اذهبي الى المحتوى
سدرة المُنتهى 87

خصائص النبي (1) ما حُرّم عليه دون غيره من أمته

المشاركات التي تم ترشيحها

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

اختصّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بكثير من الخصائص والأحكام دون أمّته تكريمًا له وتبجيلًا، وقد شاركه في بعضها الأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام.

 

1- الصّدقة:

حرم على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أكل الصّدقة لقوله عليه صلّى اللّه عليه وسلّم:

«إنّ الصّدقة لا تحلّ لمحمّد ولا لآل محمّد، إنّما هي أوساخ النّاس»

(أخرجه مسلم).

وعن أبي هريرة رضي اللّه عنه:

"أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يأكل الهديّة ولا يأكل الصّدقة"

(أخرجه مسلم).

وهذه الأحاديث عامّة لا فرق فيها بين صدقة الفرض والتّطوّع. فكلا النّوعين حرم على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.

قال الحافظ ابن حجر: "نقل الإجماع على ذلك غير واحد من العلماء منهم الإمام الخطّابيّ".

والحكمة في تحريم الصّدقة على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، صيانة وتنزيه منصبه الشّريف عن أوساخ أموال النّاس. وأمّا دخول الآل في ذلك فإنّهم دخلوا تبعا لانتسابهم إليه وتشريفهم بذلك.

 

 

2- إمساك من كرهت نكاحه:

ومن خصائصه صلّى اللّه عليه وسلّم؛ أنّه كان يحرم عليه إمساك من اختارت فراقه ورغبت عنه من النّساء، بخلاف غيره من أمّته ممّن يخيّر امرأته فإنّها لو اختارت فراقه لما وجب عليه فراقها.

وبرهان هذه الخصوصيّة ما جاء في صحيح البخاريّ عن عائشة رضي اللّه عنها: أنّ ابنة الجون لمّا أدخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ودنا منها قالت: أعوذ باللّه منك فقال لها:

«لقد عذت بعظيم، الحقي بأهلك».

قال ابن الملقّن رحمه اللّه في خصائصه بعد إيراده هذا الحديث:

"وفهم ممّا ذكرناه أنّه حرم عليه نكاح كلّ امرأة كرهت صحبته.

وجدير أن يكون الأمر كذلك لما فيه من الإيذاء".

 

 

3- نزع لامة (درع) الحرب:

وممّا حرم على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وكذلك إخوانه الأنبياء عليهم السّلام -دون غيره من الأمّة- أنّه إذا لبس لامة الحرب وعزم على الجهاد في سبيل اللّه أن ينزعها ويقلعها حتّى يلقى العدوّ ويقاتل.

ودليل ذلك ما روى جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال يوم أحد: «رأيتُ كأني في درعٍ حصينَةٍ، ورأيتُ بقرًا تُنْحَرُ، فأوَّلْتُ أنَّ الدرعَ الحصينةَ المدينةَ، وأنَّ البقرَ بقرٌ واللهِ خيرٌ»،

قال: فقال لأصحابِهِ: «لو أنَّا أَقْمْنا بالمدينةِ، فإنْ دَخَلُوا علَيْنَا فيها قاتلْناهم»،

فقالوا: واللهِ يا رسولَ اللهِ ما دُخِلَ علَيْنَا فيهَا في الجاهليَّةِ، فكيف يُدْخَلُ علَيْنَا فيها في الإسلامِ؟ فقال: «شأنُكم إذًا»، فلَبِسَ لأْمَتَهُ، قال: فقالَتْ الأنصارُ: ردَدْنَا علَى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رأْيَهُ فجاءُوا، فقالوا: يا نبيَّ اللهِ، شَأْنُكَ إذًا فأقِمْ فقال:

«إنَّهُ لَيْسَ لِنَبِيٍّ إذا لبِسَ لأمَتَهُ أن يضعَها حتى يقاتِلَ»

(أخرجه أحمد في مسنده، وأصل القصة في البخاري ومسلم).

