اذهبي الى المحتوى
جِهاد

{ مُتًميّز } و أخِيرًا ♥♥ رواية { و تسْتَمرُ الحيَاة ..

المشاركات التي تم ترشيحها

ماشاء الله قصة رائعة بأسلوب شيق وسلس.

 

بارك الله فيكِ وفي قلمك ونفع به.

 

تابعي ننتظر المزيد.

 

وفقكِ الله أخيَّة.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

نقابي غايتي + أم بلال + دانة الإسلام + غريقة في بحور العلم + هدايات

 

جزاكنّ الله خيرًا

مروركنّ هنآ أسعدني جدًا (^_^)

فيضٌ من الود لكنّ ♥♥

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

 

الفصل الرابع

(4)

 

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

 

 

صرخت : محمد ، انظر أماا....

و قبل أن تتم جملتها دوى صوت الإرتطام عاليًا .

 

بعد فترة فتحت الصغيرة عيناها و التفتت بذعر ، نظرت بجانبها فإذا بأخوها ملطخًا بالدماء ، صرخت و هتفت بفزع : وليد ، فارتعدت الوالدة لصرختها ، حاولت أن تتكلم و لكن لم يخرج منها إلا همس ضعيف ، فانسلت الصغيرة إلى حجرها : أمي ، أمي هل أنت بخير ؟

شدت الأم على يد ابنتها و همست بوهن : حبيبتي ، كوني قوية .

ثم ابتسمت و هوت يدها جانبها بلا حراك .

 

صرخت بفزع و هي تحركها : أمي ، أمي ، أنا خائفة ، لا تتركيني وحدي ، أنا خائفة ، أمي ، إن وليد ينزف ، وجهه مليء بالدماء ،

ثم انطلقت منها صرخة أشد من سابقتها و احتضنت أمها بقوة طالبة للحنان ، و لكن هل يعطي الجسد الميت حنانًا ؟!

 

أناس يبكون ، و أناس يتحركون ، يخرجون و يدخلون ، أخوها بجانبها يستند إلى عكازه الصغير ، نظرات الشفقة تحيط بهم ، و تنظر هي بفزع تقلب نظراتها بين الوجوه .

همس أخوها بألم : أصايل ، لقد مات أمي و أبي .

 

كان وقع الصدمة عليها قويًا ، حاولت أن تترجم بداخل عقلها الصغير ما يقصده ، صرخت به : لا ، أمي لم تمت ، أبي لم يمت .

نظر لها وليد بإبتسامة واهنة : رحمهما الله .

حينها صرخت بجنون و كانت آخر لحظات وعيها حين كان وليد يضمها بقوة ضاغطًا على فمها بيده مانعًا لصراخها .

 

***

 

صباح اليوم كانت سارة كعادتها في طريقها إلى المطبخ لتتناول فطورها مع أسرتها قبل الذهاب إلى المدرسة ، حيتهم بأجمل إبتسامة و جلست ، مد لها والدها يده بخطاب أبيض : إنه خطاب لكِ

 

نظرت له سارة بشك ، فابتسم و قلّبه بين يديه و قرأ اسم المرسل : إنه من دانة !

خطفته بسرعة من يد والدها فضحك الجميع ، عدا سارة التي كانت تفتحه بشغف و قلق كذلك .

 

اكفهر وجهها ، و عبث القلق بمشاعرها ، كانت عيناها تقرأ الكلمات بسرعة ، و تمسح الخطاب مسحًا ، و حينما علمت أنها لن تجد كلامًا أكثر مما كتب هنا بوضوح و اختصار ، أعادته إلى مغلفه و شرعت تتناول طعامها بشرود .

 

- سارة ، هل من مشكلة في الخطاب ؟ لا تبدين على ما يرام .

كانت تلك والدتها ، و لم تكن هي الوحيدة التي لاحظت عليها التغير المفاجئ ، فتعبيرات وجهها من اللهفة إلى التعجب و من ثم الشحوب و القلق توحي بأن وراء الخطاب أمرًا لا يسر .

 

ناولتها سارة الخطاب ، و أعيد المشهد المتسلسل ذاته ، مررت الخطاب إلى الوالد الذي لم يتعجب لما كتب فيه ، بل قال : إنه أبو عصام من وراء تلك المشاكل ، أنا واثق ، لقد كنت أقول دومًا بأنه رجل غريب الأطوار .

 

ناظرته الوالدة بلوم ، و أخذت منه الخطاب تعيد قراءته بينما وقفت سارة في مكانها : الحمد لله ، تسلم يداكِ أمي .

ابتسمت والدتها و هي تتمتم : بالهناء و الشفاء .

 

( عزيزتي سارة ،،

أنا في ورطة ، إننا جميعنا هنا قد غرقنا في وحل ضخم ، أبي أصبح غريبًا للغاية و لم يعد أبي الذي أعرفه ، و أمي تشاجرت مع أبي و عادت للوطن منذ شهر ، أخي أصبح يدخن و يمضي معظم وقته مع رفقاء سوء ، و يوسف توفي بسبب سرقة شاحنة مدرسته و حرقها في مكان للنفايات ، إنني هنا أحيا في عالم وحشي ، ادع لي بالثبات فالفتن تواجهني من كل جهة و تمن لي السلامة .

 

لعلك لاحظتِ اختصاري في الكلام فهذا لأني أرسلت هذا الخطاب خلسة بدون علم أخي أو أبي ، إنهما لا يسمحان لي باستعمال البريد أبدًا ، و لا يسلموني رسائلكما .

 

اشتقت لكما ، أنتِ و أصايل .

و سنبقى دومًا " الثلاثي المرح " .. )

 

كان هذا هو مضمون الرسالة .

 

برغم الصحو المشرق ، و الأجواء الربيعية الساحرة بنسماتها الوديعة و تغريد العصافير في فضائها ، كانت العواصف تعتمل في قلب سارة ، إنه هياج فكري حاد ، لقد أعلن كل عضو في جسدها التمرد عليها ، كانت تسير و كأن قوة عجيبة تسيرها ، تتكلم و كأنها ليست التي تتكلم ، ترى ما حولها و من يحادثها و لكن عينها كانت هناك حيث أمريكا تتصور الحياة الوحشية كما قالت دانة ، و ترثي لحال صديقتها العزيزة .

 

- هل تمزحين ؟ لا أصدق هذا ، أظن بأنها إحدى ألاعيبها .

و للمرة الأولى ثارت سارة على أصايل : لا تصدقيها كما تشائين ، و لكني أصدقها .

صمتت هنيهة ثم عادت تؤكد : نعم أصدقها .

أومأت سارة برأسها ، و شردت من جديد ، لم يكن اليوم هو يوم سعدها التأكيد ، شعورها بأن دانة في خطر لم يكن هاجسًا فحسب ، تخيلت الصغير يوسف و هو يحترق في الشاحنة ، ارتعدت و ضمت جسدها بكلتا يديها بخوف .

 

- سارة ، هل أنتِ بخير ؟

رفعت رأسها ببطأ ، كانت معلمة التربية الإسلامية تنظر لها بقلق ، لم تجبها فاقتربت منها المعلمة و ربتت على كتفها : إن كنت لا تشعرين بالراحة فبإمكانكِ الذهاب للممرضة .

 

قالت أصايل : سأرافقها إلى هناك .

ابتسمت المعلمة موافقة على عرض أصايل التي صحبت سارة إلى خارج الصف بينما نطقت دلال بإحدى تعليقاتها الماكرة .

 

- سارة ، ماذا بكِ ؟ وجهكِ شاحب للغاية .

ضغطت سارة على رأسها بقوة : أصايل ، إنني .... إنني لا استطيع استيعاب الأمر .

كانت تتكلم بنبرة تنذر بانفتاح المحابس الدمعية في أية لحظة : أعني .. موت يوسف ، انحراف عصام ، غرابة والدها ، فراق والدتها .. تبدو كأنها أمور من ضرب الخيال .

