اذهبي الى المحتوى
غِــيثَـــة اآلريــســْ

فِقهُ بِنَـــاء الإنسَـان في القُـرآن /* لِــ دكتورَة كِـفاح -- متجَــدِّد

المشاركات التي تم ترشيحها

maxresdefault.jpg

*/*

 

كانَ الظَّنُ أن يكونَ أولَ حديثٍ بَينَ الله و بينَ القَلبِ الباحث حتى الوجع عن الحقيقة { إنَّني أنا اللهُ لا إله إلّا أنا فاعبُدني و أقِم الصلّاةَ لِذكّري } ..

أو رُبّما كانَ الظَّنُ أَن يَكونَ أولَ أمرٍ لٍمحمد صلى الله عليه وسلم أن يَصدحَ بالقولِ أمَامَ قَومِه إنّي { عبدُ الله آتاني الكتاب و جَعَلَني نبيّا }..

لكن البداية كانت مختلفة ؛ لأنَّ مُهمة مُحمد صلى الله عليه وسلم ستكونُ مختلفةً ، و النهايات الجليلة تكون للبدايات الثقيلة !

 

*/*

{ إقرأ } فقط .. و بِها وَحدَها يا محمد سَنَمحو كُلَّ فُصولِ الجَفافِ و تاريخ أُمّةٍ كان وَزنُها هَباء ! .. و نَعلو بك الى قمّة { و إنّه لَذِكرٌ لَكَ و لِقومِك } .. قومك الغائبون في سراديبِ المَوتِ و النّسيان ..

{ اقرأ } .. وحدها من ستُعلّم الأَعرابَ كيف يُصبح لخُطواتهم على الرِّمالِ صدىً تهتزُّ له عُروش الحضارات المُمتدة على فَقرِنا و جَهلِنا..

{ اقرأ } .. وحدها من ستَكتُبُ لكم حُضوركم في كلِّ تفاصيل التّاريخ و تَفاصيل النّعيم في عِليّين !

*/*

{ اقرأ }.. و ليس بين يدي مُحمد صحيفةً و لا قَلَماً و لا { ما يسطرون } ..

{ اقرأ } .. و عقلُ محمد يلتفِتُ فلا يَرى إلا غاراً و رمالاً و فراغاً يلتهمُ صدى قومه و يُبقيهم في المجهول .!

{ اقرأ } .. و مال محمد و هذا النداء ..

*/*

{ اقرأ } و تتوالى عبارات من السَّماء لا تَعني العقل العربي .. { علّم بالقلم }

{إقرأ }.. و لا تُعجِزك أُمّيَّتُك ..

{ اقرأ } يا محمد أنت و أُمّتك قراءةٌ هي أعلى من التَهجِئة و إقامة الحروف .. وتنبّه { لا تُحرّك به لسانك لتعجل به } .. لأنّا { سنُقرِئُكَ } .. فما ماتَ النّبي محمد إلا و قد قَرَأَ القرآن قراءَةَ التّفعيل و التّأويل !

 

 

*/*

إذ قالت عائشةُ في وصفِ حياتِه : { كان يتأوّل القرآن } أي يُفسِّره سُلوكاً و يَتذوَّقه مَعاشاً !

{إقرأ }يا محمد .. فَهي وَحدَها من سَتَقلِبُ الوثنيَّةَ و تُفقِد الأصنام ثَباتَها و تمنَحُك نِهايةَ نشيدها { قُل جاءَ الحقُّ و زَهقَ الباطل إنَّ الباطلَ كان زَهُوقا } ..

{إقرأ } يا محمد .. فبها وَحدَها سَتَرتَفِعُ المَرأَةَ من حالَةِ { وإذَ المَؤودةُ سُئِلت } إلى مَقامِ { قَد سَمِع اللهُ قَولَ الّتي تُجادِلُك في زوجها } .. و سَينتهي زَمنُ الإستِضعاف .!

و تُصبح " لَبِنَةَ " إحدى الإماء التي سُبِيَت في زمنِ الفُتوحات عالمةَ الرّياضيّاتِ واللّغة في في جامعةِ قُرطبة أشهر جامعةٍ علميّة في القارّةِ الأوروبيّة ! وَ يَذكُر لها التّاريخ أنها كانت تَسيرُ في الـطُرقات فَتُعلِّمَ الصِّغار الحِساب لأنَّها فَقِهَت أنَّ أول التّنزيل كان { اقرأ } !

 

 

*/*

{إقرأ } .. فبها وحدها سيُبنَى بَيتُ الحِكمة في بغداد ... و بها وحدها سَيكتُب إبن الجوزيِّ بِأصابعه ألفي مُجلد ثم يَجمعُ بَرّايات أقلامهِ و يأمر أن يُسخُّن بها ماءَ تغسيله إذا مات ؛ لأنَّ الله يُحبُّ القَلَم !

{إقرأ} وأخواتها من {ن والقلم } حتى { الرحمن ، عَلَّمَ القُرآن ، خلق الانسان ، علَّمهُ البَيان } هي التي جَعلت إبن عقيل يقول وأنا في الثمانين من عُمري أنشطُ في طَلبِ العِلم ممّا كُنتُ في العِشرين ، و ما ماتَ حتى سطَّر لنا آلاف الأوراق في العلم !

{إقرأ } حتى تعبُدَ الله { على بصيرةٍ } ..

 

*/*

{اقرأ } و سيمَنُحكَ الفَهمَ { رَبُّك الأَكرم } !

