**~ الأحــــاديـث الـنـبـويــــة ~**

[حنين مسلمة 34]

أخواتي الحبيبات الغاليات

 

بإذن الله تعالى هذه الصفحة سنجمع فيها كل الأحاديث الخاصة

 

بحلقة حفظ ومدارسة الأحاديث

 

وذلك لسهولة الوصول للأحاديث بعيداً عن كثرة الردود

 

للتسجيل معنا في الحلقة أو إذا كان لديكنَّ أي استفسار عن الحلقة

 

برجاء العودة للموضوع التالي :

 

~ ~ حلقة حفظ ومدارسة الأحاديث ~ ~

 

بارك الله فيكنَّ أخواتي

 

ورزقنا الله الإخلاص في القول والعمل

 

ووفقنا لإتمام تلك الحلقة وجعلها في ميزان حسناتنا

[حنين مسلمة 34]

 

<< الحــديث الأول >>

 

 

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله ورجل قلبه معلق في المساجد ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه) رواه البخاري.

 

 

 

 

معــاني الكلمــات

 

( سبعة ) : ليس هذا على سبيل الحصر، هناك أناس آخرون يظلهم الله غير هؤلاء , وهي تشمل الرجال والنساء.

( بظله ) : المراد ظل العرش وقيل المراد كنف الله ورحمته.

 

( إمام عادل ) : هو كل من إليه نظر في شيء من مصالح المسلمين من الولاة والحكام وبدأ به لكثرة مصالحه وعموم نفعه وتعديه.

( رجل قلبه معلق في المساجد ) : كناية عن انتظاره أوقات الصلوات فلا يصلي صلاة ويخرج منه إلا وهو منتظر وقت صلاة أخرى , وليس المعنى أنه لا يخرج من المسجد، بل لا يشرع له الجلوس في المسجد وتعطيل الواجبات .

 

( المساجد ): هي أماكن السجود، سواء بُنيت للصلاة فيها أم لا.

( دعته ) : أي دعته إلى الزنى بها .

( المنصب ) : النسب والشرف والرفعة فِي الدنيا .

( قال إني أخاف الله ) : يحتمل أن يقول ذلك بلسانه زجرا لها عن الفاحشة ويحتمل أن يقول بقلبه لزجر نفسه.

 

 

 

 

شــرح الحـديــث

 

ذكر النبي صلى الله عليه وسلم سبعة أصناف من الناس الذين يظلهم الله بظله يوم القيامة ,لأنه في يوم القيامة ليس هناك شجر، ولا بناء،ولا جبال، ولا ثياب، ولا غير ذلك، حتى الناس يحشرون حفاة عراة غرلاً .

 

هؤلاء السبعة هم :

 

الأول : الإمام العادل

 

الإمام العادل الذي يعدل بين الناس ويحكم بينهم بالعدل ومن عدله أن يقتص الحق حتى من نفسه ومن أقرب الناس إليه, وألا يفرق بين قريبه وغيره, وبذلك خالف هواه، وصبر عَن تنفيذ مَا تدعوه إليه شهواته وطمعه وغضبه ، مَعَ قدرته عَلَى ذَلِكَ , لذلك يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.

 

 

الثاني : شاب نشأ في عبادة الله

 

شاب نشأ في عبادة الله وطاعته واستمر على ذلك، فليس له صبوة ولا ميل ولا انحراف والغالب أن العبادة في الشباب أشد وأشق لكثرة الدواعي وغلبة الشهوات وقوة البواعث على اتباع الهوى هذا أيضاً ممن يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.

 

 

الثالث : رجل قلبه معلق في المساجد

 

فذلك الرجل يحب الصلاة وقلبه معلق بها؛ وهذا يدل على قوة صلته بالله عزّ وجلّ؛ لأن الصلاة صلة بين العبد وبين ربه، وهذا إنما يحصل لمن ملك نفسه وقادها إلى طاعة الله فانقادت لَهُ .

 

 

 

 

الرابع : رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه

 

فليس بينهما صلة من نسب أو غيره، ولكن تحابا في الله من غير غرض دنيوي يشوبه واجتمع قلبهما عَلَى طاعة الله ، وإيثار مرضاته وطلب مَا عنده.

 

وقوله : (( اجتمعا عَلَى ذَلِكَ وتفرقا عَلِيهِ )) يحتمل أَنَّهُ يريد :

1.أنهما اجتمعا عَلَى التحاب فِي الله في الدنيا حَتَّى فرق بَيْنَهُمَا الموت فِي الدنيا أو غيبة أحدههما عَن الآخر.

2.ويحتمل أَنَّهُ أراد أنهما اجتمعا عَلَى التحاب فِي الله ، فإن تغير أحدهما عما كَانَ عَلِيهِ مِمَّا توجب محبته فِي الله فارقه الآخر بسبب ذَلِكَ ، فيدور تحاببهما عَلَى طاعة الله وجوداً وعدماً .

 

قَالَ بعض السلف : إذا كَانَ لَكَ أخ تحبه فِي الله ، فأحدث حدثاً فَلَمْ تبغضه فِي الله لَمْ تكن محبتك لله.

 

 

الخامس : رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله

 

فذلك الرجل قوي العفة، طاهر العرض وهي امرأة ذات منصب فإذا اجتمع ذَلِكَ مَعَ الجمال فَقَدْ كمل الأمر وقويت الرغبة ، فإن كَانَتْ مَعَ ذَلِكَ هِيَ الطالبة الداعية إلي نفسها ، كَانَ أعظم وأعظم ، فإن الامتناع بعد ذَلِكَ كله دليل عَلَى تقديم خوف الله عَلَى هوى النفس , فهذا يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله لكمال عفته.

 

 

 

 

السادس : رجلٌ تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه

 

فهو تصدق بصدقة مخلصاً بذلك لله عزّ وجلّ، فاجتهد فِي إخفائها غاية الاجتهاد حَتَّى لَمْ يعلم بِهِ إلا الله .

 

وضرب لنا النبي صلى الله عليه وسلم مثال باليمين والشمال في قوله :

(( حَتَّى لا تعلم شماله مَا تنفق يمينه )) لقرب اليمين من الشمال ومعناه أنه لو كان أحداً على يساره ما علم بذلك من شدة الإخفاء والمبالغة في الاستتار وهذا دليل عَلَى قوة الإيمان والإخلاص لله عز وجل وفيه مجاهدة للنفس التي تحب إظهار الصدقة ، والتمدح بِهَا عِنْدَ الخلق ، فهذا عنده كمال الإخلاص، فيظله الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله .

 

وهذا في صدقة التطوع فالسر فيها أفضل لأنه أقرب إلى الإخلاص وأبعد من الرياء وأما الواجبة فإعلانها أفضل ليقتدي به في ذلك ويظهر دعائم الإسلام .

 

 

السابع : رجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه

 

ذكر الله في مكان لا يطلع عليه أحد، فخشع من ذلك وفاضت عيناه, وهذا يدل على قوة الإيمان ومجاهدة للنفس والهوى ، فإن الهوى يدعو فِي الخلوة إلى المعاصي .

وهذا الفضل يحصل لمن ذكر الله ففاضت عيناه ولو لم يكن خاليا، ويؤيده حديث: ( عينان لا تمسّهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله ) لكن إذا كان خاليا فهو أفضل لأنه أقرب إلى الإخلاص.

 

 

 

 

من فوائــد الحديــث

 

هؤلاء السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله اختلفت أعمالهم فِي الصورة ، وجمعها معنى واحد ، وَهُوَ مجاهدتهم لأنفسهم ، ومخالفتهم لأهوائها ، وذلك يحتاج إلى صبر عَلَى الامتناع عن الشهوة , فلذلك كَانَ ثواب الصبر أَنَّهُ إذا اشتد الحر فِي الموقف ، ولم يكن للناس ظل يظلهم ويقيهم حر الشمس يومئذ ، كان هؤلاء السبعة فِي ظل الله جزاءً لصبرهم عَلَى حر نار الشهوة فِي الدنيا.

 

[حنين مسلمة 34]

 

<< الحديــث الثـــاني >>

 

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خلة منهن كانت فيه خلة من نفاق حتى يدعها إذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا وعد أخلف وإذا خاصم فجر ) رواه مسلم .

 

 

 

 

معــاني الكلمــات

 

( منافقاً ) : هو الذي يُبطن الشر ويظهر الخير. ومن ذلك : أن يُبطن الكفر ويظهر الإسلام .

( نفاق ) : هو مخالفة الباطن للظاهر.

( يدعها ) : يتركها .

( حَدَّثَ كَذَبَ ) : هو الذي يحدث بالأشياء على خلاف ما هي قاصدا الكذب, والكذب نقيض الصدق .

( خان ) : من الخيانة وهي التصرف في الأمانة على خلاف الشرع.

( غدر ) : أي نقض العهد وتركه, والمقصود بـ ( إذا عاهد ) أي تعاهد على الخير أما الشر فيستحب تركه.

( فَجَر ) : من الفجور وهو الميل عن القصد .

 

 

 

 

بعض مسـائل الحديــث

 

ما هو النفاق ؟

 

النفاق شرعًا ينقسم إلى قسمين :

الأول : النفاق الأكبر ؛ وهو أن يظهر الإنسان الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ويبطن ما يناقض ذلك كله أو بعضه، وهذا هو النفاق الذي كان على عهد النبي ، ونزل القرآن بذم أهله وتكفيرهم، وأخبر أن أهله في الدرك الأسفل من النار .

والثاني : النفاق الأصغر، وهو نفاق العمل، وهو أن يظهر الإنسان علانية صالحة، ويبطن ما يخالف ذلك.

 

 

علامــات المنـافق

 

 

للمنافق علامات يُعرف بها وقد بينها لنا النبي صلى الله عليه وسلم وهي :

1.الكذب : فإذا رأيت الإنسان يكذب ومتعمداً ذلك؛ فاعلم أن في قلبه شعبة من النفاق.

