اذهبي الى المحتوى
هدى ايمن ناصر

قصة قصيرة : " وأد " - بقلمي

المشاركات التي تم ترشيحها

وأد

 

تلقم أصابعه الريشة الناعمة لتشبعها وتتخمها الوانا لزجة وتداعب اللوحة وتلتحم معها في قبلات نارية ، ترتعش وتشتعل لها اللوحة فتقذف وترشق حمم تقتحم الفراغ الأبيض العاري وتدثره .

 

احتضن ما رسم وكأنه يمسك بتلابيب طموحاته واحلامه التي تبخرت ، طموحاته التي قدمت قربانا على مذبح انانية وتخلف والديه والمجتمع .

 

انه يشتم رائحة حرائق قلبه في رسوماته التي اما حمراء ملتهبة او سوداء مظلمة كغربته .

 

تطفأ برودة أوكرانيا اللاذعة وشتاءها القاسي بعضا من ناره المتأججة وتحولها الى جليد تتزحلق عليه كل توسلات رفيقه للترفيه عن نفسه والكف عن انعزاليته المفرطة.

 

دغدغ النعاس أجفانه ،نظر في هاتفه انها الثانية عشرة بعد منتصف الليل، لقد سرقه الرسم وغاب في اندماجه ، الشوارع مقفرة والهدوء مطبق ، وظب ادواته سريعا وحملها آملا الا يجد في طريقه سكيرا او واحدا من هؤلاء الذين ظهروا حديثا " النازيون الجدد" ارتعد من مرورهم في سرداب هواجسه ومخاوفه ، تسربلت خيالات مسيره ، تضخمت وتدافعت تتراقص ، فكر ، كم سيكون مادة مثيرة لو تم ايجاده صريعا :

 

شاب عربي حامل للجنسية الإسرائيلية وجد مقتولا في احدى شوارع كييف مع رسوماته بعد ان شوهد يتسكع في منتصف الليل ...

 

ستبكي امه بحرقة طبيبها الخامس في العائلة بعد ان كانوا سيدخلون موسوعة جينيس للأرقام القياسية وسيتحسر ابوه على مشروعه ، انه لا يعني لهم الا مشروعا استثماريا او شهرة محققة ، لا احد سيبكيه حقا وبلوعة ، وحدها ريشته ولوحته التي ستفقده وستشتاق للمساته وهمساته و بوحه العنيف .

 

وصل الى الشقة في ناطحة السحاب ، تنفس الصعداء ، تلاشت الاخيلة المرعبة ولت وفرت هاربة ، فتح الشقة وسأل رفيقه الذي مازال مستيقظا يذاكر :


  • مازلت مستيقظا ؟



  • طبعا ، لماذا تأخرت ؟



  • لقد استغرقت في الرسم ونسيت العالم !



  • وهل ذاكرت لامتحان الغد ؟



  • قدر استطاعتي ...


     

    مط شفتيه وضحك استهجانا وتابع قراءته بينما زحف هو الى غرفته ولاح له الكتاب يتمطى .


     

    عندما حاول المذاكرة ولم يستطع ان يفقه كلمة من الكلمات الطبية المركبة وكلما حاول التركيز للحفظ انبثقت من طيات الورق الجافة اللوحة والفرشاة ، تثيره ملامحها تنخره شهوته للرسم وتكنسه ، لم يستطع كبح جماح رغبته المستعرة ، فألقى بالكتاب واخذ عدته وغادر الى حيث يشعر ان ذاك السائل الاحمر الساخن مازال يتدفق وان قلبه على الرغم من رماده هناك ما لم تطله ألسنة اللهب .


     

    استلقى على السرير و رمى تعبه بجانبه ، وسط الظلام انقض ظلام آخر ، اصواتهم وصخبهم تعبأ وتحشو اذنيه ، عينيه المنزويتين في ركن ضيق نقلت شريط ذلك النهار الاسود الاخير له في بلده ، لاول مرة في حياته رأى السماء سوداء بلون الفحم ، شعر بغمامة تتكاثف وبطبقة زجاجية رقيقة تغلف عينيه لم يسمح للدمع بتهشيمها، كان عليه ان يفرح لان العائلة تلتم خصيصا لأجله ، متحلقة حول غداء الوداع ، حتى اخته وزوجها واطفالهم المزعجين حضروا ، و اخوته قاطعوا اعمالهم الكثيرة والمهمة و حضروا ، الكل حضر ليشهد جنازته انه لا يصدق ، ان يشيع الى القبر حيا ، يصرخ ، صوته مختنق ضامر ومتشقق تسرب بين جزيئات الهواء ، كلهم مشغولون بالثرثرة والاكل والمزيد من الاكل والثرثرة وهو ينتظر ان يلتفت اليه احد ، اراد هزهم و ايقاظهم :



