اذهبي الى المحتوى
جِهاد

ι)- أعِيدُونِيـــے إلَـے غُرْبَتِيـــے -(ι

المشاركات التي تم ترشيحها

lkjuhytre.jpg

 

 

 

بالأمس فقط كنت أنظر إليك نظرتي الأخيرة ..

مودعًا إياك بدموعي ..

و قلبي المحترق ألمًا و شجنًا ..

فرحلت إلى غربتي القاسية و عذابها الذي لم يكن يداويه إلا طيفك بناظري ..

فمن كان يدري بأن و أخيرًا سألقاك مجددًا يا وطني ..

 

 

 

 

اسندت رأس على زجاج الطائرة بجانبي ..

و اغمضت عيني باسترخاء تام في حين ارتسمت على وجهي ابتسامة صادقة صافية ..

ليسافر فكري في رحلة صغيرة عبر أيامي السابقة على تراب الوطن الحبيب ..

 

 

 

( منزلي الصغير )

كم كنت ألهو بك ..

و أجري بطرقاتك يمينًا و يسارًا ..

كنت دائمًا أهتم بنظافتك و رونقك الراقي ..

و لا أنسى حديقتك الصغيرة التي زرعتها بشتى أنواع الزهور و الأشجار برغم قلة مساحتها ..

 

 

 

 

تنهدت بألم ممزوج بالسعادة بأني سأراه أخيرًا ..

و نظرت بقلق إلى ساعتي السوداء بمعصمي ..

أترقب هبوط الطائرة بشغف ..

 

 

 

( صديقي الغالي )

نبض روحي ..

و مصدر فرحي ..

لا زلت اتذكر شقاوتي معك و ألاعيبنا الماكرة ..

عهدي لك بالوفاء يا رفيقي لا يزال قائمًا بقلبي ..

فانتظر قدومي ..

 

 

 

 

اهتزت الطائرة اهتزازًا بسيطًا ..

فاستيقظت من غفلتي فزعًا على صوت المضيفة : " لقد وصلنا إلى ....... من فضلكم اربطوا أحزمة الأمان و استقروا في مقاعدكم "

 

 

 

 

و في الحقيقة لم آبه أبدًا بما قالته و لم اربط كذلك حزام الأمان ..

بل اتجه نظري فورًا إلى النافذة يعلو وجهي إبتسامة شوق و لهفة ..

و ..

رأيته ..

رأيت وطني ..

رأيت بلدي الحبيب ..

 

 

 

 

رقص قلبي فرحًا و اهتز فؤادي شوقًا لكل شيء به ..

آآآه يا وطني ..

لو كنت شخصًا لاحتضنتك حتى مماتي ..

 

 

 

دمعت عيناي و شهقت بسعادة ..

لا أكاد اصدق بأني و أخيرًا على أرض الوطن ..

 

 

 

 

و هاهي الطائرة قد هبطت و توقفت بالفعل ..

و تزاحم الركاب على الخروج ..

و كأنهم في سباق للسرعة ..

أتراهم مشتاقين مثلي ؟ ربما ..

 

 

 

تناولت حقيبتي الصغيرة و هبطت سلم الطائرة بخفة ..

لتقلنا حافلة صغيرة إلى خارج المطار ..

حيث سألتقي بصديقي العزيز ..

 

 

 

 

خرجت برفقة حقائبي إلى الخارج حيث تجمع جمهور كبير عريض لاستقبال القادمين ..

فرحت أبحث عن صديقي و أجول بعيني بينهم ..

و لكني أبدًا و رغم محاولاتي الكثيرة لم أجده وسطهم ..

 

 

 

 

انزويت جانبًا بحقيبتي و تناولت جوالي من معطفي الأسود عازمًا على الاتصال به ..

ثم و بعد أن أدخلت رقمه الذي أحفظه عن ظهر قلب وضعت الجوال على أذني أنتظر سماع صوته الحنون بلهفة ..

فإذا بي أسمع تلك الجملة السخيفة : " الرقم الذي طلبته غير متاح حاليًا ، عاود الاتصال لاحقًا " ..

 

 

 

 

أعدت جوالي إلى جيب معطفي باستياء واضح ..

و اتجهت إلى مقاعد الانتظار لأستريح قليلًا بانتظار قدومه ..