 

2.إذا عاهد غدر : فإذا وجدت الرجل يعاهد كثيراً ولا يحافظ على عهده ، فاعلم أن في قلبه شعبة من النفاق والعياذ بالله , أما المؤمن إذا عاهد وفى، كما قال الله تعالى : ( وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا)(البقرة: 177) , أما لو عرض له مانع وكان عازما على الوفاء بعهده ولم يوفِّ؛ فلا توجد منه صورة الغدر.

 

3.إذا وعد أخلف : فالمنافق كلما وعد وعداً أخلفه , ولا يجوز خلف الوعد مع الموعود إذا كان سيترتب على ذلك ضرراً للموعود قال الله تعالى في مدح إسماعيل عليه السلام : ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ )(مريم:54).

 

4.إذا خاصم فجر : قد تكون الخصومة بسبب دنيوي أو بسبب ديني ويحدث الفجور بمخالفة الشر ع ، وتعدي حدود المروءة مع الخصم أثناء الخصومة .

 

وللمنافقين علامات أخرى، منها: الكسل في الصلاة والمراءاة فيها، والإنفاق عن إكراه، الخداع، وغير ذلك كثير في سورة البقرة وسورة براءة.

 

 

 

 

هل المتصف بصفة من تلك الصفات منافق ؟؟

 

قد أجمع العلماء على أن من كان مسلماً صادقاً بقلبه ولسانه وأفعاله ووُجِدَت فيه إحدى خصال النفاق لا يُحكم عليه بكفر ولا هو منافق يُخلد في النار ولكن صاحبها شبيه بالمنافقين في هذه الخصال ويكون نفاقه في حق من حدثه وائتمنه وخاصمه وعاهده من الناس, فلم يرد بذلك نفاق الكفر، وإنما أراد نفاق العمل.

 

 

من هو المنافق الخالص ؟؟

 

المنافق الخالص أي شديد الشبه بالمنافقين بسبب أن هذه الخصال مجتمعة فيه وغالبة عليه فأما من يندر ذلك منه فليس داخلا فيه .

 

 

خطورة الاتصاف بخصال النفاق

 

تلك الخصال خصال عملية فهي من النفاق العملي، وهي تجرّ إلى النفاق الاعتقادي الذي هو كفر أكبر وهو التكذيب والجحود والإنكار أو الشك في الله أو كتبه أو رسله أو ملائكته أو ليوم الآخر والمعاد أو القدر.

 

 

 

 

من فــوائـد الحديــث

 

وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الخبر لأمرين:

 

الأمر الأول: أن نحذر من هذه الصفات الذميمة ؛ لأنها من علامات النفاق، ويخشى أن يكون هذا النفاق العملي مؤدياً إلى نفاق في الاعتقاد والعياذ بالله ، فيكون الإنسان منافقاً نفاقاً اعتقادياً فيخرج من الإسلام وهو لا يشعر .

 

الأمر الثاني: لنحذر من يتصف بهذه الصفات ، ونعلم أنه منافق يخدعنا ويغرنا بحلاوة لفظه وحسن قوله، فلا نثق به ولا نعتمد عليه في شيء؛ لأنه منافق والعياذ بالله.

 

وعكس ذلك يكون من علامات الإيمان . فالمؤمن إذا وعد أوفى. والمؤمن إذا ائتمن أدى الامانة على وجهها ، وكذلك إذا حدّث كان صادقاً في حديثه مخبراً بما هو الواقع فعلاً.

تم تعديل 8 يوليو, 2008 بواسطة حنين مسلمة

[¯`ღ سماح ღ´¯ 42]

 

 

<< الحديــث الثــالث >>

 

عن أبي يحيي صهيب بن سنان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ( عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ) رواه مسلم.

 

 

 

 

معــاني الكلمــات

 

( عجباً لأمر المؤمن ) : أي إن الرسول عليه الصلاة والسلام أظهر العجب على وجه الاستحسان .

( لأمر المؤمن ) : أي لشأنه .

( سراء ) : هي النعمة والرخاء.

( ضراء ) : هي الحالة التي تضر مثل الفقر والشدة.

 

 

 

 

من مســائـل الحـديــث

 

كل إنسان بين أمرين في قضاء الله وقدره : أن يكون مؤمن أو غير مؤمن.

 

حـال المؤمـن في الســراء

 

ما قدر الله للمؤمن في جميع الأحوال فهو خير له , فإن أصابته سراء من نعمة دينية؛ كالعلم والعمل الصالح، ونعمة دنيوية؛ كالمال والبنين والأهل شكر الله، وذلك بالقيام بطاعة الله عز وجل فيكون خيرا له.

واعلم أن إذا وفقك الله للشكر فهذه نعمة تحتاج إلي شكر جديد، فإن شكرت فهي نعمة تحتاج إلي شكر ثان، فإن شكرت فهي نعمة تحتاج إلي شكر ثالث. وهكذا ولكننا- في الحقيقة - في غفلة عن هذا.

 

 

حــال المـؤمن في الضــراء

 

المؤمن إن أصابته الضراء صبر على أقدار الله، وانتظر الفرج من الله، واحتسب الأجر على الله؛ فكان ذلك خيراً له، فنال بهذا أجر الصابرين.

 

 

 

 

أهميــة احـتـسـاب الأجــر في الضــراء

 

المسلم في الضراء على إحدى الحالتين وفي كلتا الحالتين هو رابح من تلك المصائب التي تأتيه :

 

1. الحال الأول : أن يتذكر الأجر ويحتسب هذه المصيبة على الله، فيكون فيها فائدتان له وهما : تكفير الذنوب؛ وحصول الثواب من الله عز وجل جزاءً لصبره واحتسابه.

 

2. الحال الثاني :أن يغفل عن احتساب الثواب من الله عز وجل ويغفل عن الصبر فيضيق صدره، ويصيبه ضجر ، فيكون في ذلك تكفير لسيئاته فقط دون الحصول على الثواب من الله عز وجل .

 

والدليل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه ) رواه البخاري.

 

حــال الكـافـــر في الســـراء والضـــراء

 

فالكافر على شر، سواء أصابته الضراء أم السراء، بخلاف المؤمن فإنه على خير .

• فإن أصابت الكافر سراء لم يشكر الله، فكانت هذه السراء عقاباً عليه في الآخرة.

• وإن أصابته الضراء لم يصبر بل يتضجر، ودعا بالويل والثبور، وسب الدهر، وسب الزمن، بل وسب الله- عز وجل- ونعوذ بالله.

 

 

 

 

مـن فوائـد الحديـث

 

1. حث النبي صلي الله عليه وسلم على الإيمان وأن المؤمن دائماً في خير ونعمة.

2. الحث على الصبر على الضراء، وأن ذلك من خصال المؤمنين , فإذا رأيت مسلماً عند إصابة الضراء صابراً محتسباً، ينتظر الفرج من الله- سبحانه وتعالي- ويحتسب الأجر على الله؛ فذلك عنوان الإيمان، وإن كان العكس فعليه أن يتوب إلي الله.

 

3. أهمية احتساب الأجر من الله عز وجل على الصبر على الضراء حتى يؤجر عليها، مع تكفيرها للذنوب.

4. الحث على الشكر عند السراء، لأنه إذا شكر الإنسان ربه على نعمة فهذا من توفيق الله له، وهو من أسباب زيادة النعم، كما قال الله تعالي : ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) (ابراهيم:7).

[حنين مسلمة 34]

 

 

<< الحديــث الرابـــــع >>

 

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا يرفع الله بها درجات وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوى بها في جهنم ) رواه البخاري.

 

 

 

 

معــاني الكلمـات

 

( بالكلمة ) : أي الكلام المشتمل على ما يفهم الخير أو الشر سواء طال أم قصر.

( من رضوان الله ) : أي مما يرضي الله به قوله.

 

( لا يلقي لها بالا ) ‏: أي لا يتفكر في عاقبتها ولا يظن أنها تؤثر شيئا , وهو من نحو قوله تعالى ( وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ )(النور:15).

 

ومعنى ( البال ) هنا القلب.

( يهوي ) : أي ينزل فيها ساقطا لأن درجات النار إلى أسفل , فهو نزول سقوط .

 

 

 

 

من مســـائل الحديــث

 

الكلمة في ميزان الله- تعالى- لها أهمية كبرى، الكلمة قد ترفع الإنسان في أعلى عليين عند الله - سبحانه وتعالى – وقد تخفضه في أسفل سافلين في الدرك الأسفل من النار.

 

أقســــــام الكـــــلام

 

1. كلام خير : يستحب للعبد التكلم به وكلامه به أفضل من سكوته عنه كتلاوة القرآن والذكر والعلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله وغير ذلك مما أمر به الشرع ورغب فيه.

 

2. كلام شر : السكوت عنه واجب كالغيبة والنميمة والكذب والاستهزاء وغير ذلك مما نهى عنه الشرع وحذر منه.

 

3. كلام مباح : لا خير ولا شر فيشرع للعبد الإمساك عنه وعدم الكلام به وسكوته عنه أفضل من كلامه إلا ما دعت الحاجة إليه في معاشه ومصلحته ومصلحة من يعول.

 

 

أمثلة على الكلمات التي ترفع العبد درجات في الآخرة

 

1. كلمة التوحيد : لا إله إلا الله محمد رسول الله .

2. قراءة كتاب الله عزّ وجلّ .

 

3. الأذكار والدعاء .

4. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

 

5. الدعوة إلى الله عزّ وجلّ.

6. الدلالة على ما فيه مصلحة الإنسان، والدلالة على الحق في أمر من الأمور.

 

المثال على ذلك

 

قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة )حسنه الألباني.

 

 

 

 

أمثلة على الكلمات التي تخفض بالعبد درجات في الآخرة

 

1. كلمة الشرك، عندما يشرك العبد بالله سبحانه وتعالى .

2. كلمة النفاق عندما يتلفظ بها مثل: الاستهزاء بالله، أو بآياته، أو برسوله صلى الله عليه وسلم.

 

3. سب الله – سبحانه وتعالى – أو رسوله أو آياته .

4. شهادة الزور واللعن والسباب والشتائم .

