اذهبي الى المحتوى
امانى يسرى محمد

سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

المشاركات التي تم ترشيحها

الإبتلاء بالنعمة من أشد أنواع الإبتلاء

 

20476349_468334946853130_7777658153200756131_n.jpg?oh=790916d1bb975be2c724db27876acb6e&oe=59EBA521

 

وَّقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ (الاعراف 95)))

شي طبيعي ان يكون هناك سراء وضراء ليس هناك في الأمر أي نوع من انواع الحكمة ينظر الى تقلب الأحوال في الأفراد والأمم والمجتمعات فلا تحرك فيه ساكن من الإيمان لاتحرك فيه أملا يدفع به للرجوع لخالقه سبحانه وتعالى اشكالية خطيرة جدا إذا أصبحنا نألف تغير الأحوال في الأمم وفي أنفسنا وتقلبنا دون أن ندرك الحكمة من وراء ذلك وقعنا في إشكالية خطيرة هذه الأحداث لا ينبغي ان تألف هذه الأحداث العاقل يقف أمامها وقفت الإنسان المتعلم الراغب في أن يدرك ما وراء الاشياء يقرأ كما يقال ما بين السطور يدرك ان الله سبحانه وتعالى لون له هذه الأحوال ليعود إليه ليرجع إليه الباساء والإمتحان بالبأساء وبالشدة وبالرخاء له هدف غاية وكثير من الناس يرجع الى الله في الشدة ولكنه لا يرجع في الرخاء لايدرك أن الرخاء وأن تفتح عليه الدنيا وأن يؤتى من الأموال ومن الصحة ومن القوة وما شابه إبتلاء كثيرون لا يصمدون أمام ذلك

 

كذلك روي عن بعض السلف والصحابة قالوا إبتلينا بالشدة فصبرنا وإبتلينا بالسراء فلم نصبر وهذا من ورعهم وزهدهم في الدنيا ولكن في واقع الأمر أن الإبتلاء بالنعمة من أشد أنواع الإبتلاء إختبار ربي سبحانه وتعالى حين يفتح على الأمم وعلى الأفراد أبواب الرخاء والسعة و الترف فربي سبحانه وتعالى إنما في واقع الامر يبتلي مالموقف في مثل ذلك الحال الموقف أن ندرك كما يدرك في الشدة أنه عاجز وأن ربه القوي انه ضعيف وأن الله سبحانه هو القادر على كل شي قدير و أن ما بكم من نعمة وماهم فيه من نعمة انما هو من باب الإبتلاء والإختبار فالينظر كيف هو عمله ما طبيعة ذلك العمل الذي يقوم به في حياته فتحت عليه الدنيا أموال صحة قوة أمان استقرار

 

ماذا فعلت بها ماذا فعلت بالاستقرار الذي خولك الله به تلك النعم ماذا فعلت ماذا حققت ماذا انجزت المسألة ليست ماتملك وليس ما عندك لأن ما عندك وما تملك انما هو إبتلاء من الله سبحانه هو عطاء الرب ولكن السؤال ماذا فعلت إنت بذلك العطاء ماذا قدمت بذلك العطاء ماذا حققت من انجازات على صعيد مقاومة ومكافحة الفساد واقامة الصالح و الخيروالنفع للبشر ماذا فعلت ماذا حققت من الأشياء التي أمر الله عز وجل بتحقيقها في حياتك وحياة الناس هذا هو السؤال

 

فاذا لم تتولد عند الانسان كل هذه التساؤلات ولم يولد لديه امتحان الشدة و امتحان الرخاء رجعة ويقضة و لله سبحانه وتعالى جاء العذاب

(فَأَخَذْنَاهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (الاعراف 95)) )

فجأة الرب الذي هو قادر على العطاء قادر على الأخد الرب الذي فتح لك أسباب الدنيا قادر على إغلاقها بيده كل شي فعليك ان تقرأ وعليك ان تدرك وعلى العاقل أن لا يركن الى الدنيا ولا يفرح بإقدامها ولا بإقبالها لأن من طبائعها نها إذا أقبلت ستدبر قريبا واذا أعطت فإنها ستأخذ قريبا الأخذ والعطاء سنة من السنن قائمة في الافراد وفي الامم.

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

اسباب البركة في البيوت

 

CE_ylseUMAEFhiQ.jpg

 

(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم (الأعراف96 ))

قانون الإيمان و التقوى الإيمان الذي ليس هو ادعاء والتقوى التي تولد في النفس صلاحا وفي الواقع صلاحا التقوى التي تعمر ما بينك وبين الله عز وجل التقوى الحقيقة تعمر القلب فاذا عمر القلب وعمرت العلاقة بيني وبين الله سبحانه وتعالى كان لا بد ان يمتد ذلك العمار الى الأرض إلى الواقع إلى الحياة إلى المجتمع إلى كل شي فكانت نتيجة ذلك

(لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ (الأعراف96)

 

والبركة زيادة غير محسوسة أو محسوبة ماديا زيادة معنوية والقرآن العظيم كثيرا ما يحدثنا عن البركة وصف كتابه العظيم .قال عن انبيائه موسى عليه السلام على سبيل المثال

(وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا(مريم31.) ووصف بيته ووصف بيت المقدس والأرض الأرض التي باركنا حولها ووصف آيات وأماكن ورسل وأنبياء وأشياء بالبركة والآن ربي سبحانه وتعالى جاء بلفظ البركة جمعا فقال

(بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ (الأعراف96) )

منافع خير البركة ليست شيء يحسب بالدرهم ولا بالدينار ولا بالدقيقة ولا بالساعة البركة اذا طرحت في شيء امتد نفعه وخيره مثلا على سبيل المثال البركة اذا طرحت في عمر انسان فلا يضره اذا امتد به الأجل أو قصر ربي بارك فيه لذلك لو تدبرنا في تاريخ علماءنا الصالحين وجدنا ان البعض منهم كالإمام الشافعي رحمه الله توفي ولم يتجاوز الرابعة والخمسين عاما والى بركة اعماله انظر الى ذلك النفع الذي خلفه من وراءه كم سنة كان ينبغي ان يعيش ويحقق كل هذا.

 

العمر لا يقاس بالسنوات ولا بالأشهر ولا بالأيام العمر يقاس بالقياس الحقيقي بما تنجز بما تخلفه وراءك من أثر يمتد وليس بما تتركه وراءك من مال المال تتركه فينتفع فيه غيرك من الورثة فقط ولكن الذي يحقق البركة فعلا والإنتفاع الحقيقي ليس فقط المال العلم الكلمة الطيبة خير نفع كل شي كل ما يمكن ان تتخيله او لا تتخيل البركة شيء عظيم جدا ولذلك نحن في زماننا على سبيل المثال نشكو من قلة البركة لانشكو من قلة المال هناك فرق شاسع بين ان يكون المال قليلا قد يكون المال قليلا لكنه مبارك فإذا وضعت فيه البركة أصبح ذلك المال ليس وكأنه قليل لا ربي بارك فيه طرح به البركة تجد فيه خير تجد فيه تربية تجد فيه نفع تجد فيه كفاية فيما يفوق الكفاية ولكن اذا نزعت البركة من المال على سبيل المثال فحتى لو زاد ذلك المال وأصبح يعد بالآف أوالملايين لا يغني عنه شيء منزوع البركة لاخير فيه حتى نفعه من ذلك المال لا يأتي على صاحبه بخيرالإنسان قد يمتلك مال مالا وفيرا ولكن ذلك المال قد يعود على صاحبه بالشر في الدنيا وفي الأخرة ينفقه فيما لا طائلة من وراءه ينفقه في الفساد ينفقه في الشر في ايذاء الناس اين بركة نزعت بركته ابن القيم رحمه الله لديه كلمة جميله يقول كل شيء لله البركة فيه و كل شيء ليس لله فقد نزعت منه البركة مقياس جميل دعونا نتبناه في حياتنا اجعل كل شيء تقوم به لله فيطرح الله سبحانه وتعالى به البركة ثم يبرر ذلك فيقول لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي يعطي البركة

(تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (الملك 1))

(تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ (الفرقان1))

ربي سبحانه وتعالى تبارك أحسن الخالقين فهو الذي يعطي هذه البركة هي منحة هي عطاء عطاء من الله تعالى لعباده ولكم من من عباده اولئك الذين آمنو به واتقو الإيمان والتقوى اذا البركة منحة عطاء ولكن اين المسبب لتلك البركة إيمان وتقوى من لله سبحانه وتقوى لله اجعل قلبك خالصا لله الإيمان والتقوى أول شيء هما عمل قلبي وهذا العمل القلبي سينعكس في طبيعة الحال على الواقع على الجوارح على ماتقوم به في حياتك ولكن ركز على جانب الإيمان في القلب والتقوى أصلح قلبك أصلح قلبك صلاح القلوب ما نحن بحاجة اليه تقول لي او تشتكي من قلة المال او من ضيق ذات اليد أقول لك أصلح قلبك

 

تشتكي من قله البركة في الوقت اقول اصلح قلبك

تشتكي من أي شيء في حياتك أقول أصلح قلبك

صلاح القلب وكيف يكون الصلاح الا بالإيمان والتقوى

(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ (الأعراف96 ))

لكن مالذي حدث في واقع الامر فحين يكون التكذيب ماذا تكون النتيجه

(فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (الأعراف96 ))

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

ليس صلاحٌ للإنسان إلا بالتقوى

 

اليوم العالم بأسرة على كل الأموال المكدسة فيه الاوراق المكدسة فيه ولكنه يعيش على وجه العموم في حالة تعب في حالة شقاء هناك وفرة في المال ولكن هناك قلة وشحة في الراحة في السلام في الشعور بالأمن والأمان الشعور بالإستقرار وهذا ينطبق على الأمم كما ينطبق كذلك على الأفراد العاقل يقف أمام السبب يحلل ماهو فيه يحاول أن يفهم أن يدرك أن يقرأ ما هو وراء الظواهر والأحداث في حياته المشكلة ليست في قضية سعة الارزاق اوقلة الاشياء بالكون ربي سبحانه وتعالى قدر فيه اقواتا الإشكالية الخطيرة التي نمر بها اليوم كأفراد وكمجتمعات نزع البركة من حياتنا واوقاتنا واعمارنا

 

حين نقرأ في سيرة الصالحين والسلف والعلماء نجد شيء أقرب إلى العجب منه الى الواقع والحقيقة هذا العجب الذي يصيبنا من أين جاء كان هناك بركة والبركة متى تأتي ؟ لا تأتي إلا مع الإيمان والتقوى الإيمان والتقوى الحقيقي الإيمان والتقوى الذي ينعكس في وا قع الحياة اصلاحا وخيرا وعطاءا ونماء اما اذا تغير الحال وكان الواقع مغاير لما ينبغي أن يكون عليه من إيمان وتقوى فلن يكون إلا ما جاء في كتاب الله عز وجل (فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (الأعراف96 ))

لاظلم ربي سبحانة وتعالى حين قال

(ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ (الروم41))

بأي شيء

(بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ (الروم41))

 

أعمالنا توفى إلينا في الدنيا قبل الأخرة أعمالنا أحيانا شعورنا نحن كبشر كأفراد شعورنا بالخوف بالخوف على الأموال بالخوف على الأولاد بالخوف على المستقبل الأمر الذي يزيد بنا لشدة الحرص والقرآن يعلمنا أن الحرص لايغني عن صاحبه شيئا صحيح التعقل مطلوب حكمة مطلوبة في الانفاق ولكن البخل منيعا الخوف على المستقبل وتصور وتوهم أن الإنفاق والخير والصدقة والمساعدة وصلة الاقارب ومعاونة الضعفاء ومساعدة الملهوف ومحاولة كشف الكرب عن المكروبين والشعور الإنساني الطبيعي الفطري بحاجة المضطرين البؤساء والارامل واليتامى هذا ليس تبذيرا ولا إسرافا ولا عدم حكمة ولا حنق ولاغفلة ولا سفاهه هذا هو ما يريده القرآن مني هذه انسانية هذا خير هذا عطاء هذا في واقع الامر ضمانة ضمانة لاي شي ضمانة لحياتي ضمانة لنفسي ضمانة لمستقبل أولادي ضمانة لمستقبلي في الدنيا قبل الآخرة ربي وعدني ومن اصدق من الله قيلا

(وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا (النساء87))

فتحنا عليهم كل أشكال البركات سواء ما كان فيها نفع ورخاء ومطر وغيث و راحة ونماء وعطاء ومصادر بركات من السماء والأرض اذا لماذا نحن نشعر في هذا العصر بكل هذا القحط والجدب ليس بسبب خارجي الاسباب الخارجية مظاهر ولكن السبب الداخلي هو السبب وراء تلك الظواهر والسبب

(آمَنُوا وَاتَّقَوْا (الأعراف96))

 

نحن نعاني من فقر في هذا الجانب جانب التقوى وقد تقول لي ولكنا نصلي ولكنا نحافظ على الصلاة ونصوم رمضان الإيمان ليس مجرد محافظة على الصلاة لا تحرك فيك امرا بالمعروف ونهيا عن المنكر

(إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ (العنكبوت45))

وكذلك سائر العبادات سائر العبادات تولد من الانسان المؤمن انسانا صالحا مصلحا في واقعه مصلحا في غيره انسان تختلف تقديراته واساليبه في التعامل عن الإنسان الطبيعي العادي الذي يقرأ الاحداث بمعزل عن القرآن العظيم القرآن لايريد منك انسانا سلبيا منسحبا من واقع ترى فيه الفساد ليل نهار لا القرآن يريد انسانا إيجابيا انسانا لايقف عن الحياد أمام الفساد انسان كماهي تلك الأيات التي جاءت بقصص الأنبياء جميع الأنبياء هناك عشرات الاشياء التي تربط بين الانبياء كل الانبياء صحيح هم ارسلو برسالة ولكن من الجوامع بين هؤلاء الانبياء انهم لم يقفوا عن الحياد رأو الفساد فحاولو وقاموا بعمليات اصلاح هذا معنى التوحيد الرسالة جاءت

(اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ(الأعراف59))

ولكن من قال أن رسالة التوحيد تكتفي بأن تكون فقط في العلاقه بين الإنسان وربه خارج اطار المجتمع من قال التوحيد علاقه تصحيحة في كل مجالات الحياة التوحيد علاقة تصحيحية في كل شيء في حياتك صغيرا كان او كبيرا ولذلك حين كان التوحيد حيا نابغا في قلوب الأمة في قلوب الأفراد في حياة المسلمين كما أرادله القرآن أن يكون كان المسلمون أصحاب حضارة وقوة ومنعة وارادة حقيقية لماذا ؟

 

اكبر دافع في حياتهم كان التوحيد ولكن حين تراجع منسوب التوحيد وأصبح التوحيد محصورا فقط حصرا غير صحيحا أبدا وأصبح توحيدا إنسحابيا يصنع من الانسان انسان عزول منسحب من الواقع ويظن أن في ذلك الخير اصبحت حال الأمم والمجتمعات كمان نرى عليه الحال اليوم إذا ما نعاني منه من أحوال وتبدل في الأحوال إقتصادية إجتماعية أسرية هذا ماجاء هكذا بدون قانون هذا جاء وفق سنن سنن حدثت له أسباب علي أن احلل الأسباب وأن أدرك أن هذه النتائج كان لها مقدمات ولكني ما قرأت ماوقفت ما درست والقرآن يريد مني أن أقرأ وأدرس وأتلوا و اتعلم .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

سورة الأنفال

 

01.jpg

 

 

المقدمه

 

بين أيدينا اليوم سورة عظيمة من سور القرآن، سورة الأنفال، تلك السورة التي نزلت بعد غزوة بدر مباشرة حتى سماها بعض المفسرين “سورة بدر”.

 

هذه السورة نزلت تعالج أحداث غزوة بدر والنتائج المترتبة عليها.

الأنفال نزلت على النبي صلّ الله عليه وسلم بعد غزوة بدر في تلك الأثناء وفي تلك الأوضاع التي مر بها المسلمون في غزوة بدر كان المسلمون قد خرجوا من مكة مهاجرين بأنفسهم تركوا كل شيء وراء ظهورهم ترك الكثير منهم المال والولد والأسرة والعمل والتجارة وكل ما لهم في الدنيا وراء ظهورهم في مكة وخرجوا فقط بدينهم خرجوا بإيمانهم خرجوا مهاجرين من أوطان كانت تعز عليهم فكلنا نعلم ما لمكة في قلب النبي صلّ الله عليه وسلم وأصحابه، ولكن مع ذلك عندما اقتضى الأمر أن يخرج ويترك خرج وترك لله ولدينه وللحقّ الذي آمن به وللحقّ الذي سار عليه وتبناه.

 

في تلك الأثناء عندما وصل النبي صلّ الله عليه وسلم إلى المدينة بدأ بحياة جديدة بدأ ببناء دولة فتيّة دولة صغيرة دولة بكل الحسابات والمقاييس المادية لا تسمى دولة مجموعة من الأشخاص لا أموال لا عشيرة لا أولاد كل ما يمتلكونه إيماناً صادقاً يقيناً بالله عز وجل يستطيع أن يبني على الجبال الراسيات ويؤسس وفعلاً هذا الملك العظيم لهذا الإيمان وهذا اليقين هوالمحرك الأول والدافع الأول لبناء الدولة الأولى في تاريخ الإسلام.

 

في تلك الأثناء كان النبي صلّ الله عليه وسلم يوجه أصحابه لأن يتعقبوا ويترصدوا في السرايا المختلفة تحركات قريش، قريش تلك القبيلة الدولة الحقيقية ليس بمعنى مقومات دولة ولكن بمعنى العناصر المادية المتوفرة لها في مكة. كانت لها رحلات تجارية بين مكة وبين الشام واليمن وهذه الرحلات كانت كعادة قريش وعادة القبائل لا تعود إلى مكة ننحر الجِمال ونطعم الطعام ونسقي الخمر وتفرّق علينا القيان وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وبجمعنا فلا يزال العرب يهابوننا أبداً بعدها، إذن أبوجهل لم يخرج به الحق لم يخرجه العدل لم يخرجه نصرة مظلوم وإنما أخرجه التباهي والتكبر والتعجرف والتفاحر.

 

وهنا فقط نستطيع أن نحدد بداية الهزيمة التي وقعت مع قريش في غزوة بدر بداية الهزيمة بدأت في النفس في نفوس المشركين وبداية النصر جاءت مع المسلمين في الجهة المقابلة. بداية الهزمية بدأت مع قريش عندما أخرج أبوجهل تكبره وتعجرفه وعنجهيته وتصوره بأن النصر لا يكون إلا من قبيل امتلاك القوة المادية.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الجهاد في معناه الحقيقي

 

دعونا نرى على كيف كانت بدايات النصر في قلوب المؤمنين في قلوب اصحاب النبي صلّ الله عليه وسلم؟

 

أصحاب النبي صلوات الله وسلامه عليه وقف بهم الحال أطلعهم النبي عليه الصلاة والسلام على الوضع وبدأت تضاريس المعركة تتغير، لم يكن هناك معركة، النبي صلّ الله عليه وسلم خرج بأصحابه إلى بدر لا لأجل معركة ولا لأجل قتال ولم يكن هناك عُدّة ولم يكن هناك استعداد لقتال المشركين. الأمر كان للخروج لأخذ القافلة والتربص بها ثم العودة لم يكن هناك استعداد لم يكن هناك تهيئة نفسية لمواجهة عدو. أطلع النبي صلّ الله عليه وسلم أصحابه على الوضع فقال لهم ما ترون؟

 

ودعونا نتأمل أوننظر في كيفية معالجة هذا القرآن العظيم لأن من أنزله هوالله الذي يعلم من خلق وهواللطيف الخبير. أظهر هذه الحقيقة الكامنة التي لم يبح بها المسلمون أصلاً هي كانت في صدروهم لم يبوحوا بها لأحد أطلعها الله عز وجل وقال في آية، يقول الله عز وجل

 

(كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (5) يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ (6) وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7) لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوكَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (8)) الأنفال

 

هذه الآيات تبين الحقيقة التي كانت في نفوس وفي صدور المؤمنين آنذاك لم يكونوا متأهبين فلم يريدوا الخروج للقتال ليس خوفاً ليس جبناً ليس خشية على شيء في تلك الأثناء تلك النفوس العظيمة نفوس الصحابة رضوان الله عليهم في غزوة بدر كان قد عالجها اليقين والإيمان بالله كانوا يخافون على هذا الدين من هزيمة تلحق بهم وهم لا يزالون في بداية بناء الدولة الإسلامية، الخوف لم يكن على أنفسهم هم ضحوا بالغالي والنفيس، هم خرجوا من مكة وتركوا كل شيء وراء ظهورهم ما كان الخوف على النفوس ولا كان على أموال ولا كان على شيء من متاع الدنيا الزائل كل الخوف والمشاعر كانت على هذا الدين فجاءت هذه الآيات لتخرج هذا الخوف من القلوب وتبين أن خروج المؤمنين للقتال في غزوة بدر وتحول المسألة من قضية خروج لأخذ العير إلى مسألة مواجهة وقتال ومعركة مع المشركين، ما كان إلا لأجل إحقاق الحق وإبطال الباطل

 

 

 

وهذه هي الرسالة العظيمة التي ينبه عليها القرآن ليس فقط لأصحاب النبي صلّ الله عليه وسلم وإنما لكل جيل لكل فرد لكل مؤمن لكل مجتمع لكل جماعة لكل العالم أن البدايات لا بد أن تكون صحيحة، خروجك لا بد أن يكون لله، خروجك لا بد أن يكون لقضية، لهدف عظيم، لا بد أنا حين أدخل اوأخرج حين أدخل من صفقة أوأخرج من صفقة لا بد أن يكون لإحقاق الحق وإبطال الباطل ليس لأي شيء آخر من متاع الدنيا، عالجت القضية.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

أسباب نصر الله للمؤمنين على أعدائهم

 

17897.jpg

 

 

الآن نبدأ نقارن الغاية التي لأجلها خرج المشركون الدنيا والتباهي والتفاخر بمتاع الدنيا الزائل وإظهار التكبر والعنجهية وأنني صاحب قوة عظمى وأمتلك القرار وأستطيع أن أسير العالم كما اشاء عنجهية الإنسان المغرور الذي

لا يعلم أنه لا يساوي ولا حتى جناح بعوضة في قيمته الحقيقية عندما ينتكس انتكاسة الكفر والباطل، هذه العنجهية كان يقابلها يقين وإيمان بالله ولذلك ربي عز وجل قال

(كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ)

أنت خرجت حين خرجت من مكة لم تخرج بنفسك.

 

قام سعد بن معاذ من الأنصار لأنه شعر بأن النبي صلّ الله عليه وسلم كان يريد أن يسمع منهم على اعتبار أن الأنصار قد عاهدوا النبي عليه الصلاة والسلام على حمايته وعلى نصرته في حدود المدينة والآن هناك معركة الآن هناك خروج الآن المسألة خارج نطاق المدينة فقال للنبي عليه الصلاة والسلام: لعلك تريدنا يا رسول؟ قال أجل، فقال سعد: يا رسول الله قد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به هوالحق وأعطيناك عل ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة فامضِ يا رسول الله لما أردت فوالله لا يتخلف عنك اليوم منا رجل واحد ولواستعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك وما نكره أن تلقى بنا عدونا غداً إنا لصبرٌ في الحرب صدقٌ عند اللقاء ولعلّ الله أن يريك منّا ما تقرّ به عينك فسر بنا على بركة الله.

 

حُسمت معركة بدر في قلوب هؤلاء المؤمنين الذين حملوا الغاية والإيمان واليقين بالله عز وجل. النبي عليه الصلاة والسلام سُُرّ بهذا القول فقال لسعد وأصحابه من حوله سيروا وأبشروا فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم.

حُسمت المعركة، انتهي الأمر عندما تأكد أول قانون من قوانين النصر

أن النصر الحقيقي

في الإيمان في اليقين في قوة الإرادة

في الهدف الذي يخرج الإنسان لأجله والغاية العظمى.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

ما هي الأنفال؟

 

 

قبل أن نسترسل في أحداث غزوة بدر دعونا نتوقف عند البداية،

أول آية في سورة الأنفال ربي عز وجل يقول فيها

(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ الله وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)

 

الأنفال الغنائم، السؤال كان عقب غزوة بعد الانتهاء من غزوة بدر تساءل المسلمون عن الغنائم عن قسمة الغنائم، إنتهت المعركة بفوز المسلمين فوزاً ساحقاً وكان هناك غنائم أي شيء من متاع الدنيا فكان الصحابة يتساءلون عنها ولذلك هناك حديث جميل رواه الترمذي يقول فيه عن أبي أمامة يقول: فينا نزلت هذه السورة، كيف نزلت هذه السورة؟ عندما تساءلنا عن قسمة الغنائم بعد أن ساءت فيها أخلاقنا – انظر إلى التعبير ساءت أخلاقنا، هؤلاء النخبة هؤلاء الصفوة من البدريين الذين قال عنهم النبي عليه الصلاة والسلام لعل الله اطلع على أهل بدر فقال لهم قد غفرت لكم اعملوا ما شئتم قد غفرت لكم – نزلت في هؤلاء وهم يقولون قد ساءت أخلاقنا.

 

وهنا لا بد أن ننتبه إلى مسألة حساسة جداً أن المؤمنين على درجات.

المؤمنون منهم المقربون أعلى الدرجات،

منهم الأبرار ومنهم أصحاب اليمين.

 

سيئات المقرّبين هي حسنات الأبرار، يعني سوء الخلق الذي تحدث عنه الصحابي هنا ليس سوء الخلق من حيث أخلاق بذيئة أوكذب حاشاهم أومما يمكن أن يتبادر إلى اذهاننا اليوم عندما نصف شخصاً فنقول سيئ الخلق، سوء الخلق الذي يتحدثون عنه في هذا الكلام أوفي هذا الموقع أنه كيف يتساءلون عن قسمة الغنائم بعد غزوة بدر؟

يلومون أنفسهم كيف نطقت السنتهم بالسؤال عن قسمة الغنائم بعد غزوة بدر، يلومون أنفسهم، النفس اللوامة، كيف؟

 

هكذا كانوا يلومون أنفسهم لا ينبغي أن أسأل عن قسمة الغنائم وإنما أترك الموضوع للنبي صلّ الله عليه وسلم يقسّمه ويراه كيفما يشاء فيه، أنا لا ينبغي أن أسأل.

انظروا عزة الإيمان!

 

 

لنا أن نتخيل عندما أربط اليوم بالواقع لي أن أتخيل إلى أيّ مرحلة من الإيمان والشموخ وصل هؤلاء النفر؟ إلى أي مرحلة؟

أنهم يعتبرون أن مجرد التفكير بمتاع الدنيا الزائل هومن سوء الخلق بعد نصر مؤزر في غزوة بدر!.

