اذهبي الى المحتوى
راجين الهدي

معاذ الله إنه ربي

المشاركات التي تم ترشيحها

اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نازعتني نفسي إلى أمر مكروه في الشرع، وجعلت تنصب لي التأويلات، وتدفع الكراهة، وكانت تأويلاتها فاسدة، والحجة ظاهرة على الكراهة.

فلجأت إلى الله تعالى في دفع ذلك عن قلبي،

وأقبلت على القراءة1،

وكان درسي2 قد بلغ سورة يوسف، فاتحتها،

وذلك الخاطر قد شغل قلبي، حتى لا أدري ما أقرأ.

فلما بلغت إلى قوله تعالى:

{قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} [يوسف: 23]،

انتبهت لها، وكأني خوطبت بها، فأفقت من تلك السكرة،

فقلت: يا نفس! أفهمت؟

هذا حر بيع ظلمًا،

فراعي حق من أحسن إليه، وسماه مالكًا، وإن لم يكن له عليه ملك، فقال: {إِنَّهُ رَبِّي} ،

ثم زاد في بيان موجب كف كفه عما يؤذيه،

فقال: {أَحْسَنَ مَثْوَايَ}. فكيف بك، وأنت عبد على الحقيقة لمولى ما زال يحسن

واعلمي أنك لا تصلين إلى ما تحبين حتى تؤثري رضاه على رضاك، وهواه على هواك فيما أحببت وكرهت. والله يخير لك.

إليك من ساعة وجودك، وإن ستره عليك الزلل أكثر من عدد الحصى؟!

أفما تذكرين كيف رباك، وعلمك، ورزقك، ودافع عنك، وساق الخير إليك، وهداك أقوم طريق، ونجاك من كل كيد، وضم إلى حسن الصورة الظاهرة جودة الذهن الباطن، وسهل لك مدارك العلوم، حتى نلت في قصير الزمان رزقك بلا كلفة تكلف، ولا كدر من، رغدًا غير نزرٍ3؟!

فوالله، ما أدري أي نعمة عليك أشرح لك، حسن الصورة، وصحة الآلات؟ أم سلامة المزاج، واعتدال التركيب؟ أم لطف الطبع الخالي عن خساسة؟ أم إلهام الرشاد منذ الصغر؟ أم الحفظ بحسن الوقاية عن الفواحش والزلل؟ أم تحبيب طريق النقل، واتباع الأثر، من غير جمود على تقليد لمعظم، ولا انخراط في سلك مبتدع؟

{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [ابراهيم: 34].

 

كم كايد نصب لك المكايد فوقاك؟

كم عدو حط منك بالذم فرقاك؟

كم أعطش من شراب الأماني خلقًا وسقاك؟

كم أمات من لم يبلغ بعض مرادك وأبقاك؟

فأنت تصبحين وتمسين سليمة البدن، محروسة الدين،

في تزيد من العلم، وبلوغ الأمل.

فإن منعت مرادًا، فرزقت الصبر عنه بعد أن تبين لك وجه الحكمة في المنع، فسلمي حتى يقع اليقين بأن المنع أصلح.

ولو ذهبت أعد من هذه النعم ما سنح4 ذكره، امتلأت الطروس5 ولم تنقطع الكتابة، وأنت تعلمين أن ما لم أذكره أكثر، وأن ما أومأت إلى ذكره لم يشرح، فكيف يحسن بك التعرض لما يكرهه؟! {مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [يوسف: 23].

 

3dlat.net_21_17_7174_49ef958d349b1.gif3dlat.net_21_17_7174_49ef958d349b1.gif3dlat.net_21_17_7174_49ef958d349b1.gif

ابن الجوزي _صيد الخاطر

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×