 

5. الكذب والغيبة والنميمة والكلام بالباطل .

6. القذف ( قذف المحصنات، قذف الرجال بغير حق) .

 

المثال على ذلك

 

عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت : قلت للنبي صلى الله عليه وسلم : حسبك من صفية - زوج النبي - كذا و كذا - تعني ! إنها قصيرة - فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لقد قلت كلمة لومزجت بماء البحر لمزجته ) صححه الألباني.

 

 

 

 

من فــوائد الحديث

 

يجب على الإنسان أن يدرك أن كل كلمة تخرج من فمه فإنه محاسب عليها، فهي إما له وإما عليه يقول الله تعالى: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ )(ق:18) ، فينبغي لمن أراد أن ينطق أن يتدبر ما يقول قبل أن ينطق بالكلام.

تم تعديل 15 يوليو, 2008 بواسطة حنين مسلمة

[حنين مسلمة 34]

 

 

<< الحديث الخــامس >>

 

 

عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار ) رواه البخاري.

 

 

 

 

معاني الكلمات

 

( من كن فيه ) : أي من اتصف بهن.

( وجد بهن ) : أي بسببهن.

 

( حلاوة الإيمان ) : هي استلذاذ الطاعات وتحمل المشاق في الدين وإيثار ذلك على أعراض الدنيا.

( مما سواهما ) ولم يقل : "ممن " ليعم من يعقل ومن لا يعقل .

( أن يقذف ) من القذف بمعنى الرمي والطرح.

 

 

 

 

من مسائل الحديث

 

 

فضل حلاوة الإيمان

 

الإيمان له حلاوة وطعم يذاق بالقلوب كما يذاق حلاوة الطعام والشراب بالفم ، وحلاوة الإيمان تجعل أهل الإيمان يتلذذون بالعبادة وبالصلاة وبالصيام وبالذِّكْرِ، ويتلذذون بالصدقة وبالدعاء وبقيام الليل، فيجدون في هذه العبادات لذةً وطعما في قلوبهم أحلى من طعم السُّكَّرِ في أفواههم.

 

 

لماذا لا تجد بعض القلوب حلاوة الإيمان ؟

 

لا يجد القلب حلاوة الإيمان من أسقامه وآفاته ، فإذا سلم من مرض الأهواء المضلة والشهوات المحرمة وجد حلاوة الإيمان حينئذ ، ومتى مرض وسقم لم يجد حلاوة الإيمان ، بل يستحلي ما فيه هلاكه من الأهواء والمعاصي , سئل وهيب بن الورد : هل يجد طعم الإيمان من يعصى الله ؟ قال : لا ، ولا من همَّ بالمعصية .

 

 

خصال من يجد حلاوة الإيمان

 

1. أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما.

2. أن يحب المرء لا يحبه إلا لله.

3. أن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار.

 

 

 

 

الخصلة الأولى : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما

 

محبة الله عز وجل هي مواطأة القلب على ما يرضى الرب سبحانه فيحب ما أحب ويكره ما كره وأن يُقَدِّمَ محبة الله تعالى، ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم على محبة كل شيء على وجه الأرض -ولو كانت نَفْسُهُ تميل إليه.

 

 

كيف تنشأ محبة الله ؟

 

1. محبة الله تنشأ من معرفته ، وكمال معرفته : تحصل من معرفة أسمائه وصفاته وأفعاله الباهرة والتفكير في مصنوعاته وما فيها من الإتقان والحكم والعجائب ، فإن ذلك كله يدل على كماله وقدرته وحكمته وعلمه ورحمته .

2. محبة الله تنشأ أيضاً من مطالعة النعم ، وقال بعض السلف : من عرف الله أحبه ، ومن أحبه أطاعه فإن المحبة تقتضي الطاعة.

 

 

محبة النبي صلى الله عليه وسلم

 

محبة النبي صلى الله عليه وسلم تابعة ونابعة من محبة الله عز وجل , ومحبة الله لا تتم إلا بطاعته ، ولا سبيل إلى طاعته إلا بمتابعة رسوله ، كما قال تعالى : ( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ )(آل عمران:31).

 

 

 

 

مقتضيات محبة الله والنبي صلى الله عليه وسلم

 

مقتضيات محبة الله والنبي صلى الله عليه وسلم على درجتين : فرض ومستحب

 

1. فرض ، وهي المحبة المقتضية لفعل أوامر الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم والانتهاء عن المحرمات والصبر على المقدورات المؤلمة .

 

2. مستحب وهي أن ترتقي المحبة من ذلك إلى التقرب إلى الله تعالى بنوافل الطاعات وتجنب الوقوع في الشبهات والمكروهات ، واتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم في آدابه وأخلاقه الظاهرة في الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة وأخلاقه الباطنة من كمال خشيته لله وتعلق قلبه به دائما والأنس به والتنعم بالخلوة بمناجاته.

 

 

ادعاء المحبة وترك العمل

 

كثير من الذين يفعلون المعاصي، ويتركون الواجبات يقولون: يكفينا أننا نحب الله! يكفينا أننا نحب نبيه! نقول: كذاب فإن للمحبة آثارًا كما رُوِيَ عن بعض السلف أنه قال: ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني، ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال.

 

 

 

 

الخصلة الثانية : أن يحب المرء لا يحبه إلا لله

 

الحب في الله من أصول الإيمان وحقيقة الحب في الله أن لا يزيد بالبر ولا ينقص بالجفاء , وأيضاً لا تحب أخيكِ لقرابة ، ولا لمال ، ولا لجاه ، ولا لشيء من الدنيا ، إنما تحبه لله .

وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : ( أسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يبلغني إلى حبك ) فلا تتم محبة الله ورسوله إلا بمحبة أوليائه وموالاتهم وبغض أعدائه ومعاداتهم.

 

 

الخصلة الثالثة : أن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار

 

إذا رسخ الإيمان في القلب وتحقق به ووجد حلاوته وطعمه أحبه وأحب ثباته ودوامه, فالمؤمن يحب الإيمان أشد من حب الماء البارد في شدة الحر للظمآن ، ويكره الخروج منه أشد من كراهة التحريق بالنيران.

 

 

هل هذه الخصلة خاصة بمن وقع في الكفر قبل ذلك ؟؟

 

لا يستلزم أنه كان واقعا فيه فإن كل من أدخل الله الإسلام في قلبه فقد أنقذه الله من الكفر وإن لم يكن قد وقع في الكفر قبل ذلك

تم تعديل 19 يوليو, 2008 بواسطة حنين مسلمة

[حنين مسلمة 34]

 

<< الحـديــث الســـادس >>

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( اجتنبوا السبع الموبقات قالوا يا رسول الله وما هن قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات ) رواه البخاري.

 

 

 

 

معـانـي الكلمــات

 

( الموبقات ) : أي المهلكات وسميت بهذا لأنها تُهلك صاحبها .

( الشرك بالله ) : هو أن يجعل العبد نداً لله من مخلوقاته, أي مثيلاً في صرف العبادة إليه كلها أو بعضها.

( السحر ) : في الشرع هو كل أمر يخفى سببه ويتخيل على غير حقيقته ويجري مجرى التمويه والخداع.

 

( اليتيم ) : هو الذي مات أبوه وهو دون البلوغ .

( التولي يوم الزحف ) : هو الفرار من الجهاد ولقاء العدو في الحرب.

 

( القذف ) : هو الرمي بالحجارة، والمقصود به رمي المرأة بالفاحشة.

( المحصنات ) : أصل الإحصان المنع , والمرأة تكون محصنه بالإسلام، والعفاف، والحرية والتزويج .

( الغافلات ) : المقصود أنهنَّ غافلات عن الفواحش وما قذفن به.

 

 

 

 

من مســائل الحـديــث

 

ما هي الكبائر الموبقات ؟؟

 

الكبائر هي كل ذنب ختمه الله تعالى بنار أو غضب أو لعنة أو عذاب أو حد في الدنيا ونحو ذلك وليست الكبائر محصورة في هذه السبع المذكورة في الحديث, بل وردت نصوص في بيان كبائر أُخرى مثل عقوق الوالدين وشهادة الزور , وإنما وقع الاقتصار على هذه السبع لكونها من أفحش الكبائر مع كثرة وقوعها وانتشارها.

 

وقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لا كبيرة مع استغفار ولا صغيرة مع إصرار أي أن الكبيرة تمحى بالاستغفار والصغيرة تصير كبيرة بالإصرار.

 

أولاً الشرك بالله

 

إن الله تبارك وتعالى لا يرضى أن يُشرك معه في عبادته أحد , قال الله تعالى : ( إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّار ُ) (لمائدة: من الآية72), وينقسم إلى قسمين الشرك الأكبر والشرك الأصغر :

 

الشرك الأكبر :

هو شرك مُخرج من الملة فلا يغفره الله وصاحبه مخلد في النار , ومعنى الشرك الأكبر أن يصرف العبد شيئاً من أنواع العبادة لله عز وجل لغير الله تبارك وتعالى مثل السجود لمخلوق حي أو ميت, أو الطواف بالقبور, أو النذر لها, أو الاستغاثة بميت أو بحي بعيد أو بحي قريب فيما لا يقدر عليه إلا الله والكهانة والسحر.

 

الشرك الأصغر :

وهو غير مُخرج من الملة ولكن صاحبه على خطر عظيم وهو قولي مثل الحلف بغير الله , وعملي مثل استخدام التمائم وغيرها , وخفيّ مثل الرياء والتطاير.

 

 

 

 

ثانيا السحر

 

ذكره الله بعد الشرك لأنه داخل في الشرك فكثير منه لا يتوصل إليه إلا بالشرك, والتقرب إلى الشياطين بما تحب, فالسحر من تعليم الشياطين قال الله تعالى : ( وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ )(البقرة: من الآية102), ومذهب الجماهير أن السحر حرام من الكبائر فعله وتعلمه وتعليمه.