 

 

 

بدأت الحشود المتجمعة تقل شيئًا فشيئًا ..

و رحل معظم القادمين برفقة أحبابهم إلى منازلهم .

أما أنا فلا أزال جالسًا هنا على المقعد ذاته الذي جلست عليه منذ ساعة و نصف الساعة !

 

 

 

هل تراه نسي ميعاد وصولي ؟

 

 

 

انتظرت لنصف ساعة أخرى

و ها قد رحل الجميع ..

أظلم المكان من حولي ..

و شعرت بوحشة رهيبة تجتاحني ..

صمت .. هدوء .. ظلام ..

لا أسمع سوى نواء تلك القطة السوداء المزعجة التي تستقر أسفل المقعد المقابل لمقعدي ..

 

 

 

 

تملكني الملل و تملكتني رغبة قوية بالبكاء ..

فلم أجد بدًا من الذهاب إلى منزلي معتمدًا على نفسي ..

فاستقليت سيارة أجرة قديمة مفككة ..

أصابني صوت محركاتها المرتفع بصداع شديد في رأسي ..

مما زاد ضيقي بصدري ..

 

 

 

و أخيرًا وصلت إلى الشارع الذي يستقر فيه منزلي الجميل ..

فأمرت السائق بالوقوف ..

فوقف ..

ثم انطلق بعيدًا عني بعدما ناولته أجرته بالطبع ..

 

 

 

 

سرت في طريقي إلى منزلي بخطوات واسعة و كلي شوق إليه ..

و لكني في الآن ذاته كنت أتأمل المكان من حولي بغرابة بعض الشيء ..

إذ أن الشارع قد تغيرت بعضًا من ملامحه المعهودة ..

فعلى سبيل المثال ..

ذاك الدكان لم يكن موجودًا من قبل ..

و هذا المبنى يبدو حديث البناء ..

 

 

 

 

و الآن كفاني تأملًا ..

فها أنا الآن و من المفترض أن أكون أمام باب منزلي الحبيب ..

و لكن ..

أين هو ؟!

 

 

 

وقفت مدهوشًا ..

نظرت مليًا ..

فركت عيناي ..

عاودت النظر أمامي من جديد ..

 

 

 

 

إنه ليس سرابًا ..

ما أمامي الآن عمارة ضخمة تتكون من طوابق كثيرة ..

و ليس منزلي الصغير الذي أشتاق إليه بحجم السماء ..

 

 

 

 

تأملته لعدة دقائق أخرى ..

إلى أن أيقظني ذلك الصوت من تيهي و شرودي ..

: " هل تريد المساعدة يا سيدي ؟ "

 

 

 

التفت بسرعة ..

لأجد طفلًا صغيرًا يبدو في العاشرة من عمره ..

ينظر لي متفحصًا ..

 

 

 

 

فأجبته : " أين منزلي ؟ "

رمش الطفل بعينيه يحاول استيعاب سؤالي الصعب !

و قال أخيرًا في حين ارتسمت على وجهه ابتسامة ساخرة ..

: " لقد هدموا ذلك المنزل الغبي منذ زمن !! "

ثم أولى لي ظهره مبتعدًا ببساطة ..

 

 

 

و آآآآآآآآه و آآآآآآآآآآه ..

بت أرمش بعيني غير مصدق ..

فغرت فاهي ببلاهة جلية ..

و تهالكت على الرصيف بألم و قلة حيلة ..

 

 

 

 

منزلي ..

منزلي الصغير ..

بيتي الحبيب ..

منبع ذكرياتي ..

كيف يهدمونك ؟

إنه ظلم .. إنه غش ..

خداع .. خيانة ..

مؤامرة قذرة ..

 

 

 

و لكنني لم أيأس ..

لايزال بقلبي أمل الالتقاء بصديقي العزيز ..

كنت دومًا يا صديقي تخفف عني ..

و تمحي عني أحزاني ..

 

 

 

 

تناولت حقائبي مجددًا و اتجهت إلى منزله الذي لا يبعد كثيرًا عن منزلي الراحل !

كنت فرحًا سعيدًا ..

أسير بسرعة و ثقة ..

برغم ضيقي و ألمي الذي أكاد أختنق منه ..