  • انتم هنا من اجلي انا وليس للأحاديث التافهة والسياسة ، انتم هنا لشهود مراسم دفن طموحي واحلامي والمهنة التي اريد ، هيا عزوني ، نعم عزوني لمصابي الاليم !


     

    لكن لسانه خانه ولم يتحرك .


     

    استغرق الطريق الى مطار بن غوريون ساعة الا ربع ولكنه احس بأن السيارة تطير وتحلق من سرعتها ، تلهى بوضع بعض الملصقات ، إعجابات والتعليقات على الفيس بوك ، لا يعرف ماذا كان سيفعل لو لم يوجد هذا الفيس بوك ، انه ممتن له كثير فهو بالفعل الهاه ولو فترة من الزمن وهو متأكد من انه سيكون سلواه الوحيدة هناك ، ووصل الى المطار ،انها ليست اول مرة يسافر فيها من هذا المطار ولطالما كان هذا المكان الجسر السحري الى اوروبا ولكنه ابدا كان متحمسا وسعيدا واليوم شعوره مختلف ،مختلف للغاية .


     

    طبعت امه على خديه قبلات جليدية احس بشفتيها الباردتين تجمدان وجنتيه وعندما ابتعد لم يكلف نفسه التلويح لهم .


     

    سلم حقائبه للماكنة التفتيشية وحوله العشرات بل المئات من رجال الامن والكلاب المتحفزة ، عبر من تحت جهاز الكشف ، ابتسمت له الموظفة الشقراء ابتسامة واسعة مشجعة فسلمها اوراقه وكأنه يرميها في اتون الجحيم وعندما ضربت جواز سفره بالأختام ادرك انه لا يهذي وكل ما يجري هو حقيقي وحي ...


     

    اعادت له جوازه واوراقه وقد تلاشت ابتسامتها ووضعت قناعا صارما يبدو انها ادركت انه عربي .


     

    يركض لينتظر في الصف الطويل جدا ليختم ، وليزن حقائبه و يضعها في الماكنة التي تسحبها ، فرغ من الاجراءات المرهقة وقد احس بان اطرافه تتخدر ، ثلاث ساعات من الجري والوقوف والانتظار ، تفقد هاتفه فوجد لديه بعض الوقت فتوجه الى المقهى لتناول وجبة خفيفة ، المكان مزدحم ، استمر بالبحث عن طاولة خالية حتى وجد ، اكل بصمت فيما ولج احدهم خلوته مستأذنا باللغة العبرية :



  • هل استطيع الجلوس ؟


     

    التفت من عالمه الى السائل ، شاب يبدو انه يماثله بالعمر ، بني الشعر والعينين ، وسيم الملامح ، طويل القامة ولكن ما لفته هو عضلاته فقد كانت مفتولة بشكل ضخم لم يرى مثله قط :



  • نعم بالطبع


     

    لم يتبادل معه اية كلمة ولكنه كان جاره في الطائرة .


     

    سطع في ذهنه سؤال حيره لماذا يسافر هذا الشاب اليهودي في هذا الجيل والوقت الى اوكرانيا ؟ للتعلم ؟ لا يمكن ،انه لن يكون بحاجة لذلك.


     

    اقلعت الطائرة تشق عباب الغيم وطفقت تمخر السماء، عندها كان يودع كل شيء الى مثواه الاخير حنط وسينزل الى قبو حياته : عائلته ، بلده ، الناس الذي عايشهم بالإضافة الى احلامه وطموحه كل هذا لن يكون موجودا فقط هذه الحقيبة هي كل ما تبقى من الماضي ، حاسوب محمول ، هاتف ، ملابس ، نقود ، دفاتر ، اقلام وعدة الرسم التي وضعها خلسة فهو لم يكن بحاجة للمزيد من تعليقات امه القارصة ، انه الان في بلد اخر بعيد ،بعيد جدا عن اشياء تخصه ولكن عليه ان يفكر في الواقع بمره بجدية اكثر ، تساءل من سيكون رفيقه بالشقة ؟ انه لم يسأل او يهتم من قبل ، وهل تبعد الشقة كثيرا عن الجامعة ؟ ماذا عن الناس والمجتمع هل سيتقبله ام سيكون جسما غربيا دخيلا كما يقولون ؟؟


     

    الغربة ليست بمشكلة بالنسبة له فهو كان يحس باغتراب حتى بين ناسه واهله ، الغربة ليست غربة الارض والاهل انما هي غربة الجسد والروح .