 

 

ثالثاً قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق

 

قد حرم الله قتل نفس المسلم المعصومة، والذمي، والمعاهد من غير المسلمين بغير سبب شرعي كالقصاص قال الله تعالى : ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً )(النساء:93),

 

وبذلك قد توعد الله القاتل بأنواع من العقوبات :

1. جزاؤه جهنم وهو اسم من أسماء النار وبئس القرار.

2. الخلود فيها أي طول المقام فيها إلى أجل لا يعلمه إلا الله.

3. غضب الله عليه، وإذا غضب عليه فإنه يستحق أن يعاقبه.

4. اللعن وهو الطرد والإبعاد من رحمة الله.

5. العذاب على هذا الذنب الذي هو اعتداؤه على حرمة مسلم وإراقة دمه بغير حق.

 

 

 

 

رابعاً أكل الربا

 

الربا هو المال الذي يؤخذ بغير حق من المعاملات الربوية المحرمة شرعا وهو من كبائر الذنوب ولا شك أن الربا متمكن في الأمة، فكثير من المعاملات يكون فيها ربا وأهلها لا يشعرون، ولكن يفعلون ذلك تقليدا أو يفعلونه ظنا منهم أنه لا إثم فيه، فالواجب أن نبتعد عنه وألا نتعامل إلا بالمعاملات المباحة التي لا شك فيها، وفي الحلال غنية عن الحرام.

 

خامساً أكل مال اليتيم

 

يجب علينا الاهتمام باليتيم والقيام بأموره والسعي في مصالحه من طعامه وكسوته فإن لم يكن لليتيم مالاً أنفق عليه ابتغاء وجه الله تعالى , وإن كان لليتيم مالاً يجب على كفيله أن يحفظ له ماله و لا يقربه إلا بالحسنى ثم يؤديه إليه حين يرى أنه يستطيع التصرف فيه.

 

عقاب من يأكل مال اليتيم

 

وتوعد الله عز وجل من يأكل مال اليتيم فقال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا )(النساء:10) , وبذلك يعاقبون بأن يأكلوا ناراً من نار جهنم , يروى أنهم يلقمون جمرات في النار تحرق أجوافهم، وأنهم يسقون من الحميم الذي هو أشد حرارة مما يتصور.

 

 

 

 

سادساً التولي يوم الزحف

 

عندما تتقابل الصفوف في القتال فينهزم من ينهزم ويسلط العدو على المسلمين فيأخذ بعضهم بالهرب بسبب انهزامه، فهذا هو التولي، وهو بذلك متوعد بوعيد شديد ذكره الله تعالى بقوله : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ )(الأنفال :15-16).

 

 

سابعاً قذف المحصنات الغافلات المؤمنات

 

لا شك أن القذف بهتان وظلم وكذب ورمي لمسلم بريء بفاحشة لم يعملها، وإلصاق له بتهمة يظهر شناعتها، فيلام بها ويعاب عليها, فلأجل ذلك كل من رمى إنسانا بريئا بفاحشة وهو عالم بأنه بريء استحق العقوبة ، قال تعالى : ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) (النور:4-5).

 

فقد عاقب الله من رمى مؤمنا بفاحشة بثلاث عقوبات :

1. الجلد لقوله تعالى : ( فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً )

2. رفض الشهادة لقوله تعالى : ( وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ).

3. الحكم عليهم بأنهم فاسقون لقوله تعالى : ( وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ).

 

 

 

 

من فوائد الحديث

 

يجب على كل مسلم اجتناب كل ذنب صغير وكبير ولا يستهين بالذنوب والمعاصي مهما كانت صغيرة فالإصرار على الصغيرة تجعلها كبيرة والله عز وجل جعل لكل كبيرة من الكبائر عقاب والله عدل وليس بظلام للعبيد فلنتقي الله ونسارع في التوبة والاستغفار ورد المظالم لأهلها .

تم تعديل 22 يوليو, 2008 بواسطة حنين مسلمة

[حنين مسلمة 34]

 

 

<< الحــديث الســـابع >>

 

 

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا ) رواه مسلم.

 

 

 

 

معـــاني الكلمـــات

 

( دعا إلى هدى ) : أي يبين للناس الخير الذي ينتفعون به في أمور دينهم ودنياهم.

( ضلالة ) : كل شيء فيه إثم مثل الغناء والربا والزنا وغيرهم.

 

 

 

 

من مسائل الحديث

 

الدعــوة بالأقـــوال وبالأفعـــال

 

الدعوة إلى الهدي والدعوة إلى الوزر تكون بالقول؛ كما لو قال أفعل كذا وكذا ، وتكون بالفعل خصوصاً من الذي يُقتدي به من الناس، فإنه إذا كان يُقتدي به ثم فعل شيئاً فكأنه دعا الناس إلى فعله, ومنهم من يدعو بفعله وبقوله إلى هدى ومنهم من يدعو إلى ضلالة.

 

 

شــروط الأمــر بالمعــروف والنهـي عن المنكـــر

 

1. أن يكون الآمر أو الناهي عالماً بأن هذا معروف يأمر به، وهذا منكر ينهى عنه، وإن لم يكن عالماً فإنه لا يجوز أن يأمر أو ينهى.

2. أن يعلم بوقوع المنكر من الشخص المدعو، أو بتركه للمعروف، فإن كان لا يعلم فإنه يرجم الناس بالغيب.

3. أن لا يتحول المنكر إذا نهى عنه إلى ما هو أنكر منه وأعظم.

 

 

 

 

كيفيــة الدعــوة إلى الله

 

قال الله تعالى : ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) (النحل:125).

 

1. أن يكون الإنسان حكيماً في دعوته , فكل أناس لهم دعوة خاصة حسب ما يليق بحالهم.

2. أن يقوم الإنسان بموعظة من يدعوهم , والموعظة هي التذكير المقرون بالترغيب أو الترهيب.

3. إذا كان الإنسان عنده شيء من المجادلة فيجادل ، والمجادلة بالتي هي أحسن من حيث الأسلوب ، والإقناع ، وذكر الأدلة الشرعية والعقلية.

 

 

وســائل الدعـــوة إلى الهــدى

 

الخطابة والمقالات وحلقات العلم وفي المجالس بشكل عام أن يفتح المسلم دعوة للمناقشة في أحد أمور الدين وأيضا عن طريق توزيع بعض الأشرطة الدينية والكتيبات الدينية , وإنفاق الأموال في وسائل الدعوة وغيرها من الوسائل.

 

حكـم الدعـــوة إلى الله

 

فإن الدعوة إلى الله تعالى واجبة على عموم الأمة وجوباً كفائيًا وواجبة وجوباً عينيًا على كل فرد من المسلمين بحسب استطاعته وقدر علمه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان ) رواه مسلم , فقد تكون الدعوة فرض عين بالنسبة إلى أقوام وإلى أشخاص، وسنة بالنسبة إلى أشخاص وإلى أقوام، لأنه وجد في محلهم وفي مكانهم من قام بالأمر وكفى عنهم.

 

قال الشيخ عبد الله بن باز رحمه الله : ما انتشر الباطل وأهله إلا يوم أن تخلى عن الحق أهله.

 

وأرجو أن تنفعكنَّ الفتوى التالية :

 

كيف يكون الإنسان داعية ؟

 

 

 

 

من فوائـد الحـديث

 

هذا الحديث يدلنا على فضل الدعوة إلى الله، والدعوة إلى الإسلام، وما فيها من أجور عظيمة بإذن الله فعلينا أن نبذل ما يمكننا من مجهود في الدعوة إلى الله تبارك وتعالى.

وكذلك يدل الحديث على إثم الدعوة إلى الكفر، والدعوة إلى البدع والدعوة إلى المعاصي والمحرمات وما فيها من آثام نعوذ بالله منها فيجب الابتعاد عن كل معصية وألا نكون من دعاة الضلالة.

[حنين مسلمة 34]

 

 

<< الحديــث الثـــامن >>

 

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يقول الله أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ هم خير منهم وإن تقرب مني شبرا تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا وإن أتاني يمشي أتيته هرولة ) رواه مسلم.

 

 

 

 

معـــاني الكلمــات

 

( أنا عند ظن عبدي بي ) : المراد به الرجاء وتأميل العفو.

( وأنا معه حين يذكرني ) : أي معه بالرحمة والتوفيق والهداية والرعاية.

 

 

ما المقصود بـ ( وإن تقرب مني شبرا تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا وإن أتاني يمشي أتيته هرولة )؟

 

أي من تقرب إلي بطاعتي تقربت إليه برحمتي والتوفيق والإعانة، وإن زاد زدت، فإن أتاني يمشي وأسرع في طاعتي أتيته هرولة أي صببت عليه الرحمة وسبقته بها ولم أحوجه إلى المشي الكثير في الوصول إلى المقصود، والمراد أن جزاءه يكون تضعيفه على حسب تقربه.

 

 

 

 

من مســـائل الحـديث

 

حســن الظــن بالله

 

حسن الظن بالله من مقتضيات التوحيد لأنه مبنيٌ على العلم برحمة الله وعزته وإحسانه وقدرته وحسن التوكل عليه ، فإذا تم العلم بذلك أثمر حسن الظن , وقد ذم الله في كتابه طائفة من الناس أساءت الظن به سبحانه فقال عن المنافقين والمشركين : ( الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ )( الفتح:6).

 

 

بين اليـــأس والغــرور

 

على العبد أن يتجنب محذورين في هذه القضية : المحذور الأول هو اليأس والقنوط من رحمة الله ، والمحذور الثاني هو الأمن من مكر الله.

فلا يغلِّب جانب الخوف بحيث يصل به إلى إساءة الظن بربه فيقع في اليأس والقنوط من رحمة الله ولا يركن إلى الرجاء وحده وحسن الظن بالله من غير إحسان العمل ، فإن هذا من السفه ومن أمن مكر الله قال تعالى : ( أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ) (الأعراف:99).

 

 

 

 

أقســـام ذكـــر الله

 

الأول : ذكر أسماء الله عز وجل وصفاته ومدحه والثناء عليه بها نحو : (سبحان الله) و (الحمد لله) و (لا إله إلا الله) .