قال الحافظ ابن كثير:

ال عامّة أصحابنا: إنّ ذلك كان واجبًا عليه، وأنّه يحرم عليه أن ينزعها حتّى يقاتل".

 

 

4- خائنة الأعين:

خائنة الأعين هي الإيماء إلى مباح من قتل أو ضرب على خلاف ما يظهر ويشعر به الحال، ولا يحرم ذلك على غيره إلّا في محظور. وقال الخطّابيّ رحمه اللّه:

"هو أن يضمر في قلبه غير ما يظهره للنّاس فإذا كفّ لسانه وأومأ بعينه إلى ذلك فقد خان وقد كان ظهور تلك الخيانة من قبيل عينه فسمّيت خائنة الأعين".

 

فلم يكن لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يومئ بطرفه خلاف ما يظهر كلامه.

 

ومستند هذا قصّة عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح، حيث كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قد أهدر دمه يوم فتح مكّة في جملة من أهدر من الدّماء فاختبأ عند عثمان بن عفّان أخيه من الرّضاعة، فلمّا دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم النّاس إلى البيعة جاء به عثمان حتّى أوقفه على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: يا رسول اللّه، بايع عبد اللّه، فرفع رأسه، فنظر إليه، ثلاثا، كلّ ذلك يأبى، فبايعه بعد ثلاث، ثمّ أقبل على أصحابه فقال:

«أما كان فيكم رجل رشيد، يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله؟»

فقالوا: ما ندري يا رسول اللّه ما في نفسك؟ ألا أومأت إلينا بعينك قال:

«إنّه لا ينبغي لنبيّ أن تكون له خائنة الأعين»

(أخرجه أبو داوود).

 

 

5- تعلّم الكتابة:

قال اللّه تعالى: {وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} [العنكبوت:48].

فقد لبث صلوات اللّه وسلامه عليه عمرًا من قبل أن ينزّل عليه القرآن المجيد لا يقرأ كتابًا ولا يحسن الكتابة بل كلّ أحد من قومه وغيرهم يعرف أنّه رجل أمّيّ لا يقرأ ولا يكتب.

وهذا من أعلام نبوّته لئلّا يرتاب بعض الجهلة فيقول إنّما تعلّم هذا القرآن من كتب قبله مأثورة عن الأنبياء.

 

 

6- تعلّم الشّعر:

قال اللّه تعالى: {وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ} [يس:69].

فلم يكن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عالما بالشّعر وأصنافه وأعاريضه وقوافيه ولم يكن موصوفا بذلك بالاتّفاق وجعل اللّه سبحانه ذلك علما من أعلام نبوّته صلّى اللّه عليه وسلّم لئلّا تدخل الشّبهة على من أرسل إليهم فيظنّوا أنّه قوي على القرآن بما في طبعه من القوّة في الشّعر.

 

والأدلّة على عدم معرفته بالشّعر وعدم ميله إليه كثيرة منها: أنّ قريشا لمّا تشاورت فيما يقولون للعرب في رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا قدموا عليهم الموسم. فقال بعضهم: نقول إنّه شاعر. فقال أهل الفطنة منهم:

"واللّه لتكذّبنّكم العرب، فإنّهم يعرفون أصناف الشّعر فو اللّه ما يشبه شيئا منها وما قوله بشعر".

 

وأمّا ما وقع على لسانه صلوات اللّه وسلامه عليه من الشّعر القليل، كقوله يوم حنين وهو راكب بغلته يقدّم بها نحور العدوّ.

أنا النّبيّ لا كذب *** أنا ابن عبد المطّلب

وكقوله لمّا أصابه حجر وهو يمشي فعثر فدميت إصبعه الشّريفة:

هل أنت إلّا إصبع دميت *** وفي سبيل اللّه ما لقيت

 

فكلّ هذا وأمثاله إنّما وقع منه اتّفاقا من غير قصد لوزن الشّعر بل جرى على اللّسان من غير قصد إليه.