و لكن صديقي الحبيب سيشاركني حزني كما اعتدت منه ..

و سيحتويني بحنان ..

و في النهاية سأبتسم مرغمًا لخفة دمه و مزاحه المنعش ..

 

 

 

 

وصلت إلى منزله ..

طرقت بابه بخفة و مرح ..

ووقفت أعد الثواني متلهفًا لرؤيته و ضمه إلى صدري ..

فتح لي صديقي الباب بقلق ..

فالساعة الآن الواحدة ليلًا ..

 

 

 

 

رأيته فدمعت عيناي فرحًا ..

و أشرق وجهي بابتسامة محبة ..

و قلت متلعثمًا تخنقني العبرة في حين كنت أتجه إليه معانقًا ..

: " صديقي الغالي "

 

 

 

ليبتعد عني بخوف ..

تبدلت ملامحي و بدأت الابتسامة تنسحب من وجهي شيئًا فشيئًا ..

ناظرني متعجبًا مستنكرًا ..

و قال بقسوة ..

: " من أنت ؟ "

 

 

 

 

تهالكت ..

انصدم قلبي ..

حاولت أن أنطق ..

أن أخبره بمدى اشتياقي إليه ..

أن أخبره بأني صديق طفولته و صباه ..

و لكني أبدا لم أفلح بإخراج الحروف من حلقي الجاف ..

 

 

 

فأغلق الباب بوجهي في غضب و ثورة بعد أن قال : " عساك لصًا يا هذا ، ارحل عن هنا قبل أن أتصل بالشرطة ! "

أصدر الباب صوتًا عاليًا دوى في المكان بأكمله ..

و كان كافيًا لإيقاظ سكان المدينة بأكملها من نومهم الهانئ مع أحبابهم و بمنازلهم !

 

 

 

 

تهاوى جسدي أرضًا ..

و انطلقت سهام مسمومة إلى صدري المحطم ..

فتقوقعت على نفسي بركن قذر نتن الرائحة ..

و لملمت رجلي بكلتا يداي في حسرة ..

لتتلقفني الرياح بنسماتها الباردة القارصة ..

في حين يكاد لساني ينطق : " أعيدوني إلى غربتي "

 

 

 

لا مكان لي هنا ..

و لا مكان لي هناك ..

فمن أنا ؟

و أين وطني ؟!

 

 

 

 

ذكريات مغترب

بقلمي المغترب !

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

اعجـــــــز والله عن التعبير ..

 

رائع رائع رائع .. ماخطته ااناملك المبدعه ...

 

مهما قلت رائع فأنا مُقصره ..

 

بارك الله في قلمك وسخره لخدمة الاسلام والمسلمين ..

تم تعديل بواسطة *محبة الخير للغير*

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

أحيانا لا نجد كلاما نعبر به عن روعة مانراه ... فنكتفى بالصمت وفيه أبلغ تعبير

كم أحببت وشعرت بما سطرتيه هنا .... جدا جدا جدا وكأنه منى وأنا منه

 

لا حرمكِ الله هذه المقدرة على توصيل مشاعركِ ... وبارك فى عمرك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

أشكرك على هذه الكلمات الرقيقة الجميله

بصراحه أسمحي لي بان أبدي أعجابي بك وبكلماتك الرائعه \ :neutral:

دام قلمك متميز

ودي لك غاليتي :wub:

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ،،

لي عودة للقراءة بتأمل :)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

 

"

لا مكان لي هنا ..

و لا مكان لي هناك ..

فمن أنا ؟

و أين وطني ؟ "

 

كم أتعاطف مع تلك الجمل ومع الشعر ككلّ

رائع ما خطه قلمك المبدع

أغلب الأوقات عند رجوعنا نرى الوجوه قد تغيرت ملامحها والأماكن قد تغير عنوانها

فما عادت تميزنا ونرى اننا غرباء في قعر دارنا وموطننا فنحن من هنا ولدنا هنا نتبع الى هنا

لكن ما إن نرحل ولو لثوان يهجرنا المكان او الأحبة أو القلب

اما المكان ففي القلب باقٍ ولو انه بقاءه يعصرنا ألما

هذه المشاعر تجتاحني منذ ...

