اذهبي الى المحتوى
ميرفت ابو القاسم

مصطلح الحكمة

المشاركات التي تم ترشيحها

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سبحان الله وبحمده سبحان ربي العظيم

 

مصطلح الحكمة

 

 

 

 

largearticle9068%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85%D9%87%E2%80%8C.jpgفضل الله ممتاز

 

 

 

أولاً: معناها في اللغة:

الحكمة في اللغ مأخوذة من الفعل الثلاثي: (حكم)، ومعناه في أصل الوضع: منع.

قال ابن فارس (ت395هـ): (الحاء والكاف والميم أصل واحد، وهو المنع، وأول ذلك الحكم، وهو المنع من الظلم، وسميت حكمة الدابة لأنها تمنعها، يقال: حكمت الدابة وأحكمتها، ويقال: حكمت السفيه وأحكمته، إذا أخذت على يديه. . . والحكمة هذا قياسها؛ لأنها تمنع من الجهل)[1]. ولذلك يسمى المجرب المنسوب إلى المحكمة محكّم[2].

ويطلق الكم في اللغة - كذلك - على القضاء، يقال: حكم عليه بالأمر حكماً وحكومة، إذا قضى عليه، ومن صفات الباري سبحانه: الحكم، والحاكم، أي: القاضي، وبمعناهما: "الحكيم" لكونها على وزن فعيل بمعنى فاعل[3].

وهذا المعنى يرجع إلى الأول بالنظر إلى أن الحاكم يمنع الظالم[4].

ثانياً: معناها في الاصطلاح العام:

الحكمة في الاصطلاح العام هي معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم، ولذا يقال لمن يحسن دقائق الصناعات ويتقنها: "حكيم"، وحكيم هنا على وزن فعيل بمعنى مُفْعِل[5].

وقد يعبر بها أحياناً عن العدل فيقال: رجل حكيم أي عدل[6].

وأفضل تعريف لها في الاصطلاح العام - في نظري - هو تعريف الشريف الجرجاني (ت816هـ) حيث قال: " الحكمة علم يبحث فيه عن حقائق الأشياء على ما هي في الوجود بقدر الطاقة البشرية، فهي علم نظري غير آلي، والحكمة أيضاً هي هيئة القوة العقلية العلمية المتوسطة بين الغريزة التي هي إفرط هذه القوة، والبلاة التي هي تفريطها"[7].

وهي بهذا التعريف تشمل كافة التصرفات الموزونة الناشئة عن علم ومعرفة وتجربة من الأقوال والأفعال وغيرها.

ثالثاً: معناها في الاصطلاح الشرعي:

تطلق الحكمة في الاصطلاح الشرعي على العلم والفقه المستند إلى النظر الخاص، والفهم الدقيق، قال تعالى: يؤتي الحكمة من يشاء، ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً[8]، وقال سبحانه: ﴿ولقد آتينا لقمان الحكمة﴾[9].

قال الإمام مالك (ت177هـ): "من شأن ابن آدم أن لا يعلم ثم يعلم أما سمعت قول الله تعالى: ﴿إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً﴾[10]، وقال أيضاً: "إن الحكمة مسحة ملك على قلب العبد"، وقال: "الحكمة نور يقذفه الله في قلب العبد"، وقال: "يقع بقلبي أن الحكمة الفقه في دين الله، وأمر يدخله الله القلوب من رحمته وفضله"[11].

ولعل هذا هو سبب تسمية الباري سبحانه لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم بـ (الحكمة) في مواضع كثيرة من الكتاب العزيز[12].

وحيث قرنت الحكمة بالكتاب في آيات القرآن الكريم، فالمراد بها السنة النبوية.

قال الإمام الشافعي (ت204هـ): "فذكر الله الكتاب وهو القرآن، وذكر الحكمة، سمعت من أرضى من أهل العلم بالقرآن يقول: الكمة: سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم"[13].

رابعاً: معناها عند علماء الأصول:

يتردد هذا المصطلح كثيراً على ألسنة علماء الأصول في باب القياس عند الكلام في تعليل الأحكام الشرعية، وتختلف آراؤهم في ضابطه ومعناه، فنجد أن بعضهم يتوسع في معناه فيجعله مرادفاً للمصلحة[14].

يقول الرازي (ت606هـ) - معرفاً هذا المصطلح -: "الحاجة إلى تحصيل المصلحة ودفع المفسدة وهي التي يسميها الفقهاء بالحكمة"[15].

ويقول الطوفي (ت716هـ): "هي الغاية المطلوبة من التعليل، وهي جلب المصلحة أو دفع المفسدة"[16].

ويقول ابن الكمال ابن الهمام (ت681هـ): "الحكمة جلب مصلحة أو تكميلها، أو دفع مفسدة أو تقليلها"[17].

ويقو الزركشي (ت 497هـ): "وهي الحاجة إلى جلب مصلحة أو دفع مفسدة"[18]. ونجد آخرين يجعلونه مرادفاً للعلة، فيفسرون العلة بالحكمة.

يقول ابن قدامة - وهو يبين معاني العلة عند الفقهاء -: "والثالث أطلقوه بإزاء الحكمة كقولهم: المسافر يترخص لعلة المشقة"[19].

