اذهبي الى المحتوى
المهاجرة بنت الإسلام

الإستشارات الدعوية

المشاركات التي تم ترشيحها

-- الإستشارات الدعوية --

 

k0739145.jpg

 

 

أخواتي الداعيات

 

السلام عليكن و رحمة الله و بركاته ؛؛

 

 

هنا - بإذن الله - نجمع الإستشارات الدعوية المتخصصة بأمور الدعوة والدعاة، و ذلك حتى يتسنى لمبتغيها الوصول إليها و الإستفادة منها إن عرض له عارض منها أو من بعضها.

 

 

ويجيب على هذه الإستشارات جمع من أساتذة الدراسات النفسية، والدعاة الناجحين في العصر الحديث.

 

 

 

وسنتخلل الصفحة - بإذن الله - من آنٍ إلى آخر، فلو توسّطت إحداكن في نقل أى استشارة دعوية؛ فلتسطرها هنا، ولا تنسى إرفاق المصدر .

 

 

استشارات تم إدارجها:

 

(1)خجولة ومترددة.. هل أصلح للدعوة؟؟

(2)روشتة لعلاج الكسل الدعوي.

(3)ويمنعني الرياء!

(4)وصايا لداعية صغيرة.

(5)زملائي في مجال العمل.. منهاج وطريق.

(6)الدعوة الفردية.. وزميلتي في العمل وفي حرم الجامعة والمدرسة.

(7)التشتت في الدروس.. كيف أتخلص منه؟؟؟

(8)أخي لا يصلي!

(9)أخي.. وصديق السوء.. والصلاة؟

(10)توجيه في كيفية إنكار المنكر.

(11)أنا وزوجي.. كيف ندعو جيراننا؟

(12)قواعد أساسية في.. الدعوة إلى الله.

 

واستشارات أخرى تجدنها مدرجة أدناه..

 

 

 

نفعني الله و إياكن و نفع بنا، وجعلنا من الدعاة الهداة العاملين ..فاللهم آمين .

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الإستشارة (1)

 

خجولة ومترددة .. هل أصلح للدعوة ؟

 

 

 

 

السؤال :

 

أريد أن أكون داعية ، لكن أجدني خجولة ومترددة ، وقليلة العلم في الجانب الديني ، مع أن الكثيرين يجدون لي أسلوبًا مميزًا في الإقناع ، لكن أنا لا أجد ذلك ، وهذا الأمر يجعلني أشعر باللوم والتأنيب لتقصيري.

 

 

فما الحل؟ وكيف البداية؟ وما هي الطرق؟

 

وجُزيتم خيرًا.

 

 

 

 

الجواب :

 

أختي الحبيبة ، حياك الله وأكرمك على حرصك على سلوك طريق الدعوة واتخاذها أملاً وهدفًا ، جعلك الله من الداعيات إلى رضاه والجنة ، وبعد..

 

 

أخيتي، ربما لا أريد أن أكرر كلامًا قلته وقاله زملاؤنا من قبل حول ماهية الدعوة، وأنها ليست للخاصة بل لكل من وعى وفهم أمر دينه، وإلا لما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض حديث له رواه البخاري: "بلِّغُوا عَنِّي ولو آية".

 

 

إذن، دعينا نتفق على أن كل مسلم داعية، لكن كلٌّ حسب قدراته، وما حباه الله به وفضله من مميزات يختلف بها عن غيره، ودعينا أيضًا نؤكد على أن المرأة بالذات - بصفتها مسئولة أو ستكون مسئولة عن بيت وتنشئة وتربية - يجب أن تُربَّى تربية دينية صحيحة واعية، لكي تصل ببيتها وزوجها وأبنائها إلى بر الأمان، فهي من أهم العاملين في مجال الدعوة، خصوصًا في عصرنا الحالي، وما يكتنفه من فتن ومحن.

 

 

وأشد ما أعجبني في سؤالك هو تشخيصك الدقيق لهدفك أولاً، ولنقاط ضعفك وقوتك من جهة أخرى، وربما قدمت نقاط الضعف على القوة؛ لأنها ما سنركز عليه، وكيف تطوعينها لصالحك، لتقهري بها وقوفك مكانك وعدم تقدمك في الطريق التي اخترتها وتتمنينها.

 

 

 

وأحب أن أبدأ بقلة العلم في الجانب الديني، وأسألك: لماذا لا تبدئين برنامجًا لتقوية هذا الجانب؟ فمن مميزات العصر الذي نعيش فيه هو سهولة التحصل على العلم، فقد أصبح يأتيك وأنت في بيتك، سواء على شكل شرائط كاسيت أو برامج تلفزيونية، والأهم من هذا وذاك هو الإنترنت، فقد بدأَتْ مواقع كثيرة في بث العلم الشرعي عن طريق جامعات ومعاهد التعليم عن بُعد، وأخذت خطوات لا بأس بها في هذا المضمار، وربما أتوقع لها إن شاء الله المزيد من التقدم، فلماذا لا تكونين من السبَّاقات لسلوك الدرب القويم معهم، شريطة أن تتأكدي من أنهم من أهل السنة والجماعة، وهذا ليس صعبًا؛ لأنهم يكتبون مناهجهم وطريقتهم، فيصبح من السهل معرفة توجهاتهم.

 

 

 

هذا جزء، والجزء الآخر هو القراءة، فأنصحك أن تقرئي ما تيسر لك من كتب التزكية والتفسير، ولا تبدئي بالكتب الضخمة، ابدئي بكتب سهلة وبسيطة، فعلى سبيل المثال لا الحصر: هناك كتاب في التفسير اسمه: (تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن) للعلامة الشيخ السعدي، وهو كتاب سهل قوي جامع، وربما بدأتُ لك بكتب التفسير؛ لأن من يفهم القرآن ويعيه ويتبعه وسنة رسول الله - عليه الصلاة والسلام - فقد استمسك بالعروة الوثقى، بالإضافة لأنه سيعطيك دفعة علمية ولغوية وبلاغية لا يستهان بها، فيكسر من حدة ترددك وخجلك، فالتردد – بنيتي – لا يتأتَّى إلا من فقر العلم، أعاذك الله وإيانا منه.

 

 

ومتى أخذتِ زادًا كافيًا لطريقك، أضفتِ انطلاقة قد لا تحلمين بها، وزدتِ من قوة إقناعك التي تتميزين بها، وصِدقك الذي أستشعره من خلال كلماتك.

 

 

 

أما الخجل والتردد فيمكنك أيضًا الاستفادة منهما، خاصة في الوقت الذي تتلقين فيه العلم الشرعي قبل أن تبدئي رحلتك الدعوية، استثمري خجلك وصمتك في مراقبة مَن حولك من الناس: كيف يتصرفون؟ كيف السبيل إليهم؟ ولماذا يعاند بعضهم ويستجيب بعضهم؟.

 

 

حاولي أن تكتسبي خبرة في فن التعامل مع البشر على اختلاف شخصياتهم وطبقاتهم، حاولي أيضًا أن تتعلمي متى تدخلين إلى قلب من أمامك، وكيف تصلين إلى مبتغاك في الأخذ بيده لسبيل الله - عز وجل -، لا تتورعي عن سؤال من سبقك في مجال الدعوة وأحسست صدقه وإخلاصه لله عز وجل عن خبراته، واعلمي دائمًا أن العالم هو من لم يتكبر عن العلم، وسعى إليه بقلبه قبل عقله، وبروحه قبل جسده، مهما بلغ من العلم، ومهما تمكن من الوعي والفهم.

 

 

 

أخيرًا: أحب أن أهمس في أذنك أخيتي، بأنك لن تنجحي في هذا الأمر إلا إذا أخلصتِ نيتك لله تعالى عز وجل، ونبذتِ حظ نفسك، فالداعية يتعرض لفتن لا يتعرض لها غيره، مثل العُجْب والكِبر، خاصة إذا أخذ بيد عدة أشخاص، أو جلس بين من يجهلون، فينسى أنه كان بالأمس مثلهم، وأنها منة الله عليه، وربما يقول لسان حاله: (إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي)، فاحذري أن يدخل إليك الشيطان من هذا المدخل، أعاذنا الله وإياك منه، ومن شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.

 

وفقك الله وبارك فيك، وجعلك وإيانا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وفي انتظار أخبارك.

 

 

 

المستشار : الدكتورة حنان فاروق

فنون و مهارات

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الإستشارة (2)

 

روشتة لعلاج الكسل الدعوي

 

 

السؤال :

 

السلام عليكم أنا أسكن في بلد ريفي، وأعمل في الدعوة إلى الله أنا وبعض الإخوة، ولكن نعاني من كسل بعضنا وعدم تفانيه في الدعوة. أيضا نحن لا نجيد مهارات دعوة الآخرين، مع العلم أن عددنا 4 فقط.

أنا أرى أن المشكلة أننا لا نجيد عرض ما عندنا من الخير، ونفتقد لمنهج أو جدول عمل يجمعنا.

 

وجزيتم خيرا.

 

 

 

الجواب:

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبعد..

شكر الله لكم، وجزاكم خيرا كثيرا على حبكم لإسلامكم وحرصكم عليه وعملكم به وله.

 

أخي الحبيب.. للنشاط الدعوى أسبابه وللكسل أسبابه..

فأما أسباب النشاط عموما فأهمها:

 

1- قوة الإرادة: فهي تعين على اقتحام أي عمل حتى ولو كان صعبا، كما يتضح ضمنا من قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم ثلاث عقد إذا نام؛ بكل عقدة يضرب عليك ليلا طويلا، فإذا استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، وإذا توضأ انحلت عنه عقدتان، فإذا صلى انحلت العقد؛ فأصبح نشيطا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان" (أخرجه مسلم وغيره) .

 

قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" في هذا الحديث: "لسروره بما وفقه الله الكريم له من الطاعة، ووعده به من ثوابه، مع ما يُبارَك له في نفسه وتصرفه في كل أموره، مع ما زال عنه من عقد الشيطان وتثبيطه".

 

 

2- الاهتمام بالشعائر: فهي تشحن القلب بشحنات إيمانية تدفع وُتنشِّط الجسد لحسن العمل وقوته.

 

قال الإمام ابن القيم في "زاد المعاد": "الصلاة فيها من حفظ صحة البدن، ومن حفظ صحة الإيمان وسعادة الدنيا والآخرة، ومن أنشط شيء للبدن والروح" . وُيقاس على الصلاة كل شعيرة.

 

 

3- بعض العمل: كالخفيف من أعمال البر، التي تدرب تدريجيا على حب العمل الدعوي.

 

 

4- كثرة الذكر: قال الإمام ابن عبد البر في كتابه "التمهيد" في شرح الحديث السابق: "في الحديث دليل على أن ذكر الله يطرد الشيطان... ويحتمل أن يكون كذلك سائر أعمال البر".

 

 

5- الشعور بالإنجاز: فهو يشجع ويُنشِّط على مزيد من الإنجاز من أجل الاستمتاع بمزيد من السعادة التي أحستها النفس به، كما يُفهم ضمنا من الحديث أيضا.

 

 

6- وجود الحافز: فوجود هدف دنيوي وهو السعادة والعزة فيها، وهدف أخروي وهو أعلى الدرجات في الجنات يدفع ويُحِّفز لكثرة العمل وجودته وجدية الالتزام به ، كما كان حال وحياة الصحابة الكرام؛ فقد كان القرآن الكريم والرسول -صلى الله عليه وسلم- يعدهم بالسعادة في الداريْن لو عملوا لذلك. فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: "بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السمع والطاعة في النشاط والكسل... وعلى أن ننصر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قدم علينا يثرب بما نمنع به أنفسنا وأزواجنا وأبناءنا، ولنا الجنة" (جزء من حديث أخرجه أحمد وغيره).

 

 

7- التجمُّع: فكلٌّ يعين بعضه بعضا بجهد، بكلمة، بموقف ، فيتحقق النشاط، كما حدث عند حفر الخندق؛ فقد جاء في صحيح البخاري: "باب: الرَجَز في الحرب ورفع الصوت في حفر الخندق"، قال الإمام ابن حجر العسقلاني في كتابه "فتح الباري": "الرجز من بحور الشعر.. وجرت عادة العرب باستعماله في الحرب ليزيد النشاط ويبعث الهمم".

 

 

8- الشورى والحوار: فهي تزيد الخبرات، وتزيد الثقة في التصرفات، وبالتالي تزيد النشاطات ، وهذا هو ما يُستفاد من قوله تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} (الشورى: 38).

 

 

9- التفاؤل والاستبشار: فانتظار جزاء الخير غالبا ما يؤدي إلى مزيد من عمل الخير حتى يزداد الخير المُنْتَظَر ، فعن أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه قال: أصبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوما طيب النفس يُرَى في وجهه الِبشْر، قالوا: يا رسول الله أصبحت اليوم طيب النفس يُرَى في وجهك البشر، قال: "أجل، أتاني آت من ربي -عز وجل- فقال: من صلى عليك من أمتك صلاة كتب الله له بها عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وردَّ عليه مثلها" (أخرجه أحمد بسند جيد).

 

 

10- الترويح الحلال: فهو يقطع الملل والكسل، ويدفع لمزيد من النشاط وبذل الجهد ، فقد روت السيرة أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يدخل أحيانا بساتين أبي طلحة رضي الله عنه ويستظل بظلها ، قال الإمام ابن حجر: "الراحة والتنزه يكون مستحبا يترتب عليه الأجر إذا قصد به إجمام النفس من تعب العبادة وتنشيطها للطاعة".

 

 

11- التوسط والاعتدال: فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتخولُّنا بالموعظة مخافة السآمة علينا" (أخرجه البخاري ومسلم).

قال الإمام ابن حجر: "يُستفاد من الحديث استحباب ترك المداومة في الجدِّ في العمل الصالح خشية الملال، وإنْ كانت المواظبة مطلوبة لكنها على قسميْن: إما كل يوم مع عدم التكلف، وإما يوما بعد يوم؛ فيكون يوم الترك لأجل الراحة ليُقبل على الثاني بنشاط، وإما يوما في الجمعة، وتختلف باختلاف الأحوال والأشخاص، والضابط الحاجة مع مراعاة وجود النشاط".

 

 

12- التوقيت المناسب لأداء كل عمل: فقد جاء في صحيح البخاري: "باب: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا لم يقاتل أول النهار أخّر القتال حتى تنعقد الشمس".. قال الإمام ابن حجر: "لأن الرياح تهب غالبا بعد الزوال؛ فيحصل بها تبريد حرّ السلاح والحرب وزيادة في النشاط".

 

 

13- الفرد المناسب لأداء كل عمل: كما يُفهم من قوله تعالى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ} (القصص: 26).

 

 

14- الرغبة في أداء العمل: فقد يكون سبب فقدان النشاط أن الفرد غير راغب في عمل ما؛ لأنه مثلا فوق طاقته أو لأنه قد ملَّ منه من كثرة فعله دون تجديد وتنويع أو ما شابه هذا ، فقد قال -صلى الله عليه وسلم- لعبد الله بن عمرو منبها لهذا: "إن لكل عمل شِرَّة، ولكل شرة فترة.." (جزء من حديث أخرجه ابن حبان وغيره، والشرة هي الحرص والهمة والاشتهاء)، والمقصود أنه لا بد من استغلال فترة أعلى رغبة في العمل لتحقيق أعلى نشاط وإنجاز، وهذه الرغبة تنشأ من التدريب له أو الخبرة فيه أو استشعار عظيم فوائده الدنيوية والأخروية أو نحو ذلك.. يقول الإمام ابن القيم في كتابه "مدارج السالكين": "الطالب الجاد لا بد أن تعرض له فترة فيشتاق فيها".

 

 

15- الاهتمام بالصحة: من خلال حسن التغذية والكشف الطبي الدوري والتداوي عند المرض ، كما يُفهم من قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إن لجسدك عليك حقا.."، وفي رواية: "ولنفسك عليك حقا" (أخرجه البخاري وغيره) ، قال الإمام ابن حجر: "تعطيها ما تحتاج إليه ضرورة البشرية مما أباحه الله للإنسان من الأكل والشرب والراحة التي يقوم بها بدنه ليكون أعون على عبادة ربه".

 

 

هذه أخي الحبيب هي أهم أسباب النشاط عموما.. وأما أهم أسباب الكسل فعكسها تماما؛ أي: ضعف الإرادة، وضعف الاهتمام بالشعائر، وضعف ذكر الله والتواصل معه، وقلة عمل الخير، وعدم وجود حافز دنيوي وأخروي، والعمل الفردي المُشتَّت غير المُجمَّع، والانفراد بالرأي، واليأس والإحباط، والإفراط أو التفريط، وعدم اختيار الفرد المناسب والتوقيت المناسب للعمل المناسب، أو الضعف الصحي.

 

 

أخي الحبيب..إذا أردت أن تحصد نشاطا دعويا، فازرع في إخوانك أسباب النشاط السابقة؛ لتحصد نتائجها..

 

ازرع فيهم قوة الإرادة.. ازرعها بالتواصي والتدريب والتعاون سويا على بعض الشعائر التي تقويها كصيام يوم أو اثنين أسبوعيا، وكقيام ليلة أو أكثر فيها؛ لأن الامتناع عن الأكل والشرب والنوم لفترات يقويها، وكذلك يفعل بعض المعاملات التي تقويها كالتواصي والتدريب على غض البصر وحفظ اللسان والوفاء بالوعود والمواعيد ونحو ذلك.

 

وازرع قوة الإيمان.. بالتواصي والتدريب والتعاون سويا على بعض ما يقويه؛ كالصلوات في المساجد وأول وقتها، وكالدعاء وقراءة بعض القرآن يوميا، وكالتدبر والتفكر في مخلوقات الله ونحو ذلك.

 

وازرع دوام الذكر لله تعالى.. بالتدريب على دوام استحضار نوايا الخير في قلوبكم أثناء كل أعمالكم الحياتية العادية: أثناء الأكل والشرب والنوم واللبس والعلم والعمل والإنتاج والترويح الحلال والعلاقات الاجتماعية الجيدة مع الآخرين، وأن يؤديها كل فرد يعملها حبا في الله الذي طلبها منه لمصلحته وسعادته هو ومن حوله، ويعملها طلبا لحبه وعونه ورزقه وتوفيقه في الدنيا، ثم لأعظم ثوابه في الآخرة.

 

وازرع حب الخير.. بالتواصي والتدريب والتعاون سويا على عمل خير مرة في الأسبوع أو مرتين؛ كزيارة مريض مثلا، أو كفالة أرملة أو يتيم، أو عون محتاج في حاجة ما أو ما شابه ذلك.

 

وازرع الحوافز.. من خلال التواصي والتدريب والتعاون سويا على وضع هدف عام واضح، ثم تجزئته لأهداف جزئية، ثم وسائل مناسبة لهذه الأهداف، ثم توقيت مناسب لها، ثم اختيار الأفراد الأكْفَاء المناسبين الراغبين لها، ثم دوام التذكرة بفوائدها الدنيوية؛ فبانتشار الدعوة سيسعد الدعاة بحياتهم مع ملتزمين مثلهم حولهم بأخلاق الإسلام إضافة إلى ثوابها الأخروي.

 

وازرع الشورى وحب العمل الجماعي.. من خلال التواصي والتدريب والتعاون سويا على الحوار الإيجابي الصادق، وقبول الرأي الآخر في إطار الأخوة والحب وسلامة الصدور ومحاولة الوصول للأفضل.. وهذا لا تحتكروه بينكم فقط، ولكن مع كل مسلم مخلص وطني صادق؛ فهذا سيوسع دائرة حسن الرأي وقوته، وسيوسع دائرة توظيف كل جهد فكري أو غيره لمصلحة الدعوة، وسيوسع دائرة العاملين معكم لها، كلٌّ على حسب طاقاته وإمكاناته ورغباته؛ فهذا بدعائه، وهذا بفكرته، وهذا بماله، وهذا بكلمته، وهذا بصحته، وهذا بخدمته... وهكذا.

 

وازرع الأمل والبشر والصبر.. بالتواصي والتدريب والتعاون سويا عليها من خلال النظر لما يتحقق من إنجازات حتى ولو كانت بسيطة؛ فهذا قد نجح، وهذا قد حفظ بعض القرآن، وهذا قد بدأ في إتقان عمله أو بر والديه... وهكذا.

 

وازرع التوازن.. بالتواصي والتدريب والتعاون سويا على حسن ترتيب الأولويات وتوزيع الأوقات؛ بحيث تكون كلها دعوة على مسار الحياة في كل شئونها ولها ثوابها؛ فوقت للبيت والأسرة والعائلة والأصدقاء والزملاء، ووقت للعلم والعمل والإنتاج، ووقت للشعائر، ووقت للترويح، ووقت للصحة... وهكذا.

 

 

أخي الحبيب..ما ستزرعه سيكون هو زراعة القدوة وصناعتها، وسيكون هو ذاته أهم المقومات والمهارات لكم لدعوة الآخرين لله وللإسلام وحسن عرض وتسويق ما عندكم ، فستكونون بهذه الزراعات مع الوقت بإذن الله متوازنين متفائلين صابرين متشاورين متجمعين متعاونين مخططين منجزين ذاكرين َخيِّرين متمتعين سعيدين بقوة صحة ونفس وإرادة وإيمان ..

