اذهبي الى المحتوى
جمانة راجح

() حملة ومجالس " فقه الأدعية والأذكار " ()

المشاركات التي تم ترشيحها

 

 

70245750.png

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمدلله والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

klM45750.png

 

 

 

لا ريب أنَّ ذِكر الله ودعاءه هو خير ما أُمضيت فيه الأوقات وصُرفت فيه الأنفاس،

وأفضل ما تقرّب به العبدُ إلى ربّه سبحانه وتعالى، وهو مفتاحٌ لكلِّ خير يناله العبد في الدنيا والآخرة

((فمتى أعطى (الله) العبدَ هذا المفتاح فقد أراد أنْ يفتح له، ومتى أضلَّه بقي باب الخير مُرْتَجاً دونه ))

فيبقى مضطربَ القلب، مُشَوَّشَ الفؤاد، مُشَتَّتَ الفِكر، كثيرَ القلَقِ، ضعيفَ الهِمَّةِ والإرادةِ، أمّا

إذا كان محافظاً على ذِكر الله ودعائه وكثرةِ اللجأ إليه فإنَّ قلبَه يكون مطمئناً بذكره لربِّه

{أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ}، وينال من الفوائد والفضائل والثمار الكريمة اليانعة في الدنيا

والآخرة ما لا يحصيه إلاَّ الله تعالى.

فـذِكـر إلَـهِ الـعــرشِ ســِرًّا ومـعـلـنـاً *** يُزِيلُ الشَّقَا والهَمَّ عـنك

 

هذا وقد دلَّ الكتابُ والسنَّةُ وآثارُ السلف على جنس المشروع والمستحبِّ في ذِكر الله

ودعائه كسائر العبادات، وبيَّن النبيُّ e لأمّته ما ينبغي لهم أن يقولوه من ذِكر ودعاء في

الصباح والمساء، وفي الصلوات وأعقابها، وعند دخول المسجد، وعند النوم، وعند الانتباه منه،

وعند الفزع فيه، وعند تناول الطعام وبعده، وعند ركوب الدابَّة، وعند السفر، وعند رؤية

ما يحبّه المرء، وعند رؤية ما يكره، وعند المصيبة، وعند الهمِّ والحزن، أو غير ذلك من أحوال

المسلم وأوقاته المختلفة.كما بيّن صلوات الله وسلامه عليه مراتب الأذكار والأدعية وأنواعَها

وشروطَها وآدابها أتمَّ البيان وأكمله، وترك أمَّتَه في هذا الباب وفي جميع أبواب الدين على محجّة

بيضاء، وطريق واضحة، لا يزيغ عنها بعده إلاَّ هالك

 

 

..................

 

 

فمن هذا المنطلق أخواتي الغاليات ... أحببنا طرح هذه الحملة بين أيدكن

والتي أحتوت مادتها ومرجعها

 

من كتاب ( فقه الأدعية والأذكار )

بقلم : عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر

....

 

ومن ضمن هذه الفقرات

 

() إعلان ()

 

عن الإشتراك

في مجالس فقة الأدعية والأذكار

والتي تتضمن ست مجالس على مدار مجلسين

كل إسبوع

 

 

*** فتابعونا مع فقرات حملتنا ***

 

 

 

XR745750.png

 

 

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك


r0L45745.jpg



أهمية الذكر وفضله



غيرُ خافٍ على كلِّ مسلم أهميّةُ الذكر وعظيمُ فائدته؛ إذ هو من أجلِّ المقاصد وأنفع الأعمال


المقرِّبة إلى الله تعالى، وقد أمر الله به في القرآن الكريم في مواطن كثيرة، ورغّب فيه،


ومدح أهله وأثنى عليهم أحسن الثناء وأطيبه.




يقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً} (الأحزاب:41)


ويقول تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ}(آل عمران:191)
{وَالذَاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} (الأحزاب:35)




فأمر تعالى في هذه الآيات بذكره بالكثرة، وذلك لشدّة حاجة العبد إلى ذلك وافتقاره إليه أعظم


الافتقار، وعدم استغنائه عنه طرفة عين، فأيُّ لحظة خلا فيها العبدُ عن ذِكر الله U كانت عليه


لا له، وكان خسرانه فيها أعظمَ ممّا ربح في غفلته عن الله، وندم على ذلك ندماً شديداً عند لقاء


الله يوم القيامة.



قال صلى الله عليه وسلم: (( ما من ساعة تمرُّ بابن آدم لا يذكر الله تعالى فيها إلاّ تحسّر عليها


يوم القيامة )) (صحيح الجامع)



والسُّنّةُ مليئةٌ بالأحاديث الدّالة على فضل الذِّكر، ورفيع قدره، وعلوِّ مكانته، وكثرةِ عوائده


وفوائده على الذّاكرين الله كثيرًا والذّاكرات.



قال: (( سبق المُفرِّدون، قالوا: وما المُفرِّدون يا رسول الله؟ قال: الذّاكرون الله كثيراً


والذّاكرات )) (صحيح مسلم)




XR745750.png




شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك



KQQ46283.jpg




فوائد الذكر



* يطرد الشيطان ويقمعُه ويكسره {ومَن يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ


شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} (الزخرف:36)



* أنّه يجلُبُ لقلب الذَّاكر الفرَحَ والسرورَ والرَّاحةَ، ويورثُ القلبَ السكونَ والطُّمأنينةَ


{الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ} (الرعد:28)



* أنّه يورثُه ذكرَ الله له، كما قال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} (البقرة:152)



* أنّه يحطُّ الخطايا ويُذهبُها، ويُنجّي الذّاكرَ من عذاب الله، ففي المسند عن معاذ بن


جبل رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ما عمل آدميٌّ


عملاً أنجى له من عذاب الله من ذكر الله تعالى )) (صححه الألباني)



* أنّه يترتّبُ عليه من العطاء والثّواب والفضل ما لا يترتَّبُ على غيره من الأعمال،


مع أنَّه أيسرُ العبادات؛ فإنَّ حركة اللسان أخفُّ حركات الجوارح وأيسرُها، ولو تحرّك


عضو من الإنسان في اليوم والليلة بقدر حركة لسانه لشقّ عليه غاية المشقّة، بل لا يمكنُه


ذلك، ومع هذا فالأجور المترتِّبة عليه عظيمةٌ والثّوابُ جزيلٌ. (( من قال سبحان الله


وبحمده في يومٍ مائة مرّة حُطَّت خطاياه وإن كانت مثل زَبَدِ البحر )) (متفق عليه)



* أنّه غِراسُ الجنَّة، (( من قال: سبحان الله وبحمده، غُرِست له نخلةٌ في الجنَّة )) (الترمذي)



* أنّه يكون نورًا للذَّاكر في الدنيا، ونورًا له في قبره، ونورًا له في مَعَاده، يسعى بين


يديه على الصِّراط، فما استنارَت القلوبُ والقبورُ بمثل ذكر الله تعالى. قال اللهُ تعالى:


{أَوَ مَنْ كَانَ مَيْتاً فأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ


لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} (الأنعام:122)



* أنّه يوجبُ صلاةَ الله تعالى وملائكتِه على الذّاكر، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا


اللهَ ذِكْراً كَثِيراً، وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً، هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ


مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالمُؤْمِنِينِ رَحِيماً} (الأحزاب:41-43)



* أنّ الذِّكر سببٌ لتصديق الرّبِّ تعالى عبدَه، فإنّ الذَّاكرَ يُخبرُ عن الله تعالى بأوصاف


كماله ونُعوت جلاله، فإذا أخبر بها العبدُ صدَّقه ربُّه، ومن صدّقه اللهُ تعالى لم يُحشَر


مع الكاذبين، ورُجي له أن يُحشر مع الصادقين



* أنّ كثرةَ ذكر الله تعالى أمانٌ من النِّفاق، فإنّ المنافقين قليلو الذِّكر لله تعالى، قال الله


تعالى في المنافقين: {وَلاَ يَذْكُرُونَ اللهَ إِلاَّ قَلِيلاً} (النساء:142)



* أنّه شفاءٌ للقلب، ودواءٌ لأمراضه، قال مكحول بن عبد الله رحمه الله:


(( ذكرُ الله تعالى شفاء، وذكرُ النّاس داء )).