ويقول الشاطبي (ت790هـ): "وأما العلة فالمراد بها الحكم والمصالح التي تعلقت بها الأوامر أو الإباحة، والمفاسد التي تعلقت بها النواهي، فالمشقة علة في إباحة القصر والفطر في السفر، والسفر هو السبب الموضوع سبباً للإباحة، فعلى الجملة:

العلة هي المصلحة نفسها، أو المفسدة، لا مظنتها، كانت ظاهرة أو غير ظاهرة، منضبطة او غير منضبطة"[20].

قال الزركشي (ت794هـ) - بعد ذكره لهذا المعنى -: "وهذا مجازاً لأنه ضابط الحكمة لا نفس الحكمة، من باب تسمية الدليل باسم المدلول"[21].

وقد حاول بعض علماء الأصول ضبط الحكمة بتعريف يفصلها عن العلة، ومن هؤلاء:

1- السرخسي (ت490هـ) حيث عرفها بأنها: "المعنى الذي يكون به الوصف علة موجبة للحكم شرعاص"[22].

2- أبو حامد الغزالي (ت 505هـ) حيث قال: "فإنا لا نعني بالحكمة إلا المصلحة المخيلة المناسبة، كقولنا في قوله عليه السلام: ((لا يقضي القاضي وهو غضبان)) إنه إنما جعل الغضب سبب المنع؛ لأنه يدهش العقل ويمنع من استيفاء الفكر"[23].

3- الآمدي (ت631هـ) حيث أشار في أكثر من موضع من كتابه الإحكام إلى أن المراد بها: "المعنى المقصود للشرع من إثبات حكم أو نفيه"[24].

4- القرافي (ت 684هـ) حيث قال: "هي التي لأجلها صار الوصف علة، كذهاب العقل الموجب لجعل الإسكار علة"[25].

5- الطوفي (ت716) حيث قال: "والمراد بحكمة الحكم: هي المعنى المناسب الذي نشأ عنه الحكم"[26]، أو "غاية الحكم المطلوبة بشرعه"[27].

6- الزركشي (ت 794هـ) حيث ذكر أن المراد بها المصلحة المقصودة لشرع الحكم[28].

وخلاصة القول أن معنى الكلمة عند علماء الأصول: "المعنى المناسب الذي قصده الشارع من الحكم"، وهذا المعنى يختلف من محل لآخر، فلكل حكم معنى خاص يناسبه، وإن كان المقصد العام من التشريع هو جلب المصالح ودرء المفاسد[29].

المراجع:

 

[1]- معجم مقاييس اللغة (4/103) مادة (حكم)، وانظر كذلك: القاموس المحيط (4/100)، مادة (الحكم)، ولسان العرب (12/141، 144)، مادة (حكم)، وقواعد الأحكام (1/52).

 

[2]- انظر: معجم مقايي اللغة (ص258)، ولسان العرب (12/143).

 

[3]- انظر: القاموس المحيط (4/99)، ولسان العرب (12/141)، ومختار الصحاح (1/62).

 

[4]- انظر: لسان العرب (12/144).

 

[5]- انظر: لسان العرب (12/140 - 141)، والقاموس المحيط (4/100)، ومختار الصحاح (1/62).

 

[6] انظر: القاموس المحيط (4/100)، ولسان العرب (12/143)، ومختار الصحاح (1/62).

 

[7]- التعريفات (ص104)، وانظر كذلك: التوقيف على مهمات التعاريف (1/292).

 

[8]- سورة البقرة، الآية (269).

 

[9]- سورة لقمان، الآية (12).

 

[10]- سورة الأنفال، الآية (29).

 

[11]- انظر: الموافقات (4/97 - 98).

 

[12]- انظر الآيات (129، 151، 231) من سورة البقرة، والآية (164) من سورة آل عمران، والآية (113) من سورة النساء، والآية (2) من سورة الجمعة.

 

[13]- الرسالة (ص78)، وانظر في تسمية السنة بالحكمة: المصدر ذاته (ص32، 93، 103).

 

[14]- انظر نماذج من هذا المنهج في الفصول للجصاص (2/61)، وقواطع الأدلة (2/74)، والمحصول (5/152، 427)، والإبهاج (3/144)، وإعلام الموقعين (1/200، 278، 2/84، 91، 121، 3/135).

 

[15]- المحصول (5/389).

 

[16]- شرح مختصر الروضة (3/445).

 

[17]- التحرير (ص431)، وانظر كذلك: التقرير والتحبير (3/187 - 188).

 

[18]- البحر المحيط (4/120).

 

[19]- روضة الناظر (1/245- 246)، وانظر كذلك: شرح مختصر الروضة (1/419، 423).

 

[20]- الموافقات (1/265).

 

[21]- تشنيف المسامع (2/53)، وانظر كذلك: البحر المحيط (4/108).

 

[22]- انظر: أصول السرخسي (2/236).

 

[23]- المستصفى (1/333).

 

[24]- انظر: الإحكام للآمدي (3/203، 230، 239).

 

[25]- انظر: شرح تنقيح الفصول (ص406).

 

[26]- شرح مختصر الروضة (1/423)، وانظر كذلك: المدخل لابن بدران (1/160).

 

[27]- انظر: شرح مختصر الروضة (3/386) .

 

[28]- انظر: تنشيف المسامع (2/52 - 53) .

 

[29]- انظر: المستصفى (1/278)، وشفاء العليل (ص159)، والإحكام للآمدي (3/271)، وقواعد الأحكام (1/7، 2/160)، والموافقات (2/6)، ومنهاج السنة (3/36) .

 

http://fiqh.islammes...ls.aspx?id=9068

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

معنى الحِكْمَة لغةً واصطلاحًا

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×