     

    عندما حطت الطائرة على الارض شعر برجفة موحشة تجتاح كيانه و بنفسه يغوص في مستنقع وبرغوة الامل تطفو وتتفرقع فوق تيار جارف .


     

    انهى معاملات المطار اخذ سيارة اجرة الى اخر محطة من رحلته الطويلة ، وامام باب الشقة وجد نفسه وجها لوجه مع ذلك الشاب الذي ظنه يهوديا صمت لبرهة ولم يدر ماذا يقول او يفعل فتقدم الشاب وحياه مبتسما ثم فتح الباب .


     

    استيقظ عند الفجر على صوت المنبه الطنان ، اخمده ونهض يجر قدميه ، انزل المياه الباردة على وجهه فاستنفرت خلاياه المسترخية ، توضئ ليصلى ، انه لم يكن يصلي في بلده قط ، لم يكن يعرف حتى ، الا في بعض معلومات ضحلة علقت من دروس الدين .


     

    وعندما اظلمت الدنيا ولم تتسع له ووجد نفسه مقطوعا قرر ان يعيد صلته بربه بالأصح ان يبدأها .


     

    لم يشعر يوما ان عليه واجبات دينية او حتى بانتمائه الى أي دين الذي لم يكن يعني له سوى نظريات قديمة و دروس يغط فيها بالنوم او لغط يسد له اذنيه النظيفتين !


     

    لم يحس بمدى فراغ حياته الروحية فهو ابدا مشغول ومنشغل حتى وجد نفسه هنا بعيدا عن طموحاته وعن كل ما عرف وارتطم بقعر روحه ارتطاما مزلزلا واحس بمرارة اليأس والخذلان وايقن مدى ضآلته ، نعم هو ضئيل ، ضئيل في هذه الارض الواسعة ،السماء اللامتناهية والاحلام الشاهقة ، احس بحاجته الماسة الى امداده بالقوة للاستمرار .


     

    تعلم كيفية الصلاة الصحيحة من تطبيق في هاتفه.


     

    بعد ان فرغ من صلاته تفتحت مسامه وحواسه تمتص هدوء وروعة ظلمة الفجر.


     

    هو مدرك تماما انه لن يتغير الكثير و يكفيه القوة والاناة التي يستمدها.


     

    حاول المذاكرة من جديد جرب مرة اخرى واخرى الا ان الكلمات تأبى ان تدخل او ان تفهم .


     

    قام وغير ملابسه ، دخل المطبخ ليضع شيئا في معدته الخاوية ووجد سعيدا هناك :



  • صباح الخير



  • صباح النور ، ارى انك ارتديت ملابسك ، انتظرني حتى انتهي من ارتداء ملابسي فنذهب معا .



  • حسن ، سأشرب فنجان الشاي على الشرفة حتى تنتهي ..


     

    اخذ فنجانه ووقف على الشرفة ، كان يفضل الذهاب لوحده الى الجامعة ولكن اصرار سعيد العنيد على مرافقته واقتحامه قوقعة الانعزال يحول دون ذلك .


     

    الشوارع مزدحمة بالنمل والعاب السيارات والباصات ، حركة دؤوبة سريعة تغطي الخطوط المتلمظة من تخبط الاقدام عليها .


     

    يهيم بين اسراب الاجساد المسرعة على الدوام ، رفيقه يتحدث اليه لكن صوته يصل باهتا و واهنا من الضجيج ، يهز رأسه مؤمنا على الحديث الموهوم حتى وصلا الى الجامعة ، تفقد رفيقه ، لم يجده فلم يدهش وواصل مسيره الى قاعة الامتحان ، استلم استمارته ، ابتسم بمرارة ، تمعن بها مليا ، استمر محدقا فيها حتى غرقت الاحرف والكلمات مع فيضان الالم ، ان مكانه حتما ليس هنا ، الى متى سيبقى يتعثر بتردده؟ ، شعر بمقعده يتحول الى فوهة هاوية فغرت لابتلاعه .