 

  • معجبة 2

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

صلوات الله عليه

نقل قيم جدا ومميز

 

جزاك الله خيرا وكتب لك أجره

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد النبيّ الأميّ وآله صحبة وسلم

 

جزاكِ الله خيرًا أختي الحبيبة سدرة، نقل قيم

لاحرمكِ الله الأجر والثواب

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

صلوات الله عليه

نقل قيم جدا ومميز

 

جزاك الله خيرا وكتب لك أجره

 

أكرمكِ الله تعالى وبارك فيكِ~

 

اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد النبيّ الأميّ وآله صحبة وسلم

 

جزاكِ الله خيرًا أختي الحبيبة سدرة، نقل قيم

لاحرمكِ الله الأجر والثواب

 

اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه

اللهم آمين وإياكِ

بوركتِ~

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

صلوات الله علية

رائع يا حبيبة

استمتعت بقراءته

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

صلوات الله علية

رائع يا حبيبة

استمتعت بقراءته

 

بوركَ فيكِ وجزاكِ الله خيرًا~

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بسم الله

و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته

 

قيم اللهم بارك و أنا كذلك استمتعت لقراءته

بوركت يا حبيبة نفع الله بك ()

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد النبيّ الأميّ وآله صحبة وسلم

 

جزاكِ الله خيرًا أختي الحبيبة سدرة، نقل قيم

لاحرمكِ الله الأجر والثواب

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

جزاكِ الله خيرًا أختي الحبيبة.

 

جعله الله في ميزان حسناتك.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بسم الله

و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته

 

قيم اللهم بارك و أنا كذلك استمتعت لقراءته

بوركت يا حبيبة نفع الله بك ()

 

اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد النبيّ الأميّ وآله صحبة وسلم

 

جزاكِ الله خيرًا أختي الحبيبة سدرة، نقل قيم

لاحرمكِ الله الأجر والثواب

 

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

 

 

جزاكِ الله خيرًا أختي الحبيبة.

 

 

 

جعله الله في ميزان حسناتك.

 

 

اللهم آمين

جزاكنّ الله خيرًا~

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

اللهم صلِّ وسلم وبارك على محمد النبيّ الأميّ وآله وصحبه وسلم

 

بارك الله فيكِ سدورة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
في ٢٧‏/٥‏/١٤٣٨ هـ at 21:37, قالت أم يُمنى:

 

اللهم صلِّ وسلم وبارك على محمد النبيّ الأميّ وآله وصحبه وسلم

 

 

 

 

بارك الله فيكِ سدورة

 

 

اللهم آمين

وفيكم بارك الرحمن خالتنا الحبيبة 🙂

في ٢٩‏/١‏/١٤٣٩ هـ at 11:24, قالت جوهرة بحيائي:

اللهم صل وسلم على سيدنا محمد

جزاك الله خيرا

اللهم آمين وإياكم يا حبيبة~

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

طرح قيم ونافع

جزاكِ الله خيرا يا حبيبة 🌹

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

  • محتوي مشابه

    • بواسطة سدرة المُنتهى 87
      بسم الله الرحمن الرحيم


       

      ما أبيح له صلى الله عليه وسلم دون غيره من أمته


       
       

      1- الوصال في الصّوم:
      بعث اللّه تبارك وتعالى رسوله محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم وسكب في قلبه من العلم والحلم وفي خلقه من الإيناس والبرّ وفي طبعه من السّهولة والرّفق وفي يده من السّخاوة والنّدى ما جعله أزكى عباد اللّه رحمةً وأوسعهم عاطفةً وأرحبهم صدرًا. قال تعالى:



      {وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ}



      [الأنبياء:107].
      فجاءت شريعته مبنيّة على التّيسير والسّهولة والتّخفيف والرّحمة ورفع الحرج والآصار والأغلال ما يلائم اختلاف الأجيال وحاجات العصور وشتّى البقاع.
      فمن ذلك نهيه صلّى اللّه عليه وسلّم أمّته عن مواصلة صوم يومين فصاعدًا من غير أكل أو شرب بينهما



      لما في ذلك من المشقّة وحصول المفسدة المترتّبة على الوصال وهي الملل من العبادة والتّعرّض للتّقصير في بعض وظائف الدّين.
      بينما كان ذلك مباحا له صلّى اللّه عليه وسلّم خصوصيّة له دون أمّته.



