اذهبي الى المحتوى
** الفقيرة الى الله **

~•~ رسالة إلى الطالب.. يا رعاك الله، تذكر إحسان المعلم ~•~

المشاركات التي تم ترشيحها

post-125640-1315033485.png

 

رسالة إلى الطالب

يا رعاك الله، تذكر إحسان المعلم

د. حسام الدين السامرائي

 

 

في العام الثامن من البعثة النبوية الشريفة قامت قريش بتعليق صحيفةٍ على جدران الكعبة، يُقَاطِعون فيها النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ومَن معه من المؤمنين، فيُحَاصَر - عليه الصلاة والسلام - في شِعْب من شِعَاب مكة، فيموت عمُّه الذي سانده وحَمَاه، وتموت زوجتُه التي رَعَتْ شأنَه وحَفِظتْ أمرَه في ذلك الحصار، فيقوم شريفٌ من أشراف قريش - وهو أبو البختري بن هشام - بتمزيق الصحيفة، بعد أن طال أمد الحصار على المسلمين، وأصابهم من الجوع والقلة ما أصابهم، فيخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك إلى الطائف يدعوهم؛ لعلَّه يجد مَن يُؤويه وينصره، فما وجد إلا الأذى والسبابَ والشتائم، فلما عاد وأراد دخول مكة، فإنه - عليه الصلاة والسلام - كان بحاجة إلى مَن يسانده ويحميه، فيكون بجواره، فبَعَث للمُطْعِم بن عَدِي يسأله الجوار، فلَبِس المُطعِم وأبناؤه ثيابَ الحرب ليحرس النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يطوف بالبيت ويصلي ركعتين.

 

 

ما ذكرتُه أعلاه أحداثٌ وَقَعت للنبي - صلى الله عليه وسلم - في سنين متقاربة، لكن أدهشني موقف النبي - عليه الصلاة والسلام - من الأسماء التي ذكرتُها آنفًا: (عمه أبو طالب، زوجته خديجة، أبو البختري بن هشام الذي مزَّق الصحيفة، والمُطعِم بن عَدِي الذي أجار النبي - عليه الصلاة والسلام - يوم دخل مكة بعد عودته من الطائف).

 

 

تأمَّل موقفه - عليه الصلاة والسلام - في رد الجميل لعمه يوم أن قال عنه - كما في الصحيحين من حديث ابن عباس- : ((أهون أهل النار عذابًا أبو طالب، وهو منتعلٌ بنعلين يغلي منهما دماغُه))، رغم أن عمه مات مشركًا، إلا أن الجميل لا بد أن يُرَدَّ لصاحبه.

 

 

تأمَّل معي موقفه من زوجته خديجة، والحديث عند الإمام أحمد من حديث عائشة قالت: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا ذكر خديجة أثنى عليها، فأحسن الثناء، قالت: فغِرْتُ يومًا فقلتُ: ما أكثرَ ما تذكرُها حمراءَ الشِّدْق، قد أبدلك الله - عز وجل - بها خيرًا منها، قال: ((ما أبدلني الله - عز وجل - خيرًا منها؛ قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدَّقتْني إذ كذَّبني الناس، وواستني بمالها إذ حَرَمني الناس، ورزقني الله - عز وجل - ولدها إذ حرمني أولاد النساء))؛ فهو - عليه الصلاة والسلام - دائم الثناء عليها وهو يذكر جميل ما قدَّمت له.

 

 

وتأمَّل معي موقفه من أبي البختري بن هشام - ممزِّق الصحيفة - يوم أن قال لأصحابه يوم بدر: ((مَن لقي أبا البختري بن هشام، فلا يقتلْه))، وهو يتذكر جميله في فك حصار النبي - عليه الصلاة والسلام - ومن معه من المؤمنين.

 

 

وتأمل معي موقفه - عليه الصلاة والسلام - من المُطعِم بن عَدِي، فبعد معركة بدر وقد أخذ المسلمون عددًا كبيرًا من أسرى المشركين، وكان المطعم قد مات قبل ذلك، فقال - صلى الله عليه وسلم - والرواية عند البخاري: ((لو كان المُطعِم بن عَدِي حيًّا وكلَّمني في هؤلاءِ النَّتْنَى، لتركتُهم له))؛ فهو يتذكَّر جميله يوم أن أجاره لدخول مكة.

 

وهكذا نرى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يتذكَّر جميل كل صاحب جميلٍ عليه، حتى وإن كان مشركًا، وهذا حال الشاكر، وهناك صنف يتنكر لصاحب الجميل، وهذا حال الناكر.