الثاني : الخبر عن الله عز وجل بأحكام أسمائه وصفاته ، نحو : الله عز وجل يسمع أصوات عباده ويرى حركاتهم .

الثالث : ذكر الأمر والنهي كأن يقول : إن الله عز وجل أمر بكذا ونهى عن كذا .

الرابع : ذكر آلائه وإحسانه .

 

والذكر يكون بالقلب أو باللسان ، وأفضل الذكر ما تواطأ عليه القلب واللسان ، وذكر القلب أفضل من ذكر اللسان .

 

 

فضــل ذكـــر الله

 

قد ذكر ابن القيم رحمه الله أكثر من مائة فائدة لذكر الله منها :

1. ذكر الله يُورث صاحبه ذكر الله تعالى له كما قال تعالى : ( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ )(البقرة :152).

2. الذكر يزيل الوحشة بين العبد وربه.

3. الذكر يورث المراقبة والهيبة لله عز وجل.

4. الذكر يورث المحبة وهو قوت القلب والروح.

5. الذكر يطرد الشيطان.

6. الذكر يزيل الهم والحزن والغم عن القلب.

 

ولمزيد من الفائدة فالرابط التالي يوضح بعض العبادات التي يمكن للعبد أن يقوم بها في دقيقة واحدة ويغتنم بها الكثير من الحسنات بإذن الله تعالى

 

ماذا يمكن أن تفعل في دقيقة واحدة

 

 

 

 

كيف نتقرب إلى الله ؟

 

قال الله تعالى في الحديث القدسي : ( وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ) رواه البخاري.

فقد ذكر في هذا الحديث أن التقرب إلى الله تعالى على درجتين :

الدرجة الأولى : من تقرب إليه بأداء الفرائض ، ويشمل ذلك فعل الواجبات ، وترك المحرمات ، لأن ذلك كله من فرائض الله التي افترضها على عباده . والدرجة الثانية : من تقرب إليه بعد الفرائض بالنوافل.

 

 

 

 

منزلة الحديث

 

هذا الحديث من أحاديث الرجاء العظيمة التي تحث المسلم على حسن الظن بالله جل وعلا ، والإكثار من ذكره ، وبيان قرب الله من عبده إذا تقرب إليه العبد بأنواع الطاعات.

[حنين مسلمة 34]

 

 

<< الحديــث التــاسع >>

 

عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ) رواه مسلم.

 

 

 

 

معــاني الكلمــات

 

( عرافا ) : العراف هو الذي يدعي معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها على المسروق ومكان الضالة ونحو ذلك، وقيل: هو الكاهن، والكاهن هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل.

 

( فسأله عن شيء ) : ظاهر هذا اللفظ أن الوعيد مرتب على مجيئه وسؤاله، سواء صدقه أو شك في خبره؛ لأن مجرد الإتيان إليهم منهي عنه.

 

( لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ) : قال النووي معناه أنه لا ثواب له فيها، وإن كانت مجزئة في سقوط الفرض عنه، ولا يحتاج معها إلى إعادة.

 

 

 

 

من مسـائل الحـديــث

 

الكاهن والعرّاف

 

ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن العراف اسم للكاهن والمنجم والرمال ونحوهم ممن يتكلمون في معرفة الأمور المغيبة إما الماضية أو المستقبلة بالطرق التالية : طريق التنجيم أو طريق الخط في الرمل أو طريق الطرق على الحصى أو الخط في الرمل بطريق الطرق أو بالودع أو بالخشبة المكتوب عليها أباجاد أو قراءة الفنجان أو قراءة الكف كل من يخبر عن الأمور المغيبة بشيء يجعله وسيلة لمعرفة الأمور المغيبة يسمى كاهنا ويسمى عرافا؛ لأنه لا يحصل له أمره إلا بنوع من أنواع الكهانة.

 

ويجب معرفة أن كل الطرق السابقة عبارة عن وسائل يغّر بها الكاهن من يأتيه، فهي وسائل لا تحصل العلم ذاك ولكن العلم جاءه عن طريق الجن، وهذه الوسيلة إنما هي وسيلة للضحك على الناس لكي يظن الظان أنها تؤدي إلى العلم وأن هؤلاء أصحاب علم وفن بهذه الأمور، وفي الواقع هو لا يتحصل على العلم الغيبي عن طريق خط أو عن طريق فنجان أو عن طريق النظر في البروج أو نحو ذلك وإنما يأتيه العلم عن طريق الجن وهو يظهر هذه الأشياء حتى يحصل على المقصود حتى تصدقه الناس بأنه لا يستخدم الجن ولكنه ولي من الأولياء كيف يستنتج المغيبات من هذه الأمور الظاهرية!!

 

 

أحوال من يأتي إلى الكاهن والعرّاف

 

الأول: أن يأتي فيسأله بدون أن يصدقه، وبدون أن يقصد بيان حاله؛ فهذا محرم، وعقوبة فاعله أن لا تقبل له صلاة أربعين ليلة.

الثاني: أن يسأله فيصدقه، وهذا كفر بالله -عز وجل- يجب على الإنسان أن يتوب منه ويرجع إلى الله -عز وجل- وإلا مات على الكفر لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول ؛ فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ).

الثالث: أن يأتيه فيسأله ليمتحنه ويبين حاله للناس، فهذا لا بأس به.

 

 

 

 

هل السحر حقيقي ؟

 

ذهب جمهور العلماء إلى أن السحر حقيقة، وأن له تأثيرا، ولكن لا يكون إلا بقدرة الله تعالى؛ بتقديره الكوني القدري بمعنى: أن الساحر لا يضر ولا يؤثر في شيء إلا بإرادة الله، والإرادة هاهنا إرادة كونية قدرية لا إرادة دينية شرعية؛ والدليل قول الله تعالى: ( فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ )(البقرة:102), فأخبر بأن هذا من حيلهم، ومن أعمالهم أنهم يفرقون بين المرء وزوجه، وأن هذا بإذن الله أي: بإذن الله الكوني القدري لا بإذنه الشرعي؛ فإنه حرم هذا الفعل، وتوعد عليه وعاقب عليه، مع أن الساحر لا يقدر على ذلك إلا إذا أراد الله إرادة كونية قدرية.

 

السحر شرك بالله

 

الساحر إنسان مثل غيره من الناس، ولكن لا بد أن يستخدم الشياطين ومردة الجن، فإذا خدمهم خدموه، ولا شك أن خدمة الشيطان كفر وشرك، وقد ذُكر من خدمة الشيطان أمثلة كثيرة تدل على أن السحرة يتعاطون أعمالا شركية، وأنهم بها يتوصلون إلى هذا الفعل, ومن أقربها دعاء الشياطين من دون الله ثم لا بد للساحر أن يطيعهم في الذبح لهم، و الشيطان يحب من تقرب إليه بأية معصية ؛ لأنهم يحبون أن يُعصي الله، فكثير من السحرة قبل أن يبدأ في عمل السحر يأمره الشيطان بترك الصلاة فيتركها أياما متتابعة إلى أن يصير الشيطان في خدمته, كذلك أيضا: يتقرب الساحر إلى الشياطين بالنجاسات؛ فإن الشياطين تألف النجاسات والقاذورات فالساحر قد يلطخ ثيابه أو بدنه بالنجاسات إلى أن تطيعه الشياطين.

 

 

 

 

طريقة الوقاية من السحر

 

الوقاية والعلاج تكون بالرقية الشرعية وبكثرة تلاوة القرآن العظيم، والمداومة على الأذكار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم صباحا ومساء، والتجاء العبد إلى ربه بالدعاء بالحفظ والشفاء إن كان مصابا، وبالاستقامة على أوامر الله وتجنب المعاصي.

 

وأرجو منكنّ مراجعة الرابط التالي :

 

الرقية الشرعية

 

أضرار متابعة الكهان والعرافيين

 

1.خلل الإيمان بالله تعالى، وضعف التوكل عليه، والقدح في كمال التوحيد، وهذا لا شك أن عاقبته وخيمة, فكيف يلقى العبد ربه جل وعلا يوم القيامة بإيمان ضعيف مهزوز.

2.جلب الوساوس والشكوك وضعف العقل والتفكير، والتعلق بالمشعوذين والدجالين، وبالتالي تضعف ثقة الفرد بنفسه.

3.الأضرار الاجتماعية بما يؤديه هؤلاء الكهنة من تفريق بين المرء وزوجه وبين الأخ وأخيه وبالتالي تتفكك الأسر، ويحلل التقاطع والتدابر والشحناء بدل الصلة والمودة والمحبة، ثم ما يتبع ذلك من أضرار مادية.

تم تعديل 2 أغسطس, 2008 بواسطة حنين مسلمة

[حنين مسلمة 34]

 

<< الحديث العاشر >>

 

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم : ( أي العمل أحب إلى الله قال الصلاة على وقتها قال ثم أي قال ثم بر الوالدين قال ثم أي قال الجهاد في سبيل الله قال حدثني بهن ولو استزدته لزادني ) رواه البخاري.

 

 

 

 

معاني الكلمات

 

( الصلاة على وقتها ) : قيل البدار إلى الصلاة في أول أوقاتها أفضل من التراخي فيها وقال ابن دقيق العيد: المقصود الاحتراز عما إذا وقعت قضاء خارج وقتها.

 

( بر الوالدين ) : الوالدان هما الأب والأم وبرهما هو الإحسان إليهما ؛ بالقول والفعل والمال بقدر المستطاع.

 

( الجهاد ) : لغة بذل الإنسان جهده وطاقته , واصطلاحا : بذل المسلم جهده لإعلاء لكلمة الله تعالى والتمكين لدينه في الأرض .

 

 

 

 

من مسائل الحديث

 

 

الصـــلاة

 

الصلاة هي عمود الإسلام، وأهم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وأول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، فإن صلحت فقد أفلح ونجا، وإن فسدت فقد خاب وخسر.