{إقرأ }كي تبلغَ مقام { لِتكونوا شُهداء على النّاس } ؛ كُلّ النّاسِ من المَشرقِ حتى المَغرب !

{اقرأ } وبِها كان البِدءُ و لن يَصلُحَ الحال إلا بما كان به أولُ الأمرِ .. لو أنَّ الأُمَّةَ تَفطَنُ كيف بدأ التّنزيلُ و كيف صار التّشكيلُ و بماذا بدأ الله أول كلمةٍ في مسيرة التغيير !

{ اقرأ } و لا تَهذُ القرآنَ هذا هذا .. فإن َّهذا القُرآن جاءَ لِتُجاهِدهم { به جِهاداً كَبيرا } .

 

*/*

 

دكتورة

كفاح

بنت كمال أبو هنود

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

maxresdefault.jpg

 

 

*/*

 

اللبنة الثانية ( وعلم آدم )

 

كانَ خَلقه {مِن طين } من { صَلصَال } .. لكن الخلق كانَ بِخارطةٍ إستثنائِية وبِحياةٍ لا تُشبهُ حياةَ الملائِكة !

وكانت نَفخةُ الرُّوح في المخلوقِ الجديدِ تُعِلُن بدء أحداثِ الدّنيا كُلِّها !

وتُعِلُن أنَّ حِكاياتَ التّاريخ سَتُكتًب.. وأنَّ قُرآناً وتوراةً وزَبوراً وَكذا الإنجيل سيُقرأ ..

لَم يكن هوَ سوى حَمَأ مَسنوناً مُلقى في غَيبوبَةِ العَدَم .. في عَتمةِ {هَل أتى على الإنسانِ حينٌ من الدّهر لم يكن شيئاً مذكوراً } !

 

 

*/*

 

ثُم غَدا مِثلَ نُقطة نُورٍ تَثورُ حَولَها أسئلةُ الكونِ الغارق في التَّسبيحِ وفي التَّهليل ..

أسئلةُ الملائكةِ المَدهوشة .. { أتجعلُ فيها من يُفسد فيها } !!

ها نحنُ { نُسبِّحُ بِحمدِكَ ونُقَدِّسُ لَك } .. كان الكونُ فِعلاً حِينها مغموراً في أهازيجِ التَّسبيح وتراتيل التَقديس ..

 

*/*

كانت السماءُ تَئِطُّ أطّاً { فما فيها من موضعِ شبرٍ إلا وفيهِ مَلَكٌ ساجدٌ أو مَلَكٌ راكِع } ..

لم تكَن تَعلُم الملائكةُ حِينها أنَّ المسافةَ بين مقامِ { ونحنُ نُسبِّحُ بِحمدِك } ومقامِ { إنّي جاعلٌ في الأرضِ خَليفة } ؛ كما هيَ المسافةُ تماماً بين مَقامِ { وعلَّمَ آدمَ } وقولُ الملائكة { لا عِلمَ لَنا } !..

 

*/*

 

وكانت تلك لحظةٌ فوقَ إيقاعِ الكونِ المُعتاد .. لحظةُ العِلمِ إذ يَتَجلّى في الإنسان .. { يـا آدم أنبِئهُم } ..

لحظةٌ أدركَ فيها الخَلق السابق أنَّ ثمَّةَ مُهِمةٍ أعلى من التَّسبيحِ جِسرُها العلمُ و وظيفَتُها أن تكونَ {خليفةً في الأرض} ..

وفي لحظةِ الوعيِ الجديد { سجَدَ الملائكةُ كُلُّهُم أَجمَعون} .. فقد بدا هذا الخلقُ الجديد في نسيجِهِ وَتسبيِحِه يختَلِفُ عن الملائكة.. إذ سَيَغدو التَّسبيحُ للهِ بأبعادٍ جَليلة.. بعضُ معانِيها عِمارةُ الأرض ..

 

 

*/*

تسبيحٌ بِلُغَةِ العِلم .. تسبيحٌ وَتَرتِيل .. الوعيُ بَعضُ مُفرداتِه ..

لم تَكن مُصادفةٌ أن يكونَ أوّلَ حِوارٍ لأِوّلِ نَبيٍّ في أوّلِ تَرتيبِ القُرآن { وعَلَّمَ آدمَ } .. وأن يكونَ أوَّلَ أَمرٍ في أَوَّلِ تَنزيلٍ لآخِرِ نَبِيٍّ {إقرأ } .. فَبينَ البِدايةَ و النِّهايةَ سِرّ .. لو تَتَنَبّه !

اليومَ نحنُ نَعكِسُ المَشهد ونُقَلِبه.. وَنَتَشبَّث بِمرتَبةِ { ونُسبّح بِحمدِك } .. كأنَّنا نَرَغبُ أن نَعودَ مَلائِكة !

 

*/*

نَتَشبّث اليومَ بِمسابِحِنا و نَغيبُ عن المُهمّةِ العُليا { إنّي جاعلٌ في الأرضِ خَليفة } !

يتنبّهُ الإستعمارُ الفَرنسيُّ في الجزائرِ للفارقِ الدقيقِ بينَ مقامِ التَّسبيح وبين مُهمة إعمار الأرض ؛ فيُشجّعُ زوايا التَّصوفِ ويدعَمُ طُرُقَ الصُّوفيّة وحركاتِ الإستغراق في المدائحِ والتَّراتِيل !

يَنشُر الغَربُ كُتُبَ التَّصوف ويدعَمُ طُرُقَ الدّروشةَ الغائبة ، ويأذن لنا أن نَدُورَ في فُلك العِبادة و تفاصيل الشَّعائر ، و يدورُ هُوَ في فُلكِ الفَضاءِ و فُلك استعمارِ الأرض.. وفَرَّقَ بين { إعمارِ الأرض } و { إستعمارِها } !