     

    اسرع بالنهوض وسلمها بيضاء ناصعة عدا لطخة اسمه ، خرج وجلس على احدى المقاعد المتناثرة ، ماذا سيحدث ؟ بالتأكيد لن يطردوه من اول امتحان ولكن هل يستطيع الاستمرار هكذا ؟


     

    سرت كهرباء حين شعر بالتصاق جسم لدن يغزو مسامه فالتفت مذعورا ، رآها تنظر اليه بعينيها الصغيرتين كحبتي لؤلؤ ازرق بلون امواج البحر العاتية وقد تدلت على شفتيها ابتسامة عريضة وحيته باللغة الانكليزية :



  • صباح الخير


     

    بقي مصعوقا وكأن به مس ، بكل هذه البساطة تلتصق به وتبتسم ! وكأنها حالة عادية ! يا لجراءتها !


     

    رد بعد ان قام من مجلسه :



  • صباح الخير ، عن اذنك علي الذهاب ...


     

    تذكر هذه الفتاة لقد قدمتها صديقة سعيد له و تذكر محاولاتها و تصيدها الجريء لعينيه لتبث سموما وهو يهرب ، لم يأبه لما يحمل كلامه وتصرفاته من فظاظة ، اراد فقط التخلص من ذلك الشعور او الابتعاد عنه ، الذي يعتريه كلما رأى الفتيات هنا او هذه الفتاة بالذات، يجتاحه ليسحق أي اعتبارات ، يقرف و يشمئز عندما يرى مدى امتطائهن التحرر حتى تعرين من امور مهمة اهم من الملابس ذاتها ، هناك شيء باطني يدفع شعوره لا يعلم ما هو ، أ هي شرقيته ام نوازع دينية لا يعلم متى افاقت ؟ .


     

    ولكن ، لا ، لا يذكر انه كان لشرقيته سطوة عليه ، انه لم يكن في يوم شرقيا انما غربيا، غربيا في كل شيء ، في لباسه في قصة شعره في الاغاني التي تدوي في اذنيه والافلام التي تدك فراغه حتى تفكيره روض منذ صغره على التحرر الغربي. مع كل هذا الا انه لطالما احس بمدى توحل مجتمعه المتعامي عن هشاشة التقليد الاعمى .


     

    لا يعلم لماذا يندفع الجميع منبهرين مشدوهين بالمجتمعات الغربية انه هنا وسطهم وقد ادرك انها مجتمعات بالونية ، مبهرجة جذابة ومغرية لكنها من الداخل : فارغة ، فارغة !


     

    مفرغة وخاوية من اهم الامور ، الاحاسيس والعواطف الصادقة ، كلهم يركضون وراء شيئين اثنين لا اكثر : المادة والجنس !


     

    ربما لهذا خاف بل فزع كثيرا من ان يتم استغلاله من قبل فتاة لنزوة جنسية ، فملامحه التي تشي بشرقيته ربما تجذب من تريد تذوق نكهة غير الاشقر وهذا آخر ما يريده ، ان يكون ضحية الاستغلال من جديد .


     

    لمح رفيقه شابكا ذراعيه في ذراعي صديقته يخطوان نحو البوابة خارجين ، ان رفيقه يعيش عمره لحظة بلحظة ، لا يفوت شيئا وحين سأله عن صديقته ضحك واجابه وقد اصطنع جدية كأنه سيلقي حكمة خطيرة استنتجها : شقراء في اليد ولا عشر شرقيات على الشجرة .


     

    انه لا يستطيع بهذه البساطة والاستخفاف ان يعيش ويتمتع دون ان يفكر ويطرح الاسئلة ودون ان يزوره شعوره او هواجسه بل حتى وهناك كابوس بل اكثر من كابوس ، عذاب يتقاذفه ساعة فساعة .


     

    تفقد هاتفه اثناء طريقه الى البيت ، وجد رسالة من اخيه الذي يكبره ب 7 اعوام على الواتس أب يسأله فيها عن امتحانه الاول كيف كان فتمتم بسخرية مريرة: كان رائعا وسهلا للغاية .