 

الأكمل أن تكون الصلاة على وقتها المطلوب شرعاً ؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في جواب من سأله أي العمل أحب إلى الله عز وجل ؟ قال : ( الصلاة على وقتها ) ولم يقل ( في أول وقتها ) ؛ وذلك لأن الصلوات منها ما يُسن تقديمه ، ومنها ما يُسن تأخيره ، فصلاة العشاء مثلاً يُسن تأخيرها إلى ثلث الليل.

 

وقد اتفق الفقهاء على تحريم تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها بلا عذر شرعي لقول الله تبارك وتعالى : ( إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا )(النساء:103).

 

 

فضل الصلاة

 

1. الصلاوات تمحو الخطايا لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات . هل يبقى من درنه شيء ؟ ) قالوا : لا يبقى من درنه شيء . قال : ( فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا ) رواه البخاري.

 

2. الصلاوات مكفرات لما بينهنّ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر ) رواه مسلم.

 

 

ترك الصلاة

 

لا يجوز لمسلم أن يتهاون في الصلاة لأن الصلاة هي العهد الذي بيننا وبين المشركين من تركها فقد كفر ,قال الله تبارك وتعالى : ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا )(مريم:59) وعن عبد الله بن مسعود أنه قال أن الغيّ هو : واد في جهنم بعيد القعر, خبيث الطعم.

 

 

 

 

بــر الوالــديـــن

 

كيفية بر الوالدين في حياتهما

 

إن جماع حقوق الوالدين على أبنائهما الإحسان إليهما في كل شيء ، كما قال الله تعالى : ( وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا )(الأحقاف:15) .

 

وإن من أهم العبادات التي يُطالب بها العبد تجاه والديه طاعتهما ، وامتثال أمرهما ، والانتهاء عند نهيهما ، فإذا أمره والداه بأمر بادر بفعل ما أمر به ، وإذا نهياه عن شيء سارع في تركه ، ما لم يكن في ذلك معصية لله ورسوله ، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .

 

ثم الدعاء والاستغفار لهما ، خاصة عند كِبَر سنهما ، وضعفهما ، وحاجتهما إلى من يرفق بهما ، ويقوم بأمرهما ، قال الله تعالى : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا )(الإسراء:23-24).

 

 

كيفية بر الوالدين بعد مماتهما

 

1. إن كان الإبن عنده مال وعلى والديه ديْن أن يُبرئ ذمتهما بأداء الدَّيْن .

2. إن كان عنده مال ولم يؤد والداه الحج أن يحج عنهما ، أو يدفع المال لمن يحج عنهما .

3. أن يستغفر لوالديه ويدعو لهما بالرحمة والمغفرة ، فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنَّ الرجل لتُرفع درجتُه في الجنَّة فيقول : أنَّى هذا فيقال : باستغفار ولدك لك ) . رواه ابن ماجه ( 3660 ) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (1617)

 

 

مثال رائع لبر الوالدين :

 

قال سبحانه وتعالى عن عبده يحي بن زكريا : ( وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا )(مريم:14) , قال الطبري رحمه الله : ( وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ ) مسارعاً في طاعتِهما ومحبَّتهما ، غير عاقٍّ بهما , ( وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا ) أي لم يكن مستكبراً عن طاعة ربه وطاعة والديه ، ولكنه كان لله ولوالديه متواضعا متذللا ، يأتمر لما أمر به ، وينتهي عما نهي عنه ، لا يعصي ربه ، ولا والديه.

 

 

 

 

الجهـــاد

 

المقصود من الجهاد في الإسلام هو إقامة دين الله في الأرض ، وتحكيم شرعه وإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد وليس المقصود قتل غير المسلمين أو أخذ أموالهم, قال الله تعالى : ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله )(الأنفال:39) .

والكفار الذين نجاهدهم هم أنفسهم مستفيدون من الجهاد ، فإننا نجاهدهم ونقاتلهم حتى يدخلوا في دين الله المقبول عنده ، وذلك سبب نجاتهم في الدنيا والآخرة .

 

 

مراتب الجهاد

 

قال ابن القيم رحمه الله الجهاد أربع مراتِب :

 

أولا : جهاد النفس بأن يُجَاهِدَهَا على تَعَلُّمِ الهُدَى ، والعَمَلِ به بَعْدَ عِلْمِهِ ، والدعوة إليه ، والصبر على مَشَاقّ الدّعوة إلى الله .

ثانيا : جهاد الشيطان : جهاده على دفع ما يُلْقِي إلى العبد من الشُبُهَاتِ والشّهَوَات ، والشكُوكِ القَادِحة في الإيمان ، وجهاده على ما يُلْقِي إليه من الإرادات الفاسدة والشهوات.

ثالثا ورابعا جهاد الكفار والمنافقين : بالقلب واللسان والمال والنفس ، وجهاد الكفار أخَصُّ باليَدِ وجهاد المنافقين أخَصُّ باللِّسان .

 

وأكْمَلُ الخَلْقِ من كَمَّلَ مراتِبَ الجِهَاد كلّها ، والخَلْقُ مُتَفَاوِتُونَ في منازِلِهِمْ عند الله ، تفاوتهم في مراتب الجهاد.

 

 

أعظم الجهاد

 

وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :أعظم الجهاد : الجهاد بالنفس ، ثم الجهاد بالمال والجهاد بالرأي والتوجيه .

 

حكم جهاد الكفار

 

الجهاد فرض كفاية لا فرض عين ، وعلى جميع المسلمين أن يجاهدوا في نصر إخوانهم بالنفس والمال والسلاح والدعوة والمشورة ، فإذا خرج منهم من يكفي : سلم الجميع من الإثم ، وإذا تركوه كلهم أثموا جميعاً .

ويكون الجهاد الكفار باليد واجباً في أربع حالات هي :

1- إذا حضر المسلم الجهاد.

2- إذا حضر العدو وحاصر البلد .

3- إذا استنفر الإمام الرعية يجب عليها أن تنفر .

4- إذا احتيج إلى ذلك الشخص ولا يسد أحد مسدَّه إلا هو .

 

 

عقوبات ترك الجهاد

 

وإذا ترك المسلمون الجهاد في سبيل الله ، وآثروا حياة الدعة والراحة ، وركنوا إلى الدنيا ،

أصابهم الهلاك في الدنيا والآخرة وأصابهم الذل والهوان ، وفسدت أمورهم ، وعرضوا أنفسهم لمقت الله تعالى وغضبه . وتعرض الإسلام للضياع ، وطغيان الكفر عليه . ولذلك كان ترك الجهاد من كبائر الذنوب .

 

 

حكم جهاد المرأة

الجهاد غير واجب على المرأة فعن عائشة رضي الله عنها قالت : قلت : يا رسول الله هل على النساء جهاد ؟ قال : ( نعم عليهن جهاد لا قتال فيه : الحج والعمرة ).

 

 

 

 

من فوائد الحديث

 

في الحديث فضل تعظيم الوالدين، وأن أعمال البر يفضل بعضها على بعض. وفيه السؤال عن مسائل شتى في وقت واحد، والرفق بالعالم، والتوقف عن الإكثار عليه خشية ملاله، وما كان عليه الصحابة من تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم والشفقة عليه، وما كان هو عليه من إرشاد المسترشدين ولو شق عليه.

[أمل الأمّة 1093]

 

 

>

 

عن ابن عباس رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم : (أريت النار فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن قيل أيكفرن بالله قال يكفرن العشير ويكفرن الإحسان لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت ما رأيت منك خيرا قط) رواه البخاري.

 

 

 

 

معاني الكلمات:

 

الكفران: مصدر كفر، وكفر: غطى، يقال: كفرت البذرة في الأرض إذا غطيتها، وكفر المعروف إذا غطاه، وإنما سمي الكافر كافراً لأنه جحد معروف الله وآياته.

 

العشير :الزوج ،وإنما سمي عشيراً من المعاشرة وهي المصاحبة.

 

 

 

 

مسائل الحديث :

 

الصدقة:

 

أما القضية الأولى: فقوله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر: (تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار }.).. فيا معاشر المسلمات! الخطاب لكن أولاً، ثم أنتم يا رجال الإسلام! ويا أبناء لا إله إلا الله! ويا أحفاد محمد صلى الله عليه وسلم! تصدقوا.

ما هي الصدقة؟

الصدقة لا حد لأدناها أو لأعلاها، أما أدناها فالبسمة، والكلمة الطيبة، وإماطة الأذى عن الطريق صدقة، وأما أعلاها فاسمع إلى الله وهو يقول: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )[البقرة:261].

وهي أنواع: أعظمها وأجلها الصدقة بالعلم، كما قال ابن القيم ، ثم الصدقة بالنفس، بأن تسكب دمك في سبيل الله، وتبيع روحك من الله.

 

 

 

 

معنى: كفران العشير وكيف يكون

 

قال سُبحَانَهُ وَتَعَالى: (يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ )[الفتح:29].

قال بعض المفسرين: الكفار: الزراع؛ لأنهم يكفرون البذرة في الأرض، وقال غيرهم: بل الكفار هنا هم الكفار المعروفون الذين كفروا بالله ورسوله واليوم الآخر.

وإنما سمي الزوج عشيراً من المعاشرة وهي المصاحبة، قال سُبحَانَهُ وَتَعَالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [النساء:19].

فكفران العشير من أسباب دخول المرأة في النار، فهي تجحد المعروف، وتنسى الكرم، لو يبدأ معها حياته في شغف ويبذل كل ما يملك ثم تسمع كلمة نابية منه فإنها تنسى المعروف كله، وتنـزل عليه بكلام مثل القذائف، وتكفر بمعروفه وجوده وكرمه، فهذا هو معنى كفران العشير.

فيقول صلى الله عليه وسلم: { تكفرن العشير } والرسول صلى الله عليه وسلم يعلم ما يتكلم به لسانه، فقد عاش في البيت زوجاً، ولو لم يتزوج لقال الناس: إنه عليه الصلاة والسلام ما عاشر المرأة، ولا صاحبها ولا عرف أخلاقها، لكن من نعمة الله عز وجل أن أرسله بشراً، ولم يرسله ملكاً، فلو كان رسولنا ملكاً وقلنا للناس: انظروا إلى صبر الرسول وكرمه وزهده، لقالوا: إنه ملك، لكن جعله بشراً ليكون لنا قدوة، ولذلك عاش مع المرأة صلى الله عليه وسلم، والله يقول: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً) [الرعد:38].

