اذهبي الى المحتوى
المشرفة

قصة آدم عليه السلام

المشاركات التي تم ترشيحها

-1-

المقدمة

الحمد لله ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم ... وبعدُ : ...... فإن الإيمان بالأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام ركن من أركان الإيمان ؛ كما بينه ربنا في القرآن، فقال: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ} [البقرة: 582] ؛ أي في الإيمان بهم ، وبيّنه الرسول صلى الله عليه وسلم في سُنَّته ؛ كما قال في حديث جبريل لما سأله عن الإيمان: «أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره » (1) ولا يصح إيمان عبد بلغه خبر رسول من رسل الله إلا بالإيمان به الذي يشمل تصديقهم فيما أخبروا به ومحبتهم وتوقيرهم وتعظيمهم التعظيم اللائق بهم دون الغلو في إطرائهم إذ هم أفضل عباد الله عزَّ وجلَّ وهم رسله السفراء بينه وبين خلقه في تبليغ أوامره ونواهيه وأخباره إليهم ، ثم ما يلزم من هذه المحبة والتصديق من متابعتهم وطاعتهم وامتثال أوامرهم واجتناب نواهيهم ، وإن من أعظم أسباب سعادة الإنسان صحبة أنبياء الله ورسله بل هذه في الحقيقة من أعظم نعيم الجنة بعد النظر إلى وجه الله الكريم وسماع كلامه وتسليمه والفوز برضوانه ، قال تعالى: {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللّهِ وَكَفَى بِاللّهِ عَلِيمًا } [النساء: 69، 70] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم آخر ما قال في الدنيا: «في الرفيق الأعلى» ، والحق أن هذه السعادة برفقة الأنبياء والمرسلين مردها إلى تحقيق أوثق عرى الإيمان ؛ وهي الحب في الله سبحانه ؛ فإن صحبتهم تقرب العبد من الله ، وتعرفه بأسمائه وصفاته ، وبره وإحسانه ، وجماله وعظمته وحكمته ، وحمده وربوبيته وألوهيته ، وبهذا يسعد القلب وتُسد فاقته ، فلا يصل العبد إلى حقيقة الإيمان بالله إلا إذا آمن برسله واتبعهم ، ولذا كان الكفر بواحد منهم كفر بهم جميعًا وكفر بالذي أرسلهم قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً (150) أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا (151) } [النساء: 150، 151]. والله سبحانه رحيم بعباده ، فمن فاتته صحبة الأنبياء بأبدانهم ؛ فقد جعل الله سبيلاً إلى معيتهم على البعد في الزمان والمكان بما أوحى على رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم سيد الأولين والآخرين ، وخير الخليقة أجمعين محمد عليه أفضل الصلاة ، وأتم التسليم من قصصهم وأخبارهم ودعوتهم ، وجهادهم في سبيل الله ، وقد تضمن هذا القصص من جميل صفاتهم وكريم أفعالهم ما يجلي للقارئ والسامع له حقيقة هذه الشخصيات العظيمة التي لا يملك العبد إلا أن يحبهم من كل قلبه لما امتلأت قلوبهم من محبة الله ، ومعرفته وهدايته ، فيعيش من خلال قصص القرآن الذي لا نظير له على الإطلاق لا في قصص أهل الكتاب ، ولا في أساطير الناس وحكاياتهم ، ولا في غير ذلك ، يعيش العبد مع الأنبياء ، ويعد نفسه للتأسي بهم ومتابعتهم ، ويسأل الله أن يرزقه رفقتهم في برزخه ويوم القيامة صدقًا من قلبه ، ومن أعظم منن الله على عباده المؤمنين أنه قد قضى قضية رحمةٍ وفضل ، فجعل «المرء مع مَن أحب» كما تواتر بذلك النقل عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ، فكان تدبر قصص القرآن عن الأنبياء سببًا لمحبتهم ومعيتهم وهذه المحبة سبب إلى رفقتهم وصحبتهم ، وتأمل كيف ذكر الله هذه المحبة على تباعد الزمان والمكان في قوله تعالى: {وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ} [الصافات: 38] ، وكم كان بينهما زمانًا ومكانًا ، وقال تعالى عن إبراهيم: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ} [الممتحنة: 4] ، ومعلوم أن إبراهيم إنما آمن به لوط عليهما السلام ومع ذلك ؛ فهذه معية الأنبياء والمؤمنين عبر العصور ، كيف لا وقد قال تعالى بعد ذكر الأنبياء في سورة الأنبياء: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 29] ، والله إن القلب ليكاد أن يطير شوقًا إليهم ، وحبًا لهم بعد هذا التكريم من الله أن جعلنا وإياهم أمة واحدة ، فله الحمد وله الثناء الحسن ، لا نحصي ثناءًا عليه هو كما أثنى على نفسه. ولما كان إبراز المعاني الإيمانية التي تتضمنها قصص القرآن عن الأنبياء من أعظم ما يزيد الحب لهم ، ولمن أرسلهم سبحانه وبحمده ، وكذا إبراز صفاتهم الجميلة والتفكير في أفعالهم وأخلاقهم ، وحسن عبادتهم ودعوتهم ، وكذا تأمل ما عليه أعداؤهم من قبيح الصفات والأفعال ؛ ليحذر العبد على نفسه منها ، كانت هذه المحاولة للانتفاع بمواعظ القرآن ، والتذكر لما يسر الله فيه من حقائق الإيمان ، وثمراته اليانعة والتي أسأل الله أن ينفع بها كاتبها وقارئها وسامعها ، وأن يرزقنا عيش السعداء وموت الشهداء ، ومرافقة الأنبياء ، وأن يغفر لنا ولوالدينا وأهلينا وذرياتنا ، وإخواننا وأخواتنا وأحبائنا والمؤمنين والمؤمنات ؛ إنه سميع قريب. ولنشرع في ذكر قصة سيدنا آدم أبي البشر عليه السلام ؛ قصة رحلته إلى الأرض وسيكون طريقنا إن شاء الله أن نذكر الآيات التي تضمنت القصة في مواضعها المختلفة من القرآن ونبين فوائد كل منها ، وما يتعلق بتفسيرها باختصار. والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

-2-

قصة سيدنا آدم عليه السلام

في سورة البقرة

قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ } [البقرة: 30 ـ 33] .