 

 

ودعونا نتأمل كيف أن الإجابة في سورة الأنفال، سورة الأنفال من خمس وسبعين آية، السؤال عن قسمة الغنائم جاء في الآية الأولى والإجابة عن قسم الغنائم جاء بعد أربعين آية من سورة الأنفال يعني بعد أكثر من نصف السورة.

 

هذه الأربعين آية عن أي شيء كانت تتحدث؟

ربي عز وجل في الآية الأولى قال

(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ)

لم يجب قال أول شيء

(قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ)

الدنيا والغنائم وبكل ما فيها لمن؟

لله والرسول، لا تسأل عن القسمة، الإجابة عن القسمة جاءت في الآية الأربعين، أربعون آية ربي عز وجل يؤدب ويعلّم ويوجه فيها البدريين المنتصرين وليس فقط البدريين المنتصرين ولكن كل الأجيال يوجهنا نحن اليوم أن النصر لا ياتي من خلال التركيز على القضايا المادية النصر له قوانين الفوز له قوانين وهذه القوانين وإن كان منها الأخذ بالأسباب المادية ولكن التركيز الأول والتفاعل مع الواقع الذي يعيش فيه الإنسان، هذا الإيمان العظيم هوالذي تحدثت عنه سورة الأنفال في أول قانون من قوانين النصر فيها.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

العلاقة بين الإيمان والنصر

الآيات الأولى بعد الآية الأولى

تأتي أربع آيات تتحدث عن هذا النوع من الإيمان يقول الله عز وجل فيها

(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4))

 

الإيمان الذي اعتبرته الآية أنه بالفعل هوأول قانون من قوانين النصر له دلائل وله علامات، هوليس أيّ إيمان، هوليس مجرد إدّعاء، هوإيمان له مقاييس له موازين وكلمنا يعلم أن الإيمان يزيد وينقص في نفس المؤمن في قلبه ولذلك يستطيع الإنسان المؤمن أن يقيس درجة الإيمان لديه.

 

أول درجة من درجات هذا الإيمان والمقياس وهوتنبيه -كما ذكرنا قبل قليل- لكل ما أراد أن يواجه أحداً من الناس، لكل مجتمع يريد أن يواجه فئة من الكفار أوممن ابتعدوا عن منهج الله عز وجل، قبل أن تبدأ بالمواجهة عليك أن تقيس درجة الإيمان لديك، ألا نرى تدريبات الجيوش يقومون ببعض التدريبات وبعض الطلعات قبل المواجهة الحقيقية، هكذا ولله المثل الأعلى على المؤمن والمجتمعات كما تعتني بتدريب الجيوش تدريباً عسكرياً واستراتيجياً على حمل العتاد وحمل الأسلحة والمواجهات عليها كذلك أن تتأكد من قضية مقياس وميزان الإيمان في النفوس، عليها أن تهتم بعناية الجيوش بالتربية الإيمانية باليقين بما أنا قد خرجت إليه واليوم العلم المعاصر يرى ويؤكد أن أعظم دافع لنجاح الجيوش هوالقوة المعنوية أعظم دافع أن يتأكد هذا الجندي الذي يحمل العدّة ويحمل السلاح ويتيقّن بعدل القضية التي لأجلها خرج إذا لم يكن لديه ذلك الإيمان بالقضية التي خرج لأجلها مهما بلغت القوى المادية التي يمتلكها ومهما بلغ التدريب الاستراتيجي الذي تعرض له وهويحمل السلاح ستصبح اليد التي تحمل السلاح يد ضعيفة يد واهية خائرة القوى لا تستطيع أن تمسك ولا حتى بعصى من خشب ولذلك ربي عز وجل عندما وضع قانون الإيمان وأكّد أن هذا أول قانون من قوانين النصر أعطى للمؤمنين وأعطى للقادة العسكريين كيفية قياس هذا الإيمان. وأنا أرى والله أعلم أن النبي عليه الصلاة والسلام حين عرض الأمر على المهاجرين والأنصار أراد بذلك أن يتأكد ويوجه القادة العسكريين أنه عليهم قبل الاستنفار وقبل البدء بالمعركة التحدث إلى جنودهم التحدث إلى جيوشهم وجهاً لوجه، النظر في قضية الإيمان التي هم قد خرجوا لأجلها, النبي عليه الصلاة والسلام فعل ذلك مع أصحابه، أراد أن يتأكد من هذه القضية وقد فعل حينما خرج المقداد من المهاجرين وخرج سعد بن معاذ ليقول القولة المعروفة في ذلك ليتأكد من هذا، ما أعظمه اليوم من توجيه!

 

أنا هنا أتساءل، قلنا قبل قليل أن من أهم قواعد التدبر والإفادة من هذا الكتاب العظيم أن أتأكد تماماً أني على قدرة وأنا أقرأ هذا القرآن العظيم أني على قدرة أن أربط ما أقرأ من القرآن بالواقع الذي أعيش وأنا اقول وأوجه هذه الكلمة لكل القادة العسكريين لأصحاب الجيوش لمن يوجه الجيوش ويقود الجيوش ويُخرِج الجيوش قبل أن تخرج مع الجيش إجلس مع هؤلاء الجنود وجهاً لوجه تساءل معهم وتحدث معهم عن إيمانهم بالحقيقة التي لأجلها يخرجون، تأكد أن الذي يخرجهم ليس متاع الدنيا الزائل، ليس السيطرة على مقدرات الشعوب ليس نهب مقدرات الشعوب والسيطرة عليهم وإظهار أنني أنا القوة العظمى، تأكد أن الذي يخرجهم هوالإيمان بالعدل، تأكد أنهم لا يخرجوا إلا إحقاقاً للحق وإبطالاً للباطل ونصرة للحق إذا تأكدت من هذا إعلم أن النصر معقود بأول قانون من قوانين النصر ولذلك ولله درّ النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال “سيروا وأبشروا فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين”، تحقق النصر المسلمون آنذاك لم يذهبوا إلى بدر بعد، لم يواجهوا أحداً من المشركين بعد، ولكن المعركة حسمت من البداية، متى حسمت.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

قوانين النصر

(1)

 

(وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا)

الإيمان يزداد حينما تتلى عليه آيات القرآن. نحن الآن ونحن نتذاكر ونتدبر هذا القرآن إيماني يزداد ولكن الشرط لأجل أن يزداد الإيمان عليّ أولاً أن أصفّي أوعية الإدراك الموجودة عندي عليّ أن أنقي القلب الذي هومحل تنزّل هذه الآيات من الحقد من الغش من الحسد من البغضاء من كراهية الآخرين ونتأمل مع بعض كيف ربطت الآية الأولى عندما يقول الله عز وجل

(فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ)

كيف تنتصر الجيوش وقلوب الأفراد وقلوب الجنود متنازعة متنافرة متباغضة قد فرّقتها أودية الدنيا وتفاهات الدنيا؟!

النصر لا يأتي من خلال هذا، الإيمان يزداد زيادة عندما يكون القلب بالفعل قد رسخت فيه معاني الإيمان وازدادت وضوحاً

(وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)

جاء بالتوكل من قوانين النصر إيمان وتوكل، توكل أن القوة المادية التي في يدي مهما كانت متواضعة أوبسيطة أنا عليّ أن أعدّ العدّ’ ولكن مهما كانت متواضعة أوبسيطة عليّ أن أتأكد تماماً بأن هذه القوى المادية لوحدها لا تستطيع أن تفعل فعلها في الفوز والنصر أحتاج إلى جانبها الإيمان، التوكل بأن من يمتلك أسباب النصر وتأثير أسباب النصر هوالله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له.

 

ثم جاء الآيات التي بعدها مكمِّلة للقانون الأول قانون الإيمان

(الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)

هؤلاء الذين خرجوا جنود وأفراد استطاعوا أن يقيموا الإيمان في حياتهم اقاموا الصلاة بخشوعها بهيبتها بأركانه بواجباتها بشروطها، ولنا أن نتدبر في هذه الوقفة ما علاقة الصلاة وإقامة الصلاة بالنصر في المعركة؟

 

من أعظم أسباب النصر وتأكيد الإيمان الصلاة، إقامة الصلاة ليس بمعنى فقط القيام والركوع والسجود، لا، إقامة الصلاة كعنصر هام من عناصر تغذية الروح وتقوية النفس وتقوية القلب الذي به وعليه مدار الفوز والخسارة.

الصلاة المقصودة هنا هي التي ذكرتها سورة البقرة عندما يقول الله

(وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ (45))

من أعظم عوامل الاستعانة في مواقف كتلك التي تتحدث عنها سورة الأنفال هي إقامة الصلاة، شعور الجندي أو الفرد أو القائد بأن لديه محطة يتزود منها بوقود الإيمان، بالصلاة، بالتوكل على الله، بالاستعانة به، يا رب لم يخرجني من مكاني إلا الحق فأعطني وهبني وزدني من هذا الإيمان والتوكل عليك.

وهكذا تتسلسل الآيات في تدرج رائع لتقدم للمؤمنين قانوناً بعد آخر من قوانين النصر في غزوة بدر. وهنا مرة أخرى نتساءل ما الذي أخرج المؤمنين أول مرة قبل أن تتقرر غزوة بدر؟ هل أخرجتهم العير؟ هل كان الذي أخرجهم الحصول على العير وقافلة قريش؟ هل الذي أخرجهم الماديات؟

أبداً، هم تركوا كل شيء وراء ظهورهم، خرجوا بدون أي شيء سوى الإيمان واليقين بالله لم يكن الذي أخرج المؤمنين من المدينة ومن يثرب للقاء عير قريش الماديات ولا التجارة ولا الأسباب المادية ولا الحرص على مال أو جاه أو سلطة أو تباهي وتفاخر أمام العرب وقبائل العرب، الذي أخرجهم إحقاق الحق وإبطال الباطل. حتى العير التي خرجوا في البداية قال لهم النبي عليه الصلاة والسلام “لعل الله أن ينفلكموها ويهبها لكم” إنما أرادوا بها قوة وزيادة وعزة للإسلام وللمسلمين.

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

قوانين النصر

(2)

 

يأتي بعد ذلك في الاية التاسعة من سورة الأنفال قانون جديد من قوانين النصر،

يقول ربي عز وجل

(إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ (9))

ما زال الكلام عن قوانين النصر واحدة تلو الأخرى لا يكفي فقط إيماني بالله ولا يكفي تفقدي للحق وللعدل في نفسي وحياتي وأسرتي ومجتمعي ولا يكفي فقط أن أتأكد أن الغاية التي لأجلها خرجت هي الحق وإحقاق الحق وإنما احتاج أن اقف وقفة صدق مع نفسي ووقفة استغاثة بالله عز وجل. ولكن ما معنى الاستغاثة هنا؟

ما معنى قول الله عز وجل (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ)؟

 

الإستغاثة عمل من أعمال القلوب.

من يستطيع أن يحرك جيوش الملائكة سوى الله عز وجل؟

أنا كمؤمن اليوم حين اقف في جيش ألا أحتاج أن أقف مع نفسي وأفكر كيف أستطيع أن أجعل من يمدني بجيوش الملائكة الله عز وجل؟ ألا أفكر؟ كيف أستطيع أن استمد هذه المعية من الله عز وجل؟ ما هو المحرك والدافع الذي يحرك هذه الجيوش؟

لا تحركها إلا استغاثتي بالله عز وجل.

 

ولذلك قبل أن أوجه نداء استغاثة للشرق أو للغرب عليّ أن أوجه نداء استغاثة للحق للواحد الأحد الذي يمتلك أن يحرك جيوش الملائكة نصرة وتأييداً للمؤمنين ولذا ربي عز وجل أردفها بالآية الأخرى

(وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)

قانون من قوانين النصر أن أؤمن بأن النصر لا يأتي قبيل تحالفي مع الشرق والغرب، النصر لا يأتي من قبيل مرضاة واستجداء مرضاة من جيوش الشرق والغرب، النصر لا يأتي من قبيل تحالفي مع القوى العظمى، لا والله!

النصر لا يأتي إلا من قبيل تحالفي مع من يملك النصر وهو الله سبحانه وتعالى. النصر يأتي حين أدخل في عهد وميثاق مع الله، النصر يأتي حين أستجدي وأسنغيث بمن يملك القوة والنصر وهو الله سبحانه وتعالى وحده شريك له.

 

وأنا أتساءل هنا وهذا من قواعد التدبر أن نربط ما بين القرآن وما بين الواقع الذي نعيش فيه، كيف أتوقع أن يكون مستوى الإيمان لديّ قد وصل إلى حد النصر وأنا حين أوجه الاستغاثة وأوجه الاستعانة أوجهها أول ما أوجهها شرقاً وشمالاً وغرباً وجنوباً! ولم أفكر ولم يدر بخلدي أن أوجه الاستغاثة أولاً لمن يملك النصر وهو الله سبحانه وتعالى، أين إيماني؟ أين حقيقة إيماني؟ أليس لكل شيء حقيقة؟ فأين حقيقة إيماني؟! أنا أؤمن بأن الله واحد أنا أؤمن بأن الله عزيز أنا اؤمن بأن الله قوي أنا أؤمن أنه ما في هذا الكون من ورقة على شجرة إلا وهو الذي يحركها إن شاء ويوقفها ويُسْكنها إن شاء. لما أنا آمنت بهذا الرب لما أنا تيقنت بصفاته سبحانه ألا يكون لهذا الإيمان صداه في حياتي؟! ألا يكون لهذا الإيمان مردود في واقعي في حياتي؟! ألا أتوجه الوجهة الصحيحة وأدرك قبل أن يفوت الأوان أن النصر بيد الله أن النصر ليس بيد قوة عظمى ولا بقوة غير ذلك أن القوة الحقيقية هي بيد الله

(وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ).