 

*/*

لو فَقِهنا لِماذا قال تعالى : { يا آدمُ أنبِئهُم } ... فَتِلكَ هي مُهِمّتُك ..

و لن تَسجُدً الحياةُ لكَ خاضِعةً إلّا إذا كنتَ في مَنزِلةِ { أَنبِئهُم } ..

لو تَفَطّنت !!

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

maxresdefault.jpg

*/*

 

كانَ شيء

في ضميرِ الكونِ يُولَد .. حياةٌ على ضفائرِ النُّجومِ َتليقُ بأُمّةٍ إختارت أن تَحيا بعيداً عن غُبار العُبوديّة !

لم يَكن عَبثَاً أن يَقولَ اللهُ لِنَبيِّه { اقرأ باسم رَبّكَ الذي خَلَق } فَيجمعُ بين الإيجادِ له من العَدَمِ و بينَ البَعثِ بِـ { اقرأ } من ظُلمة الغَرق !

لم يكن عبثاً أن يَجمعَ اللهُ في الآيةِ حياتَين .. الأولى من عَلَق ، و الثانية ستكونُ من الكلمات !

لم يكن عبثاً أن يَمنَحُنا اللهُ هِبَةَ الميلادِ ثُمَّ يُكرِمُنا بِهِبَةِ الإِمداد !

 

*/*

كان الله في أولِ آيةٍ يَهَبُ الأمّةَ أعظم هِبَةً أن يولَدوا ثانية بِقرارٍ ذاتي ، و كان يريدُ لهم أن لا يَظلّوا هباءً على رِمالِ الصّحراء .!

{ اقرأ باسم رَبّك } وسَينتَهي قَدر الإنتظار للحُريّة .. لأن القُرّاء هُم الأَحرار !

اقرأ باسم ربّك قِراءةً تَهديكَ إلى { الفَجرِ } و إلى { الشَّمسِ } وإلى سُطوعِكَ في كلّ تفاصيلِ { العَصر } !

 

*/*

اقرأ باسم ربّك قراءةً تُبَلِّغُكَ مَشهدَ { إذا جاءَ نصرُ اللهِ والفَتحِ } .. فبعض القراءةِ هي وَقودُ المَعركَةِ و هي جِهاد !

اقرأ باسم رَبّك قراءةً تُوصِلُكَ إلى بُؤرَةَ الضّوءِ وسورةِ { النُّور } و نُقطَةَ وعيٍ تَسبِقُ { اللّيل } بِها فلا يَبلُغك !

اقرأ وقُل ( سأُسقي حُلُمَ العُبور إلى الله بدَمعِ المِحّبرة ) ..!

 

*/*

إقرأ قراءةَ من يعلم أن ربّه عليمٌ يُحبُّ العُلماء .. و اعتكف في محراب العُبودية الجديد .. واثنِ الرُّكَبَ على مَصاطِبِ العِّلم .. و الزَم { اقرأ } ؛ فهي الفريضةُ الأولى و الفريضةُ الغائبة أو رُبّما هي الفَريضةَ المُغيَّبةَ ..

فَثَمَّةَ من يعلمُ جيداً أنَّ مَن يَمتَلِكُ مفاتيحَ المَعرِفَةِ ؛ يَمتَلِكُ قُوَّةَ السِّيادة !

و ثمََّة من يُريدُنا أن نَّعودَ أَعراباً .. بلا وزنٍ الا وزنَ القافِيَة !

أعراباً بلِا غايةٍ إلا قَصَصَ عَبلَةَ و عنتَرة !

 

*/*

أعراباً جل حكايَتنا معركة كمعاركِ داحِسَ و الَغبراء، و طواحينِ الهواءِ لا تَحصُدُ إلا عُمرُنا !

{ اقرأ باسم رَبِّك } هي الفريضةُ الغائبة أو المُغَيَّبة .. و بِها سَيكونُ تصحيحُ البَوصَلة .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

maxresdefault.jpg

 

*/

*

 

 

لن يذّبلَ قلبٌ صار له القرآنُ ساقياً ..

كلّ خيرٍ سيورِقُ من سُطور المُصحَف .!

على قدر طول الصُّحبة مع القرآنِ يمنَحُك القرآنُ من أسرارهِ وفَيضِ بركاتِه ..

 

*/*

ولِقراءةِ سورةِ الفاتحة وحدَها والدُّعاء بها أسرارٌ و آثار ..

فقد قال الإمام إبن القيّـــــم (ولقد مرّ بي وقت في مكـــــة سَقِمتُ فيه، ولا أجدُ طبيباً ولا دواءً فكنت أعالجُ نفسي بالفاتحة، فأرى لها تأثيراً عجيباً، آخذ شربة من مـــــــاء زمـــــــزم وأقرؤها عليها الفاتحة مراراً ثم أشربه فوجدتُّ بذلك البرء التّام، ثم صرت أعتمد ذلك عند كثير من الأوجاع فأنتفع به غاية الانتفاع ، فكنت أصف ذلك لمن يشتكي ألماً فكان كثير منهم يبرأ سريعاً) .

 

*/*

فإن كان لك حاجه .. فأعطي القرآن على قدر ماترغب أن يعطيك الله في حاجتك !

