اذهبي الى المحتوى
امانى يسرى محمد

كيف تروض نفسك؟

المشاركات التي تم ترشيحها

14962620_1162394857170569_3362517348942994037_n.jpg?oh=3dcaf09535e59ffdd490d37b6b4a1390&oe=58D3295F&__gda__=1490359694_8da02ea068b59d8fd686e1b6d71624c9

 

 

 

كيف تروض نفسك؟

للشيخ محمد صالح المنجد

اسلام ويب

 

 

نفوسنا ملك لله تعالى خلقها وسواها (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) [الشمس:7-10] نفسك التي بين جنبيك خلقها الله عز وجل، وهداها ودلها، وأرشدها إلى الخير والشر وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ [البلد:10] هذه النفس إذا زكيتها بطاعة الله أفلحت ونجحت، وإذا دسيتها بمعصية الله خابت وخسرت.

 

هذه النفس يمكن أن تكون أعدى الأعداء (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ) [يوسف:53] ويمكن أن تكون نفساً عزيزة كريمة مطمئنة (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي) [الفجر:27-30].

 

وإذا كانت تلومك على ما فعلت من الشر فهي نفس طيبة لوامة أقسم الله بها (وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) [القيامة:2] هذه النفس تحتاج إلى ترويض لكي تزكو فتفلح أنت يا صاحبها وتنجح.

 

قال ابن الجوزي : " والنفس كالمرأة العاصية في المداراة والسياسة، فهي تدارى عند نشوزها بالوعظ، فإذا لم تصلح فبالهجر، فإن لم تصلح فبالضرب، وليس في سياط التأديب أنفع من العزم والمجاهدة والمنع ".

 

 

 

الوسائل التي تروض النفس فت

جعلها من الناجين المفلحين كالآتي:

 

1-الوعظ

فالوعظ أول هذه الوسائل، أن نعظ أنفسنا ونذكرها بالله عز وجل، فنحن محتاجون إلى الوعظ جداً، فنحن نحتاج إلى كتب وعظ نقرأها لنعظ أنفسنا، وأن نذهب إلى من نسمع منه كلاماً يرقق قلوبنا، والموعظة الطيبة قصيرة خفيفة مؤثرة بعيدة عن التعقيب، والواعظ إذا فرغ يقوم، كما أن موسى نبي الله ذكر الناس يوماً حتى إذا رقت القلوب، وفاضت العيون ولى؛ حتى تبقى الموعظة في النفوس.

 

هنا مسألة: لماذا إذا سمعنا الموعظة تأثرنا، فإذا غاب الواعظ وانقطعت الموعظة، أو خرجنا من خطبة الجمعة زال التأثر؟

أكثر العامة إذا وعظوا تأثروا وتراهم يبكون في رمضان في دعاء القنوت إذا كان مؤثراً، فالمواعظ عندهم كالسياط، والسياط لا تؤلم بعد انقضائها كما تؤلم وقت وقوعها، والموعوظ لا يحضر مجلس الوعظ في الغالب وهو جائع أو به حاجة، ولذلك يكون مقبلاً مستجمعاً نفسه، وإذا أتى المسجد يكون قد تخلى بجسمه وفكره عن أسباب الدنيا، فإذا غادر وعاد إلى الشواغل عادت إليه الغفلة، فكيف يبقى على ما يكون؟

فإذا استمعنا الموعظة ينبغي أن يكون عندنا عزم بلا تردد ولا التفات، ولو أحسسنا نقصاً عادياً فلسنا بملومين، لكن أن نغادر فنعصي أو نترك الواجبات هذه هي المصيبة.

 

وبعض الناس لا يتأثرون مطلقاً لا في حال الموعظة ولا بعدها، وبعضهم يتأثرون وقت الموعظة وينسى بعدها، وبعض الناس يريد الله بهم خيراً فيتأثرون وقت الموعظة ويستمر هذا التأثر بعد الموعظة.

 

كيف تعظ نفسك؟

 

إذا أرادت نفسك أن تنشغل بالدنيا ذكرها بقول الله: إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً [آل عمران:178].

 

إذا هوت نفسك متاعاً زائلاً عظها بقول الله تعالى: وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ * وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ * وَزُخْرُفاً وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ [الزخرف:33-35].