* يُذهبُ قسوةَ القلب، ففي القلب قسوةٌ لا يُذيبُها إلاّ ذكرُ الله تعالى، جاء إلى الحسنِ


البصري رحمه الله رجلٌ فقال: يا أبا سعيد: أشكو إليك قسوةَ قلبي، قال: (( أَذِبْهُ بالذِّكر )).



* أنّ الذَّاكرَ قريبٌ من مذكوره، ومذكورُه معه، وهذه المعيَّةُ معيَّةٌ خاصةٌ غيرُ معيَّة


العلم والإحاطة العامّة، فهي معيَّةٌ بالقرب والولاية والمحبَّة والنُّصرة والإعانة والتَّوفيق.


كما في الحديث الإلهي: (( أنا مع عبدي ما ذكَرني وتحرَّكَتْ بي شفَتاه )) (البخاري)



* أنّه جَلاَّب للنِّعم، دافعٌ للنِّقم، فما استُجلِبت نعمة ولا استُدفِعت نِقمَة بمثل ذكر الله تعالى،


{إِنّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} (الحج:38)



* أنّ إدامته تنوبُ عن الطّاعات، وتقوم مقامها سواءً كانت بَدَنيَّةً أو ماليّةً، أو بدنيَّةً


ماليَّةً كحجِّ التَّطوُّع. حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنّ فقراء المهاجرين أتوا رسول


الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله ذهب أهلُ الدُّثور بالأجور والنَّعيم المُقيم،


يُصلّون كما نُصلّي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضلُ أموالهم يحُجُّون بها ويعتمرون،


ويجاهدون، ويتصدَّقون، فقال: ألا أُعلِّمُكم شيئًا تدركون به من سبقكم، وتسبقون به


من بعدَكم، ولا أحدٌ يكون أفضلَ منكم إلاّ من صنع ما صنعتم؟ قالوا: بلى يا رسول الله


قال: تسبِّحون وتحْمدون وتكبِّرون خلف كلِّ صلاة ... )) إلى آخر الحديث، وهو متّفق عليه


XR745750.png



شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

 

Sxw46283.jpg

 

آداب الذكر

 

قال الله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الجَهْرِ مِنَ القَوْلِ بِالغُدُوِّ

وَالآصَالِ وَلاَ تَكُنْ مِنَ الغَافِلِينَ} (الأعراف:205)، فقد اشتملت على جملةٍ طيِّبةٍ من

الآداب الكريمة التي ينبغي أن يتحلّى بها الذَّاكر.

 

فمن هذه الآداب:

 

أوّلاً: أن يكون الذِّكر في نفسه؛ لأنَّ الإخفاء أدخلُ في الإخلاص، وأقربُ إلى

الإجابة وأبعدُ من الرِّياء.

 

ثانياً: أن يكون على سبيل التضرُّع، وهو التّذلُّل والخضوع والاعتراف بالتّقصير

ليتحقّق فيه ذِلَّة العبودية والانكسار لعظمة الرُّبوبيّة.

 

ثالثاً: أن يكون على وجه الخيفة أي الخوف من المؤاخذة على التّقصير في العمل،

والخشية من الرد، وعدم القَبول، قال الله تعالى في صفة المؤمنين المسارعين في

الخيرات، السّابقين لأرفع الدّرجات: {وَالَّذِينَ يُؤُتونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى

رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ، أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} (المؤمنون:60).

 

رابعاً: أن يكون دون الجهر؛ لأنَّه أقرب إلى حسن التفكُّر، قال ابن كثير

رحمه الله: (( ولهذا قال: {وَدُونَ الجَهْرِ مِنَ القَوْلِ} وهكذا يُستحبُّ أن يكون

الذِّكر، لا يكون نداءً وجهرًا بليغاً ))

 

خامساً: أن يكون باللسان لا بالقلب وحده، وهو مستفادٌ من قوله: {وَدُونَ الجَهْرِ}

لأنَّ معناه: ومتكلِّمًا كلامًا دون الجهر، ويكون المرادُ بالآية الأمرَ بالجمع

في الذكر بين اللسان والقلب، وقد يقال: هو ذكره في قلبه بلا لسانه بقوله

بعد ذلك: {وَدُونَ الجَهْرِ مِنَ القَوْلِ} إلاّ أنّ الأوّل هو الأصحّ كما حقّق ذلك

شيخُ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وغيرُه من أهل العلم.

 

سادساً: أن يكون بالغدوّ والآصال، أي في البكرة والعشيِّ، فتدلُّ الآية على

مزيَّة هذين الوقتين، لأنَّهما وقت سكون ودعة وتعبُّد اجتهاد، وما بينهما الغالبُ

فيه الانقطاع إلى أمر المعاش، وقد ورد أنَّ عمل العبد يصعد أوّل النّهار

وآخره فطلبُ الذكر فيهما ليكون ابتداء عمله واختتامه بالذكر.

 

سابعاً: النهي عن الغفلة عن ذكره بقوله: {وَلاَ تَكُنْ مِنَ الغَافِلِينَ}(الأعراف:205)،

أي: من الذين يغفلون عن ذكر الله ويلهون عنه، وفيه إشعارٌ بطلب دوام ذكره

تعالى والاستمرار عليه، وأحبُّ العمل إلى الله أَدْوَمُه وإن قلّ.

ثم إنَّ الله تبارك وتعالى لمّا حثّ على الذكر في هذه الآية ورغّب فيه وحذّر

من ضدّه وهو الغفلة، ذكر عقبها في الآية التي تليها ما يقوي دواعي الذكر

وينهض الهمم إليه بمدح الملائكة الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون، فقال

سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ}

(الأعراف:206).

 

يقول الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله

{إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ} من الملائكة المقرَّبين وحملة العرش والكروبيين

{لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ} بل يذعنون لها وينقادون لأوامر ربِّهم

{وَيُسَبِّحُونَه} الليل والنهار لا يفترون {وَلَهُ} وحده لا شريك له {يَسْجُدُونَ}

فليقتد العباد بهؤلاء الملائكة الكرام وليداوموا على عبادة الملك العلاّم.

 

XR745750.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

hXl46283.jpg

 

فضل الدعاء

 

الدعاءُ شأنُه في الإسلام عظيمٌ، ومكانتُه فيه ساميةٌ، ومنزلتُه منه عالية؛ إذ هو

أجلُّ العبادات وأعظمُ الطاعات وأنفعُ القربات.ولهذا جاءت النصوصُ الكثيرةُ

في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

 

وقد تنوَّعت دلالاتُ هذه النصوص المبيِّنة لفضل الدعاء، فجاء في بعضها الأمرُ

به والحثُّ عليه، وفي بعضها التحذير من تركه والاستكبار عنه، وفي بعضها ذكرُ

عِظم ثوابه وكبر أجره عند الله، وفي بعضها مدحُ المؤمنين لقيامهم به، والثناءُ

عليهم بتكميله، وغيرُ ذلك من أنواع الدلالات في القرآن الكريم على عظم فضل الدعاء.