وأوصى الإمامُ إبراهيم المقدسي تلميذَه عبّاس بن عبد الدايم - رحمهم الله [ أكثِر من قراءة القُرآن ولا تتركه، فإنه يتيسّر لك الذي تطلبه على قدر ما تقرأ ] .

و قال العَبّاس ( فرأيتُ ذلك وجرّبته كثيراً، فكنتُ إذا قرأتُ كثيراً تيسّر لي من سماع الحديث وكتابته الكثير، وإذا لم أقرأ لم يتيسّر ) !

 

*/*

اقرأوا سورة الفاتحة و سور القرآن ..

واسألوا الله .. أن ييسر أمركم ..

تشبّثوا بالقُرآن .. عامِلوه بما يليق .. وأذَنوا لكلِّ خلاياكم أن تتشرَّبَ شِفاءه.. وتتنفّس روحه..

*/*

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

maxresdefault.jpg

*/*

 

 

إنَّ ناشئةَ اللّيل هي أشدُّ وطئاً و أقومُ قيلا ..

 

{ إنَّ ناشِئَةَ اللّيل } أي كلّ ما يَنشأ من أوقاتِ اللّيل .. و َعبَّرَ القرآنُ بالمُفردة القرآنية { ناشِئَةَ } إذ المَحَ للمعنى الخَفيّ ؛ حيثُ ناشِئَةَ اللّيل تُنشؤكَ و تُربّيك كأنَّكَ طفلُ اللّيل الوَليد ..!

تَنشأ أزمِنَةُ اللّيل زَمَناً زَمَناً لتَنشىء في عُمرك أوسِمَةً تتهيّءُ لِزمنِ الفِردوس الأعلى ..

بعضُ القومِ يسيلَ عُمرهم في اللّيل و النَّهار و أنت تَلِدُ كلّ ليلةٍ الفَ حياة ؛ يبعثُكَ ربُّك بعدها { مقاماً محموداً } !

*/*

لقد وصّف القرآن اللّيل بأنّهُ { أشّدُ وطئَاً } أي أثقلُ على النّفس .. و في معنىً آخر أثبتُ في صناعة الخير !

رُبّما كان هذا بعضاً من معنى قول العلماء أن الصّوت يُعيدٌ بِناءَ الخلايا من الداخل .. أو ربّما برمجتها ؛ إذ يتفاعلُ الدّاخل الإنسانيّ مع ذَبذبات الإيقاعِ و التّرتيل .!

و أنَّ إيقاع الكلمةِ ينغمسُ في الخليّة فيُشكِّلُها و يُنشِؤُها كطفلٍ يشتدّ على غناء أُمّه !

 

*/*

هكذا إذن يبدو المعنى .. حيث يُمسك القرآن كل كَلِمة مَتلوَّة من صوتِك فيملَؤُها حواراً في داخلك .. و يخلِقُ بها أحاسيسَكَ و أفكارك و يصنَعُك من جديد .

تنغمرُ الرّوح في قيام الليل في عُذوبةٍ عجيبة ؛ حتى كأنّها تتوسَّلُ لنهاية اللّيل أن لا يأتِ ..

فثمةُ سقي لا تكون إلا في هدأه الليل !

 

*/*

ماذا يصنعُ القرآن و هو يسحَبُك من فِراشك و لذيذِ اختيارك ! .. إنّه يصنعُ الإنسانَ الجديد ..

و ما أشقّ أن تصنع إنساناً !

بل ما أشقّ أن تكونَ إنساناً .!

ما أشقّ أن تُطيق نفسك البشرية حَملَ { فُجورَها و تقواها } بكلّ تناقُضِها ..

ما أشقّ ان تمتَلِكَ القرارَ للاختيارِ بين شحوبِ اللّيل و بين شُعلَةِ النّور الأبديّة !

ما أشقّ الإختيار بين شهوتك التي تَلتَهِمُك و بين لحظةِ الشّوق في روحَك الى طيّفٍ رَفيف ينبِضُ نوراً يمسحُ عنكً أثقالاً ؛ تغيبُ به في دندنَةِ الملأ الأعلى ..!

 

*/*

ما أشقّ أن تقدر أن تبكي على ظلامِ قلبِكَ حتى يُضيء !

أن تقدِرَ أن لا تودِعَ قلبك في غير خزائن السّماء !

يا هذا .. شقيٌّ من يَهَبُ قلبه لغير الله .. شقيٌّ من يَرهَنُ قُلبه لغير الله ..

هاهو سبحانه في قيام الليل يعلِّمُكَ الإرادةَ و يعلِّمكَ كيف تمتَلِكُ بها الحريّة التي توقِفُكَ على المسؤولية ..

 

*/*

هاهو يَهبك ريشةً تمحو بها اعوجاجَك .. تكتبُ بها اختياراتك .. ترسم بها ألوانَ سعيِك !

يفرضُ القيامَ على محمّد و أصحابه عاماً كاملاً ؛ فهذه هي التَهيئة الجادّة للتكليف الآتي { إنّا سنُلقي عليك قولاً ثقيلاً } !

فالرّسالة تحتاجُ مثل شخص - يحيى - حتى يتقبّل الأمر { خُذ الكِتاب بقوّة } ..

والشّريعةُ تحتاج { صبراً جميلاً } في تكاليفها لا يصنعهُ الا مدرسة { قُم اللّيل إلا قَليلاً } .!

و لذلك كُلّه كان من دَيدَن بعض الصالحين أخذَ نفسَهُ بالعزيمةِ في القيام و القرآن عاماً كاملاً ، يدرِّبُ نفسه لاحتمال القول الثّقيل !