 

وذلك مهما كان عددكم قليلا ، وسيزداد تدريجيا بإذن الله إذا كنتم كذلك ، بل وستتضاعف الأعداد بعد ذلك سريعا؛ لأن كل من ستُضيفونه إليكم سيدعو معكم، ولن يمر وقت طويل بإذن الله حتى يكون بلدكم كله إسلاميا يعمل بأخلاق الإسلام، ويسعد بها كل من فيها من مسلمين وغيرهم ، وسيكون لكم كل هذا الثواب كما يقول -صلى الله عليه وسلم-: "من دل على خير فله مثل أجر فاعله" (أخرجه مسلم).

 

 

 

وفقكم الله وأعانكم .

 

 

المستشار :الدكتور محمد محمود منصور

زاد المسير

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الإستشارة (3)

 

ويمنعني الرياء !

 

 

 

السؤال :

 

أنا خريج كلية شرعية، تركت الدعوة إلى الله بسبب وقوعي في المعصية كشاب، وأخشى أن أقع تحت طائلة الآية الكريمة "كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون" أو أكون منافقا، فتهربت من التصدي لهذه المهمة (وعظ الناس) بسبب كوني لست أهلاً لهذا الأمر .

 

وهناك أيضا سبب آخر لتركي الدعوة هو الرياء، فإذا عزمت على أمر ما يأتيني الشيطان بوساوس الرياء فينصرف حماسي ، ويحدث ذلك لي خاصة إذا حضر أحد الدعاة الكبار أو من له شأن الدرس أو الخطبة التي ألقيها، فأنشغل به وبدفع الرياء أثناء الخطبة، فتخرج الخطبة هزيلة لا قيمة لها، مع العلم أنه إذا لم يحضر هذا الأخ، فإن تأثير الخطبة أو الدرس على الناس يكون كبيراً ـ بفضل الله وحوله ومدده ـ، فلذلك وللخروج من هذه الوساوس قررت ترك إلقاء الخطب والدروس خشية الوقوع في الرياء أو النفاق أو…إلخ .

 

أنا محتار ومضطرب، وأطلب النصيحة .

 

 

 

الجواب :

 

أخي الداعية الكريم.. دعني أبدأ حديثي معك بقول الإمام حسن البصري رحمه الله: "لا يزال العبد بخير ما علم الذي يفسد عليه عمله"، لأن أول طرق العلاج العلم بأسباب المشكلة، بل تعدى ذلك إلى أن يكون نوعًا من العلاج، كما قال زاهد مكة وهيب بن ورد: "إن من صلاح نفسي علمي بفسادها" المهم أنني ما دمت وضعت يدي على المشكلة فقد وصلت إلى طريق العلاج.. ولذلك فحديثي إليك يتجه في اتجاهين :

اتجاه العلاج حتى الشفاء إن شاء الله. واتجاه ممارسة الدعوة خلال فترة العلاج.

ودعني أبدأ معك بالاتجاه الثاني ، نظرًا لأنه أساس استشارتك.

 

يقول لك الدكتور محمد عبد القادر أبو فارس: "أنصحك أن تستمر في الخطابة والتدريس، لأن ترك العمل من أجل الناس شرك، والعمل من أجل الناس رياء، والشرك والرياء محرمان شرعًا، ويبطلان العمل، ويحرمان الأجر عليه".

 

إذن فلنتفق أولاً على ألا تترك ما تقوم به من دعوة تحت أي سبب أو ظرف، لأن "من ترك العمل للدعوة فقد أبعد الخير عن نفسه"، كما يقول عبد القادر عودة رحمه الله .

 

ولعلي لا أُذَكِّركَ بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك مما طلعت عليه الشمس" ومن يدري لعل الله يفتح بك قلوب الناس للهداية، فتنال تلك المكانة السامية، ولعلك هنا تقول: "أَأُدْخِلِ الناس الجنة وأدخل أنا بريائي النار؟!"، فأقول لك: دعنا نتفق على ما سبق بدايةً، ولننتقل بعد ذلك إلى سؤالك، وهو الاتجاه الأول: كيف يكون العلاج؛ علاج الرياء، وعلاج المعاصي؟

 

أما الرياء –ولنكن صرحاء مع أنفسنا- فلكنا يعاني منه، وكلنا ذلك الرجل، والعلاج يكون كما يقول لك الدكتور أبو فارس: "أن تجاهد نفسك وتحملها على الإخلاص في ذلك، وتحارب الرياء في خطبتك وتدريسك، فلا تطلب مدح الناس وثناءهم، ولا تقصد ذلك، فإن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان صوابًا خالصًا، ويساعد على ذلك تزكية النفس، لأن الإخلاص يقوم على مراقبة النفس مراقبةً تامة، وهو دوام المراقبة لله تعالى ونسيان حظوظ النفس كلها، فالمخلص لا يطيع نفسه بل يتمرد عليها".

 

ولنكن قومًا عمليين ولنتبع النقاط التالية:

1- عليك أولاً من الإكثار من القراءة في الإخلاص وصفات المخلصين محاولة منك للتشبه بهم.

 

2- أكثر من الأعمال التي لا يعلمها إلا الله تعالى كالصيام، وقيام الليل، والصدقة، ولا تحدث بها أحدًا، بل اجعلها بينك وبين ربك فقط، "حتى لا تعلم شمالك ما تنفق يمينك".

 

3- احرص على عدم طلب مدح الناس وثنائهم، وليكن في داخلك وازع ينبهك حين يبدأ قلبك بالتغير، وابدأ حينها الجهاد، واستمع معي إلى الإمام سفيان الثوري رحمه الله وهو يقول: "إن لم تكن معجباً بنفسك، فإياك أن تحبّ محمدة الناس، ومحمدتهم أن تحبّ أن يكرموك بعملك، ويروا لك به شرفاً ومنزلةً في صدورهم"، فكيف وحالنا فيه الأمران: الإعجاب بالنفس وحبّ محمدة الناس؟ فأبعد نفسك عن هذه المواطن يرحمك الله، ولكن تبقى هنا نقطة جديرة بالانتباه: ماذا لو وقع المحظور، وحَمَدَك الناس دون أن تطلب منهم ذلك ؟

 

الإجابة وضعها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لمّا سئل فيما رواه الإمام مسلم عن أبي ذرّ رضي الله عنه: أرأيتَ الرجلَ يعمل العمل من الخير ويحْمَدُه الناس عليه؟ فأجاب:" تلك عاجل بشرى المؤمن"، ونصّ رواية الإمام ابن ماجة للحديث أكثر وضوحاً، فعن أبي ذرّ رضي الله عنه قال: قلت للرسول صلى الله عليه وسلم: الرجل يعمل العمل لله، فيحبه الناس عليه؟، قال: "ذلك عاجل بشرى المؤمن"، فالأصل إذن أنه عملُ خيرٍ خالصٌ لله، ثم مدحه الناس دون طلب، فلا تخف –يا أخي- ولا تقلق من ذلك إن حدث، بل لتكن مسرورا ببشرى الإيمان تلك، بشرط أن تحافظ على إخلاصك الذي بدأت فيه العمل، فإن جاءتك المحمدة دون أن تطلبها فببشرى المؤمن ونعمت، وإن لم تأت فأنت على ما أنت عليه من الأجر والفضل العظيم من الكريم جلّ وعلا.

 

4- استعمل السلاح السريَّ المنجِزَ الذي لا رادَّ له، الدعاء، أكثر من الدعاء بأن ينقي الله قلبك، وأن يرزقك الإخلاص.

 

5- ذكِّر نفسَك دائمًا بقول ابن الجوزي: "ينبغي أن يكون العمل لله ومن أجله، فقد كفاك كلَّ مخلوق وجلب لك كلَّ خير، وإياك أن تميل عنه بموافقة هوى وإرضاء مخلوق، فإنه يعكس عليك الحال ويفوتك المقصود"، فمقصودك هو الله سبحانه وتعالى، فلا تترك الله الخالق الواسع ذا الجلال والإكرام الذي بيده ملكوت كل شيء، لتذهب إلى مخلوق لا يقدم ولا يؤخر ولا يضر ولا ينفع.

 

6- وأخيراً الزم الصحبة الصالحة التي تعينك على الخير وتدلك عليه، وحبذا لو اخترت منهم أخاً تحس بالقرب نحوه والتوافق معه، واجعله مرآتك، و"المؤمن مرآة أخيه" كما يقول صلى الله عليه وسلم، فاجعل أخاك مرآتك التي تنبهك وتساعدك وتذكرك، ودفعاً للحرج منه، اتفقا على أن يكون كل واحد منكما مرآةً لأخيه، فلا يُحْرَجُ واحدٌ من الأخر منكما، ولله ما أبدع الحسن البصري التابعي حين قال يصف المؤمن: "هو مرآة أخيه، إن رأى منه ما لا يعجبه؛ سدّده وقوّمه ووجّهه، وحاطه في السرِّ والعلن"، فاختر من يحوطك في السرّ والعلن.

 

وأما علاج المعاصي، فلا يكون إلا بالابتعاد عنها، وتَذَكُّر عِظَمَ من عصيتَ، وما رأيك لو وضعت لنفسك نظامَ عقوبةٍ تعاقب به نفسك عند أية معصية، وبقدر المعصية تكون العقوبة، سواء كانت مالية أو بدنية أو غير ذلك، المهم أن تنفذ العقوبة ولا تتكاسل عنها، كما نفذت الذنب ولم تتكاسل عنه، وأظنك مرة بعد مرة ستتخلص –قدر المستطاع- من الذنوب، وتذَكَّر دائمًا أن الإنسان قد جُبِل على الخطأ، وكما قال صلى الله عليه وسلم: "كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون"، فما دمنا خطائين فلنكن خير الخطائين، واستعن بالله ولا تعجز.

 

ولكن احذر –يرحمك الله- من أن تأخذ نفسك بالشدة أكثر من اللازم، وتكثر اللوم والتأنيب المحبِط، فتصل -بدلاً من إصلاح نفسك- إلى القعود وزيادة اليأس والإحباط.

 

التوسط في كل شيء خير، وديننا هو دين الوسطية، والرسول صلى الله عليه وسلم –كما في الحديث- ما خُيِّرَ بين أمرين إلا اختار أيسرهما، ولذلك أنكر صلى الله عليه وسلم على الثلاثة الذين تشددوا وتقالّوا عمله في الحديث المعروف، بل نفى عنهم الانتماء إليه: "فمن رغب عن سنتي فليس مني"، وقال في حديث آخر: "إن هذا الدين متين، فأَوْغِلوا فيه برفق، وما شادّ الدينَ أحدٌ إلا غلبَه"، والأدلة الشرعية في هذا الأمر أكثر من أن تُحصَى، ولكن حسبنا من الاستشهاد الإثبات، فارحم نفسك، على أنْ لا تطلق لها العنان، وتترك الحبل على غاربه، ولكن:"سدِّد وقارِب"، وتوسَّط، وخذ نفسك باللوم حيناً، وبالتشجيع أحياناً أخرى، ومِثْلُك لا يحتاج مَن يدلّه طريقَ نفسه.

 

 

أخي الحبيب: إنه من الرائع فيك أن تكتشف عيبك، وبذلك تكون قد اجتزت نصف الطريق، ويبقى النصف الآخر؛ العلاج وتغيير ما في النفس، وتَذَكَّرْ دائماً أن من عجز عن تغيير نفسه فهو عن تغيير غيره أعجز، أليس كذلك؟

 

 

وفقنا الله جميعًا للإخلاص وللعمل.

 

 

 

المستشار : الأستاذ الدكتور محمد أبو فارس

شبهات حول الدعوة

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الإستشارة (4)

 

وصايا لداعية صغيرة

 

 

 

السؤال :

عمري ثنتا عشرة سنة ؛

كيف أدعو زملائي إلى آداب الإسلام؟

وجزاكم الله خيراً.

 

 

الجواب :

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

ابنتي الفاضلة : أحيي فيك هذه الروح الكريمة ، والتطلع الجميل ، وإذا كان الذين يحملون هذا الطموح ممن هم في مثل سنكِ قليل، فإن الكرام – دائماً - قليل ، لكنهم يمثلون - حبات - سبحة ذهبية ، يفرد الناس حباتها بدهشة ، وهم يستشعرون قيمة هؤلاء الفتية ، الذين تخطوا العمر الزمني إلى العمر العقلي .

 

ولعلكِ - ابنتي الكريمة - تذكرين ذلك الشاب الذكي ، الذي كان في مثل سنكِ ، وتقدم قومه بين يدي الخليفة عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - ولكن عمر راعه أن يتكلم شاب صغير بين يدي رجال شيوخ ، فقال : يا غلام ، تأخر، وليتقدم من هو أكبر منك!!.. ولكن الشاب نظر في وجه الخليفة ، وقال : يا أمير المؤمنين ، لو كان الأمر بالسنّ لكان في الأمة من هو أولى منك بالخلافة!.. فدهش عمر لهذا الجواب المنطقي السريع، وقال للغلام: تقدم، لله أبوك.. إنما المرء بأصغريه ؛ قلبه ولسانه.

 

 

ابنتي الكريمة : يمكنني أن أوجز وصاياي لكِ بالآتي :

أولاً : أن تكوني قدوة في أفعالكِ قبل أن تنتظري من زملائكِ أن يسمعوا قولكِ ، فإن الإنسان حين يكون ذا خلق فاضل ، يبدي للناس الاحترام ، ولا يبخسهم من حقوقهم شيئاً ، ويبدي استعداده للتعاون معهم فيما يقدر عليه ، فإنه بذلك يترك في نفوسهم أثراً كبيراً ؛ إذ يحبه زملاؤه ومن حوله ، ومن ثم يدفعهم ذلك إلى سماعهم قوله ، والتزامهم فيما يدعوهم إليه..

 

ولعلكِ تذكرين - ابنتي الكريمة - أن المدرس حين يحبه الطلاب تصبح مادته سهلة في نفوسهم ، ولو كانت صعبة في حقيقتها ، وحين يكون المدرس ثقيل الدم على الطلاب ، تصبح مادته ثقيلة صعبة ، ولو كانت - في الأصل - سهلة يسيرة .

 

 

ثانياً: حاولي تطوير ثقافتكِ في مختلف جوانبها ، فقد جُبل الناس على حب الشخص الواسع الاطلاع ، خاصة حين يرتدي ثوب التواضع ، ثم إن الثقافة تمنح الشخص قدرة أكبر على التأثير فيمن حوله ، سواء في إجابته عن أسئلتهم ، أو في كونه قرأ من الكتب والتجارب ما يكون عوناً له على إجادة الحوار والخطابة والإقناع ، وقطع شوطاً جيداً في القدرة على عرض أفكاره في صورة جيدة ، وأصبح يمتلك معجماً لغوياً يلوّن به خطابه ، ما يعطيه تأثيراً أكبر .

 

 

ثالثاً: احرصي - ابنتي الكريمة - على أن تسدي كل - باب - للشيطان يحاول الدخول منه ليفسد عليكِ عملك ، وذلك حين يجعل هدفكِ من عملكِ هو الركض وراء مديح الناس وثنائهم ؛ فإن هذا فوق كونه يذهب بركة عملك ، فإن وراءه عقوبة الله ، وانطفاء جذوة الحماس .

 

 

رابعاً: محاولة البحث عن وسائل تتناسب مع ما يحبه زملاؤكِ ويهوونه ، ومحاولة التأكيد على الأعمال الجماعية ، فهي تستهويهن ، وإشراكهن في العمل ، والثناء على أداء كل منهن ، ثم استخدمي في التأثير عليهن مختلف الوسائل المشروعة المناسبة .

 

 

خامساً: أن تجتهدي في أن يكون مستواكِ الدراسي جيداً ، فإن له تأثيره في تحقيق هدفك الخيّر ؛ ففي الوقت الذي يكنّ لك فيه عامة زملائك الاحترام بسبب ذلك ، فإنكِ تثبتين لهن أن الاستقامة طريق للتفوق ، كما يمكنكِ مساعدتهن في شرح أمر عارض ، أو السماح لهن بتصوير ملخص أو شبهه ، ما يقيم بينكِ وبينهن جسور المحبة ، التي تعبر عليها كلماتكِ التي قد تنفعينهن بها .

 

 

سادساً: حاول أن تحيلي فصلكِ إلى خلية من النشاط ، حاولي أن تقنعي زملاءكِ بأنكن ستثبتن لإدارة المدرسة أنكن فصل - متفوق - ، حاولي أن تضعي تقسيماً إدارياً للفصل ، يتولى فيه كل مجموعة عملاً ولو كان النظافة ، ويمكن أن تدور هذه المهام ولا تثبت ، ثم أكِّدْي على حسن اختيار الكلمات التي يمكن أن توضع على جوانب الحائط بألوان جذابة ، والمقالات التي يمكن أن تُضمَّن إياها صحيفة الفصل الحائطية ، بل لو أمكن إيجاد مجلة لفصلكِ - ولو في بضع أوراق - ، يتبارى على تحريرها طالبات فصلكِ كصحفيين صغار لكان جميلاً . كما أنه من الجميل دعوتهن إلى إنشاء مكتبة للفصل ، سواء بجمع مبلغ تشتركن في دفعه ، أو دعوتهن لإحضار كتب مفيدة نافعة.

 

 

أعتقد أن هذه الأفكار وأمثالها ستمتّن العلاقة بينكِ وبين زملائك من جهة ،وتفيدهن بمضامينها ، ولو بطريق غير مباشر، من جهة ثانية.

 

 

 

ابنتي الكريمة : أنا متفائل أن من يحمل مثل هذا الهم في مثل سنكِ ، ستتطور طموحاته مع تقدم عمره ، فاجتهدي فيما يعين على ذلك ، ولعل من أهمها حسن صلتكِ بالله ، فاتكلي عليه ، واضرعي إليه ، وأكثري من دعائه ، وحسن علاقتكِ بوالديك ؛ ببرهما ، و المسارعة إلى إرضائهما ، وكذلك علاقتكِ بأخواتك ، فإن ذلك من تمام برك بوالديك ، وإني متفائل - بإذن الله - أن تكوني غداً ممن ينفع الله بهم عامة الخلق ، ويكتب نصر الإسلام على أيديهم .

وفقكِ الله لكل خير، وأضاء لكِ الدرب ، وضاعف لك الأجر .

 

 

 

بتصرف .

المستشار : د. عبد العزيز بن عبد الله المقبل .

عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الإستشارة (5)

 

زملائي في مجال العمل .. منهاج وطريق ؟

 

 

الجواب :

 

أختي الكريمة : جزاكِ الله خيرًا على شعوركِ الطيِّب نحونا، وجزاكِ الله خيرًا على حرصكِ على دعوة من حولكِ من الأصدقاء والزملاء إلى الالتزام بتعاليم الإسلام، ونحبُّ أن نزفَّ إليكِ بشرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمَن يتصدَّى لهذا العمل الجليل، حينما قال - صلى الله عليه وسلم - :

" من دلَّ على خيرٍ فله مثل أجر فاعله " رواه مسلم.

 

واسمحي لنا - أختي الكريمة - أن نجيب على سؤالكِ من خلال النقاط التالية:

 

أولاً- للدعوة قواعد وأصول:

ففي البداية – أختي الفاضلة – نودُّ أن نشير إلى أنَّ هناك بعض القواعد والمفاهيم الدعويَّة الهامَّة التي من الضروري أن يراعيها الداعية عند دعوته، لذا نرجو منكِ الإطلاع عليها.

 

 

 

ثانيًا- هناك مداخل لدعوة زملائكِ في العمل:

 

1- استعيني بالله - تعالى - :

وذلك بالإكثار من الدعاء والابتهال إلى الله - سبحانه وتعالى - أن يُعينكِ على حسن التعامل معهن، وأن يرزقكِ الوصول إلى مفاتيح قلوبهن، وأن يفتح قلوبهن لدعوتكِ .

 

 

2- وثِّقي الصلة بهن :

فمن القواعد الأساسيَّة والضروريَّة عند دعوة الآخرين أن يعمل الداعية على كسب قلب مَن يدعوه، وذلك لأنَّه إن نجح في إقامة رابطة قلبيَّة مشبَّعة بالحبِّ والتعاطف والمشاعر الصادقة، سيصبح الأمر يسيرًا بعد ذلك - إن شاء الله -، ومن الأمور التي ستساعدكِ - أختي الكريمة - على بناء هذه الرابطة القلبيَّة بينك وبين زميلاتكِ - بإذن الله - :

 

- البشاشة والابتسامة الصادقة.

- الكلام الطيِّب الليِّن.

- مناداتهن بأحبِّ الأسماء إليهن.

- الاجتماع معهن على الطعام.

- كثرة الالتقاء بهن ومعايشتهن بصورةٍ يوميَّة.

- زيارتهن بمنازلهن.