 

وقل لها: ألم يدخل عمر رضي الله عنه إلى رسول الله وهو يتقلب على رمال الحصير قد أثر في جنبه، وبكى عمر وقال: (كسرى وقيصر في الديباج والحرير وأنت يا رسول الله في هذا ! فقال: ألا ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا).

 

وذكرها بقول الله، وعظها بسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

لو انشغلت نفسك في الدنيا فقل لها: ألم يقل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لو أن الدنيا تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء).

 

 

فإذا رأيت نفسك تتكبر فروضها بموعظتها وبتذكيرها وبحقارة أصلها، وأنها خلقت من ماء مهين، وتقول لها: هل أنت إلا قطرة من ماء مهين تقتلك شرقة، وتؤلمك بقة (بعوضة) وإذا رأيت تقصيراً من نفسك فعرفها بحق سيدها ومولاها وربها سبحانه وتعالى.

 

وإن توانت عن العمل في الصلاة وفي غيرها فذكرها بحق سيدها وبقصر الأجل، وجزالة الثواب.

 

وإن مالت إلى الهوى فخوفها الإثم وعاجل العقوبة كقول الله تعالى: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ [الأنعام:46] هذه العقوبات المعنوية، والعقوبات الحسية: سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ [الأعراف:146] هذه العقوبة أن الله لا يمكن بعض الناس من أن يتدبروا في آياته: سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ [الأعراف:146].

 

ولو أن نفسك تاقت لما عليه بعض أهل الدنيا والمعصية من الزخارف والبهجة والنعيم فذكرها بأنه يزول قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ [القصص:79] ماذا قال الذين أوتوا العلم؟ انظروا -أيها الإخوة- ماذا يفعل العلم: وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً [القصص:80] ولكن لا يلقاها إلا الصابرون.

 

ذكرها أن بسط يد العاصي هو قبض في الحقيقة؛ لأن هذا البسط يوجب له عقاباً، وذكرها أن قبض يد الطائع -لو رأيت مسكيناً عابداً زاهداً متمسكاً بدينه لكنه ضعيف مستضعف مسكين- فذكرها أن قبض يد الطائع يوجب بسطاً في الحقيقة؛ لأن هذا القبض يوجب أجراً جزيلاً.

 

 

يتبع

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إن الله عز وجل يبتلي الناس بالممنوعات وبالمحرمات لينظر كيف تعملون؟ هل تمتنعون أو ترتكبون؟ هل ستتركون وتجتنبون أم ستلجون وترتكسون في أوحال هذه المعاصي؟

 

فماذا قال الشيطان لهما؟ (وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ) [الأعراف:20] مؤكد أن فيها سراً، الشجرة فيها سر. (مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ) [الأعراف:20].

ذكر نفسك أن الجنة حفت بالمكاره وأن النار حفت بالشهوات.

 

فالنفس تشتهي ما يؤدي إلى النار، وتكره القيود والتكاليف، ولكن من لاح له فجر الأجر هانت عليه مشقة التكليف، وهان عليه الليل؛ لأن الفجر قريب، فذكر نفسك بذلك يا عبد الله إذا دعتك إلى فعل ممنوع .

 

 

2-: تسلية النفس بآيات الوعد

(حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح).

 

يقول ابن الجوزي رحمه الله: مر بي حمالان تحت جذع ثقيل وهما يتجاذبان بإنشاد الشعر، فأحدهما يصغي إلى ما يقوله الآخر ثم يعيده أو يجيبه بمثله والآخر مثل ذلك، فرأيت أنهما لو لم يفعلا هذا زادت مشقة الطريق وثقل الأمر، وكلما فعلا هذا هان الأمر، فتأملت السبب في ذلك فإذا به تعليق فكر كل واحد منهما بما يقوله الآخر، وانشغال فكره في الجواب على صاحبه فينقطع الطريق وينسى ثقل المحمول

 

نحن كلفنا بأمور صعبة فيها مشقة مثل صلاة الفجر وإسباغ الوضوء، وإخراج المال -الزكاة والصدقة- والصيام فيه مشقة، وكذلك الحج، والصدق، والتعفف عن الحرام، وغض البصر، وعدم سماع الغناء؛ فالنفس تحب الألحان والطرب، ولتقطع الحياة -وهي الزمن والوقت- بتحمل المشاق لا بد أن يكون لك حادٍ، فإن الإبل في طريق السفر إذا كلت وملت ماذا يفعل سائق البعير -الراحلة-؟

 

ينشد لها، والعرب تسمي هذا النشيد حُداءً، والحادي يحدو بالإبل، فإذا حدا بها نشطت وأسرعت وذهب عنها الكلل والملل، نحن الآن نسير إلى الله، والعمر يمضي وفيه مشاق وتكاليف، وفيه صعوبات، وخاصة في هذا الزمان زمان الفتن، فتن الصور والمجلات وفتن التلفزيون، وفتن الملابس وفتن السوق وغيرها من الفتن الكثيرة.