قال ابن كثير -رحمه الله-: « يخبر تعالى بامتنانه على بني آدم بتنويهه بذكرهم في الملأ الأعلى قبل إيجادهم، فقال تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ} أي واذكر يا محمد إذ قال ربك للملائكة ، واقصص على قومك ذلك {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} أي قومًا يخلف بعضهم بعضًا قرنًا بعد قرن وجيلاً بعد جيل ؛ كما قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ} [الأنعام: 165]، وقال: {وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ} [النمل: 62]، وقال: {وَلَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَا مِنكُم مَّلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ} [الزخرف: 60]، وقال: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ} [الأعراف: 169] ، وليس المراد ههنا بالخليفة آدم عليه السلام فقط ، كما يقول طائفة من المفسرين ، وعزاه القرطبي إلى ابن عباس وابن مسعود وجميع أهل التأويل وفي ذلك نظر ، بل الخلاف في ذلك كثير حكاه الرازي في تفسيره وغيره ، والظاهر أنه لم يرد آدم فيها عَيْنًا ، إذ لو كان ذلك لما حسن قول الملائكة: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} فإنهم أرادوا أن من هذا الجنس مَن يفعل ذلك وكأنهم علموا ذلك بعلم خاص ، أو بما فهموه من الطبيعة البشرية فإنه أخبرهم أنه يخلق هذا الصنف من صلصال من حمأٍ مسنون ، أو فهموا من الخليفة أنه الذي يفصل بين الناس ما يقع بينهم من المظالم ويردعهم عن المحارم والمآثم. قاله القرطبي ، أو أنهم قاسوهم على من سبق » ا. هـ باختصار يسير. دلت الآيات الكريمة على أن الإنسان خلق للأرض ، وأن الله قدر حياة النوع الإنساني في الأرض قبل خلق آدم عليه السلام ، كما دلت السنة على ذلك صراحة كما روى البخاري ومسلم واللفظ له عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: « احتج آدم وموسى عليهما السلام عند ربهما ، فحج آدم موسى ، قال موسى: أنت آدم الذي خلقك اللَّه بيده ونفخ فيك من روحه وأسجد لك ملائكته وأسكنك في جنته ، ثم أهبطت الناس بخطيئتك إلى الأرض. فقال آدم: أنت موسى الذي اصطفاك اللَّه برسالته وبكلامه ، وأعطاك الألواح فيها تبيان كل شيء وقربك نجيًا فبكم وجدت اللَّه كتب التوراة قبل أن أخلق؟ قال موسى: بأربعين عامًا. قال آدم: فهل وجدت فيها: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [طه: 121] ، قال موسى: نعم ؛ قال أفتلومني على أن عملت عملاً كتبه اللَّه عليّ أن أعمله قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟!» قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: «فحج آدم موسى» (1) . فدل الكتاب والسنة على أن القدر المحتوم بوجودنا على الأرض سابق على وجود آدم عليه السلام ، وإنما كان سكنه في الجنة عليه السلام لحكم بالغة منها أن يظل قلبه ، وكذا قلوب بنيه تهفو وتحن لأول منزل ، وتظل الفطرة الإنسانية متطلعة إلى الانتقال من الأرض ، تبغي عنها حولاً دائمًا ، ولا يستقر له القرار مهما حقق فيها من راحة ورخاء لأن داره الأولى الجنة ؛ هي التي لا يبغي عنها حولاً ، وإنما وجدنا على ظهر الأرض لتحقيق العبودية لله سبحانه وتعالى فيها ؛ كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] ، وهي عبودية خاصة تختلف عن عبودية الملائكة والنوع الإنساني أخص بها من الجن وأقوم وأعلم ، وهي عبودية يحبها الله ويحب من قام بها أشد من محبته لعبودية سائر الخليقة والبرية {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} [البينة:7] وهم مكرمون في بدايتهم وفي نهايتهم تكريمًا عظيمًا: في بدايتهم مكرمين بكرامة أبيهم آدم عليه السلام كما سيأتي إن شاء الله ، وفي نهايتهم عند دخول الجنة {وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ (23) سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد: 23، 24] . وهذه العبودية الخاصة لما قاموا بها بين من يفسد في الأرض ويسفك الدماء ؛ فخاصموهم بالله، وحاكموهم إليه ، وآمنوا به وتوكلوا عليه ، وأسلموا له وأنابوا إليه رغم ما في نفوسهم من نوازع الشر ودوافع الرغبات ووساوس الشياطين ، فدافعوا كل ذلك للهِ عزَّ وجلّ ، وبذلوا وضحوا وتركوا ما يهوون ويحبون لحبهم لله عز وجل ، وهذا الذي امتازوا به عن عبودية الملائكة عليهم السلام ، فالملائكة كل ما حولهم ومَن حولهم يعبد الله ويذكر به وقد ركب الله خلقهم وقوتهم على إرادة ما يحبه دون إرادة ما يسخطه ، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون . والسماوات والأرض والجبال أبت أن تحمل أمانة التكليف والأمر والنهي وأشفقت منها وأتت طائعة لله مسخرة بغير امتحان وابتلاء ، والله رضي منهم بذلك ، ولكنه يحب عبودية أخرى هي عنده أكمل ولديه أحب وهي العبودية في وسط المنازعة والمخاصمة ، ومن أجل ذلك قدر سبحانه ما يكرهه من سفك الدماء والإفساد في الأرض: بالشرك والقطيعة والفسوق والعصيان ، وأنواع المخالفات التي يسخطها ، ويسخط على مَن يفعلها ، لكنه عز وجل يعلم أنه يوجد من النوع الإنساني الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون ـ وهم أولياؤه عز وجل ، وهم خلاصة النوع الإنساني ـ من أجل عبادتهم له ، وصبرهم على مَن خالفهم ، وبذلهم مهجهم وأموالهم وأهليهم وأوطانهم في سبيله ، وإيثارًا لمرضاته ومحبته ، من أجل أن يرى عز وجل منهم ما يحب خلق مَن يكره ، وأضل مَن هان عليه ليبتلي أولياءه بهم وسلطهم على ظلمهم وبغيهم ، وعلى الإفساد وسفك الدماء ، مع قدرته عز وجل أن يخلق من لا يعصيه طرفة عين ، ويسبح بحمده ويقدس له بالليل والنهار لا يفترون.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

