اذهبي الى المحتوى
أمّ عبد الله

رسائل حبٍّ أنقذت زوجين !

المشاركات التي تم ترشيحها

رسائل حبٍّ أنقذت زوجين!

كتبته : رضا الجنيدي

 

منذ ما يُقارب الشهر أو أكثر حدَّثتْني عن رغبتِها في الانفصال عن زوجها.

 

 

لخَّصتْ أسباب رغبتها في الانفصال في أنها تموت كلَّ يوم وهي على قيد الحياة... ترتدي قناع الابتسامة وقلبها يملؤه الهمُّ، تُوهِم زوجَها بأنها سعيدةٌ معه، وهي في قِمَّة التعاسة والغم.

 

 

لا تجد منه حبًّا ولاحنانًا... لا تجد منه تفهُّمًا ولا احتواءً... لا تجد تقبُّلًا ولا ارتواءً.

 

هو يراها سبب تعاسته، وهي تراه سبب بُؤسها في الحياة.

 

العجيب أنها رغم كل ذلك تحبُّه وتعلم أنه يُحبُّها!

 

 

تمتزج داخلها الأحاسيس المتناقضة... تحبُّه وتكره صنيعَه معها... لا تستطيع البُعْد عنه؛ فلها معه الكثير من الذكريات السعيدة، وفي الوقت نفسه لم تعُد تحتمل الحياة معه؛ فلها معه الكثير من مشاعر الصدِّ والخذلان، والكثير من الأحداث التعيسة!

 

 

تودُّ لو تفارقه، ولكنها كلَّما تخيَّلت حاله بعد الفراق أشفقت عليه؛ فيلين قلبُها وتستكين ثورتُها، ثم سرعان ما تندم وتشعر أنها تُدمِّر نفسها بنفسها، فتُفكِّر في الانفصال مُجدَّدًا.

 

 

تحاورنا معًا...قلتُ لها: أليس من الحكمة أن نمنحَ أنفسنا فُرصةً جديدةً، ربما تُبعث الحياة في القلوب الذابلة ما دمتِ تُكنِّين له بعض الحب وما دام يُكِنُّ لكِ بعضَ الحبِّ؟

 

أليس من الحكمة أن تجلِسا معًا، وتتناقشا فيما يحتاجه كلٌّ منكما من الآخر؟!

 

قالتْ: كيف وهو لا يمنحني الفرصة للتفاهُم أو الحوار؟

 

 

التعبير عن رأيي ممنوع!

 

الحديث عن احتياجاتي غير مسموع!

 

بل الحديث عن حلِّ مشاكلنا غيرُ واردٍ على الإطلاق، فأنا وحدي سبب المشاكل في حياتنا، كما يُخبرني دومًا!

 

لقد صرتُ أشعر بحربٍ تشتعل داخل نفسي... حرب يزيد لهيبُها يومًا بعد يوم.

 

الكلُّ يراني سعيدةً ومبتسمةً ومرحةً، ولا يدرون أنني أموت ألفَ مرةٍ كلَّ يوم.

 

ضاعت السكينة من بيتنا... تصحَّرت المشاعر في قلوبنا... جفَّت أودية السكن والمودة والرحمة بيننا.

 

ضاعت كلُّ مقومات الحياة الزوجية، فكيف لي أن أتحمَّل العيش معه بعد الآن؟

 

قلتُ لها: وأين أنتِ من الدعاء؟!

 

 

أين أنتِ من الدعاء باسم الله السلام أن يرزقَكِ السلام النفسيَّ والهدوء والسَّكِينة، وأن يُذهِب غيظ قلبكِ، ويمحوَ نار صدركِ، ويجعلها برْدًا وسلامًا؟!

 

 

أين أنتِ من اسم الله الفتَّاح الذي تفتح الدعوةُ به القلوبَ المغلقة، وتُحل به المشاكل العصيَّة؟!