 

وأنت تمشي في هذا الطريق عليك صلوات، وعليك صيام، وعليك التزام بالأخلاق الإسلامية والصدق والأمانة .. إلى آخره، والنفس تدعو إلى الروغان والمحرمات والوقوع في الممنوعات والكذب والخيانة، وأخذ المال من أي طريق، وإطلاق البصر، وإطلاق العنان للأذن تسمع ما تشاء.

 

لكي يمضي العمر وأنت تتحمل مشاق التكليف ماذا ينبغي عليك أن تفعل لتسوس نفسك وتروضها على قطع الطريق؟

 

تحدو بنفسك في مسيرها بآيات الله وذكره، وأحاديث رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ليست مثل ألحان الإبل، فالإبل لا تعقل ولا تفهم الكلام لكن تأنس بالصوت وتسرع لأجل الصوت، رغم أنها لا تفقه الكلمات.

 

الله ضرب مثلاً للذين يسمعون ولا يفهمون: (كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً) [البقرة:171] لا يفهم الكلام، لكنه يسمع صوتاً بدون فهم كلام، مثل الدابة ومثل الشاة عندما يدعوها الراعي تستجيب لكن بدون فهم للكلام، فنحن نحدو بأنفسنا في سيرها إلى الله بآيات وأحاديث ترفع الهمة وتنشط العزيمة، وتكبت الحرام، وتثبط الرغبة إليه، وهكذا نندفع في الطاعات ونحجم عن المعاصي، ونحن نسير إلى الله تعالى.

 

فتسلية النفس بآيات الوعد لتكون هذه الآيات والأحاديث في بيان الأجر والثواب

 

 

3-فطم النفس عن المألوفات

 

والنفس كالطفل إن تهمله شب علـى حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم

ومن وسائل ترويض النفس فطمها عن المألوفات، مهم أن يكون لدينا انقطاع عن المألوفات أحياناً، ونحن لا نحتاج أن نتكلف ذلك؛ لأن عندنا من العبادات ما يفطم نفوسنا عن مألوفاتها.

 

من أمثلتها:

 

عبادة تعود النفس على ترك المألوفات: الصيام، وقيام الليل، والحج، إذاً: عندنا في الدين عبادات تساعد النفس على ترك المألوفات فتنفطم النفس وتتقي، وهذا يساعد على ترك الحرام؛ لأنك إذا تركت الحلال المتعود عليه كالنوم والطعام لله وهو حلال، فأحرى أن تترك الحرام.

 

 

يتبع

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

4- إدراك إقبال النفس وإدبارها

كذلك من وسائل ترويض النفس العظيمة إدراك إقبالها وإدبارها فتلتمس إقبالها للزيادة من الطاعات، وإدبارها لإلزامها بالواجبات والامتناع عن المحرمات.

 

قال عمر رضي الله عنه: [إن لهذه القلوب إقبالاً وإدباراً، فإذا أقبلت فخذوها بالنوافل، وإذا أدبرت فألزموها بالفرائض] أقل شيء إذا انحدرت وانحدرت ألا تصل إلى مستوى تترك فيه واجباً أو تفعل فيه محرماً.

 

جاء في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيره من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلغه أن عبد الله بن عمرو بن العاص يقوم الليل ويصوم النهار، فأراد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يبين له اتباع السنة، والتوسط في الأمور، فقال له: (ألم أخبر أنك تقوم الليل وتصوم النهار؟ قلت: إني أفعل ذلك، قال: فإنك إذا فعلت ذلك هجمت عينك، ونفهت نفسك، وإن لنفسك عليك حقاً، ولأهلك حقاً، فصم وأفطر، وقم ونم) رواه البخاري.

 

معنى هجمت عينك أي: غارت وضعفت لكثرة السهر.

 

ونفهت نفسك: كلَّت، وملَّت، وتعبت.