وفقك الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

رائع ما خطه يمينك غاليتي همة فتاة

لا مكان لي هنا ..

و لا مكان لي هناك ..

فمن أنا ؟

و أين وطني ؟!

عجبتني جدا تلك العبارات وهي تلتقي مع مشاعري في شيء ما وربما عايشتها في أوقات كثيرة مع الفارق أن لي مكان ولكن أفتقد للغة حوار مشتركة مع هذا المكان تكاد تنتفي الاهتمامات والتفاهم ولكن أين وطني ؟؟؟ ربما مازلت أبحث عنه في صورة أرسمها لم تكتمل بعد ولعل بعد اكتمال الصورة أجد ذلك الوطن

 

موفقة يا غالية ، في أمان الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

 

رائع ما كتبتيه غاليتي همة فتاة

وقد لامس شيئًا ما داخلي ..

وحرك عبرات وأشجان كنت أستشعرها في وقت غير بعيد ..

 

بوركتِ وبورك قلمكِ .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بلا زاد

أسعدني كثيرًا بأن كلماتي قد وصلت إلى قلبكِ و شعرتِ بنبضها (:

جزاكِ الله خيرًا

 

شذى الليل

جزاك الله خيرًا ع المرور الطيب

دمتِ بخير

 

صمت

أنتظر عودتكِ المتأملة ^^

 

رماز

مروركِ مفعم بالمشاعر ذاتها التي تجتاحني

جزاكِ الله الجنة

أحبكِ في الله

 

النصر قادم

رائع مرورك كعادتك غاليتي

جزاكِ الله الجنة

 

أنين

مروركِ أسعدني كثيرًا

أبعد الله عنكِ العبرات و الأشجان

جزاكِ الله خيرًا

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

على قدر ماتكون الغربة صعبة ... الا أنها غربة وهذه شيمتها

ولكن حقا .. الغربة وسط من يفترض بهم أن يكونوا دواء الجروح ... فانها قاتلة

وأيضا .. قوالب الصلب فى أحضان من يفترض بهم أن يكونوا ردءا لنا ... حقا قاصمة

 

أسأل الله أن يحفظكِ حبيبتى ويزيدكِ بيانا وتعبيرا متمكنا فى سبيله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

همّة فتاةمَكثت هُنا طَويلاً

وطَابَ لي المُكوث

حُروفُ حاكَت جِراحنا و أمْعَنَت في وَصفِ أحوالِنا ،

حَتى لَنكادُ نَسمعُ أصداءَ أنفاسِنا فِي ضَجيجِ كَلماتِه !

 

كم تعجبني أناقة حبركِ

 

ومابَعدُ الخريفْ إلا ربيعٌ باسِم بَحري

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بســم الله الـرحمــن الرحيــم

 

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

 

رائع

 

ما شاء الله

 

بارك الله فيك وجزاك خيراً

 

تهاوى جسدي أرضًا ..

و انطلقت سهام مسمومة إلى صدري المحطم ..

فتقوقعت على نفسي بركن قذر نتن الرائحة ..

و لملمت رجلي بكلتا يداي في حسرة ..

لتتلقفني الرياح بنسماتها الباردة القارصة ..

في حين يكاد لساني ينطق : " أعيدوني إلى غربتي "

 

 

 

لا مكان لي هنا ..

و لا مكان لي هناك ..

فمن أنا ؟

و أين وطني ؟!

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

 

 

رائــع .. ما خطته يمينك يا حبيبة :)

كلمات تلامس شغاف القلوب وتهيج مشاعر النفس

 

×~

 

كُنتِ متميزهـ في طرحك ِ

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

على قدر ماتكون الغربة صعبة ... الا أنها غربة وهذه شيمتها

ولكن حقا .. الغربة وسط من يفترض بهم أن يكونوا دواء الجروح ... فانها قاتلة

وأيضا .. قوالب الصلب فى أحضان من يفترض بهم أن يكونوا ردءا لنا ... حقا قاصمة

 

أسأل الله أن يحفظكِ حبيبتى ويزيدكِ بيانا وتعبيرا متمكنا فى سبيله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

رآئع ماخطته يمنآك ياحبيبة

بوركتِ وبورك قلمك العطر

دمتي مبدعة ()

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×