     

    كم خذله هذا الاخ الاقرب اليه كان يعول عليه كي يساعده في اقناع والديه بسلامة رأيه واختياره احلامه ومستقبله ولكن هنا اتت المفاجأة حين ووجهت له الضربة من حيث لا يحتسب وجده يقف موقف اللائم والعاتب الجافي :



  • هذا هدر لعلاماتك وسنين عمرك يجب ان تتعلم شيئا يليق بمتفوق مثلك والطب هو الخيار الوحيد ...


    تابع بتهكم :



  • ماذا الرسم والفنون ماذا ستنفعك انها بالتـأكيد لن تطعمك خبزا استيقظ اننا في القرن الواحد والعشرين اترك هذا للهو وابني مستقبلا متينا ...


     

    وبدأ يشرح عن ضرورة السفر للتعلم الطب في الخارج كأن المشكلة المعقدة هي السفر وليس الموضوع بحد ذاته :



  • ليس هنا مجال للطب هنا ستجلس وتنتظر سنينا تقتطع من عمرك حتى انتهاء سنين تحديد العمر للخدمة العسكرية وسيتجاوز عمرك العشرين هذا غير البسيخومتري المهدر للطاقات والاوقات والمقابلة التعجيزية والنسبة الضئيلة التي تجتازها من الطلاب العرب ، احتمال قبولك هنا قليل للغاية، عليك السفر و هذا هو خيارك الوحيد ولا تعيد على مسامعي احلامك الطفولية .


     

    ظلت تطن في اذنيه كلمات اخيه الجافة و ما زالت تطرق اذنيه بشدة حتى حطمت كل شئ .


ارتمى على اقرب حائط وضربه بيديه بقوة بينما انهمرت من عينيه الدموع واطلق لها العنان دون ان يخشى احدا فلن يضيع الناس هنا من وقتهم سوى ثانية بنظرة خاطفة و لن يتطفل عليه احد .

 

اراد وضع نهاية لهذه المهزلة والمسرحية المؤلمة والتي دوره فيها مجرد كومبارس ، لن يفرض عليه احد بعد اليوم شيئا و كل ما فرضوه مرفوض ومسير احلامه هو الذي يسود .

 

اتخذ قراره ولن يقف احد في سبيله حتى تهديد والديه بحرمانه من المصروفات تعليمه لن يردعه ، كان منفعلا بشدة لم يرى شئيا امامه كل ما فكر فيه هو الخلاص ، يريد ان يخترق المسافات ويلقى نفسه في احضان تربته ويغمس نفسه في عسل الطموح .

 

وضع حقيبة السفر على السرير بعد ان حجز مقعدا له بالطائرة العائدة الى بلاده وبدأ بوضع ثيابه . وحين انتهى كانت قد امتصت قواه ، القى نظرة على الساعة الرابضة في الصالة ، لقد استغرق ساعتين .

 

سمع صوت طقطقة المفتاح داخل ثقب الباب و حين رأى رفيقه حقيبة السفر رفع حاجبيه وصاح بتعجب :


  • يا لك من خارق انتهيت بهذه السرعة !



  • عن اية سرعة تتحدث ؟ لقد استغرقت ساعتين كاملتين !



  • كيف ؟ لقد وصل خبر تحرك القوات الروسية للتدخل في جزيرة القرم منذ نصف ساعة فقط ...



  • ماذا؟؟!!



  • ألم تسمع الاخبار؟ واميركا حذرت من ذلك وتتوعد ان حصل ، من يدري ربما سوف نجر الى حرب عالمية ثالثة ، و الا لماذا انت ترتب امتعتك هل كنت تنوي السفر من قبل ؟؟


     

    اطرق صامتا نعم كان ينوي ، ربما كان سيعدل عن قراره لكنه الان مصمم ، كان يخاف ان يضغطوا عليه ، ان لا يجد المال الكافي ليتعلم او عدم توفيقه بين عمل وعلم ولكن الان شئ آخر ، حرب معناه عودة الجميع واخيرا الاقدار وقفت بجانبه ، سوف يعود وقد لاك هذه الفترة وقذفها في منطقة المحذور و سوف يدوس افكارهم المتعفنة بكعب احلامه التي ستفوز.


     

    وهو يصعد الطائرة احس برمال تتحرك احس بأحلامه مازالت تتنفس نفض الرمال المتراكمة عليها انها حية ، انقذها ، احتضنها بقوة وقفز الى الطائرة ، من هنا تبدأ حياته و من الان .


شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×