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

قوانين النصر

(3)

 

تتوالى الآيات مؤكدة قوانين النصر، سورة الأنفال نستطيع أن نقول أنها جمعت وحوت كل قوانين النصر وكذلك أكدت على قوانين الهزيمة لتجنبها وعدم الوقوع في براثنها.

 

القانون الآخر الذي تناولته سورة الأنفال من قوانين النصر قانون الثبات.

الآن أنا كمؤمن وكجيش أدركت أن قوانين النصر في إيماني بالله وتوكلي عليه وإيماني بالحق وإيماني بالعدل وإيماني بأني لم أخرج رياء ولا سمعة ولا تباهياً ولا حفاظاً على سلطة ولا على حكم ولا علي أيّ شيء من متاع الدنيا وإنما للحق فقط للحق وإحقاق الحق، القانون الآخر أن اثبت على ما أنا فيه، الثبات، الاستمرار، التواصل، يقول الله عز وجل في الآية الخامسة عشر

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ)

إثبت، إرسخ، مهما تكشفت لك من القوة وأسباب القوة المادية التي يمتلكها الطرف الآخر الذي تواجهه إياك أن توليه الأدبار، غياك أن تنهزم، إياك أن تحسر المعركة، إياك أن تعتقد ويدور بخلدك أن الذي يمتلك أمامك الأسباب المادية وهي أكثر مما تمتلك سيهزمك بهذه الأسباب، الهزيمة والنصر بيد الله.

 

لو نأتي ونريد أن نربط بين هذه الآية وما وقع في غزوة بدر. غزوة بدر سال النبي عليه الصلاة والسلام بعض العيون والأخبار عن عدد قريش فتأكد له بأن عدد الفرسان الذين خرجوا من قريش قاربوا الألف بالعدة والعتاد وهم مستعدون وعلى أتم الاستعداد للمواجهة والقتال، نفر إلى أصحابه فوجد أن أصحابه لا يتجاوز عددهم الثلاثمائة بدون عدّ’ ما فيهم إلا فرس واحد بدون عدّة للقتال هم لم يكونوا أصلاً مهيئين للقتال ليس هناك عدة ليس هناك أسلحة وليس هناك شيء، ألف مقابل ثلاثمائة، ألف بكل العدة، صحيح أنتم أمسكتم بها ورميتم بها وكانت أشياء بسيطة عدّة بسيطة لم تُحدث أثر القتل بيد نفسها، من الذي قتل؟

الله عز وجل.

 

من الذي جعل الحجارة حين يرميها طفل صغير صاحب حق في وجه مُعتدٍ أو غاصبٍ أثيم من الذي يجعل هذه الحجارة تبلغ ما لا تبلغه الدبابات والصواريخ! من الذي يجعل لهذه الحجارة والصدور العارية المواجهة وهي تحمل إيماناً ويقيناً وحقاً من الذي يجعل لها أثراً أعظم من أثر الدبابات والصواريخ ذات المدى والأثر البعيد؟ مَنْ؟

الله سبحانه وتعالى.

(وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ)

أنت أُثبت أنت كجندي أنت صاحب حق كل ما هو مطلوب منك أن تثبت في ساحة المعركة وألا تخشى الأدوات ووسائل القتال الموجودة أمام عينيك وأمام ناظريك لا تخشى دبابة ولا تخشى صاروخاً ولا تخشى أي شيء كل ما تخشاه هو الله وحده، أُثبت في المعركة هذا دورك، دورك هو الثبات لكن تأثير الثبات وتأثير الفعل الذي ستقوم به اتركه على الله اتركه على من اتخذته وكيلاً وكفى به وكيلاً وكفى به حسيبا نعم المولى ونعم النصير

(فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى)

يا سبحان الله العظيم!

الثبات على الطاعة هو ما نحتاج إليه اليوم.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

قصة وعبرة

نصيحة لص للإمام أحمد بن حنبل

 

هناك قصة معروفة حدثت مع الإمام أحمد بن حنبل تذكرنا بقضايا الثبات على الحق لأن هناك كثير من الناس يبدأ بالحق لكن يصعب عليه أن يثبت خاصة عندما يرى قوى الباطل من حوله قد تكاثرت خاصة عندما يرى الظلمات ظلمات الباطل وهى تتراطم ظلمة بعد ظلمة ظلمة فوق ظلمة فيبدأ الإنسان يحدث عنده شيء من الزعزعة يحتاج إلى قوة من الإيمان وقوة من القرآن لكي تثبت به.

الإمام أحمد يروى عنه بأنه كان يذكر ويترحم شخصاً من الأشخاص أمام ابنه كثيراً يذكر هذا الشخص كثيراً ففي يوم من الايام ساله ابنه يا أبت أراك تذكر فلاناً كثيراً

فمن هو هذا الشخص؟ أهو أحد العلماء؟ أهو أحد الناس الذين تدين لهم بالفضل؟

فقال الإمام أحمد بن حنبل: هذا الشخص الذي أذكره كثيراً لص سارق قاطع طريق، فتعجب ابن الإمام أحمد بن حنبل وقال أتذكر سارقاً ولصاً هذا الذكر الذي أرى؟!

فما قصته؟

قال يا بني عندما كنت في المحنة “محنة خلق القرآن” التي نعلمها جميعاً في التاريخ والتي كان الإمام أحمد قد تعرض لصنوف العذاب لأجلها وثبت فقال هذا اللص جاء عليّ وأنا أعذّب وأنا أُضرب بالسياط وكان وقع السياط عليه وهو بجسمه وقدرته الجسمية شديد يقول: فجاء اللص وقال لي يا إمام أنا لص وقاطع طريق ولأجل جرائمي والباطل الذي أنا فيه -يعترف بأنه على باطل- أُعذّب وأٌضرب وأٌسجن وأنا على باطل أجد نفسي أثبت على ما أنا فيه لأجل الباطل فأما أنت يا إمام وأنت على الحق إثبت على الضرب وعلى ما أنت فيه.

 

فيقول الإمام أحمد:

تعلمت من هذا اللص.

وأنا أقول في عالمنا المعاصر

نرى أهل الباطل ثابتين على ما هم عليه وهم على باطل.

 

هذا الثبات على الحق وعلى إرادة الحق الذي يريده الله سبحانه وتعالى الثبات على الطاعة الذي يعتبر من أهم قوانين النصر الذي تقدمه لنا سورة الأنفال تعالجه السورة في عدد من الآيات تقريباً من الآية العشرين إلى الآية الرابعة والعشرين تتحدث عن نتائج الثبات. النبي عليه الصلاة والسلام في بعض الأحاديث يقول عرفت فالزم، عرفت الآن أن القضية التي أؤمن بها هي الحق عرفت أن الغاية التي لأجلها خرجت هي الحق إذاً بقي عليّ الثبات والله سبحانه وتعالى هو الذي يتولى بقية النتائج. في الآية يقول الله عز وجل

(ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ)

خطط الكافرين تدابير الكافرين برتوكولات الكافرين كل ما يدبرونه في الظلام كل ما يقومون به من أعمال لا تلتفت إليها لا من حيث عدم الوقوف عليها أو الأخذ بالأسباب ولكن لا تكون هي مصدر إضعاف بالنسبة لقوتك أنت كبشر. نحن اليوم هذا القانون بحاجة إليه في العالم المعاصر الذي نعيش فيه الدسائس المكائد الخطط الأشياء التي تكاد وتقاد من وراء الظلام ومن وراء الكواليس، هل المؤمن صاحب الحق صاحب العدل صاحب القضية التي يؤمن بها صاحب القضية التي لم يخرجه فيها إلا الله ورسوله وحبه للحق هل يلتفت إلى هذه الدسائس وتكون مصدر إضعاف بالنسبة له أم تكون مصدر قوة؟

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

قانون أزلي خالد، الله لا يتخلى عن عباده المؤمنين

 

سورة الأنفال توجه نظر المؤمنين في كل زمان وفي كل وقت أنه لا تلتفت إليها، إلتفت إلى إحكامك لقضية الثبات للإيمان الذي في صدرك واليقين الذي في صدرك ولذلك ربي قال

(ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ)

لا عليك من كيدهم لا عليك من دسائسهم لا عليك من عدّتهم لا عليك من كل هذا، عليك فقط إحكام العدة في قلبك ويقينك بالله عز وجل وما أعظم الآية

(إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ)

تهديد

(فَهُوخَيْرٌ لَّكُمْ)

للكافرين، لم تعد المعركة هي بين مؤمنين وكافرين المعركة كما تأتي عليها سورة الأنفال أصبحت بين الكافرين وبين الله عز وجل وهذه قاعدة من أعظم القواعد التي نحتاج أن نستحضرها اليوم.

 

أنا حين أدافع عن الحق الذي أنزله الله عز وجل فالقضية لم تعد بيني وبين الكافر، القضية أصبحت بين كافر وبين رب المؤمن والكافر.

 

ودعونا نتخيل للحظات كيف سيكون ميدان معركة الذي يقودها شلة من الكافرين أمام من؟ أمام مسبب الأسباب أمام رب الوجود أمام محرك الجيوش أمام من يرمي أمام من يقتل أمام من يعطي أمام من الدنيا والسماوات والأرض بقبضته سبحانه، لا شيء يتحرك في الكون بدون إذنه، هذا الإحساس هذا الشعور يعطي الجيوش التي تخرج إحقاقاً للحق وإيماناً بالحق قوة لا يمكن أن تدانيها قوة على وجه الأرض أبداً ولذا يقول الله عز وجل بكل عزم للمؤمنين

(وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَو كَثُرَتْ وَأَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ)

إنصب ما شئت من الجيوش سيّر ما شئت من القوافل والجيوش وحاملات الطائرات والصواريخ عُدّ العدة كما تشاء

(وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَو كَثُرَتْ)

ولو سيّرت جيوش الأرض لن تغني عنك أمام قوة من؟

ليس قوة الثلاثمائة الذين خرجوا مع النبي عليه الصلاة والسلام وهم لا عدة لهم ولا قتال لا، القضية لم تعد بينهم وبين المؤمنين المسألة أصبحت بين هؤلاء الجيوش من الكفار وبين رب العباد سبحانه، لماذا؟

أنا يكفيني كمؤمن أن أؤمن بالله عز وجل أن أدافع عن الحق الذي أمر به أن أدافع عن الكلمات التي أنزلها أن يخرجني الحق الذي أنزله سبحانه فأصبح جندياً في جيش الذي يقوده ويحركه رب العباد سبحانه وتعالى له المثل الأعلى في كل شيء ولذا قال

(وَأَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ)

الله ليس هو سبحانه مع المؤمنين في غزوة بدر فحسب الله مع كل مؤمن الله مع كل صاحب حق الله مع كل يد حق إرتفعت وأرادت أن تحق الحق وتبطل الباطل هذا الجزء من الآية هذا قانون، قانون أزلي خالد، الله لا يتخلى عن عباده المؤمنين

ما الذي حدث في واقعنا المعاش؟

ما الذي حدث وجعلنا جعل المؤمنين في كثير من الأحيان يتزعزعون أو يخضعون لضغوط معينة؟ ما الذي فقدوه؟

فقدوا هذا الإتصال الرائع العظيم بينهم وبين كتاب الله.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

حياة القلوب في معرفة علام الغيوب

 

%D8%B5%D9%88%D8%B1%D8%A918.jpg

 

 

من أهم قواعد التدبر في الآيات وفي القرآن أن أستحضر القرآن في حياتي من جديد أن أستدعيه أجعل القرآن يفعل فعله العظيم في حياتي في قلبي في نفسي يعطيني الإجابة.

 

سماع الآذان هو ما نقوم به اليوم في حياتنا هو الطريقة التي إخترناها لنتعامل بها مع القرآن أسمع الآيات بأذني ولكنها لا تغادر أُذني لا تغادر أذني أبداً لا تصل إلى قلبي وإن وصلت إلى القلب لا تجعل من القلب دافعاً ومحركاً ليقوم بالفعل في الواقع ولذلك عاب عليهم فقال

(وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ)

لا يسمعون سماع الإجابة، إذا سمعت آيات القرآن عليّ أن أطبق على أن أسمع سماع المستجيبين الذين قال عنهم الله في سورة البقرة

(سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) البقرة)

أنا سمعت أين الطاعة؟

يقول في الآية التي تليها

(إِنَّ شَرَّ الدَّوَابَّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ {22} وَلَوعَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوأَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ {23} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ)

خطاب محبب للمؤمنين

(اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم (24) الأنفال)

دعاكم لأي شيء؟

(لِمَا يُحْيِيكُمْ)

أيّ حياة يا رب التي تحدثني عنها؟

 

الحياة الحقيقية ليست الحياة الجافة الناشفة التي نعيش، ليست حياة الأبدان التي نعيشها في واقعنا المعاصر حياة حفلت بكل ألوان البهرجة والكماليات والزخرفة والرفاهية ولكنها حياة بلاستيك حياة جافة كأنها حياة لا حياة فيها بالضبط بالضبط كتلك الزهور البلاستيك أو الإصطناعية شكلها جميل منظرها جميل يسر الناظرين ولكنها لا طعم ولا رائحة ولا أثر للحياة فيها. هذه الحياة يريد الله عز وجل أن ينتشل المؤمنين منها يريد لهم حياة حقيقية وهذا النوع من الحياة لا تكون بالحصول على مباهج الدنيا مهما قلّت أوزادت وإنما تكون بالإلتصاق والإقتراب واللجوء والرجوع إلى هذا القرآن العظيم

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)

ولذا يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك يا مقلب القلوب حول قلبي على طاعتك ثبت قلبي …

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً

 

نحن قلنا أن من قوانين النصر في سورة الأنفال الثبات على الإيمان وأي إيمان، إيمان فاعل، إيمان قوي، إيمان محرِّك، الآن يعطيني قانوناً آخر هو من مستلزمات الإيمان ولا معنى للإيمان بدونه ألا وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

 

ما معنى الثبات على الحق وعلى الإيمان وأنا أرى هذا الحق يُنتهك فلا أحرّك ساكناً! ما معنى الثبات على الحق وأنا أرى الحق الذي أُحِبّ يُنتهك ويداس ويغتصب ولا يتحرك قلبي ولا تتحرك مشاعري حزناً وألماً وبغضاً وكراهية للباطل الذي أرى!