 

 

حقوق الزوج

 

أولاً: طاعة الله تبارك وتعالى فهو أعظم الحقوق.

ثانياً: طاعة الزوج في طاعة الله.

ثالثاً: أن تحسن العشرة بالخلق والطاعة في المعروف، وأن تحفظ نفسها وما له، فلا تجلس أحداً لا يرضاه ولا يرضى دخوله على فراشه أبداً، ولا تتبرج ولا تتكشف، ولا تخنه بالغيب، فإذا فعلت ذلك فقد أساءت له كل الإساءة، وقد قطعت ما بينها وبينه من الرحم والصلة والحقوق الزوجية، ونعوذ بالله من امرأة تفعل ذلك، وتخون زوجها بالغيب فإن الله يقول: (حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ) [النساء:34].

والمرأة التي تحفظ الله بالغيب هي التي تحفظ زوجها في نفسها وماله.

 

 

حقوق الزوجة

 

أما الزوجة فمن حقوقها:

الرحمة بها واللطف، والكسوة والنفقة، وإعانتها على طاعة الله عز وجل، وإعطاؤها حقوقها في الوقت وفي غيره، والصبر على ما يأتي ويبدر منهن؛ لأن المرأة كالضلع الأعوج، يصبر على أذاها، وكما في الحديث: {لا يفرك مؤمن مؤمنة -أي لا يطلق مؤمنٌ مؤمنة- إن كره منها خلقاً رضي آخر } .

 

 

 

 

كفران الإحسان :

 

والوصية للمرأة أن تتقي الله في زوجها، فقد صح من حديث أبي أمامة عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وأطاعت زوجها؛ دخلت جنة ربها } أو كما قال عليه الصلاة والسلام.. ولا تجحد المعروف، فإن ألأم الناس وأشأمهم من جحد المعروف، ولذلك يسميه العرب لئيماً..

 

فأبغض الناس إلى قلوب الناس هو الذي يجحد معروفهم، وينسى إحسانهم، ويتغافل عما قدموه من مكرمات، فكيف بالزوج الذي قدم لزوجته من المكرمات ما الله به عليم!

تم تعديل 9 أغسطس, 2008 بواسطة حنين مسلمة

[أمل الأمّة 1093]

 

 

>

 

عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات : (لعن الله من ذبح لغير الله ، لعن الله من لعن والديه ، لعن الله من آوى محدثاً ، لعن الله من غير منار الأرض ) رواه مسلم.

 

 

 

 

معاني الكلمات :

 

اللعن : هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله.

آوى محدثًا : حمى الجاني (كالقاتل والسارق ) من إقامة الحد عليه ، أو أقرّ مبتدعًا في الدين ورضي ببدعته .

منار الأرض : علامات حدود الأرض التي بين الجار وجاره ، أو العلامات التي يهتدى به في الطريق .

 

 

 

 

مسائل الحديث :

 

 

الأعمـال المتوعد فاعلها بلعنة الله :

في هذا الحديث العظيم توعد الرسول صلى الله عليه وسلم باللعن من فعل أحد هذه الأمور الأربعة المنهية عنها ، وهي :

 

1-الذبح لغير الله :

 

ومن أمثلته:

 

- من يذبح لقبر نبي ، أو ولي ، أو غيرهما .

-من يذبح للشيطاين أو الجن طلبًا للشفاء كما يحدث عند السحرة.

-من يذبح في طريق كبير القوم تعظيمًا له .

-من يذبح عند عتبة البيت استرضاء لشيطاين الجن ، أو لكف شرهم عن أهل المنزل.

وسواء أكان المذبوح من بهيمة الأنعام ، أو غير ذلك فكله من الشرك الأكبر ، ويحرم الأكل من تلك البهيمة والانتفاع بها على أي وجه كان .

 

 

 

 

2-لعن الوالدين :

 

لعن الوالدين من كبائر الذنوب ، ويكون ذلك إما :

-لعنًا مباشرًا :وهو أن يواجه الوالدين باللعنة .

-أو بالتسبب ، كأن يعلن الرجل أبا رجل آخر فليعن أباه ، كما جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : (من الكبائر شتم الرجل والديه. قالوا : يارسول الله وهل يشتم الرجل والديه ؟ قال : نعم يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه ) .

وقد ذكر الله سبحانه حق الوالدين بعد حقه سبحانه فقال : ( واعبدوا الله ولاتشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا ). (سورة النساء آية 36) .

ولم يخص سبحانه نوعًا من أنواع الإحسان ليعم جميع أنواعه.

 

 

 

إيواء المحدث:

 

 

جاء الإسلام بالعدل بين الناس ونصرة المظلوم وأخذ حقه من الظالم ، فمن آوى مجرمًا يستحق العقاب ونصره أو منع العقاب عنه فهو متوعد بلعنة الله لما في ذلك من انتشار الظلم في المجتمع ، كما جاء الإسلام بالأمر باتباع السنة والنهي عن البدعة ، فمن رضي بالبدعة أو أقر فاعلها أو نصره فهو متوعد باللعنة أيضًا .

 

 

 

 

تغيير منار الأرض:

 

 

من غير علامات حدود الأرض التي بينه وبين جاره فقدّم أو أخّر ليغتصب من أرضه فقد ظلمه ، وأوقع الناس في مخاصمات ونزاعات تفت في عضد المجتمع فتوعد الرسول صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك باللعن ، كما يحث الإسلام على التعاون وإرشاد التائه لئلا يضل في الطريق فيهلك ، فمن بدل العلامات التي توضع على الطريق فهو متوعد باللعنة أيضًا .

 

 

 

 

فوائد الحديث :

 

هذه هي الكبائر الأربع المتوعد صاحبها باللعن .

فالذبح لغير الله شرك أكبر ، ولعن الوالدين وإيواء المحدث وتغيير منار الأرض من المعاصي المنافية لكمال التوحيد الواجب.

فعلى المسلم أن يكون مجانبًا لها ولغيرها مما يوجد غضب الله ولعنته .

[أمل الأمّة 1093]

 

 

>

 

 

عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب قالوا من هم يا رسول الله قال هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون) رواه مسلم.

 

 

 

 

معاني الكلمات

 

( لا يسترقون ) : أي لا يطلبون الرقية من أحد لكمال توكلهم على الله وتعلق قلوبهم به، وإن كان طلب الرقية جائزا وأيضاً إن كانوا يرقون أنفسهم أو يرقون غيرهم .

( لا يتطيرون ) : أي لا يتشاءمون .

( لا يكتوون ) : أي لا يطلبون من يكويهم, والكي هو إحراق الجلد بحديدة ونحوها.

( يتوكلون ) : أصل التوكل الوكول، يقال وكلت أمري إلى فلان أي ألجأته إليه واعتمدت فيه عليه.

 

 

 

 

من مسائل الحديث

 

 

أهوال يوم الحساب

 

في يوم الحساب يقف العباد بين يدي ربهم خاضعين أذلاء ، يكلمهم ربهم ، فيسألهم عن الصغير والكبير ، مع ما هم عليه من العنت والمشقة ، ومعاينة أهوال ذلك اليوم العظيم , ويبدأ الحساب بشفاعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وذلك أن الخلق يطول بهم المقام في الموقف ، وينالهم منه تعب وشدة ، فيذهبون إلى الأنبياء ليشفعوا لهم عند ربهم ليقضي بين العباد ، ويبدأ الحساب ، فكلهم يأبى عليهم , فيأتي الناس النبي صلى الله عليه وسلم فيقول : أنا لها ، أنا لها ، فيشفع صلى الله عليه وسلم إلى ربه ليبدأ الحساب ، وهذا هو المقام المحمود الذي وعده الله إياه .

 

 

 

 

محاسبة الله لعباده

 

وتختلف محاسبة الله لعباده تبعاً لأعمالهم في الدنيا كما يلي :

• قسم تعد أعمالهم وتحصى عليهم على رؤوس الأشهاد، ثم يُدْخلون النار وهم الذين كفروا .

• قسم يدخلهم الله الجنة بغير حساب وسيأتي بإذن الله توضيح صفاتهم .

• قسمٌ يخلو به الرب عز وجل ويقرره بذنوبه حتى يعترف ثم يقول له سبحانه وتعالى : ( قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم ) ثم يدخلهم الجنة وهذا هو الحساب اليسير.

• قسم لم يتحدد مصيرهم بعد وهم أصحاب الأعراف ، وهم قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم ، فهؤلاء يوقفون على مرتفع بين الجنة والنار ، ثم يدخلهم الله الجنة برحمة منه.

• قسم غلبت سيئاتهم حسناتهم فاستحقوا العقاب وهم عصاة المؤمنين ، وهؤلاء تحت مشيئة الله سبحانه ، إن شاء عفا عنهم ، وإن شاء عذبهم ، ثم يخرج من عُذِّب منهم بالنار بشفاعة الشافعين أو بكرم أرحم الراحمين جلا وعلا.

 

 

 

 

حقوق العباد

 

أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من حقوق الله الصلاة ، وأول ما يحاسب عليه من حقوق العباد الدماء , والحقوق المتعلقة بالخلق من أشدِّ ما يحاسب عليه العبد بعد الشرك بالله ، وذلك أن العفو عنها مرتبط بالمظلومين أنفسهم ، والناس في ذلك اليوم أحرص ما يكونُ على الحسنات ، لذلك أمر صلى الله عليه وسلم بالتحلل من المظالم في الدنيا قبل أن يكون القصاص بالحسنات والسيئات.