-3-

فيا أيها الإنسان الذي اصطفاك الله بالإيمان وخصك بتوفيقه ، وخلق غيرك من أجل عبوديتك هلا أدركت قيمتك وعلمت منزلتك وعلمت أن ما تكرهه من ثقل التكاليف وألم الابتلاءات إنما هو الشيء الذي اختصك الله به من بين سائر عباده ؛ لكي تظهر من عبادته ومحبته وخوفه ورجائه والتوكل عليه ، والصبر والرضا واليقين بلقائه ، والثبات على الصراط المستقيم رغم كل العقبات والمعوقات والموانع ، وكل ذلك من عظيم امتنانه عليك ، وخصوصية اجتبائك واصطفائك عنده ، وهلا فهمت حقيقة: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 65] فالكل قد أمر بعبادة الله والكفرة والظلمة والطغاة ما خلقوا كذلك إلا لعبادته ليؤمروا هم بها فلا يعملون بها ولتعبد أنت ربك بمخالفتهم ومجاهدتهم ، والصبر على أذاهم ، فهم شرعًا مأمورون بالعبادة ، أمّا كونًا: فقد خلقوا لتتحقق عبودية غيرهم ـ وهم أهل الإيمان ـ الذين مَنَّ الله عليهم بهذا الشرف خلق أعداءهم من أجلهم ؛ من أجل أن يحبوه ويروا نعمته ، ويشاهدوا منته ويحمدوه من كل قلوبهم ، ويشكروه بألسنتهم وجوارحهم ، ويحبوا فيه ولأجله ، ويبغضوا فيه ولأجله ، ثم هو سبحانه يجمع لهم خير الدنيا والآخرة فيحييهم في الدنيا الحياة الطيبة ـ رغم الآلام ـ ويذيقهم حلاوة الإيمان وعطيته أعظم العطايا ـ رغم الحرمان ـ ثم يؤويهم ويؤيدهم بنصره ، ويرزقهم من الطيبات لعلهم يشكرون ، ويستخلفهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم ، ويمكن لهم دينهم الذي ارتضى لهم ، ويبدلهم من بعد خوفهم أمنًا يعبدونه لا يشركون به شيئًا ، ومَن مات منهم قبل ذلك أسكن روحه الجنان ، وهداه وأصلح باله وجعل له الذكر الحسن ، ولسان الصدق ، ورزقه رفقة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وأما يوم القيامة فيرزقهم جنته ورضوانه ولذة النظر إلى وجهه ، وسماع كلامه وسلامه ، وينصرهم على رءوس الأشهاد ويعلي قدرهم فوق العباد ، فسبحان العزيز الحكيم الرءوف الرحيم عالم غيب السماوات والأرض ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، له النعمة والفضل والثناء الحسن لا نحصي ثناءً عليه ، هو كما أثنى على نفسه . وأما معنى الخليفة في قوله تعالى: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} فهو كما رجحه ابن كثير -رحمه الله-: أنهم أقوام يخلف بعضهم بعضًا ، وليس أنه خليفة الله سبحانه ؛ فإن الملك لله في الأرض ثابت: {لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [البقرة: 107] ، وكما في الحديث الصحيح: « ولك الحمد أنت ملك السموات والأرض ومن فيهن » ، وإنما يقال: خليفة فلان. لمن مات ، أو غاب ، أو ذهب ملكه ، وما سمي أبو بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بعد وفاته صلي الله عليه وسلم ، ولم يثبت في كتاب ولا سنة ولا قول صاحب أنهم قالوا عن آدم أو ذريته أنهم خلفاء الله سبحانه وتعالى ، وقد أحسن ابن كثير الاستدلال على ما ذهب إليه من أن المقصود أن الخليفة قوم يخلف بعضهم بعضًا ؛ بأن آدم عليه السلام لم يقع منه إفساد في الأرض أو سفك للدماء ؛ فكيف يكون هو المتبادر إلى الفهم من معنى الخليفة مع قول الملائكة: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} ؛ فدل ذلك على أن المقصود بعض ذريته ، ولذا كان الاستدلال بهذه الآية على وجوب نصب خليفة فيه نظر ، وإن كانت المسألة مجمعًا عليها ، ولا نزاع فيها بين أهل العلم ، لكن من أدلة أخرى: كتابًا وسنةً وإجماعًا وقياسًا ؛ فإن الملائكة لما فهمت من جعل الخليفة وجود من يفسد في الأرض ويسفك الدماء ، لم يحسن أن يكون المقصود بالخليفة الذي يحكم بين الناس بالعدل ، ويقيم فيهم الشرع لأن هنا معنى ظاهر الحكمة لا يحتاج إلى سؤال ، وإنما الذي يحتاج إلى السؤال عنه الحكمة الخفية في خلق من يفسد فيها ويسفك الدماء ، والله أعلم.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

جزاكِ الله خيراً مشرفتنا الغالية

و بارك الله في شيخنا الفاضل د. ياسر برهامي و نفعنا بعلمه

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

وإياك أخيتي الحبيبة أم سهيلة.

بارك الله فيكِ.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

-4-

 

وإن كنا نذكر ما ذكره القرطبي -رحمه الله- في أمر الخليفة لفائدته وإن كنا نرجح عدم تعلقه بالآية ؛ قال ابن كثير -رحمه الله-: «و قد استدل القرطبي بهذه الآية على وجوب نصب الخليفة ليفصل بين الناس فيما اختلفوا فيه ، ويقطع تنازعهم ، وينتصر لمظلومهم من ظالمهم ، ويقيم الحدود ، ويزجر عن تعاطي الفواحش ، إلى غير ذلك من الأمور المهمة ، التي لا تمكن إلا بالإمام ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، والإمامة تنال بالنص كما يقوله طائفة من أهل السنة في أبي بكر أو بالإيماء كما يقول آخرون منهم ، أو باستخلاف الخليفة آخر بعده كما فعل الصديق بعمر بن الخطاب ، أو يتركه شورى في جماعة صالحين كذلك كما فعله عمر، أو باجتماع أهل الحل والعقد على مبايعته ، أو بمبايعة واحد منهم له، فيجب التزامها عند الجمهور ، وحكى على ذلك إمام الحرمين الإجماع ، أو يقهر أحد الناس على طاعته لئلا يؤدي ذلك إلى الشقاق والاختلاف .

 

وهل يجب الإشهاد على عقد الإمامة ؟ فيه خلاف: فمنهم من قال لا يشترط ، وقيل: بلى يكفي شاهدان وقال الجبائي يجب أربعة وعاقد ومعقود له كما ترك عمر -رضي الله عنه- الأمر شورى بين ستة فوقع الأمر على عاقد وهو عبد الرحمن بن عوف ، ومعقود له وهو عثمان بن عفان واستنبط وجوب الأربعة الشهود من الأربعة الباقين وفي هذا نظر، ويجب أن يكون ذكرًا حرًا بالغًا عاقلاً مسلمًا مجتهدًا بصيرًا سليم الأعضاء خبيرًا بالحروب والآراء قرشيًا على الصحيح ، ولا يشترط الهاشمي ولا المعصوم من الخطأ خلافًا للغلاة الروافض. ولو فسق الإمام هل ينعزل أم لا ؟ فيه خلاف: والصحيح أنه لا ينعزل لقوله عليه الصلاة والسلام: «إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم فيه من اللَّه برهان» ؛ وهل له أن يعزل نفسه ؟ فيه خلاف ، وقد عزل الحسن بن علي نفسه وسلم لمعاوية ، لكن هذا لعذر ، وقد مدح على ذلك ؛ فأما نصب إمامين في الأرض أو أكثر فلا يجوز ؛ لقوله صلي الله عليه وسلم: «مَن جاءكم وأمركم جميع يريد أن يفرق بينكم فاقتلوه كائنًا مَن كان» ؛ وهذا قول الجمهور ، وقد حكى الإجماع على ذلك غير واحد منهم إمام الحرمين وقالت الكرامية: يجوز اثنان فأكثر كما كان علي ومعاوية إمامين واجبي الطاعة قالوا: وإذا جاز بعث نبيين في وقت واحد وأكثر جاز ذلك في الإمامة لأن النبوة أعلى رتبة من الإمامة بلا خلاف وحكى إمام الحرمين عن الأستاذ أبي إسحق أنه جوز نصب إمامين فأكثر إذا تباعدت الأقطار ، وتردد إمام الحرمين في ذلك، ا.هـ من ابن كثير.

 

وقول الملائكة عليهم السلام: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} التسبيح التنزيه لله تعالى ، والتقديس التطهير والتعظيم ، وقال غير واحد من السلف: «نصلى لك» ، والخلاف هو في العبارة ، والمعنى واحد إذ أَنَّ الصلاة تعظيم لله وإثبات الكمال له والتطهير من كل نقص وعيب وهذا قالته الملائكة على سبيل التعجب والسؤال عن الحكمة في خلق بعض الخلق مع وجود مَن يطيع لا على سبيل الاعتراض ، وكذلك لم يقولوه على سبيل تزكية النفس المذمومة ، والله أعلم». وهذا اختيار ابن جرير -رحمه الله- .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

-5-

 

وقوله تعالى: {وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} في الصحيحين من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يجتمع المؤمنون يوم القيامة يقولون: لو استشفعنا إلى ربنا فيأتون آدم فيقولون أنت أبو الناس خلقك اللَّه بيده وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شيء ...» الحديث بطوله في الشفاعة ، وهو صريح في أن الله علم آدم أسماء كل شيء فيشمل كل ما قاله السلف من الأقوال: إنسان ودابة وسماء وأرض وسهل وبحر وجمل وحمار وأشباه ذلك من الأمم وغيرها ، وكذا أسماء الملائكة والذرية ؛ قال ابن كثير: « والصحيح أنه علمه أسماء الأشياء كلها ذواتها وصفاتها وأفعالها » .