بل إنَّ الله جلَّ وعلا سمَّى الدعاءَ في القرآن عبادةً في أكثر من آية وسمَّى

سبحانه الدعاءَ دِيناً كما في قوله: {فَادْعُوا الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (سورة غافر:60)

 

مِمَّا يدلُّ على عِظم مكانته، كقوله سبحانه: {وَقَالَ رَبُّكُم ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ

إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (سورة غافر:14)

وأخبر سبحانه ـ مرَغِّباً عبادَه في الدعاءِ ـ بأنَّه قريبٌ منهم يُجيب دعاءَهم، ويُحقِّقُ

رجاءَهم، ويعطيهم سؤلهم، قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ

دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}(البقرة:186)

 

ولهذا فإنَّ العبدَ كلَّما عظُمت معرفتُه بالله وقويت صِلتُه به كان دعاؤُه له أعظمَ،

وانكسارُه بين يديه أشدَّ، ولهذا كان أنبياءُ الله ورُسُلُه أعظمَ الناس تحقيقاً للدعاء

وقياماً به في أحوالهم كلِّها وشؤونهم جميعِها، وقد أثنى الله عليهم بذلك في القرآن

الكريم، وذَكَر جملةً من أدعيتهم في أحوالٍ متعدِّدةٍ ومناسبات متنوِّعةٍ، قال تعالى

في وصفهم: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا

لَنَا خَاشِعِينَ} (سورة الأنبياء:90).

 

XR745750.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

Pqt46283.jpg

 

من فضائل الدعاء:

 

ورد في فضل الدعاء في السنة:

 

1- حبِّ الله للدعاء، وحبِّه سبحانه لعبده الذي يدعوه، ولذا فإنَّه سبحانه يغضب

من عبده إذا ترك دعاءَه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( مَن لَم يدعُ الله

سبحانه غَضِبَ عليه )) (سنن الترمذي)

 

2- فالدعاءُ أمرُه يسيرٌ جدًّا على كلِّ أحدٍ، فهو لا يتطلَّب جهداً عند القيام به،

ولا يلحق الداعي بسببه تعبٌ ولا مشقَّةٌ

عن أبي هريرة رضي الله عنه موقوفاً، والطبراني في الأوسط عنه، عن النبي

صلى الله عليه وسلم مرفوعاً قال: (( أعجزُ الناس مَن عجز عن الدعاء، وأبْخلُ

الناس مَن بخل بالسلام )) (صحيح ابن حبان)

 

3- الله سبحانه يدفع بالدعاء ما قد قضاه على العبد: قال النبي صلى الله عليه

وسلم: (( لا يردُّ القدرَ إلاَّ الدعاءُ )) (سنن ابن ماجه).

 

إنَّ حاجةَ المسلم إلى الدعاء ماسَّةٌ في أموره كلِّها وضرورتَه إليه ملحَّةٌ في شؤونه

جميعِها، وقد ضَرَبَ أَحدُ أهل العلم لِحال المسلم مع الدعاء مَثلاً بديعاً تستبين به

شدَّةُ حاجته إليه، ويظهرُ به عظمُ ضرورته إليه، روى الإمام أحمد في كتاب

الزهد عن قتادة قال: قال مُوَرِّقٌ رحمه الله: (( ما وجدتُ للمؤمن مثلاً إلاَّ رجلاً

في البحر على خشبة، فهو يدعو يا ربِّ يا ربِّ، لعل الله عزَّ وجلَّ أن ينجيَه (الزهد).

 

XR745750.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

 

f9i46283.jpg

 

 

ذِكرُ الله هو أزكى الأعمال وأفضلُها

إنَّ ذكرَ الله جلَّ وعلا هو أزكى الأعمال وخيرُها وأفضلُها عند الله تبارك وتعالى،

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ألا أُنبِّئُكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند

مَليكِكم، وأرفعها في درَجاتِكم، وخيرٌ لكم من إعطاء الذهبِ والورِق، وخيرٌ لكم

من أن تلقَوا عدوَّكم فتضرِبوا أعناقَهم ويضربوا أعناقَكم؟ قالوا: بلى يا رسول

الله، قال: ذكر الله تعالى)) (صحيح الجامع)

فهذا الحديث العظيم أفاد فضيلة الذِّكر، وأنّه يعدل عتق الرِّقاب، ونفقة الأموال،

والحمل على الخيل في سبيل الله ، ويعدل الضرب بالسيف في سبيل الله .

قال ابنُ رجب رحمه الله: (( وقد تكاثرت النّصوص بتفضيل الذِّكر على الصّدقة

بالمال وغيره من الأعمال )) (جامع العلوم)

يقول ابن مسعود رضي الله عنه: (( لأَنْ أُسبِّح الله تعالى تسبيحات أحبُّ إليَّ من أن

أُنفق عددهن دنانير في سبيل الله )).

إنّ الأعمال كلَّها والطّاعات جميعها إنّما شرعت لإقامة ذكر الله، والمقصودُ بها

تحصيل ذكر الله تعالى.ولهذا يقول الله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي} (طه:14)

أي: أقم الصلاة لأجل ذكر الله جلّ وعلا، وهذا فيه تنبيهٌ على عظيم قدر الصلاة؛

إذ هي تضرُّعٌ إلى الله تعالى، وقيامٌ بين يديه، وسؤالٌ له تبارك وتعالى، وإقامةٌ لذكره.

وعلى هذا فالصلاة هي الذِّكر، وقد سمّاها الله تعالى ذكراً، وذلك في قوله:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ} (الجمعة:9)،

فسمّى الصّلاة هنا ذكراً؛ لأنّ الذِّكر هو روحُها ولُبُّها وحقيقتُها، وأعظمُ النّاس

أجرًا في الصّلاة أقواهم وأشدُّهم وأكثرهم فيها ذكرًا لله تعالى. وهكذا الشّأنُ في

كلِّ طاعة وعبادةٍ يتقرّب بها العبدُ إلى الله.

وقد سُئل سلمان الفارسي رضي الله عنه: (( أيُّ الأعمال أفضل؟ فقال: أما تقرأ

القرآن: ولذكرُ الله أكبر )).

وذكر ابن أبي الدنيا عن ابن عباس رضي الله عنهما أنّه سُئل: أيُّ العمل أفضل؟

قال: (( ذكرُ الله أكبر ))

 

 

XR745750.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

 

03v49059.jpg

 

أفضلُ الذكر القرآن الكريم

 

إنَّ خير ما ينبغي للعبد أن يذكر الله به هو كلامه تبارك وتعالى، الذي هو خيرُ الكلام و

أحسنُه وأصدقُه وأنفعُه، وهو وحي الله وتنزيلُه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ...

 

 

 

 

 

 

 

XR745750.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

 

mKF46283.jpg

 

 

ذمُّ الغفلة عن ذكرِ الله

 

إنّ الله تبارك وتعالى لمّا أمر بذكره في القرآن الكريم، وحثَّ عليه ورغّب فيه في آيٍ كثيرةٍ

منه، حذّر أيضا من الوقوع في ضدّه وهو الغفلة، إذ لا يتمُّ الذِّكرُ لله حقيقةً إلاّ بالتخلُّص

من الغفلة والبعد عنها، وقد جمع الله بين هذين الأمرين في آية واحدة من القرآن ـ

أعني الأمر بالذِّكر والنهي عن الغفلة ـ وذلك في قوله تعالى من

آخر سورة الأعراف: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الجَهْرِ مِنَ القَوْلِ

بِالغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُنْ مِنَ الغَافِلِينَ} (الأعراف:205)

والمراد بقوله في الآية {وَلاَ تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} أي: من الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم،

فإنهم حُرِموا خيري الدنيا والآخرة، وأعرضوا عن مَن كلُّ السعادة والفَوز في ذكره وعبوديّته،

وأقبلوا على مَن كلُّ الشقاوة والخيبة في الاشتغال به.