هذا ليس بإيمان.

 

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هنا كقانون هو ليس قانوناً أن يحمل الإنسان عصاه ويجوب في المجتمع يمنة ويسرة يضرب هذا ويقتل هذا ويصفع هذا ويوجه كلمة لهذا لا، لا، أبداً، هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي تحرّكه قلوب صقلها الإيمان وحب الإيمان بالله واليوم الآخر، قلوب أصبحت تحب الحق فحين ترى أيّ إنتهاك لهذا الحق مهما كان بسيطاً في كل ما حولها تتحرك تفزع تغضب، ولذا النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يغضب لنفسه قط أبداً لا يغضب إلا حين تنتهك محارم من محارم الله عز وجل، أمر من أوامر الله عز وجل، ما الذي يفزعه؟

ما الذي يغضبه؟

ما الذي يحرك قلبه الهادئ المطمئن إنتهاك الحق، الحق الذي أحب.

 

هذا هنا معنى العلاج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من قوانين النصر الله لا ينزِّل النصر على مجتمع وعلى أفراد يرون الحق ينتهك فلا تتحرك سواكنهم ولا تتحرك سواعدهم لإقامة الحق وإحقاق الحق ولا تنطق ألسنتهم لأجل أن يتغير الخطأ ولا تتحرك أيديهم وأقدامهم وأرجلهم لأجل أن يعيدوا الحق إلى نصابه والمعروف إلى مكانه، هذا النوع من الناس لا ينزِّل الله عز وجل النصر عليهم بل بل يقول لهم

 

(وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)25 الانفال

 

إذاً هي الفتنة هي العذاب الذي يعمّ الذي يحذِّر الله عز وجل منه الناس، إذا أنت لم تتحرك عواطفك ولم تتحرك مشاعرك لحق ينتهك أو لمنكر يحدث أمامك فاعلم بأن الفتنة العامة قد جاءت، الفتنة التي لا تفرق بين مؤمن وكافر لأن العذاب يعمّ والرحمة تخصّ ولذا قال

(وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً).

العذاب حين ينزل والعياذ بالله لا ينزل هكذا على أقوام دون أقوام، حين ينزل على مجتمع إنتهكت فيه محارم الله، إنتهك فيه الحق سلب فيه

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

أهميه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

 

881654858.jpg

هل تستطيع السفينة أن تواصل المسير هل تستطيع السفينة أن تسير بأمان؟

مستحيل.

 

هذه سفينة المجتمع كل واحد منا خرق فيها خرقاً بأخطائه وعيوبه وسكوته عن الخطأ في نفسه في بيته في المؤسسة التي يعمل فيها في المجتمع الذي يعمل فيه بين أقاربه، كلنا خرق خرقاً، مع هذه الخروق الكثيرة المتعددة هل تقوى سفينة المجتمع فينا على الثبات؟ هل تستطيع سفينة المجتمع هذه أن تبحر بنا في بحر من الأمواج والأهواء والأعاصير والشدائد والمحن التي نواجهها ثم نتساءل بعد ذلك ونقول لماذا لا ينصرنا الله!! كم من خرق في سفينة المجتمع خرقت؟ كم من خرق خرقت؟ كم من خطأ رأيته بأم عيني ولم أصححه كم من خطأ؟ كم من خطأ تغاضيت عنه؟ كم من منكر رأيته فلم أنكره؟ كم من معروف رأيته يداس فلم أنتفض له؟ كم من حق رأيته ينتفض وينتهك فلم أغضب لأجله؟ كم من كلمة حق سمعتها بأذني فلم أنتصر لها؟ كم من مظلوم رأيته أمامي يُظلم فلم أنتصر له؟ لأنه ليس له ظهر قوي يسنده ويعينه؟ كم من مظلوم رأيت؟ كم من ضعيف رأيت فلم أهب لنجدته ومساعدته خوفاً من ظالم أو من قوي أوأو!! كم مرة بررت فيها أخطائي وأخطاء الآخرين؟ كم من مرة تقاعست فيها عن قول الحق وبررت لذلك بعشرات المبررات.

 

من أعظم قوانين النصر أن يعاد لقانون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دوره وأهميته في المجتمع. البعض أخطأ في فهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وظن أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يخرج عن أمر شخص بأداء الصلاة في وقتها أو بارتداء لباس معين للمرأة أو ما شابه وهي أمور عظيمة في الدين، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له فقهه له أوامره له قواعده له ضوابطه.

 

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الضمانة الوحيدة وقارب من قوارب النجاة في العالم الذي نعيش فيه في مواجهة الأعاصير التي نمر بها في مجتمعاتنا في بيوتنا. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يضمن لي حقوقي يضمن لى نصر الله عز وجل. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يعني أن أحمل عصا وأجوب في أروقة المجتمع، أبداً، الأمر بالمعروف

 

(ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ (125) النحل)

الأمر بالمعروف يقتضى أننى حينما أرى الخطأ مهما كان ذلك الخطأ أسهم في تصحيحه أسهم في تصويبه، ما بالنا لو رأينا في مجتمع أو في شارع أو في أحد المساكن أو الأحياء التي نعيش بها نرى حريقاً شبّ في بيت من البيوت والبيت يفصل عن البيت الذي أسكنه بخمسة أو بعشرة بيوت أأسكت؟

 

أأسكت عن النار التي أضرمت في هذا البيت البعيد عني حتى تصل إلى النار؟

 

إن سكت وقلت بأن النار بعيدة ولن تصلني فهذا يعني أنني أعيش حالة من حالات غياب الوعي بل الإغماء لأن النار ستصل ستصل إلي، هذا ما نفعله نحن في مجتمعاتنا حين أرى الخطأ وأرى المنكر ولا أنكره ولا أسهم في تصحيحه كمن ينتظر أن تصل النار إلى بيته ليقوم في محاولة بائسة يائسة لإخمادها وإطفائها.

 

وعندئذٍ قطعاً سيكون الأوان قد فات وستكون الأمور قد تغيرت ولم تعد بالمكان الصح الذي يجب أن تكون فيه. ولكن ثمة سؤال يطرحه القرآن عليّ ، القرآن هكذا يعالج الأزمات التي أعانيها في عصري في زماني

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

لماذا أصبحنا اليوم نتوقف عن إنكار المنكر؟

 

(وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)

من أعظم الأسباب التي تجعلني اليوم في حياتي في واقعي المعاصر أعيش حالة السلبية التي تكلمنا عنها والسكوت عن الإنحرافات وعن الخطأ الفردية والجماعية الخوف من الناس، الخوف من الآخرين، أخاف من قريبي وأخاف من أهلي وأخاف من هنا وأخاف من مسؤولين وأخاف من رئيسي في العمل وأخاف وأخاف وأخاف. دعونا ننظر لقول الله عز وجل

(وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ)

كنتم تخافون، من الذي منع الخوف عنكم؟

 

من الذي رفع الخوف والهيبة من نفوسكم وقلوبكم من الناس؟ من الذي أيدكم؟ من الذي رزقكم؟ من الذي أعطاكم يا مهاجرين يا من تركتم المشركين؟ من الذي جعل في قلوبكم هؤلاء المشركين من قريش وصناديد قريش من أمثال أبي جهل وغيره من الذي جعلهم كالأصنام التي من ورق؟ من جعلهم هكذا؟

من جعلهم لا يساوون شيئاً في نظركم؟

الله عز وجل.

إذاً هل بقي مبرر للخوف؟

هل بقي أي شيء يبرر خوفي وتقاعسي عن إحقاق الحق

عن أمري بالمعروف ونهيي عن المنكر؟

 

ثم تأتى الآية (بأيدينا) هناك عامل آخر الاموال والأولاد، وإلا بالله عليكم ما الذي يجعلني أصمت وأسكت وألوذ بالصمت المرير وأنا أرى الحقوق وهي تغتصب وتنتهك ما الذي يجعلني أسكت؟ خوفي على رزقي؟ خوفي على وظيفتي؟ خوفي على بيتي؟ خوفي على ماذا؟ من الذي أعطاني البيت والمال والأولاد ؟

 

ألم أخرج من الدنيا وأنا طفل ضعيف لا أملك شيئاً من حطامها، من الذي أوكل حتى وأنا جنين في بطن أمي من الذي أوكل إلى أمي تغذيتي؟

 

من الذي أوكل إليها العناية بي؟ من الذي أعطاني، من الذي ألبسني، من الذي سقاني، من الذي أطعمني؟ من الذي فتح عليّ؟ من الذي جعل لي عينين ولساناً وشفتين؟ من الذي جعلني أسير على قدمي؟ أليس هو الله؟ من الذي أعطاني ما أنا فيه؟ أليس هو الله؟ كيف أشكك في قدرته؟! كيف أشكك؟!

 

أنا أدّعي أني مؤمنة إن كنت مؤمنة حقاً على أن أؤمن أن الرزق بيد الله وأن الأولاد بيد الله وأن الأموال بيد الله وأن الوطن بيد الله وأن الأرض بيد الله، عليّ أن أقوم بما أمرني به الله عز وجل في كل هذا في كل ما أمتلك إن كنت أمتلك شيئاً على وجه الحقيقة لكي يحفظها الله عز وجل لي.

أما أن لا أراعيه في شيء مما أعطاني وأنتظر منه النصر فهذا محض توهّم وضحك على العقول وعلى الأنفس لا زلنا إلى اليوم نعيش فيه.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

من أعظم الأسباب التي تجعلني اليوم في حياتي في واقعي المعاصر أعيش حالة السلبية التي تكلمنا عنها والسكوت عن الإنحرافات وعن الخطأ الفردية والجماعية الخوف من الناس، الخوف من الآخرين، أخاف من قريبي وأخاف من أهلي وأخاف من هنا وأخاف من مسؤولين وأخاف من رئيسي في العمل وأخاف وأخاف وأخاف

 

 

 

الله المستعان

نسأل الله أن يصلح أحوالنا ويرحمنا برحمته

بارك الله فيكِ أماني الغالية

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

أهم عدّه للجيش

 

(يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُوالْفَضْلِ الْعَظِيمِ)

إن تحقق كإنسان وكفرد بمعنى التقوى تقوى الله عز وجل في حياتك، إتق الله في نفسك، إتق الله في أولادك، إتق الله فيمن تعول، إتق الله في الوظيفة التي وكلت إليك، إتق الله في الكرسي الذي تجلس عليه، إتق الله في الناس الذين قد توليت الحفاظ على مصالحهم، إتق الله، إن لم يستطع أحد من البشر أن يحاسبك لأنك وزير ولأنك سفير ولأنك أمير ولأنك كائن من تكون فهناك من يحاسبك، هناك رب هو الحسيب عليك في كل شيء.

هذا هو الرب الذي عليك أن تتقيه وليس الناس.

 

إن تحققت بهذه التقوى في نفسك فاعلم بأن الله هو الذي سيجعل لك فرقاناً فرقان يفصل بين الحق والباطل، ولذلك يوم بدر سمي يوم الفرقان في نفس السورة سورة الأنفال فرق الله به بين الحق والباطل، بين باطل قد أُعدّت له العدة وسُيِّرت لأجله الجيوش وسار معه صناديد قريش بكل عدّتهم وعتادهم وبين حقٍ من حمله كانوا ضعفاء من حيث القوة المادية ولكن كانت القلوب نقية قوية، قوية بأي شيء؟

 

قوية بالتقوى، لم تكن جيوش المؤمنين التي خرجت في غزوة بدر مسلّحة بأي سلاح أو عتاد سوى سلاح التقوى أو الإيمان وأنا أقولها وأقولها وأنا أتدبر هذه السورة العظيمة التي لم تنزل فقط على أهل بدر وإنما تنزل علينا اليوم ونحن نعيش ما نعيش فيه من أحوال في مجتمعاتنا، من أراد النصر عليه بالتسلح بالتقوى إن أردت تسلحاً حقيقياً لجيوشك وحماية حقيقية لوطنك عليك أولاً أن تعدّ عدّة التقوى وأسلحة التقوى لا تستورد لا من قوة عظمى ولا من دول من اليمين ومن الشمال وإنما ليس لها مصدر إلا هذا الكتاب العظيم.