 

وفي هذا دليل على أن النوع الإنساني إنما يشرف بالعلم ؛ وأصله العلم بالله ، وبما يحبه الله ويرضاه ، وبخبره وشرعه وأمره ونهيه ، ثم العلم الدنيوي إن استعان به العبد على مرضاة الله كان شرفًا له ، وكان علمًا نافعًا ، وأما إذا استعان به على مخالفته والكفر به ، فليس بعلم نافع ولا يطلق على صاحبه عالم ، فلابد في العلوم الدنيوية من طب وهندسة وفلك وتاريخ وغيرها من نية صالحة ، وعمل صالح في تعمير الأرض بطاعة الله ، ولا يجوز إهمال هذه العلوم مطلقًا بزعم أنه لا شرف إلا في العلم الشرعي ، فَعِلْمُ آدمَ الأسماءَ كلها كان شرفًا له.

 

ولا شك أن هذه العلوم مما يمكن أن يعين على العبادة والجهاد ، وقوة المسلمين وتيسير أمور الحياة التي يعمرها المؤمن بالطاعة، ولكن لا يجوز أيضًا إطلاق مدح هذه العلوم وجعلها الغاية والمقصد الذي تفنى فيه الأعمار على حساب فرض العين من العلم بالله والدار الآخرة وكتبه ورسله وملائكته وقضائه وقدره وشرعه وأمره ونهيه ، أو أن تمدح لو وقعت من كافر فاجر فكم جَرَّت هذه العلوم حين تمكن منها الكفار من خراب وشقاء على البشرية ، وجعلوها مطية لنشر كفرهم وضلالهم وشهواتهم ؛ فشقوا وأشقوا غيرهم ، فلا بد أن يطلب المسلم هذه العلوم بنية وعمل صالح ولا يكون على حساب علم الدين.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

جزاكِ الله خيراً مشرفتنا الغالية

و بارك الله في شيخنا الفاضل د. ياسر برهامي و نفعنا بعلمه

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

وإياكِ أخيتي الحبيبة قطرة الندى.

بارك الله فيكِ على مروركِ الكريم.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

-6-

وقوله تعالى: {ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ} [البقرة: 31] أي المسميات عرضها على الملائكة {فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 31] قال ابن جرير: «وأولى الأقوال في ذلك تأويل ابن عباس ، ومن قال بقوله ، ومعنى ذلك أنبئوني بأسماء من عرضته عليكم أيها الملائكة القائلون {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا} من غيرنا ، أم منا فنحن نسبح بحمدك ونقدس لك ؛ إن كنتم صادقين في قيلكم (أي قولكم) إني إن جعلت خليفتي في الأرض من غيركم عصاني وذريته وأفسدوا وسفكوا الدماء وإن جعلتكم فيها أطعتموني واتبعتم أمري بالتعظيم لي والتقديس ؛ فإن كنتم لا تعلمون أسماء هؤلاء الذين عرضت لكم ؛ وأنتم تشاهدونهم فأنتم بما هو غير موجود من الأمور الكائنة التي لم توجد أحرى أن تكونوا غير عالمين » أ.هـ. وفي قوله تعالى: {قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} مفزع لكل مؤمن يرى فيه الأرض من أنواع الفساد والشر ما قد يضيق به صدره ، ويؤلم قلبه ، فلا بد أن يستحضر أن الخير كله في يدي الله سبحانه ، وأن الشر ليس إليه ليس من صفاته ولا من أفعاله وإنما في مخلوقاته شر نسبي: أي من بعض الجهات لمن فعله ورضي به ليس من كل جهة ، بل فيه خير ويترتب عليه الخير من جهات عديدة الله يعلمها ، ونحن لا نعلم ولا نطلع على الغيب ، فلنفوض الأمر إلى الله ، ولنسلم لأمره ونتوكل عليه سبحانه في فعل ما يحبه ودفع ما يكرهه سبحانه. وفي قوله عن الملائكة عليهم السلام : {قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} حسن تنزيه الرب عز وجل في كمال علمه وحكمته أن يحيط أحد بشيء من علمه إلا بما علمه ، فهو الذي يُعَلِّم من يشاء ما يشاء ، وهو سبحانه وحده العليم بالحقيقة وعلم كل خلقه بالنسبة إلى علمه جهل وهو الحكيم بالحقيقة ، فسبحانه وتعالى أن يفعل شيئًا لغير حكمة محمودة يستحق عليها الحمد ، وسبحانه وتعالى أن يضع شيئًا في غير موضعه أو أن يخص من لا يستحق الاختصاص أو أن يفضل من لا ينبغي أن يفضل وسبحانه وتعالى أن يفعل شيئًا بغير إحكام وإتقان ، بل صنعه أتقن الصنع ،وخلقه أحسن الخلق ، وهو العليم الحكيم. وقارن بين قول الملائكة: {سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا} وقول أعلم الخلق بالله محمد صلي الله عليه وسلم: «اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري ، وما أنت أعلم به مني» ، وقول الخضر لموسى: «وما علمي وعلمك وعلم الخلائق في علم اللَّهِ إلا كما أخذ هذا العصفور من هذا البحر» متفق عليه. قارن بين هذا كله وبين غرور جهلة البشر في إعجابهم بأنفسهم وعلمهم ، وأنهم وصلوا إلى مرحلة الاستغناء عن القوة الإلهية ؛ كما يقول بعض فلاسفتهم عن عصر العلم: « أنه عصر موت الإله ، ومولد السوبر مان » ، وأن حضارتهم هي الحضارة التي لا تشيخ ولا تزول ؛ لأنها قائمة على العلم والتكنولوجيا ، التي ما وصلت إليها البشرية من قبل ، وألف مؤلفوهم وأدباؤهم القصص التي تتضمن هذا الكفر ؛ كتلك التي نال عليها الكاتب العربي جائزة نوبل في الأدب ؛ لأنه يخبر بانتصار العلم على الدين ، وأن «عرفــة» في قصته ـ الذي يرمز إلى المعرفة الحديثة والعلم الحديث ـ قد قتل (الجبلاوي) ـ الذي جعله رمزًا للإله ـ تعالى الله عن كفرهم وشركهم علوًا كبيرًا ـ هذا فضلاً عن الاستهزاء بالأنبياء وعلومهم وسيرتهم . والعجب أن هذا دائمًا يصدر ممن لا يتقن فرعًا واحدًا من فروع العلم البشري إذ كل من أتقن منه شيئًا أيقن يقينًا جازمًا أن ما يجهله الإنسان أضعاف أضعاف ما يعلمه ، فمن عرف مثلاً علم الطب ـ على تقدمه ـ يوقن أن الإنسان مازال يبحث في قشرة صغيرة وراءها أعماق بعيدة لا يحسن الإنسان ولا يدرك عنها شيئًا وكذلك من أتقن علم الفلك علم أن ما يعلمه الإنسان ـ رغم كثرته بالنسبة لما مضى ـ لا يساوي شيئًا في الحقيقة بالنسبة إلى مازال غامضًا لا يعرف الإنسان عنه إلا الخرص والتخمين والنظريات والاحتمالات ، وكم تحدى هؤلاء الجهلة الكفار ربهم عز وجل ويأتيهم الرد في قمة ما تحدوا به فها هو مكوك الفضاء الأمريكي المسمى « تشالنجر » الذي انفجر قبل دقائق من هبوطه إلى الأرض ولا يدرون السبب ، وتنتهي أبحاثهم بمجرد الاحتمالات والتخمين ، فهلا أدرك الإنسان ظلمه وجهله ، وهلا اتعظ الأذناب الذين يطبلون لسادتهم طبول حربهم مع الله وعلى دينه وتوقفوا عن سخافات عقولهم وزبالة أذهانهم العاجزة الجاهلة ، وأيقنوا بأنه لا علم للبشر ولا لغيرهم إلا ما علمهم الله ، ولو تأمل المتأمل أكثر اكتشافات البشر واختراعاتهم لوجدها وقعت بغير قصد منهم ، بل بطريق المصادفة التي حقيقتها التوفيق والإلهام ، وإلا فقد بقيت البشرية آلاف السنين لا تعرف الكهرباء ، ولا الذرة ، ولا وسائل الاتصال فما هي الطفرة التي غيرت عقل الإنسان وعلم بها خلال أقل من مئة سنة ما لم يعلمه عبر عشرات الآلاف من السنين ؟ والله ما وقعت طفرة ولا شيء ، وإنما هو ابتلاء الله للبشر أن علَّمهم ما ظنوا به أنهم علماء ؛ فانقادوا لهذا الوهم ، وردوا على الله أمره وشرعه ونازعوه صفته فكان جزاؤهم الشقاء الدائم ، والجهل الفظيع بأهم شيء لديهم وهو كيف يحيون الحياة الطيبة ؟ فصاروا أشقى خلق الله رغم الإمكانيات العلمية والتقدم التقني في أكثر مجالات الحياة ؛ فصاروا كما قال الله: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6) يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} [الروم: 6، 7] اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع ، وقلب لا يخشع ، ونفس لا تشبع ، ودعاء لا يسمع .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