والغفلةُ داءٌ خطير إذا اعترى الإنسان وتمكّن منه لم يشتغل بطاعة الله وذكره وعبادته، بل يشتغل

بالأمور الملهية المبعدة عن ذكر الله، وإن عمل أعمالاً من الطّاعة والعبادة فإنّها تأتي منه

على حال سيِّئة ووضع غير حسن، فتكون أعماله عاريةً من الخشوع والخضوع والإنابة

والطُمأنينة والخشية والصّدق والإخلاص.

 

جاء في القرآن الكريم في مواطن كثيرة منه التحذيرُ منها وذمّها وبيان سوء عاقبتها، وأنّها

من خصال الكافرين وصفات

المنافقين المعرضين. يقول الله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الجِنِّ وَالإِنسِ، لَهُمْ

قُلُوبٌ لاَ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْينٌ لاَ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَ يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ

بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ}(الأعراف:179).

 

{إِنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا

غَافِلُونَ أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (يونس:7)

 

إنّ مَثَل الغافل عن ذكر الله مثَلُ الميِّت، فالقلب الذَّاكر هو القلب الحيّ، والقلب الغافل هو

القلب الميِّت. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( مَثَل الذي يذكر ربّه والذي لا يذكره

مَثَلُ الحيِّ والميِّت )) (صحيح البخاري). ولفظ مسلم: (( مَثَل البيت الذي يُذكر الله فيه والبيت

الذي لا يُذكر الله فيه مَثَلُ الحيِّ والميِّت )

لقد جعل النبيُّ الكريمُ صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بيت الذَّاكر بمنزلة بيت الحيّ،

وبيت الغافل بمنزلة بيت الميِّت وهو القبر، وفي اللّفظ الأوّل جعل الذّاكر نفسه بمنزلة الحيّ، والغافل

بمنزلة الميِّت، فتضمّن الحديثُ بمجموع لفظيه أنّ القلب الذّاكر كالحيِّ في بيوت الأحياء، والقلب

الغافل كالميّت في بيوت الأموات، وعلى هذا فإنّ أبدان الغافلين قبورٌ لقلوبهم، وقلوبهم فيها

كالأموات في القبور، ولهذا قيل:

 

فـنـسـيـان ذكـر الله مـوت قلوبهم وأجـسامهم قبل القبور قبورُ

وأرواحهم في وحشة من جسومهم وليس لهم حتى النشور نشورُ

وقيل:

فنسيان ذكـر الله موت قلوبهم وأجسامهم فهي القبور الدوارسُ

وأرواحهم في وحشة من حبيبهم ولـكـنـهـا عـند الخبيث أوانسُ

 

ولهذا صحّ في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم النهيُ عن جعل البيوت قبورًا، أي:

لا يصلّى فيها ولا يذكر فيها الله تعالى، قال: (( اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم

ولا تتّخذوها قبوراً )) (متفق عليه)

ولَمَّا كان القلب بهذه المثابة يوصف بالحياة وضدّها انقسمت القلوب بحسب ذلك

إلى ثلاثة أقسام:

الأوّل: القلب السليم، وهو الذي سلم من أن يكون لغير الله فيه شركٌ بوجه ما.

الثاني: ضد هذا وهو القلب الميّت، الذي لا حياة به فهو لا يعرف ربّه ولا يعبده ، بل هو

واقفٌ مع شهواته ولذّاته، ولو كان فيها سخطُ ربِّه وغضبُه.

الثالث: قلب له حياة وبه علّة، فله مادّتان تُمدُّه هذه مرّة، وهذه تُمدُّه أخرى، ففيه من محبّة الله

تعالى والإيمان به، وفيه من محبّة الشهوات وإيثارها والحرص على تحصيلها.

فالقلب الأوّل حيٌّ مخبتٌ ليِّنٌ، والثاني يابسٌ ميِّت، والثالث مريض فإمّا إلى السلامة أدنى

وإمّا إلى العطب أدنى، وعلى هذا فإن القلب لكي تبقى له حياتُهُ وتزول عنه غفلتُهُ وتتم له

استقامتُهُ محتاجٌ إلى ما يحفظ عليه قوتَه وهو الإيمان وأوراد الطاعات والمحافظة على ذكر الله،

والبعدُ عن كلّ ما يسخطه تبارك وتعالى، ولا سعادة للقلب ولا لذّة ولا نعيم ولا صلاح

إلاّ بأن يكون اللهُ وحده.

 

 

XR745750.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

 

 

jMZ46283.jpg

 

افتقار العبد إلى اللَّه وحاجته إلى دعائه

 

إنَّ من فضائل الدعاء ودلائل عِظم شأنه أنَّ الله تبارك وتعالى يُحبُّه من عباده مع كمالِ

غِناه عنهم، ووعدَ الدَّاعين له من عباده بالإجابة، وذلك في قوله سبحانه: {وَقَالَ رَبُّكُم

ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}.

وهذا من لُطف الله بعباده وعظيم إكرامه لهم وإحسانه بهم، فهو سبحانه لا يُخيِّب عبداً دعاه،

ولا يرُدُّ مؤمناً ناجاه، يقول الله تعالى كما في الحديث القدسي: (( يا عبادي كلُّكم ضالٌّ إلاَّ

مَن هديتُه، فاستهدوني أهدِكم، يا عبادي كلُّكم جائعٌ إلاَّ مَن أطعمته، فاستطعِموني أطعمكم،

يا عبادي كلُّكم عارٍ إلاَّ من كسوتُه، فاستكسوني أكسُكم، يا عبادي إنَّكم تخطئون بالليل

والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم ... ))، وقال فيه: (( يا عبادي لو

أنَّ أوَّلَكم وآخرَكم وإنسَكم وجنَّكم قاموا على صعيدٍ واحدٍ فسألوني فأعطيتُ كلَّ واحد مسألتَه

ما نقصَ ذلك مِمَّا عندي إلاَّ كما ينقص المِخيَطُ إذا أُدخل البحر ))، رواه مسلم في سياق

طويل من حديث أبي ذر رضي الله عنه.

 

وفي الحديث دلالةٌ على أنَّ اللهَ يحبُّ أن يسأله العبادُ جميعَ مصالح دينهم ودنياهم من

الطعام والشراب والكسوة وغير ذلك، كما يسألونه الهدايةَ والمغفرةَ والتوفيقَ والإعانةَ

على الطاعةِ ونحوَ ذلك، ووعدَهم سبحانه على ذلك كلِّه بالإجابة.

 

وفيه أيضاً دلالةٌ على كمال قدرةِ الله سبحانه وكمال ملكِه، وأنَّ ملكَه وخزائنَه لا تنفدُ

ولا تنقصُ بالعطاء، ولو أعطى الأوَّلين والآخرين من الجنِّ والإنس جميعَ ما سألوه في

مقام واحد، وفي ذلك حثٌّ على الإكثار من سؤاله وإنزال جميع الحوائجِ به

 

إنَّ العبدَ محتاجٌ إلى الله في كلِّ شؤونِه، ومفتقرٌ إليه في جميعِ حاجاتِه، لا يستغني عن

ربِّه ومولاه طرفة عين ولا أقلَّ من ذلك، وأما الربُّ سبحانه فإنَّه غنيٌّ حميدٌ، لا حاجة

له بطاعات العباد ودعواتهم، ولا يعود نفعُها إليه، وإنَّما هم الذين ينتفعون بها، ولا يتضرَّرُ

بمعاصيهم وإنَّما هم الذين يتضرَّرون بها،

 

ثمَّ إنَّ الله تبارك وتعالى مع كمال غِناه عن عباده، وعن طاعاتهم ودعواتهم، وتوباتهم،