 

نريد أن نعد جيوشاً عدّتها هي التقوى عدّتها هي الإيمان بالله، هذه الأسلحة لا أستطيع إستيرادها من أي مكان على وجه الأرض أبداً.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

(وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)

 

p-naby071.jpg

 

(وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَو يَقْتُلُوكَ أَو يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30) الأنفال)

 

أنت معك رب هو الذي يمكر لك معك رب هو الذي يخطط لك، دع عنك صفقات من يمكر يميناً وشمالاً، صحح علاقتك بالله أعد التقوى لقلبك لجيوشك لبلدك لأرضك لكي تُحفظ فيه آياته وهو عظيم لا شك في ذلك ولكني لا أحفظه في تصرفاتي لا أحفظه في سلوكي لا أحفظه في بيوتنا لا أحفظه في مؤسساتنا لا أحفظه في كل ما أقوم به، ما معنى الحفظ؟ وهل هذا القرآن العظيم الذي أقرأه اليوم وأنا أتدبر غزوة بدر وكأنه يتنزل الساعة. ما معنى الحفظ؟ هل هو حفظ الحروف فقط؟ أهو هذا الحفظ الذي أراده وربي عز وجل يؤكد ويبين بأن هذا القرآن أنزلناه مباركاً ليتدبروا آياته، ما معنى هذا؟ هذا كتاب أنزله الله عز وجل فيه كل هذه القوانين، فيه كل هذه الحلول لما أعانيه من أزمة لكي أتدبر فيه وليتذكر أولو الألباب أصحاب العقول أصحاب التفكير

 

الإستراتيجي والتخطيط يتفكروا يا ربي في أي شيء؟

 

في أن يربطوا بين ما يقرأونه والواقع الذي يعيشون فيه، لا تغرنّهم الحياة الدنيا ولا يقولون أن هذه قوة عظمى لا نستطيع الوقوف في وجهها، لا، لو قال المسلمون في غزوة بدر هذه الكلمة وقالوا بأن المشركين لا نستطيع أن نقف في وجوههم فقد خرجوا بعدة وعتاد للنبي صلى الله عليه وسلم ما كان قد قام قائم للإسلام والمسلمين.

 

ما كنا أنا وأنتم اليوم نتحدث باسم هذا الدين أليس كذلك؟

 

لو قال المسلمون غير الكلمة التي قالها إبن المنذر وقالها المقداد وقالها سعد بن معاذ إذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون ما قامت للإسلام قائمة، فما بالنا اليوم إن لم تقولها وتتفوه بها أفواهنا وألسنتنا، نقولها بقلوبنا، نقول نحن لا نقوى على مواجهة الدول العظمى نعم حقاً لا نقوى إن لم تكن قلوبنا قد ملئت بالتقوى، نحن أضعف من أن نقف في مواجهة أحد من الناس إن كانت قلوبنا لم تملأ بالتقوى لم تزوّد بوقود التقوى والإيمان ومخافة الله عز وجل دون الناس، لم تزود بالإستغفار لم تزود أصبح الإيمان مجرد شكل أصبحت التقوى مجرد إدّعاء، إدعاء لا يثبت أمام ما نراه من أعاصير الباطل والكذب الذي نعيش فيه.

 

(وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ (39) الأنفال)

لا تقاتل من أجل منصب لا تقاتل لأجل مال لا تقاتل لأجل منفعة مادية لأن هذه قضية خاسرة قضية باطلة قاتل حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله.

 

إن كانت القضية التي أخرجتك وأخرجت جيوشك قضية عدل قضية إحقاق حق

فَسِرْ على بركة الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

لن تأخذ معك سوى ايمانك و عملك

 

(فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {39} وَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَوْلاَكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ {40} الأنفال

 

نوقّع على محالفات وتحالفات مع من؟ نوقع مع من؟ متى سنصحوا من هذه الغفلة التي نعيش ونوقع تحالفاً مع الله ورسوله متى؟! متى نوقع معاهدة ولاء لله ولرسوله؟! متى نوقع بأيدينا معاهدة ولاء ووفاء لله ولرسوله حتى يأتينا النصر نعم المولى ونعم النصير؟.

 

بعد أربعين آية من كل هذا الكلام، الآن وبعد أن تكرّست وتعزّزت قوانين النصر في قلوب البدريين وفي قلوب كل المؤمنين في كل زمان ومكان الآن يأتي الحديث عن قسمة الغنائم والدنيا.

قسمة متاع الدنيا في آية واحدة فقط

(وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ)

 

وانظروا معي وتدبروا عظمة القرآن (من شيء) ليس شيء (من شيء) تصغيراً واستخفافاً وإعطاءً لكل ما في الدنيا من حجم حقيقي كل ما يتقاتل عليه الناس اليوم يتصارعون عليه من متاع الدنيا الزائل ولا يساوي حتى شيء (من شيء)، نحن نتصارع ونتنازع على هواء إن كنت أتصارع وأتنازع مع الآخرين لأجل منصب فالمنصب زائل والمتاع زائل والمال زائل والدنيا زائلة ولا تساوى عند الله شيئاً.

 

ما الذي بقي اليوم بعد أن قسمت الغنائم وانتهت غزوة بدر؟ ما الذي بقي؟

ما الذي يذكره القرآن؟

 

هذا القرآن الذي بقي، ماذا أخذ البدريون من الغنائم معهم بعد مئات السنين ما الذي أخذوه؟ أخذوا شيئاً؟ بقي منه شيئاً؟ أصحاب الأموال بقيت من أموالهم شيئاً؟ هل بقي من كنوز قارون شيئاً؟ هل بقي من ملك فرعون شيئاً؟ ما بقي شيء، ما الذي بقي؟ إيماني بالله عز وجل فقط، هذه الذي سآخذه معي، أي شيء آخر من متاع الدنيا الذي أنا الآن أنازع لأجله وأخرج إليه فهو باطل وهو زائل ولا قيمة له

(وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ)

 

بدأ التوزيع وفي نفس الآية بعد ما قسّم الغنائم

(إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ)

إن كنت آمنت بالله الإيمان الحقيقي إعلم بأن هذه الدنيا لا تساوي شيئاً فلا تغرنك الدنيا وما فيها

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الأمر بالاجتماع والنهي عن التفرق

 

6359.png

 

(وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ (46) الأنفال)

وهذا دليل على أن الذكر – الركن الأساس في الذكر – طاعة الله عز وجل، أنا أقول أن الله قوي، عليّ أن أثبت في أفعالي بأن الله قوي، أنا أقول بأن الله غني على أن أتصرف في حياتي وفي سلوكي تصرف من يؤمن ويتيقن بأن أسباب الغنى بيد الله وليس بيد البشر

 

(وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ (46) الأنفال)

عندما تدافع عن قضية دافع وأنت مع الجماعة التي أنت فيها على قلب رجل واحد لم تتشتت به أهواء النفس ولا المصالح الدنيوية ولا أي نوع من أنواع التفرقة ونحن اليوم نحن كمسلمين كم من عوامل التفرقة والنزاع نعيش؟!

 

كم من عوامل التفرقة صنعتها بيدي هاتين؟ كم من أمور أنا أنشأتها وقمت بإنشائها ولا أعلم أنها ستفرق وتشقّ وحدة المسلمين؟! هل أصبحت قلوبنا قلوب واحدة؟ هل أستطيع أن أجمع القلوب من جديد على قلب رجل واحد؟ على أي شيء؟ لأي شيء؟

 

أنا أؤمن بقضية لا ينبغي أن تشتتني أبداً أهواء الدنيا لا الخوف على الكراسي ولا طلب المناصب ولا ولا ولا خلاص الحق أغلب، هذا ما نحتاج إليه اليوم

 

ولذلك ربي عز وجل قال

(وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) الأنفال)

الأمر يحتاج إلى صبر أن أنزع وأنتزع من نفسي حب الدنيا والمطامع والمناصب والجاه والذكر الحسن أمر يحتاج لصبر لمصابرة لمكابدة جهاد نفس جهاد حقيقي. ولذلك معركة بدر الحقيقية كانت في النفوس ليس في ميدان المعركة فقط، ميدان المعركة كان تحصيل حاصل، وأي معركة اليوم تدار في عالمنا المعاصر مهما اختلفت السيناريوهات لا تدار في ميادين المعارك الإدارة الحقيقية في النفوس في القلوب، إذا نجحت حقاً وصدقاً في إصلاح النفوس والفوز بالقلوب فقضية النجاح في ميادين المعارك تحصيل حاصل مهما بلغ العدو الذي أواجهه من القوة المادية. لا ترهبني القوة المادية الشيء الذي أخاف منه فقط هو نفسي التي بين جنبي إذا نجحت فيها فعلاً أكون نجحت لهذه المعركة وفي هذه المعركة.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

  • محتوي مشابه

    • بواسطة *مع الله*
      تفسير معاني مفردات القرآن الكريم (جزء عمً) الدورة مجانية 
      💻📲الدراسة بنظام الاون لاين عن طريق التليجرام من اى مكان فى العالم.
      📜 يحصل الطالب على شهادة بعد الإختبار .
      🏅بالاضافه لشهادة الشكر والامتياز لمن حصل على 95% فما فوق🏅
      🔴 للانضمام للدورات يرجى الضغط على الروابط الآتية:
      رابط صفحة التسجيل في الدورة:
      https://www.islamkingdom.com/ar/تسجيل

      رابط قناة تليجرام الدورة:
      https://t.me/al_feqh_com_ar
       

    • بواسطة امانى يسرى محمد
      في تفسير الآية الكريمة التي يقول فيها ربنا‏ ـ‏ تبارك وتعالى ـ :‏



      "وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ البَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَّحْجُوراً "‏(‏ الفرقان‏:53)‏ .



      ذكرابن كثير ـ‏ يرحمه الله‏ ـ ما نصه‏ :...‏ وقوله ـ تعالى ـ‏ : "‏ وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ البَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ "‏ أي خلق الماءين الحلو والمالح‏,‏ فالحلو كالأنهار والعيون والآبار ‏.‏ قاله ابن جريج واختاره‏,‏ وهذا المعنى لا شك فيه‏,‏ فإنه ليس في الوجود بحر ساكن وهو عذب فرات‏,‏ والله ـ سبحانه وتعالى‏ ـ‏ إنما أخبر بالواقع لينبه العباد إلى نعمه عليهم ليشكروه‏,‏ فالبحر العذب فرقه الله ـ تعالى ـ بين خلقه لاحتياجهم إليه أنهاراً أو عيوناً في كل أرض‏‏ بحسب حاجتهم وكفايتهم لأنفسهم وأراضيهم‏ .‏ وقوله تعالى‏: " ‏وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ "‏ أي مالح‏,‏ مر‏,‏ زعاف لا يُستَسَاغ‏,‏ وذلك كالبحار المعروفة في المشارق والمغارب‏,‏ البحر المحيط وبحر فارس، وبحر الصين والهند، وبحر الروم، وبحر الخزر‏,‏ وما شاكلها وشابهها من البحار الساكنة التي لا تجري‏,‏ ولكن تموج وتضطرب وتلتطم في زمن الشتاء وشدة الرياح‏,‏ ومنها ما فيه مد وجزر‏,‏ ففي أول كل شهر يحصل منها مد وفيض‏,‏ فإذا شرع الشهر في النقصان جزرت حتى ترجع إلى غايتها الأولى‏,‏ فأجرى الله‏‏‏ ـ وهو ذو القدرة التامة ـ العادة بذلك‏، فكل هذه البحار الساكنة خلقها الله‏ ـ سبحانه وتعالى‏ ـ‏ مالحة لئلا يحصل بسببها نتن الهواء‏,‏ فيفسد الوجود بذلك‏,‏ ولئلا تجوي الأرض بما يموت فيها من الحيوان‏,‏ ولما كان ماؤها ملحاً كان هواؤها صحيحاً وميتتها طيبة ‏.ولهذا قال رسول الله‏ ـ‏ صلى الله عليه وسلم ـ‏ وقد سئل عن ماء البحر‏:‏ أنتوضأ به؟



      فقال‏: "‏ هو الطهور ماؤه‏,‏ الحل ميتته‏ "‏ (رواه مسلم).



      وقوله تعالى‏: "وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً " أي بين العذب والمالح‏ .‏ وبرزخاً أي حاجزاً وهو اليبس من الأرض ."‏ وَحِجْراً مَّحْجُوراً "‏ أي مانعاً من أن يصل أحدهما إلى الآخر ، كقوله ـ تعالى ـ ‏: "‏ مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ . بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ " (الرحمن:19 –20) .



      وقوله ـ تعالى ـ ‏:"‏ وَجَعَلَ بَيْنَ البَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ " (النمل:61) .


       
       

      وجاء في تفسير الجلالين‏ ـ‏ رحم الله كاتبيه‏ ـ‏ ما نصه ‏: "‏ وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ البَحْرَيْنِ "‏أرسلهما متجاورين . ‏"‏ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ " شديد العذوبة .‏" ‏وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ " شديد الملوحة . " وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً ‏"‏ حاجزاً لا يختلط أحدهما بالآخر . "‏ وَحِجْراً مَّحْجُوراً ‏" ستراً ممنوعاً به اختلاطهما‏ .