- توثيق العلاقة مع أسرهن.

- إهدائهن الهدايا المناسبة لهن.

- تفقُّد أحوالهن والتعرُّف على المشكلات التي تواجههن ومساعدتهن في تجاوزها.

- التعرُّف على حاجاتهن النفسيَّة والاجتماعيَّة والعقليَّة والبدنيَّة، ومساعدتهن على إشباعها.

- الاهتمام بميولهن ومساعدتهن على تنميتها.

 

 

3- ابحثي عن الأقرب إلى نفوسهن :

فلكل واحدٍ منَّا بعض الأمور المحبَّبة إلى نفسه، ولا يجد مشقَّةً في أدائها، بل ويشعر بسعادةٍ أثناء القيام بها، فابحثي - أختي الكريمة - عن هذه الأمور في زميلاتكِ، وابدأي بها كأساسٍ للانطلاق معهن إلى الخيرات.

 

 

4-استعيني بهذه الوسائل:

فمن المفيد – أختي الكريمة - أن تمدَّي زميلاتكِ بمجموعةٍ من أشرطة الكاسيت والفيديو وإسطوانات الكمبيوتر والمطويات، أيضاً الكتب التي تتناول الموضوعات الإسلاميَّة بصفةٍ عامةٍ والرقائق وسير الصالحين بصفةٍ خاصَّة، ومن الضروري كذلك أن تتناقشي معهن حول محتوى هذا الأشياء، وتستمعي لآرائهن في محتواها، وتتعرَّفي على مدى استفادتهن منها، وكيف يمكنهن تحويل ما استفدنه من معلوماتٍ نظريةٍ إلى واقعٍ عمليٍ يمارسنه في حياتهن اليوميَّة.

 

 

5- لتبدأي معهن بالأساس:

ونقصد بالأساس هنا أن تبدأي معهن بأصول العقيدة السليمة، تتبعها الفرائض فهي أحبُّ الأعمال إلى الله بعد ذلك، كما بيَّن ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، في الحديث الذي يرويه عن ربِّ العزَّة:

" وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحبّ إليَّ ممَّا افترضت عليه " رواه البخاري.

ويمكنكِ - أختي الكريمة - أن تركِّزي معهن في البداية على المحافظة على الصلاة في أوّل وقتها، وخاصَّةً صلاة الفجر التي تمنح صاحبها شحنةً إيمانيَّةً يلمس آثارها طوال يومه.

 

 

6- استخدمي فضائل الأعمال كحافزٍ لهن :

فالتذكير بفضائل الأعمال من الأمور التي تنشِّط الإنسان، وتدفعه إلى السعي والجدِّ والحرص على تحصيل هذه الأعمال والفوز بثوابها، خاصَّةً إذا كانت هذه الأعمال بسيطة ويترتَّب عليها ثوابٌ كبير، فالتذكير بفضائل الأعمال بصفةٍ عامَّةٍ، يشجِّع المرء ويدفعه إلى السعي لتحصيل هذه الفضائل والفوز بها.

 

 

7- ادعيهن إلى حضور الأنشطة الدعويَّة:

كأن تدعيهن مثلاً لحضور درس علمٍ أو ندوةٍ أو محاضرةٍ أو مقرئةٍ لتعليم القرآن أو مسابقةٍ قرآنيَّةٍ أو ثقافيَّةٍ أو .. إلخ.

 

 

8- عرِّفيهن على صحبةٍ صالحة:

فمن الأمور الضروريَّة - أختي الكريمة - وأنتِ تدعي زميلاتكِ أن تعرِّفينهن وتربطينهن بصحبةٍ صالحةٍ تُعينهن على فعل الخيرات بدلاً من تلك التي تدفعهن إلى السوء، فالمرء - وخاصَّةً الشباب - يتأثر بأصدقائه تأثُّرًا كبيرًا كما أشار إلى ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال: " مثل الجليس الصَّالح والسَّوء، كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسَّك: إمَّا أن يُحذيَك، وإمَّا أن تبتاع منه، وإمَّا أن تجد منه ريحًا طيِّبة، ونافخ الكير: إمَّا أن يُحرق ثيابك، وإمَّا أن تجد ريحًا خبيثة " رواه البخاري.

 

 

9- لا تثقلي عليهن :

بأن تبدأي - أختي الفاضلة - مع زميلاتكِ بعملٍ بسيطٍ يمكنهن المحافظة على أدائه ولا تثقلي عليهن، وفي ذلك يقول - النبي صلى الله عليه وسلم - : (يا أيُّها الناس، خذوا من الأعمال ما تُطيقون، فإنَّ الله لا يملُّ حتى تملُّوا، وإنَّ أحبَّ الأعمال إلى الله ما دام وإن قل) رواه البخاري.

 

 

وفي النهاية - أختي الكريم - نسأل الله تعالى أن يتقبَّل منكِ حرصكِ وجهدكِ في دعوة الآخرين.

 

 

 

بتصرف

المستشار: ياسر محمود

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الإستشارة (6)

 

الدعوة الفردية .. وزميلتي في العمل، وفي حرم الجامعة والمدرسة ؟

كيف أبدأ، وبماذا ؟

 

 

الجواب :

 

أختي الكريمة، حيَّاكِ الله وأعانكِ على ما تريدين، فأمر الدعوة إلى الله - تعالى - شرفٌ عظيمٌ لكلِّ من قام به لأنَّها مهمَّة الأنبياء والرسل، كما أنَّها حملٌ ثقيل، فنسأل الله لكِ العون والتوفيق والسداد.

 

واعلمي أختي أن الدعوة الفرديَّة هي أصعب أنواع الدعوة، وذلك نظراً لحاجتها إلى دقَّةٍ في التعامل مع النفوس، وصبرٍ والتزامٍ كبيرَين، ولا يقوم بها وبحقِّها إلا من يسَّر الله له وفتح عليه، ودعينا هنا نذكرها في نقاط، وبالله التوفيق :

 

النقطة الأولى: ما هي الدعوة الفرديَّة؟

الدعوة الفرديَّة عبارةٌ عن علاقةٍ موجَّهةٍ بين الداعي والمدعو قائمةٍ على الاحتكاك المباشر والاتصال القويِّ الذي يهدف إلى توجيه فكر المدعوِّ وسلوكه وفق المنهج الإسلاميّ.

فهي لا تحتاج إلى خطيبٍ بارع، ولا إلى عالمٍ فقيه، بل تحتاج إلى مسلمٍ ملتزمٍ بإسلامه فهماً وسلوكاً تمثَّل وصف الله تعالى لنبيِّه - صلى الله عليه وسلم - :

"عزيزٌ عليه ما عنتُّم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم".

 

 

النقطة الثانية: فيكِ أنتِ كداعية:

لأنَّ الداعي هو عامل التأثير الأساسيِّ فيها، وشخصيته هي مصدر التلقِّي لدى المدعو، لذا وجب عليه أن يتَّسم بعدَّة صفاتٍ نعرض لأهمِّها فيما يلي:

 

1- الإخلاص:

فبه يُقبَل العمل، وهو السهم النافذ الذي يحمل كلامكِ إلى قلب زميلتكِ، فـ " ما خرج من القلب وصل إلى القلب " كما يقولون.

 

 

2- القدوة الطيبة قبل الدعوة :

وفي كل شئ .. في المظهر والجوهر، في أقوالكِ وفي أفعالكِ وطبيعة تعاملاتكِ مع زملائكِ، بل وكذلك في ملبسكِ ومظهركِ الناطق بتعاليم الإسلام في كلٍ. ثم إذا أردتِّ أن تدعي إلى شيءٍ فابدأي بنفسكِ فيه، وقد كان عبد الواحد بن زياد يقول: " ما بلغ الحسن البصري إلى ما بلغ إلا لكونه إذا أمر الناس بشيءٍ يكون أسبقهم إليه، وإذا نهاهم عن شيءٍ يكون أبعدهم منه "..

 

ويقول أحد الدعاة "إنَّ الكلمة لتبعث ميتةً وتصل هامدةً مهما كانت طنَّانةً متحمِّسةً إذا هي لم تنبع من قلبٍ يؤمن بها، ولن يؤمن إنسان بما يقوله حقًّا إلا أن يتحوَّل هو ترجمةً حيَّةً لما يقول، وتجسيداً واقعيًّا لما ينطق به " ..

 

غير أنَّه لا يُفهَم من هذا أن نقعد عن الدعوة حتى نُتمَّ إصلاح أنفسنا، قال الحسن البصريُّ - رحمه الله تعالى - : "لو لم يعظ الناسَ إلا المتقون، لما وجدنا في الناس واعظا "، وإنما اجعلي شعاركِ :

" أصلِح نفسك، وادعُ غيرك ".

 

 

3- الصبر الجميل:

يقول الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم -: "إن المسلم إذا كان يخالط الناس ويصبر على أذاهم، خيرٌ من المسلم الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم"رواه أحمد والترمذيُّ وابن ماجه وإسناده حسن. فأنتِ إذن كالطبيب المعالج الذي يتعامل مع طبائع وشخصيَّاتٍ متفاوتةٍ متباينة، فإن لم يكن لديه الصبر الكافي، سئم وترك مريضه عرضةً للهلاك، وعلاجكِ ليس يوما وينتهي، بل فترةً من الزمن غير قصيرة، تجتثُّ فيها خبائث الصفات، وتربِّي فضائل الأخلاق.

 

 

النقطة الثالثة:مراحل الدعوة الفرديَّة:

أمَّا المراحل التي عليكِ اجتيازها لتصلي إلى مرادكِ - بإذن الله - فنوجزها فيما يلي :

 

أوَّلا: التعارف:

والهدف من التعارف إيجاد صلةٍ بينكِ وبين زميلاتكِ، وإيجاد علاقةٍ طبيعيَّةٍ تمكِّنك من التواصل معهن تحقيقاً لمراد الله تعالى: "لتعارفوا"، وهذه الصلة في الغالب تكون متوفِّرةً بشكلٍ طبيعيٍّ عن طريق الأقارب أو الجيران أو زملاء العمل، ومن خلالها تستطيعين أن تختاري من يمكن أن تُكمِلي معها بقيَّة الخطوات.

 

 

ثانيا: الاختيار:

يقول النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - : "تجدون الناس كإبلٍ مائة، لا يجد الرجل فيها راحلة"رواه البخاري، وأنتِ تبحثين عن الرواحل التي تعينكِ في حمل هذه التبِعة الثقيلة، ولكي تصلي إلى بُغْيَتكِ، يجب أن تكون لكِ نظرةٌ فيمن حولكِ، ولذلك بدأ الرسول - صلى الله عليه وسلم - أوَّل ما بدأ بأبي بكر الذي ما لبث أن تعلَّم الدرس وراح يتحرَّك، فتخيَّر مجموعةً غدَوا من العشرة المبشِّرين بالجنَّة.

 

ألم يقل - صلى الله عليه وسلم - : "فخياركم في الجاهليَّة خياركم في الإسلام إذا فقهوا"رواه البخاري، وراح يطِّبق ذلك عمليّا، فعمر بن الخطَّاب الذي قال عنه عامر بن ربيعة - رضي الله عنه - : "والله لا يُسلِم حتى يُسلِم حمار الخطَّاب"رواه الطبرانيُّ وإسناده صحيح، يدعو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقول: "اللهمَّ أعزَّ الإسلام بأحبِّ هذين الرجلين إليك: بأبي جهلٍ أو بعمرَ بن الخطَّاب"، قال: وكان أحبَّهما إليه عمر"رواه الترمذيّ، وقال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريب. ولذلك فابدأي أختي بالتالي :

 

- صاحبة الأخلاق الأساسيَّة: " الكرم، الإيجابيَّة، روح المساعدة، الجدِّيَّة... "ومن تلتزم بالعبادات وبعض الطاعات، ثمَّ صاحبة الأخلاق الأساسيَّة فقط، وهكذا.

- القريبة منكِ: سِنّا، سكنا، ثقافة، نفسيّا، ميولا، هوايات،... إلخ.

- الأكثر استقرارا: اجتماعيّا، اقتصاديّا، دراسيّا،... إلخ,

- صاحبة الذهن الخالي من أيِّ أفكارٍ تضادّ الفكر الإسلاميِّ الصحيح.

 

 

وبعد الإختيار انتبهي لهذه النصائح:

 

- أكثري من ملازمتها لتتعرَّفي على صفاتها أكثر.

- انتبهي لسلوكها مع الآخرين كي تعرفي شخصيتها وميولها.

- حاولي أن تقدِّمي لها كافَّة أشكال العون والمساعدة.

- لا تتدخَّلي في أمورها الخاصة.

 

 

ثالثا: التقارب:

لقد اخترتِ الآن هذه الإنسانة لتغرسي فيها بذور دعوتكِ؛ فلتتذكَّري إذن وصيَّة المعلِّم الأوَّل - صلى الله عليه وسلم - لعليٍّ - رضي الله عنه - : " لأن يهدي الله بك رجلاً واحدا، خيرٌ لك من أن يكون لك حُمُر النَّعَم"متفقٌ عليه، وفي رواية للحاكم: "خير لك مما طلعت عليه الشمس"، فاجعلي شعاركِ في هذه المرحلة : "ابذر الحُبَّ تحصد الحُبّ" حتى وإن كان لا يزال عاصيا، فإنَّنا نبذل الحُبَّ للمطيع فرحاً بطاعته، فلماذا لا نبذله للعاصي أملاً في توبته؟

 

 

وسائل للتقارب:

- تذكَّري قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ""إنَّ الله إذا أحبَّ عبداً دعا جبريل فقال: إنِّي أُحبُّ فلاناً فأحبَّه، قال: فيُحبُّه جبريل، ثمَّ ينادي في السماء فيقول: إنَّ الله يُحبُّ فلاناً فأحبُّوه، فيحبُّه أهل السماء، قال: ثمَّ يوضع له القَبول في الأرض"رواه مسلم.

 

- عليك بوصيَّة ابن الخطَّاب - رضي الله عنه - : "ثلاثٌ يُصفِين لك وُدَّ أخيك: تُسلِّم عليه إذا لقيته، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحبِّ أسمائه إليه" .

 

- الزمي مفتاح القلوب : "تهادوا تحابُّوا"فلا تنسي هداياكِ لها.

- تزاوري معها، فهذا يقرِّب بينكما أكثر، ويفضَّل لو تتعرَّفي على أسرتها.

- شاركيها في أفراحها وأتراحها ولا تنتظري أن تطلب منكِ ذلك.

 

 

نصائح مهمَّة:

- إيَّاكِ ونقد تصرفاتها المختلفة.

- اشكريها على أيِّ مساعدةٍ تقدِمها لكِ مهما صغرت.

 

- حذارِ أن تلغي رأيها أو تفكيرها، بل اتركيها تعبِّر عن رأيها وتخالفكِ وتعارضكِ، واقبلي ذلك بصدرٍ رحب، فهذا هو منهج الإسلام.

 

- راعِي ميولها وهواياتها ورغباتها، واحرصي على تشجيع النافع منها.

- إيَّاكِ من محاولة تحويلها إلى نسخةٍ منكِ، بل حافظي لها على استقلاليَّتها وخصوصيَّتها وطبيعتها الشخصيَّة.

 

- لا تفصليها عن أسرتها ومجتمعها وواقعها، وإنما احرصي على انغماسها فيه حال كونها مشبعة بإيمانٍ وعقيدةٍ ثابتين، وقلبٍ متوهِّجٍ بالعمل وحبِّ الخير للبشريَّة جمعاء.

 

بهذه الطريقة يُرجى أن تزداد قرباً منكِ فتحبَّكِ، وبذلك تكوني أكثر قدرةً على دعوتها إن شاء الله.

 

 

رابعا: إيقاظ الإيمان:

ولا أظنُّك - أختي الكريمة - تستغربي هذا المصطلح، نعم فكلُّ ما عليكِ فعله بعد ذلك أن توقظي أصل الإيمان النائم خلف ركامٍ من الذنوب والشهوات والشبهات في قلب زميلتكِ، وأن تزيحي هذا الركام عن هذه الصفحة البيضاء المستقرَّة في أصل فطرتها.

 

 

وسائل مساعدة:

- استغلي المواقف الطبيعيَّة لتذكيرها بقدرة الله وعظمته ممَّا يوجب محبَّته وخشيته.

- الزما وِرداً قرآنيًّا تقومان به معا.

- حثِّيها على الالتزام بصلاة الفجر في وقتها، وتعاونا على الاستيقاظ.

- تعاونا على قراءة أذكار الصباح والمساء وخواتيم الصلوات بانتظامٍ مهما كانت المشاغل، وفي أيِّ مكانٍ تكونان.

 

- اجتهدي على تعريفها بصحبةٍ طيِّبةٍ تعينها وتعينكِ.

 

وتذكَّري دائماً معي الحديث القدسيّ: "من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب، وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ ممَّا افترضتُّ عليه، وما يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه، فإذا أحببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينَّه، ولئن استعاذني لأعيذنَّه"رواه البخاري.

 

 

 

نصائح:

- استعيني بكتب وأشرطة الرقائق .

- وضَّحي لها فضائل الأعمال باستمرار وحضَّيها عليها.

- نوِّعي وسائلكِ في إيقاظ الإيمان ولا تركِّزي على شيءٍ واحد.

- أكثري من الدعاء لها بظهر الغيب.

- تعرَّفي على أخلاقها الحميدة وامدحيها فيها واربطيها بالإسلام، وضعي خطَّةً لمعالجة أخلاقها السيئة.

 

- لا تفرطي في الترهيب، وابدأي بالترغيب دائما.

- لا تطلبي المثاليَّة أو الالتزام الكامل فيها، وعليكِ بالتدرُّج.

- ابدأي معها بأصول العقيدة الإسلامية الصحيحة، ثم الفرائض وركِّزي عليها ثم خذي من النوافل قدر المستطاع.

 

- أكثري من التذكير بالنيَّة، خاصَّةً عند الأمور الحياتيَّة العاديَّة، بما في ذلك علاقتكِ بها، مذكِّرة لها بفضل الأخوَّة في الله - تعالى -، شارحاة قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إنَّما الأعمال بالنيَّات، وإنَّما لكلِّ امرئٍ ما نوى"متَّفقٌ عليه.

 

- اسأليها دائماً عن أحوالها في عملها وإتقانها فيه، لأنَّ ذلك من صميم الإسلام.

- اصطحبيها لحضور بعض المحاضرات الدينية والدروس الوعظية.

- شجِّعيها باستمرار على القراءة النافعة والاطِّلاع المستمرّ.

- حثَّيها على متابعة الأخبار يوميّا، واستطلاع أحوال العالم من حولها.

 

- اتَّفقي معها على ضرورة العمل للإسلام، ومساعدة إخواننا في كلِّ مكان، بدايةً من ضرورة كونها مواطنة مسلمة صالحة، ووصولاً إلى تقديم يد العون لهم بالدعاء والتبرُّع وشرح قضيَّتهم، أو أيَّة وسيلةٍ أخرى.

 

 

هذه أختي خطوات الدعوة الفرديَّة مع رفيقة الدرب، وهي إجابةٌ طويلةٌ لقضيَّةٍ حسَّاسةٌ ودقيقة، إن أحسنَّاها عصمنا أُمتنا من أخطاء كثيرة، وأضفنا إلى رصيدها دعاة مخلصين عاملين نافعين بإذن الله .

 

 

 

بتصرف

المستشار: الأستاذ هاني محمود

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الإستشارة (7)

 

التشتت في الدروس .. كيف أتخلص منه؟

 

 

السؤال:

 

لدي مشكلة لم أستطع التخلص منها، وهي التشتت، فعندما أتحمس لموضوع ما أجد نفسي أتشعب فيه، وسأضرب مثالاً حتى يتضح قصدي.. لو تحدثت عن موضوع يتكلم عن إعجاز الله في اللسان؛ دون أن أدري أجد الموضوع تشعب إلى آفات اللسان ومشاكل يتسبب فيها والمناهي اللفظية.

 

وحضرت درس لداعية من الداعيات فحصل معها نفس الشيء، ومع إسهابها حصل لدى بعض الحاضرات صداع وتشتت عن الموضوع الرئيسي، فأحسست بخطأ هذه الطريقة.

 

أتمنى أن أتعلم كيف ألقي درس بخطوات عملية.

 

 

 

الجواب:

 

أختي الكريمة: أسأل الله -تعالى- أن يتقبل منكِ عملكِ وجهدكِ في نشر دعوة الإسلام.

 

أختي الفاضلة: يجب النظر إلى الوقت على أنه مورد فريد من نوعه، ومن ثم على الداعية أو المعلمة أن تتعلم مهارة إدارة الوقت المتاح، وأن تسأل نفسها كيف يذهب هذا الوقت، حتى لا تتحلل فاعليته.

 

إن إدارة الوقت مهارة يمكن تعلمها، وأول المهارات تكمن في التخلص من النشاطات والفرعيات غير الضرورية، فإدارة الوقت تعني كيفية الإستخدام الأفضل لتحقيق أهداف الدرس، وممارسة التطبيقات المرتبطة به، والفاقد لمهارة إدارة الوقت إنسان يسكب عمره وجهده على التراب دون أن يدري.

