اذهبي الى المحتوى
غِــيثَـــة اآلريــســْ

أزمــة.. وتعــدّي!

المشاركات التي تم ترشيحها

1_20161223_42347.jpg

 

 

 

لا يتعلَّم النسر كيف يطير إلا بعد ما تقوم أمه بحفزه على القفز؛ ليحصل على الطعام الذي أعدّته له، فيضطر إلى أن يفرد ريشه ويحاول أن يطير، وهي في حال استعداد لإسعافه إذا سقط.

هكذا هي الحياة والتحديات تجعلنا نفرد أجنحتنا ونتعوّد على التحليق!

هل نظرت إلى السماء وهي ملبَّدة بالغبار الأسود الكثيف؟ إن راكب الطائرة لا يراها كذلك بل يجدها ناصعة الصفاء.

السمو والنظر البعيد يجعلك ترى الأشياء بصورة أفضل.. ترى وجهها الجميل!

وربما أراد بك عدوك شراً، وأراد الله لك بهذا الشر خيراً، وإرادة الله غالبة لا معقب لحكمه، ولا رادّ لقضائه، /وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ/(الرعد:13).

 

 

حياتنا مقرونة بقدْرٍ من القلق الإيجابي المثير؛ الذي كان وراء الكثير من نجاحات الحياة العظيمة.

كثيرون ألِفوا وضعًا عاديًا لا يحبون الخروج منه، فيريد الله أن يخرجهم إلى ما هو أفضل بواسطة أزمة عابرة تنتزعهم من الإذعان لذلك الواقع المنقوص.

والألم الذي تُحدثه الأزمة يُظهر أجمل مافي النفس من معاني الإيمان، والحب، والمعرفة، والتواضع، والطِّيبة، والإيثار، والنقاء، والبناء.

قبل طلوع الفجر تشتدّ الظُّلمة وتعصف الرِّيح.

في الأرض والنفس كنوز مخبأة لا يمكن الوصول إليها إلا عبر أقبية الظلام.

كثير من الزهور الجميلة والنباتات لا تنمو إلا في الظلام.

في الظلام نتعلّم كيف نثق باليد التي تمسكنا دون أن نراها.. يد الله!

وقبل الولادة مخاوف وبكاء ومخاض ولكن النتيجة رائعة.. وجه كالقمر.. وعينان كغابتي نخيل!

عَيْنَاكِ غَابَتَا نَخِيلٍ سَاعَةَ السَّحَرْ *** أو شُرْفَتَانِ رَاحَ يَنْأَى عَنْهُمَا القَمَرْ

 

 

الإيمان بالله يشحن النفس بالثقة والأمل، ويجعل من الأزمات والضيقات مجالات خصبة للنمو، والبركة، والتجربة، والإبداع.

الأمل الإيجابي هو سحر الحياة وروحها..

 

 

تستطيع أن تعيش أربعين يوماً بلا طعام.

وثلاثة أيام بلا ماء.

وثماني دقائق بلا هواء.

ولا تستطيع أن تعيش ثانية واحدة حين تفقد الأمل..

حين يستبدّ بك اليأس!

 

 

الآلام تسوقنا إلى الله، وتذكّرنا بالطريق، وتُلهمنا الذِّكر والتسبيح.

بمقدورك أن تصبح أقوى من ألمك ليس بأن تتحمّله فحسب، ولا بأن تحوّله إلى وسيلة للتفوق والبناء فحسب، ولكن بأن تفيض من روحك على البائسين والمحرومين والمعذَّبين.

كثيرون يظنون أن قربهم من الله يحرمهم اللذة، والمتعة، وجمال الحياة.. والحق أن الإيمان بالله يُضاعف المتعة والبهجة، ويصنع سورًا منيعًا ضد الإحباط والقنوط.

الأكل من الشجرة المحرَّمة قصة بدأت مع آدم وهي تتكرر في حياتنا، ولكن لا يجب أن نفهم الأزمة على أنها "عقاب" محض.. هي تطهير ورفعة منزلة، وحماية من خطر قادم.

لو كنت أكثر قوة مما أنت، أو أكثر جمالاً، أو شبابًا، أو مالاً، أو نفوذًا.. لربما صدر منك ما تعيبه على غيرك!