       

      وجاء في صفوة التفاسير‏: "‏ وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ البَحْرَيْنِ ‏ "‏ أي هو ـ تعالى ـ بقدرته خلَّى وأرسل البحرين متجاورين متلاصقين، بحيث لا يتمازجان . ‏"‏ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ ‏"‏ أي شديد العذوبة، قاطع للعطش من فرط عذوبته‏ . " وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ " أي بليغ الملوحة‏,‏ مر شديد المرارة .‏"‏ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً ‏"‏ أي جعل بينهما حاجزاً من قدرته، لا يغلب أحدهما على الآخر . ‏"‏ وَحِجْراً مَّحْجُوراً "‏ أي ومنعاً من وصول أثر أحدهما إلى الآخر وامتزاجه به‏


    • بواسطة امانى يسرى محمد
      سورة الفاتحة :



      اشتملت على التعريف بالمعبود بثلاثة أسماء مرجع الأسماء الحسنى والصفات العليا ومدارها عليها (الله، الرب، الرحمن )



      ابن القيم



      في الفاتحة وسيلتان عظيمتان لا يكاد يرد معهما الدعاء:



      توسل بالحمد والثناء على الله



      توسل لله بعبوديته



      بسم الله: استعانتك بحول الله وقوته في إنجاز أي عمل ، متبرئا من حولك وقوتك



      فتذكر هذا المعنى فهو وقود ودافع لكل خطوة في حياتك



      بسم الله



      حتى تجد أثر الفاتحة من بدايتها وبدقائق حياتك عظِّم ربك وأنت تقول ( بسم الله) ليصغر كل شيء في دنياك



      بسم الله



      نحفظ أنفسنا من كل سوء



      ونحفظ ذرياتنا من شر الشيطان الرجيم


       

      الحمد لله



      { الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم }



      أليست كلمة ( الحمد لله ) دارجة على الألسن كال تنفس للهواء اليوم؟



      إنها تبعث في النفوس القوة ، فحملة العرش ومن حوله يستقوون بتسبيحهم



      بحمد ربهم ، ونحن بأمس الحاجة للاستقراء بها في رحلة الحياة الدنيا وفواجعها



      الحمد لله



      الحمد للاستغراق ، لاستغراق أنواع المحامد كلها ، فله سبحانه الحمد كله أوله وآخره



      الحمد لله



      وهو المستحق الحمد المطلق لأن له وحده الكمال المطلق في ذاته وصفاته وأفعاله



      الحمد لله



      على نعم لا تٌحصى ، وأرزاق تترى



      وأخرى نراها ، وأخرى تخفى



      الحمد لله



      بالجنان قبل اللسان



      وبالأفعال والأركان



      الحمد لله



      في السراء والضراء



      في الشدة والرخاء



      طمأنينة في القلب



      ورضا في النفس



      وانشراح في الصدر



      واحتساب وأجر



      أيها المصلي تأمل وأنت تتلو


       

      ( الحمد لله رب العالمين )



      أعمل العقل وقلّب النظر



      تأمل، تفكر،تدبر



      كم بهذا الوجود مما نراه



      من صنوف بفضله شاهدات



      رب العالمين



      دلّ على انفراده سبحانه بالخلق والتدبير والنعم وكمال غناه وتمام فقر العالمين إليه بكل وجه واعتبار



      السعدي



      فأعلن فقرك لربك في كل مرة تقرأ فيها هذه السورة لتذوق السعادة الأبدية


       

      الرحمن الرحيم



      كيف وأنت كمسلم تكررها عشرات المرات في يومك فتشعر أن ظلال الرحمة يحوطك من كل اتجاه



      وتكرار الآية يرسخ في عقلك الباطن أنك كبشر تتعامل مع رب رحيم



      الرحمن الرحيم



      الأمر لا يقف عند حد الثناء لله تعالى



      بل هو أيضاً دعاء واستحداث وطلب متكرر بأن :



      يارب ،،، يارحمن ،،،، يا رحيم



      أدخلني برحمتك التي وسعت كل شيء فلا غنى لي عنها لحظة ولا طرفة عين ولا أقل من ذلك



      فالزمن صعب والدنيا دار هموم وغموم ودار بلايا ورزايا



      آلامها ومصابها ، وتقلباتها ومفاجأتها متتاليات لا تنتهي



      ولولا دوام رحمة الله بك لهلكت



      تأمل : روعة الدمج بين الثناء والدعاء وأنت تردد ( الرحمن الرحيم )



      كدعاء غريق مضطر يعرف يقينا أنه هالك لولاها



      الرحمن على وزن فعلان يدل على السعة والشمول فهي أشد مبالغة من الرحيم


       

      الرحمن



      اسم خاص بالله تعالى لا يجوز تسمية غيره به



      متضمن لصفات الإحسان والجود والبر أي يرحم جميع الخلق



      المؤمنين والكافرين في الدنيا ، وذلك بتيسير أمور حياتهم ومعيشتهم



      والإنعام عليهم بنعمة العقل وغيرها من نعم الدنيا


       

      الرحيم



      خاص بالمؤمنين فيرحمهم في الدنيا والآخرة



      ذكر الرحمن مرة في القران



      وذكر الرحيم مرة ، أي ضعفها



      إذا كنت تثني على الله ، وتطلب منه الرحمة بهذا الإلحاح والتكرار اليومي



      فسيكون لها أثر في سلوكياتك وتعاملاتك



      فطريق الرحمة وبابها أن ترحم أنت أيضاً ، فاتصف بالرحمة مع الناس



      واعمل بها



      كُن رحيما تُرحم


       

      الرحمن الرحيم



      املأ جنبات نفسك طمأنينة وراحة وثقة وأملا



      مادمت تكررها وتتدبر أسرارها


       

      مالك يوم الدين



      أما والله إن الظلم لؤم



      إلى ديان يوم الدين نمضي



      وما زال المسيء هو الظلوم



      وعند الله تجتمع الخصوم


       

      يوم الدين



      أمل الصابرين والمحتسبين الذين جاهدوا أنفسهم على ترك المعاصي والسيئات



      وصبروا عن الشهوات وصبروا على أقدار الله المؤلمة في الدنيا



      يوم الدين



      عزاء للمظلومين والمحرومين يوم تجتمع الخصوم



      لعلك تدرك هذا السر العظيم الذي سيثمر الصبر والرضا



      والتسليم وتهدأ آلامك وجراحك وأحزانك ودموعك



      بل سيعينك على تحمّل الظلم الذي تقاسيه ، والحرمان الذي تعيشه في الدنيا



      لأنك تعلم أنك منصور



      ( مالك يوم الدين )



      هل سيجرؤ مسلم يردد هذه الآية أن يبخس حق أحد



      أو أن يظلم أحد أو أن يعتدي على عرض أحد



      ( مالك يوم الدين )



      قراءة هذه الآية يقرع جرس الإنذار عند كل تعامل مع الآخرين أن



      تنبه ،،،



      احذر ،،،،



      لا تغفل ،،،،،



      لا تنس ،،،،،



      مالك يوم الدين



      كأن سورة الفاتحة تصرخ في ضمائرنا يوميا مرات



      تذكروا يوم الدين ، وذكٍّروا الظالم بيوم الدين


       

      إياك نعبد وإياك نستعين



      قدم العبادة على الاستعانة



      لشرفها لأن الأول غاية والثاني وسيلة لها



      تقديم العام على الخاص



      تقديم حقه تعالى على حق عباده



      توافق رؤوس الآي



      وإياك نستعين



      أنفع الدعاء طلب العون على مرضاته وأفضل المواهب إسعافه لهذا المطلوب



      تأملت أنفع الدعاء فإذا هو سؤال الله العون على مرضاته، ثم رأيته في الفاتحة في



      ( إياك نعبد وإياك نستعين )



      أيها المصلي وأنت تردد ( إياك نعبد وإياك نستعين )



      هل تشعر بأنك تطلب العون حقاً ممن بيده ملكوت السماوات والأرض ؟



      هل تشعر بأنك صاحب توحيد وشجاعة ؟



      وأنك قوي القلب عزيز النفس ؟!



      هل تشعر بأنك قوي بالله ؟!



      اللهم اجعلنا أفقر خلقك إليك ، وأغنى خلقك بك



      اللهم أعنا وأغننا عمن أغنيته عنا



      اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك ونتوب إليك ونؤمن بك ونتوكل عليك



      اهدنا الصراط المستقيم



      إذا كثرت الأقاويل ، واشتد الخلاف وتنازلت الملل والفرق والأحزاب وانتشرت الخرافات



      إذا اشتدت المحن وكثرت الفتن ونزلت الهموم والغموم وتتبع الناس الأبراج والنجوم



      إذا ضاقت الأنفاس واشتد القنوط واليأس وحلّ الضر والبأس وسيطر الشك والوسواس



      ليس لك إلا أن تردد ( اهدنا الصراط المستقيم )



      ( فحاجة العبد إلى سؤال هذه الهداية ضرورية في سعادته ونجاته وفلاحه ، بخلاف حاجته إلى الرزق والنصر



      فإن الله يرزقه فإذا انقطع رزقه مات ، والموت لا مفر منه ، فإذا كان من أهل الهدى كان سعيدا قبل الموت وبعده



      وكان الموت موصلا للسعادة الأبدية ، وكذلك النصر إذا قُدّر أنه غلب حتى قُتِلَ فإنه يموت شهيدا وكان القتل من تمام النعمة ، فتبين أن الحاجة إلى الهدى أعظم من الحاجة إلى النصر والرزق ،، بل لا نسبة بينهما )



      ابن تيمية



      الهداية هي



      الحياة الطيبة وأُسُّ الفضائل ولجام الرذائل



      بالهداية تجد النفوس حلاوتها وسعادتها ، وتجد القلوب قوتها وسر خلقها وحريتها



      الهداية لها شرطان :



      ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون )



      (من أكبر المنن أن يٌحبب الله الإيمان للعبد ويزينه في قلبه ويذيقه حلاوته وتنقاد جوارحه للعمل بشرائع الإسلام ويبغض إليه أصناف المحرمات) ابن سعدي


       

      اهدنا الصراط المستقيم



      (هذا أجلّ مطلوب وأعظم مسؤول ، ولو عرف الداعي قدّر الداعي هذا السؤال لجعله هجّيراه ، وقرنه بأنفاسه



      فإنه لم يدع شيئا من خير الدنيا والآخرة إلا تضمنه ، ولما كان بهذه المثابة فرضه الله على جميع عباده فرضا



      متكررا في اليوم والليلة ، لا يقوم غيره مقامه ، ومن ثَمّ يعلم تعين الفاتحة في الصلاة وأنها ليس منها عوض يقوم مقامها)



      ابن القيم



      ( لهذا كان أنفع الدعاء وأعظمه وأحكمه دعاء الفاتحة ، فإنه إذا هداه هذا الصراط أعانه على طاعته ، وترك معصيته ، فلم يصبه شرّ لا في الدنيا ولا في الآخرة ، لكن الذنوب هي من لوازم نفس الإنسان ، وهو محتاج إلى الهدى في كل لحظة ، وهو إلى الهدى أحوج منه إلى الأكل والشرب ، ولهذا كان الناس مأمورين بهذا الدعاء في كل صلاة لفرط حاجتهم إليه ، فليسوا إلى شيء أحوج منهم إلى هذا الدعاء )



      ابن تيمية



      ( من هُدي في هذه الدار إلى صراط الله المستقيم الذي أرسل به رسله وأنزل كتبه هُدي إلى الصراط المستقيم الموصل إلى جنته ودار ثوابه



      وعلى قدر ثبوت العبد على هذا الصراط في هذه الدار ، يكون ثبوت قدمه على الصراط المنصوب على متن جهنم



      وعلى قدر سيره على هذا الصراط يكون سيره على هذا الصراط فلينظر العبد سيره على ذلك الصراط من سيره على هذا الصراط ، حذو القذة بالقذة " جزاء وفاقا ". )



      ابن تيمية


       

      غير المغضوب عليهم ولا الضالين



      " من فسد من علمائنا كان فيه شبه من اليهود ، ومن فسد من عبادنا كان فيه شبه من النصارى "



      " لما كان تمام النعمة على العبد إنما هو بالهدى والرحمة كان لهما ضدان: الضلال والغضب



      ولهذا كان هذا الدعاء من أجمع الدعاء وأفضله وأوجبه"



      ابن القيم



      الفاتحة نور وسرور



      قال صلى الله عليه وسلم ( لن تقرأ بحرف منها إلا أُعطيته )



      وفي الحديث القدسي ( هذا لعبدي ولعبدي ما سأل )



      فيه بشارة عظيمة : من قرأ الفاتحة بصدق وإخلاص وحضور قلب يعطيه الله ما جاء من الفاتحة من مطالب سامية ودرجات رفيعة



      الفاتحة أم القران



      " هي الكافية تكفي عن غيرها ولا يكفي غيرها عنها "



      ابن تيمية


       

      لماذا هي أم القرآن ؟



      اشتمالها على كليات المقاصد والمطالب العالية للقرآن



      اشتملت على أصول الأسماء الحسنى



      اشتملت على كليات المشاعر والتوجيهات



      سيصبح للحياة طعم آخر وأنت تردد الفاتحة بفهمك الجديد لمكامن القوة فيها


       

      لم سميت القرآن العظيم ؟



      لتضمنها جميع علوم القرآن ، وذلك أنها تشتمل على الثناء على الله وعلى الأمر بالعبادات والإخلاص والاعتراف بالعجز والابتهال إليه في الهداية وكفاية أحوال الناكثين



      القرطبي



      توسل ووسيلة



      في الفاتحة وسيلتان عظيمتان لا يكاد يرد معهما دعاء



      التوسل بالحمد والثناء على الله



      التوسل إليه بعبوديته



      فهل أنت حاضر القلب والفكر بأنك فعلا تتوسل بهاتين الوسيلتين كل يوم وليلة سبع عشرة مرة



      لا شك أن ذلك سيكون له أثر في حياتك ودقائق تفاصيلها


    • بواسطة راجين الهدي
      بسم الله الرحمن الرحيم
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
       
      { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ * كَلا إِنَّ الإنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى * إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى * أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْدًا إِذَا صَلَّى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى * أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى * كَلا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ * فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ * كَلا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ } .
      هذه السورة أول السور القرآنية نزولا على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
      فإنها نزلت عليه في مبادئ النبوة، إذ كان لا يدري ما الكتاب ولا الإيمان، فجاءه جبريل عليه الصلاة والسلام بالرسالة، وأمره أن يقرأ، فامتنع، وقال: { ما أنا بقارئ } فلم يزل به حتى قرأ. فأنزل الله عليه: { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } عموم الخلق، ثم خص الإنسان، وذكر ابتداء خلقه { مِنْ عَلَقٍ } فالذي خلق الإنسان واعتنى بتدبيره، لا بد أن يدبره بالأمر والنهي، وذلك بإرسال الرسول إليهم (1) ، وإنزال الكتب عليهم، ولهذا ذكر (2) بعد الأمر بالقراءة، خلقه (3) للإنسان.
      ثم قال: { اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ } أي: كثير الصفات واسعها، كثير الكرم والإحسان، واسع الجود، الذي من كرمه أن علم بالعلم (4) .
      و { عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } فإنه تعالى أخرجه من بطن أمه لا يعلم شيئًا، وجعل له السمع والبصر والفؤاد، ويسر له أسباب العلم.
      فعلمه القرآن، وعلمه الحكمة، وعلمه بالقلم، الذي به تحفظ العلوم، وتضبط الحقوق، وتكون رسلا للناس تنوب مناب خطابهم، فلله الحمد والمنة، الذي أنعم على عباده بهذه النعم التي لا يقدرون لها على جزاء ولا شكور، ثم من عليهم بالغنى وسعة الرزق، ولكن الإنسان -لجهله وظلمه- إذا رأى نفسه غنيًا، طغى وبغى وتجبر عن الهدى، ونسي أن إلى ربه الرجعى، ولم يخف الجزاء، بل ربما وصلت به الحال أنه يترك الهدى بنفسه، ويدعو [غيره] إلى تركه، فينهى عن الصلاة التي هي أفضل أعمال الإيمان. يقول الله لهذا المتمرد العاتي: { أَرَأَيْتَ } أيها الناهي للعبد إذا صلى { إِنْ كَانَ } العبد المصلي { عَلَى الْهُدَى } العلم بالحق والعمل به، { أَوْ أَمَرَ } غيره { بِالتَّقْوَى } .
      فهل يحسن أن ينهى، من هذا وصفه؟ أليس نهيه، من أعظم المحادة لله، والمحاربة للحق؟ فإن النهي، لا يتوجه إلا لمن هو في نفسه على غير الهدى، أو كان يأمر غيره بخلاف التقوى.
      { أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ } الناهي بالحق { وَتَوَلَّى } عن الأمر، أما يخاف الله ويخشى عقابه؟
      { أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى } ما يعمل ويفعل؟.
      ثم توعده إن استمر على حاله، فقال: { كَلا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ } عما يقول ويفعل { لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ } أي: لنأخذن بناصيته، أخذًا عنيفًا، وهي حقيقة بذلك، فإنها { نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ } أي: كاذبة في قولها، خاطئة في فعلها.
      { فَلْيَدْعُ } هذا الذي حق عليه العقاب (5) { نَادِيَهُ } أي: أهل مجلسه وأصحابه ومن حوله، ليعينوه على ما نزل به، { سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ } أي: خزنة جهنم، لأخذه وعقوبته، فلينظر أي: الفريقين أقوى وأقدر؟ فهذه حالة الناهي وما توعد به من العقوبة، وأما حالة المنهي، فأمره الله أن لا يصغى إلى هذا الناهي ولا ينقاد لنهيه فقال: { كَلا لا تُطِعْهُ } [أي:] فإنه لا يأمر إلا بما فيه خسارة الدارين، { وَاسْجُدْ } لربك { وَاقْتَرِبْ } منه في السجود وغيره من أنواع الطاعات والقربات، فإنها كلها تدني من رضاه وتقرب منه.
      وهذا عام لكل ناه عن الخير ومنهي [ ص 931 ] عنه، وإن كانت نازلة في شأن أبي جهل حين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة، وعبث به (6) وآذاه. تمت ولله الحمد.
      __________
      (1) في ب: بإرسال الرسل.
      (2) في ب: ولهذا أتى.
      (3) في ب: بخلقه.
      (4) في ب: بأنواع العلوم.
      (5) في ب: العذاب.
      (6) في ب: وعذبه.


       
       

      { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ } .
      يقول تعالى مبينًا لفضل القرآن وعلو قدره: { إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } كما قال تعالى: { إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ } وذلك أن الله [تعالى] ، ابتدأ بإنزاله (1) في رمضان [في] ليلة القدر، ورحم الله بها العباد رحمة عامة، لا يقدر العباد لها شكرًا.
      وسميت ليلة القدر، لعظم قدرها وفضلها عند الله، ولأنه يقدر فيها ما يكون في العام من الأجل والأرزاق والمقادير القدرية.
      ثم فخم شأنها، وعظم مقدارها فقال: { وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ } أي: فإن شأنها جليل، وخطرها عظيم.
      { لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ } أي: تعادل من فضلها ألف شهر، فالعمل الذي يقع فيها، خير من العمل في ألف شهر [خالية منها]، وهذا مما تتحير فيه (2) الألباب، وتندهش له العقول، حيث من تبارك وتعالى على هذه الأمة الضعيفة القوة والقوى، بليلة يكون العمل فيها يقابل ويزيد على ألف شهر، عمر رجل معمر عمرًا طويلا نيفًا وثمانين سنة.
      { تَنزلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا } أي: يكثر نزولهم فيها { مِنْ كُلِّ أَمْر سَلامٌ هِيَ } أي: سالمة من كل آفة وشر، وذلك لكثرة خيرها، { حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ } أي: مبتداها من غروب الشمس ومنتهاها طلوع الفجر (3) .
      وقد تواترت الأحاديث في فضلها، وأنها في رمضان، وفي العشر الأواخر منه، خصوصًا في أوتاره، وهي باقية في كل سنة إلى قيام الساعة.
      ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم، يعتكف، ويكثر من التعبد في العشر الأواخر من رمضان، رجاء ليلة القدر [والله أعلم].


       

      تفسير سورة لم يكن


       

      وهي مدنية


       

      __________


       

      لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1) رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3) وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4) وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7)
      { 1 - 8 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ * رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً * فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ * وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ * وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ } .
      يقول تعالى: { لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ } أي: [من] اليهود والنصارى { وَالْمُشْرِكِينَ } من سائر أصناف الأمم.
      { مُنْفَكِّينَ } عن كفرهم وضلالهم الذي هم عليه، أي: لا يزالون في غيهم وضلالهم، لا يزيدهم مرور السنين (1) إلا كفرًا.
      { حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ } الواضحة، والبرهان الساطع، ثم فسر تلك البينة فقال: { رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ } أي: أرسله الله، يدعو الناس إلى الحق، وأنزل عليه كتابًا يتلوه، ليعلم الناس الحكمة ويزكيهم، ويخرجهم من الظلمات إلى النور، ولهذا قال: { يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً } أي: محفوظة عن قربان الشياطين، لا يمسها إلا المطهرون، لأنها في أعلى ما يكون من الكلام.
      ولهذا قال عنها: { فِيهَا } أي: في تلك الصحف { كُتُبٌ قَيِّمَةٌ } أي: أخبار صادقة، وأوامر عادلة تهدي إلى الحق وإلى صراط مستقيم، فإذا جاءتهم هذه البينة، فحينئذ يتبين طالب الحق ممن ليس له مقصد في طلبه، فيهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينة.
      وإذا لم يؤمن أهل الكتاب لهذا الرسول وينقادوا له، فليس ذلك ببدع من ضلالهم وعنادهم، فإنهم ما تفرقوا واختلفوا وصاروا أحزابًا { إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ } التي توجب لأهلها الاجتماع والاتفاق، ولكنهم لرداءتهم ونذالتهم، لم يزدهم الهدى إلا ضلالا ولا البصيرة إلا عمى، مع أن الكتب كلها جاءت بأصل واحد، ودين واحد فما أمروا في سائر الشرائع إلا أن يعبدوا { اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } أي: [ ص 932 ] قاصدين بجميع عباداتهم الظاهرة والباطنة وجه الله، وطلب الزلفى لديه، { حُنَفَاءَ } أي: معرضين [مائلين] عن سائر الأديان المخالفة لدين التوحيد. وخص الصلاة والزكاة [بالذكر] مع أنهما داخلان في قوله { لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ } لفضلهما وشرفهما، وكونهما العبادتين اللتين من قام بهما قام بجميع شرائع الدين.
      { وَذَلِكَ } أي التوحيد والإخلاص في الدين، هو { دِينُ الْقَيِّمَةِ } أي: الدين المستقيم، الموصل إلى جنات النعيم، وما سواه فطرق موصلة إلى الجحيم.
      ثم ذكر جزاء الكافرين بعدما جاءتهم البينة، فقال: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ } قد أحاط بهم عذابها، واشتد عليهم عقابها، { خَالِدِينَ فِيهَا } لا يفتر عنهم العذاب، وهم فيها مبلسون، { أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ } لأنهم عرفوا الحق وتركوه، وخسروا الدنيا والآخرة.
      { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ } لأنهم عبدوا الله وعرفوه، وفازوا بنعيم الدنيا والآخرة .


       
       

      جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8)


       

      { جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ } .
      { جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ } أي: جنات إقامة، لا ظعن فيها ولا رحيل، ولا طلب لغاية فوقها، { تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ } فرضي عنهم بما قاموا به من مراضيه، ورضوا عنه، بما أعد لهم من أنواع الكرامات وجزيل المثوبات { ذَلِكَ } الجزاء الحسن { لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ } أي: لمن خاف الله، فأحجم عن معاصيه، وقام بواجباته (1) .
      [تمت بحمد لله]


    • بواسطة راجين الهدي
      بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


       

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
       
       
      { 1 - 4 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ } .
      أي { قُلْ } قولا جازمًا به، معتقدًا له، عارفًا بمعناه، { هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } أي: قد انحصرت فيه الأحدية، فهو الأحد المنفرد بالكمال، الذي له الأسماء الحسنى، والصفات الكاملة العليا، والأفعال المقدسة، الذي لا نظير له ولا مثيل.
      { اللَّهُ الصَّمَدُ } أي: المقصود في جميع الحوائج. فأهل العالم العلوي والسفلي مفتقرون إليه غاية الافتقار، يسألونه حوائجهم، ويرغبون إليه في مهماتهم، لأنه الكامل في أوصافه، العليم الذي قد كمل في علمه، الحليم الذي قد كمل في حلمه، الرحيم الذي [كمل في رحمته الذي] وسعت رحمته كل شيء، وهكذا سائر أوصافه، ومن كماله أنه { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } لكمال غناه { وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ } لا في أسمائه ولا في أوصافه، ولا في أفعاله، تبارك وتعالى.
      فهذه السورة مشتملة على توحيد الأسماء والصفات.


       
       
       

      { 1 - 5 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } .
      أي: { قل } متعوذًا { أَعُوذُ } أي: ألجأ وألوذ، وأعتصم { بِرَبِّ الْفَلَقِ } أي: فالق الحب والنوى، وفالق الإصباح.
      { مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ } وهذا يشمل جميع ما خلق الله، من إنس، وجن، وحيوانات، فيستعاذ بخالقها، من الشر الذي فيها، ثم خص بعد ما عم، فقال: { وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ } أي: من شر ما يكون في الليل، حين يغشى الناس، وتنتشر فيه كثير من الأرواح الشريرة، والحيوانات المؤذية.
      { وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ } أي: ومن شر السواحر، اللاتي يستعن على سحرهن بالنفث في العقد، التي يعقدنها على السحر.
      { وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } والحاسد، هو الذي يحب زوال النعمة عن المحسود فيسعى في زوالها بما يقدر عليه من الأسباب، فاحتيج إلى الاستعاذة بالله من شره، وإبطال كيده، ويدخل في الحاسد العاين، لأنه لا تصدر العين إلا من حاسد شرير الطبع، خبيث النفس، فهذه السورة، تضمنت الاستعاذة من جميع أنواع الشرور، عمومًا وخصوصًا.
      ودلت على أن السحر له حقيقة يخشى من ضرره، ويستعاذ بالله منه [ومن أهله].
      تفسير سورة الناس
      وهي مدنية


       
       

      1 - 6 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ } .
      وهذه السورة مشتملة على الاستعاذة برب الناس ومالكهم وإلههم، من الشيطان الذي هو أصل الشرور كلها ومادتها، الذي من فتنته وشره، أنه [ ص 938 ] يوسوس في صدور الناس، فيحسن [لهم] الشر، ويريهم إياه في صورة حسنة، وينشط إرادتهم لفعله، ويقبح لهم الخير ويثبطهم عنه، ويريهم إياه في صورة غير صورته، وهو دائمًا بهذه الحال يوسوس ويخنس أي: يتأخر إذا ذكر العبد ربه واستعان على دفعه.
      فينبغي له أن [يستعين و] يستعيذ ويعتصم بربوبية الله للناس كلهم.
      وأن الخلق كلهم، داخلون تحت الربوبية والملك، فكل دابة هو آخذ بناصيتها.
      وبألوهيته التي خلقهم لأجلها، فلا تتم لهم إلا بدفع شر عدوهم، الذي يريد أن يقتطعهم عنها ويحول بينهم وبينها، ويريد أن يجعلهم من حزبه ليكونوا من أصحاب السعير، والوسواس كما يكون من الجن يكون من الإنس، ولهذا قال: { مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ } .
      والحمد لله رب العالمين أولا وآخرًا، وظاهرًا وباطنًا.
      ونسأله تعالى أن يتم نعمته، وأن يعفو عنا ذنوبًا لنا حالت (1) بيننا وبين كثير من بركاته، وخطايا وشهوات ذهبت بقلوبنا عن تدبر آياته.
      ونرجوه ونأمل منه أن لا يحرمنا خير ما عنده بشر ما عندنا، فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، ولا يقنط من رحمته إلا القوم الضالون.
       
      تابعونا في باقي السلسة لنعرف أكثر عن كلام الرحمن


       

      تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان


       
       

      المؤلف : الامام السعدي


منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×