 

أين أنتِ من دعوة يونس عليه السلام التي أخرجتْه من بطن الحوت، فهل حُوتُ مشكلتِكِ الزوجية أشرَسُ من حوت يونس؟!

 

 

هل ظُلُمات مشكلتكِ أشدُّ وطأةً من ظُلُمات الليل، وظُلُمات البحر، وظُلُمات الحوت التي أحاطت بنبي الله يونس من كل اتجاه؟

 

قالتْ: لقد نال اليأسُ مني، وتمكَّن من كل خلايا نفسي!

 

 

قلتُ لها: لا تيئسي؛ فاليأسُ يا عزيزتي ليس له مكانٌ في حياتنا، اليأسُ بضاعة الكافرين، أمَّا نحن فبالإيمان نتسلَّح، وبحُسْن الظنِّ بالله نتدرَّع،" إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ " [يوسف: 87].

 

 

أكثري من الدعاء، ثم خُذي بالأسباب، حاولي أن تتعرفي على احتياجاته وتُحقِّقيها له... حدِّثيه برفق، وإيَّاك والنقد... غلِّفي كلماتِك بالمودَّة والتقدير...جرِّبي أن تُرسلي له رسائلَ حُبٍّ يومية.

 

 

أحضري دفترًا جميلًا، واكتبي له في كل يوم صفةً جميلةً تُحبِّينها فيه، وفي صفحة أخرى اكتبي له يوميًّا موقِفًا جميلًا تتذكَّرينه له، وموقِفًا جميلًا قُمتِ له به... اذكُريه له على سبيل الحُبِّ، لا على سبيل المنِّ، واحذري أن تُذكِّريه بمواقفه السلبية معك.

 

 

أحضري له دفترًا واطلبي منه بحُبٍّ وحنان أن يفعل معك نفس الشيء، ربما يرفض في البداية، أو يستهين بالفكرة، أو يسخر منها ويتَّهمكِ بالسذاجة والطفولية.

 

 

لا عليك... استمري أنتِ واكتبي له، ثم تدلَّلي عليه بلُطْف، وأخبريه أن هذه الرسائل ستمنحكِ المزيد من السعادة والدفء، وستوقظ مشاعر القلب.

 

 

استمري على الكتابة له لمدة شهر، وحاولي أن تجعليه يكتب لكِ في نفس الشهر، وستجدين كلَّ يوم مشاعركما قد بدأت في الاستيقاظ من جديد، ووقتها ستشفع ذكرياتكما الجميلة لك وله، وستكتشفين كم به من الخير، وستكتشفين أنه يرى فيكِ كل الخير.

 

 

قلتُ لها ذلك وقد فعَلَتْه، ثم أخبرتني بعد أسبوعين وهي سعيدة أنها دعت الله كثيرًا بأسمائه الحسنى، وأنَّ الله استجاب لها.

 

قالت لي: تخيَّلي ماذا كتب لي؟!

 

 

كتب لي أنني طيبة وحنون، وأحرص على زينتي في المنزل، وأهتمُّ بأطفالي، وأنني مُشجِّعة وداعمة له، وصابرة على منغصات الحياة، وأشجِّعه على صلة الرحم، ولقاء الأصدقاء، وممارسة الهوايات، ثم فتح قلبه للحديث معي عن احتياجاتي واحتياجاته!

 

 

قالت: لقد بكيت فرحًا حين قرأتُ ذلك... كنت أنتظر كلَّ يوم كلماته التي سيكتبُها لي... كانت كلماته مرآةً أرى فيها قيمتي لديه، لقد كان يُعبِّر بكلمة واحدة أو كلمتين في كل يوم، ولكنَّ ذلك كان كفيلًا بأن يروي ظمأ سنوات عجاف مرَّت على قلبي فأنهكته... كنتُ أقرأ كلماته فأشعر في كل مرة أنني أُولد من جديد، وأنني أعيش الحياة بشكل جديد.

 

 

سألتني مُتعجِّبةً: لِمَ لمْ يُخبرني بأي شيء من ذلك من قبل؟ لقد كنت أظنُّه يراني بلا قيمةٍ في حياته!

