اذهبي الى المحتوى
ام عبد الودود السلفية

وصف الجنة

المشاركات التي تم ترشيحها

الحمد لله مبلغ الراجي فوق مأموله، ومعطي السائل زيادة على سؤله، المنان على التائب بصفحه وقبوله، خلق الإنسان وأنشأ دارا لحلوله، وجعل الدنيا مرحلة لنزوله، فتوطنها من لم يعرف شرف الأخرى لخموله، فأخذ منها كارها قبل بلوغ مأموله، ولم يغنه ما كسبه من مال وولد حتى انهزم في فلوله، أو ما ترى غربان البين تنوح على طلوله، أما الموفق فعرف غرورها فلم ينخدع بمثوله، وسابق إلى مغفرة من الله وجنة عرضها السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسوله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة عارف بالدليل وأصوله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ما تردد النسيم بين شماله وجنوبه ودبوره وقبوله، صلى الله عليه وعلى أبي بكر صاحبه في سفره وحلوله، وعلى عمر حامي الإسلام بسيف لا يخاف من فلوله، وعلى عثمان الصابر على البلاء حين نزوله، وعلى علي الماضي بشجاعته قبل أن يصول بنصوله، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان ما امتد الدهر بطوله، وسلم تسليما.

 

إخواني: سارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض، فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. قال الله تعالى: {مثل الجنة التى وعد المتقون تجرى من تحتها الأنهر أكلها دآئم وظلها} [الرعد: 53]، وقال تعالى: {مثل الجنة التى وعد المتقون فيهآ أنهار من مآء غيرءاسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرت ومغفرة من ربهم} [محمد: 15]، وقال تعالى: {وبشر الذينءامنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذى رزقنا من قبل وأتوا به متشبها ولهم فيهآ أزوج مطهرة وهم فيها خالدون} [البقرة: 25]، وقال تعالى: {ودانية عليهم ظللها وذللت قطوفها تذليلا * ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا * قواريرا من فضة قدروها تقديرا * ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا * عينا فيها تسمى سلسبيلا * ويطوف عليهم ولدن مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا * وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا} [الإنسان: 14 - 20]، وقال تعالى: {في جنة عالية * لا تسمع فيها لاغية * فيها عين جارية * فيها سرر مرفوعة * وأكواب موضوعة * ونمارق مصفوفة * وزرابي مبثوثة} [الغاشية: 10 - 16]، وقال تعالى: {يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير} [الحج: 23]، وقال تعالى: {عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا} [الإنسان: 21]، وقال تعالى: {متكئين على رفرف خضر وعبقرى حسان} [الرحمن: 76]، وقال تعالى: {متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا} [الإنسان: 13]، وقال تعالى: {إن المتقين فى مقام أمين * فى جنت وعيون * يلبسون من سندس وإستبرق متقابلين * كذلك وزوجناهم بحور عين * يدعون فيها بكل فاكهةءامنين} [الدخان: 51 - 55]، وقال تعالى: {ادخلوا الجنة أنتم وأزوجكم تحبرون * يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكوب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون * وتلك الجنة التى أورثتموها بما كنتم تعملون * لكم فيها فكهة كثيرة منها تأكلون * إن المجرمين فى عذاب جهنم خالدون} [الزخرف: 70 - 74]، وقال تعالى: {فيهن قصرت الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جآن * فبأىءالاء ربكما تكذبان * كأنهن الياقوت والمرجان} [الرحمن: 56 - 58]، وقال تعالى: {فيهن خيرات حسان * فبأىءالاء ربكما تكذبان * حور مقصورت فى الخيام} [الرحمن: 70 - 72]، وقال تعالى: {فلا تعلم نفس مآ أخفى لهم من قرة أعين جزآء بما كانوا يعملون} [السجدة: 17]، وقال تعالى: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خلدون} [يونس: 26]. فالحسنى هي الجنة لأنه لا دار أحسن منها، والزيادة هي النظر إلى وجه الله الكريم رزقنا الله ذلك بمنه وكرمه. والآيات في وصف الجنة ونعيمها وسرورها وأنسها وحبورها كثيرة جدا.