جزاكي الله خير ويضعها في ميزان حسناتك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاك الله خيرا مشرفتي الحبيبة ..

 

وجعله الله في ميزان حسناتك ..

 

وشفاكِ وعافاكِ من كل سوء

 

أحبك في الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

أكرمكِ الله أخيتي الحبيبة "احبك يا رسول الله" فقد ذكرتيني بالموضوع :)

وسلمك الله حبيبتي عطر الجنان وأكرمك في الدارين.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

-7-

 

فائدة :

قال ابن القيم -رحمه الله- : « اعلم أن الله سبحانه وتعالى اختص نوع الإنسان من بين خلقه بأن كرمه وفضله وشرفه ، وخلقه لنفسه وخلق كل شيء له وخصه من معرفته ومحبته وقربه وإكرامه بما لم يعطه غيره ، وسخر له ما في سماواته وأرضه وما بينهما حتى الملائكة ـ الذين هم أهل قربه ـ استخدمهم له وجعلهم حفظة له في منامه ويقظته وظعنه وإقامته ، وأنزل إليه وعليه كتبه ورسله وأرسل إليه وخاطبه وكلمه منه إليه واتخذ منهم الخليل والكليم والأولياء والخواص والأحبار وجعلهم معدن أسراره ومحل حكمته وموضع حبه وخلق لهم الجنة والنار ، فالخلق والأمر والثواب والعقاب مداره على النوع الإنساني فإنه خلاصة الخلق وهو المقصود بالأمر والنهي وعليه الثواب والعقاب ، فللإنسان شأن ليس لسائر المخلوقات وقد خلق أباه بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته وعلمه أسماء كل شيء وأظهر فضله على الملائكة ومن دونهم من جميع المخلوقات وطرد إبليس عن قربه وأبعده عن بابه إذ لم يسجد له مع الساجدين واتخذ عدوًا له ، فالمؤمن من نوع الإنسان خير البرية على الإطلاق وخيرة الله من العالمين فإنه خلقه ليتم نعمته عليه وليتواتر إحسانه إليه ، وليخصه من كرامته وفضله بما لم تنله أمنيته ولم يخطر على باله ولم يشعر به ليسأله من المواهب والعطايا الباطنة والظاهرة العاجلة والآجلة التي لا تنال إلا بمحبته ولا تنال محبته إلا بطاعته وإيثاره على ما سواه فاتخذه محبوبًا له وأعد له أفضل ما يعده محب غني قادر جواد لمحبوبه إذا قدم عليه وعهد إليه عهدًا تقدم إليه فيه بأوامره ونواهيه وأعلمه في عهده بما يقربه إليه ويزيده محبة له وكرامة عليه وما يبعده منه ويسخط عليه ويسقطه من عينيه، وللمحبوب عدو هو أبغض خلقه إليه قد جاهره بالعداوة وأمر عباده أن يكون دينهم وطاعتهم وعبادتهم له دون وليهم ومعبودهم الحق واستقطع عباده واتخذ منهم حزبًا ظاهروه ووالوه على ربهم ، وكانوا أعداءً له مع هذا العدو يدعون إلى سخطه ويطعنون في ربوبيته وإلهيته ووحدانيته ويسبونه ويكذبونه ويفتنون أولياءه ويؤذونهم بأنواع الأذي ويجهدون على إعدامهم من الوجود وإقامة الدولة لهم ومحو كل ما يحبه الله ويرضاه وتبديله بكل ما يسخطه ويكرهه ، فعرفه بهذا العدو وطرائقهم وأعمالهم ومآلهم ، وحذرهم موالاتهم والدخول في زمرتهم والكون معهم ، وأخبره في عهده أنه أجود الأجودين وأكرم الأكرمين وأرحم الراحمين ، وأنه سبقت رحمتُه غضبَه ، وحلمه عقوبته ، وعفوه مؤاخذته ، وأنه قد أفاض على خلقه النعمة وكتب على نفسه الرحمة وأنه يحب الإحسان والجود والعطاء والبر وأن الفضل كله بيده والخير كله منه والجود كله له وأحب ما إليه أن يجود على عباده ويوسعهم فضلاً ويغمرههم إحسانًا وجودًا ويتم عليهم نعمته ويضاعف لديهم منته ويتعرف إليهم بأوصافه وأسمائه ويتحبب إليهم بنعمه وآلائه ، فهو الجواد لذاته ، وجود كل جواد خلقه الله ويخلقه أبدًا أقل من ذَرَّةٍ بالقياس إلى جوده فليس الجواد على الإطلاق إلا هو وجود كل جواد فمن جوده ومحبته للجود والإعطاء والإحسان والبر والإنعام والإفضال فوق ما يخطر ببال الخلق أو يدور في أوهامهم ، وفرحه بعطائه وجوده وإفضاله أشد من فرح الآخذ بما يُعطاه ويأخذه ، أحوج ما هو إليه ، أعظم ما كان قدرًا فإذا اجتمع شدة الحاجة وعظم قدر العطية والنفع بها فما الظن بفرح المعطَي ؟ ففرح المعطِي سبحانه بعطائه أشد وأعظم قدرًا مِن فرح هذا بما يأخذه ولله المثل الأعلى إذ هذا شأن الجواد من الخلق فإنه يحصل له الفرح والسرور والابتهاج واللذة بعطائه وجوده فوق ما يحصل لمن يعطيه ولكن الآخذ غائب بلذة أخذه عن لذة المعطِي ، وابتهاجه وسروره هذا مع كمال حاجته إلى ما يعطيه وفقره إليه وعدم وثوقه باستخلاف مثله وخوف الحاجة إليه عند ذهابه والتعرض لذل الاستعانة بنظيره ، ومَن هو دونه ونفسه قد طبعت على الحرص والشح ؟ فما الظن بمن تقدس وتنزه عن ذلك كله ، ولو أن أهل سماواته وأرضه وأول خلقه وآخرهم وإنسهم وجنهم ورطبهم ويابسهم قاموا في صعيد واحد فسألوه فأعطى كل واحد ما سأله ما نقص ذلك مما عنده مثقال ذرة ، وهو الجواد لذاته كما أنه الحي لذاته العليم لذاته السميع البصير فجوده العالي مِن لوازم ذاته فالعفو أحب إليه مِن الانتقام والرحمة أحب إليه مِن العقوبة ، والفضل أحب إليه مِن العدل والعطاء أحب إليه مِن المنع. فإذا تعرض عبده ومحبوبه الذي خلقه لنفسه وأعد له أنواع كرامته وفضله على غيره وجعله محل معرفته وأنزل إليه كتابه وأرسل إليه رسوله واعتنى بأمره ولم يهمله ولم يتركه سدى فتعرض لغضبه وارتكب مساخطه وما يكرهه وأبعد منه ووالى عدوه وظاهره عليه وتحيز إليه وقطع طريق نعمه وإحسانه إليه التي هي أحب شيء إليه ، وفتح طريق العقوبة والغضب والانتقام فقد استدعى من الجواد الكريم خلاف ما هو موصوف به من الجود والإحسان والبر وتعرض لإغضابه وإسخاطه وانتقامه وأن يصير غضبه وسخطه في موضع رضاه وانتقامه وعقوبته في موضع كرمه وبره وعطائه واستدعى بمعصيته من أفعاله ما سواه أحب إليه منه وخلاف ما هو من لوازم ذاته من الجود والإحسان. فبينما هو حبيبه المقرب المخصوص بالكرامة إذا انقلب آبقًا شاردًا ، رادًا لكرامته مائلاً عنه إلى عدوه مع شدة حاجته إليه وعدم استغنائه عنه طرفة عين فبينما ذلك الحبيب مع العدو في طاعته وخدمته ناسيًا سيده منهمكًا في موافقة عدوه قد استدعى من سيده خلاف ما هو أهله إذا عرضت له فكرة فتذكر بر سيده وعطفه وجوده وكرمه وعلم أنه لابد له منه وأن مصيره إليه وعرضه عليه وأنه إن لم يقدم عليه بنفسه قُدِمَ به عليه على أسوأ الأحوال ففر إلى سيده من بلد عدوه وجد في الهرب إليه حتى وصل إلى بابه فوضع خده على عتبة بابه وتوسد ثرى أعتابه متذللآً متضرعاً خاشعًا باكيًا آسفًا يتملق سيده ويسترحمه ويستعطفه ويعتذر إليه قد ألقى بيده إليه واستسلم له وأعطاه قياده، وألقى إليه زمامه ، فعلم سيده ما في قلبه فعاد مكان الغضب عليه رضًا عنه ومكان الشدّة عليه رحمة به وأبدله بالعقوبة عفوًا وبالمنع عطاءً وبالمؤاخذة حلمًا فاستدعى بالتوبة والرجوع من سيده ما هو أهله وما هو موجب أسمائه الحسنى وصفاته العلى فكيف يكون فرح سيده به وقد عاد إليه حبيبه ووليه طوعًا واختيارًا وراجع ما يحبه سيده منه ويرضاه وفتح طريق البر والإحسان والجود التي هي أحب إلى سيده من طريق الغضب والانتقام والعقوبة » ا هـ .