فإنَّه يُحبُّ سماعَ دعاءِ الدَّاعينَ المخبتين، ورؤيةَ عبادةِ العابدين المطيعين، ويفرحُ بتوبة التائبين

المُنيبين، بل إنَّه سبحانه يفرح بتوبة عبده أشدَّ من فرح مَن ضلَّت راحلتُه التي عليها طعامه

وشرابه بفلاة من الأرض، وطلبها حتى أَيِسَ منها، واستسلم للموت، ثمَّ غلبته عينُه فنام

واستيقظ، وهي قائمةٌ عنده، وهذا أعلى ما يتصوَّرُه المخلوقُ من الفَرَحِ، فالله سبحانه يَفرحُ

بتوبة عبادِه أَشَدَّ مِن فرحِ هذا بِلُقياه لراحلته، هذا مع غِناه سبحانه الكامل عن طاعات عباده

وتوباتهم إليه، وذلك كلُّه إنَّما يعود نفعُه إليهم دونَه، وهذا من كمال جُودِه وإحسانِه إلى عباده

ومحبَّته لنفعهم ودفع الضر عنهم، فهو يُحبُّ من عباده أن يعرفوه ويُحبُّوه ويتَّقوه ويخافوه

ويُطيعوه ويتقرَّبوا إليه، ويُحبُّ أن يعلموا أنَّه يغفر الخطيئات ويجيب الدعوات ويُقيلَ العَثَرات

ويُكفِّر السيِّئات ويرزق من يشاء بغير حساب.

 

فحريٌّ بعبد الله المؤمن إذا عرف كمالَ ربِّه وجلالَه، وكرمه وإحسانه، وفضلَه وجُودَه أن

ينزل به جميع حاجاته، وأن يُكثر من دعائه ومناجاته، وأن لا يَقْنَط مِن رحمة ربِّه ولا ييأس

من رَوْحِه فإنَّه لا يَيْأَسُ مِن رَوْحِ الله إلاَّ القومُ الكافرون.

 

 

XR745750.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

Okz46283.jpg

 

إجابة الله سبحانه للدَّاعين

 

فإنَّ من فضل الدعاء أنَّ الله تبارك وتعالى

وعدَ مَن دعاه أن يجيب دعاءَه ويحقِّقَ رجاءَه، ويُعطيَه سُؤْلَه، قال

الله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُم ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ

جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}، وهذا من فضله تبارك وتعالى وكرمِه أنَّه ندبَ عبادَه إلى دعائه وتكفَّلَ

لهم بالإجابة،

روى أبو داود، والترمذي، وغيرُهم بإسنادٍ جوَّده الحافظ في الفتح عن سلمان الفارسي رضي

الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إنَّ اللهَ حَيِيٌّ كريمٌ يستحيي مِن عبده إذا رفع يديه إليه أن

يردَّهما صِفْراً ))، أي: خالية.

 

وفي حديث النزول الإلهي يقول صلى الله عليهوسلم (( ينزل ربُّنا تبارك وتعالى كلَّ ليلة إلى

السماء الدنيا حين يبقى ثُلث الليل الآخر فيقول: مَن يدعوني فأستجيب له، مَن يسألني

فأعطيَه، مَن يستغفرني فأغفرَ له ))، وهو حديث متواتر رواه عن النبيِّ صلى الله عليه

وسلم جمعٌ من الصحابة بلغ عددُهم ثمانية وعشرين صحابياً.

 

لكن قد استُشكل هذا، كما ذكر الحافظ ابن حجر بأنَّ جماعةً من العُبَّاد والصُلحاء دَعَوا

وبالغوا ولَم يُجابوا، قال رحمه الله: (( والجواب أنَّ الإجابةَ تتنوَّع، فتارة يقع المطلوب بعينه

على الفور، وتارة يقع ولكن

يتأخَّر لحكمةٍ، وتارة قد تقع الإجابةُ ولكن بغير عين المطلوب حيث لا يكون في المطلوب

مصلحةٌ ناجزةٌ، وفي الواقع مصلحةٌ ناجزةٌ أو أصلحُ منها ))، وقال رحمه الله: (( إنَّ كلَّ

داعٍ يُستجاب له، لكن تتنوَّع الإجابةُ فتارة تقع بعين ما دعا به وتارة بعِوض ))، وقد ورد

في هذا المعنى الذي ذكره رحمه الله أحاديث عديدة، منها:

وروى الإمام أحمد، والبخاري في الأدب المفرد، والحاكم، وغيرهم عن أبي سعيد الخدري

رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: (( ما مِن مسلمٍ يدعو بدعوةٍ ليس فيها

إثمٌ ولا قطيعةُ رحِم إلاَّ أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إمَّا أن يُعجِّل له دعوتَه، وإمَّا

أن يدَّخِرها له في الآخرة، وإمَّا أن يصرفَ عنه من السوء مثلَها، قالوا: يا رسول الله

إذاً نُكثر، قال: الله أكثر )).

 

فقد أخبر الصادقُ المصدوق في هذه الأحاديث أنَّه لا بدَّ في الدعوةِ الخالية من العدوان من إعطاء

السُؤل معجَّلاً أو مثلِه من الخير مؤجَّلاً أو يصرفُ عنه من السوء مثله، وبهذا يتبيَّن أنَّ إجابةَ

الداعي في سؤاله أعمُّ من إعطائه عينَ المسؤول.

فهذا هو جواب الاستشكال السابق، وقد ذكر أهل العلم أيضاً جوابين آخرين:

 

أحدهما: أنَّ إجابةَ الداعي لَم تضمَّن عطيَّة السؤال مطلقاً، وإنّما تضمَّنت إجابة الداعي، والداعي

أعمُّ من السائل، وإجابةُ الداعي أعمُّ من إعطاء السائل كما تقدَّم معنا في حديث النزول التفريق

بينهما بقوله سبحانه: (( مَن يدعوني فأستجيب له، مَن يسألني فأعطيه ))، ففرق بين الداعي

والسائل، وبين الإجابة والإعطاء، لكن الاستشكال مع هذه الإجابة قائمٌ من جهة أنَّ السائلَ

أيضاً موعودٌ بالإعطاء كما في الحديث المتقدِّم.

 

الجواب الثاني: أنَّ الدعاءَ في اقتضائه الإجابة شأنه كسائر الأعمال الصالحة في اقتضائها

الإثابة، فالدعاءُ سببٌ مقتضٍ لنيل المطلوب والسبب له شروط وموانع، فإذا حصلت شروطه

وانتفت موانعه حصل المطلوب، وإلاَّ فلا يحصل ذلك المطلوب، كما هو الشأن في قبول

الأعمال الصالحة والكلمات الطيِّبة، وللموضوع صلة.

 

 

XR745750.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

 

quB46283.jpg

 

ـ أربعة أسباب لإجابة الدعاء

 

إنَّ من الأحاديث العظيمة الجامعة لذكرِ آداب الدعاء وشروطِه وموانعِ قبوله ما ثبت في صحيح مسلم

من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( إنَّ اللهَ تعالى

طيِّبٌ لا يقبل إلاَّ طيِّباً، وإنَّ اللهَ تعالى أمَرَ المؤمنين بما أمر به المرسَلين، فقال تعالى:

{يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}، وقال تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا للهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}, ثمَّ ذَكرَ

الرَّجلَ يُطيل السَّفر أشعث أغبر يَمدُّ يديه إلى السماء يا ربِّ يا ربِّ، ومطعمُه حرام، ومشربُه

حرامٌ، وملبسُه حرام، وغُذِيَ بالحرام، فأنَّى يُستجاب لذلك )).