 

عوامل هدْر الوقت المتاح:

 

- عدم وضوح الأهداف والعناصر الرئيسة للموضوع يؤدي إلى عدم وضوح الرؤية، ومن ثم تشتت الأفكار، والخروج المتكرر عن الموضوع المحدد.

 

- الاسترسال مع الأفكار الجانبية، والتي قد تكون مساعدة للفهم، لكن الإسهاب فيها يجعلها مضيعة للوقت، لأنها من فرعيات الموضوع.

 

- عدم تحليل الوقت، وإعطاء الوقت الملائم لكل هدف، بداية من التمهيد - الذي لا يجب أن يستغرق أكثر من 5 دقائق - مرورًا بالعناصر التي يجب أن نحدد لكل منها فترة زمنية محددة تناسب وزنها النسبي في الدرس، وكذلك الأسئلة التحفيزية وتعزيز الحاضرين بكلمة تشجيعية، وانتهاء بالملخص الختامي ومهارة غلق الدرس.

 

- عدم التسجيل على ورق، فالذاكرة مهما كانت جيدة فإنها لا تحتفظ بكل شيء، ومن ثم فإن عدم كتابة الأهداف والعناصر يؤدي إلى التشتت، وتسهيل سياسة الإسهاب والإطناب في الشرح على حساب أفكار أخرى، ومن ثم ضياع الأفكار المهمة، فالاستشهاد بكلمة لرابعة العدوية مثلا، قد يجر الإنسان الشرقي العاطفي إلى سرد قصة حياتها، وهنا خروج على الموضوع يؤدي لضياع عناصره، وبعثرة أفكاره.

 

مبادئ أساسية لتنظيم الوقت وإيجابيته:

 

التخطيط الجيد أهم مبادئ تنظيم الوقت وفاعليته، فالتخطيط غير الملائم أو اللاتخطيط، هو السبب الرئيس للإدارة السيئة للوقت وضياع المعاني وتشتت الأفكار.

 

والتخطيط يجب أن يشمل سلسلة متكاملة من العناصر:

 

1- تحديد الأهداف، فالتربية عملية هادفة مقصودة، لابد من تحديد أهدافها وإلا سارت بغير وعي ولا رشاد.

 

والأهداف تعني: التغير الفكري السلوكي الذي يحصل عند المستمع بعد انتهاء الدرس، أو بعد المرور بخبرة تعليمية، أو هي تلك التغيرات التي يراد حصولها في سلوك الإنسان الفرد، وفي ممارسات المجتمع المحلي.

 

فتسأل الداعية نفسها:

ما هي الأهداف من درس اليوم؟

أي ماذا أريد إيصاله إلى المستمعين اليوم؟

 

فمثلا في درس للتاريخ تضع الداعية الأهداف والوسائل التي تحقق من خلالها هدف نهائي، وهو - على سبيل المثال - الكشف عن قوانين الله في الاجتماع البشري، فتضع أهدافها كالتالي:

 

- أن يتعرف الدارس على طبيعة الزمن الذي دارت فيه معركة أُحد أو حزيران.

 

- أن يحلل الدارس أسباب الهزيمة تحليلا واضحا.

 

- أن يتعرف المستمع على قوانين الله في المجتمع البشري، فمن غفل عن قانون الله فلا يغفل عنه قانون الله.

 

ثلاثة أهداف تكون محور الدرس ولا تحيد عنها إلا بأنشطة وفرعيات مساعدة ومحسوبة، فتعطي للتمهيد خمس دقائق، وكل هدف من الأهداف الثلاثة خمس دقائق مثلا، ثم تختم وتغلق الدرس في ثلاث دقائق.

 

2- الاحتفاظ دائما بقائمة الأهداف، والنظر في هذه القائمة بين الحين والآخر لا يَعيب المعلمة، بل ينظم أفكارها، ويعمّق خبرتها.

 

3- استخدام أدوات تنظيم الوقت، ويفضل وجود ساعة حائط أمام الداعية، لتكون منبها لها لمرور وقت الدرس.

 

وأود أن ألفت نظركِ -أختي الفاضلة- إلى شيئين مهمين:

 

الأمر الأول: هو ضرورة التمييز بين الخبرة المربية والخبرة غير المربية..

 

*الخبرة المربية تأتي نتيجة أهداف واضحة، والغير مربية تأتي نتيجة تشتت الأفكار، والاكتفاء بالمواعظ العامة.

 

*الخبرة المربية تسهّل التعلم وتعمّقه، فهي خبرة ذات أثر، أما حين لا يحسن المعلم استعمال قدراته العقلية، ولا يجيد توظيف الوقت فإن العمل لا يولد أثراً، وبالتالي لا تكون الخبرة مربية نافعة.

 

إن المواعظ العامة - المفعمة بالتخويف وتشتت الأفكار - هي خبرات غير مربية، وهي معيقة للنمو والتطور، فهي خبرات بلا أثر، لأنها مخدرة غير حافزة، مجزأة غير مترابطة، تعيش في الماضي ولا علاقة لها بالحاضر أو المستقبل.

 

أما الأمر الثاني: فنعني به ضرورة إدراك أن تنظيم الوقت قد يكون صعبا في بداية الممارسة، بيد أنه مع الوقت تكتسبين خبرة التحكم في الوقت.

 

 

وختامًا نقول إن الإنسان قد يصيب سهمًا من الإخلاص، لكنه قد يفشل في صياغة النفوس، لأنه يجهل الدراسات الإنسانية، وأساليب التعليم والتربية، ومن ثم تذبل الخبرات المربية، التي هي شريان الحياة في وادينا المسلم، وأهل الدعوة والتعليم هم المسئولون عن هذا المصير الكابي، ومن ثم أرى ضرورة تنظيم دورات تربوية لكل من يشتغل بالدعوة، حتى يبقى للتعاليم جوهرها، وكي نمنع العواطف الرجرجة من الانطلاق دون جدوى.

 

 

 

 

بتصرف..

المستشار: الأستاذ أسامة حمود

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

ماشاء الله اختنا المهاجره مواضيع للدعوه مميزه كالعاده:)

قرأت العناوين وسأمر لاقرأ بامعان كل استشاره

جعلها الرحمن فى ميزان حسناتك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛؛

تحية طيبة : اختي المهاجرة

نريد المتابعة لمثل هذه الاستشارات الرائعة

بارك الله فيك

نحن في انتظارك

 

حياكِ الله بين ساحاتنا أختنا -رفيقة السفر-.

إن شاء الله أخية تنعمي معنا بطيب الصحبة وزادٍ من المنفعة.

 

وسعداء بمتابعتكِ لنا :)

وفي انتظار نفحاتكِ بيننا فلا تحرمينا.. بوركتِ.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الإستشارة (8)

 

أخي لا يصلي!

 

السؤال:

 

لا أعرف الحد الفاصل بين الود وبين البر والإحسان، فأخي لا يصلي، وكثيرًا ما دعوته للصلاة بإعطائه الكتب التي تبين أحكام تارك الصلاة، وبالشرائط التي تبين الأمر نفسه، ولكنه لا يستجيب، بل وزاد الأمر أحيانا إلى السخرية من اهتمامي بالدين.

 

أصبح هناك حاجز نفسي بيني وبينه، وأشعر بالأسف لذلك، فقد كنا مقربين قبل بداية مسيري في طريقي الذي أتمنى أن يوصلني إلى الجنة..

 

فكيف أتعامل معه؟

وأي الطرق توصلني معه إلى النتيجة المرجوة؟

وكيف يكون البر والإحسان معه؟

 

 

 

الجواب:

 

الود والبر والإحسان قيم عظيمة وفضائل نبيلة، يجب أن يتحلى بها المسلم - رجلا كان أم امرأة - مع من يعرف ومن لا يعرف، وهو في حالة الأقارب آكد كما هو حالتكِ مع أخيك، فأمر ترك أخيكِ للصلاة إثم عظيم وذنب كبير لا يكفره إلا القيام بأدائها؛ فعليكِ أيتها الأخت المسلمة -حفظكِ الله، وجعلكِ من الداعيات العاملات القانتات المخلصات الهاديات المهتديات- أن تتبعي مع أخيكِ هذه النصائح عسى الله أن يهديه:

 

* لا يصيبكِ اليأس من دعوة أخيكِ إلى الصلاة والأعمال الصالحة بجميع الوسائل والسبل التي فيها ترغيب وترهيب، واستمري في دعوته مهما بلغت به درجة العزوف والنفور.

 

* لا بد من الصبر عليه، فإن الصبر على دعوة الآخرين وأذاهم طاعة، ولنا في النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام الأسوة الحسنة، فقد تعرض الكثير منهم للأذى على يد أقرب الناس إليه، فما ضعف وما استكان.

 

* أما سخريته منكِ نظرًا لتدينك؛ فلا يجب أن تحزنك أو تقيم حاجزًا نفسيًا بينكِ وبينه؛ لأن وضعه كوضع المريض، يثير الشفقة، ويحتاج إلى العطف والتطبيب، واعلمي أن هذا يعظم من أجركِ، ويرسم لكِ الطريق إلى الجنة.

 

* احذري أن تقاطعيه أو تبتعدي عنه، فإنه في مسيس الحاجة إليكِ لكي تخرجيه مما هو فيه من بعد عن الالتزام بتعاليم الإسلام.

 

* أختاه كوني بارة به، وأحسني إليه كعادتك، وتقربي منه، وأنصتي إلى حديثه، واحرصي على معرفة مشكلاته، وأظهري اهتمامك بها، وانتهزي الوقت المناسب للحوار معه.

 

* أشعريه أنكِ تحبينه وتخافين عليه، وما موقفكِ إلا من هذا المنطلق.

 

* لا تكوني ممتعضة منه، بل توددي إليه حتى يستيقظ من هذه الغفلة.

 

* قدمي له هدية في بعض المناسبات انطلاقا من قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "تهادوا تحابوا" -رواه الطبراني في الأوسط، وقال عنه ابن حجر: إسناده حسن-.

 

* تبسمي في وجهه مهما كان موقفه معكِ، وألقي السلام عليه، واسأليه عن صحته وأحواله.

 

* حرضي عليه بعض الصالحين لاجتذابه، خاصة من يثق بهم، سواء كان الوالد إن كان ملتزمًا أو أحد أخوالكِ أو غير ذلك.

 

* أكثري له من الدعاء بظهْر الغيب.

 

* اعلمي أن الله -عز وجل- بيده مفاتيح القلوب، وهو الذي بيده الهداية: "إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَن يَشَآء".

 

 

وصلى الله وسلم على النبي محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

 

 

المستشار: الشيخ ناظم المسباح

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الإستشارة (9)

 

أخي.. وصديق السوء.. والصلاة

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

لديَّ أخٌ مراهقٌ عمره 19 عامًا لا يحافظ على الصلاة، وهو لا يؤدّيها أحيانًا كثيرةً، ولكن لا يعرف بهذا إلا أنا وأخي البالغ من العمر 21 عاما، وقد نصحه أخي كثيرًا وبيَّن له خطورة هذا الوضع، وأنَّ تارك الصلاة يكون كافرًا، لقول الرسول -صلى الله عليه و سلم-: "إنَّ بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" -رواه مسلم-، ولكن أخي لا يستجيب لهذه النصائح، وممَّا يزيد الوضع سوءً أنَّ لديه صديقًا لا يصلِّي أيضًا، وفي مرَّةٍ كان أخي يُصلِّي -بعد أن ألحَّ عليه أخي الآخر- فدخل صديقه ورآه يُصلِّي فقال له: هل خنتني؟

 

وممَّا ألاحظه أنَّ أخي يحبُّ الدين، ولكنَّه يكره الملتزمين، ويرى أنَّ معظمهم يخدعون بمظاهرهم ولا يمتُّون إلى الدين بصلة، ولذلك فهو يكره أن يكون ملتزمًا.

 

وسؤالي هنا:

 

ما الذي أستطيع أن أفعله أنا وأخي؟

وكيف لنا أن نعيده إلى جادة الصواب؟

مع العلم أنَّه لا يتقبَّل النصح.

وادعوا له -جزاكم الله خيرًا- بالهداية، ولنا جميعا.

وفقنا الله وإيَّاكم لما يحبُّ ويرضى.

 

 

 

الجواب:

 

الأخت الفاضلة: شكر الله لك ولشقيقكِ حبَّكما لأخيكما، وحرصكما على ما ينفعه وإبعاده عمَّا يضرُّه، وإدراككما لمشكلة أخيكما، وهذا هو دوركما المرجوّ، وأدعو الله أن ينفع بكما ويجعل جهودكما في ميزان حسناتكما، وليت كلَّ الأشقاء والشقيقات يحرصون على التناصح فيما بينهم كما تفعلون، فـ "الدين النصيحة" كما قال -النبي صلى الله عليه وسلم-.

 

وبدايةً نقول أنَّ مشكلة أخيكما تقتضي أن ندرك أنَّه يعيش مرحلةً عمريَّةً حرجةً نسأل الله أن يعبرها بسلام، وأن يعيده إلى الرشد وجادة الصواب وطريق الحقِّ والاستقامة، وهذه المرحلة العمريَّة تُعرف بمرحلة المراهقة، وهى تحتاج إلى معاملةٍ خاصَّةٍ، وخطابٍ مناسبٍ، وأساليب ووسائل مناسبةً سنبيِّنها بعد قليل، فالله -عزَّ وجلَّ- يقول: "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِالْحَسَنَةِ"..

 

والحكمة تتطلَّب مراعاة خصوصيَّة المرحلة التي يمرُّ بها المراهق، فالمراهق قد يستثقل التكاليف الشرعيَّة، خاصَّة أنَّه -ربَّما– قد تعوَّد على حياة اللهو والانطلاق والتحرُّر، بالإضافة إلى نظرته غير المنصفة للمتديِّنين، وهذا لا يعفى بعض الملتزمين من المسؤوليَّة، فقد يبدون في صورةٍ غير لائقةٍ من خلال تصرُّفاتهم وسلوكيَّاتهم.

 

هذا فضلاً عن أنَّ أخيكم يرافق أحد أصدقاء السوء، وتلك أيضًا مشكلةٌ عويصةٌ يجب أن يتمَّ معالجتها برفقٍ ورويَّةٍ وحكمةٍ، وتوفير البديل الصالح الذي يأخذ بيديه إلى طريق الاستقامة والتدين والمحافظة على الصلوات وغيرها من الفرائض الشرعية، وأتمنَّى أن يحاول أخاكِ الأكبر الأخذ بيد هذا الصديق إلى طريق الخير والهدى، ولعل ذلك يكون أكثر فائدةً للجميع.

 

وبناء على ما تقدَّم يتعيَّن أن تتَّسم مساعيكما، وتتحلَّى محاولتكما لترغيب أخيكما وصديقه في الاستقامة بما يلي:

 

- أحسنوا أن تكونوا إخوة له بحقّ، وليس فقط مجرد "حسيب" يقف على رأسه ليحاسبه عن أخطائه، فإنَّ ذلك يمكن أن يغنيه عن البحث عن أصدقاء في الخارج لا يروقكما حالهم، وسيجد فيكم الغناء -بإذن الله تعالى-.

 

- الصبر والاصطبار عليه، "يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا"، وعدم اليأس مهما بلغ نفوره أو عزوفه عن الاستجابة.

 

- التودُّد إليه وإظهار الحبّ له، ويكون ذلك عبر التهادي، وصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ يقول: "تهادوا تحابُّوا" -حسَّنه الألباني-.

 

- إشعاره بأنَّكم تخافون عليه، وتحبون الخير له، وتسعون إلى أن يكون مستقيمًا سعيدًا في حياتيه الدنيا والآخرة.

 

- مرافقته في بعض النزهات والاقتراب منه أكثر ومشاركته هواياته ونشاطاته.

 

- إقامة حوارٍ معه لمعرفة احتياجاته، وفهم مشكلاته، حتى يتمَّ معالجته بالوسائل والأساليب المناسبة.

 

- تقديم النصح له بشكلٍ غير مباشر.

 

- مساعدته على استثمار وقته وشغل فراغه، حتى لا تكون هناك مساحةٌ لأصدقاء السوء، يقول -صلى الله عليه وسلم-: "نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس.. الصحَّة والفراغ".

 

وفيما يتعلَّق بأمر الصلاة، فشأنها عظيم، وهي أوَّل ما يُحاسب عليه الناس من أعمالهم يوم القيامة، والتفريط فيها هو تفريطٌ في البقيَّة الباقية من الإسلام، ولسنا في مقام ذكر أهمِّيَّة الصلاة وفضلها فليس ذلك محلّ خلافٍ، أمَّا الطرائق التي ينبغي اتباعها لتحبيب أخيكما في الصلاة ما يلي:

 

- تقديم نماذج وقدواتٍ صالحةٍ وناجحةٍ في الوقت نفسه لأخيكما، وتاريخنا الإسلامي حافلٌ بهذه الخبرات، ويوجد بين ظهرانينا من هم قدوة صالحة، وليس كلُّ المتديِّنين منفرين أو متمظهرين في مجرَّد شكلٍ إسلاميٍّ دون الجوهر، والهدف من ذلك ربطه ببعض الشباب المتدين المقبول لديه بدلاً من الصحبة السيِّئة التي تأخذ بيديه إلى التهلكة.

 

- إهدائه بعض أشرطة الكاسيت التي تتحدَّث عن الصلاة وفضلها.

 

- اصطحابه لحضور دروس العلم لبعض العلماء المؤثِّرين والمخلصين الذين يخاطبون القلوب والعقول معًا.

 

- تقديم بعض الكتب التي تحضُّ على الصلاة والمواظبة عليها، ووضعها في أماكن في متناول يد أخيكما وغيره من أفراد الأسرة.

 

- الدعاء له بظهر الغيب، ومناجاة الله -عزَّ وجلّ- في وقت السحر بأن يهدي قلبه إلى الحقّ والصواب والاستقامة.

 

- إبراز أهمِّيَّة الصلاة ودورها في إدخال السعادة والاطمئنان النفسي على قلب من يحافظ عليها ويؤدِّيها في أوقاتها دون تقصير.

 

- إزالة أي آثار سلبيَّة في ذهنه عن التديُّن والمتديِّنين، من خلال أن تكونا قدوةً له.. تطبِّقان الدين وتعاليمه بما يحبِّبه في التدين.

 

 

أسأل الله أن يهدي أخاكما وصاحبه إلى الخير، وأن يجعلنا وإياهما وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.. آمين.

 

 

 

 

بتصرف..

المستشار: الأستاذ رجب الدمنهوري

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الإستشارة (10)

 

توجيه في كيفية إنكار المنكر؟

 

 

 

السؤال:

 

نلاحظ كثيرًا من الشباب المتحمس لإنكار المنكر، ولكنهم لايحسنون الإنكار..

فما هي نصيحتكم وتوجيهاتكم لهؤلاء؟

وما هي الطريقة المثلى في إنكار المنكر؟

 

 

 

الجواب:

 

-نصيحتي لهم أن يتثبتوا في الأمر، وأن يتعلموا أولا حتى يتيقنوا أن هذا الأمر معروف أو منكر، بالدليل الشرعي، حتى يكون إنكارهم على بصيرة لقول الله -عز وجل-:

"قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ".

 

-مع نصيحتي لهم بأن يكون الإنكار بالرفق والكلام الطيب والأسلوب الحسن، حتى يقبل منهم، وحتى يصلحوا أكثر مما يفسدون..

 

لقول الله -عز وجل-: "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن".

وقول الله -عز وجل-: "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ".

 

وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من يحرم الرفق يحرم الخير كله".

وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه".

والأحاديث في هذا الباب كثيرة صحيحة.

 

-ومما ينبغي للداعي إلى الله، والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يكون من أسبق الناس إلى ما يأمر به، ومن أبعد الناس عما ينهي عنه، حتى لا يتشبه بالذين ذمهم الله..

 

بقوله سبحانه: "أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ".

وقال -سبحانه وتعالى-: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ".

وحتى يتأسى به في ذلك، وينتفع الناس بقوله وعمله.. والله ولي التوفيق.

 

 

الموقع: الشيخ عبد العزيز بن باز.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الإستشارة (11)

 

أنا وزوجي.. كيف ندعو جيراننا ؟

 

 

الجواب:

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم،

أختنا الحبيبة: بارك الله لكِ في حملكِ لهم الدعوة أنتِ وزوجك..

وجعلكما من الصالحين الصادقين المخلصين لوجهه الكريم في كل أعمالكما الظاهرة والباطنة..

 

أما بعد..

 

جميل أن نبدأ عملًا دعويًا عائليًا بهمة عالية وحماسة متدفقة، والأجمل هو إعادة تصحيح النية وإخلاصها لوجه الله -تعالى-، ذلك أن العمل لوجه الله -تعالى- لا شريك له يجعلكِ لا تتعجلين نتائج الدعوة، بل وتعتبرين كل جهد مبذول وكل محاولة غير مجدية ثقلًا جديدًا في ميزان حسناتك إن شاء الله، ومن ثم تصبرين على ما انتويته من خير.