      فعن عائشة رضي اللّه عنها قالت: نهى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن الوصالِ رحمةً لهم، فقالوا: إنك تواصِلُ، قال:



      "إني لستُ كهيئتِكم، إني يُطعِمُني ربي ويسقينِ".
      قال النّوويّ: "قال الخطّابيّ وغيره من أصحابنا:



      الوصال من الخصائص الّتي أبيحت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وحرّمت على الأمّة".


       
       
       

      2- الزّواج من غير وليّ ولا شهود:
      عني الإسلام عناية كبيرة بالأسرة، فالأسرة هي أساس كيان المجتمع الإسلامي من مجموعها يتكوّن المجتمع ويترتّب على ذلك أنّ الأسرة إذا صلحت صلح المجتمع وإذا فسدت فسد المجتمع وحيث إنّ الزّواج هو السّبيل المشروع لتكوين الأسرة وبقاء الجنس البشريّ، فقد رغّب فيه الإسلام وحثّ عليه وشرع له أحكاما معيّنة تشريفا وتكريما لهذه العلاقة علاقة الزّواج.



      ومن هذه الأحكام،



      موافقة وليّ المرأة على زواجها وهو شرط لصحّة النّكاح.



      قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا نكاح إلّا بوليّ»؛ فعقد النّكاح لا يهمّ المرأة وحدها بل يهمّ وليّها وعائلتها، والضّرر الّذي يلحقها بسبب سوء اختيارها ينسحب إلى عائلتها وعلى رأسهم وليّها كالأب والأخ.



      ولهذا فلا بدّ أن يكون للوليّ رأي مسموع في زواجها، وكما يشترط في صحّة النّكاح موافقة وليّ المرأة، كذلك يشترط حضور الشّهود عند عقد النّكاح لكي يعرف العقد ويشيع وتحفظ حقوق المرأة، ويؤمن الجحود. ولهذا قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا نكاح إلّا بوليّ وشاهدي عدل».



      وقد انفرد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن أمّته في هذين الحكمين؛



      فأباح اللّه تعالى له الزّواج بغير وليّ ولا شهود تشريفًا وتكريمًا



      لعدم الحاجة إلى ذلك في حقّه صلّى اللّه عليه وسلّم.



      قال العلماء: "إنّما اعتبر الوليّ في نكاح الأمة للمحافظة على الكفاءة، وهو صلّى اللّه عليه وسلّم فوق الأكفاء، وإنّما اعتبر الشّهود لأمن الجحود وهو صلّى اللّه عليه وسلّم لا يجحد".


       
       
       
       

      3- الجمع بين أكثر من أربع نسوة:
      شرع اللّه تبارك وتعالى لعباده النّكاح لما فيه من الفوائد العظيمة والحكم الجسيمة، فمن ذلك: الإبقاء على النّوع الإنسانيّ، والتّحصّن من الشّيطان، وكسر التّوقان ودفع غوائل الشّهوة، وغضّ البصر وحفظ الفرج، وترويح النّفس وإيناسها بما أباحه اللّه لتقوى وتنشط على العبادة، ومجاهدة النّفس ورياضتها بالرّعاية والولاية والقيام بحقوق الأهل، والاجتهاد في كسب الحلال، والعناية بتربية الأولاد إلى غير ذلك من الفوائد والحكم والأسرار.



      وقد جاءت الأدلّة الشّرعيّة مبيحة الجمع بين أربع نسوة ومحرّمة الزّيادة على ذلك لآحاد المؤمنين.
      قال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ} [النساء:3].