 

استرقت أصايل نظرة جانبية إلى سارة التي تسللت دمعاتها على وجنتيها باستحياء ، و تنهدت بعمق ، لم تكن في موقف يسمح لها بفعل أي شيء ، ليست بيدها أن تخفف معاناة سارة ، أو تحل مشاكل دانة ، إنه الله فقط من له القدرة على ذلك و هو القادر على كل شيء لكنها همهت بوهن : لا أحد لا يعاني يا سارة ، و لكننا يجب أن نصبر .

 

عادت سارة إلى المنزل ، كان لا يزال الخطاب قابعًا على طاولة المطبخ ، تناولته و صعدت إلى غرفتها تعاود قراءته من جديد ، إنها بلا شك ستبذل قصارى جهدها لتخفيف ألم دانة ، و لكن كيف ؟

 

ارتمت على الفراش بوهنٍ ، ثم اعتدلت فجأة بعد أن تذكرت بأن والدتها عادت للوطن ، أليس هذا ما ذكرته ، تأكدت مما هو مكتوب و ركبت الدرج متجهة إلى المطبخ حيث والدتها .

 

- السلام عليكم .

التفتت أم خالد إلى ابنتها ، و ابتسمت بإشفاق : مرحبًا عزيزتي .

 

سحبت مقعدًا و جلست ثم قالت : أمي ، هل لازلتِ تحتفظين برقم هاتف أم عصام ؟

- نعم ، إنه مخزن في دفتر الأرقام بغرفة الجلوس .

هتفت بحماس : رائع ، هكذا سنستطيع معرفة الأمور بصورة أوضح .

نظرت لها أمها بتوجس : أخشى أن يعتبر هذا تدخلًا في خصوصيات الغير ، كما أني لا أعتقد بأن أم عصام ستحب ذكر تلك الأحداث على الملأ ، فأنا أكلم أم فهد دومًا و لم تحك لي شيئًا .

 

- و لكن أليست هي صديقتكِ القديمة ؟ لن يكون هناك حرج .

ترددت أم خالد ، فأضافت سارة : أمي ، أنا لا استطيع أن أقف مكتوفة الأيدي أمام مشكلة لصديقة تستنجد بي ، إنه الحل الوحيد ، أرجوكِ .

 

ارتبكت الوالدة أمام رجاء ابنتها ، و شرعت تفكر في أبعاد الأمر بصورة شاملة .

فعلى وجه العموم ، أم عصام هي صديقتها منذ كانا معًا في الجامعة ، و لكن أمورًا كهذه يجب أن تتكتم عليها ، و مع ذلك فإنه يبدو أمرًا و لابد منه ، أن تصارحها بأمر الخطاب الذي أرسلته دانة ، فمعنى عودتها إلى الوطن و ترك أبنائها هناك أنها مستاءة للغاية مما يحدث ، اطمأنت لهذا و قالت لسارة : لا بأس ، سأتصل بها اليوم و اطلب زيارتها في اقرب فرصة .

 

تهلل وجه سارة و انفرجت أساريرها ، قبلت والدتها و راحت تساعدها بنشاط في تحضير مائدة الطعام ، فعلى الأقل هناك خيط أمل ضعيف تستطيع التعلق به لأجل مساعدة صديقتها دانة .

 

***

 

- شباب ، ما رأيكم أن نجتمع الليلة على شاطئ البحر ؟

- إما انك مجنون يا مروان ، أو أنك لست بكامل وعيك !

- لم َ ؟ ماذا قلت أنا ؟

- شاطئ البحر يكون باردًا للغاية ليلًا .

 

نظر مروان لوليد بريب : أها ؟ و كيف علمت بهذا ؟

ابتسم وليد لدهاء مروان و لكنه أجاب ببرود : لأنني أحب زيارته كل ليلة .

 

رفع مروان يديه و هتف : لقد حسمت الأمر ، سنذهب الليلة إلى شاطئ البحر ، موافقون ؟

 

وافق الأغلبية على اقتراح مروان الذي لم يرق أبدًا لوليد ، في حين رفض آخرون ، و تعلل بعضهم بمواعيد هامة قد ارتبطوا بها ، أما وليد فعندما همَ بالرفض عاتبه مروان و سخط عليه فلم يجد بدًا من الموافقة .

 

كانوا في مسجد ( أبو بكر الصديق ) بعد أداء صلاة العصر مجتمعين معًا ، إنهم " صحبة الخير " ، تفرقوا بعدما حددوا الموعد الذي كان السابعة مساءً ، بعض الشباب ظلوا في المسجد يتدارسون بعض العلوم معًا ، و البعض الآخر كانوا يقرأون القرآن مع ( أبوعلي ) إمام المسجد ، مروان عاد إلى منزله ، أما وليد فقد اتجه مترددًا إلى موقع المنزل القديم ، المنزل الذي ضمّه مع والديه و أخته من قبل ، شعورًا ما استولى على قلبه منذ الصباح ، حنين و شوق لذكريات رحلت بقسوة .

 

أوقف سيارته قرب المنزل ، تأمل هيكله الصامد برغم رحيل أصحابه ، و كأنه بلونه السماوي الهادئ منزل رحمة إلهية ، تذكر يوم تسلم مبلغ بيعه بيد مرتعشة و قلب متحسر ، لكم يلوم نفسه على تلك الخطوة التي أقدم عليها ، لو لم يكن قد باعه لكان يقيم فيه الآن بعزته و كرامته مع شقيقته ، و لكنه قضاء الله .

 

لمح العجوز الذي اشتراه و هو يخرج من باب المنزل و يتجه إلى سيارته ، لم يتحمل وخز الجرح ، و التهبت الأشواق إلى الحبيبين الراحلين ، انطلق بالسيارة بسرعة اقرب إلى الجنون ، لم يكن يتمنى في هذه اللحظة أكثر من حضن أمه الدافئ ، و حديث والده الهادئ ، بلا إرادة و بلا إحساس و جد نفسه أمام شاطئ البحر ، جلس على أطراف اللسان الممتد بداخله ، و راح يتأمل ماء البحر الهائج الذي يندفع إلى الصخور بكل قوته ثم يرتد حسيرًا ، إنه مجسم طبيعي لحال الإنسان في الدنيا ، يصطدم بالمحن فيتراجع ، يعاود التقدم بقوة أكبر ثم تعترضه الصعاب فيرتد إلى الوراء ، و هكذا بلا يأس أو تملل أو إحباط لأن الحياة لن تتوقف ، لن تتوقف إلى أن يأذن الله بهذا و لذلك يجب علينا أن نصبر .

 

رنّ جواله ، أخرجه من جيبه فإذا به مروان ، فأجابه قائلًا بمرح : أنا قادم الآن ، لحظات و أكون معكم .

 

 

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

جميل ما خطت يداكـ،ِ يا غالية ،، بانتظار الجزء القادم :)

استمري بارك الله فيكـ،ِ ..

سلمت يمينكـ، همة الحبيبة ^^

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

 

الفصل الخامس

(5)

 

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

 

 

- السلام عليكم

- وعليكم السلام ، آآ هل أخدمكِ بشيء ؟

- هل هذا جوال أم عصام ؟

- نعم إنه هو ، عذرًا سأخبرها حالاً ، و لكن هل لي أن أعرف من أنتِ ؟

- أنا أم خالد .

 

***

 

ارتفع صوت آذان المغرب من المسجد ينادي الناس إلى الصلاة بعد أن سحبت الشمس أشعتها من جديد لتعلن حلول المساء ، كانت السماء بلون أرجواني يتدرج بدقة حتى يصل إلى لون بنفسجي فاتح ، المنظر ساحر رومانسي ، و لكنه حزين مؤلم لدلال ، كانت مستلقية على أريكة بيضاء في شرفة غرفتها باسترخاء ، إنها تعشق التأمل في السماء و إمتدادها اللا محدود ، لأنها اللحظة الوحيدة التي تحس فيها بالراحة بأن السماء تحتضنها بنهارها و ليلها ، الشمس رفيقتها و القمر أنيسها و السحاب قطع قطن مبعثرة تكون منها أحلامها على الصفحة السماوية ، نعم .. أحلامها المحلقة البعيدة الممتدة إلى هناك ، ترسم بخيالها أسرة سعيدة و أم حنونة تحتضنها !

