يعطينا مثلاً لذلك أتى بمثل من المشاهد لنا المرئي الذي ندركه فقال: { { مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ .. } [النور: 35] أي: كيفية تنويره وأثر نوره سبحانه حتى لا نظن أن هذا المثل يوضح لنا نور الله، لا بل يوضح كيفية تنويره لخلقه وإلا فنوره تعالى لا نعرفه ولا ندرك كُنْهه.
        والمشكاة هي الطاقة غير النافذة في الجدار يسمونها كُوَّة، وتوجد حتى الآن في المباني القديمة الفطرية، وهذه المشكاة هي التي يوضع فيها المصباح، وليست هي المصباح كما يظن السطحيون ويستعملونها بهذا المعنى. وميزة المشكاة أنها غير نافذة ومحدودة المساحة، بحيث تجمع ضوء المصباح فلا يتبدد إنما يتركز لتنوير الحجرة التي توجد فيها هذه المشكاة.
      ثم يصف المصباح بأنه ليس مصباحاً عادياً إنما { { ٱلْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ .. } [النور: 35] والزجاجة تنقي ضوء المصباح وتمنع عنه الهواء الزائد فلا يحدث دخان يُكدِّر صَفْو ونقاء الضوء.
      ثم إن هذه الزجاجة هي أيضاً غير عادية إنما { { ٱلزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ .. } [النور: 35] والكوكب الدري هو الذي يضيء بنفسه، وهذا يعني أن ضوء هذا المصباح مضاعف.
      ثم إن الزيت الذي يُوقد به المصباح ليس زيتاً عادياً إنما زيت مأخوذ من شجرة معتدلة المزاج { { يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيۤءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ .. } [النور: 35].
      البعض يعترض على هذا المثل ويقول: كيف يضرب الله مثلاً لنوره بمشكاة فيها مصباح؟ قلنا: إن المثَل هنا ليس مثلاً لنور الله إنما هو مثَل لتنويره للكون، وقد عبَّر الشاعر أبو تمام عن هذا المعنى في قوله مادحاً: إقْدَام عَمْرو فِي سَمَاحَةِ حَاتِم فِي حِلْم أحْنَفَ فِي ذَكاءِ إيَاسِ فاعترض عليه أحد جلساء الممدوح. وقال له: كيف تُسوِّي الأمير بأجلاف العرب، الأمير فوق مَنْ وصفت، فردَّ أبو تمام بعد أنْ أطرق هنيهة: لاَ تُنْكِروا ضَرْبِي لَهُ مَنْ دُونَهُ مثلاً شَرُودًا فِي النَّدَى وَالبَاسِ
      فَاللهُ قَدْ ضَربَ الأقلَّ لِنورِهِ مَثلاً مِنَ المشْكاة وَالنِّبْراسِ   هكذا يُنوِّر الله للخَلْق النور الحسيّ الذي يصون مادتهم، ويحفظ سلامة حركتهم في الحياة، لأن الإنسان إنْ سار على غير هدى اصطدم بالأشياء من حوله، والصدام يعني أن يحطم القويُّ الضعيفَ، لذلك نحرص على وجود ضوء خافت (وناسة) مثلاً بالليل لتحمي حركتنا من الصدام.
      فإذا كان الخالق سبحانه جعل لنا النور الحسيَّ لحماية مادتنا من أن تحطم أو تتحطم، فلا بدَّ أنْ يجعل لنا نوراً معنوياً يحمي فينا القيم، فلا نحطم بظلم، ولا نحطم باضطهاد، وهذا هو نور الوحي والشرع الذي تحيا به القلوب، وينظم حركتنا المعنوية في رحلة الحياة.
        وكما بيَّن لنا الحق سبحانه النور الحسِّي بيَّن لنا النور المعنوي فقال خذوه من بيوت الله، فقال تعالى: { { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ * رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلاَةِ وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَـاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلْقُلُوبُ وَٱلأَبْصَارُ } [النور: 36-37].
      إذن: خُذ النور المعنوي من بيوت الله ففيها تلتقي بالله تعالى، فهذا اللقاء يضفي عليك نوراً من نور الله يملأ قلبك ويهدي جوارحك ويصلحك، وبيَّن سبحانه أن نور القيم أعلى من نور المادة، بدليل أن الإنسان حين يكون مكفوف البصر يمكنه أن يمشي وأنْ يزاول أعماله في الدنيا، أما فاقد النور المعنوي، أو أعمى البصيرة كما يقولون فلا يمكن أبداً أنْ يُوفَّق في حركته للصواب؛ لذلك قال تعالى في ختام آية: { { ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ .. } [النور: 35] قال: { { نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي ٱللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ .. } [النور: 35].
      وبعد أنْ أشرقت الأرضُ بنور ربها { وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ .. } [الزمر: 69] وفي موضع آخر جاء تفصيل وشرح ذلك، فقال سبحانه: { { وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ فَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يٰوَيْلَتَنَا مَالِ هَـٰذَا ٱلْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً } [الكهف: 49].
        هكذا فصّل الحق سبحانه ما أجمل في { وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ .. } [الزمر: 69] ومعلوم أن آيات القرآن الكريم تفسر بعضها بعضاً، والكتاب هنا كتاب خاص بكل إنسان على حدة، كما قال سبحانه: { { وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً * ٱقْرَأْ كِتَٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ ٱلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً } [الإسراء: 13-14].
      وهذا الكتاب الذي يُحصي عليك أعمالك كتاب صدق، لأن كاتبه مَلَك موكَّل بك { { كِرَاماً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ } [الانفطار: 11-12] وقال: { { مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } [ق: 18].
      فهذا الكتاب ليس في علم الله فحسب؛ لأن علم الله كلامٌ من عنده، إنما هذا كتاب بمعنى أنه مكتوب مقروء يقرؤه صاحبه ويطلع عليه، فيرى فيه عمله الصالح والطالح؛ لذلك ساعةَ يراه المجرمون يرتعدون خوفاً لأنه أحصى عليهم إجرامهم، ولم يترك منه كبيرة ولا صغيرة، عندها لا يملكون إلا أنْ يدعوا على أنفسهم بالويل والثبور.
      وبعد أنْ يأخذ كلٌّ كتابه يأتي الله بالرسل { وَجِـيءَ بِٱلنَّبِيِّيْنَ وَٱلشُّهَدَآءِ .. } [الزمر: 69] ليشهد كل نبي أنه بلَّغ أمته، يقول تعالى: { { يَوْمَ يَجْمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبْتُمْ .. } [المائدة: 109].
      وبعد أن يشهد الرسل يشهد الشهداء وهم مَنْ حملوا العلم بعد الرسل، كما ورد: "يحمل هذا العلمَ من كل خلف عُدُوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين".
      فهؤلاء العلماء أيضاً يشهدون أنهم بلَّغوا غيرهم؛ لذلك امتازت أمة محمد صلى الله عليه وسلم بعلمائها، لأنهم امتدادٌ لرسالته صلى الله عليه وسلم، لذلك فخيريتنا على الأمم بهذه المسألة.