 

إن لنفسك عليك حقاً: تعطيها ما تحتاج إليه ضرورة البشرية مما أباح الله من الأكل والشراب والراحة، الذي يقوم به بدنه ليكون أعون على عبادة ربه - هذا كلام الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرح هذا الحديث.

 

5- منع النفس عن الصغائر

وكذلك فإن من سياسة النفس لجمها عن الذنوب الصغيرة واحتقار الذنوب، إياكم ومحقرات الذنوب، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن وادٍ، فجاء ذا بعود وجاء ذا بعود حتى حملوا ما أنضجوا به خبزهم، وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه) حديث صحيح.

 

بعض الناس يتساهلون بنظرة محرمة، وكلمة غيبة في عرض مسلم، ودرهم من شبهة أو حرام، يذهب إلى وليمة لم يدع إليها، لا يرد كتاباً استعاره يقول: هذه أشياء بسيطة.

 

فقد ضرب لنا مثلاً بالأعواد التي تجمع فتحرق.

 

وهكذا الذنوب الصغيرة تجتمع فتحرق صاحبها، وقد تحرق الشرارة بلداً.

 

ومعظم النار من مستصغر الشرر

ويتبع هذا في وسائل ترويض النفس لجمها عن التساهل وعدم التحرج من المعاصي، مثلما يفعل بعض الناس الآن من التوسع في قضية الضرورة، فيجعلون أموالهم في بنوك ربا وهم يقدرون على استعمالها بغير ذلك.

 

المرأة تتوسع في الكشف عند الطبيب، والطبيب يتوسع في الكشف على المريضة، والناس يتوسعون في التصوير، كذلك ما يحدث من التوسع في الخادمات، وليست متحجبة كما ينبغي، والسائقين، والتساهل في لباس البنات الصغيرات.

 

والتساهل له صور كثيرة ولذلك سنخصه إن شاء الله بمحاضرة.

 

لكن من وسائل ترويض النفس لجمها عن التساهل؛ لأن هذا انزلاق وتحته واد سحيق، وإذا انزلق في البداية فالجاذبية لن تساعده على التوقف، وإنما ستجذبه إلى الهاوية ولا شك.

 

يتبع

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

يارب سلمنا من كبير وصغير المعاصى

 

وباعد بيننا وبينها

 

ولا تأخذنا ياربنا بما سهونا وتوفنا وأنت راضٍ عنا

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

6-إصلاح الخواطر

 

أيها الإخوة! إن من الوسائل العظيمة في ترويض النفس وجعلت هذا الجزء الأخير من الكلام وخصصته بتركيز معين، لأهميته وهو إصلاح الخواطر.

 

فإن هذا الكلام فيه شيء من العمق يحتاج إلى تأمل خطورة الخواطر.

 

أولاً: الله تعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، يعلم السر وأخفى، يعلم الكلام الجهري والكلام السري، والكلام الذي في نفسك، والخواطر التي في عقلك وذهنك وقلبك، والشيء الذي لم يخطر بعد أو أنه سيخطر.

 

أورد هذا الكلام ابن القيم في كتابه طريق الهجرتين .

وهو الرقيب على الخواطر واللواحظ كيف بالأفعال بالأركان

وهو الحفيظ عليهـم وهو الكفيل بحفظهم من كل أمر عاني

 

فالقلب لوح فارغ، والخواطر نقوش تنقش فيه، ولا بد من الخواطر، أي: هل تستطيع أن تمنع نفسك من الخواطر؟ هل تستطيع أن تغلق ذهنك وتبقى بدون خواطر؟ لا يمكن.

 

معلوم أنه لم يعط الإنسان إماتة الخواطر ولا القوة على قطعها، فإنها تهجم عليه هجوم النفس، إلا أن قوة الإيمان والعقل تعينه على قبول أحسنها ورضاه به ومساكنته له، وعلى دفع أقبحها وكراهته له ونفرته منه، كما قال الصحابة: (يا رسول الله ! إن أحدنا يجد في نفسه ما أن يحترق حتى يصير حممة أحب إليه من أن يتكلم به، فقال: أو قد وجدتموه؟ قالوا: نعم. قال: ذاك صريح الإيمان) وفي لفظ: (الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة). أورده ابن القيم رحمه الله.