 

 

*/

*

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

*/*

 

 

{ يا أيُّها المُزمِّل .. قم الليل }

إذ في المِحراب ستولَدُ الحِكمة !

و في اللَّيل فقط " يستيقظُ ما هو أصيلٌ و كامن فينا "

نَلتَقي بأنفُسنا .. بإنحناءتنا .. و بِكلّ عَجزِنا .. و بكلّ تباريح الضَّعف فينا ..

كم ينقُصنا أن نتعلّم كيف نَخلِق حاسَّةَ الإصغاءِ للتّيه الذي يكبُر فينا !

للوجعِ الذي يتمدّد فينا و ينتظرُ صوت الشّفاء كي لا يستمرَ فينا !

اللّيل هو زمنُ الشّجاعة ؛ اذ يُعلّمنا كيف نعترف بين يدي الله بكلِّ تشوّهنا .. و بكلِّ الشّهوات التي لا يَسمعُ دَبيبها في السُّويداء الا الله ..

 

*/*

اللّيل زمنٌ يكتُبك أو يرسُمك أو يبعثُك من جديد بعد أن نالت الضَّوضاءُ من صمتِك كثيراً ..

تغتالنا معاركُ النّهار .. تلتهِمُ منسأَتِنا كأنّها تدلّ القوم على موتِنا أو تعجلَ به ... نتلوّث في أحداث الحياة حتى يُلقَى بنا في آخر السَّطر .. أو آخرِ الأمر أو حتى في ذيلِ القوافل كلِّها !

فيأتي اللُّيل كلحظةِ سلام أبدية .. يغشاها تجلٍّ إلهي .. يقتربُ منك و تكادُ تشعرُ به إذ يقول لك .." هل من مستغفرٍ فأغفرُ له ..

هل من سائلٍ فأعطيه "..!

 

 

*/*

ها هو بكلّ أسمائه الحسنى و صفاته العليا يأتيك أنتَ أنت ..

فاعبُر إليه .. استلهِم من فضّله فَضلَك .. و من قوتِه قوتَك .. و من سَعَتِه سَعةَ أحلامِك ..

اعبُر إليه .. هاهو يُبيحُ لكَ كُلّما توغَّلتَ في النّافلةِ أن يكونَ سمعك و بصرك حتى لا تزيغ و لا تزلّ و لا تضلّ !

 

 

*/*

ها هوَ يسألُك أنت أنت .. " هل من سائلٍ فأعطيه " ..!

فاجثو على رُكبَتيكَ و ارفع يَديك و دَع المَناكِبَ تنحَسرُ عنها كُلَّ الأغطِية و انخَرِط في بُكاءٍ و توسُّل طويل فقد أراد أن يَمنَحَك ..

قُم اللَّيل حتى تتعلَّم الوَصل .. قُم اللّيل حتى يزيدُ القُرب ..

قم اللّيل حتى ينتهي من عالَمِك معنى المُستحيل !

قم اللّيل فلن يُفلح العَجز و لا الرُّعبُ و لا كلّ الفَوضى أن تبلُغ َمنك ..

قم اللّيل و رتّب أوراقك .. و تدبّر كيف أمَرَ الله بعد قوله { و ثيابك فطهّر و الرُجز فاهجُر } بقيام اللّيل !

 

 

*/*

اللّيل مَمحاةُ الذّنوب .. و كلَّما تَكثَّفَ الصَّمتُ سَمِعنا صوت الحقيقة دون مجاملاتِ القوم و عرفنا مَن نَكون !

قُم اللّيل فكلُّ معرفةٍ لا بدّ أن تُبنى على العِرفان ؛ و العِرفانُ هو أن تعرِفَ رَبَّكَ بدمعِك و بتسبحيةٍ خفيّة و بِبَثٍّ يَحمِلُكَ إلى أن تقول { و أعلمُ من الله ما لا تَعلمون } .!

اللّيل يرفعُ مَقامك ؛ و لهذا كان به الإبتداء !

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

*/*

 

 

{ يا أيّها المُزمِّل قُم الّليل إلا قَليلاً }

..

أوّل الإبتداءِ خلوةُ المُتَعَلِّم .. لذا حَبَّبَ إلى مُحمّدٍ الخلاء في غار حِراء في أوّل الأَمر ..

ليَكمُلَ اللهُ لهُ المِيراثَ ويَصحَّ لهُ الإنبعاث .. وعَلَّمهُ سُبحانهُ الصّمتَ المُقدّس في حَضرَةِ الجَواب .!

وأقامَهُ في غَار العُزلة وأرهَف سَمعَهُ لِهَمسِ الكونِ ورسالةٍ ثقيلةٍ تقتربُ منهُ في أَنـاة ..

{ يا أيّها المُزَّمّل قُم الّليلَ إلا قَليلاً }.. إذ اللّيلُ هوَ خَلوَتك الآتية بديلاً من اللهِ عن خَلوةِ الغارِ و صمتَه السَّاكن ..

 

 

*/*

هذا صَمتٌ جديدٌ يا مُحمّد .. صَمتٌ مُمتلِئ .. فَفيهِ عُزلَتك التي سَيملَؤُها { ورتّل القرآن ترتيلا } .. عُزلَتُك الّتي رُبّما تَستَغرِقُ { الّليلَ كُله أو نِصفَه } .. عُزلَتُكَ التي سَتتلقى فيها كُلّ الإجاباتِ و بَصيرةِ الطَّريق !

