اذهبي الى المحتوى
امانى يسرى محمد

وهم الحرية

المشاركات التي تم ترشيحها

 

شاع في الآونة الأخيرة الحديث عن الحرية وربما بشكل خاص بين فئات الشباب، يتردد على ألسنة الكثير من شبابنا اليوم: "أنا حرّ"، كلمة جميلة "أنا حرّ" ولكنه لا يقصد فيها بكلمة "أنا حرّ" بمعنى أني أنا حرّ أمتلك الحرية ولكن يقصد الكثيرون منهم بكلمة "أنا حرّ" يقصد أني متحرر من كل القيود، أني لا أتقيد بشيء، أني حرّ فيما أفعل كيفما أشاء أتصرف أخرج أعمل لا أريد أن أصلي بل البعض منهم أصبح مع الأسف الشديد يجاهر بذلك خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي ويرى في الدين ويري في الانقياد لشرع الله وفي الصلاة قيودًا وأغلالاً تكبل حريته المزعومة والموهومة.

 

فدعونا نحلّل هذا المعنى من الحرية، وهل الحرية تعني أن أعيش بلا رب أم أن مطلق الحرية الحقيقية وليست الحرية الظاهرية الموهومة أن أعيشر لرب أعبده؟! أيهما هو الحرية؟

وإن قلت بأني أنا حر ولا حاجة لي بالتقيد بأوامر رب ولا بالوقوف عند نواهيه فيا ترى هل أنا كذلك حر في الساعة والوقت الذي سيأتي فيه الأجل وتنتهي فيه حياتي؟

 

إن كنت أنا كإنسان فعلًا حرٌّ في كل شيء

لماذا هناك عشرات الأشياء في حياتي لا يمكن أن أكون فيها حرُّ التصرف كما أشاء؟

على سبيل المثال

-وهذا شيء متعارف عليه بين الناس - لا يحبون الموت لا يريدون الموت يريدون أن يعيشوا ما شاء الله لهم أن يعيشوا أو حتى لا يريدون أن يفكروا في شيء اسمه الموت

(قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (168) آل عمران)

إذا كان هناك حرية في التصرف إذن كيف لا أدفع عن نفسي المرض والضرر والأشياء التي لا أحبها في حياتي، كيف لا؟ أم أن تلك الحرية التي أتوهمها هي حرية مجزأة هي حرية تقتصر فقط على الأفعال والتصرفات والسلوك؟ وإذا صح هذا الكلام بالفعل وكانت الحرية التي أستطيع أن أتحكم في تصرفاتي وأفعالي فكيف لي أن أبرر لنفسي تلك الحرية الموهومة؟!.

 

القرآن بالمفهوم الأساس الذي تدور حوله كل آيات الكتاب العظيم يقدم لنا معنى بسيطًا ولكنه عظيم للحرية: القرآن لا يفصل بين الحرية وبين العبادة والتوحيد لله، القرآن يجعل الحرية والعبودية صنوان لشيء واحد، القرآن يجعل الحرية والعبودية وجهان لعملة واحدة، كيف؟

إذا أردت أن ازداد حرية عليّ أن أزداد عبودية لله سبحانه وتعالى فكلما ازددت عبودية له وخضوعاً له تحررت من سائر الموهومات والأشياء التي يمكن أن تسيطر على نفسي وحياتي، تحررت من الخوف من الناس، تحررت من الخوف من أشياء أنا اخترعت الخوف منها في حياتي، تحررت من الخضوع لأهوائي وشهواتي التي قد تسيطر عليها في معظم الأحيان نزوات وغرائز غير متعقّلة أما الجانب العقلي فيّ كإنسان لا يمكن أن يسيطر عليّ بعيدًا عن التعبد والخضوع لأمر الله سبحانه وتعالى.

 

الحرية التي عرفها المسلمون الأوائل، جيل التنزيل تلك الحرية التي حررتهم من الخضوع للأصنام ولقيود المجتمع وللخوف من التقاليد وللخوف من الأعراف الجائرة المناهضة لحقوق العدالة والحرية، حررتهم من القيود، حررتهم من الخوف من أشياء اصطنعوها لأنفسهم، حررتهم من الخوف من الجنّ، حررتهم من الخوف من الشعوذة، حررتهم من الخوف من السحر، عشرات الأشياء التي تمتلئ بالأمس واليوم وغدًا عقول البشر بها من المخاوف الموهومة!.