 

فهل علمت أخي الكريم لماذا يجعل الله في الأرض مَن يفسد فيها ويسفك الدماء مع من يسبح بحمده ويقدس له؟ مع أن هذا المذكور هو قطرة في بحر حكمته البالغة ، هو عز وجل الذي أحاط بها وأعلم مَن شاء من عباده بما شاء منها فله الحمد وهو الحكيم العليم. وتأمل ختم الملائكة كلامها في تنزيه الرب والتبري من العلم إلا ما علمهم بهذين الاسمين الكريمين: {إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [البقرة : 32] تجد فيها الفقه الأكبر بمعرفة الأسماء والصفات واستشعار آثارها وموجباتها في كل مقام، فالمقام هنا كان سؤالاً عن غيب: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} [البقرة: 29] وهذا السؤال متضمن لإثبات شيء من العلم لهم علموا به أن الله يفعل ذلك وكان كمال العبودية فيه التبري من العلم وإثبات كماله لله عز وجل وهذا التبري هو الذي وصلوا إليه في هذه الكلمة بعد إعلام الله لهم بأنه يعلم ما لا يعلمون ، ثم هو مقام تعجب وسؤال عن الحكمة في خلق هذا النوع الإنساني فناسب أن يذكر الاسمان الدالان على كمال العلم والحكمة {الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [البقرة: 32].

 

 

وقوله تعالى: {قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} [البقرة: 33] . ظهر شرف آدم ومنزلته بما علمه الله عز وجل ، وإن كانت الملائكة والجان أسبق خلقًا من آدم وأكبر عمرًا إلا أن العبرة بما يؤتيه الله من العلم ما لم يؤت غيره ، فالله يختص من يشاء بما يشاء وقد اختص الله الصغير بما لم يعطه للكبير فهذا إبراهيم عليه السلام يقول لأبيه: {يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا} [مريم : 43] وجعل خير أنبيائه ورسله محمدًا صلى الله عليه وسلم آخرهم بعثًا. وفي قصة أصحاب الأخدود في صحيح مسلم جعل الله الغلام الذي تعلم على يد الراهب والتزم بالحق من خلاله وهو أصغر منه أسبق إلى الله منه وأفضل منه وأعلم به سبحانه ، ويوسف كان أصغر من إخوانه العشرة وكان أفضل منهم وأعلم بالله عز وجل منهم ، وفي موقف الملائكة من قبول تفضيل آدم عليهم ومعرفتهم بحكمة الله في الاختيار والاجتباء تعليم للبشر ألا يحسدوا الصغير المتأخر على ما أوتي من الفضل على الكبير المتقدم وفي حسد إبليس لآدم على ما أوتي من الفضل أعظم العظة على ضرر الحسد والحقد والاعتراض على قَسْم الله عز وجل فالله هو الذي يعلم غيب السماوات والأرض ويعلم ما في قلوب الخلق ومن يستحق التفضيل ومن هو أهل للعلم والرفعة فلا اقتراح للعباد عليه بلو كان كذا كان كذا ، بل هو الذي يعلم ما كان وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون ، يعلم السر وأخفى ، يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون ، ولذا كان قولاً ضعيفًا منكرًا قول من قال أن الله استشار الملائكة في خلق آدم كما نقل عن قتادة والله أعلم.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

-8-

قوله تعالى: {أَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} [البقرة : 33] عن ابن عباس قال: «يقول: أعلم السر كما أعلم العلانية يعني ما كتم إبليس في نفسه من الكبر والاغترار »، وعن ابن مسعود نحوه، وكذا قال سعيد بن جبير ومجاهد والسدي والضحاك والثوري وهو الظاهر ، وأما قول من قال أن الذي كتموه هو قولهم لن يخلق الله خلقًا إلا كنا نحن أعلم منه وأكرم ، فلم يثبت هذا القول عنهم من طريق صحيح حتى تفسر به الآية والله أعلم ، قال ابن جرير رحمه الله وأولى الأقوال في ذلك قول ابن عباس وهو أن معنى قوله تعالى: {أَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ} وأعلم مع علمي غيب السماوات والأرض وما تظهرونه بألسنتكم وما كنتم تخفون في أنفسكم ، فلا يخفى علىَّ أي شيء ، سواء عندي سرائركم وعلانيتكم والذي أظهروه بألسنتهم قولهم: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا} [البقرة: 30] والذي كانوا يكتمون ما كان منطويًا عليه إبليس من الخلاف على الله في أوامره والتكبر عن طاعته. قال: وصح ذلك ؛ كما تقول العرب قتل الجيش وهزموا وإنما قتل الواحد أو البعض وهزم الواحد أو البعض ؛ فيخرج خبر المهزوم منه والمقتول مخرج الخبر عن جميعهم ؛ كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ} [الحجرات: 4] ذكر أن الذي نادى إنما كان واحدًا من بني تميم وكذلك قوله: { وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ } [البقرة: 33]. ا.هـ.