 

أضيفي إلى هذا أن طريق الأنبياء وهو الدعوة ليس طريقا سهلًا، ولكنه شديد الوعورة، صعب لا يصبر على لأوائه إلا صاحب حظ عظيم.. ألم يدع سيدنا نوح قومه ألف سنة إلا خمسين؟؟ ألم يدع سيدنا إبراهيم قومه، فكفروا بما أتاهم به من خير إلا لوط أكرمه الله بالإيمان ثم بالنبوة؟؟؟

 

وطريقكِ -ولله الحمد- أسهل بكثير من طريق الأنبياء؛ لأنك لا تدعين كفارًا ولكنكِ تدعين مسلمين، فدورك فقط هو بذل المحاولة لاستنقاذهم من الغفلة وقصر النظر على الدنيا دون الآخرة.

 

بيد أنكِ يجب أن تتفهمي طبيعة العصر الذي نعيشه، والذي جعل كل واحد منغلق على نفسه وعائلته، قليل الاحتكاك بمن حوله، لا وقت لديه للإقتراب أو محاولة الإقتراب من غيره، والإفراط في هذا المسلك ليس محمودًا، لكن الإيقاع المتسارع لحركة الحياة هو الذي عودنا على ذلك، وربما ساعد على ذلك أيضًا الانفتاح الفضائي والغزو الفكري الذي زاد من تقوقع الإنسان على نفسه،..

 

فوقت الفراغ الذي كان يتزاور فيه الأهل والأصدقاء؛ تقلص وأصبح هناك ما يملأ مساحاته من متابعة للقنوات الفضائية وتعلق بالشبكة العنكبوتية، واستبدل التواصل الفعلي واللقاء الدوري بمكالمات هاتفية أو رسائل جوال سريعة، تفي بالغرض لمن هم حريصين عليه، وتعزز داخل كثير من الناس سوء الظن ببعضهم البعض، لذا فالمسألة ليست سهلة، وتحتاج منكِ لكثير صبر، ومواصلة جهد من غير يأس ولا ملل.

 

وهنا أرى أن فكرة إرسال شريط دعوي لهن وتقديم النصح المباشر ربما تكون غير مجدية في البداية، ذلك أن النصح ثقيل على النفس، خاصةً إن كان من الأصغر إلى الأكبر..

 

-لذا أقترح عليك أن تحاولي التواصل معهم من منطلق جديد، وهو أن تظهري أنكِ بحاجة إلى جاراتكِ وإلى خبراتهن، خاصةً إذا كنتِ حديثة عهد بالزواج مقارنة بهن. فلا تدخلي إلى ميدان النصيحة مبكرًا لا معهن ولا مع بناتهن، حتى لا تخلقي جوًا من التنفير، بل مدي جسور الثقة أولًا ثم ادلفي إلى ما تريدين من خير بلطفٍ وهوادة.

 

-لا تلحي في النصيحة، ولكن اجعليها على فترات متباعدة، وحاولي أن تستخدمي التعريض والتلميح، لأنه أخف وقعًا على النفس وأقرب إلى التقبل.

 

-احذري أن تقحمي نفسكِ في حياة جاراتك فجأة، وحافظي على حقهن في الاحتفاظ بخصوصياتهن، وتخيري أوقات الزيارة والمواقف التي تثبتين لهن بها أنك أخت تحمل همهن وتقف إلى جانبهن في المرض والظروف الصعبة التي يكون الإنسان فيها بحاجة لمن يمد له يد العون.

 

-ولاتنسي الرفق، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:

"إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه"

رواه مسلم.

 

-وإن أردتِ أسهل الطرق وأقصرها لدعوة جيرانك خاصة والمسلمين عامة، فهي أن تكون عائلتكِ مثلًا ونبراسًا في الخلق والتعامل والعبادات، وأن يصدق القول العمل والمظهر المخبر، وإلا فستكونين كالذي يبني بناءًا بلا أسس، فينهار به وبحلمه، وهو يظن أنه على صواب.

 

ولا تنسي - أختي الحبيبة - أن الدعاء هو سبيلك لكل خير، فالله لن يطاع إلا بإذنه، ولن يعصى إلا بعلمه، فتضرعي لله أن يهديكِ ويهدى جاراتك لسواء السبيل، فدعاء الأخ لأخيه بظهر الغيب من الأدعية المرجوة الإجابة بإذن الله.

 

نسأل الله لنا ولكِ وللمسلمين أجمعين الهدى والتقى والعفاف وخير الدارين.. آمين.

 

 

 

المستشار:

د.حنان فاروق

 

بتصرفٍ يسير

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الإستشارة (12)

 

قواعد أساسية في.. الدعوة إلى الله؟

 

 

 

الجواب:

 

هي إحدي عشرة قاعدة، نقتبسها من بصائر أسلافنا، وخبرات أساتذتنا، وغيرهم ممن سبقونا في مجال الدعوة. وهي: ثلاث في المدعو، وأربع في الداعي، وأربع في الوسيلة، سائلين الله العون والمدد:

 

أولًا في المدعو:

 

القاعدة الأولى: ضرورة مراعاة المرحلة العمرية للمدعو: وهذه نقطة هامة نغفل عنها كثيرًا، فتجد طريقتنا في الدعوة متشابهةً، لا تراعي من المتحدث إليه، وأخطر هذه المراحل العمرية مرحلة المراهقة، فهذه المرحلة بالذات تحتاج لمن يتعامل معها إلى دقةٍ وحرصٍ شديدين، لأن من أبرز سماتها التقلب وعدم الثبات، والإحساس بالذات، ومن يغفل ذلك ممن يتعامل مع المراهقين فلن يصل إلى شيء، فإذا كنتِ أختي الداعية ممن تتعاملين مع هذه المرحلة، فعليكِ أن تراعي ذلك بشدة، فتتركين للمدعو فرصة التعبير عن الذات، وتفتحين له مجال الإدلاء برأيه، وإياكِ ثم إياكِ أن تستخفي بهذا الرأي مهما كان سخيفًا وساذجًا، فإنكِ إن فعلتِ ذلك أغلقتِ باب قلبه نحوكِ، وأضعتِ المفاتيح، ولن ينفعكِ شيء بعد ذلك..

 

وليكن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قدوتنا في ذلك في الحديث الشهير اللطيف "أبا عُمَيْر، ما فعل النُّغَيْر؟"، فيما روى مسلم وأبو داود والترمذي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحسن الناس خلقا، وكان لي أخ يقال له أبو عمير قال أحسبه قال كان فطيما قال فكان إذا جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرآه قال: "أبا عمير ما فعل النغير؟" قال فكان يلعب به"

 

فانظري كيف تعامل -صلى الله عليه وسلم- مع أبي عمير هذا الشاب اليافع الصغير، كان دائمًا يتودد إليه بسؤاله هذا، والنغير تصغير لنغر وهو طائر، ولعلنا نلمح من صيغة السؤال كيف ترك -صلى الله عليه وسلم- بابًا لأبي عمير كي يقول رأيه، وفي هذا مجالٌ لأبي عمير ليعبر عن نفسه ويحقق كيانه، فعلينا نحن الدعاة مراعاة هذه المرحلة العمرية بدقة، ويجب أن نترك أسلوب الإلقاء والإملاء، ونتعامل بطريقة الحوار والمناقشة، أن نستمع إلى رأيهم، أن نفتح لهم باب التعبير عن الرأي وعن الذات، أن نحقق لهم كيانهم الذي بدءوا يحسون به، وعندها سيسلموننا مفاتيح قلوبهم التي لن تضيع هذه المرة أبدًا -بإذن الله-.

 

 

القاعدة الثانية: ضرورة مراعاة المستوى التعليمي والثقافي للمدعو: ولنا في حديث "أبي عمير والنغير" دليل آخر، فلم يحدثه النبي -صلى الله عليه وسلم- في أول حديثه إليه بقواعد الدين، ومقاصده ومستلزماته، بل بدأ معه بالخطاب الذي يناسب مستواه، ليتقرب منه وليوجد وسائل التواصل والاتصال بينه وبينه، ولذلك فالدعاة مطلوب منهم مراعاة ذلك حتى يصل خطابهم إلى المكان الصحيح والمؤثر والمفيد..

 

ولعل من الطرف التي تروى في ذلك ما حدث مع أحد الدعاة في مصر، حين أراد دعوة مجموعة من الرجال المعروفين بالشدة والقوة، فلم يحدثهم عن ضرورة العمل للإسلام، وعن المجتمع المسلم والخلافة الإسلامية وما إلى ذلك، وإنما حدثهم عن قوة النبي -صلى الله عليه وسلم- وشجاعته، وأخذ يسرد لهم الأخبار في ذلك، فما كان من أحد المدعوين إلا أن قال بعفوية شديدة: "اللهم صل على النبي"، بهذه الطريقة وصلت إليهم الرسالة واضحة جلية، ثم يبدأ الداعي بعد ذلك في البناء عليها.

 

 

القاعدة الثالثة: ضرورة البحث عن العوائق: فلكل الناس ما يشغلهم ويهمهم، وإن لم يراع الدعاة ذلك فلن يصلوا لشيء، وينبغي أن يجعل الدعاة ذلك من أساسيات واجبهم، أن يتحسسوا أحوال المدعوين، أن يحاولوا معرفة مشاكلهم ومشاغلهم، أن يكونوا صورة واضحة عن ظروفهم وأحوالهم، وإن تسنى لهم مساعدتهم في أمرٍ من ذلك فليقدموا، فإن ذلك أحرى بأن يصلوا إلى قلوب المدعوين، وبالتالي التأثير فيها.

 

 

 

ثانيًا في الداعي:

 

القاعدة الأولى: ضرورة البدء بالنفس: يقول الشيخ عبد القادر الكيلاني -رحمه الله-: "إذا صلح قلب العبد للحق -عز وجل- وتمكن من قربه، أُعْطِي المملكة والسلطنة في أقطار الأرض، وسُلِّم إليه نشر الدعوة في الخلق، والصبر على أذاهم، يسلَّم إليه تغيير الباطل وإظهار الحق".

 

كما يقول أحد الدعاة "إن الموعظة إن لم تتأد في أسلوبها الحي كانت بالباطل أشبه، وإنه لا يغير النفس إلا النفس التي فيها قوة التحويل والتغيير، كنفوس الأنبياء ومن كان في طريقة روحهم، وإن هذه الصناعة إنما هي وضع البصيرة في الكلام، لا وضع القياس والحجة".

 

هذه هي القضية باختصار، أن تحسن صلتك بربك، أن تقتنع أنت بفكرتك أولاً، أن تكون في نفسك قوة التحويل والتغيير، أن تثق بها لدرجة أن تعتد بنفسك وبرأيك، فتخرج كلماتك من قلبٍ متصلٍ بخالقه، ونفسٍ فيها قوة التحويل والتغيير، وفكرٍ كله اقتناعٌ وثقةٌ، فتُسَلَّم المملكة والسلطنة، ويعمّ خطابك البلدان والأقطار.

 

 

القاعدة الثانية: القدوة: لأهميتها وعِظم دورها، فهي حقاً كما يقول الرافعي -رحمه الله-: "الأسوة وحدها هي علم الحياة" والدعوة هي الحياة، فالأسوة وحدها هي علم الدعوة، وعلم الدعوة كله هو الأسوة الحسنة، وهذا ما فهمه أسلافنا، فقال الإمام الشافعي -رحمه الله-: "من وعظ أخاه بفعله كان هاديا"، وكان عبد الواحد بن زياد يقول: "ما بلغ الحسن البصري إلى ما بلغ إلا لكونه إذا أمر الناس بشيء يكون أسبقهم إليه، وإذا نهاهم عن شيء يكون أبعدهم منه"، و"إن العالِم إذا لم يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب كما تزل القطرة عن الصفا" أي قطرة الندى عن الصخرة الملساء، كما يقول مالك بن دينار -رحمه الله تعالى-.

 

فانتبهي أختي الداعية، فالقدوة مركز حساس خطير، و"إنكِ داعية منظورٌ إليك" كما قال إمام المدينة يحيى بن سعيد الأنصاري من قبل: "إنك إمام منظرو إليك".

 

القاعدة الثالثة: العلاقة الشخصية: كثيرًا ما نغفل أثناء ممارستنا للدعوة عن تكوين علاقةٍ شخصيةٍ حقيقيةٍ مع المدعو، ولست أعني هنا مجرد وجود العلاقة، وإنما أعني العلاقة الشخصية الحقيقية، التي تنبني أول ما تنبني على المعنى الإنساني الخالص، أن أوجد بيني وبين من أدعوه جسرًا من المودة والحب، خيطًا من الاتصال ليس من ورائه غرض، حتى ولو كان هذا الغرض هو الدعوة..

 

وحتى لا يساء فهم كلامي، فلست أعني هنا أن تكوين علاقةٍ مع المدعو بغرض الدعوة أمر سيئ، لا أبدًا، إنما ما أقصده تحديدًا هو استغراقنا أحيانًا كثيرةً في التفكير في تكوين علاقةٍ مع المدعو بهدف الدعوة، فننسى العلاقة الطبيعية، فتجدنا نتصرف دون أن نشعر بطريقةٍ غير مناسبة أو لائقة، فمثلاً لو استجاب المدعو إلينا، وتقدم معنا في البرنامج الدعوي، فإننا نقلل دون أن نشعر من اهتمامنا به، ونوجه هذا الاهتمام إلى مدعو جديد، بحجة أنه أصبح على الدرب، وكذلك لو وجدنا تقدماً بطيئًا من مدعو آخر، فإننا نقلل من اهتمامنا به لنوجه الاهتمام إلى غيره، وهذا الأمر في الحالتين يؤثر في نفس الشخص المدعو، فلنتذكر دائماً أن العلاقة الشخصية الإنسانية هي الأساس.

 

 

القاعدة الرابعة: التجدد: من أكثر ما يعيق المرء في عمله الدعوي التقليدية والنمطية، فيفقد هو المتعة، ولا يجد المدعو نحوه بريقاً أو جاذبية، فلينتبه الدعاة لذلك، وليبحثوا دائمًا عن الجديد، في الثقافة والمعلومة، في الوسيلة والطريقة، في المكان والتوقيت، المهم أن يجد المدعو شيئًا يجذبه إليه، ويشوقه للقائه، ولو تخيلنا أننا أمام جهاز تلفازٍ يعرض أمورًا جديدة باستمرار، للقينا أنفسنا تنساق إليه دونما وعي بل برغبةٍ وحبٍ، فليكن الداعية جهاز عرض الخير، ومعرض الإفادة والمتعة والتشويق.

 

 

 

ثالثًا في الوسيلة:

 

القاعدة الأولى: استخدم لغة القلوب: يقول الشيخ الكيلاني واصفًا الدعاة: "هم قيام في مقام الدعوة، يدعون الخلق إلى معرفة الحق -عز وجل-، لا يزالون يدعون القلوب"، نعم هم يدعون القلوب والأرواح لا الأجساد والأبدان، فاحرصي أختي الداعية على ذلك، آمني أنتِ بفكرتكِ أولاً، ورسخهيا في قلبكِ، ثم اجعلي قلبكِ يخاطب قلوب الخلق، وبهذا تفتحين بابًا للخير واسعًا.

 

 

القاعدة الثانية: التلطف: وهي قاعدة ذهبية في جذب الناس والتأثير فيهم، "فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك، فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر"، وهذا ما تعلمه -صلى الله عليه وسلم- من ربه -جل وعلا-، فتراه هينًا لينًا رحيمًا -صلى الله عليه وسلم-، والأحاديث في هذا كثيرة، كحديث الأعرابي الذي بال في المسجد، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تزرموه، ثم دعا بدلو من ماء فصب عليه" رواه البخاري ومسلم، وكحديث "أبي عمير والنغير" والذي نستشف منه كيف كان -صلى الله عليه وسلم- يتلطف مع أصحابه..

 

فتلطفي أختي الداعية -يرحمكِ الله- حتى لا ينفض الناس من حولكِ، وإياكِ ثم إياكِ أن تشعري المدعو أنكِ عبءٌ عليه، أو ضيفٌ ثقيل الظل، أو تحمليه مشقة التعامل معكِ، فلا تطرحي نفسكِ أمامه بسببٍ وبدون سبب، ولا تتدخلي في علاقته بأصدقائه ما دام هو لم يستشركِ فيها، كوني رقيقة لطيفة، تستخرجين كلاماً من بحرٍ عميقٍ بالإيمان والحب والعلم، وتنطقينه بلسانٍ رفيق هين، كما وصف يحيى بن معاذ -رحمه الله- أساليب الدعوة فقال: "أحسن شيء-أي في الدعوة- كلام رقيق، يُستخرَج من بحرٍ عميق، على لسان رجلٍ رفيق".

 

 

القاعدة الثالثة: حدِّث الناس بما يريدون: دعيني هنا أضرب لكِ مثلاً لأوضح ما أقصد: أنا أحب أكل الأرز ولا أحب أكل الديدان.. وأريد اصطياد السمك، فهل أضع للسمك الأرز أم الديدان؟ هل وضحت الفكرة؟ تريد اصطياد السمك ضع له ما يحبه هو لا ما تحبه أنت، فإنني إن وضعتُ للسمك الأرز الذي أُحبُّه فلن أصطاد سمكة واحدة، ولكن إن وضعتُ لهم الديدان التي لا آكلها، فسيأتيني السمك من كل حدب وصوب.

 

فخاطبي الناس أختي الداعية بما يحبون لا بما تحبي أنتِ، بما في عقولهم لا بما في رأسكِ، وليس معنى هذا أن تتركي مهمتكِ العليا أو أن تتنازلي عنها، ولكن كوني لبيبة، تصلي إلى ما تريدين من خلال ما يحبون ويرغبون، كما فعل نبيكِ -صلى الله عليه وسلم- في الحديث المعاد ذكره هنا؛ حديث "أبي عمير والنغير" حين خاطب أبا عمير فيما يحب ويرغب، تأليفاً لقلبه وإشعارًا له بأنه –صلى الله عليه وسلم- مهتمٌ بما يهتم به هذا الفتى الصغير مهما بدت اهتماماته صغيرةً أو تافهةً، فافعلي ذلك أختي الداعية تختصري الطريق وتنالي المراد.

 

 

القاعدة الرابعة: مراعاة الأولويات: على الداعية أن يراعي الأولويات في دعوته، فليس من الطبيعي أن أبدأ في بناء الدور الخامس مثلاً دون أن أبني أساس البناية، كما أنه ليس من المعقول أو المقبول أن أحدث غير المسلم في وجوب الصلاة والصيام عليه!

 

إننا –في ظل انشغالنا بالدعوة- كثيرًا ما ننسى هذه الأمور رغم بساطتها وبداهيتها، فعلى الداعية أن يحدد أولوياته في دعوة كل إنسانٍ على حدة، ما هي الأمور الأساسية التي لا بد منها، ولا يمكن التنازل عنها، ثم يبدأ في التدرج معه خطوةً خطوة، فغير المسلم أبدأ معه بالإيمان بالله، والمسلم العاصي أبدأ معه بالطاعات المفروضة، والمسلم الملتزم بالفرائض أبدأ معه في النوافل والفضائل، وهكذا كلٌ حسب مستواه من الالتزام والإيمان.

 

 

وأخيرًا..

أعلم أنه مازال هناك الكثير من القواعد المتعلقة بالدعوة، ولكنني أظن أنها تدخل في إحدى القواعد التي ذكرت، وإن لم تكن فيمكن إضافتها، فالأمر هنا لم يعدُ كونه اجتهادًا تأصيليًا مني، كما لا أنسى أن أُذَكِّر الدعاة بالسلاح السريّ الذي طالما أذكره، ألا وهو الدعاء، أن تسألي الله العون والتيسير، وأن يفتح لكِ مغاليق القلوب بفضله وقدرته.. اللهم آمين.

 

 

المستشار:

د.كمال المصري

 

بتصرف.

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الإستشارة (13)

 

قريبتي.. والحجاب!

 

 

السؤال:

 

لي قريبة تصلِّي وتصوم وتحبُّ فعل الخير والحمد لله، ولكنَّها غير محجَّبة، وعند سؤالها تقول أنَّها تنوي ولكن حين تقتنع تمامًا، وهذه الفتاة من أسرةٍ غنيَّةٍ و"على الموضة"، بالاضافة إلى أنَّها مثقَّفة، وخرِّيجة كلِّيَّة اللغات، وتتقن 3 لغاتٍ أجنبيَّة، والحقيقة أنَّني أنوي مناقشتها في الموضوع.

فماذا تنصحوني من نصائح في هذا المجال؟ وجزاكم الله خيرا.

 

 

الجواب:

 

الأخت الفاضلة/

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

على الرغم من عودة العديد من مظاهر الحياة الإسلاميَّة إلى الشارع العربيّ، فإنَّ العديد من فتيات الإسلام يَعِشن في غفلةٍ عن فريضة الحجاب، وهذه الغفلة إمَّا حقيقيَّة، أو بقصدٍ ولها أسبابها الموضوعيَّة، ومن هذه الأسباب:

 

- الغفلة عن حكم ارتداء الحجاب، وأنَّه فرضٌ من فروض الإسلام على المرأة.