 

الحرية التي يصنعها القرآن ويصنعها التوحيد هي الحرية الوحيدة الكفيلة بتحرير الإنسان من كل ذلك، بجعل الإنسان فعلًا يستنشق هواء الحرية، يستنشق هواء الحرية حين يقوم مؤذنًا ومؤكدًا أنه عبد لله الواحد الأحد لا عبد لأحد سواه! يستنشق نسمات الحرية وهو يقف يصلي بين يدي مولاه في الفجر في الصباح الباكر حيث الكثير من البشر ما استطاعوا أن يتحرروا من سلطان النوم وإذا بذلك المؤمن يتحرر من كل العادات المرغوب فيها لأجل غاية أمسمى، لأجل شيء أعظم، لأجل قيمة أحلى لأجل قيمة ترتقي بإنسانينه وتجعله بالفعل إنسانًا حرًّا عبدًا لله سبحانه وتعالى. والتناسب بين الحرية والعبودية لله واضح في كل شيء.

 

فالله حرّم على سبيل المثال الخمر هذا التحريم ليس بقيد، هذا التحريم ليس بتكبيل لحرية، بالعكس هذا التحريم والمنع هو تحرير للإنسان من وقوعه تحت سلطان شيء يتصور أنه يجلب عليه الراحة أو المتعة أو الأنس يضيّع به عقله! فإذا بالمؤمن يتحرر من ذلك لأجل أن يصبح حرًا مكتمل العقل والنضج والإدراك.

فأيّ حرية تلك التي يتحدث عنها الناس حين يتحدثون عن شرع الله وأوامره وكأنها قيود؟!.

هذه الأوامر وتلك النواهي جاءت لأجل الحرية، لأجل إعلاء قيمة الحرية. انظر على سبيل المثال على الظلم وكيف حرّمه القرآن وكيف جعل الظلم ظلمات يوم القيامة، كيف حرّم الله الظلم فقال: "يا عبادي إني حرّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرّمًا فلا تظالموا" الظلم الذي حرّم، الظلم الذي منع إنما هو مطلق صيانة الحرية لبني البشر حتى لا يتظالموا فيما بينهم.

 

القرآن لم يحفل فقط بالحرية ولم يقدّمها والملفت للنظر أنك لا تجد في القرآن كله كلمة "حرية" ولا كذلك في حديث النبي صلى الله عليه وسلم ولكن تجد قيم الحرية، معاني الحرية، صيانة الحرية، كل ما يتعلق بمنظومة الحرية واضح في كتاب الله وحياة النبي صلى الله عليه وسلم وهو صلى الله عليه وسلم ما شيّد مصباحًا للحرية ولا رفع شعلة لها ولا نصب لها تمثالًا ولكنه نصبها في قلب كل مؤمن بالله ورسالته صلى الله عليه وسلم، ليس بكلمات ولا بخطب رنانة ولكن بسلوك وأفعال حين أكّد ما أكّده كل الأنبياء:

أن اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا

 

 

رقية العلوانى

 

موقع اسلاميات

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيرا على النقل القيم يا حبيبة

ينقل للساحة المناسبة ()

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

والملفت للنظر أنك لا تجد في القرآن كله كلمة "حرية" ولا كذلك في حديث النبي صلى الله عليه وسلم ولكن تجد قيم الحرية، معاني الحرية، صيانة الحرية، كل ما يتعلق بمنظومة الحرية واضح في كتاب الله وحياة النبي صلى الله عليه وسلم

 

 

جميل جدا

 

نحن أصحاب الحرية المنضبطة بقواعد الشرع

 

بارك الله فيكِ يا حبيبة

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبراكاته،

موضوع جميل ومهم،جزاك الله خيرا اختي،

فكلمة الحرية لا وجود لها أصلا، لانه لا يوجد إنسان حرا أبدا ، كل ان إنسان تحكمه قوانين وأعراف . فالانسان المسلم عبد لله عز وجل لانه خالقه وهو الأعلم عز وجل بخلقه فوضع له قوانين وحدود تحفظه وترفع شأنه. اما غير المسلم الذي ينادي بالحرية فهو عبد لكل شي عبد لهواه ، ولشهواته ،فتجده لا يستطيع الإقلاع عن الشرب مثلا ، فيصبح عبدا للخمر وما الى ذالك من شهوات النفس.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×