 

- دلال ، بنيتي ، افتحي الباب .

تأففت و فتحت الباب على مضض ، كانت جدتها تقف أمام الباب مستندة على عصاها بإنهاك .

نظرت لها بلوم و هي تقول : لماذا تضطريني دومًا إلى الصعود على الدرج ؟ أنت تعلمين كم يتعبني هذا .

 

أعادت شعرها المتناثر على جبينها إلى الوراء و قالت بضيق : آسفة ، هل من خدمة ؟

- سنذهب لتناول طعام العشاء في مطعم بالخارج ، تجهزي بسرعة .

- أوه لكنني بالفعل لا أرغب بالذهاب ، لدي موعد مع صديقتي .

استاءت الجدة و مع ذلك لم تعلق ، بل أخذت طريقها إلى الدرج بحسرة .

 

لم تطق دلال نظرة جدتها المحبطة ، منذ جاءت إلى هنا و هي تحاول إسعادها بشتى الطرق ، و لكن طيف زوجة والدها و إبتسامتها الخبيثة بعدما أخبرت والدها بأفعالها في المدرسة ترافقها كل لحظة ، و هذا ما يكدر عليها حياتها ، إنها لتتساءل لمَ لم نسافر معهما أنا و إسلام ؟ إنه والدي قبل أن يكون زوجًا لها ، لقد وجدتها فرصة مناسبة و حجة جيدة لتسافر مع والدي وحدها ، بأن يعاقبوني على سوء تعاملي مع الآخرين في المدرسة ، سحقًا فليحترقوا جميعًا .

 

اتجهت دلال إلى جدتها و أمسكت بيدها : سأعاونكِ على النزول .

- جزاكِ الله خيرًا بنيتي ، أخشى أن أتعبكِ .

هزت رأسها برضا و تمتمت : إنه شرف لي ، كما أني سأخرج معكم الليلة .

 

إنها تعرف جيدًا كيف تكسب قلوب الآخرين و ترضي نفوسهم ، ربما كان هذا مكر أو خبث منها ، أو ربما أنه يدل على طيبة قلبها و حنان مشاعرها ، و بأية حال فإنها لم تكن لتغضب جدتها التي هي أقرب الناس إلى قلبها و أحبهم إليها ، فعلى الأقل إنها الوحيدة التي تفهمها و لا توبخها باستمرار كما يفعل الغير .

 

***

 

دق ، دق ، دق ، دق

 

- نعم ، أنا قادمة .

اتجهت أم خالد إلى باب المنزل بخطوات سريعة ، إنها بانتظار قدوم أم عصام بلهفة ، بينما كانت سارة تتم تزيين الكعكة في المطبخ ، نثرت بعض الفستق المكسر على الحواف ثم وضعتها في الثلاجة ، لقد انتهت أخيرًا ، و بإمكانها الآن أن تذهب لرؤية أم عصام .

 

عدلت هندامها و تطيبت بالعطر ثم دلفت إلى غرفة الضيوف باستحياء : السلام عليكم .

- وعليكم السلام و رحمة الله .

كان هذا جواب ثنائي أضافت أم عصام بعده : ما شاء الله تبارك الله ، لقد كبرتِ كثيرًا يا سارة .

صافحتها و جلست إلى جانب أمها بخجل .

 

كان الحديث عاديًا روتينيًا كأي زيارة أخرى ، آثرت سارة أن تخرج من الغرفة لعل أم عصام لا تريد الخوض في الأمر بوجودها معهما ، استأذنت و اتجهت إلى غرفة الجلوس لتتصل بأصايل التي كانت تعاني مشكلة جديدة ..

 

- آآآآه يا سارة ، إنني حقًا لم أعد أتحمل .

- أصايل أرجوكِ لا تفكري بتشاؤم هكذا ، ستكون الأمور على ما يرام .

- أشعر بأن الوضع لن يعود طبيعيًا أبدًا ، لقد كان شجار ضخم .

- إنني ألوم أخوكِ ، ليس من اللائق أن يصرخ على خاله .

أجابتها بحدة : لا ، إنني لا ألومه ، إلى متى سنتحمل مضايقات خالنا يا سارة ، أراهن على أنكِ تستطيعين التحمل إن كنتِ معنا !

 

سكتت سارة و هي تمسح على شعر حلا التي اندست في حضنها ، و تنهدت أصايل ثم غيرت الموضوع : هل تصدقيني إن قلت لكِ بأني حلمت بدلال ؟

- أوه ، حقًا ؟ كيف كان الحلم ؟

- لقد كان كابوسًا بالفعل ، كانت دلال تجري بسرعة شديدة و تتلفت خلفها بذعر ، كانت تائهة خائفة ، ثم وقعت فجأة من جبل عالٍ و كانت تصرخ ثم استيقظت مفزوعة .

- ياله من حلم غريب !

- نعم ، غريب جدًا .

- أليس من الممكن أن يكون هذا حالها ؟

- كيف ؟

- أن تكون تائهة و خائفة أو أن هناك ما تخشاه .

- إنني أتمنى هذا بالفعل ، كم أكرهها .

 

التزمت سارة الصمت ، و قالت فجأة منهية الحديث : سأترككِ الآن ، يبدو أن أم عصام سترحل .

- حسنًا ، لا تنس موافاتي بالأحداث المهمة .

- سأفعل إن شاء الله ، مع السلامة .

 

وضعت سماعة الهاتف في مكانها ، و لبثت في مكانها لبضع دقائق تفكر في هذا الحلم العجيب نوعًا ما ، إنها لا تعرف كيف تفسر الأحلام و لكن في بواطن نفسها كانت تشعر بأن دلال تعاني ، و لكن لمَ ؟ و لماذا ؟ و ما السبب ؟ تذكرت انكسارها و ذلها يوم حضرت زوجة والدها إلى المدرسة ، فهل لها علاقة بسبب حزنها ؟

 

- حلا ، لنصعد إلى غرفتي ، سأعلمكِ كيف تصنعين وردة صغيرة بالورق .

هتفت بحماس : حقًا ؟

ابتسمت بحب : نعم ، هيا بنا .

صدرت من حلا صيحة عالية : راااائع ، ثم أمسكت بيدها ، و صعدا معًا على درجات الدرج بمحبة .

 

***

 

في شارع واسع يلفه الظلام ، تناثرت بعض أعمدة الإنارة ذات الإضاءة الخافتة على جانبي الطريق بنظام ، لم يكن وليد يسمع سوى مواء القطة البيضاء الصغيرة التي تسير بمحاذاة سيارته و هو يقود السيارة ببطء هائمًا على وجهه ، لا يدري أين يذهب ؟ أو ماذا يفعل ؟ أوقف السيارة على جانب الطريق و خرج منها ، تناول القطة الصغيرة التي استكانت في كفيه باطمئنان و ابتسم ثم تمتم عائدًا للسيارة : ليت لي شخًصا يحتويني كما احتويك بيدي الآن !

 

وضعها بحذر على المقعد بعد أن غطاه بالمناديل الورقية ، و همس لها بحنان : هل أنتِ جائعة ؟

كان أشبه بالمجنون تمامًا حينما اشترى لها علب تونة و علب لبن و زجاجة ماء في حين اشترى لنفسه حلوى حامضة و دفع الخمسين ريالًا .

 

اتجه إلى حديقة مهجورة ، من المفترض أنه سيتم إزالتها قريبًا لبناء مركز تجاري في موقعها ، وضع القطة أرضًا أمام البوابة الحديدية برفقة علبة تونة و علبة لبن ، ثم قفز من فوق السور إلى الداخل ، فتح البوابة و ادخل القطة و الطعام ثم أغلقه مجددًا بحذر شديد .

 

كانت الحديقة أشبه بمقبرة للموتى ، عدا أن بعض الأشجار لا تزال صامدة بكبريائها و لم تتزعزع ، ممرات الحديقة كثيرة و متفرعة و ناعمة كذلك لتسهيل رياضة المشي أو الجري ، اتجه إلى منطقة الألعاب الرملية و وضع القطة أرضًا بعد أن فتح لها العلبتين أمامها ، و ركب الأرجوحة ثم راح يتأرجح بهدوء و شرود و قلبه يتمزق على إيقاعات صرير الأرجوحة المزعج .