      ويشهد أيضاً الشهداء الذين قُتِلوا في سبيل الله، وهؤلاء يشهدون أيضاً لمكانتهم عند الله، هذه المكانة التي نالوها بالشهادة، ويكفي أن الشهيد يدخل المعركة وهو يعرف أنه إنْ هُزم سيقتل، فهو يتقدم إما للنصر وإما للشهادة، فهو يعلم أنه سيدفع حياته ثمناً، ولولا أنه واثق كل الثقة بما وعده الله من الجزاء ما خرج.
      لذلك قال تعالى عن الشهداء: { { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } [آل عمران: 169].
        وعجيبٌ أنْ نسمع مَنْ يقول على سبيل الإنكار: يعني لو أخرجنا الشهيد من قبره سنجده حياً؟ نقول: اقرأ الآية وتدبَّر معناها، فالله يقول: { { أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ .. } [آل عمران: 169] لا عندك أنت، بدليل أنه جاء بعدها بمادة الطلب للحياة فقال: (يُرْزَقُونَ) ذلك لأن الشهيد لما ضحَّى بحياته ضمن له ربه حياة أخرى أفضل وأعظم وأبقى مما كان فيها في الدنيا؛ لذلك قال الشاعر في حق سيدنا حمزة سيد الشهداء: أَحمْزَةَ عَمَّ المصْطَفى أنتَ سَيِّدٌ عَلَى شُهَداء الأرْضِ أجمعهم طُرَّا
      وحَسْبُكَ مِنْ تلْكَ الشَّهادةِ عِصْمةٌ مِنَ الموْتِ، موصول الحياة إلى الأخرى المعنى: أنك قدمتَ حياتك وضحيت بها فعُصمْتَ من الموت، لأنك بعد أنْ متَّ صِرْتَ حياً فوصلتَ حياتك في الدنيا بحياتك في الآخرة، وهبتَ الحياة فوُصِلتْ الحياة.
        والشهادة على العبد يوم القيامة لا تنتهي عند هذا الحد، فبعد أنْ شهدت عليه الملائكة بالكتاب الذي سطّروه، وشهد عليه الأنبياء والشهداء ننقل الشهادة إلى ذاتك أنت، فهذا تدرّج في الشهادة من الملائكة وهم من جنس غير جنسك، إلى الأنبياء والشهداء وهم من جنسك، إلى جوارحك وهي قطعة منك: { { ٱلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَآ أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } [يس: 65].
      وقال سبحانه: { { يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [النور: 24].
      وقال تعالى: { { حَتَّىٰ إِذَا مَا جَآءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوۤاْ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } [فصلت: 20-21].
      لكن كيف تشهد الأعضاء والجوارح على صاحبها وكانت في الدنيا هي أداة الفعل، فاللسان هو الذي قال، واليد هي التي بطشتْ، والرِّجْل هي التي سعتْ .. إلخ؟ قالوا: لأن الله تعالى خلق لعبده الجوارح وسخرها لمراده، وأمرها أنْ تطيعه فيما يريد، فاللسان مُسخَّر لخدمة صاحبه إنْ أراد أن يقول لا إله إلا الله قالها. وإنْ أراد أنْ ينطق بكلمة الكفر نطق بها، وهكذا بقية الجوارح.
        إذن: طالما الإنسان في الدنيا فالولاية على الجوارح لمراد الإنسان المخيَّر، والجوارح تابعة لمراده، فإذا ما بُعثنا وعُرضنا على الخالق سبحانه انحلَّتْ هذه الإرادة وسُلبت فلا إرادةَ لأحد إلا لله { { لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ } [غافر: 16] وعندها تتحرر الأعضاء وتقف موقف الشاهد الصدق.
        وقوله تعالى: { وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِٱلْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } [الزمر: 69] أي: قضى اللهُ بين الناس وأهل المشهد وحكم بين الخلائق، والذي يقضي هو الله. إذن: فهو قضاء بالحق لا يُظلم فيه أحدٌ، فليس لأحد في هذا اليوم إرادة، وليس لأحد حكم ولا هوى، إنما الأمر كله لله إنْ شاء اقتصَّ للمظلوم من الظالم، وإنْ شاء أرضى المظلوم وعفا عن الظالم.
      ثم يقول سبحانه: { وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ } [الزمر: 70] أي: يجازيها بما عملت إنْ خيراً فخير، وإنْ شراً فشر.
      وهذه الآية وقف عندها المستشرقون يتهمون سياقها بعدم التناسق، فالتناسق في نظرهم أن نقول: ووُفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يعملون. وهم يقولون ذلك لأنهم لا يدركون الفرق بين الفعل والعمل، فالفعل مقابل القول، فاللسان وحده له مهمة القول وباقي الجوارح تفعل، العين ترى، والأذن تسمع، واليد تبطش، والرِّجْل تسعى .. إلخ.
      كل جارحة لها مهمة وهذه كلها أفعال، أما العمل فيشمل القول والفعل، كل منهما يُسمَّى عملاً، لذلك يقول تعالى: { { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ } [الصف: 2].
      لكن لماذا خصَّ اللسان بالشطر وباقي الجوارح بالشطر الآخر؟ قالوا: لأن القول يتم به البلاغ والتبليغ، فاستحق أنْ يكون عمدة الجوارح.
      فما نتيجة هذه التوفية للأعمال؟ نتيجة توفية الأعمال أن تنال كل نفس ما تستحقه على عملها في الدنيا، لذلك بعد أنْ تتم التوفية ويتم الحساب يُساق أهل الإيمان إلى الجنة، ويُساق أهل الكفر إلى النار   التفاسير العظيمة      
    • ﴿ فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴿١١﴾ ٱلَّذِينَ هُمْ فِى خَوْضٍ يَلْعَبُونَ ﴾ [سورة الطور آية:﴿١١﴾] ذكر أعمالهم وعلومهم التي كانوا عليها؛ وهي: الخوض -الذي هو كلام باطل- واللعب -الذي هو سعي ضائع- فلا علم نافع، ولا عمل صالح، بل علومهم خوض بالباطل، وأعمالهم لعب. ابن القيم:3/55.     ﴿ وَٱلْبَيْتِ ٱلْمَعْمُورِ ﴾ [سورة الطور آية:﴿٤﴾] عن أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة، رجل من قومه، قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: (رفع إليَّ البيت المعمور، فقلت: يا جبريل ما هذا؟ قال: البيت المعمور؛ يدخله كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا منه لم يعودوا آخر ما عليهم). الطبري:22/ 455.     ﴿ وَٱلطُّورِ ﴿١﴾ وَكِتَٰبٍ مَّسْطُورٍ ﴿٢﴾ فِى رَقٍّ مَّنشُورٍ ﴿٣﴾ وَٱلْبَيْتِ ٱلْمَعْمُورِ ﴿٤﴾ وَٱلسَّقْفِ ٱلْمَرْفُوعِ ﴿٥﴾ وَٱلْبَحْرِ ٱلْمَسْجُورِ ﴿٦﴾ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَٰقِعٌ ﴿٧﴾ مَّا لَهُۥ مِن دَافِعٍ ﴾ [سورة الطور آية:﴿١﴾] خرج عمر يعس المدينة ذات ليلة، فمر بدار رجل من المسلمين، فوافقه قائماً يصلي، فوقف يستمع قراءته، فقرأ: (والطور) حتى بلغ (إن عذاب ربك لواقع * ما له من دافع) قال: «قسم ورب الكعبة حق». فنزل عن حماره، واستند إلى حائط، فمكث ملياً، ثم رجع إلى منزله، فمكث شهراً يعوده الناس لا يدرون ما مرضه رضي الله عنه. ابن كثير:4/242.     ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلْقُوَّةِ ٱلْمَتِينُ ﴾ [سورة الذاريات آية:﴿٥٨﴾] من قوته أنه أوصل رزقه إلى جميع العالم. السعدي:813.     ﴿ وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [سورة الذاريات آية:﴿٥٦﴾] وتقديم الجن في الذكر في قوله: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) للاهتمام بهذا الخبر الغريب عند المشركين الذين كانوا يعبدون الجن؛ ليعلموا أن الجن عباد لله تعالى. ابن عاشور:27/ 28.     ﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ ٱلذِّكْرَىٰ تَنفَعُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [سورة الذاريات آية:﴿٥٥﴾] واقتصر في تعليل الأمر بالتذكير على علة واحدة وهي انتفاع المؤمنين بالتذكير لأن فائدة ذلك محققة، ولإِظهار العناية بالمؤمنين في المقام الذي أُظهرت فيه قلة الاكتراث بالكافرين؛ قال تعالى: (فذكر إن نفعت الذكرى* سيذكر من يخشى * ويتجنبها الأشقى) [الأعلى: 9 - 11]. ابن عاشور:27/24.     ﴿ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَآ أَنتَ بِمَلُومٍ ﴿٥٤﴾ وَذَكِّرْ فَإِنَّ ٱلذِّكْرَىٰ تَنفَعُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [سورة الذاريات آية:﴿٥٤﴾] ثم لما أمره بالإعراض عنهم أمره بأن لا يترك التذكير والموعظة بالتي هي أحسن. الشوكاني:5/92.     ﴿ إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ ۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلْبَرُّ ٱلرَّحِيمُ ﴾ [سورة الطور آية:﴿٢٨﴾] إن الله سبحانه يسأله من في السموات ومن في الأرض، والفوز والنجاة إنما هي بإخلاص العبادة لا بمجرد السؤال والطلب. ابن القيم:3/62.     ﴿ قَالُوٓا۟ إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِىٓ أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ ﴾ [سورة الطور آية:﴿٢٦﴾] أي: خائفين وجلين، فتركنا من خوفه الذنوب، وأصلحنا لذلك العيوب. السعدي:815.     ﴿ قَالُوٓا۟ إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِىٓ أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ ﴿٢٦﴾ فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَىٰنَا عَذَابَ ٱلسَّمُومِ ﴾ [سورة الطور آية:﴿٢٦﴾] ما تضمنته هذه الآية الكريمة من أن الإشفاق -الذي هو الخوف الشديد من عذاب الله في دار الدنيا- سبب للسلامة منه في الآخرة يفهم من دليل خطابه -أعني مفهوم مخالفته- أن من لم يخف من عذاب الله في الدنيا لم ينج منه في الآخرة. الشنقيطي:7/457.     ﴿ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَٱتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَٰنٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَآ أَلَتْنَٰهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَىْءٍ ۚ كُلُّ ٱمْرِئٍۭ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ﴾ [سورة الطور آية:﴿٢١﴾] (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم): معنى الآية ما ورد في الحديث الشريف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله يرفع ذرية المؤمن في درجته في الجنة، وإن كانوا دونه في العمل، لتقر بهم عينه) فذلك كرامة للأبناء بسبب الآباء،... فإن قيل: لم قال بإيمان بالتنكير؟ فالجواب: أن المعنى بشيء من الإيمان لم يكونوا به أهلاً لدرجة آبائهم، ولكنهم لحقوا بهم كرامة للآباء، فالمراد تقليل إيمان الذرية ولكنه رفع درجتهم، فكيف إذا كان إيماناً عظيماً؟! (وما ألتناهم من عملهم من شيء) أي: ما أنقصناهم من ثواب أعمالهم، بل وفينا لهم أجورهم. ابن جزي:2/376.     ﴿ مُتَّكِـِٔينَ عَلَىٰ سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ ۖ ﴾ [سورة الطور آية:﴿٢٠﴾] ووصف الله السرر بأنها مصفوفة ليدل ذلك على كثرتها، وحسن تنظيمها، واجتماع أهلها وسرورهم بحسن معاشرتهم، ولطف كلامهم بعضهم لبعض. السعدي:815.     ﴿ إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِى جَنَّٰتٍ وَنَعِيمٍ ﴿١٧﴾ فَٰكِهِينَ بِمَآ ءَاتَىٰهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَىٰهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ ﴾ [سورة الطور آية:﴿١٧﴾] وفيه أيضاً أن وقايتهم عذاب الجحيم عدل؛ لأنهم لم يقترفوا ما يوجب العقاب. وأما ما أعطوه من النعيم فذلك فضل من الله وإكرام منه لهم. ابن عاشور:27/46.     ﴿ ٱصْلَوْهَا فَٱصْبِرُوٓا۟ أَوْ لَا تَصْبِرُوا۟ سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ ۖ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿١٦﴾ إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِى جَنَّٰتٍ وَنَعِيمٍ ﴾ [سورة الطور آية:﴿١٦﴾] لما ذكر تعالى عقوبة المكذبين، ذكر نعيم المتقين؛ ليجمع بين الترغيب والترهيب، فتكون القلوب بين الخوف والرجاء. السعدي:814.     ﴿ فَلْيَأْتُوا۟ بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِۦٓ إِن كَانُوا۟ صَٰدِقِينَ ﴾ [سورة الطور آية:﴿٣٤﴾] وقوله: (إن كانوا صادقين) أي: في زعمهم أنه تقوّله؛ أي: فإن لم يأتوا بكلام مثله فهم كاذبون. وهذا إلهاب لعزيمتهم ليأتوا بكلام مثل القرآن؛ ليكون عدم إتيانهم بمثله حجة على كذبهم. ابن عاشور:27/ 67.     ﴿ أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَٰمُهُم بِهَٰذَآ ۚ أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ﴾ [سورة الطور آية:﴿٣٢﴾] أي: بل أتأمرهم عقولهم بهذا الكلام المتناقض؛ إن الكاهن هو المفرط في الفطنة والذكاء، والمجنون هو ذاهب العقل فضلا عن أن يكون له فطنة وذكاء. الشوكاني:5/99.     ﴿ أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَٰمُهُم بِهَٰذَآ ۚ أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ﴾ [سورة الطور آية:﴿٣٢﴾] الحلم: العقل... ومعنى إنكار أن تأمرهم أحلامهم بهذا: أن الأحلام الراجحة لا تأمر بمثله، وفيه تعريض بأنهم أضاعوا أحلامهم حين قالوا ذلك؛ لأن الأحلام لا تأمر بمثله، فهم كمن لا أحلام لهم، وهذا تأويل ما روي أن الكافر لا عقل له. ابن عاشور:27/64.     ﴿ وَمِنَ ٱلَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَٰرَ ٱلنُّجُومِ ﴾ [سورة الطور آية:﴿٤٩﴾] وذلك بصلاة الفجر سنة وفرضاً؛ لأنه وقت إدبارها حقيقة، فصارت عبادة الصبح محثوثاً عليها مرتين تشريفاً لها وتعظيماً لقدرها؛ فإن ذلك ينجي من العذاب الواقع، وينصر على العدو الدارع: من الـمُجَاهِر المدافع، والمنافق المخادع. البقاعي:19/39..     ﴿ وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا۟ عَذَابًا دُونَ ذَٰلِكَ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [سورة الطور آية:﴿٤٧﴾] قيل: قبل موتهم. ابن زيد: مصائب الدنيا من الأوجاع والأسقام والبلايا وذهاب الأموال والأولاد. القرطبي:19/541.     ﴿ يَوْمَ لَا يُغْنِى عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْـًٔا وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ ﴾ [سورة الطور آية:﴿٤٦﴾] أي: لا قليلاً ولا كثيراً، وإن كان في الدنيا قد يوجد منهم كيد يعيشون به زمناً قليلاً، فيوم القيامة يضمحل كيدهم، وتبطل مساعيهم. السعدي:818.     ﴿ فَلْيَأْتُوا۟ بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِۦٓ إِن كَانُوا۟ صَٰدِقِينَ ﴾ [سورة الطور آية:﴿٣٤﴾] العادة تحيل أن يأتي واحد من قوم وهو مساو لهم بما لا يقدرون كلهم على مثله، والعاقل لا يجزم بشيء إلا وهو عالم به، ويلزم من علمهم بذلك قدرتهم على مثل ما يأتي به، فإنه صلى الله عليه وسلم مثلهم في الفصاحة والبلد والنسب، وبعضهم يزيد عليه بالكتابة وقول الشعر ومخالطة العلماء، ومزاولة الخطب والرسائل وغير ذلك، فلا يقدر على ما يعجزون عنه إلا بتأييد الهي؛ وهو المراد من تكذيبهم. البقاعي:19/26.   ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,     وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3)   “-1 في (رق) منشور” عظمة الكتب ليست في جمال أغلفتها أو غلاء أوراقهاالعبرة بما فيها من الحق هذا أعظم كتب الله
      أخبر تعالى أنه في مكتوب في جلد./ د.عبدالله بلقاسم   2-‏”فيرق (منشور)” بركة العلم :نشره / عبدالله بلقاسم     وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (4) 1-(والبيت المعمور) أقسم الله ببيت في السماء ، وذكر ما يهمنا معرفته من صفاته وهي : أنه(المعمور) يعني بالعبادة / عقيل الشمري   2-“والبيت المعمور” …معمور بطاعة الملائكة وذكرهم عمران البيوت: الطاعة والذكر. / عبدالله بن بلقاسم     وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (5) وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (6) إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (7)   1- تدبر_القرآن سمع عمر قارئا يقرأ “والطور” إلى”إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع” فارتكن إلى الجدار،ثم عاد إلى بيته يعوده الناس شهرا مما ألم به. / فوائد القرآن   2- } إن عذاب ربك لواقع{  هذه الآية مؤكدة ثلاث مؤكدات.. وهي آية مؤثرة لكنها لا تؤثر إلا على قلب لين كلين الزبد أو أشد .. فإذا كان العذاب واقعا وليس له دافع أليس الجدير بنا أن نخاف ؟ بلى والله / عثيمين     مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ (8) يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْراً (9) وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْراً (10)        1- ﴿يوم تمور السماء موراً وتسير الجبال سيرا﴾أمور مزعجة وزلازل مقلقة أزعجت هذه الأجرام العظيمة .. كيف بالآدمي الضعيف ؟! روائع القرآن     فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (11) الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (12) يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعّاً (13) هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (14) أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ (15) اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (16) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (17) فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (18) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (19)   1-نكبروتكبرأحلامنا! لكن يبقى الحلم حلما حتى تتناوله أيديناحقا ولنتمسه أيديناجنياً، حتى تعركه صنعاً. (كلواواشربواهنيئابماكنتم تعملون)/ د. رقية المحارب                  2-كونوا ربانيين الربانيون متقون لربهم في الدنيا ولهم في الآخرة عند ربهم جزاء كريما ونجاة من عذابه الطور17-18-19) /د. محمد الربيعة                 3- يقول الله لأهل الجنة ﴿كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية ﴾ . الأيام الخالية هي الدقائق التي أعيشها الآن أنا وانت. / تأملات قرآنية   مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (20)   { متكئين على سررٍ مصفوفة } هنالِك سيرتاحُ الجسدُ الذي بذل ، والنفسُ التي صبرت ، وتتحسر نفوسٌ قدمت راحتها على مرضاة ربها..!! / ماجد الزهراني     وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21)             1-خذ من فراق أحبتك طاقة للعمل الصالح لتلتقي بهم في الجنة من جديد… كن وفيا للوجوه التي أحبتك… صلاحك جسر للقائهم.   ” ألحقنا بهم ذريتهم” / عبدالله بلقاسم            2-﴿ كلُّ امرئ بما كَسَب رهـين ﴾ افْـحَص عملك ! / نايف الفيصل   3-  أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ” صلاح الآباء بركة على الأبناء في الدنيا والآخرة، سعيد من رزق بوالد صالح. / نوال العيد              4-﴿ والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ﴾ إن الله يرفع للمؤمن ذريته ، وإن كانوا دونه في العمل ؛ ليقرّ الله بهم عينه ../ روائع القرآن   5- ﴿والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم﴾ لأن الابن قرة العين ومهجة الفؤاد، جعل الله من تمام النعيم أن يلحق الأولاد بالأباء إن كانوا على الإيمان، ولو لم تبلغ بهم أعمالهم تلك المنزلة!. . / تدبر       وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (22) يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لا لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ (23) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (24) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (25) قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26)   1-  يقول أهل الجنة:(إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين) في الجنة تصبح (ذكريات اﻷحزان والمخاوف) لذائذ بها يتحدثون/د. عقيل الشمري   2-  إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين…….مهما كانت بهجة حاضرنا يظل لذكرياتنا سحرها…..حتى أهل الجنة يستدعون ذكرياتهم/ عبد الله بلقاسم              3-“قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين” ….