 

لقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدِّم

أربعةَ أسباب عظيمةٍ لقبولِ الدعاء تقتضي إجابتَه:

 

أحدها: إطالة السفر، والسفر بمجرَّده يقتضي إجابةَ الدعاء، كما في حديث أبي هريرة عن

النبيِّ صلى الله عليه وسلم (( ثلاثُ دعوات مستجابات لا شكَّ فيهنَّ: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر،

ودعوة الوالد لولده ))، لأنَّه مظنَّةُ حصولِ انكسار النفس بطول الغُربةِ عن الأوطان وتحملِ المشاق،

والانكسارُ من أعظم أسباب إجابة الدعاء.

 

الثاني: أن يكون متواضِعاً مُتذلِّلاً مستكيناً، فهذا أيضاً من مقتضيات الإجابة كما في الحديث

المشهور عن النبي صلى الله عليه وسلم (( رُبَّ أشعث أغبَر مدفوع بالأبواب، لو أَقسمَ على الله لأبرَّه))

 

الثالث: مدُّ اليدين إلى السماء، وهو مِن آداب الدعاء التي يُرجى بسببها إجابته، ففي سنن أبي

داود وغيره عن سلمان الفارسيِّ رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إنَّ اللهَ

حيِيٌّ كريم، يستحيي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردَّهما صِفْراً خائبتين )).

 

الرابع: الإلحاح على الله بتكرير ذكر ربوبيَّته، وهو من أعظم ما يطلب به إجابة الدعاء.

 

 

XR745750.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

oc349059.jpg

 

الدعاءُ حقٌّ خالصٌ لله

 

العبادةَ حقٌّ خالصٌ لله وحده، فكما أنَّ الله تبارك وتعالى لا شريك له في الخلق والرزق

والإحياء والإماتة والتصرُّف والتدبير، فكذلك لا شريك له في العبادة بجميع أنواعها ومنها

الدعاء ....

 

وحتى يتضح الأمر أكثر تفضلي أختي الحبيبة هنا

 

 

 

 

 

 

XR745750.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

 

 

s9B48309.jpg

 

التحذيرُ من الأدعية المُحدَثة

 

ولهذا فإنَّ المتأكَّدَ على كلِّ مسلمٍ في هذا البابِ العظيمِ أن يجتهدَ في طلب هدي

النبيِّ صلى الله عليه وسلم في الدعاء، وأن يحرصَ أشدَّ الحِرصِ على معرفة

سبيله فيه؛ ليقتفي آثاره، وليسير على نهجه، وليلزمَ طريقته صلوات الله وسلامه عليه.

ولا يجوز لمسلم أن يلتزم أدعيةً راتبةً أو مُخصَّصة بأوقات معيَّنة أو

بصفات معيَّنة سوى ما ورد من ذلك في سنة الرسول الكريم r، أمَّا الأدعيةُ

العارضةُ التي تحصلُ من المسلم بسبب أمورٍ قد تعرضُ له، فله أن يسألَ اللهَ

ما شاء فيما لا يتنافى مع الشرع.

ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (( الأذكار والدعوات

من أفضل العبادات، والعباداتُ مبناها على الاتباع، وليس لأحد أن يسُنَّ

منها غيرَ المسنون، ويجعلَه عادةً راتبةً يواظب الناسُ عليها، بل هذا

ابتداعُ دينٍ لم يأذن به الله، بخلاف ما يدعو به المرء أحياناً من غير أن يجعله سنة )) اهـ.

ولهذا نجد أنَّ الصحابةَ رضي الله عنهم بادروا إلى إنكار تخصيص هيئات معيَّنة للأذكار

والأدعيةِ أو أوقات معيَّنة أو نحو ذلك ممَّا لَم يرِد به الشرعُ ولم تثبت به السنةُ، ومِن ذلكم

إنكارُ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه على أولئك النفر الذين تحلَّقوا في المسجد وفي

أيديهم حصًى يُسبِّحون بها ويُهلِّلون ويُكبِّرون بطريقة مُحدَثةٍ وصفةٍ مبتدعةٍ، لَم تكن

موجودةً على عهد رسول الله r، فبادرهم بالإنكار ونهاهم عن ذلك أشدَّ النهي، وبيَّن لهم

خطورةَ ذلك وسوءَ مغَبَّتِه عليهم

 

روى الإمام الدارمي رحمه الله بإسنادٍ جيِّد عن عمرو بن سلمة الهمداني قال:

(( كنّا نجلس على باب عبد الله بن مسعود قبل صلاة الغداة، فإذا خرج مشينا

معه إلى المسجد، فجاءنا أبو موسى الأشعري فقال: أخَرَج إليكم أبو عبد الرحمن بعدُ؟ قلنا: لا،

فجلس معنا حتى خرج، فلمّا خرج قُمنا إليه جميعاً، فقال له أبو موسى: يا أبا عبد الرحمن! إنّي

رأيتُ في المسجد آنفاً أمراً أنكرتُه، ولَم أَرَ والحمد لله إلا خيراً، قال: فما هو؟ فقال: إن

عِشْتَ فستراه، قال: رأيت في المسجد قوماً حِلَقاً جلوساً ينتظرون الصلاةَ، في كلِّ حَلْقَةٍ رَجلٌ،

وفي أيديهم حصى، فيقول: كبِّروا مائة!

فيكبّرون مائة، فيقول: هلِّلوا مائة! فيهلِّلون مائة، ويقول: سبِّحوا مائة! فيسبّحون مائة،

قال: فماذا قلتَ لهم؟ قال: ما قلتُ لهم شيئاً انتظارَ

رأيِك قال: أفلا أمرتَهم أن يَعُدّوا سيئاتهم وضَمنتَ لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء.

ثمَّ مضى ومضينا معه حتى أتى حلقة من تلك الحلق،

فوقف عليهم، فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الرحمن! حصى نَعُدُّ به

التكبير والتهليل والتسبيح، قال: فعدّوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء؛ وَيْحَكم

يا أمّة محمد! ما أسرع هلكتكم، هؤلاء صحابة نبيّكم r متوافرون، وهذه ثيابه لَم تَبْلَ، وآنيتُه لَم تكسر،

والذي نفسي بيده إنّكم لعلى ملّة هي أهدى من ملّة محمد؟ أو مفتتحوا باب ضلالة؟ قالوا: والله، يا أبا

عبد الرحمن! ما أردنا إلا الخير، قال: وكم من مريد للخير لن يصيبه )).

 

فتأمّل كيف أنكر عبدُ الله بن مسعود رضي الله عنه على أصحاب الحلقات هؤلاء، مع

أنَّهم في حلْقة ذِكرٍ ومجلسِ عبادة لما كان ذكرُهم لله وتعبُّدُهم له بغير الوارد المشروع،

وفي هذا دلالةٌ على أنَّه ليس العبرة في العبادة والدعاءِ والذِّكر كثرتَه، وإنَّما العبرةُ في

موافقته للسنَّةِ، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه في مقام آخر: (( اقتصادٌ في سنة خيرٌ

من اجتهاد في بدعة ))، وابن مسعود رضي الله عنه لَم يُنكر عليهم ذكرَهم لله واشتغالَهم

بذلك، وإنَّما أنكر عليهم مفارقتهم للسنة في صفة أدائه وكيفيةِ القيام به مع أنَّ الألفاظَ التي

كانوا يذكرون الله بها ألفاظٌ صحيحةٌ وردت بها السنة، فكيف الحال بمَن ترك السنة في ذلك

جملةً وتفصيلاً في الألفاظ وصفة الأداء وغير ذلك،

 

XR745750.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

Jah49059.jpg

 

أهميَّةُ اتباع السنة في الدعاء

 

وكما أنَّ الدعاءَ يُشترطُ فيه إخلاصُه لله عزَّ وجلَّ ليكون مقبولاً عنده، فكذلك يُشترطُ