 

هاهنا على الأرجوحة ذاتها كان والدي يلاعبني فأصرخ به قائلًا : كفى يا أبي كفى لقد أصبت بالدوار ، هكذا قال موجهًا حديثه للقطة ، و انحدرت على وجنتيه دمعات ساكنة سكون الهواء من حوله ، أصدرت القطة مواء خفيفًا و كأنها تشاركه حزنه ، فجلس بجانبها متربعًا و راح يتأملها بإعجاب و هي تتمسح به ، مسح عليها بيده ، ثم احتضنها و استلقى بجانبها على ظهره ليرى القمر بلمعانه في السماء الداكنة ، ابتسم و ابتسم القمر و ابتسمت القطة ثم نام يحلم بفرج قريب .

 

 

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

مسك الحبيبــــــــــه

 

وعليكِ السلام و رحمة الله و بركاته

أنتِ الجميلـــه ، جزاكِ الله خيرًا ♥♥

متابعتكِ تسعدني كثيرًا (^_^)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

 

جزء اليوم قصير جدا

 

عايزين ننهي الرواية قبل رمضان *_^

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

أمة الرحمن + هدايات

 

جزاكما الله خيرًا

سعيدة جدًا بمتابعتكما ♥♥

سأضع جزءًا اليوم ، ثم نكملها بعد رمضان إن شاء الله (^_^)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

 

الفصل السادس

(6)

 

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

 

 

في صباح اليوم التالي لقي وليد التوبيخ الكافي من خاله ، و من أصايل كذلك التي باتت ليلتها بقلق تحلم بكوابيس مرعبة عن اختطاف الفضائيين لوليد ، و هجوم الأسد عليه حينما كان يتمشى في الغابة ! و إلى آخره من تلك الكوابيس الخيالية .

 

- بربك وليد ، ما معنى هذا ؟ إنك لم تحل المشكلة ، على العكس تمامًا لقد تفاقمت إلى مشاكل عديدة ، لمَ فعلت ذلك ؟

- أصايل أرجوكِ لست مستعدًا لتلقي المزيد من التوبيخ .

- أريد أن أعرف لماذا فحسب ؟

 

حينها انطلق مواء القطة الواهن من مقعد السيارة الخلفي ، فارتعدت أصايل و هي تصرخ : ما هذا الصوت ؟

نظر وليد إلى الخلف : إنها ماو !

- ماو ؟

- القطة .

- أية قطة ؟

- لقد وجدتها في الطريق بالأمس ، كانت رفيقتي .

- آه ، إنك تستفزني بالفعل يا وليد ، ألا تعلم أن القطط تصيب بالأمراض خاصة تلك التي تكون في الشوارع .

- لا بأس سأتركها في الحديقة و أزورها متى احببت .

 

التفتت أصايل إلى الخلف ، كانت القطة تنظر لها بعيونها السماوية الثاقبة ، جسمها هزيل نوعًا ما ، خالص البياض ، يبدو عليها الغباء و السذاجة كما حال جميع القطط .

 

- إنها جذابة ، أليس كذلك ؟

نظرت له بخبث : أراك وقعت في حبها !

 

ضحك بسعادة يحاول جاهدًا صرف الحزن عنه ، و ابتسمت أصايل بإشفاق ، لم تفتح معه الحديث مرة أخرى فلم تكن مستعدة لرؤية وجهه العابس بعد أن ابتسم أخيرًا .

 

***

 

في المدرسة لم تكن سارة قد وصلت بعد ، جلست اصايل على مقعدها بشرود و لم تعر أي اهتمام لدلال التي وقفت أمامها تكلمها ، و بالرغم من شرودها التام إلا أنها لمحت نبرة دلال المتغيرة الواهنة .

 

- أصايل ، أتسمعينني ؟

رفعت أصايل نظرها بصعوبة ، كانت عيناها ملبدة بالدموع ، صرخت بها : ماذا تريدين ؟

تفاجأت دلال من ردة فعلها و دموعها فسألتها : لمَ تبكين ؟

- لا شأن لكِ بي .

تنهدت دلال بعمق و همست : لا أحد لا يعاني من المشاكل ، يا لها من حياة تعيسة !

 

رحلت من أمامها تاركة علامة استفهام كبيرة بجانبها علامة تعجب ؟! أتلك دلال حقًا ؟ الوحش المتنكر ؟ ( اللي بايعة الدنيا باللي فيها ؟ )

 

رمشت أصايل بعينها و مسحت دموعها بهدوء ثم نظرت لمقعد دلال الخالي ، و فضلت الظن بأنها كانت تحلم فحسب .

 

***

 

- و الآن احكي لي ما حدث بالضبط .

- آه ، مسكينة دانة يا أصايل ، مسكينة للغاية .

- بربك سارة هيا تكلمي .

ضحكت سارة : حسنٌ ، أنتِ تعلمين بأن والد دانة كان غريب الأطوار دومًا ، و ليس متدينًا كوالدتها ، حينما سافروا إلى أمريكا توفرت له كافة وسائل الـ ... ، أنتِ تعلمين ما أقصد ، لم يكن لديه وازع ديني يردعه فسقط في الهاوية ، الخمر ، الربا ، التسكع مع الأصدقاء ، إنها حياة الجميع هناك و لم تكن أفعاله منتقدة .

 

انطلقت منها آهة و حثتها أصايل على الإستمرار فبعثرت نظراتها على المكان من حولها و أكملت : تشاجرت أم عصام مع زوجها بطبيعة الحال ، سلك عصام طريق والده ، و لم تستطع والدته إثناؤه أو نصيحته .

 

- أما يوسف فقد مات !

شهقت أصايل التي طالما كانت تحب ملاعبة يوسف الصغير و مداعبته : إذن فقد كانت الرسالة صحيحة !

أومأت سارة برأسها : نعم ، اختطف المجرمون شاحنة المدرسة و اعتقلوا أطفال الأغنياء لأجل الفدية ثم حرقوا الشاحنة بمن فيها من الأطفال في مكان لإلقاء النفايات بعيدًا عن التجمع السكني .

 

- يا إلهي ، إنهم وحوش !

دمعت عينا سارة : بل أكثر من وحوش ، كيف طاوعهم قلبهم بفعل ذلك ؟ إنهم أطفال أبرياء .

ربتت على كتفها متعاطفة : قلوب هؤلاء من حجر ، ليست كقلوبنا حبيبتي .

وافقتها سارة : نعم ، ثم إن دانة هي الوحيدة الصامدة الآن بين والدها و شقيقها بعد رحيل والدتها عنها ، أخبرتني أمي بأن أم عصام تحترق لأجل أبنائها .

 

- مسكينة !

- مسكينة جدًا ، لقد سعدت كثيرًا بأمي و ارتاحت عندما شكت لها حالها .

حينها تذكرت أصايل أمر دلال صباحًا فأخبرت سارة به ، تبسمت سارة برضا و تمتمت : دلال المسكينة ، أرجو من الله أن يهديها و يسعدها .

 

من خلفهما تبسمت دلال بحزن حينما سمعت كلام سارة ، و تساقطت من عينها دمعة يتيمة كيتمها في الحياة !

 

و دوى رنين الجرس في الممرات معلنًا بدء الدرس الرابع فدخل الطالبات إلى صفوفهن بتذمر و تأفف ، إنه الوضع الروتيني البحت ، الدروس الثلاث الأولى يكابدن فيها النوم و الجوع ، وقت الراحة وقت سعادتهنَ و لهوهنّ ، الدرس الرابع تأفف و تذمر ، و الخامس أحلام يقظة ، ثم الصلاة و اللعب ، أما السادس فمشاكسات و مشاغبات و الأخير السابع فقدان الطاقة و النوم بعيون مفتوحة !

 

***

 

- إنه قراري الأخير و لن أتخلى عنه .