- الغفلة عن حِكمَة الحجاب ومشروعيَّته.

- الغفلة عن النظام الاجتماعيِّ في الإسلام واهتمام الإسلام به.

- الانغماس الشديد في الدنيا ومظاهرها.

- العوائق الاجتماعيَّة من الأهل وبعض فئات المجتمع.

- العوائق السياسيَّة أحيانًا.

 

وهنا عليك -أختي الكريمة- أن تسيري مع قريبتك بعدَّة خطواتٍ أهمُّها:

 

1- حوارٍ مفتوحٍ مع قريبتك حول النظام الأسريِّ والاجتماعيِّ في الإسلام، والتأكيد على الأسئلة التالية:

 

-لماذا اهتمَّ الإسلام بالأسرة؟ وما هي محاور اهتمامه؟

 

-لماذا تطرَّق القرآن الكريم والسنَّة النبويَّة المشرَّفة للتفاصيل في هذا الموضوع، وترك التفاصيل في أمورٍ وفرائض أخرى هامَّةٍ كالصلاة -مثلًا- تركت للسنَّة لتفصيلها؟

 

-لماذا تطرَّقت سورةٌ كاملةٌ لهذا الموضوع، وسمِّيت بسورة "النساء"؟

-لماذا هذه الحرب على النظام الإسلاميِّ للأسرة والمجتمع؟

 

وكلَّما كانت أوراقكِ لهذا الحوار مدروسةً ومرتَّبة، كلَّما كانت النتيجة نجاحكِ في إدخال موضوع الحجاب إلى حيِّز التفكير لدى قريبتكِ.

 

2- استكمال موضوع الحوار، وليكن ذلك في جلسةٍ ثانيةٍ وهادئةٍ حول حكمة ومشروعيَّة الحجاب، وعِلَّة فرضه، ومظاهره، وآليَّات تطبيقه، والعوائق من هذا التطبيق.

 

والنتيجة الطبيعيَّة للحوار في البندين الأوَّل والثاني، إعطاؤك فكرةً عن حقيقة تفكير قريبتكِ، وهل هي في غفلةٍ حقيقيَّة عن الحجاب أم مقصودة؟

 

3- إذا كان ترك الحجاب عندها غفلةً حقيقيَّة؛ فإنَّ تذكيرها أنَّ الحجاب فرضٌ عليها كما الصلاة، والحديث إليها حول أهمِّيَّته ودوره في حماية المجتمع وبناء نظامٍ أسريٍّ متين، كفيلٌ بتقريبها منه.

 

4- إذا كان ترك الحجاب عندها بقصدٍ فإنَّ السبب في ذلك يكون على الأغلب الفهم الخاطئ للحجاب، وأنَّه قد يُعِيق الحركة أو العمل أو الدراسة أو الحياة الاجتماعية أو الزواج أو غيرها، ويأتي دوركِ هنا في إجلاء الصورة وتوضيحها، ويساعدك على ذلك عرض النماذج العمليَّة للمحجَّبات في شتَّى نواحي الحياة العلميَّة والسياسيَّة والدراسيَّة والدعويَّة، ويمكنك اصطحابها في زياراتٍ ولقاءاتٍ مع محجَّباتٍ من المهن المختلفة، والمستويات الاجتماعيَّة المختلفة، وغير ذلك، والقراءة في سيرة الصحابيَّات وغيرهنَّ تساعد كثيرا.

 

5- قد يكون السبب هو الدنيا، وحبُّها، والانغماس فيها، وعدم الرغبة في ترك هذا المتاع، والقناعة أنَّ الحجاب يتعارض مع هذا المتاع، وهذا صحيٌّ في جزءٍ منه، فالحجاب يتناقض مع المتاع الحرام، ولكن ذكِّري قريبتك أنَّ من ترك شيئاً لله أبدله الله خيراً منه، وأنَّ ما عند الله خيرٌ وأبقى، وأنَّ هناك مجالاتٍ للمتاع الحلال يمكنها القيام به بسهولة.

 

6- من التجارب المثيرة في هذا الزمان اعتزال الفنَّانات وحجابهنّ، فيمكن عرض تجارب هؤلاء الفنانات على قريبتك، وأعتقد أنَّ العديد من أشرطة الفيديو متوفِّرةٌ حول ذلك، وعلى برامج الفضائيَّات.

 

وأخيرًا -أختي الكريمة- أُذكِّرك بجملةٍ من الأمور الصغيرة:

 

- التدرُّج مهمٌّ في الخطوات دون استعجال النتيجة.

- الصبر وطول النفس وسَعة الصدر.

- التأكيد على إيجابيَّتها وحرصها على الصلاة والصدقة.

- تابعي معها درساً في الدين ولو مرَّةً أسبوعيًّا.

- احرصي على علاقةٍ قويَّةٍ معها، ومستمرَّة، وحافظي على تبادل الكتب والأشرطة.

 

مع تمنيَّاتي لك بالتوفيق.

 

 

المستشار:

الأستاذة حياة المسيمي

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الإستشارة (14)

 

خطوات عملية لدعوة زميلتي إلى الحجاب

 

 

السؤال:

 

أنا فتاة محجبةٌ والحمد لله، ولي زميلةٌ على أخلاق طيبة، ولكنها غير محجبة، فكيف أدعوها؟

خاصةً أن الشباب متغيري المزاج، كما أن كثيرًا منهم قد تكون دعوته صعبة.

فما هي الخطوات العملية التي يمكن أن أتبعها معها؟

 

 

الجواب:

 

الأخت الكريمة: أسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يتقبل منك حملك لهمِّ الدعوة إلى الله -عزَّ وجلَّ-، وأن يجعل حجابكِ حجابًا لكِ من النار يوم القيامة.

 

أختي الكريمة: كون صديقتكِ كما قلتِ تتحلَّى بخلقٍ طيِّبٍ فهذا سيوفر عليكِ الكثير من الجهد، بل يمكن أن يكون هذا مدخلاً لدعوتها، ولكن قبل أن أسرد لك خطوات عملية لإقناعها بالحجاب أحب أن أوضح أمرًا هامًا جدًا، وهو أن الكثير من الناس - للأسف - يظن أن حجاب الفتاة هو نهاية الطريق، وأنه الهدف الذي يلهث وراءه الدعاة لكي يحققوه مع الفتيات والنساء.

 

والأمر من وجهة نظري يختلف، فما أراه أن الحجاب لا شك فريضة على كل امرأة مسلمة، ولكنه فريضة واحدة من ضمن فرائض عدة وواجبات كثيرة، تلك الفرائض والواجبات ينبغي أيضًا أن تأخذ حقها من اهتمام الدعاة، ولا يختزلون دعوتهم للنساء في الحجاب، فإن هذه الممارسات تُنتج لنا بعد ذلك نساء لا يأخذون من الإسلام إلا اسمه والمظهر الخارجي منه فقط، أما البناء الداخلي فنجده هشًّا لا يقوم ولا يثبت أمام أي مواجهة مع الشيطان أو النفس.

 

لذا ينبغي أن يتوازن عمل الدعاة مع النساء فتتم تربيتهن على آداب الإسلام وفرائضه كلها دون اجتزاء.

 

وربما لا تكون الدعوة للحجاب هي البداية أو ما يتم التركيز عليه أولًا، بل ربما يتم تأجيل الكلام في هذا الموضوع للتهيئة والإعداد لتقبله.

 

فأنتِ -أختي الكريمة- لو استطعتِ أن تغرسي الإيمان الوثيق بالله في نفس هذه الصديقة، وجعلتيها تعلم أن من توابع هذا الإيمان هو التصديق والطاعة لله -عز وجل- في كل ما أمر وفي كل ما نهى، فإن الأمر لن يحتاج منكِ بعد ذلك سوى أن تعلميها فقط بفرضية الحجاب، فما يكون منها إلا أن تسارع بستر نفسها، لا لشيء إلا لأن الله أمر، وهي آمنت بأن الله إذا أمر فليس لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ أن يكون لهم الخيرة من أمرهم.

 

ويمكنني أن ألخص لكِ -أختي- طريقًا صالحًا لدعوتها في النقاط التالية:

 

-أهم ما يجب أن تركزي عليه في البداية هو أن تجعليها تحب ربها -سبحانه وتعالى-، فالحب باب الإيمان، والعلم بأنه -سبحانه وتعال-ى مستحق للعبودية، مستحق للطاعة لما يغذونا به من نعم، وأننا لا ينبغي أبدًا أن نبارزه بالمعاصي رغم نعمه تلك علينا.

 

- ثم بعد ذلك تقنعينها بأن الحجاب فريضةٌ ربانيةٌ فرضها الله -عز وجل- على النساء، فربما يكون عندها شك في فرضيته، خاصة وأن أعداء الله -عزَّ وجل- كثيرًا ما يثيرون الشبهات حول هذه النقطة، وأنه ليس فرضًا، فأحضري لها الكتب والتفاسير والأشرطة التي تبين حكم الحجاب، ولكن تخيري لها العلماء والدعاة الذين يتسمون بالقبول وعدم التنفير والتخويف.

 

إذا اقتنعت بفرضيته وبوجوبه فقد يمنعها من ارتدائه بعض الشبهات والتخوفات التي يقذفها الشيطان والهوى في القلوب، فابدئي معها بنقض هذه الشبهات واحدة واحدة، وتمهلي عليها ولا تتعجلي، ولا تشعريها بالرفض لها والكراهية، بل اصبري واصبري واصبري، وتذكري قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خيرٌ لك من أن يكون لك حمر النعم" رواه البخاري.

 

-حاولي - أختي - أن تربطيها بصحبةٍ صالحةٍ من المؤمنات المحجَّبات اللاتي يتمتعن بالخلق الطيب والروح الطيبة، لترى أن الحجاب لا يمنع المسلمة من العيش بصورة طبيعية، ولا يحرمها من الدنيا ومتعها كما قد تظن.

 

* بيِّني لها شروط الحجاب الشرعي دون إفراطٍ ولا تفريطٍ حتى لا تنفر، وحتى لا تلبسه دون علمٍ بواجباته وشروطه من الناحية الشكلية ومن الناحية العملية.

 

وفي النهاية أسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يتقبل منك سعيك وجهدك ويجعله في ميزان حسناتك.

 

 

المستشار:

الأستاذ فتحي عبد الستار

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الإستشارة (15)

 

أصدقائي الجدد.. والحجاب

 

 

السؤال:

 

لديَّ بعض الزميلات غير المحجَّبات، لا أعرفهنَّ معرفةً قويَّة.. فهل من الممكن أن ترشدوني كيف يمكن أن أدعوهنَّ لارتداء الحجاب، وليصبحن مسلماتٍٍ صالحات، وصديقاتٍ مخلصاتٍ لي؟

 

 

 

الجواب:

 

الأخت الكريمة/

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه"متَّفقٌ عليه.

وأنت تترجمين إيمانكِ حبًّا في هداية زميلاتكِ إلى طريق الطاعة، وهذه هي الأخوَّة الصادقة، مع أنَّكِ -كما تقولين- معرفتكِ بهن ليست قوية-، ويبدو لي أنَّ رغبتك في ارتدائهنَّ للحجاب خطوةٌ متسرِّعة، والواجب أوَّلاً هو تمتين علاقتك بهنّ، والتواصل معهنّ، عن طريق التهادي في المناسبات والاهتمام بمشاكلهنَّ وتقديم المساعدة لهنَّ عند تعرضهنَّ لبعض الأزمات، لأنَّ رابطة الحبِّ إذا توطَّدت بينكنَّ تجعل قبولهنَّ لما تنصحين أسرع، وكما يقال: "إنَّ المحبَّ لمن يحبُّ مطيع".

 

إذن لا بد أولًا أن تراعي التدرُّج وترتيب الأولويَّات في دعوتكِ، فلا تبدئي بالحديث عن أمرٍ مبنيٍّ على ما قبله، وهنَّ لم يؤمنَّ بما قبله بعد، فإن كنَّ لا يصلِّين مثلا، فابدئي بدعوتكِ لهنَّ للإلتزام بالصلاة قبل أيِّ شيء، ثمَّ تدرَّجي خطوةً خطوة.

 

وأمامك -أيَّتها الأخت- وسيلتان كي تشجِّعي صديقاتك على الالتزام، هما:

 

1- تقوية إيمانهنّ.

2- القدوة الحسنة التي تتمثَّل فيك.

 

-أمَّا السبيل إلى تقوية إيمانهنَّ فيكون بحضور الجلسات الإيمانيَّة والدروس الدينيَّة -إن توفَّرت- أو إهدائهنَّ كتبًا أو مجلاَّتٍ أو أشرطةٍ هادفة، أو الدخول معهنَّ في حوارات لتعريفهنَّ بأمور دينهنَّ التي قد يجهلنها، لأنَّ الإيمان إذا تمكَّن من قلب المسلم تغلغل فيه حبُّ الله وحبُّ رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ويصبح تلقِّي الأحكام من الخالق -سبحانه- والالتزام بأوامره سهلًا، بل إنَّ المسلم يتلذَّذ حينئذٍ بالاستجابة لطاعته، ويصبح أقدر على مجاهدة نفسه، والفتيات يملن عادةً إلى سماع أوصاف الجنَّة وأهوال النار ويتأثَّرن بذلك، والترغيب والترهيب هو الأسلوب القرآنيُّ لهداية البشر، ويمكنكِ استخدامه معهنَّ للتأثير عليهنّ.

 

-أمَّا القدوة الصالحة فهو أمرٌ مهمٌّ في عملية الجذب وتشجيعهنَّ على الاستقامة وسلوك طريق الطاعة، لذا فإنَّك مسؤولةٌ عن تقديم أفضل صورةٍ للفتاة المسلمة التي تبتعد عن المحرَّمات، وتتقرَّب إلى الله بالطاعة وتتحلَّى بالخلق الحسن، وتتقن عملها ودراستها.

 

واعلمي أنَّك صورةٌ مصغَّرةٌ عن الإسلام، وكلُّ مخالفةٍ شرعيَّة تصدر عنك تبدو لهنَّ مكبَّرة، فعليكِ أخذ الحيطة في تعاملك معهنَّ حتى لا تخدشي الإسلام الذي تنتسبين إليه.

 

وأخيرًا، تذكَّري أنَّ البيئة المحيطة بالتأكيد لها أثَّر عليهنّ، فلا بد من مراعاة المكان، وظروف النشأة، ومفاهيم المجتمع.. فكوني داعيةً ذكيَّةً مدركةً لواقعكِ جيِّدا.

 

أحيِّي فيكِ -أيَّتها الأخت- هذه الروح الساعية إلى الخير، المحبَّة للهدي النبويِّ في هداية الضالِّين من الناس، والله أسأل لك التوفيق في مسعاك.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

المستشار:

الأستاذة سميرة المصري

 

بتصرف

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الإستشارة (16)

 

صديقتي.. والغناء المحرم

 

السؤال:

 

لي صديقة، محافظة على الصلاة وعلى كثير من الأمور الدينية، إلا أنها تستمع إلى الأغاني المحرمة، وكوني صديقتها وأحبها في الله أحببت أن أهديها عن سماع الأغاني.

 

ومشكلتي أني لا أتقن النصح، ولا أستطيع البوح بما في خاطري، وأخاف أن تفهم قصدي بطريقة غير التي أقصدها، فأريد أن تساعدوني لإيجاد طريقة أنصحها بها، وأتمنى أن تكون هذه الطريقة ليست التي اعتدنا عليها كإعطاء شريط أو كتيب، أريد طريقة ثانية كالحديث معها بموضوع له علاقة بهذا الأمر أو طريقة مبتكرة.

 

فساعدوني بارك الله فيكم وأكرمكم.

 

 

 

الجواب:

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..

شكر الله لكم، وجزاكم خيرًا كثيرًا على حبكم لإسلامكم، وحرصكم عليه، وعملكم به وله.

 

الأخت الكريمة: أسعديها، واشغليها، واملئيها بالخير..

 

أسعديها؛ لأنها ما تستمع للأغاني المحرمة إلا لأنها تظن أنها تسعدها، فالعاصي دائمًا يظن ذلك وينخدع بوساوس الشيطان له، كما يحذرنا ربنا في قوله: "يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا"، رغم أنها سعادة زائفة في الغالب، حيث هي ظاهرية جسدية فقط، ويعقبها غالبًا بل دائمًا تشتيتات ومرارات في النفس لرفضها لها لأنها مفطورة من خالقها على الخير لا الشر، بل قد يعقبها أضرار حتى في الجسد وحركته وإنتاجه، وهو الذي كان قد استمتع بها قليلًا من قبل، كما يُفهم من قوله تعالي: "ويوم يعض الظالم على يديه"، والذي قال فيه الإمام القرطبي عند تفسيره لقوله -تعالي-: "ولما سقط في أيديهم": "الندم وإن حلَّ في القلب فإن أثره يظهر في البدن"، أي يعقبها كم هائل من التعاسات يدمر أي سعادة سابقة مهما كثرت ولا يُبقِي بعدها إلا الكآبة والندامة الدائمة، كما يقول -تعالي-: "وكان الشيطان للإنسان خذولا".

 

وهذا هو بعض ما يُفهم من حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "إن المؤمن إذا أذنب ذنبًا كانت نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب ونزع صقل قلبه.." رواه ابن ماجة وغيره، والذي قال فيه الإمام ابن القيم: "الحسنات تزيد نور القلب والسيئات تطفيء نوره".

 

إن أسلوب الإحلال بالسعادة الحقيقية القلبية والجسدية، سعادة الاطمئنان النفسي والتنعم الجسدي معًا، والتي يحققها الإسلام وحده دون أي نظام آخر، مكان السعادة السطحية الخادعة، قد دلنا الله -تعالى- على استخدامه مع مَن ندعوهم للخير بقوله: "قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون"، أي إذا كنت أيها البعيد أو الغافل أو العاصي قد جمعت بعض الفتات مما تظنه من السعادة، فإن تمام الفرحة والسعادة ستكون في تمسكك بأخلاق الإسلام كلها، فهي خير لك من كل ما جمعته سابقًا بكل تأكيد، فجرب ذلك وستلمس ِصْدقه، فقد جربه أخلاقيون كثيرون قبلك فذاقوا حلاوته.

 

واشغليها؛ لأن معظم معاصي الشباب تكون بسبب اتساع الوقت مع فراغ العقل مما هو مفيد، فإذا ما انشغل الإنسان بما هو خير لم يعد لديه وقت أو جهد لما هو شر مُتعِس.

 

فأسعديها واشغليها واملئيها بخير أكثر مما هي عليه، بكل ما يُسعد النفس من الحلال بحيث لا تبحث عن سعادة في حرام، وما يسعدها هو ما تحبه وفطرها فاطرها سبحانه على حبه، فهي تسعد بالعمل وتتعس بالكسل، وتسعد بالعلم وتتعس بالجهل، وتسعد بالإنجاز وتتعس بالتقصير، وتسعد بالترويح وتتعس بالتضييق، وتسعد بالتيسير وتتعس بالتعسير، وتسعد بالصحة وتتعس بالمرض، وتسعد بالحب وتتعس بالبغض، وتسعد بالتواصل وتتعس بالتقاطع، وتسعد بالقرب من ربها مربيها وراعيها في كل شعائره كالصلاة والذكر ونحوه وتتعس بالابتعاد عنه وعنها، وبالجملة هي تسعد بكل خلق حسن من أخلاق الإسلام وتتعس بغيره.

 

فأسعديها واشغليها وأكثري محاسنها بالعلم والعمل والإنتاج والإنجاز، وبالحب الحلال مع زميلاتها وأسرتها، وبالفن الحلال، وبالرياضة الحلال، وبالمسابقات الحلال، وبالعلاقات الاجتماعية الجيدة مع الأقارب والجيران والصديقات، وما شابه هذا حتى تنشغل عن أي حرام ولا يكون مصدر أي سعادة لها بإذن الله بعدما تشبَّعت بسعادات الحلال.

 

وكوني معها في معظم ما سبق ما أمكن، وليكن معكما صحبة صالحة من الزميلات تساعدكما، ولتُدرِّبيها على استحضار نوايا الخير في قلبها مع كل الأعمال السابقة، وأنها تعملها حبا في الله الذي طلبها منها لمصلحتها ولسعادتها هي ومن حولها؛ حتى تشعر أنها طوال اليوم مع ربها ودينها، فيعينها ذلك على ألا تضيع أي لحظة تمر دون ثواب، ومن باب أولى لا تضيعها في معصية.

 

فهذا الأسلوب - الإسعاد والإشغال والإكثار من الخير - هو أبسط وأسهل وأقوي أسلوب لترك المعاصي، وهو الأسلوب الذي سيجعل الخلق الحسن واتباع الإسلام والسير مع الله أحب وأمتع وأسعد للإنسان من الخلق السيء والإعراض عن الخالق وشرعه، وهو الأسلوب ذاته الذي سيكون عونا لك أنت أيضا تدريجيًا مع الوقت على التدريب على حسن التعبير عما في خاطرك لمن حولك لتنتفعي بدنياك وآخرتك.