 

ولذلك من رحمته تعالى -لما كانت الخواطر لا بد منها- أنه لا يؤاخذنا على ما حدثتنا به نفوسنا ما لم نتكلم أو نعمل، وما حدثنا به أنفسنا، وما كان من الخواطر والأفكار لا نؤاخذ عليه ولكن لو لم نصلح الأمر من بدايته فإن الخراب هو المصير.

 

فمبدأ كل علم نظري وعمل اختياري هو الخواطر والأفكار، فالخاطرة: تتحول إلى فكرة، والفكرة إلى تصور، والتصور إلى إرادة، والإرادة إلى فعل، وكثرة الفعل يصير عادة.

 

قال رحمه الله: واعلم أن الخاطرات والوساوس تؤدي متعلقاتها إلى الفكر، فيأخذها الفكر فيؤديها إلى التذكر، فيأخذه الذكر فيؤديها إلى الإرادة، فتأخذه الإرادة فتؤديها إلى الجوارح والعمل، فتستحكم فتصير عادة، وهذه الخطورة الكبرى أن يصبح الشر عادة.

 

وكلام ابن القيم في الخواطر لا يكاد يوجد له مثيل في كلام العلماء، فقد أبدع في كتبه في ذكرها.

 

قال رحمه الله: الخواطر والهواجس ثلاثة أنواع: رحمانية، وشيطانية، ونفسانية.

 

الخواطر الرحمانية: في فعل الخير كأن تريد أن تذهب عمرة أو تتصدق أو تذهب إلى الجهاد.

 

الخاطرة الشيطانية: أن تمشي إلى حرام وتفعل الحرام، وكأن تكون جالساً في غرفتك لوحدك ليس معك أحد فتأتيك خاطرة شيطانية فتقوم وتعمل عملاً محرماً.

 

الخواطر النفسانية: مثل الرؤيا، والإنسان معه شيطانه ونفسه لا يفارقانه إلى الموت: (والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم).

 

والخواطر الباطلة: النوع الأول: منها في الحرام والفواحش، كم من الشباب لو قدر لنا أن نرى ما في أذهانهم وهم في حال الوحدة، شخص وحيد فماذا يدور في باله الآن؟

 

لربما ترى أكثرهم تدور في أذهانهم خواطر الفاحشة والحرام من كثرة الصور، ومن كثرة ما يرون وما يسمعون يخطر في بالهم الحرام والفواحش.

 

النوع الثاني من الخواطر الباطلة: خيالات وهمية لا حقيقة لها، أو أشياء باطلة أو فيما لا سبيل في إدراكه من أنواع ما طوي عنا علمه، فإذا كان هذا مجال التفكير ومسرح الخواطر فالعاقبة وخيمة، ولذلك فإن التمني واحد قال: رأى أحدهم رجلاً عنده مال يذهب به إلى الحرام ويسافر في الحرام، فقال: لو أن لي مال فلان لعملت بعمله فهما في الإثم سواء كما في الحديث، ولذلك فإن تمني الخيانة وإشغال الفكر والقلب بها ربما يكون أضر على القلب من الخيانة نفسها، فإذا جعل الإنسان الخيانة هي تفكيره وهمه، وانشغل تفكيره بالخيانة، وكيف يستدرج امرأة أو يخرج إلى سوق أو مكان فيظفر بفريسة، وكيف يخون الأمانة ويعتدي على ما استؤمن عليه، فإن هذا عاقبته وخيمة فإذا علمت هذا -يا عبد الله!

- فماذا ينبغي أن تفعل من أجل إصلاح الخواطر؟

إذا علمت الآن أن المشكلة تبدأ من الخواطر فكيف تعالج مسألة الخواطر؟

أن تشغل هذا البال بطاعة الله، وأن تفرغ قلبك لله بكليته، وتقيمه بين يدي ربه مقبلاً بكليته عليه، يصلي لله تعالى كأنه يراه، قد اجتمع همه كله على الله، وصار ذكره ومحبته والأنس به في محل الخواطر والوساوس.

وهذا الكلام الذي قاله ابن القيم نفيس جداً جداً، إذا تأملته وطبقته سنجد عواقب حميدة وأنواراً وأبواباً من الخير تنفتح عليك؛ أن تجعل عقلك وذهنك وقلبك منشغلاً بالله وذكره، والتفكير في جنته وناره، وعذابه ونعيمه، وعقابه وحسابه، والموت وما بعده.