الذكريات تبعث الحزن والحنين والشجن. إلا ذكريات الطاعة فهي فرحة متجددة. / عبد الله بلقاسم              4-- ﴿قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين﴾ [الطور: ٢٦] ﴿الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون﴾ ﴿إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون﴾ [المؤمنون: ٥٧] مقام إيماني شريف حرم منه وحجب دونه غلاة الرجاء والإرجاء . / تدبر     فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (27)   1- ( فَمَنَّ الله علينا ووقانا عذاب السموم *إنا كنا من قبل ندعوه ) “دعاؤهم كان سببا في نجاتهم من الهول الأعظم، فكيف يكون الأثر في كربات الدنيا؟!” / د.نوال العيد   2-﴿ فمنّ الله علينا و “وقانا” عذاب السموم .. إنا كنا من قبل “ندعوه” ﴾ الدعاء وقاية . / نايف الفيصل     إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28)   1-  يقول أهل الجنة : (إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم) بعض مجالس الدنيا هي (قطعة من الجنة) فلتمسوها / عقيل الشمري   2-  يقول أهل الجنة (إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم) لحظات (الدعاء) بقيت خالدة في أذهان أهل الجنة لم يستطيعوا نسيانها / عقيل الشمري   3-  ( إنَّا كُنا مِنْ قبل ندعُوه ) عليك بكثرة الدعاء والابتهال إلى مولاك ، فإنه يدفع البلاء عنك ومغفرة لـخطاياك .                            فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ (29)             1- كونوا ربانيين الربانيون مستمسكون بكتاب ربهم مذكرون به لا يبالون بأذى الناس ، وهذا من عظيم نعمة ربه عليهم (الطور29) /د. محمد الربيعة     أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (30) 1-  كل (رَيْب) في القرآن فهو شكٌّ ؛ إلا مكانًا واحدًا في الطور ﴿ريب المنون﴾ يعني : حوادث الأمور . / د. سلطان العتيبي     قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنْ الْمُتَرَبِّصِينَ (31) أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (32)   1-  أكثر المحاربين للحق يعلمون أنه الحق،لكن طغيانهم هو الذي دعاهم إلى حربه ﻻ عقولهم!!(أم تأمرهم أحلامهم بهذا أم هم قوم طاغون)أي بل هم قوم طاغون / سعود الشريم   2- “أَمۡ تَأۡمُرُهُمۡ أَحۡلَـٰمُهُم بِهَـٰذَاۤ” الركونُ إلى العقل وردُّ النصوص الشرعية به مجازفةً وجرأةً، وأكبرُ الأدلة على ذلك أن “أهل الفلسفة والكلام أعظم الناس افتراقاً واختلافاً، مع دعوى كل منهم أن الذي يقوله حق مقطوع به قام عليه البرهان” / نقض المنطق ٤٣     أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لا يُؤْمِنُونَ (33) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (34) أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمْ الْخَالِقُونَ (35)   1-( أم خُلقوا من غير شيء ) “هذا مستحيل ! فلا يوجد مصنوع بلا صانع ! ( أم هم الخالقون ) أم هم خلقوا أنفسهم ؟! وهذا أيضا مستحيل !”  / أبو حمزة الكناني      أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بَل لا يُوقِنُونَ (36) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمْ الْمُسَيْطِرُونَ (37) أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (38) أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمْ الْبَنُونَ (39) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (40) أَمْ عِنْدَهُمْ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (41) أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمْ الْمَكِيدُونَ (42) أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (43)             1- ﴿ سبحان الله عمّا يُشركون ﴾ ؛ كان النبي ﷺ إذا مرّ بآية فيها تنزيه لله عزّ وجل سَبَّح. سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم. / فرائد قرآنية     وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنْ السَّمَاءِ سَاقِطاً يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (44) ‏”وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ” ، “فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا” كل ما فعله هؤلاء الاستناد إلى كونها (ظواهر طبيعية) ليس إلا، وليس وراء ذلك شيء آخر../ عادل صالح السليم إن يروا” والله إنها لمصيبه أن يرى الإنسان حدث يدلهُّ الى طريق الهداية ولا يلتفت اليه بل ويمضي حياته وكأنهُ أعمى ! / ياسمين العنزي    فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمْ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45) يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنصَرُونَ (46) وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (47) وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48)   1-                    (واصبر) لحكم ربك (فإنك بأعيننا)” لا شيء يمنحنا قوة الصبر على آلامنا مثل اليقين بأن ربنا الرحيم يرانا ونحن نتألم. / عبدالله بن بلقاسم   2-              } واصبر لحكم ربك … } هـذه الآية … تنسيك البلاء …! / نايف الفيصل   3-              ﴿ وسبِّح بحمد ربك حين تَقوم ﴾ كلما أردت أن تقوم لعمل سبّح بحمد الله ﷻ …./ نايف الفيصل   4-              ﴿ واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا ﴾ رسالة إلى كل من ضاقت به الأقدار : ما دمت مؤمن بالله ، مخبت إليه ؛ فعين الله سترعاك ./ روائع القرآن   وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (49)         - اجعل وقتك تسبيحا وذكرا لله عز وجل)وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ،وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ(/ عبد الملك القاسم   المصدر الكلم الطيب و حصاد التدبر    
    • من الآيات التي توضح موقف المؤمنين الأتقياء مما يعتريهم من شؤون هذه الحياة الدنيا قوله تعالى: {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون} (الأعراف:201)، فالآية تخبر عن المتقين من عباد الله، الذين أطاعوه فيما أمر، وتركوا ما عنه زجر، أنهم إذا وسوس لهم شياطين الإنس والجن، تذكروا عقاب الله وجزيل ثوابه، ووعده ووعيده، فتابوا وأنابوا، واستعاذوا بالله، ورجعوا إليه من قريب، وقد استقاموا وصحوا مما كانوا فيه؛ إذ هم في مواجهة ما ينتابهم من وساوس الإنس والجن لا ملجأ لهم إلا إلى الله، فهو العاصم لهم مما يراد بهم، وهو المسدد خطاهم إلى الصراط القويم. ولنا مع هذه الآية الوقفات التالية:

      الوقفة الأولى: قرأ جمهور القراء {طائف} وقرأ آخرون (طيف)، وهما قراءتان متواترتان، قال النحاس: معنى (طيف) في اللغة ما يتخيل في القلب، أو يُرى في النوم، وكذا معنى (طائف). وقيل: الطيف والطائف معنيان مختلفان، فالأول: التخيل. والثاني: الشيطان نفسه. وقد روي عن مجاهد أن (الطيف) هو الغضب. قال القرطبي: "ويسمى الجنون، والغضب، والوسوسة طيفاً؛ لأنه لمة من الشيطان، تشبه بلمة الخيال". وأطلق (الطائف) هنا على الخاطر الذي يخطر في النفس، يبعث على فعل شيء نهى الله عن فعله، شبه ذلك الخاطر في مبدأ جولانه في النفس بحلول الطائف قبل أن يستقر.

      الوقفة الثانية: قوله سبحانه: {إذا مسهم} (المس) في أصل اللغة كاللمس، ومما يفترقان فيه أن (المس) يقال في كل ما ينال الإنسان من شر، وأذى بخلاف (اللمس). وقد ذُكر (المس) في القرآن في مواضع: مس الضر، والضراء، والبأساء، والسوء، والشر، والعذاب، والكبر، والقرح، واللغوب، والشيطان، وطائف الشيطان، ولم يذكر فيه مس الخير والنفع إلا في قوله سبحانه: {إن الإنسان خلق هلوعا * إذا مسه الشر جزوعا * وإذا مسه الخير منوعا * إلا المصلين} (المعارج:19-22)، فقد ذُكر {الخير} هنا في مقابلة {الشر}، ولكن المقام مقام منع الخير لا فعله، واستعمل (المس) و(المسيس) بمعنى الجماع، وهو مجاز مشهور كاستعماله في الجنون مجازاً. الوقفة الثالثة: هذه الآية سُبقت بآية تأمر بالتعوذ من الشيطان، وهي قوله تعالى: {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم} (الأعراف:200)، وجاءت الآية التي معنا بمنـزلة التعليل للأمر بالاستعاذة من الشيطان، إذا أحس بوسوسته؛ ولذلك افتتحت بـ {إن} التي هي لمجرد الاهتمام. فيكون الغرض من الأمر بالاستعاذة بالله مجاهدةَ الشيطان، والتيقظ لكيده، وأن ذلك التيقظ سنة المتقين، ومنهج السلف الصالحين. فالآية تأكيد وتقرير لما قبلها من وجوب الاستعاذة بالله تعالى، عند وسوسة الشيطان، وأن المتقين هذه عادتهم. قال ابن عاشور: "ولعل الله ادخر خصوصية الاستعاذة لهذه الأمة، فكثر في القرآن الأمر بالاستعاذة من الشيطان، وكثر ذلك في أقوال النبي صلى الله عليه وسلم، كما ادخر لنا يوم الجمعة".