 

وأما الأحاديث فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قلنا: يا رسول الله حدثنا عن الجنة ما بناؤها قال: «لبنة ذهب ولبنة فضة، وملاطها المسك، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وترابها الزعفران، من يدخلها ينعم ولا يبأس، ويخلد ولا يموت، لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه»، رواه أحمد والترمذي. وعن عتبة بن غزوان رضي الله عنه أنه خطب فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: «أما بعد فإن الدنيا قد آذنت بصرم وولت حذاء ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء يصطبها صاحبها، وإنكم منتقلون منها إلى دار لا زوال لها فانتقلوا بخير ما يحضرنكم. ولقد ذكر لنا أن مصراعين من مصاريع الجنة بينهما مسيرة أربعين سنة، وليأتين عليه يوم وهو كظيظ من الزحام»، رواه مسلم. وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «في الجنة ثمانية أبواب فيها باب يسمى الريان لا يدخله إلا الصائمون»، متفق عليه. وعن أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألا هل من مشمر إلى الجنة، فإن الجنة لا خطر لها (1)، هي ورب الكعبة نور يتلألأ وريحانة تهتز وقصر مشيد ونهر مطرد وثمرة نضيجة وزوجة حسناء جميلة وحلل كثيرة ومقام في أبد في دار سليمة وفاكهة وخضرة وحبرة ونعمة في محلة عالية بهية، قالوا: يا رسول الله نحن المشمرون لها. قال: قولوا إن شاء الله. فقال القوم: إن شاء الله»، رواه ابن ماجة والبيهقي وابن حبان في صحيحه (2).

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن في الجنة مئة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله بين كل درجتين كما بين السماء والأرض. فإذا سألتم الله فأسألوه الفردوس فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة ومنه تفجر أنهار الجنة وفوقه عرش الرحمن»، رواه البخاري وله عن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن أهل الجنة يتراءون أهل الغرف فوقهم كما تتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم. قالوا: يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم قال: بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين». وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها الله لمن أطعم الطعام وأدام الصيام وصلى بالليل والناس نيام»، أخرجه الطبراني (3). وعن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها في السماء ستون ميلا للمؤمن فيها أهلون يطوف عليهم فلا يرى بعضهم بعضا»، متفق عليه.

 

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشد نجم في السماء إضاءة، ثم هم بعد ذلك منازل لا يتغوطون، ولا يبولون، ولا يمتخطون، ولا يبصقون، أمشاطهم الذهب، ومجامرهم الألوة، ورشحهم المسك، أخلاقهم على خلق رجل واحد على طول أبيهم آدم ستون ذراعا». وفي رواية: «لا اختلاف بينهم ولا تباغض، قلوبهم قلب واحد يسبحون الله بكرة وعشيا». وفي رواية: «وأزواجهم الحور العين». وله من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون ولا يتفلون ولا يبولون ولا يتغوطون ولا يمتخطون، قالوا: فما بال الطعام؟ قال: جشاء ورشح كرشح المسك يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النفس».

 

وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفس محمد بيده إن أحدهم (يعني أهل الجنة) ليعطى قوة مئة رجل في الأكل والشرب والجماع والشهوة تكون حاجة أحدهم رشحا يفيض من جلودهم كرشح المسك فيضمر بطنه»، أخرجه أحمد والنسائي (4). وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لقاب قوس أحدكم أو موضع قدم في الجنة خير من الدنيا وما فيها، ولو أن امرأة من نساء الجنة اطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأت ما بينهما ريحا ولنصيفها (يعني الخمار) خير من الدنيا وما فيها»، رواه البخاري. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن في الجنة لسوقا يأتونها كل جمعة فتهب ريح الشمال فتحثو في وجوههم وثيابهم فيزدادون حسنا وجمالا، فيرجعون إلى أهليهم فيقولون لهم: والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا فيقولون: وأنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا»، رواه مسلم. وله عن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخل أهل الجنة الجنة ينادي مناد: إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا. وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا وذلك قول الله عز وجل: {ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون} [الأعراف: 43]».

 

وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله عز وجل: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. وأقرؤوا إن شئتم {فلا تعلم نفس مآ أخفى لهم من قرة أعين جزآء بما كانوا يعملون} [السجدة: 17]». وعن صهيب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخل أهل الجنة الجنة نادى مناد يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه، فيقولون: ما هو ألم يثقل موازيننا ويبيض وجوهنا ويدخلنا الجنة ويزحزحنا عن النار؟ قال: فيكشف لهم الحجاب فينظرون إليه فوالله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم من النظر إليه ولا أقر لأعينهم منه»، رواه مسلم. وله من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن الله يقول لأهل الجنة: «أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا».

 

اللهم ارزقنا الخلد في جنانك، وأحل علينا فيها رضوانك، وارزقنا لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك من غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة.

 

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

--------

(1) أي لا مثيل له ولا عديل.

(2) إسناده ضعيف.

(3) رواه أيضا الإمام أحمد بزيادة: "وألان الكلام".

(4) قال المنذري في الترغيب والترهيب: رواته محتج بهم، في الصحيح، ورواه الطبراني بإسناد صحيح وبان حبان في صحيحه والحاكم.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×