هذهِ عُزلةٌ بِفَهمٍ جَديد .. حيثُ يُصبِحُ للصَّمتِ و السُّكونِ حِكمَةُ التّأمّلِ و حيثُ يَتَلقّى قَلبُك في هَدأَةِ الَّليلِ رسائِلَ السَّماءِ و ينفَتِحُ عَقلُكَ لِكلماتِ الله ..

فيا كُلَّ مُتَّبِع .. { قُم الَّليل } إن كنتَ تَبغي حياةً ذاتَ مَعنى و أَثَر ؛

 

*/*

ثِق أنَّ الرِّسالةَ في الأرضِ حِرفَةٌ متجرها الخَلوَة .. وقِفلِ الحانوتِ لهُ مِفتاح .. ثَنِّيَ الرُّكَبَ على عَتَباتِ الصّمت ! .. حتى تبلُغَ جَلوة الوعي .. ويَليقُ بِرُوحِك أن تسمَعَ كَلِمَة { اقرأ } تتلوها انتَ مِن بَعد على مَلَأٍ مِن النَّاس .. فللصَّمتِ و العُزلَة مَهَمَّةٌ في بِناءِ الذِّات ..

فقد قال السَّكَندَرِيُّ :" أدفُن وجودك في أرضِ الخُمول ؛ فما نَبَتَ مِمّا لم يُدفَنَ لا يَتِمّ نِتَاجُه " .!

و لَقَد كانت مَدرَسةُ القيامِ في الَّليلِ هيَ الخُطوة الثّانية بَعد قولِهِ تعالى { يا أيها المدثر قم } فتَدبّر !

و كان قياماً هادئاً تَتَجذَّرُ معهُ أقدامُ النّبيّ كُلَّما رتَّلَ { القرآن ترتيلا } .. يرتَفِعُ في القِيام و تَرتفِعُ مَعه أمّته .. فقد قال له الله "

{ و من الّليلِ فَتَهجّد بِه نافِلَةً لَكَ عَسى أن يَبعثَك رَبّك مَقاماً محموداً } و قد كان !

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

*/*

 

/يا أيها المدثر قم فأنذر و ربك فكبر وثيابك فطهر و الرجز فاهجر/

ربما تبدو المسافة هائلة بين لحظة التصاق النبي عليه السلام بالفراش الذي يتمنى لو أنه يحتويه و بين صوت الوحي و هو يطرق الصمت بقوة و يدعوه للنفير !

كانت هذه الأغطية الثقيلة تسحب الروح الخائفة نحو هدوء مؤقت .. يتوغل النبي في دفئها حتى يود لو أنها تحميه من دهشة الحقيقة .. فقد كان هذا اليوم هو آخر نهار في انتظار الحقيقة ..

 

*/*

كانت الشهور قبل تلك اللحظة تلد الأهلة يتيمة ! فيظل الزمن بلا معنى و يظل هبل هو الأقوى

( قم ) يا محمد بهذه الصرامة الشديدة في اللغة .. قم فالقادر على رمي أغطيته قادر على النهوض

قم فإنما يتدثر فقط الغائبون عن موعد الشروق !

قم فانت الذي ستمسح كل الجراح العتيقة و ستسكت نزف الدماء الخفية

يبدو الفارق في الآية بين مشهد ( المدثر ) و بين إيقاع ( قم ) الشديد كما هو الفارق بين حياة نرغبها و نهدأ في صمتها و بين حياة تنتظرها السماوات و الأرض ....

 

*/*

كان الطريق الى القيام الذي يليق بمستوى الرسالة يتضح في قوله ( و ثيابك فطهر و الرجز فاهجر )

فنحن نهرم فقط و نسقط و نعجز عن الوقوف إذا نبت السوس في داخلنا فلا شيء من الخارج يخيف !

آثامنا و اضطراب خطونا هو من يشعل وقود حرائقنا و يبقينا في متاهات الطريق !

هل تعلم أن بعض الآثام من شدة ضلالها و إضلالها لها دوي في الميزان إذا سقطت !

 

*/*

إذ أن بعض الخطايا تشبه مدينة بأكملها لا زال رمادها حارا و يقظا فقد أشعلها احدهم بكلمة و لم يمت من بعدها الحريق !

بعض الخطايا أبقت أمة بأكملها على حافة الغرق و تركتها تموج كأنها سفينة معطوبة في وسط الطوفان !

بعض الخطايا تغور في أعماق المكان تتجذر كشجرة خبيثة تلقي عجرها في عقول الناس !

و بعض الخطايا حسنة تحتها شهوة خفية تكشفها الصحائف التي لا تخطىء الحساب !

 

*/*

الذنوب لا تتساوى في القصاص

تتباين على قدر امتدادها و تعدي أثرها .. فهل تراك سمعت بالذنوب المتعدية ؟!

تلك التي لم تبق في الدهاليز بل خرجت تجاهر في العلن و تفرح و هي ( تشيع الفاحشة في الذين آمنوا )

تلك التي جاوزت سياج نفسك الى سياج غيرك فخرقت فيه ثلمة نفد منها الغبار الى أرض قلب كان قد عف زمناً طويلا

تلك التي يظل أنينها يزحف حتى يؤتى بالعبد يوم القيامة و قد تعلق في رقبته الألف و الألفان !

و قد كان هذا بعض فقه السلف و كانوا لأجله يتواصون بقولهم ( طوبى لمن مات و ماتت معه ذنوبه) !