- وليد ، هل تعلم قدر المشاكل التي ستحدث بسبب هذا ؟

- أنتِ تتخيلين فحسب ، خالي و زوجته لا يبقيان علينا كما تتصورين ، كما أنني لا استطيع التحمل لأكثر من هذا ، ستكون الشقة خالية بعد أسبوعين كما أخبرني المسؤول هناك .

 

سكتت أصايل ، فهي لا تستطيع إنكار ذلك ، و لكن أن يؤجر وليد شقة لهما ليسكنان فيها يبدو أمرًا غير معقول ، بل إنه أمر مجنون تمامًا ، نظرت لوليد الذي يداعب القطة بسرور و يضحك لمحاولتها الفاشلة في الحصول على الكرة من يده ، تبسمت : لا بأس وليد ، إن كان هذا رأيك فهو رأيي أنا أيضًا ، متى سنرحل ؟

 

تهلل وليد فرحًا ، و قال : الآن !

- الآن ؟

ضحك لاستنكارها : أقصد نذهب للاتفاق مع المسؤول .

- أها ، لقد أفزعتني ، هيا بنا .

 

دلفت إلى غرفتها ، تناولت صورة والديها بين يدها و ضمتهما إلى صدرها الملتهب بالحنين ، و لوعة الفراق تلازمها ، ثم اتصلت بسارة لتطلعها على آخر المستجدات قبل أن تذهب مع وليد .

 

***

 

- دلال ، أين أنتِ ؟

- أنا هنا .

 

دخل مروان إلى المطبخ ، كانت تحاول جاهدة إعداد أقراص الدونات الهشة بمفردها دون مساعدة أحد ، اقترب منها و ابتسم : ماذا تفعلين ؟

 

- لا شأن لك بهذا ، سأعده بنفسي و لست بحاجة لنصائحك

- يا الله ماذا بكِ ، كان سؤالاً فحسب

- و قد أجبتك !

 

ضحك مروان و هو يهم بالخروج من المطبخ ، " عساه خيرًا " هكذا قال و استلقى على الأريكة واضعًا رأسه على حجر والدته ، إنه صغيرها السمين المدلل .

 

منذ بدأت دلال بالإقامة في منزل جدتها و خالها تغيرت للأفضل قليلًا ، إلا أنها لا تزال تتألم بصمت ، فوالدها و زوجته على ما يبدو سيقيمان في ماليزيا من الآن فصاعدًا ، أما سالم شقيقها الصغير لا تراه كثيرًا لانه مشغول دائمًا مع المربية ، و لذلك هي وحيده ، و تقضي معظم الوقت بمفردها .

 

***

" يا لها من حياة تعيسة " !

أليس هذا ما قالته ؟ لم يبدو أمرها لغزًا صعبًا ؟

كانت سارة تحاول جاهدةً التفكير للوصول إلى حل مرضي يبعث دلال على نطق تلك الجملة ، كانت تعلم من قبل أن حياتها ليست بالسعيدة و لكنها لم تتصور أن تكون حياتها تعيسة كما قالت !

 

تقلبت على فراشها بقلق ، لم تتصل بها أصايل بعد عودتها من الخارج كما وعدتها أن تفعل ، أم أنها لم تعد بعد ، لا يعقل هذا ، إنها الساعة الحادية عشر الآن ، نظرت إلى المنبه باضطراب ثم أزاحت عنها الغطاء ، توضأت ، تطيبت ، و في ركن الغرفة استقبلت القبلة ، و رفعت يداها حذو أذنيها : " الله أكبر " .

 

 

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

شريرة إنتِ

 

وعليكِ السلام و رحمة الله و بركاته

 

لست شريره ;-)

من المستحيل إنهائها قبل رمضان فقد تبقى 20 فصل !!

لذلك من الأفضل تأجيلها حتى إنتهاء الشهر الكريم (^_^)

ربي يسعدك غاليتي .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

شريرة إنتِ

 

وعليكِ السلام و رحمة الله و بركاته

 

لست شريره :closedeyes:

من المستحيل إنهائها قبل رمضان فقد تبقى 20 فصل !!

لذلك من الأفضل تأجيلها حتى إنتهاء الشهر الكريم (^_^)

ربي يسعدك غاليتي .

يا الله هي كبيرة لهذه الدرجة

 

طب على الأقل أطيلي الجزء قليلا ولا تجعليه قصيرا

 

أمرنا لله

 

أحداث هذه القصة جميلة ما شاء الله ولكنني أحيانا يلتبس علي الأمر بسبب أحداث القصة القديمة ففيهما بعض التشابه

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

,,

السَّلام عَلَيكُم وَرَحمَۃ اللَّـہ وَبَرَكَاتُـہ ..

 

وَتَستَمِر الحَيَاة ..

لِنَرَى الرِّوَايَۃ تَظهَر مِن جَدِيـد ..

وَبِحُلَّۃٍ جَدِيدَة ..

 

لَم أَنتَبِـہ لِرِوَايَتِڪِ سِوَى الأَمس !

تَقَدُّمُڪِ فِي الكِتَابَۃ بَدَا جَلِيًّا مُنذ البِدَايَۃ ..

وَالحَبكَۃ أَصبَحت أَقوَى ..

كَمَا أَن سَردَڪِ لِلأَحدَاث بِطَرِيقَۃٍ أَدَبِيَّۃٍ جَعَلَهَا أَروَع ..

 

مُتَابِعَۃ بِإِذن اللَّـہ لِجُزء اليَوم >> وَاثقَۃ إِن فِيـہ جُزء اليُوم :mrgreen:

وَلِلبَقِيَّۃ بَعد رَمَضَان بِإِذن اللَّـہ أَيضًا ~

 

الجُ ـمانة

post-31583-1235585597.gif

post-31583-1235403415.gif

,,

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

ماشـآء الله .. تباركَ الله ،

رآئعه جداً ياحبيبه :)

سلِمت أناملكِ على هذهِ الروايه الجميله ، باركَ اللهُ فيكِ وفي قلمكِ ,

 

من المتابعات بإذنِّ الله (=

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

 

وأخيراً ظهرتِ حنين !

مدهشْ !

عندما قالت لي أختي عن روايتكِ قرَرت ألّا أبدأ بقراءتها إلا بعد أن تنتهي منها، لكنّ سرعان ما تلاشى ذلك القرار عندما قرأت أول حرفٍ هُنا ^^

أحداثٌ رائعة رغم محبتي لروايتكِ الأولى لكنّ أسلوبكِ الجديد أفضلُ بكثيرٍ من تلك = )

والأهمّ من كلّ شيء أنّ نهايتها مكتوبة :-

 

بانتظاركِ مع الجزء القادم ..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

أختي / هدايات

 

وعليكِ السلام و رحمة الله و بركاته

تسعدني متابعتكِ

جزاكِ الله خيرًا

 

غاليتي / جمونــــــه

 

و عليكِ السلام و رحمة الله و بركاته

كنت أنتظر مروركِ بشغف ♥♥

و اعذريني لعدم انتباهي لردكِ مبكرًا :/

حقًأ .. أتمنى أن تكون الرواية كما وصفتيها

و أن تنال نهايتها على رضاكم (^_^)

تسعدني كثيرًا متابعتك ♥♥

و لأجلكِ .. أنتِ و لجون سأضع جزء جديد اليوم

حبي لكِ ♥♥

 

حبيبتي / زهورة

 

وعليكِ السلام و رحمة الله و بركاته

أنتِ الرائعـــــه ♥♥

جزاكِ الله خيرًا على كلامكِ اللطيف

سعيده بمتابعتكِ (^_^)

 

عزيزتي / لجونـــــــه

 

وعليكِ السلام و رحمة الله و بركاته

كنت انتظر مروركِ بشغف أيضًا ♥♥

يسعدني كثيرًا أنها أعجبتكِ

و أؤكد مرة أخرى أن نهايتها مكتوبة ، فلا تقلقي (^_^)

جزاكِ الله خيرًا

حبي لكِ ♥♥

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

 

الفصل السابع

(7)

 

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

 

 

- مرحبًا بالــ ( مطوّع )

كانت نبرته الساخرة واضحة ، لكنه ابتسم بحبور : مرحبًا بك لؤي ، ما أخبارك ؟

 

لؤي هو عضو في " شلة سالم " ، شاب نشيط وسيم له شعر أسود طويل ينسدل على كتفيه ، و هو في الحقيقة صديق سالم المقرب !