فيه المتابعةُ للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إذ إنَّ هذين الأمرين ـ أعني الإخلاصَ

والمتابعةَ ـ هما شرطَا قبول الأعمال

 

 

 

XR745750.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

 

OHL48309.jpg

 

التحذير من الاعتداء في الدعاء

 

إنَّ من الضوابطِ المهمَّةِ للدعاء أن يحذر المسلمُ أشدَّ الحَذر من الاعتداء فيه،

والاعتداءُ هو تجاوز ما ينبغي أن يُقتصرَ عليه، يقول الله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً

وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُعْتَدِينَ}، فأرشد تبارك وتعالى في هذه الآيةِ الكريمةِ عبادَه

إلى دعائه الذي هو صلاحُ دينهم ودنياهم وآخرتهم، ثمَّ نهاهم سبحانه في هذا السياق

عن الاعتداء بإخباره أنَّه لا يحبُّ المعتدين، فدلَّ ذلك على أنَّ الاعتداء مكروهٌ له مسخوطٌ

عنده، لا يُحبُّ فاعلَه، ومن لا يحبُّه الله فأيُّ خيرٍ ينال، وأي فضلٍ

 

 

وعن قتادة في معنى الآية قال: (( اعلموا أنَّ في بعض الدعاء اعتداء فاجتنبوا

العدوان والاعتداء إن استطعتم ولا قوة إلاَّ بالله )).

وروى الإمام أحمد، وأبو داود عن سعد بن أبي وقاص أنَّه سمع ابناً له يدعو يقول:

(( اللَّهمَّ إنِّي أسألك الجنَّة ونعيمَها وإستبرقها ونحواً من هذا، وأعوذ بك من النار

وسلاسلها وأغلالها، فقال: لقد سألتَ اللهَ خيراً كثيراً، وتعوَّذتَ بالله من شرٍّ كثير،

وإنِّي سمعتُ رسول الله r يقول: إنَّه سيكون قومٌ يعتدون في الدعاء، وقرأ هذه

الآية: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُعْتَدِينَ}، وإنَّ بحسبِك أن تقول:

اللَّهمَّ إنِّي أسألك الجنَّة وما قرَّب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار

وما قرَّب إليها من قول أو عمل )).

 

 

XR745750.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

 

Yo848309.jpg

 

من آداب الدعاء إخفاؤُه

 

أدبٍ آخر عظيمٍ من آداب الدعاءِ، ألا وهو إخفاؤُه

وإسرارُه وعدمُ الجهرِ به، وذلك في قوله سبحانه: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً}،

أي: سرًّا لا علناً، كما قال الله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ}، وقد ثبت في

الصحيحين عن أبي موسى الأشعريِّ رضي الله عنه قال: (( رفع الناسُ أصواتَهم

بالدعاءِ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيُّها الناس، اربَعُوا على أنفسِكم، فإنَّكم لا تدعون

أصمَّ ولا غائباً، إنَّ الذي تدعونَه سميعٌ قريبٌ )).

وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لإخفاء الدعاء فوائدَ عديدةً يتبيَّن من

خلالها أهميَّةُ إخفاء الدعاء وكثرةُ العوائدِ والفضائل المترتِّبةِ على إخفائِه.

أحدها: أنَّه أعظمُ إيماناً؛ لأنَّ صاحبَه يعلم أنَّ الله يسمع الدعاءَ الخفيَّ.

وثانيها: أنَّه أعظمُ في الأدب والتعظيمِ، فإذا كان يسمع الدعاءَ الخفيَّ فلا يليق بالأدب بين

يديه إلاَّ خفض الصوت به.

ثالثها: أنَّه أبلغُ في التضرُّعِ والخشوع، الذي هو روح الدعاء ولُبُّه ومقصودُه، فإنَّ الخاشعَ

الذليلَ إنَّما يسألُ مسألةَ مسكين ذليلٍ، قد انكسر قلبُه وذلَّت جوارحُه وخشع صوتُه.

رابعها: أنَّه أبلغُ في الإخلاص.

خامسُها: أنَّه أبلغُ في جَمعيَّةِ القلبِ على الذِّلَّةِ في الدعاء، فإنَّ رفعَ الصوتِ يفرقه، فكلما

خفض صوتَه كان أبلغَ في تجريدِ همَّته وقصدِه للمدعو سبحانه.

سادسها: أنَّه دالٌّ على قربِ صاحبِه للقريب، لا مسألة نداء البعيد للبعيد، ولهذا أثنى الله على

عبدِه زكريا بقوله: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا}، فلمَّا استحضر القلبُ قُرْبَ الله عزَّ وجلَّ، وأنَّه أقربُ

إليه من كلِّ قريبٍ أخفى دعاءَه ما أمكنه.

سابعُها: أنَّه أدْعى إلى دوامِ الطلبِ والسؤال، فإنَّ اللسانَ لا يمَلُّ، والجوارحَ لا تتعب، بخلاف

ما إذا رفع صوتَه، فإنَّه قد يملُّ اللسان، وتضعفُ قواه، وهذا نظير من يقرأُ ويكرِّر، فإذا رفع

صوتَه فإنَّه لا يطول له، بخلاف مَن خفض صوتَه.

ثامنها: أنَّ إخفاءَ الدعاء أبعدُ له من القواطعِ والمشوشات، فإنَّ الداعيَ إذا أخفى دعاءَه لَم

يدرِ به أحدٌ، فلا يحصلُ على هذا تشويشٌ ولا غيره، وإذا جهر به فرطت له الأرواحُ البشريَّة

ولا بدَّ، ومانعته وعارضته، ولو لَم يكن إلاَّ أن تعلقها به يُفزع عليه همتَه، فيضعفُ أثرُ الدعاء،

ومَن له تجربةٌ يعرف هذا، فإذا أسرَّ الدعاءَ أمِن هذه المفسدةَ.

تاسعُها: أنَّ أعظمَ النعمةِ الإقبالُ والتعبُّد، ولكلِّ نعمةٍ حاسد على قَدرِها، دقَّت أو جلَّت، ولا نعمةَ أعظمُ

من هذه النعمةِ، فإنَّ أنفسَ الحاسدين متعلِّقةٌ بها، وليس للمحسود أسلمُ من إخفاءِ نعمتِه عن الحاسدِ،

وقد قال يعقوب ليوسف عليهما السلام: {لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا} الآية.

 

XR745750.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

SOD48309.jpg

 

ـ أوقاتٌ يُستجابُ فيها الدعاء

 

إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ لَمَّا شرع لعبادِه الدعاء ورغَّبهم فيه وحثَّهم عليه ووعدهم عليه

الإجابةَ تفضُلاً منه سبحانه وتكرُّماً؛ هيَّأ لهم مع ذلك أمكنةً فاضلةً وأزمنةً فاضلةً،

وآداباً عظيمةً يكون حظُّ العبد ونصيبُه من القبول والإجابةِ بحسب حظِّه ونصيبِه

من تحقيق تلك الأمور وعنايتِه بها.

ومن الأوقات الفاضلةِ التي يحسن بالمسلمِ أن يتحرَّى دعاءَ الله فيها وقتُ السَّحَر

وحين يبقى ثلثُ الليل الأخير، قال الله تعالى: {وَالمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ} ، وقال

تعالى: {كَانُوا قَلِيلاً مِنَ الَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}، وثبت في

الحديث المتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( ينزل ربُّنا تبارك تعالى كلَّ

ليلةٍ إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلثُ الليل الآخر، يقول: مَن يدعوني فأستجيب له،

مَن يسألني فأعطيَه،مَن يستغفرني فأغفر له )).