 

ثم بعد كل ذلك، لو أرادت الاستماع لبعض الأغاني، فقدِّمي لها بدائل من أنشودات وقصائد إسلامية شيقة جذابة، وعلميها وساعديها على فرز الحلال من الحرام فيما تسمعه لأن الله تعالي يقول: "ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله"، فالحرمة في كونه مُضِلا مُتعِسا، أما ما كان نافعًا منشطًا للنفوس، مسعدًا للحياة الدنيا وللآخرة فلا بأس به.

 

 

المستشار:

د. محمد محمود منصور

 

بتصرف

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الإستشارة (17)

 

والدي.. والتدخين!

 

 

السؤال:

 

أبي يستعمل الدخان أداة لراحته والسيطرة على أعصابه، أريد أن أفعل شيئًا له كي يتخلص من هذا الدخان، ولكن من دون مشاكل، فماذا أفعل؟؟؟

 

 

 

الجواب:

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد :

 

فإني أدعو الله الذي بيده خزائن السموات والأرض؛ أن يجعلكِ بارة بوالديكِ، وأن يرزقكِ الذرية الطيبة المباركة، وأن يكتب أجركِ، ويعظم قدركِ، ويزيد في رزقكِ، ويصلح نيتكِ، ويجمعكِ مع والديكِ ومن أحببتِ في عليين.

 

ثم إني أهنئكِ على هذا الشعور الإيجابي الكريم، وأثني على جميل تفكيركِ، وحسن تدبيركِ بأن أردتِ الخير لوالدكِ، مع العمل على عدم الوقوع فيما يُعَكر الصفو بينكِ وبينه بالوقوع في المشاكل.

 

أختي الكريمة: لم تذكري لي منذ متى والدكِ يدخن السيجار!! ولم تذكري ما الذي يثير أعصاب والدكِ!! ولم تذكري مستواه التعليمي!! ولا طبيعة عمله!! لم تذكري سوى أنه يدخن..

ومع ذلك سوف أعرض لكِ عدة أمور لعل الله يكتب فيها الخير:

 

أولاً: عليك بمفتاح المغاليق "الدعاء" فالهج إلى الله بالدعاء بأن يديم الصحة والعافية والإيمان على والدكِ، وأن يحبب إليه كل خير، ويباعد بينه وبين كل شر ومكروه. وليكن ذلك في سجودكِ، وخلواتكِ، وأواخر الليل.

 

ثانياً : يظهر في سؤالك المقتضب أن هناك أمورًا تثير غضب والدكِ، فعليكِ وبقية الأسرة بالعمل على علاجها، وتهيئة مناخ أكثر استقرارًا وراحة بال لوالدكم. ولتُرِ أنتِ لوالدكِ مايُحب.. كوني في خدمته، واعملي على راحته، وابذلي لترسمي الابتسامة على محياه. لتكن الحياة الأسرية حياة هانئة صافية، لاتُحملوه همَّ متابعتكم، ولتكونوا أداة فاعلة لتحقيق راحته، وإن كانت هناك أمور يبذلها تُسهم في إجهاده وتعبه فليكن منكم من يتحملها عنه؛ بِرًا به، وكسبًا للأجر العظيم من الرحمن الرحيم.

 

ثالثاً: ضعي نصب عينيكِ ألا يؤثر شرب والدكِ للدخان على حبكِ له أو برّك به أو تواصلكِ معه والاستجابة لتوجيهاته والاستفادة من خبراته.

 

رابعاً: أبعدي عن والدك كل مايذكره بالدخان: علبة السجائر، إناء إطفاء السجائر، علبة الكبريت، ونحو ذلك، ولتجعلي في متناول يده علكة.

 

خامساً: الغالب فيمن هم في سن والدكِ أنه يدرك الضرر العائد عليه من التدخين، وأن ذلك صفة سيئة؛ لذا فهو في حاجة -بالإضافة إلى ماذكرت سابقًا- للإعانة والإقناع بقدرته على ترك الدخان، وبيان الوسائل التي تساعده على ذلك. وهذه الأمور ينبغي أن يقوم بها الشخصيات القريبة من قلبه التي يرتاح إليها ويثق بها، ومن هذه الوسائل :

 

أ- بيان الحكم الشرعي للتدخين:

مما قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين في جواب عن حكم شرب الدخان أو بيعه :

ج: شرب الدخان محرم ، وكذلك بيعه وشراؤه وتأجير المحلات لمن يبيعه؛ لأن ذلك من التعاون على الإثم والعدوان. ومن أدلة تحريمه قوله تعالى: "ولا تقتلوا أنفسكم"، ووجه الدلالة من الآية أنه قد ثبت في الطب أن شرب الدخان سبب لأمراض مستعصية تؤول بصاحبها إلى الموت مثل السرطان فيكون متناولها قد أتى سبباً لهلاكه

 

. ومن أدلة تحريمه قوله تعالى : "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إن الله لا يحب المسرفين"، ووجه الدلالة من هذه الآية أنه إذا كان الله قد نهى عن الإسراف في المباحات -وهو مجاوزة الحد فيها-؛ فإن النهي عن صرف المال في أمر لا ينفع يكون من باب أولى.

 

ومن أدلة تحريمه نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن إضاعة المال، ولا شك أن صرف المال في شراء هذا الدخان إضاعة له لأنه إذا صرف المال في ما لا فائدة فيه فهذه إضاعة بلا شك.

 

وهناك أدلة أخرى والعاقل يكفيه دليل واحد من كتاب الله، أو من سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

 

أما النظر الصحيح الدال على تحريمه فهو أن كل عاقل لا يمكنه أن يتناول شيئاً يكون سبباً لضرره ومرضه، ويشترط نفاذ ماله في صرفه فيه؛ لأن العاقل لا بد أن يحافظ على بدنه وعلى ماله ولا يهمل ذلك إلا من كان ناقصا في عقله وتفكيره.

 

ومن الأدلة النظرية على تحريمه أيضًا أن شارب الدخان إن فقده ضاق صدره، وكثرت عليه البلابل والأفكار ولا ينشرح صدره إلا بالعودة إلى شربه. وحينئذ فإنني أوجّه النصيحة لإخواني المسلمين عموماً والمبتلين به خصوصًا بالتحذير منه بيعًا وشراًء وشربًا وتأجير المحلات من أجل بيعه فيها ومعونة إليه من أي وجه كان.

 

ب - بيان فوائد الاقلاع عن التدخين ، ومنها :

= بعد 20 دقيقة يعود ضغط الدم والنبض إلى المعدل الطبيعي.

= بعد 8 ساعات ستنـزل مستويات النيكوتين وأول أوكسيد الكربون في جسمك إلى النصف.

= بعد يوم واحد سيعود مستوى أوكسيد الكربون إلى نفس مستويات الغير مدخنين.

= بعد ثلاثة أيام يصبح تنفسك أسهل حيث تمدد الشعب الهوائية.

= بعد سنة إلى سنتين سيزول خطر الإصابة بأزمة قلبية إلى النصف.

= وعلى المدى البعيد : الإقلاع عن التدخين يقلل من خطر الإصابة بسرطان الرئة والسرطانات الأخرى والأزمات القلبية ، والسكتات الدماغية ، وأمراض الرئة المزمنة ، وبعد 5 إلى 15 سنة يعود الحال إلى نفس مستوى غير المدخن.

 

ج - اتركي بين يديه أو في سيارته أو في مكان جلوسه شريط " طعنة سيجارة " للدكتور خالد الجبير؛ فهو شريط مؤثر جدًا.

 

د - واترك أيضًا بين يديه قصة "رجل المارلبورو":

وين ماكليران مواطن من بحيرة شارلز لويزيانا الأمريكية مروض خيول، وممثل للأدوار الخطيرة والصعبة. استؤجر عام 1975م في مجلة مارلبورو ودعاياتها المنتشرة في المجلات الأسبوعية العديدة ليظهر بدور المدخن الوسيم والقوي لمارلبورو. كان يدخن علبة ونصف من السجائر يومياً لمدة خمسة وعشرين عامًا. أصيب بسرطان الرئة عام 1990م فصب جام غضبه على من تسبب في ذلك وهي شركة فيليب موريس "صانعة المارلبورو" التي استأجرته؛ فأصبح مقاتلًا ضد التدخين حتى أنه ظهر في اجتماع عام لحاملي أسهم شركات فليب موريس وأمام الإعلام حذرهم من أعمالهم وأنهم يقودون العالم إلى الموت وطلب منهم أن يحدّوا من الدعايات الكاذبة للتدخين.

 

كما ظهر في تجمعات كثيرة ومقابلات إعلامية عديدة ليحذر من مخاطر التدخين، ففي أحد المقابلات قال ماكليران: "العادات كثيرة لكن هل سمعتم أن العادة تقضي على صاحبها؟ إن عادتي قضت علي. لقد أمضيت الأشهر الأخيرة داخل محجر صغير وأنا أقول لكم إن هذه السيجارة الصغيرة لا تساوي كذلك".

 

قالت أمه لويس ماكليران: لقد خاض معركة شرسة مع التدخين وذكرت من كلماته: "انتبهوا واهتموا بالأطفال من هؤلاء المخادعين وبينوا لهم بأن التبغ سيقتلكم وأنا مثال حي لإثبات ذلك".

 

توفي عام 1992م في مستشفى هاق بمدينة نيوبوت بيتش.

 

 

وختامًا أتمنى لكِ أجرًا مضاعفًا، ولوالدكِ صحة تامة، ولأسرتكم حياة هنية في سعادة أبدية. والله أعلم، وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

 

المستشار:

الشيخ عادل بن سعد الخوفي

 

بتصرف

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الإستشارة (18)

 

كيف أساعد قريبتي على ترك التدخين؟

 

 

الجواب:

 

أختي الكريمة: فهذه بعض المعلومات التي جمعناها لك نقلاً عن بعض المواقع عن أضرار التدخين ووسائل الإقلاع عنه، لعلَّها تفيدك في إقناع قريبتكِ بالإقلاع عن التدخين، ومساعدتها على ذلك:

 

* مشاكل صحيَّةٌ رئيسيَّةٌ بسبب التدخين:

 

1- السكتة القلبيَّة و الدماغيَّة.

2- النوبة القلبيَّة.

3- النزلات الشعبيَّة الحادَّة والمزمنة.

4- تعثُّر الدورة الدمويَّة ممَّا يؤدِّي إلى بتر الساقين.

5- سرطان الرئة.

6- سرطان المعدة.

7- سرطان العنق.

8- الإجهاض عند النساء.

9- مواليد منخفضة الوزن.

10- أثارٌ ثانويَّةٌ للتدخين على أطفالك، كزيادة متاعب الصدر مثل الربو والتهاب الرئة والنزلات الشعبيَّة ، كما يزيد من وفيات الأطفال، وغيرها.

 

ويتعرَّض المدخِّنون الشرهون للغليون لخطر الوفاة في منتصف أعمارهم بنسبة الضعف عن غيرهم من غير المدخِّنين.

 

وتتناسب مخاطر التدخين طرديًّا مع كميَّة ما يستهلكه المرء من الدخان، فكلمَّا دخَّنت أكثر كلَّما بات الأمر أسوأ، إلا أنَّ أيَّة كميَّةٍ منه مُضرَّةٌ وخطيرةٌ في حدِّ ذاتها، وعليه فإنَّ ما يسمونه بالقار المتوسِّط أو المنخفض هو الآخر له ضرره وأذاه، ذلك أنَّه لا يوجد هناك ما يمكن أن يسمَّى بالسيجارة الآمنة، على أنَّ احتمال وقوع تلك المشاكل يمكن أن يقلَّ بصورةٍ دراميَّةٍ مؤثِّرةٍ بمجرد التوقُّف عن التدخين.

 

 

* بعض الأسباب المؤديَّة للتدخين:

 

1- تظنُّ أنَّها تساعدك على الاسترخاء.

2- تظنُّ أنَّ تناول السيجارة يُشعرك بأنَّك في حالةٍ أفضل.

3- تعتقد بأنَّها تساعدك على التركيز وتمنحك الطاقة للعمل أو الدراسة مثلا.

4- تُعتَبر خطأً معنى من معاني الرجولة "خاصَّةً عند المراهقين".

5- تظنُّ أنَّها تعطيك الثقة وبخاصَّةٍ وسط صحبةٍ من الأشخاص.

6- تشعل السيجارة بشكلٍ تلقائيّ.

7- أنت مدمنٌ وتشعر بالسأم إذا لم تتعاطَ سيجارة.

 

 

* مزايا التخلِّي عن التدخين:

 

1- حياةٌ أطول.

2- نقودٌ أكثر.

3- زيادة اللياقة الجسمانيَّة.

4- جلدٌ أحلى وتجعُّداتٌ أقلّ.

5- مظهرٌ أفضل "انعدام بقع النيكوتين".

6- تغدو رائحتك أفضل للآخرين.

7- تتذوَّق طعامك بطريقةٍ أفضل.

 

 

* وسائل للإقلاع عن التدخين:

 

1- لابدَّ من الاستعانة بالله قبل كلِّ شيءٍ والتوكُّل عليه وبذل الأسباب وصدق العزيمة.

 

2- لابدَّ من أن تثق بقدرتك على ترك التدخين فعلاً، ويجب أن تملك التصميم الأكيد بأن تترك عادة التدخين.

 

3- بعد أن تقرأ هذه القائمة من النصائح، قم بكتابة قائمة نصائحك الخاصَّة أيضاً "خطَّتك الخاصَّة لترك التدخين".

 

4- قم بكتابة نقاطٍ حول الأسباب التي تدعوك لترك التدخين "فوائد ترك التدخين" مثل : حياةٌ أطول بإذن الله، شعورٌ أفضل، من أجل أسرتك، توفير المال، ابتسامةٌ أجمل، أنت تعلم كلَّ هذا ثمَّ تدخِّن!!!؛ قم بكتابة كلِّ ذلك على شكل نقاطٍ وقم بقراءتها يوميّا.

 

5- اطلب الدعم المعنويَّ من أسرتك وأصدقائك، وأخبرهم بأنَّك قد تواجه صعوباتٍ في ذلك وأنَّ دعمهم المعنويَّ سيخفِّف تلك الصعوبات.

 

6- ضع موعداً نهائيًّا لترك التدخين، حدِّد في أيِّ يومٍ بالضبط سوف تترك التدخين للأبد؛ اكتب هذا الموعد، خطِّط له، هيِّئ نفسك لأوَّل يومٍ ستقوم فيه بترك التدخين للأبد.

 

7- قم بالرجوع إلى طبيبك باستمرار وأخذ النصائح اللازمة.

8- ابدأ برنامجاً رياضيّا، فالرياضة تعالج جسمك وتعوِّض أضرار سنين عديدةٍ من التدخين.

 

9- قم بعمل بعض تمارين النفَس الطويل كلَّ يومٍ من 3 إلى 5 دقائق يوميّا، حاول في بعض المرَّات أخذ النفس وكتمه لعدَّة ثوانٍ ثمَّ إخراجه ببطءٍ من فمك، حاول فعل ذلك وعيناك مقفلتان ثمَّ انتقل إلى الخطوة التالية.

 

10- قم بتصوُّر نفسك بأنَّك لست من المدخِّنين، تستطيع وأنت تقوم بالخطوة السابقة وعيناك مقفلتان أن تتخيَّل بأنَّك لست من المدخِّنين، تخيَّل نفسك وأنت ترفض سيجارةً يقدِّمها لك غيرك، تخيَّل نفسك وأنت تُلقي بكامل علبة السجائر بعيدا، تخيَّل نفسك وأنت تنصح شخصاً بالإقلاع عن التدخين، قم بتخيُّلاتٍ عديدةٍ فإنَّ ذلك سيفيدك إن شاء الله.

 

وأخيرًا، فإنَّ أنسب خطَّةٍ للإقلاع هو التدرُّج، بأن تدخِّن عددًا أقلَّ من السجائر في كلِّ يوم، مثلاً إذا كنت تقوم بتدخين 20 سيجارةً يوميّا، خطِّط بأن تُنقص منها قدرًا ما حتى ولو كان سيجارةً واحدة، وبعد فترةٍ ليست بالطويلة ستجد نفسك وقد توقَّفت عن التدخين تمامًا، وممَّا يساعد على تحقيق هذا الأمر أن تأخذ أوَّل سيجارةٍ لك في اليوم في وقتٍ متأخِّرٍ ثمَّ يزيد التأخُّر يوماً بعد يوم.

 

وعندما تشعر بالرغبة الشديدة في تدخين سيجارة، قم بالتنفُّس العميق لمرَّاتٍ عديدة، واعمل شيئًا تشغل به نفسك، واشرب الماء لتشغل فمك، وما إلى ذلك من أعمال، وستجد أنَّ إحساس الاشتياق هذا سرعان ما يمضي بعد وقتٍ قصير، وحتى لو تملَّك عليك هذا الأمر فثق أنَّه سرعان ما يزول.

 

ولاحظ أنَّك قد تشعر ببعض أعراضٍ شائعةٍ مثل:

 

1- أن تصبح سهل الإثارة سريع الغضب.

2- اللهاث من أجل سحب نفَس سيجارة.

3- الإحساس بالرعشة والرطوبة.

4- الشعور بالدوار.

5-إحساسٌ بالوخز والتنميل.

6- صداع.

7- الإحساس بالغثيان.

 

كما لا مانع من استشارة طبيبٍ متخصِّصٍ كي يرشِّح للمدخِّن بعض أدويةٍ أو وسائل أخرى للإقلاع.

 

وختامًا؛ هذا ما وقع تحت أيدينا ممَّا يتعلق بسؤالكِ، نسأل الله أن يكون بابًا لصلاح قريبتكِ؛ ونسأل الله أن ينفعه بك.

 

 

بتصرف.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الإستشارة (19)

 

أهلي.. كيف آخذ بأياديهم نحو بر الأمان؟

 

 

السؤال:

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

أنا فتاةٌ مسلمةٌ وملتزمةٌ والحمد لله، نشأت في أسرةٍ مسلمة، ولكنَّنا لا نمارس العبادات بشكلٍ إجباريّ، بمعنى: لا نُجبَر على الصلاة ولا الزكاة، نقوم بالأعمال الحسنة لاعتبارها أخلاقيَّاتٍ يجب الالتزام بها، ولكن ليس لأنَّها واجبٌ دينيّ، فالحمد لله لا نكذب، ولا نسرق، ولا نغشّ، ولكن كما ذكرت، هي أخلاقيَّاتٌ وليست فروضاً دينيَّة.

 

الحمد لله هداني ربِّي للحجاب والصلاة في وقتها، حتى صلاة الفجر، ولكن –للأسف- لا أحد من باقي عائلتي ملتزم، لا أبي ولا أخوتي وأخواتي، ولكنَّ أمِّي تصلِّي والحمد لله، أشعر بأسفٍ كبيرٍ تجاههم، وأدرك أنَّهم يمشون في اتِّجاهٍ خاطئٍ باهتمامهم بأمور الدنيا، وتركهم أمور الآخرة، وأشعر بالخوف الشديد عليهم من عذاب الآخرة، أحاول معهم بطرقٍ كثيرةٍ لأحثُّهم على الصلاة أو حتى كبدايةٍ الاستماعَ للدروس الدينيَّة أو حتى محاولة استبدال الموسيقى الصاخبة بها، ولكن كلُّ ما ألاقيه هو نبذٌ لمواقفي واتِّهامي بأنِّي معقَّدة.

 

لن أقول أنَّني يئست منهم، وسأظلُّ أحاول بكلِّ ما أوتيت من قوَّة، ولكن سؤالي:

 

إلى أيِّ مدى تصل مسؤوليَّتي؟ وإلى أيِّ حدٍّ يجب أن أستمرّ؟

إذ إنَّني أخاف أن أؤثَم إذا لم أؤدِّ المسؤوليَّة التي على عاتقي؟

أفيدوني أرجوكم و جزاكم الله خيرًا.

 

 

الجواب:

 

ابنتي الكريمة: سعدت كثيرًا بكِ وبحبِّكِ لأهلكِ، وهذا ما ينبغي أن يكون عليه المسلم، فبارك الله فيكِ، إنَّ الله تعالى يقول: "فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين

القيِّم"، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "كلُّ مولودٍ يولد على الفطرة"رواه البخاريُّ ومسلم، وقد اتَّفق العلماء على أنَّ لفظة الفطرة هنا تعني الإسلام..

 

فأسرتكِ أيَّتها الأخت الفاضلة لن تعدمي فيها الفطرة والاستعداد، وإن كان ركام المعاصي ومخالفة شرع الله قد رانت على قلوبهم، حيث يقول الله عزَّ وجلّ: "كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون"، وهذا الركام والران على القلب حاجبٌ عن الله يجعل صاحبه كمن لا قلب له يفقه به الدين، ولكن بحمد الله -تعالى- أخبر الشرع أنَّ القلب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلِّبهما كيف يشاء ، ومعنى ذلك أنَّ رحمة الله التي سبقت غضبه تغفر الذنوب بالتوبة والأعمال الصالحة، فإذا القلوب طاهرةٌ متطهِّرةٌ تائبةٌ مقبلةٌ على دين ربِّها، ولكن..