 

- ( فاين ) ، و أنتَ ما أخبارك ؟

- بخير و الحمد لله ، اعذرني لؤي فمحاضرتي ستبدأ بعد دقيقتين .

حرك لؤي كتفه : لا بأس ، اذهب .

- في حفظ الله .

 

وقف لؤي حائرًا ، إنه يبدو عاجزًا تمامًا أمام ابتسامة وليد وصفاء قلبه ، و من داخله كانت نقطة بيضاء تحاول الحصول على حريتها ، تتمنى لو أن لها تلك الراحة البادية في قسمات وجه ( المطوّع ) وليد و لكن تلاشى إحساسه سريعًا عند رؤية سالم و إخراجه للسيجارة من جيب بنطاله !

 

- ماذا كان يقول لك هذا الماكر ؟

أجابه وليد : كان يسألني عن أحوالي فحسب .

نظر له مروان بشك : غريبة !

تبسم : و ما الغريب فيها ؟

- حسنًا ، إنه لؤي كما تعلم ، حبيب سالم .

- ليهديهم الله .

- آمين .

 

كانا في طريقهما إلى قاعة المحاضرات ، وليد يسير بخطوات سريعة متباعدة واثقة ، أما مروان فقد كان يجاهد رجلاه على الإسراع للحاق بوليد ، قال مستاءًا : وليد ، ما بالك و كأنك تطير فوق الأرض ؟

ضحك وليد : أنت تعلم بأني لا أحب التأخر عن المحاضرة .

تضجر مروان : نعم أعلم ، هيا سر ، سر بسرعة تبقى خمس و خمسون ثانية ، أربع و خمسون ، ثلاث و خمسون ، اثنان و خمسون ، واحد و خمسون ، خمسون ، هيا أسرع ، سبع و أربعون ، ست و أربعون ، خمس و أربعون ، وصلنا

 

التفت له وليد : إنك مخبول !

صاح بغباء : أحبك وليدي .

ابتسم وليد محرجًا : أحبك الله ، و اتجه إلى مقعد خالي بالصف الأمامي ، أما مروان فقد جلس في الصف الأخير .

 

***

 

- هالة ، يجب أن تهدئي ، لا داعي للتهور .

- إنني هادئة و لكن .. إنهم أطفالي كما تعلمين .

- انتظري لحين يأتي الفرج .

- لقد انتظرت كثيرًا ، أشعر بأن الوقت قد حان لأفعل شيئًا .

 

تنهدت أم خالد ، هل عليها إثناء صديقتها عن قرارها بأن تعود إلى أمريكا و تطلب من زوجها الطلاق لتأخذ معها أبنائها ، ماذا لو أن زوجها لم يوافق على شروطها ؟ أو أنه عاند معها و لم يطلقها ؟ إن الأمر بأكمله شائك للغاية و لكن لا مشكلة من التجربة .

 

- حسنًا هالة ، استخيري مرة أخرى و افعلي ما ترينه مناسبًا ، الله معكِ و لن يخذلكِ .

- جزاكِ الله خيرًا حبيبتي ، إنني بالفعل عاجزة عن تقديم الإمتنان لكِ .

 

انتهت المحادثة ، و دخلت سارة على أمها باسمة : هل كانت الخالة أم عصام ؟

أومأت الوالدة برأسها ، فسألتها سارة : هل من جديد ؟

 

- ستسافر إلى أمريكا !

صرخت بذهول : ماذا ؟

 

صعدت إلى غرفتها لتأخذ قسطًا من الراحة ، بعد أن أيقنت في نفسها بأن الفرج قريب ، ستعود دانة إلى الوطن ، و ستكون الأمور على ما يرام بقدرة الرحمن الودود .

 

أما أم عصام فقد ابتسمت بحبور ، كانت عازمة على أن تنفذ قرارها بعد أن استخارت الله ، و لم يكن استشارتها لأم خالد إلا لأجل أن تجذبها إليها ، علها يومًا تستفيق كما استفاقت هي من قبلها ، أم خالد صديقتها منذ زمن ، عاشا معًا تجارب الحياة الجامعية ، حياة لاهية غافلة كحياة أي فتاة أخرى في عمر الزهور ، استقامت هالة في حين تزوجت زينب بالشاب الطبيب الثري .

 

***

 

- دانة ، دانة ، أين أنتِ ؟

انتفضت في مكانها و هرعت لفتح الباب ، كان يقف بقرب الدرج و قد ارتسمت على وجهه ملامح غاضبة تعكس قسوة قلبه ، ابتسمت بارتباك : هل ناديتني ؟

 

زفر بغضب : أصدقائي سيجتمعون عندي الليلة ، نظفي غرفة الضيوف و رتبي زجاجات العصائر فيها .

قال هذا ثم رحل سريعًا ، تسلل الخوف إلى قلبها ، و همست بسخرية : عصائر ؟! و كأني لا أعرف أفعالك أبي .

 

الليلة بالتأكيد يحق لها أن تخاف و تهلع ، و سيكون الأرق رفيقها حتمًا ، انتهت من تنظيف الغرفة ثم تناولت الزجاجات جميعها ففتحتها واحدة تلو الأخرى و سكبت ما بها في البالوعة !

 

إنها لم تكن لتساعد والدها في شيء كهذا ، و إن كان لا يجدي الكلام فإن التصرف الفعلي لابد منه ، بلعت ريقها بصعوبة ، و صعدت إلى غرفتها جريًا و أغلقتها بالمفتاح ، ثم ارتمت على فراشها تبكي بجنون .

 

***

 

جلست دلال في شرفة المنزل الكبيرة و قد وضعت سماعات مسجلها الصغير في أذنيها ، كانت تستمع باهتمام و تأثر واضح حتى أنها لم تشعر بوجود مروان أمامها ، تأمل مروان مدى انشغالها بما تسمعه و تعجب لهذا ! إنها دومًا تستمع إلى الأغاني الماجنة و ترقص على نغماتها فلمَ هذا التأثر الآن ؟

 

انتبهت لوجوده ففغرت فاهها ببلاهة : من أين أتيت ؟

قال ساخرًا : من الباب .

- حقًا ؟ لم ألاحظ دخولك برغم كبر حجمك .

 

قهقه مروان ، فقد أعجبه هذا الإستهزاء المؤدب ، وقفت دلال في مكانها : سأحضر كوبًا من العصير ، لا تلمس شيئًا .

 

حرك كتفيه بلامبالاة و اسند ظهره على المقعد بارتياح ، و لكن فضوله لم يدع الأمر ينتهي إلى هنا و ببساطة بأن يسمع كلام تلك الطفلة المدللة ، تناول المسجل و وضع السماعات في أذنيه ، فوجأ بأنه درس ديني ! خلع عنه السماعات و أخرج الشريط الذي كان بعنوان ( توبة صادقة ) إنه للشيخ خالد الراشد .

 

وقفت دلال أمامه وقد عقدت حاجبيها : ماذا تفعل ؟

نظر لها ببراءة و أشار على الشريط : إنه رائع .. هذا الشريط ، إنني أحبه كثيرًا .

خطفته دلال من يده : قلت لك لا تلمس شيئًا .

- من أين حصلت عليه ؟

شردت لهنيهة ثم تناولت المسجل و وضعت به الشريط : لقد وجدته بداخل طاولتي المدرسية .

 

رمش مروان بعينيه ، و لم يستوعب كلمتها إلا بعدما رحلت من الشرفة تاركة وراءها أملًا كبيرًا راح يداعب قلب مروان الطيب .

 

( سكون تام ، صمت مطبق ، أذني لا تسمع شيئًا سوى صوت أنفاسي اللاهثة ، افتح عيني ، أرى الظلام الدامس و أغلقهما من جديد ، فلا فائدة منهما ، أسير ، أهرول أحيانًا ، و لا أدري أأتجه شرقًا أم غربًا ، جنوبًا أم شمالًا ، إنني فحسب أحيا لأنني مجبرة على ذلك .