 

متى نعود إلى الله؟ الابن الشارد يعود إلى المنزل حينما يمرض، أو يفقد ثروته، أو يتحطَّم.. ولله المثل الأعلى.

الفلاح يذرو الحَبّ في الهواء؛ لتطير النخالة وتبقى الحنطة الصافية، وهكذا هي رياح المحنة تذهب رديئك وتبقي طيبك!

 

هل تقول إنك سَيِّء الحظ؟

كلا؛ فرُبَّ مُقعَد، أو أعمى، أو ضعيف، أو فقير.. كانوا أكثر سعادة، وأعظم تأثيرًا من الملوك، والأغنياء، والأصحاء.

ليست الحياة حديقة زهور ولا هي حقل أشواك، ولكنها يمكن أن تكون كذلك إذا كنت مصرًّا على أن تفهمها هكذا.

أنت تثق بالمعلم، والطبيب، وقائد المركبة، والرسّام الماهر، وصانع الفيلم..

فكيف لا تثق بالله الرحيم، الحكيم، اللطيف، الخبير؟!

وإذا لم تفهم عقدة القصة أو سر اللوحة فأعد التأمل واستعن بخبير!

وإن بنيت علاقتك مع الله على المصلحة العاجلة فحسب فقد بنيت منزلك على رمال متحركة!

 

 

كيف تعاملت مع الأزمة؟

هل كنت ممن يحتفظ بها، ويغلق الباب على نفسه، ويستسلم للعواصف، ويجترّ الآلام ثم يتحوّل إلى الشرود، والإهمال، والتذبذب، والأمراض النفسية، والروحية؟

أم كنت ممن يتمرّد على الأزمة، فيتمرّد على قيمه الإيمانية، والروحية، والاجتماعية.. ويتحوّل إلى العنف، والقسوة، ومحاولة الانتقام من المجتمع؟

أم حاولت الهروب من الأزمة وتجنب التفكير فيها وعدم مواجهتها، وربما قتلت وقتك بالترفيه السلبي واللهو والإدمان؟

أم أنت من ذلك الصنف الواعي؛ القادر على مواجهة الأزمة بصبر وإيمان وخبرة بالحياة، وعقل منفتح على الخيارات، وروح هادئة تدري أن الحزن مقدمة السرور، وأن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً؟

مفتاح الحل بيدك.. أن تنظر إلى الأمام.. إلى الممكن والمقدور، وتتكيّف مع المتغير سريعًا ودون إبطاء، ولا تُطِل الالتفات إلى الخلف إلا بقدر ما يتطلبه الوفاء والاعتبار، وإياك أن تكون كالشريف إذ يقول:

وَتَلَفَّتَت عَيني فَمُذ خَفِيَت عَنها الطُلولُ تَلَفَّتَ القَلبُ

 

/لِكَيْ لاَ تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ/(الحديد:23).

 

سلمان العودة

تم تعديل بواسطة غِــيثَـــة اآلريــســْ
  • معجبة 3

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاكي الله خيرا أختي غيثه

اللهم اهدنا إلى ما تحب وترضى

واجعلنا من الصابرين الشاكرين لك في السراء والضراء

صراحه موضوع يستحق القراءه مرات عده

جزى الله الشيخ سلمان العوده عنا خيرا وصبره الله على وفاة اهله ورحمهما الله رحمة واسعه

تم تعديل بواسطة ~أمة الرحمن~
  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

لا يتعلَّم النسر كيف يطير إلا بعد ما تقوم أمه بحفزه على القفز؛ ليحصل على الطعام الذي أعدّته له،

 

موضوع جميل جدا

 

بارك الله فيكِ غيوث للنقل الطيب

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

موضوع جميل ~

بارك الله فيكِ يا حبيبة.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

موضوع مميز نفع الله بك

وجزى الله الشيخ خيرا وألهمه الصبر

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

قبل طلوع الفجر تشتدّ الظُّلمة وتعصف الرِّيح.

في الأرض والنفس كنوز مخبأة لا يمكن الوصول إليها إلا عبر أقبية الظلام.

كثير من الزهور الجميلة والنباتات لا تنمو إلا في الظلام.

سبحان الله

 

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

موضوع جميل ~

بارك الله فيكِ يا حبيبة.

تم تعديل بواسطة ميرفت ابو القاسم

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×