 

*/*

و هذا ابن عباس يسأل عن رجل كثير العمل كثير الذنب فيرد ( ما أعدل بالسلامة شيئا ) يرددها و هو يقصد ان السلامة من الذنب اعظم من كثرة العمل

( وثيابك فطهر و الرجز فاهجر ) هكذا تفيض الآيات و تلتحم في معنى مسبوك

لا قيام دون الطهارة العميقة تلك التي تلتمع في ثيابك و تنتشلك من عمق التيه !

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكِ

كعادتك يا غالية مميزة وطرح مميزة

بورك فيكِ حبيبتي

()

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ما شاء الله .. جميل جدًا

وكما قالوا الأخوات كعادتك : )

جزاكِ الله خيرًا ونفع بك

جعله الله في ميزان حسناتك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

  • محتوي مشابه

    • بواسطة غِــيثَـــة اآلريــســْ
      بسم الله الرحمن الرحيم


       

      ***
      عيد الميلاد عند النصارى
      يعني ولادة ابن الله: عيسى
      فهل يفرح المسلم الموحد معهم؟



      ***
      ميلاد المسيح
      مناسبة باطلة
      تكشف أهمية دراسة العقيدة
      للتمايز بين من يشارك في الشركيات
      عن من يحث إلى التوحيد الصحيح



      ***
      تعجب من بعض المسلمين
      بفرحه مع النصارى بولادة ابن الله
      بما لا تراه يفرح به
      في عيد الفطر أو الأضحى .
      لا اعتزاز بالإسلام ..!



      ***
      لا يجوز تهنئة الخادمة في الكريسماس
      وهذا لا يعني منعها
      من التعبد بدينها في هذا اليوم



      ***
      مسلم يحفظ سورة الإخلاص
      وتجد في بيته شجرة الكريسماس
      الدالة على ولادة ابن لله !



      هل هناك مثل هذا الخلل العقدي الخطير؟



      ***
      الكريسماس
      ليست مناسبة عابرة
      نفرح فيها مع النصارى.
      هي مناسبة لإظهار تعلقهم بميلاد ابن الله
      والمجاهرة بهذا
      فهل نظهر البهجة معهم ؟



      ***
      هل يتوقع التاجر
      الذي يبيع ما يتعلق بالكريسماس
      أن الله يبارك له في ذلك؟
      مناسبة لإظهار الفرح بمولد ابن لله
      هل نفرح بالشرك؟



      ***
      من الشركيات في الكريسماس
      أن الصغار يتعلقون بسانتا كلوز
      ليقدم لهم الهدايا
      لأنهم كانوا طيبين
      أين التعلق بالله ؟



      ***
      بعض المحلات تجارية
      تشعر كأنهم يفرحون بالشركيات
      من قوة اعتزازهم
      ببيع مايتعلق بالكريسماس
      هل يريد رضا الله
      أو رضا النصارى



      ***
      حينما لا نبيع ما يتعلق بالكريسماس
      لاعتزازنا بالتوحيد
      وخوفا من الشرك
      هل هذا يعني أننا لا نحترم النصارى؟



      ***
      احترام الأديان أمر مرغوب فيه
      لكن الاعتزاز بالدين أمر واجب
      ليحتفل النصارى في كنائسهم
      وواجب عدم الفرح معهم ولانعينهم
      على الشرك



      ***
      * الأموال التي سينفقها بعض المسلمين
      لزينة الكريسماس
      لو أنفقها على اطفال سوريا
      أو اليمن
      لكان له فيه خير وأجر وقربى عند الواحد الأحد



      ***
      احترام الأديان: يعني احترام المواثيق
      عدم نقض العهد
      الوفاء بالوعد
      ولا يعني هذا الفرح بشركيات النصارى أو اليهود
      ونشره في بلادنا



      ***
      * من دلالة ضياع الاهتمام
      بالقيم والأخلاقيات الشرعية
      عند الفضائيات العربية
      مبادرتهم لعرض
      الأفلام المتعلقة بالكريسماس
      بعد أيام ..!
       
      يتبع


    • بواسطة غِــيثَـــة اآلريــســْ
      >>*<<



      شاء الله أن يجتمع البشر، ولا يعيش كل منهم في جزيرة منعزلة، وأن تكون استقامة حياتهم معتمدة على تبادلهم للمنافع والمعايش.. ومن هنا نشأت العلاقات، فمن الناس من يرتع معها بالهوى، فيترك نفسه للشهوة والغضب والأنانية، ومنهم من فقه مراد الله تعالى فجعل من علاقاته طريقا لرضا ربه، وتطوير نفسه.


       
       

      >>*<<


       

      وتلعب المشاعر والعواطف دور هاما في علاقاتنا مع الغير فهناك من نجد أنفسنا نشعر معهم بالراحة والسكينة، والبعض قد ننفر من تواجدهم ونعاني ضغطا في مخالطتهم، بل إن الخضوع لأحوالنا المزاجية الشخصية قد يؤثر في نظرتنا للأشخاص والحكم عليهم والرغبة العارمة إما في الاستئصال وإما في زيادة التعلق، وحتى يجنبنا الله الوقوع في الظلم لم يتركنا سدى وهملا فنبنها وحذرنا قائلا:{وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا} الفرقان: 200.



      وجعل مظلة التعامل {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}. الحجرات: 13.


       

      >>*<<


       

      ولأن الله جل في علاه بصير فإن الشهوة تنضبط بمراده، والغضب يُلجم ابتغاء وجهه، والتنافس لا يكون إلا في الخير والطاعة، والغيبة تغيب عن الألسن ويغيب معها الحقد والحسد.



      ولأن الله بصير فإن الصبر على الناس لا يضيع سدى، ولا يمتلأ القلب بالحنق والأسى من عقوق أو أذى.