      ولمّا أسلم غيلان بن سلمة الثّقفيّ أسلم وتحته عشر نسوة، فقال له النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم:



      «اختر منهنّ أربعًا».
      وقال الشّافعيّ رحمه اللّه: "دلّت سنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم المبيّنة عن اللّه أنّه لا يجوز لأحد غير رسول اللّه أن يجمع بين أكثر من أربع نسوة".
      فهذا الحكم من خصائصه صلّى اللّه عليه وسلّم الّتي انفرد بها دون غيره من الأمّة، ولا خلاف بين العلماء أنّه توفّي صلّى اللّه عليه وسلّم عن تسع نسوة.


       
       

      فائدة: والحكمة في استكثاره صلّى اللّه عليه وسلّم من النّساء:
      قال الحافظ ابن حجر رحمه اللّه: "والّذي تحصّل من كلام أهل العلم في الحكمة في استكثاره من النّساء عدّة أوجه:
      أحدها: أن يكثر من يشاهد أحواله الباطنة فينتفي عنه ما يظنّ به المشركون من أنّه ساحر أو غير ذلك.
      ثانيها: لتتشرّف به قبائل العرب بمصاهرته فيهم.
      ثالثها: للزّيادة في تآلفهم بذلك.
      رابعها: للزّيادة في التّكليف حيث كلّف أن لا يشغله ما حبّب إليه منهنّ عن المبالغة في التّبليغ.
      خامسها: لتكثر عشيرته من جهة نسائه فتزداد أعوانه على من يحاربه.
      سادسها: نقل الأحكام الشّرعيّة الّتي لا يطّلع عليها الرّجال، لأنّ أكثر ما يقع مع الزّوجة ممّا شأنه أن يختفي مثله.
      سابعها: الاطّلاع على محاسن أخلاقه الباطنة، فقد تزوّج أمّ حبيبة وأبوها إذ ذاك يعاديه، وصفيّة بعد قتل أبيها وعمّها وزوجها، فلو لم يكن أكمل الخلق في خلقه لنفرن منه، بل الّذي وقع أنّه كان أحبّ إليهنّ من جميع أهلهنّ.
      ثامنها: تحصينهنّ والقيام بحقوقهنّ".


       
       
       
       

      4- بدء القتال بالبلد الأمين:
      شرّف اللّه عزّ وجلّ أمّ القرى البلد الحرام وفضّلها واختارها وخصّها بخصائص ومزايا ليست لغيرها من بقاع الدّنيا فمن ذلك أنّ بها بيته العتيق أوّل بيت وضع للنّاس لعبادتهم ونسكهم يطوفون به ويصلّون إليه ويعتكفون عنده ومن دخله كان آمنا. وجعله مثابة للنّاس يثوبون إليه على تعاقب الأعوام من جميع الأقطار ولا يقضون منه وطرًا بل كلّما ازدادوا له زيارة ازدادوا له اشتياقًا.
      إنّها بلد حرام حرّمها اللّه يوم خلق السّماوات والأرض فالقتال فيها لا يحلّ ولا يجوز إلى غير ذلك من خصائصها.
      وقد أباح اللّه تبارك وتعالى لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم مكّة المكرّمة



      عام الفتح ساعة من نهار



      فدخلها بغير إحرام وقتل من أهلها يومئذ نحو عشرين فكان ذلك من خصائصه صلّى اللّه عليه وسلّم. وقد دلّت على ذلك الأحاديث الصّحيحة، منها ما ذكره صلّى اللّه عليه وسلّم في خطبته صبيحة ذلك اليوم حيث قال:
      «إنّ مكّة حرّمها اللّه ولم يحرّمها النّاس. فلا يحلّ لامرىء يؤمن باللّه واليوم الآخر أن يسفك بها دما ولا يعضد بها شجرة. فإن أحد ترخّص بقتال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيها فقولوا له: إنّ اللّه أذن لرسوله ولم يأذن لكم. وإنّما أذن لي فيها ساعة من نهار. وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس وليبلّغ الشّاهد الغائب»



      (أخرجه البخاري).


       
       

      (من كتاب:
      نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم)

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×