 

post-125640-1315033491.png

 

ومن هنا، فإننا نعتبر من رد موسى - عليه السلام - الجميل لأخيه هارون، بأن ذكره عند الله، فقال - جل وعلا- على لسانه: ﴿ وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا * إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا * قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى ﴾ [طه: 29 - 36].

 

 

ونذكر سبب الحث على برِّ الوالدين، وهو إحسان الوالدين المسبَق على الولد ورد الجميل لهما.

 

 

ونذكر موقف كعب بن مالك يوم أن تاب الله عليه، فقام له طلحة بن عبيدالله يهنِّئه بنزول توبته، فكان كعبٌ يذكر جميل طلحة عليه.

 

 

ونذكر قصة الثلاثة: الأبرص، والأقرع، والأعمى، وكيف أن الأعمى رد الجميل، بخلاف الأقرع والأبرص؛ فإنهم أنكروا الجميل.

 

 

ونذكر جميل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - على الأمة بأنهم كانوا واسطة النقل لكل ما رَأَوه وسَمِعُوه من النبي - عليه الصلاة والسلام - لذلك يقول - عليه الصلاة والسلام - : ((لا تسبُّوا أصحابي؛ فوالذي نفسي بيده، لو أن أحدكم أنفق مثل أُحُد ذهبًا ما بلغ مُدَّ أحدِهم ولا نَصِيفَه)).

 

 

ونذكر جميل الزوج على زوجته، والزوجة على زوجها، فلا يتنكر أحدهم لفضل الآخر عليه، حينها يقول - صلى الله عليه وسلم - : ((إيَّاكنَّ وكفرانَ العشير)).

 

 

ونذكر جميل الأنصار - رضي الله عنهم - على هذه الأمة يوم أن احتضنوا النبي - صلى الله عليه وسلم - والمهاجرين معه، حتى قال - عليه الصلاة والسلام - وهو يردُّ لهم جزءًا من الجميل: ((لولا الهجرة، لكنتُ امرأً من الأنصار، ولو سلك الناس واديًا أو شِعبًا، لسلكت وادي الأنصار وشِعْبَهم)).

 

 

وأنت أيها الطالب، ليس هناك أحد يُحسِن إليك كإحسان المدرِّس والمعلِّم والمربِّي، حتى قال قائل العرب: "مَن علَّمني حرفًا، ملكني عبدًا"؛ فجميله دائم أبد الحياة، فتذكر ذلك، وجَازِهم بالإحسان إحسانًا؛ فقد قال - سبحانه - : ﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾ [الرحمن: 60].

 

 

لا تنسَ مَن علَّمك أول حرف.

 

لا تنسَ مَن أحسن تأديبك.

 

لا تنسَ مَن بذل الوُسْع في إيصال المعلومة والفائدة إليك.

 

لا تنسَ مَن حفَّظك أول آية في كتاب الله.

 

لا تنسَ مَن رعاك وحماك.

 

لا تنسَ مَن شاركك الأفراح والأتراح.

 

لا تنسَ مَن صنع منك إنسانًا ناضجًا واعيًا مفكرًا.

 

 

تذكَّر كل أولئك، وأَحسِن إليهم، وادعُ لهم بظهر الغيب؛ فقد كان الإمام أحمد يذكر جميل الإمام الشافعي عليه، فيقول: "ما بتُّ منذ 30 سنة إلا وأنا أدعو للشافعي، وأستغفر له".

 

 

حينها سيذكر جميلَك كلُّ مَن تُحسِن إليه.

 

 

إنها رسالةٌ لكل طالب وطالبة: المعلِّم فضلُه عظيم، وقدرُه كبير؛ فأَعطِ كلَّ ذي حق حقَّه.

 

___.png

تم تعديل بواسطة ** الفقيرة الى الله **
  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

نقل قيّم

 

جزاكِ الله خيراً وبارك فيكِ ياحبيبة .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

ما اجمل ماقرأت

موضوع مميز بارك الله فيكِ

وجعله في ميزان حسناتكِ

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكِ السلام ورحمة الله وبركاته

 

بارك الله فيكِ يا حبيبه

موضوع قيم

جعله الله في ميزان حسناتكِ

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

رائع جدًا يا حبيبة

بارك الله فيك وجزاك كل خير

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

موضوع رائع جدا جعله الله نقلك بميزان حسناتك

وجزاكِ الله خيرا.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

حياكنّ الله يا فضليات ()

وفيكنّ بارك الرحمن وجزانا وإياكنّخيرا

أسعدني مروركنّ الفوّاح.. عطّرالله ألسنتكنّ بذكره

بوركتنّ ~

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ،،

 

نقل قيم جدًا

بورك فيكِ ونفع بكِ ، وأعاننا على الإحسان لمن أحسن إلينا .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×