 

متى وكيف؟ فهذا لا دخل لمخلوقٍ فيه، وإن كانت الحكمة تجعل للأسباب مدخلاً في ذلك، وأقدار الله التي تجرى بعلم الله وحكمته ومشيئته وقدرته لا نعلم كيف ومتى تقع، وإذا وقعت لا ندري ما آثارها في القلب.

 

لذلك أقول لك أيَّتها الأخت الفاضلة: عليكِ بالأخذ بأسباب النصيحة لأسرتكِ، وذلك في حدِّ ذاته واجبٌ عليكِ وتؤجرين عليه وتأثمين لتركه، فلعلَّ حادثًا من أقدار الله يقع يؤثِّر في القلب القاسي فينصدع، فتتساقط أدرانه وركامه، فيطهر ويعود له التأثُّر بالمواعظ والنصائح، فيتوب، ويعود لحظيرة الطاعة لدين الله، وذلك لعلَّ صدق رغبتك في هداية الأسرة يعوِّضك الله به شرح صدورهم لنصائحكِ ومواعظكِ جزاءً وفاقًا من ربِّ العزَّة، فهو كريمٌ رحيمٌ ودودٌ توَّابٌ ذو رحمةٍ واسعة.

 

أنصحكِ بالاستمرار في دعوة الأسرة مهما تلاقين من صدٍ واستهزاء، وبذلك يرتفع عنكِ الحرج الشرعيُّ وتخرجين عن المسئوليَّة نحوهم.

 

جزاك الله خيرًا على حسن صنيعكِ بأسرتكِ، وبارك لك وفيكِ، وعوَّضكِ بزوجٍ وبيتٍ مسلم، ومستقبلٍ أفضل.

 

بانتهاء حديث أستاذنا محمَّد حسين، أودُّ بدايةً أن أحيِّي حماستكِ وروحكِ العالية، هذه الروح التي بدت في كلِّ كلمةٍ في رسالتكِ، وبرزت بوضوحٍ في قولك الرائع: "لن أقول أنَّني يئست منهم، وسأظلُّ أحاول بكلِّ ما أوتيت من قوَّة"، هذه الروح التي لو تواجدت في الأمَّة لغيَّرت التاريخ والزمان والمكان.

 

وأمَّا تعليقي على ما تفضَّلتِ به، فهو الملاحظات التالية:

 

الملاحظة الأولى: قلتِ في رسالتك: "نقوم بالأعمال الحسنة لاعتبارها أخلاقيَّاتٍ يجب الالتزام بها، ولكن ليس لأنَّها واجبٌ دينيّ" وهنا أدعوكِ للإستفادة من هذا الخير الذي نشأتِ فيه في دعوة أهلكِ، معتمدةً على ذلك الرصيد النقيَّ في نفوسهم، والذي خلَّفته تلك التربية الطيِّبة التي نشأتم عليها أيًّا كان مبرِّرها، فادخلي من هذا الباب، وأحسني الدخول.

 

الملاحظة الثانية: إيَّاكِ والقيام بدور الوصيِّ عليهم، فلا تغلقي تلفازا، ولا تدَّعي فضلا، إنَّكِ إن أشعرتيهم بالوصاية عليهم فقد أغلقتِ قلوبهم أمام الهداية، بل كنتِ كمن أراد النفع فأضرّ، فكوني ذكيَّةً في عرضك، أديبةً في تصرُّفاتك، وحتى إن لم يهتدوا فلا تغيِّري طريقتك تلك، إذ هي السبيل الوحيد، واحذري من ردِّ الفعل العنيف أو اليائس أو المتكبِّر، لأنَّه لن يأتي التكبُّر أو العنف بنجاحٍ أبدا.

 

الملاحظ الثالثة: أخبرتِنا في رسالتك أنَّ أمَّك محافظةٌ على الصلاة والحمد لله، فلماذا لا تستعيني بها بنفس الطريقة الذكيَّة المهذَّبة في دعوة بقيَّة أهلك إلى الصلاة أوَّلا، ومن ثَمَّ باقي الفرائض والطاعات والقربات خطوةً خطوة؟

 

الملاحظة الرابعة: بالتجربة والمشاهدة والعلم رأينا آباءً وأمَّهاتٍ كانوا في الضلال الكبير، ثمَّ مع مرور الزمن ومضيِّ العمر، رجعوا إلى الله -تعالى-، ولعلَّ أهمَّ أسباب ذلك أمرين: وجود الداعية طويل النفَس حسن القدوة، وإحساس الآباء بمرور العمر، وأنَّ الموت يقترب، فتذكَّري هذين الأمرين جيِّدا، نعم نحن لن ننتظر لأنَّ الأعمار بيد الله -تعالى-، ولكن علينا أن نعلم أنَّ الدعوة تأثيرها تراكميّ، والزمن جزءٌ هامٌّ فيها، ولذلك فلا مكان لليأس أو الملل في قلب داعية الأهل، كما أنَّ مفتاحه الأوَّل هو أنتِ أيتُّها المسلمة القدوة.

 

الملاحظة الخامسة: تساءلتِ في رسالتك عن حدود مسؤوليَّتكِ، وإلى أيِّ حدٍّ يجب أن تستمرِّي، وجوابي أنَّ حدود مسؤوليَّتك قسمين:

 

الأوَّل: أن تحسني عرض الإسلام فعلاً لا قولا، أي أن تكوني نِعمَ القدوة في التزامك وأخلاقك، لأنَّك إذا تصرَّفت تصرُّفاً خاطئاً فلن يفسَّر ذلك على أنَّه تصرُّفكِ، ولكن هو تصرُّف الإسلام، فتكوني أنتِ بيديكِ الحاجز الأوَّل دون التزامهم، فاحذري وانتبهي.

 

الثاني: لا تتعدَّى مسؤوليَّتك القوليَّة النصح اللطيف، والحوار الهادئ الحنون، فأنت لست وصيَّةً عليهم، كما أنَّك لست مَن له حقُّ تولِّي إدارة البيت وتسييره، ولذلك فدوركِ هو النصح –بالفعل وبالقول- لا أكثر من ذلك.

 

أمَّا إلى أيِّ حدٍّ يجب أن تستمرِّي في دعوتهم، فأجيب ببساطةٍ وبدون مقدِّماتٍ أو محسِّناتٍ لغويَّة وبيانيَّة: إلى أن تلقَي الله -تعالى-، إلى أن تقفي بين يديه ويكون جوابكِ حين يسألكِ سبحانه عن أهلكِ: "قد دعوتهم يا ربِّي حتى قبضتَّ روحي". عند هذا الحدِّ عليكِ أن تتوقَّفي لا قبل ذلك.

 

وأنا واثقٌ أنَّ مَن يملك همَّةً كهمَّتكِ التي قالت أنَّها ستظلُّ تحاول بكلِّ ما أوتِيَتْ من قوَّة، لن تتوقَّف عن دعوة الأهل حتى آخر نفَسٍ يخرج منها.

 

هذا ما عندي يا أختي الكريمة، وأرجو أن نكون قد أجبناكِ، وننتظر منكِ الجديد دائمًا.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الإستشارة (20)

 

في دعوة العائلة .. كيف يطرب مزامار الحي؟

 

السؤال:

 

السلام عليكم،،

أنا في حقيقة الأمر أود السؤال عن كيفية الدعوة في الأسرة بطريقة إيجابية؟

وجزاكم الله خيرًا.

 

 

 

الجواب:

 

شكر الله لكم حبكم لإسلامكم، وجزاكم الله خيرًا كثيرًا على حرصكم عليه، وعملكم له.

أختي الحبيبة: لقد سألتِ عن الدعوة "المنسية المهملة"، رغم أنها من المفروض أن يطلق عليها: "الدعوة الأساسية الإجبارية.. المؤثرة المثمرة".

 

وهي "منسية" من الداعي غالبا لخطأ في فهمه، إذ هو قد يعتبر الدعوة إلى الله وإلى إسلامه لا تكون إلا في المسجد فقط، وعن طريق الخطب والدروس والمواعظ فحسب.

 

وهي "مهملة" غالبًا منه، إما لظنه بعدم جدواها، إذ هو لن يؤثر فيهم، أو هم قد اعتادوا عليه، وهو يعلم -بحكم موروثه القديم- المثل القائل: "زامر الحي لا يُطرِب"، سواء أكان صوابًا أو خطأ، وإما لتوتر العلاقات فيما بينه وبينهم لخلافات أسرية عائلية، والتي يعتبرها عادية بين كل الأسر والعائلات، وإما لكونه كان بعيدًا عن دينه من قبل وكانوا يعلمون خلقه السيئ السابق، فهم فاقدون للثقة فيه، وإما لصغر سنه بالنسبة لهم، فيصعب عليه توجيه من هو أكبر منه سنًا ومقامًا، أو نحو ذلك من الأسباب التي تُقعد الداعي عن دعوة أهله.

 

والدعوة العائلية لها أولوية؛ لأن الله -تعالى- يقول: "وأنذر عشيرتك الأقربين"، ويقول: "اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل".

 

وهي أمر يستطيعه كل من أراد أن يدعو، فالاستطاعة متوفرة، بل مؤكدة، لأن الداعي لا يبذل جهدًا كبيرًا، فهو لا ينتقل مثلاً من مكان لآخر، فالذين يدعوهم موجودين بصورة طبيعية "إجبارية" حوله، بل في بيته، ومتعايشين معه لفترات تطول أو تقصر، ولا يبذل مشقة في التعرف عليهم أو التمهيد للحديث أو التعامل معهم، لأنه سيقابلهم كلهم أو بعضهم بقصد أو بغير قصد على الأقل مرة يوميًا أو حتى يومًا بعد يوم في أصعب الأحوال، فكل الأجواء مهيّئة، بل أحيانًا لا يبذل حتى وقتًا؛ لأنه قد يستخدم مثلا إفشاء السلام لتوصيل بعض أخلاقيات الإسلام سريعًا.

 

وهي تدريب للداعي على دعوة الآخرين خارج البيت، فإذا كان ناجحا معهم فسينجح غالبا مع جيرانه وبقية أقاربه وأنسابه وزملائه، لأنه بدعوة أهله سيكتسب الخبرة والثقة، وسيساعدونه ولا يعوقونه، أما إن فشل معهم وهو الذي جزء منهم وهم جزء منه، فإن فرص نجاحه مع غيرهم أقل، وسيكون أول ما يصدمه أقوال الآخرين علنًا أو سرًا: كيف تدعونا ولم تدع أهلك بعد؟! أصلحهم قبل أن تصلحنا! أتعالجون غيركم وأنتم الذين تحتاجون إلى علاج؟! أتطفئ نيران الآخرين والنار في بيتك؟!

 

وهي دعوة "مهمة مؤثرة"؛ لأن جهودها قليلة ونتائجها كبيرة، فالداعي مع المدعوين الآخرين يستغرق جهودًا تحضيرية كثيرة من أجل التعرف عليهم وتعرفهم عليه وثقتهم فيه وحبهم له وإعداد مداخل للحديث أو للتعامل معهم، ويبذل في ذلك جهودًا مالية وصحية ووقتية وذهنية وغيرها، أما مع أسرته والأقارب والأنساب، وأيضا الجيران وزملاء عمله ودراسته، فكل هذه الخطوات قبل دعوتهم قد اختصرت، إذ التعارف قائم، بل وثيق، والحب الفطري موجود وغالبًا ما يكون في ازدياد، وصور التعامل طبيعية وكثيرة من خلال ظروف حياتهم التي تجمعهم والتي من السهل توصيل أخلاقيات الإسلام بما يناسب في كل موقف من مواقفها، ثم الداعي من المفترض أنه معروف وموثوق فيه لديهم من سابق التعامل معه وكونه قدوة في تعاملاته، ومن المفترض أنه يعرف صفاتهم وظروفهم الاجتماعية والاقتصادية ومشكلاتهم وما يفرحهم وما يحزنهم ونحو ذلك مما يمهد لحسن دعوتهم.

 

وسائل عملية للدعوة العائلية:

 

أخني الكريمة: إن وسائل دعوة الأسرة -وكذلك العائلة والأقارب والجيران والزملاء- كثيرة ومتنوعة ويصعب حصرها، وسنذكر لكِ بعضها لتكون مجرد تفتيح للأذهان، ثم تبتكري أنتِ وكل داع ما يناسب الظروف والأحوال والبيئات والأشخاص كبيرهم وصغيرهم، ومن هذه الوسائل:

 

1- القدوة والحب:

 

وهذه وحدها قد تكفيكِ، فقد كانت الوسيلة الكبرى للرسول -صلى الله عليه وسلم- في دعوته لمن حوله، مع قليل من الكلام الودود الرقيق، وتدبر في وصف السيدة خديجة -رضي الله عنها- للنبي -صلى الله عليه وسلم- يوم جاءه الوحي أول مرة: "أبشر، فوالله لا يخزيك أبدا، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتؤدي الأمانة، وتحمل الكلّ، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق" رواه البخاري ومسلم.

 

فلو كنتِ ناجحة سعيدة في حياتكِ، لكنتِ خير مثال للإسلام الذي جعلكِ هكذا بأخلاقكِ التي نظمت لكِ كل شئون حياتكِ صغيرها وكبيرها، فأسعدتكِ وأنجحتكِ، ولأحبوكِ وتمنوا أن يكونوا مثلكِ، فأنتِ حسنة المظهر، طيبة الرائحة، بسامة ضحاكة، جذابة الحديث، مثقفة، تحسنين وتجيدين دراستكِ وعلمكِ وعملكِ، واعية بما حولكِ، كثيرة الخبرات، لديكِ القدرة على كسب الحلال، صادقة أمينة، ومحبة ودودة، صبورة شكورة، وفِيّة بوعودكِ ومواعيدكِ، تحفظين لسانكِ عن كل قول سيء، وتخدميهم وتعينيهم وتشاركيهم أفراحهم وأحزانهم، وتحلين مشكلاتهم إن وجدت، وتعطفين على صغيرهم وتعرفين حق كبيرهم، وتتواضعين لهم، وترشديهم لكل ما هو خير، وتعينيهم على ترك كل ما هو شر، وبالجملة، فأنتِ سعيدة في نفسكِ مسعدة لهم ومؤثرة فيهم، قد كسرت القاعدة الخاطئة "زامر الحي لا يطرب" كما كسرها من قبل الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام الذين أثّروا أول ما أثّروا في أقاربهم وأصدقائهم وعدلوا المثل إلى: "زامر حيِّنا هو الذي يطربنا"!

 

2- استغلال أوقات الطعام:

 

حيث التآلف والتحاب والأحاديث المتنوعة الشيقة المثمرة عن تفاصيل الظروف والأحوال والمشكلات العامة والخاصة وحلولها الإسلامية، والتي من خلالها يتعلمون تدريجيا أن الإسلام ما جاء ليربك حياتهم وإنما لييسرها ويسعدها، كما يمكن أن يتعلموا أثناءه الذوق والكرم والإيثار والتعاون على تحضيره ورفعه وغسل الأطباق ونحو ذلك من الأخلاقيات الحسنة التي تسعد المتعاملين بها.

 

لقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يستغل وقت الطعام لزرع بعض الصفات ولتعليم بعض الأخلاق، فقال ذات مرة لبعض صحابته وهم يأكلون: "إن الله جعلني عبدا كريما ولم يجعلني جبارا عنيدا"، ثم قال: "كلوا من حواليها ودعوا ذروتها يبارك فيها" أخرجه أبو داود.

 

3- استغلال البرامج الإعلامية الجيدة:

 

حيث نتعلم جميعا منها آداب الإسلام في الحوار والاستماع لاختيار الأنسب والأصلح والأسعد والأكثر ثوابًا، كذلك من خلالها يتم عرض آراء الإسلام وأخلاقياته وقوانينه فيما يعرض بأسلوب مناسب، في السياسة والصحة والرياضة والعلم والعمل والاقتصاد والتجارة والمال والثقافة والعلاقات الدولية وما شابه ذلك، ثم من خلالها أيضًا يتم نوع من أنواع الترويح الجماعي.

 

4- استغلال المناسبات:

 

السارة "كالأعياد، وشهر رمضان، والمواسم الإسلامية، وحفلات الخطبة والزواج، والنجاح الدراسي، والترقي الوظيفي، وغيره"، والحزينة "كعيادة المريض، وغيرها.." استغلالها في التهنئة وتبادل الهدايا والزيارات أو في المواساة، ففي هذا تواصل للقلوب وتمهيد لها لقبول الإسلام وتعلم أخلاقه والتدريب عليها عمليا في كل مواقف الحياة، كما كان يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم.

 

5- استغلال العطلات الرسمية والمصايف السنوية المجمعة:

 

وذلك لمزيد من التعارف والتفاهم والتآخي وتوصيل بعض الأخلاقيات الإسلامية المناسبة لهذه الأوقات، كالاهتمام بالرياضة والسباحة والترويح الحلال الذي ينشط النفوس لمزيد من العمل والإنتاج، ملتزمًا بالضوابط الشرعية أثناء ذلك كالزي وغض البصر وتجنب المحرمات ونحو ذلك، فقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- -كما تروي السيرة النبوية- حين يسافر يصطحب معه بعض زوجاته ومرافقيه، فيتعلمون خلالها فوائد السفر وآدابه وآداب المعاملات والعلاقات الاجتماعية ونحوها.

 

6- عقد لقاءات تربوية:

 

دورية أو غير دورية، أسبوعيًا أو حتى شهريًا، حسبما تسمح به الظروف والأوقات، فتجتمعون على مدارسة القرآن أو التفسير أو الحديث أو الفقه، أو على كتاب سيرة أو فكر أو ثقافة، أو سماع شريط كاسيت أو فيديو أو برنامج إعلامي جيد، أو ما شابه ذلك، فهذه اللقاءات ستعرّفهم نظريًا بالإسلام ليطبقوه بعدها عمليًا وتدريجيًا في كل شئون حياتهم ليسعدوا به في دنياهم وفي آخرتهم.

 

7- المشاركة في وضع خطة لأهداف البيت وأولوياته، وأهداف أفراده وتطلعاتهم.

 

كل هذا سيوصل لهم أن الإسلامي يحب الحياة المرتبطة بالآخرة "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة"، المرتبطة بأننا نعمل كل أعمالنا لأننا نحب ربنا الذي يريد منا فعلها لمصلحتنا ولسعادتنا، ونعملها لأننا نطلب حبه وعونه ورزقه وتوفيقه في الدنيا ثم أعظم ثوابه في الآخرة.

 

ويعلمهم قواعد الإسلام وضوابطه عند وضع الخطط والأهداف والوسائل، فتكون حلالا بعيدة عن الحرام، نافعة ومسعدة للنفس وللغير وللإسلام وللمسلمين ولغيرهم.

 

8- صندوق للتكافل ولجنة للصلح:

 

ويمكن عمل صندوق للتكافل الاجتماعي بين الأسرة أو العائلة أو مع الجيران والزملاء، باشتراك شهري رمزي لمعاونة من قد يحتاج، كذلك يمكن عمل لجنة للإصلاح بين المتخاصمين إن وقع خلاف، لتكون فرصة لتوضيح أسس الإسلام العادلة في سرعة حل الخلافات وإعادة العلاقات كما كانت وأفضل، كما يقول تعالى: "والصلح خير".

 

أختي الكريمة: إن الأهل حول الداعي يكاد يهتف كل واحد منهم أن ادعوني للإسلام، فها أنا أمامك وفي انتظاركِ، ودعوتهم سهلة، ميسرة، ممهد لها، مضمونة نتائجها، ووسائلها يمكن تطويرها، فلعل الداعي ينتبه ويهتم بهم.

 

ولا حجة له بأنه "مشغول"، فدعوتهم هي الأساس ولها الأولوية.

 

أختي الكريمة: بهذه الوسائل البسيطة العميقة التدريجية البعيدة المدى -وغيرها الكثير والتي سيبتكر فيها من أراد الابتكار-، وبالصبر والأمل والدعاء؛ سيحدث التغيير -بإذن الله-، وستجد من لا يصلي سيصلي، وغير المحجبة تتحجب، والعاق بوالديه بارًا بهما، والقاطع لرحمه واصلا لهم، والعنيد ليِّنا، والعصبي هادئًا، والبخيل كريمًا، والأناني متعاونًا، والمتكبر متواضعًا، فتسعد الحياة كلها بهذه الأخلاق الحسنة، ثم تكون السعادة في الآخرة، وسيكون لكل داع ثوابه العظيم كما يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "من دلّ على خيرٍ فله مثل أجر فاعله" رواه مسلم.

 

وفقكِ الله وأعانكِ.

 

المستشار:

د. محمد محمود منصور

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×