 

قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 34] . هـذا مـن أعظم التـكريم والتشريف للنوع الإنساني ـ لأهل الإيمان منهم ـ في شخص أبيهم آدم عليه السلام ، وقد كانوا في صلبه حين أسجد الله له ملائكته ، وإنما خص المؤمنون لأن الكفار منهم لحقوا بالشياطين وصاروا تبعًا لإبليس والعياذ بالله ، وفيه بيان لمنزلة النوع الإنساني وما هيأه الله من الإكرام والإعزاز وما اختصه به من الفضائل فقد خلق آدم بيده ونفخ فيه من روحه ، وأسجد له ملائكته وكلمه قبلاً ، وعلمه أسماء كل شيء وأعد له الجنة وأعده لها ، كل هذا مما يثير في نفس الإنسان مشاعر الحب لله سبحانه والشعور بالمنة له سبحانه ما يسوق العبد شوقًا إلى ربه وإلهه ومعبوده ؛ الذي لا فلاح له ولا صلاح إلا بالتوجه إليه والميل إليه دون من سواه والله المستعان. وهذا السجود لآدم كان سجود تكريم له وعبادة لله عز وجل ، إذ هو امتثال أمره سبحانه ولم يكن عبادة لآدم كما ظنه الزنادقة الذين التمسوا لإبليس العذر ، وزعموا أنه الموحد لأنه أبى السجود لغير الله ، وهذا هو الكفر الصراح والمعاندة والمشاقة والتكذيب لأمر الله وخبره سبحانه تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا ، وإنما هم في الكبر على طريقة أستاذهم إبليس ، ومثله في انعدام الفهم وتقديم العقل الفاسد على الوحي الصادق فكان السجود لآدم ابتلاء في التواضع لأمر الله والانقياد والتسليم لحكمه وأمره والتفويض لقسمه واختصاصه من شاء بالفضل، فشل في الامتحان إبليس وفتن في هذا البلاء، وظهر المستكن في قلبه من الكفر ـ كفر الإباء والاستكبار على الله عز وجل ، وقد دخل إبليس قطعًا في هذا الأمر بالسجود للملائكة رغم أنه لم يكن مادة خلقه من مادة خلقهم، بل هو من الجن بنص القرآن، قال تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} [الكهف:50]، وقال النبي صلي الله عليه وسلم: « خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار ، وخلق آدم مما وصف لكم ». متفق عليه. وهذا ظاهر في رد قول من قال إن إبليس كان من حي من الملائكة يقال لهم الجن ، فمادة خلق الجن غير مادة خلق الملائكة والملائكة فطرت على إرادة الخير والقوة في العبادة دون إرادة الشر ، وإبليس ركبت فيه إرادة الشر ، وكان قبل ذلك مريدًا فاعلاً للخير وإنما صار كواحد من الملائكة لما عمل أعمالهم وتعبد بعبادتهم كما قال ابن كثير -رحمه الله-: « إن الله تعالى لما أمر الملائكة بالسجود لآدم دخل إبليس في خطابهم لأنه لم يكن من عنصرهم إلا أنه كان قد تشبه بهم وتوسم بأفعالهم ؛ فلهذا دخل في الخطاب لهم وذم في مخالفة الأمر ». ا هـ. ولهذا لم يرد في أي موضع مع تكرار القصة في القرآن أن إبليس احتج بأن الأمر ليس له لأنه ليس من الملائكة ؛ لأنه لو كان كذلك لم يكن كافرًا ؛ لأنه تأول الأمر وأخطأ الفهم وليس الأمر كذلك ، بل بين الله سبحانه أن إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين ، فهو كان يعلم أن الأمر كان شاملاً له مع الملائكة لأن العبرة بالصفات والأعمال لا بمجرد عنصر الخلقة ، كما أنه صار من الكافرين لما أبى واستكبر وطرد ولعن وأبعد عن المنزلة التي كان فيها ، كما أن من تبعه من بني آدم ـ رغم أنهم من الطين خلقوا وأنهم أبناء أبيهم آدم الذي أسجد الله له الملائكة ، وكرمه بأنواع التكريم ـ لكن لما اتبعوا إبليس ، وتشبهوا به في صفاته صاروا شياطين ، وعبادًا للشياطين فاستحقوا مآل الشياطين وأحكامهم. وهذا الموضوع من أعظم ما يبين حقيقة الإيمان وأنه لا يكفي فيه المعرفة والتصديق حتى مع الإقرار الظاهر بل لابد أن يكون معه الانقياد والإذعان والخضوع لأمر الله سبحانه فإن إبليس لم يكذب بالأمر لا ظاهرًا ولا باطنًا بل قال فيما قال مقرًا بأمر الله: {أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ} [الإسراء: 62] ومع ذلك فقد كفر بتركه الانقياد والخضوع القلبي لأمر الله ، ولم تزل معرفته لأمر الله له بل ظل عالمًا به كما دلت عليه الآيات والأحاديث ، وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: « إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي ويقول: يا ويله ـ وفي رواية: يا ويلي ـ أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار» وهو نص في بقاء معرفته بعد كفره أنه أمر بالسجود . والإباء رد الأمر ، وليس مجرد الترك الظاهر فإن آدم عليه السلام ترك امتثال الأمر الظاهر ، ولكن بقي معه الانقياد الباطن فكانت معصية تاب الله عليه منها ، ولم تكن كفرًا وأما إبليس فلما كان تركه إباء وهو مناف للانقياد القلبي ؛ وهو أصل الإسلام لله وهو الاستسلام لأمره وقبوله كان كفرًا وكذا كان تركه للسجود استكبارًا وهو مناف للخضوع والذل فانتفى أصل العبادة من قلبه فصار بذلك كافرًا والعياذ بالله. وهكذا كل من رد شيئًا من أوامر الله ولو كان أمرًا واحدَا سبقه قبل ذلك سنوات طويلة من العبادة ؛ فهو كافر كفر إبليس والعياذ بالله ، وكذا التكبر والتعالي على أمر الله سبحانه ، أما ما كان من التكبر على عباد الله فهو محرم من الكبائر لكن إذا لم يقترن بالتكبر على أمر الله لم يكن كفرًا ولكنه والعياذ بالله ذريعة إليه ، وسبب قد يؤدي بالعبد إلى الكفر ، ومقدار ذرة منه في قلب العبد تمنع من دخول الجنة كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: « لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر » متفق عليه. وقد فسره النبي صلي الله عليه وسلم بأنه بطر الحق أي رده وغمط الناس أي احتقارهم. وهذا الموطن من أوضح ما يبين فساد مذهب المرجئة القائلين أن الإيمان هو التصديق بالقلب واللسان ، وقول غلاتهم الجهمية أنه التصديق القلبي والمعرفة فإنه يلزمهم إيمان إبليس ولا شك أن من التزمه فهو كافر خارج عن ملة الإسلام لمخالفته المعلوم من دين الإسلام بالضرورة من كفر إبليس ولكنهم لم يلتزموه بل قالوا إن إبليس قد زال من قلبه التصديق بعد كفره وهذا باطل قطعًا بأدلة الكتاب والسنة الدالة على أن إبليس بعد إبائه واستكباره ظل عارفًا بوجود الله وربوبيته ، قال تعالى: {قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [الحِجْر: 36] وغير ذلك من الأدلةِ فَدل هذا على فسادِ قول من زَعَم أنَّ الِإيمان هو مُجرد التصديق والمعرفة ، مرض الكبر هو الداء العضال الذي أهلك إبليس وفرعون والملأ من كل أمة دفعهم إلى حسد أنبيائهم ورسلهم على ما أنعم الله به عليهم من نعمة النبوة والرسالة وإنزال الوحي فقالوا: {لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللّهِ} [الأنعام: 124] وكفروا وكذبوا مع أن أكثرهم في بواطنهم لا يكذبون الرسل قال الله: {فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام: 33] وهو الذي من أجلهِ سفكت الدماء وانتهكت الحرمات وقامت الحروب وتنافس الناس على العُلُو والرياسة والملك ، وسرعان ما ذهب ما حصلوه وبقي عليهم وزر ما اقترفوه ، عاشوا في الدنيا في شقاء الغل ونكد الحقد وألم الحسد وانتقلوا في الآخرة إلى سخط من الله وغضب والمعيشة الضنك في القبور ، واللعنة يوم النشور عياذًا بالله وغوثًا به من ذلك ، والكبر سببه كثرة الفكر في كمالات النفس المتوهمة والعمى عن نقائصها وعيوبها المتحققة فيتولد الإعجاب بها ، والغرور وينسى العبد في غمار هذه الجهالات فضل الله ونعمته وينسب الخير إلى نفسه ثم يزداد الأمر ، فيطعن في أمر الله ويرده ويعتقد عدم حكمته وأنه وضع الأشياء في غير مواقعها والعياذ بالله فيحصل من هذا الجهل المذموم غير المعذور صاحبه الكبر والكفر والعناد والإباء فيخسر العبد دنياه وأخراه، وعلى العبد العامل أن يراقب خواطر نفسه وكلما وجدها تتجه نحو مدحها والشعور بكمالها فر إلى شهود حقيقة مناجاة الصادق المصدوق صلي الله عليه وسلم: « والخير كل الخير في يديك والشر ليس إليك »، وقوله صلي الله عليه وسلم: « اللَّهم لك الحمد كما تقول وخيرًا مما نقول لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك » ، وتذكر أولية الله قبل كل شيء واستحضر معنى قوله تعالى: {أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا} [مريم : 67] ، وقوله تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا} [الإنسان:1] ، وقوله عز وجل لزكريا عليه السلام ، وهو لكل مخلوق في المعنى: {وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا} [مريم: 9] وقوله تعالى: {وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا} [النحل: 78] فيتذكر فقره ابتداءً وانتهاءً كما في قوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15) إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (16) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ} [فاطر: 15 ـ 17] فإذا تذكر العبد ذلك صغرت نفسه في عينه ولابد ، ودفع بذر الشيطان الذي يبذره في قلبه لينبت الكبر ، ولا يلزمه أن يحقر نفسه في الخلق حتى يراها أسوأ الناس ، ولكن يخشى عليها من ذلك دون أن يجزم به فيصل الأمر إلى اليأس ؛ فالمأمور به الخوف من عدم القبول لا القطع بعدم القبول ، بل شهود الفضل من الله يفتح له أبواب الحب والشوق إلى الله الذي ينبت على حافات المنن ، التي أعظمها ما دل عليه قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} [المائدة:3] فإذا وجَّه العبد فكره إلى شهود الاجتباء والاختيار من الله: {وَأَنَا اخْتَرْتُكَ } [طه: 13] {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي } [طه: 41] ، {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ} [يوسف: 6] {هُوَ اجْتَبَاكُمْ} [الحج: 78] ، إذا شهد ذلك زال من قلبه العجب والغرور واستشعر فقره إلى محض فضل ربه فتواضع له ، وانكسر له وابتعد عن سبيل الشيطان وكيده ، وصفاته فهذا من أحسن الطرق في علاج داء الكبر والعجب الذي هلك به إبليس.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وسلمك الله حبيبتي عطر الجنان وأكرمك في الدارين