      الوقفة الرابعة: التعبير بأداة الشرط {إذا} والفعل {مسهم} في قوله سبحانه: {إذا مسهم طائف من الشيطان} إشارة إلى أن الفزع إلى الله من الشيطان، عند ابتداء إلمام الخواطر الشيطانية بالنفس؛ لأن تلك الخواطر إذا أُمهلت، لم تلبث أن تصير عزماً، ثم عملاً.

      الوقفة الخامسة: قوله تعالى: {تذكروا} المراد: تذكروا أوامر الله ووصاياه، كقوله: سبحانه: {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم} (آل عمران:135)، ويشمل التذكر تذكر الاستعاذة. فـ (التذكر) يعم سائر أحوال التذكر للمأمورات.

      الوقفة السادسة: قوله تعالى: {فإذا هم مبصرون} (الإبصار) هنا هو يقظة الضمير، وقوة الوجدان، وسيطرة النفس على أهوائها، وشبهت هذه الحال بالبصر الدائم المستمر، الحارس على النفس أن تنفعل لداعي الشيطان. قال ابن عاشور: "استعير (الإبصار) للاهتداء، كما يستعار ضده العمى للضلال، أي: فإذا هم مهتدون ناجون من تضليل الشيطان؛ لأن الشيطان أراد إضلالهم، فسَلِمُوا من ذلك. ووَصْفُهم باسم الفاعل {مبصرون} دون الفعل (يبصرون) للدلالة على أن (الإبصار) ثابت لهم من قبل، وليس شيئاً متجدداً، ولذلك أخبر عنهم بالجملة الاسمية {هم مبصرون} الدالة على الدوام والثبات.