 

ومِن الأوقات الفاضلة التي يُستجابُ فيها الدعاء الساعةُ التي في يوم الجمعةِ، فقد ثبت

في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذَكَر يومَ

الجمعة فقال:(( فيه ساعةٌ لا يوافقها عبدٌ مسلمٌ قائمٌ يصلِّي يسأل الله تعالى شيئاً

إلاَّ أعطاه إياه، وأشار بيده يُقلِّلُها )).

 

ومن الأوقات الفاضلة أيضاً والتي ينبغي للمسلم أن يتحرّى فيها الدعاءَ يومُ عرفة، فهو

يومٌ فاضلٌ تُستجابُ فيه الدعواتُ وتُغفر فيه الزَّلاَّتُ وتُكفَّر فيه الخطيئات، وقد ثبت في

الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( أفضلُ الدعاءِ دعاءُ يوم عرفة وأفضل

ما قلتُه أنا والنبيون من قبلي لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد

وهو على كلِّ شيء قدير )).

ومن الأوقات التي يُرجى فيها قبولُ الدعاء ما بين الأذان والإقامة لِمَا ثبت عن أنس بن

مالك رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( الدعاء لا يُردُّ بين الأذان

والإقامة فادعوا )) أخرجه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وغيرهم.

 

ومِمَّا ينبغي للمسلم أن يتحرَّى فيه الدعاءَ أدبار الصلوات المكتوبة، ففي الترمذي وغيره بسند

جيِّد عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قيل يا رسول الله أيُّ الدعاء أَسْمَعُ؟ قال:

(( جوف الليل الآخر، ودُبر الصلوات المكتوبات )).

 

 

XR745750.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

ORz48309.jpg

 

مَن تُستجابُ دعوتُهم

 

فمِمَّا ورد في السنة أنَّ دعوتهم لا ترد: الصائم حتى يفطر، ودعوة المسافر،

ودعوة الوالد لولده أو عليه، ودعوة المظلوم، ففي السنن الكبرى للبيهقي من

حديث أنس رضي الله عنه مرفوعاً: (( ثلاثُ دعواتٍ لا تُردُّ: دعوةُ الوالد،

ودعوةُ الصائم، ودعوة المسافر ))

 

وكذلك دلّت السنة أنَّ دعوةَ المسلم لأخيه المسلمِ بظهر الغيب لا تُرَد،

ففي صحيح مسلم عن أم الدرداء رضي الله عنها: أنَّها قالت لصفوان أتريد

الحج العام؟ قال: فقلت: نعم، قالت فادعُ الله لنا بخير فإنَّ النبي r كان يقول:

(( دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابةٌ، عند رأسه مَلَكٌ كلَّما

دعا لأخيه بخير قال المَلَكُ الموكَّلُ به: آمين، ولك بمثل ))

 

ومِمَّا ورد في السنة في إجابة الدعاء ما ثبت في صحيح البخاري عن

عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( من تعارَّ

من الليل فقال: لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كلِّ

شيء قدير، الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلاَّ الله والله أكبر ولا حول

ولا قوة إلاَّ بالله، ثمَّ قال: اللهمّ اغفر لي أو دعا استُجيب له، فإن توضأ

وصلّى قُبلت صلاتُه ))

 

وكذلك عندما يُقبِل العبد على الله إذا مسّه الضرُّ بصدقٍ وإخلاصٍ وشدّة

رغبةٍ فإنَّ دعاءَه لا يُردّ، والله يقول: {أَمَّن يُجِيبُ المُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ

وَيَكْشِفُ السُّوءَ}، قال بعض أهل العلم في هذه الآية:

(( ضَمِن الله تعالى إجابةَ المضطر إذا دعاه، وأخبرَ بذلك عن نفسه،

والسببُ في ذلك أنَّ الضرورةَ إليه باللَّجَأ ينشأ عن الإخلاص وقطع القلب

عما سواه، وللإخلاص عنده سبحانه موقعٌ وذمّةٌ وُجِدَ من مؤمن أو كافر،

طائع أو فاجر ))

 

 

 

 

XR745750.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

46649059.jpg

 

الدعاء للمسلمين

 

إنَّ من الأمور المهمَّة التي ينبغي أن يلحظها المسلمُ في الدعاء، بل قد عدَّه

 

بعضُ أهل العلم في جملة آداب الدعاء العنايةَ بالدعاء للمسلمين بالتوفيق والمغفرة

والرحمة والإعانة على الخير ......

 

وهنا سنحلق في معنى الأخوة بين المسلمين وحقها في الدعاء

 

 

 

 

XR745750.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

 

8lO49059.jpg

 

التوبةُ من الذنوب بين يدي الدعاء

 

قال يحيى بنُ معاذ الرازيُّ رحمه الله: (( لا تستبطئ

الأجابةَ إذا دعوت وقد سَدَدتَ طرقَها بالذنوب )).

 

 

ماهي عواقب الذنوب على الدعاء وإستجابته .. وماعلاقته بها

هذا ما سنعلمه في هذا الرابط

 

 

 

 

 

XR745750.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

XR745750.png

 

() التصاميم ()

 

 

بإذن الله سنبحر

مع بعض التصاميم

التي تحمل في طياتها أجمل الدرر

مع شكر المبدعات " عزيزة " و" سندس واستبرق "

 

 

 

 

..................

 

 

 

() إعلان ()

 

 

عن الإشتراك

في ( مجالس فقة الأدعية والأذكار)

 

والتي تتضمن ست مجالس على مدار مجلسين

كل إسبوع إن شاء الله

 

ولمن أرادت الإشتراك

فلتكتب إسمها

والهمة ياغاليات بإذن الله تكون دروس ومجالس ماتعة

 

 

 

 

XR745750.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

 

الخاتمه

 

 

فذكر إله العرش سرا ومعلنــا *** يزيل الشقا والهم عنك ويطرد

 

ويجلب للخيرات دنيا وأجـــــلا *** وإن يأتك الوسواس يوما يشرد

 

فقد أخبر المختار يوما لصحبه *** بأن كثير الذكر في السبق مفرد

 

ووصى معاذا يستعين إلهـــه *** على ذكره والشكر بالحسن يعبد

 

وأوصى لشخص قد أتى لنصيحة *** وقد كان في حمل الشرائع يجهد

 

بأن لا يزال رطباً لسانك هـــذه *** تعين على كل الأمور وتسعـــــد

 

وأخبر أن الذكر غرس لأهله *** بجنات عدن والمساكن تمــــــــهد

 

وأخبر أن الله يذكــــــــر عبده *** ومعه على كل الأمور يســـــــــدد

 

وأخبر أن الذكر يبقى بجنــــة *** وينقطع التكليف حين يخلـــــــــــدوا

 

ولم لم يكن في ذكره غير أنه *** طريق إلى حب الإله ومرشــــــــــــد

 

وينهى الفتى عن غيبة ونميمة *** وعن كل قول للديانة مفســـــــــــــد

 

لكان لنا حظ عظيم ورغبـــــة *** بكثرة ذكر الله نعم الموحــــــــــــــــد

 

ولكننا لجهلنا قــــــل ذكرنـــا *** كما قل منــــا للا لـــــــــه منـــا التعبـد

 

للعلامة السعدي رحمه الله

 

وأخيرًا

 

 

نشكر لكم متابعتكن مع جزيل العرفات والتقدير نسأل

الله العظيم أن يتقبل وينفع به

والحمد الله رب العالين والصلاة والسلا معلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

 

 

 

أخواتكنّ

مسلمة مجاهدة

مـ أم الزهراء ـرام

 

 

 

 

XR745750.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته

 

بارك الله فيكما مسلمة مجاهدة و مرام

 

مجالس خير و بركة بإذن الله

نفع الله بكما

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×