 

أشغل نفسك بالله، إذا أشغلت فكرك بالله فإنك ستكون بمنأى عن هذه الترهات والمحرمات، وتستريح نفسياً وقلبياً وذهنياً وجسمياً.

 

يتبع

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

دفع الخاطر من أوله

ولا ريب أن دفع مبادئ هذا الداء من أوله أيسر وأهون من استفراغه بعد حصوله إن ساعد القدر وأعان التوفيق،

والدفع أولى وإن آلم النفس مفارقة المحبوب.

إذاً: لماذا ننتظر حتى نوشك أن نقع في الحرام؟ لماذا لا نستدرك القضية ونصلح من البداية، إن مسايسة النفس وترويضها يقتضي أن تتدارك المسألة من أولها، وأول المسألة الخواطر، فاطرد الخواطر السيئة ولا تسمح لها بالاستقرار، واجعل مكانها خواطر طيبة.

 

الشخص لا يترك محبوباً إلا لمحبوب أعلى منه وأقوى، ولذلك إذا كانت محبة الله فوق كل شيء هانت كل المحبوبات الأخرى، إذا كانت محبة الله أعلى من كل شيء ذهبت محبة الزنا والخمر والشهوات المحرمة، ومحبة صور النساء والمردان؛ لأن محبة الله أصبحت فوق كل هذه وهذا الكلام لأصحاب العقول -العناصر المفكرة العاقلة- فالعقل يمنع ويعقل ويحجز عن كل شيء ضار،. فهناك موازنات، فإذا وازنت اقتنعت، وإذا اقتنعت تركت، فخذ هذه الموازنة ووازن بين فوات المحبوب الأخس المنقطع النكد المشوب بالآلام والهموم، وبين فوات المحبوب الأعظم الدائم الذي لا نسبة لهذا المحبوب الخسيس إليه البتة؛ لا في قدره ولا في بقائه.

فمحبوب المعصية إذا قارنتها بما سيفوتك، مثلاً: قارن الزنا بما يفوتك من الحور العين، وقارن شرب الخمر في الدنيا إذا فعلته بما سيفوتك من خمر لذة للشاربين، لا فيها غول (لا يذهب عقلك، ولا يصاب رأسك بالصداع، ولا بطنك بالمغص) ولا هم عنها ينزفون.

قارن إذا شربت الخمر بين هذه الخمر الخسيسة النجسة التي يعقبها زوال العقل، والتي تسبب في النهاية النكد، وربما طلاق الزوجة واحتقار الناس، والسكران حتى عند الكفار يعتبر صورة مزرية، وحادث السيارة وما ترتب على السكر والمخدرات من الأشياء، وممكن أن يكون في أوله لذة ولكن في آخره حسرة وألم.

إذا استعملته قارن بينه وبين ما سيفوتك في الآخرة؛ قارن ووازن واخرج بنتيجة.

 

ثم قارن بين ألم فوت هذا المحبوب وبين ألم فوت المحبوب الأعظم والأكبر، فأنت تفوت محبوباً عظيماً من أجل محبوب خسيس، وليوازن بين لذة الإنابة والإقبال على الله تعالى، والتنعم بحبه وذكره وطاعته، ويقارن بين هذا ولذة الإقبال على الرذائل والإتيان بالقبائح، وليوازن لو انتصرت على نفسك والانتصار على الشيطان -الانتصار على الشيطان فيه لذة- وليوازن بين لذة الظفر بالذنب ولذة الظفر بالعدو، وبين لذة الذنب ولذة العفة، المشكلة الآن أن العفة والصدق والأمانة فيها لذات، وليست اللذة فقط في الكذب والخيانة والزنا، لا. هناك لذة في المقابل، لكن المشكلة أن الناس لا يعيشون لذة الطهارة، والأمانة، والصدق، ويعيشون لذة الكذب ولذة الخيانة، كثيرٌ منهم هذا حالهم، قارن بين لذة الطاعة ولذة المعصية، قارن بين ما سيفوتك من ثناء الله وملائكته وبين لذة هذه المعصية، قال ذلك الكلام النفيس وهذا معناه واختصار له، قاله: ابن القيم فيالتبيان في أقسام القرآن.