      الوقفة السابعة: أفادت الآية الكريمة أن ذكر الله تعالى يُبَصِّر القلب بعماه إذا ضل، وما ضل الذين ضلوا إلا بتركهم لذكر الله، وأن المؤمنين الصادقين في إيمانهم لا تتمكن منهم وساوس الشيطان؛ لأنهم جعلوا وقاية لأنفسهم من خوف الله، والحرص على طاعته، فلا سبيل له إليهم، كما قال تعالى: {إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون} فإذا ما نزغ الشيطان في قلوبهم، فوسوس لهم، أو سوَّل لهم فعل ما نهى الله عنه، فسرعان ما يستيقظ وجدانهم العامر بتقوى الله تعالى، فيتذكرون الله، ويرجون ثوابه، ويخافون عقابه، فإذا غشاوة الشيطان تزول عنهم، ويرجعون إلى ربهم، وينقلب الشيطان خاسئاً وهو حسير.

      الوقفة الثامنة: التعبير باسم الموصول {الذين} من قوله تعالى: {إن الذين اتقوا} يفيد أن الباعث على ذكر الله تعالى، وحضوره في القلب واستيلائه على الإحساس والشعور بالواجب منشؤه التقوى. ويفيد هذا التصدير في الآية أن أهل التقوى لا يكونون بعيدين من ربهم، بل هم على مقربة منه، قلوبهم عامرة بذكره، فإن أصابتهم غمزة، فغفلوا، فسرعان ما يتنبهون، وسرعان ما يبصرون، وسرعان ما يرجعون.

      الوقفة التاسعة: تفيد الآية الكريمة أن وسوسة الشيطان إنما تأخذ الغافلين عن أنفسهم، لا يحاسبونها على خواطرها، الغافلين عن ربهم، لا يراقبونه في أهوائها وأعمالها. وأنه لا شيء أقوى على طرد الشيطان ودحره من ذكر الله تعالى، ومراقبته في السر والجهر، فذكر الله تعالى بأي نوع من أنواعه يقوي في النفس حب الحق ودواعي الخير، ويضعف فيها الميل إلى الباطل والشر، حتى لا يكون للشيطان مدخل إليها، فهو إنما يزين لها بالباطل والشر بقدر استعدادها لأي نوع منهما. فإن وجد بالغفلة مدخلاً إلى قلب المؤمن المتقي، لا يلبث أن يشعر به; لأنه غريب عن نفسه، ومتى شعر ذكر فأبصر، فخنس الشيطان، وابتعد عنه، وإن أصاب منه غرة قبل تذكره، تاب من قريب.

      الوقفة العاشرة: أن مثل المؤمن في عدم تمكن الشيطان من إغوائه، وإن تمكن من مسه، كمثل المرء الصحيح المزاج، القوي الجسم، النظيف الثوب، والبدن، والمكان، لا تجد الأمراض المفسدة للصحة استعداداً لإفساد مزاجه، وإصابته بالأمراض، فهي تظل بعيدة عنه، فإن مسه شيء منها بدخوله في معدته، أو دمه، كان ما لديه من أجهزة المناعة ما يكفي لصدها، وردها، ودحرها، والقضاء عليها. وكذلك يكون قوي الروح بالإيمان والتقوى غير مستعد لتأثير الشيطان في نفسه، فهو يطوف بها، يراقب غفلتها، فلا يلبث أن تتصدى له أجهزة المناعة لديه بالتذكر والأوبة والانتباه لهذا الدخيل.

      الوقفة الحادية عشرة: أن الإنسان يشعر بقدر علمه بتنازع دواعي الخير والشر والحق والباطل في نفسه، وأن لداعية الحق والخير مَلَكاً يقويها، ولداعية الباطل والشر شيطاناً يقويها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا: (إن للشيطان لِمَّة بابن آدم، وللمَلَك لِمَّة: فأما لِمَّة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق، وأما لِمَّة المَلَك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله، فليحمد الله على ذلك، ومن وجد الأخرى، فليتعوذ من الشيطان) ثم قرأ: {الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء} (البقرة:268) رواه الترمذي، والنسائي في "السنن الكبرى".   اسلام ويب
  • آخر تحديثات الحالة المزاجية

    • samra120 تشعر الآن ب غير مهتمة
  • إحصائيات الأقسام

    • إجمالي الموضوعات
      182190
    • إجمالي المشاركات
      2535465
  • إحصائيات العضوات

    • العضوات
      93204
    • أقصى تواجد
      6236

    أحدث العضوات
    chaima12
    تاريخ الانضمام

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×