      ولأن الله بصير فإن العلاقات يجب ألا تتحكم فيها الأهواء، وأن يتلمس المؤمن الحكمة دومًا من وجود الأشخاص في حياته.


       
       

      >>*<<


       

      ومع اصطحاب اليقين بأن الله عز وجل يعالج من يريد به خيرا بوجود أشخاص في حياته وتعرضه لمواقف مزعجة منهم، فليكن كل همك ماذا سأستفيد من وجود ذلك الشخص في الطريق، ما الحكمة وما الرسالة التي ستصلني من مروره في حياتي، لعله الدواء الذي احتاجه للشفاء من صفة سيئة أعاني منها ولعله الدافع لتحسين طبع من طبائعي.


       

      >>*<<


       

      إليكِ بعض الإشارات التي تضيء نورا في معاملاتك لعلك تكونين أقرب للرحمن وتنجحي في اختبار معاملة الناس:



      1ـ تسلحي بالإيمان الصادق بأنه لا يقع في الكون إلا ما أراده الله، وتبعا لحكمته وتقديره.
      2ـ الاجتهاد في تلمس بعض أسرار تلك الحكمة، اعتبري من حولك غنيمة لاكتساب الحسنات، فوجود الأشخاص في طريق الحياة فرصة عظيمة للإصلاح والكسب الطيب.



      >>*<<



      3ـ تأملي العبرة في حياة من حولك، ومن تسمعين عنهم، فحين ترين أشخاصًا أو يصل إلى مسامعك كيف أدى وقعوا فيما يغضب الله وألهتهم الحياة الدنيا، وأنفقوا الاوقات في اللهو والغفلة، وكيف أدى ذلك إلى المعيشة الضنكة وسوء العاقبة فتدركين الرحمة حين تنتبهين، وتحاسبين نفسك وتحذرين، وتسارعي بتوبة وتحصني نفسك بالطاعات.
      3ـ وحين تمر بك سيرة أناس أهملوا مسؤوليتهم وقصروا في حق من كان تحت رعايتهم وبدلوا نعمة الله عليهم، وترين كيف لحق بهم البوار فتستجيبي إلى دعوة الله لك فلا تنتهجي نهجهم وتجتهدين في ترميم ما قد وقعتي فيه من تقصير.



      >>*<<



      5 ـ إذا ما ابتليتي برؤية أشخاص بعضهم يتصرف بعصبية وانفعال، ولا يتورعون عن إطلاق الكلمات الجارحة، فإذا بك تنتبهين لعل فيك شيء من ذلك، وتشعرين بيد الرحيمة تدعوك للإصلاح فتحرصي على اختيار أحسن الألفاظ في تعاملاتك{وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}. الإسراء:533.
      وكذلك فإن هؤلاء الأشخاص يضعوكِ في طريق الحلم والصبر.
      6ـ وماذا لو تعاملتِ مع ذلك الشخص الأناني، أو البخيل الشحيح؟.. اجعليه طريقك لتعلم الإيثار والبذل والعطاء.
      7ـ حين يعرض لك في الطريق أناس صالحين يبذلون الخيرات ويمدون يد العون للإنسانية فاجعلي هذا حافزا لك وعلوا لهمتك، للتنافس في الصالحات.
      8ـ وإذا تعجبت من تحول بعض الأشخاص وتبدل تصرفاتهم، فاعتادي خلقا إسلاميا راقيا وهو تلمس الأعذار والمسامحة، {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ}. النور:222 .
      التعامل مع المختلف


       

      >>*<<



      كلما التقيتِ بشخص مختلف تفهمي سبب غضبك من تصرفاته وكوني صادقة مع نفسك لمعرفة ما وراء غضبك، وليكن حرصك على ألا تسببي ألما لغيرك فلا تجرحي بالكلمات ولا تتنصحي بقسوة او اساءة، وقاومي نفسك فلا تصدري الاحكام على الناس، فإن الاكرم عند الله هو الأتقى.. وكثيرا ما يكون الاختلاف سببا في التكامل وتبادل الخبرات، فلا تحبسي نفسك ومشاعرك في قالب الرفض لكل من هو مختلف عنك، فقد خلقنا الله مختلفين لنتعارف.


       

      >>*<<


       

      أم الفضل()*


    • بواسطة غِــيثَـــة اآلريــســْ
      الكل بدأ يتكلم عن #رأس_السنه_الجديده 2017



      هناك فكره إذا عجبتكم طبقوها و هي ؟!



      • لما يجي يوم31/12/2016 الساعه 11:59



      في الليل تقوم تتوضأ قبل الوقت هذا بخمس دقائق



      وتقوم تصلي من الساعه 11:59 إلى الساعه 12:05 مثلاً



      يعني 6 دقايق ، أو حتى على الأقل ركعتين لله عزوجل



      تكون وقتها #أخر_شيء_عملته في 2016 هو الصلاه



      #وأول_شيء_بدأت في2017 هو الصلاه



      فهل يوجد #أجمل_من_سنه_بدأتها_بالصلاه ؟!



      فـهم على مزامر الشيطان يرقصون



      ونحن لـ ربنا ساجدون


       

      #أحبتي_في_الله



      دعونا نجعلها #صلاه_جماعيه لكل المسلمين



      أرسلها لكل من تحب أن يختم معك هذه السنه بركعتين



      ويبدأ سنه جديده بأحب الأعمال إلى الله تعالى



      لا تجعلها تقف عندك



      لا تحرم نفسك أن تكون أنت سبب في كسب الحسنات


منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×