 

 

يتبع

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الجمع بين خواطر الخير وخواطر الشر

 

كيف ترضى أن تجمع في عقلك بين معاني (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)

 

وبين خواطر سيئة وخسيسة ودنيئة؟

كيف تجمع بين تدبر خواطر الخير وبين خواطر الشر؟

 

قال: فالقلب لوح فارغ، والخواطر نقوش تنقش فيه، فكيف يليق بالعاقل أن تكون نقوش لوحه ما بين كذب وغرور وخداع وأماني باطلة، وسراب لا حقيقة له، فأي حكم وعلم وهدى ينتقش مع هذه النقوش؟ وإذا أراد أن ينتقش ذلك في لوح قلبه كان في منزلة كتابة العلم النافع في محل مشغول بكتابة ما لا منفعة فيه

 

هذه قضية -يا إخوان- مهمة جداً أن يكون هناك تفريغ للقلب من الخواطر السيئة، نعم. لا يمكن أن نمنعها من الورود لكن إذا وردت لا نجعلها تعشعش، ولا نترك لها مجالاً للاستقرار في القلب، والإنسان إذا كان قريباً من الله أصبحت الخواطر التي ترد عليه خواطر رحمانية، كما قال ابن القيم رحمه الله: الخواطر التي مبعثها الملك -أي: أيُّ خاطر طيب فإن مبعثه الملك- إذا أصبحت الخواطر الطيبة تأتي إلى ذهنك باستمرار وتتزاحم حتى في العبادات، وهذا ما حصل لـعمر بن الخطاب رضي الله عنه حين تزاحمت عليه الخواطر في مرضاة الرب فربما استعملها في صلاته، فتزاحم عنده تجهيز الجيش في سبيل الله مع قراءة القرآن أو الذكر في الصلاة، انظر إلى أي درجة وصل الفاروق ، أصبحت تتدافع خواطر في الآيات وخواطر في الجهاد، وهو المسئول الأول في المسلمين والخليفة، وهو المنشغل جداً، فهو أول واحد يهمه الموضوع.

 

كيفية إصلاح الخواطر

 

لو أنك فكرت بحرام أو فاحشة هل تستحي أن أباك يطلع عليها؟ أو يطلع عليها أستاذك أو إمام المسجد؟

فكيف والله مطلع على خواطرك، فما كنت مستحياً من مخلوق أن يطلع عليه فاطرده من ذلك؛ لأنك تعلم أن الله مطلع عليك، فالفكر فيما لا يعنيك باب كله شر، ومن فكر فيما لا يعنيه فاته ما يعنيه، واشتغل عن أنفع الأشياء له بما لا منفعة

فإن قلت: وبماذا أشغل عقلي؟ اشغله في باب العلوم في معرفة ما يلزمك من التوحيد وحقوق الله تعالى، وفي الموت وما بعده إلى دخول الجنة والنار، وفي آفات الأعمال والتحرز منها، وكيف تنفذ العبادات على الوجه المطلوب، وفكر في مصالح دنياك كيف تتزوج وما هي الطريقة للزواج؟ في معاشك وكسب مالك، فكر في هذا ولا بأس به على الإطلاق، إذا كان الذي يشغلك الله عز وجل والعلم به والشريعة، ومسائل العلم المفيد والتفكير فيما يعنيك وترك ما لا يعنيك، والتفكير في عيوب نفسك وكيف تتخلص منها، والتفكير بهموم المسلمين وما يصلح حالهم، والتفكير في معاشك وفيما يصلحك في الدنيا؛ إذا صار فكرك في هذا فإنك على حال طيب.

 

وتصبح في حصن حصين وفي بيت السلطان عليك الحراس قال إبليس: (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) [ص:82-83] وقال تعالى له: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ) [الحجر:42] وقال: (نَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) [النحل:99-100].

 

وقال في حق الصديق: كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ [يوسف:24] فما أعظم سعادة من دخل هذا الحصن الحصين، لقد أوى إلى حصن لا خوف على من تحصن به، ولا ضيعة على من أوى إليه، ولا مطمع للعدو من الدنو منه: ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [الجمعة:4] ذكره ابن القيم في بدائع الفوائد.

 

فإذا كانت معاني القرآن مكان الخواطر من القلب وكانت على كرسي عرش القلب، وكان له التصرف، وكان هو الأمير المطاع، استقام أمر الإنسان وسيره، واتضح له الطريق فتراه ساكناً ولكنه يباري الريح: (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ) [النمل:88].

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

نقل قيم اللهم بارك

أسأل الله أن ينفعنا به

 

جزاكِ الله خيرا يا غالية وجعله في ميزان حسناتك ()

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×