 

قلتُ لها: الرجال لا يُعبِّرون عادةً بالكلمات.

 

 

قالت: ولمَ كان ينتقد بالكلمات؟!

 

قلتُ: ربما ضغوط الحياة تمكَّنت منه، فكنتِ أنتِ مرمى سهامه، فاغفري له.

 

 

قالت: أتعرفين؟ لقد اكتشفتُ فيه أشياءَ جميلةً كانت قد توارت عني بالفعل، وأدركتُ أننا كنا ندفن زهور الحبِّ بين ركام المخلَّفات؛ بسبب سوء التعبير وسوء الفهم.

 

 

قالت بخوف: أتعتقدين أنَّ هذه السعادة ستدوم، وستعوِّض مرار العمر الماضي؟

 

أتعتقدين أنني لن أستيقظ ذات يوم من هذا الحلم الجميل على نكبة جديدة لقلبي؟!

 

 

قلتُ لها: أحسِني الظنَّ بالله، وخُذي بالأسباب، وأكثِري من هذا الدعاء: "اللهمَّ ألِّف بين قلوبنا، وأصلِحْ ذاتَ بَيْنِنا، واهدنا سُبُل السلام".

 

 

أَنهَينا حديثنا، وجلستُ مع نفسي أفكِّر: كيف وصل حال بيوتنا إلى مرحلة البراكين الخامدة التي على وشك الانفجار، والبراكين المنفجرة بالفعل، رغم كل ما في أصحابها من صفات طيبة؟!

 

 

كيف نُضيِّع سنوات العمر، ونحن غارقون في ظُلُمات الحزن والضياع، والتشتُّت النفسي، والطلاق الرُّوحي، في حين أنه كان يُمكننا أن نحياها في سعادة وحب؟!

 

كيف نُضيِّع مقومات الحياة الزوجية بسبب سوء التواصُل وسوء الفهم؟

 

 

دعوت لها، وقلت وأنا أحدِّث نفسي:

 

ليتهم يحتفظون بهذه الأوراق ولا يمزِّقونها عند أول خلاف كما مزَّقوا من قبل الكثير من الذكريات الطيبة.

 

ليتهم يحتفظون ببريق الحبِّ وبريق الذكريات من خلال هذه الرسائل الداعمة.

 

 

ليتهم يعلمون أنَّه لا جدوى من إهدار العمر في سفاسِف الأمور، وغيرهم يعانون من كل مقومات الشقاء، ومع ذلك يُجاهدون ويحتفظون ببريق الحب.

 

 

ليتهم يعلمون، وليتنا نعلم.

 

ليتهم يتعلَّمون، وليتنا نتعلَّم.

  • معجبة 3

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

اغلب الازواج يعانون من هذا المشكل ينظر كل طرف لأخطاء الطرف الآخرون و يعطها اكثر ما تستحق حتى تتضخم و تَخَلَّق مشاكل و خلافات اخرى يا ليت كل طرف يركز على محاسن الاخر ضعف ما يركز على مساوئه جزاك الله خيرا الموضوع جاء في موعده كان لديا مدة لم ادخل لهذا المنتدى الطيب المبارك لظروف و لما دخلت كان هذا هو اول موضوعاطلعت عليه و كم كنت بحاجة ماسة لهذه الإرشادات بارك الله فيك

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

اللهم اهدِ واسعد كل بيوت المسلمين

 

بارك الله فيكِ يا حبيبة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاكن الله خيرا على مروكن الطيب الذي عطر الصفحة

 

@ام عبد الودود السلفية

صدقت أختي الحبيبة

عودا حميدا وأسأل عزوجل أن ييسر لك جميع أمورك و يبعد جميع المشاكل عنك وعن جميع أخواتنا الحبيبات .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

موضوع جميييل جدا وقيم ()

جزاكِ الله خيرا يا غالية لا حرمكِ الله الأجر وصاحبة المقال.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×