 

التائهة : دلال )

 

أغلقت الدفتر بقسوة و رمت به على الحائط ، اصطدم بالجدار ، تقلبت صفحاته بفوضوية و حط رحاله على الأرض ، أجهشت ببكاء حاد ، قلبها يتمزق ، متعطش لشيء ما ، كانت تظن في البداية أنها تحتاج للآخرين بعدما توفيت والدتها و تزوج والدها بتلك الزوجة القاسية ، لجذب انتباههم ، استرجلت و حصلت بذلك على الكثير من الصديقات ذوات النفوس الخبيثة ، و أصبحت حياتها الإجتماعية لا بأس بها ، الجميع يظهر لها الحب و الإهتمام ، ( حسبت الدنيا سعيدة بالهيسة و اللّمة و الخروجات اليومية مع رفيقاتها ) ، عائلتها ثرية مرموقة ، تحصل على كل ما تريده ، تفعل ما تشاء ، لا حدود لشيء بالنسبة لها ، فهي تعمل بكل ما يمليه عليه هواها ، و لكن الفراغ الروحي بداخلها لم يمتلأ بعد ، إنها تفتقر لشيء ما لا تعرف ماهيته ، تريده بشدة ، تحتاجه ، و لكن ما هو ؟ هذا هو تيهها الأعظم و صراعها النفسي الشائك .

 

- دلال .

رفعت رأسها ببطء ، و تعلقت عيونها بعيونه الدامعة ، انكسر قلبها لأجله ، فهمست برقة و قد مدت يدها إليه : تعال عزيزي .

هرول إليها و ارتمى في أحضانها يبكي و ينتحب : أين ذهب أبي ؟

مسحت على شعره بهدوء و ضمته بقوة إلى صدرها : أرجوك سالم ، لا تبكي يا صغيري ، لا تبكي كي لا أبكي معك .

 

***

 

ليلًا وسط السكون الذي عمّ أرجاء المنزل ، ساعد وليد أصايل على حزم حقيبتها بعد أن جمعت فيها كل ممتلكاتها ، سيرحلون إلى منزل صغير بعد يومين شاء أم أبي ذلك الخال المتعجرف ، إنه قرار وليد الأخير و قد اتخذه بحزم و قوة و لا سبيل لثنيه عن فعل ذلك .

 

أمسكت أصايل صورة والديها : كم أنا مشتاقة لهما يا وليد .

تناولها وليد من يدها ، و راح يتأمل فيهما ، ابتسامة والده الطيبة و نظرة أمه الحنونة ، و كأن كل رحمة البشر قد تجمعت فيهما ، شدد قبضته عليها حتى كاد يقطعها ، و أخيرًا هوت يداه و انحدرت دموعه ، لم يستطع كبتها أكثر من ذلك ، شاركته أصايل البكاء بصمت ثم همست بصوت مبحوح : وليد ، لا تبكي ، لا تبكي أرجوك ، إنني أستمد قوتي منك .

 

مسح وليد دمعاته ، و استنشق الهواء بعمق ثم زفره بارتياح : أنا آسف ، لكني أفضل الآن .

نظر لأصايل و تمزق قلبه لرؤيتها على تلك الحالة فقال مخففًا : لا تحزني ، سنلقاهم في الجنة بإذن الله .

 

تمتمت أصايل مؤكدة : في الجنة بإذن الله .

و شقت البسمة طريقها وسط الدموع ، بسمة وديعة واهنة تحدت الحزن مجددًا ، و دفعت للروح الأمل .

 

 

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

 

الفصل الثامن

(8)

 

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

 

 

- إن آلام معدتها ربما تعود إلى سوء حالتها النفسية .

- و لكنها تتقيأ أيضًا !

- أعلم بهذا ، و لكن معدتها سليمة تمامًا ، لا يبدو عليها أي مرض .

 

سكت عصام على مضض ، و لم يقتنع بكلام الطبيب الذي سأله ليؤكد صحة تشخيصه : أخبرني هل تعاني من فقدان الشهية ؟

 

تردد عصام في الإجابة ، حاول أن يتذكر إن رآها تتناول شيئًا من الطعام وقت وجوده بالمنزل ، و لكن ذاكرته كانت مدمرة : لا أدري ، ربما نعم و ربما لا !

 

- كما أن هناك بعض الجروح و الكدمات في ذراعها و ظهرها كما أخبرتني الممرضة .

- آآآ .. ريما تكون قد وقعت من أعلى الدرج .

 

استنكر الطبيب ذلك الجواب المبهم ، و لم يرتاح له ، تناول رزمة الأوراق البيضاء ، و راح يكتب عليها بخط سريع متشابك ثم سلمها لعصام ، تناولها منه فقال الطبيب : اتركها في المشفى لبقية اليوم على الأقل ، سنحاول قدر استطاعتنا تشخيص حالتها بدقة .

 

ابتسم عصام ممتنًا لحرص الطبيب على مرضاه ، ثم خرج من المشفى إلى سيارته ، ركبها ، أغلق بابها بعنف ، و انطلق يجوب شوارع المدينة متململاً ، و مصدومًا في الآن ذاته ، تذكر محادثة والده الأخيرة له ، أخرج بطاقة الدعوة إلى العرس من جيب بنطاله ، فتحها ، و وجد اسم والده ملاصقًا لاسم ( ياسمين ) ، شعر بالإهانة ، لم يملك أعصابه ، كور البطاقة بعنف و رماها من النافذة لتدوسها إطارات الشاحنة خلفه ، هذا ما يليق بها على أية حال ، كان مشفقًا على دانة التي ستنهار تمامًا حينما تعلم بهذا ، تذكر كيف وجدها في المطبخ و قد فقدت وعيها أثناء إعداد الطعام ، و لولا خروجه المبكر من الجامعة اليوم لكان المنزل قد احترق بما فيه !

 

في غرفة من غرف المشفى المتلاصقة ، فتحت دانة عيناها ببطء ، اعتدلت بفزع و نظرت حولها مذهولة : أين أنا ؟

 

أعادتها الممرضة بحنان إلى وضع الإسترخاء : لا تقلقي ، أنتِ بالمشفى ، لقد حملكِ شقيقكِ إلى هنا بعد أن فقدتي وعيكِ .

 

حاولت دانة أن تتذكر ما حدث ، و لكنها لم تستطع ، لقد كانت في المطبخ تعد طعام الغذاء تفكر فيما حدث ليلة البارحة حينما لم يجد والدها زجاجات الخمر فسبها و ضربها .. ثم لم تشعر بشيء بعدها ، قالت الممرضة : لا تجهدي نفسكِ بالتفكير ، استلقي فحسب و أريحي فكركِ طالما أنكِ هنا .

 

ابتسمت لها الممرضة بإشفاق لوجهها الشاحب المصفر و عيونها المجهدة ، ثم أردفت : سأنادي الطبيب حالًا ليراكِ .

 

خرجت من الغرفة ، و أجهشت دانة ببكاء مر ، انهمرت دموعها بلا قيود تمنعها ، و علا صوت نحيبها المتقطع ، ازدادت شهقاتها ، لم تستطع السيطرة على دموعها التي كانت تتساقط من وراء جفنيها بتتابع سريع ، فجأة دخلت الممرضة تسبق الطبيب إلى الغرفة و هرولت إلى دانة بقلق : هل أنت بخير آنسة دانة ؟

 

- أنا .. أنا أكرهه ، لا أريده ، أريد أمي .

لم تتحرك الممرضة و نظرت للطبيب بتوجس ، فهز رأسه مشفقًا و أيقن بأنها حالة نفسية ليس أكثر ، و لكنه قام بإجراء الفحوصات اللازمة جميعها بدقة و وضوح ، و لم يجن شيئًا أكثر مما جناه في المرة الأولى .

 

انتهى و أشار للممرضة بأن تناولها حبة دواء مسكن لآلام المعدة و لكنها أبت أن تأخذه : لا ، لن آخذ شيئًا منكم .