 

وإياكِ يا رب العالمين ..

 

وجزاك الله خيرا ..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بارك الله فيكن أختاي الحبيبتان الأخت الصادقة وشموخ العز، وأسعدني مروركما الكريم.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

-9-

 

قوله تعالى: {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [البقرة: 35، 36]. بعد أن ذكر الله كفر إبليس وإباءه واستكباره وقد ذكر في مواضع أُخر من القرآن ما فعله به من اللعنة والرجم والإبعاد والإحباط ذكر سبحانه هنا رحمته بآدم ولطفه به وإكرامه له الدال على حبه عز وجل له ، ويظهر هذا الإكرام في هذه الآيات من وجوه: أولها: تكليمه له سبحانه: { وَقُلْنَا يَا آدَمُ } وفي حديث أبي ذر رضي الله عنه قال قلت: يا رسول الله ، أرأيت آدم نبيا كان ؟ قال: « نعم نبيا رسولا كلمه الله قبلا » ذكره ابن كثير من رواية ابن مردويه . والثاني: من لفظ { اسْكُنْ } ، فهو دال على حصول الأمن والطمأنينة والسكينة في إقامته . والثالث: أن الله خلق له زوجة من نفسه ليسكن إليها ويؤنس كل واحد منهما صاحبه، وهذا من أعظم نعم الله على الإنسان التي امتن بها عليه في غير موضع ؛ فقال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [الأعراف: 189] ، وقال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21] . وذكر ابن كثير عن ابن عباس وابن مسعود وعن ناس من الصحابة: أخرج إبليس من الجنة وأسكن آدم الجنة فكان يمشي فيها وَحِشًا ؛ ليس له زوج يسكن إليه فنام نومة فاستيقظ وعند رأسه امرأة قاعدة ، خلقها الله من ضلعه فسألها: من أنت؟ قالت: امرأة ، قال: ولم خلقت؟ قالت: لتسكن إليَّ ، قالت له الملائكة ينظرون ما بلغ من علمه: ما اسمها يا آدم؟ ، قال: حواء ، قالوا: ولم سميت حواء؟ ، قال: لأنها خلقت من شيء حي ، وقد ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم: « استوصوا بالنساء خيرًا فإن المرأة خُلقت من ضلع وإن أعوج ما في الضلع أعلاه إن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل على عوج استوصوا بالنساء خيرًا »، (رواه مسلم 8641) ، وقد ثبت أيضًا في الصحيح اسم حواء رواه مسلم من حديث أبي هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم قـال: « لولا حواء لم تخن أنثى زوجها الدهر » .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وإياك أخيتي الحبيبة نجد. جزاك الله خيرا على تذكيري بإكمال النقل :)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×