 

- لمَ عزيزتي ؟ ، إنه مسكن لآلام المعدة .

ترددت دانة و تملقت في وجه الممرضة الهادئ : لا أدري ، ربما كان نوعًا من أنواع المخدرات كما أني بخير الآن .

 

تقدم إليها الطبيب باتزان : إن كنتِ بخير ، فهل لكِ أن تتبعيني إلى مكتبي ؟

كان الطبيب مسلمًا مؤدبًا للغاية ، في الأربعين من عمره تقريبًا ، أومأت له دانة برأسها ، ثم خرج من الغرفة تتبعه الممرضة .

 

عدلت دانة من ملابسها ، كانت تلبس تنورتها السوداء الواسعة على قميصها الأبيض ، لمحت معطفها الأسود الطويل على مؤخرة الفراش فالتقطته و لبسته بإحكام ، ثم عدلت من حجابها المحكم على رأسها و خرجت ، وجدت الممرضة في انتظارها ، فاتجهت معها إلى غرفة الطبيب ، دلفت إليها : السلام عليكم .

 

نظر لها الطبيب مبتسمًا من فوق نظارته : وعليكم السلام .

ثم بإشارة منه على المقعد : تفضلي بالجلوس .

جلست باحتشام بعدما اطمأنت لوجود الممرضة معهما في الغرفة ، قال الطبيب : دانة ، أليس كذلك ؟

- نعم .

- أخبريني ، هل تعانين من أية مشاكل صحية ؟

- لا .

- و ماذا عن المشاكل النفسية ؟

- مشاكل نفسية ؟

قال مؤكدًا : نعم ، مشاكل عائلية أو نفسية .

 

ارتبكت دانة ، تعجبت لسؤاله ، و آثرت أن تنهي هذا الحديث الغامض : ثمة مشاكل سيحلها ربي القدير ، ثم ما علاقة هذا بعملك ؟

ابتسم لذكائها و فطنتها : أخبرنا أخوكِ بأنكِ كنت تعانين مؤخرًا من آلام حادة في المعدة و قيء مستمر و قد فقدتِ وعيكِ اليوم ، و لم نلحظ عليكِ أي مرض أو سوء و لذلك ظننا بأنها حالة من الاضطراب بسبب بعض الضغوطات النفسية .

 

انقبض قلب دانة ، و همست : أنا بخير ، هل لي أن أخرج الآن ؟

- سأكتب لكِ بعض الأدوية للمعدة و القيء و فتح الشهية أيضًا .

قالت بحدة : لا أريد ، و شكرًا .

 

خرجت من الغرفة بفظاظة ، و تبعتها الممرضة : آنسة ، انتظري يجب أن تحصلي على إذن بالخروج أولًا .

التفتت لها و تسلمت منها الورقة ، قالت الممرضة : يمكنكِ الإتصال بشقيقك من هنا .

ثم أشارت إلى كابينة للاتصالات خارج المشفى ، فشكرتها دانة ثم رحلت بعدما سلمت موظف الخدمة بالخارج ورقة السماح بالخروج .

 

كان الجو باردًا كما هي العادة ، و الشمس أوشكت على المغيب ، الشارع مزدحم ، و الجو خانق مع أنفاس البشر المترددة ، اتجهت إلى كابينة الاتصالات و اتصلت بعصام الذي أخبرها بأنه في الطريق إليها .

 

و بالفعل بعد دقائق كان عصام أمامها بسيارته الحمراء الصغيرة ، ركبت معه و انفجرت بالبكاء ، لم يحرك ساكنًا و لم ينطق ببنت شفه ، و إنما انطلق بالسيارة فحسب .

 

بعد ربع ساعة تقريبًا ، أوقف السيارة بالقرب من صالة للأفراح ، رفعت دانة نظرها أخيرًا ، تلفتت حولها ، كانت ترى هذا المكان لأول مرة ، ناظرت عصام متسائلة فأشار إلى الصالة على جانب الطريق الآخر و قد تراصت أمامها العديد من السيارات الفخمة ، لم تستوعب دانة الأمر فهمس بضعف : إنه عرس والدي !

 

اتسعت عينا دانة و فغرت فاهها مندهشة ، نظرت لعيون عصام مباشرة علها تستدل على كذبه ، و لكنها كانت تنطق بالألم ، بالقهر ، بالصدمة .

 

تأوهت دانة ، و صرخت بجنون ، فأحكم عصام يده على فمها و صاح بها : لا تجذبي لنا الأنظار أيتها الغبية !

انهارت دانة على مقعدها ، و خارت قواها ، بدأ صوتها يضعف تدريجيًا ، و جفت عيونها ، استسلمت لوضعها ، و بدت مستعدة تمامًا لاستقبال الموت ، تمتمت بوهنٍ : عصام ، أرجوك لا تتركني أنت أيضًا !

 

نظر لها عصام متعجبًا ، لم يبد أنها كانت بكامل وعيها حينما نطقت بهذا ، فهي الآن نائمة بسلام ، و قد رفعت العلم الأبيض باستسلام ، لم تعد لديها القدرة على الصبر ، و انتهى الأمر .

 

و أخيرًا وصل عصام إلى المنزل ، أوقف سيارته و أطفأ محركها ، فوجأ بجارهم الطيب " أحمد " يتوجه إليه محييًا : السلام عليكم .

- وعليكم السلام .

كان مرتبكًا على غير عادته ، و قد أمسك بمظروف في يده : هل .. رأيت والدك ؟

ضحك بسخرية و أجابه : لم أره اليوم ، يبدو أنه مشغول قليلًا .

اطرق أحمد برأسه أسفًا و مد يده بالمظروف إلى عصام : إنه من والدك ، لقد طلب مني أن أسلمه لك شخصيًا .

 

تناول منه المظروف : شكرًا لك أحمد ، لابد و أنه طلب منك هذا بفظاظة كعادته .

- على العكس ، بدا سعيدًا للغاية .

ناظره عصام بطرف عينه و همس بحنق : الله لا يسعده !

 

حمل دانة بجسمها الهزيل على يده و أدخلها إلى المنزل ، وضعها على فراش والديه الواسع بحذر ، و جلس بجانبها على المقعد ، فتح المظروف ، كان به بعض المال و ورقة طلاق و رسالة .

 

( عزيزي عصام ، أنا سأتزوج الليلة بتلك الفتاة الرائعة ياسمين ، إنها الزوجة المثالية لي بخلاف أمك الكريهة ، لقد بلغت العشرين من عمرك و أستطيع تركك مطمئنًا على مستقبلك ، أما دانة فإنها تحتاجك فلا تتركها ، و اهتم بها ، ستجد في المظروف بعض المال ، إنه هدية مني لك ، كما أني سأرسل المال إليك بانتظام كل شهر ستجد كذلك ورقة طلاق والدتك في المظروف ، أرسلها لها بالبريد أو افعل بها ما تشاء ، إنها لم تعد زوجتي ، أتمنى لك حياة سعيدة ، أطيب التمنيات من والدك )

 

كان هذا هو مضمون الرسالة .

 

قبض عليها بيده ، و رماها على الجدار غاضبًا ، أي الآباء أنت يا والدي ؟ هكذا تمتم و خرج إلى الشرفة الواسعة ، لفحه النسيم البارد ، نظر إلى القمر المختفي وراء كتل الضباب ، و عزف قيثارة الحلم الشارد ، و الحياة البائسة .

 

 

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

 

أسعدك الباري يا حبيبة

 

أحداث تختلط بين الحزن والفرح

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

 

:) :) :)

اللهم بارك !! وأخيرًا إلى النّور ..

حتمًا لي مكان هنا أرقبُ هذا الجّمال .. بوركت وبورك المِداد أيا غالية.

>> لم اقرأ بعد ، ولكن لم اشأ المُرور دون ردٍ لهذا الترتيب الرّائع الرقيق :)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

ماشـآء الله .. تباركَ الله ،

رآئعه جداً ياحبيبه :)

سلِمت أناملكِ على هذهِ الروايه الجميله ، باركَ اللهُ فيكِ وفي قلمكِ ,

 

من المتابعات بإذنِّ الله (=

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×