 

 

 

 

صفات من يدخلون الجنة بغير حساب

 

أولا : لا يسترقون

 

جاءت أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم تدل على جواز الرقية، وجواز ‏الاسترقاء، وهو طلب الرقية، فقد رقي النبي أصحابه وأذن لهم في الرقي وقال: ( من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل ) رواه مسلم, وأيضا قول عائشة رضي الله عنها: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني أن استرقي من العين ) رواه مسلم , ولا تعارض بين هذه الأحاديث وبين ما ذُكر في صفات من يدخلون الجنة بغير حساب لأن أحاديث الرقية تدل على الجواز، وهذا الحديث يدل على فضيلة ترك ذلك اعتماداً على ‏قوة التوكل على الله تعالى، ورسوخ اليقين , فغاية ما هنالك أن الاسترقاء يتنافى مع كمال التوكل، وليس محرماً ولا مكروهاً، وإنما هو ‏جائز.

 

والرقية الشرعية هي ما اجتمع فيها ثلاثة أمور :

• أن تكون بكلام الله أو بأسمائه وصفاته أو المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم .

• أن تكون باللسان العربي وما يعرف معناه لأنه يكره الدعاء بغير العربية ، وإنما يرخص لمن لا يحسن العربية ، فأما جعل الألفاظ الأعجمية شعاراً فليس من دين الإسلام .

• أن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بتقدير الله تعالى .

 

ثانياً : ولا يتطيرون

 

قد نهى الشرع عن الطيرة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( الطيرة من الشرك ) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح , والطيرة هي التشاؤم بمرئي أو مسموع أو معلوم.

إلا أن الشرع استثنى من ذلك ثلاثة أشياء، وهي المرأة والدار والفرس حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم : (لا عدوى ولا طيرة وإنما الشؤم في ثلاثة : المرأة والفرس والدار ) رواه مسلم، والطيرة التي أباحها ليست بمعنى التشاؤم المنهي عنه، وإنما معناه أن هذه الأشياء قد تكون سببا في ضرر الإنسان، فأباح له الشرع فراق المرأة والتحول من الدار والتخلص من الفرس، ليستبدل بها ما هو أنفع له.

 

ثالثاً : ولا يكتوون

 

فالذين لا يكتوون هم الذين لا يسألون غَيرهم أنْ يكويهم استسلاماً للقضاء، وتلذذا بالبلاء , والكي بالنار من العلاج المعروف لكثير من الأمراض، والكي جائز عند الضرورة مع اعتقاد أن الشفاء من الله لا من مجرد الكي، فإن الله عز وجل هو الذي يبرئه ويشفيه لا الكي ولا الدواء، وهذا أمر يكثر فيه شكوك الناس، يقولون: لو شرب الدواء لم يمت، ولو أقام ببلده لم يقتل، ولو اكتوى لم يعطب.

والكي مكروه إذا استعمل على سبيل الاحتراز من حدوث المرض وقبل الحاجة إليه , أما العقاب بالكي، فقد جاء النهي عن التعذيب بالنار، والإخبار بأن ذلك لله وحده لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( فإنه لا يعذب بالنار إلا رب النار ) صححه الألباني في صحيح الجامع.

 

رابعاً : على ربهم يتوكلون

 

التوكلُ على اللّه هو صِدقُ اللجوء إليه، والاعتمادُ بالقلب عليه، الذي هو نهايةُ تحقيق التوحيد، الذي يُثمر كلَّ مقام شريف: من المحبة، والرجاء، والخوف، والرضا به رباً وإلهاً، والرضا بقضائه.

وقيل أن التوكل هو الاسترسال مع الله تعالى على ما يريد.

 

 

 

 

التوكل لا ينافي الأخذ بالأسباب

 

يحصل التوكل بأن يثق بوعد الله ويوقن بأن قضاءه واقع، ولا يترك اتباع السنة في ابتغاء الرزق مما لا بد له منه من مطعم ومشرب وتحرز من عدو بإعداد السلاح والتداوي بما أحله الله فقد قالت الأعراب يا رسول الله ألا نتتداوى قال : ( نعم يا عباد الله تداووا ، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء – أو دواء – إلا داء واحدا ) ، فقالوا : يا رسول الله وما هو ؟ قال : ( الهرم ).

ومع ذلك فلا يطمئن إلى الأسباب بقلبه بل يعتقد أنها لا تجلب بذاتها نفعا ولا تدفع ضرا، بل السبب والمسبب فعل الله تعالى والكل بمشيئته، فإذا وقع من المرء ركون إلى السبب قدح في توكله , لأن الأخذ بالأسباب أمر فطري ضروري، لا انفكاك لأحد عنه .

 

 

 

 

فوائد الحديث

 

• فإذا علم المسلم ما يكون في ذلك اليوم من الحساب والعقاب ، وكيفية القصاص في المظالم والسيئات ، كان حريَّاً به أن يحاسب نفسه قبل أن يحاسب ، كما قال عمر رضي الله عنه : " حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وتزينوا للعرض الأكبر " .

• عظم ما أكرم الله سبحانه وتعالى به النبي صلى الله عليه وسلم وأمته زادها الله فضلا وشرفا.

[حنين مسلمة 34]

 

<< الحديث الرابع عشر >>

 

عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه وسلم بها عشرا ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة ) رواه مسلم .

 

 

 

 

معاني الكلمات

 

( الأذان ) : معناه الإعلام لغة، وخصه الشرع بألفاظ مخصوصة في أوقات مخصوصة فإذا وجدت الأذان، وما زاد على ذلك من قول أو فعل أو هيئة يكون من مكملاته.

‏( ‏ما يقول ‏)‏ : قال ‏"‏ ما يقول ‏"‏ ولم يقل مثل ما قال ليشعر بأنه يجيبه بعد كل كلمة مثل كلمتها‏.‏

( الوسيلة ) : قال أهل اللغة الوسيلة هي المنزلة عند الملك.

(حلت له الشفاعة ) : أي وجبت له وقيل نالته.

( الشفاعة ) : هي التوسط للغير في جلب المنفعة أو دفع المضرة.

 

 

 

 

من مسائل الحديث

 

 

حكم إجابة المؤذن

 

اختلف العلماء في حكم إجابة المؤذن ومتابعته في كلمات الأذان والصحيح هو قول جمهور العلماء : أن متابعته مستحبة غير واجبة فلا إثم على من ترك إجابة المؤذن ولم يتابعه ، غير أنه يفوته بذلك الأجر العظيم عند الله تعالى .

 

 

فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

 

هذا الحديث يدل على الفضل العظيم للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وقد وردت أحاديث أخرى تدل على فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم منها :

 

• قال النبي صلى الله عليه وسلم : (من صلى علي واحدة ، صلى الله عليه عشرا ) رواه مسلم.

• قال النبي صلى الله عليه وسلم : (من صلى علي واحدة ، صلى الله عليه بها عشر صلوات ، و حط عنه عشر خطيئات ، و رفع له عشر درجات ) صححه الألباني.

 

 

 

 

كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

 

فعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: لقيني كعب بن عجرة فقال : ألا أهدي لك هدية، إن النبي صلى الله عليه وسلم خرج علينا فقلنا يا رسول الله، قد عَلِمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: ( اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد ) متفق عليه.

 

والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بإحدى صيغ الصلوات الإبراهيمية هو الأكمل، ويجوز أن نقول اللهم صل على محمد، أو صلى الله على محمد ونحو ذلك.

 

 

المواطن التي يستحب فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم :

 

تشهد الصلاة وعند ذكره وسماع اسمه ، أو كتابته، وعند الأذان ويوم الجمعة وعند دخول المسجد وفي مقدمات الرسائل ، وما يكتب بعد البسملة والحمد.و بعد إجابة المؤذن وعند الإقامة.

 

 

 

 

أقسام الشفاعة

 

• القسم الأول : الشفاعة التي تكون في الآخرة ـ يوم القيامة.

• القسم الثاني : الشفاعة التي تكون في أمور الدنيا.

 

 

أنواع الشفاعة في الآخرة :

 

• النوع الأول: الشفاعة الخاصة، وهي التي تكون للرسول صلى الله عليه وسلم خاصة لا يشاركه فيها غيره من الخلق.

• النوع الثاني: الشفاعة العامة، وهي تكون للرسول صلى الله عليه وسلم ويشاركه فيها من شاء الله من الملائكة والنبيين والصالحين.

 

 

 

 

شرح النوع الأول من الشفاعة

 

الشفاعة الخاصة، وهي التي تكون للرسول صلى الله عليه وسلم خاصة لا يشاركه فيها غيره من الخلق وهي أقسام :

 

أولها: الشفاعة العظمى :

وهي من المقام المحمود الذي وعده الله إياه ، وحقيقة هذه الشفاعة هي أن يشفع لجميع الخلق حين يؤخر الله الحساب فيطول بهم الانتظار في أرض المحشر يوم القيامة فيبلغ بهم من الغم والكرب ما لا يطيقون ، فيقولون: من يشفع لنا إلى ربنا حتى يفصل بين العباد، فيأتي الناس إلى الأنبياء فيقول كل واحد منهم : لست لها، حتى إذا أتوا إلى نبينا صلى الله عليه وسلم فيقول: ( أنا لها، أنا لها ). فيشفع لهم في فصل القضاء ، فهذه الشفاعة العظمى، وهي من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم.

 

ثانيها : الشفاعة لأهل الجنة لدخول الجنة:

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح فيقول الخازن: من أنت؟ فأقول: محمد، فيقول: بك أمرت لا أفتح لأحد قبلك ) رواه مسلم وفي رواية أخرى لمسلم : ( أنا أول شفيع في الجنة ).

 

ثالثها : شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب فيخفف عنه عذاب النار . وهي خاصة منه صلى الله عليه وسلم وخاصة في عمه أبي طالب .

 

رابعها : شفاعته صلى الله عليه وسلم في دخول أناس من أمته الجنة بغير حساب :

وهذا النوع ذكره بعض العلماء واستدل له بحديث أبي هريرة الطويل في الشفاعة وفيه : ( ثُمَّ يُقَالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ سَلْ تُعْطَهْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَقُولُ أُمَّتِي يَا رَبِّ أُمَّتِي يَا رَبِّ أُمَّتِي يَا رَبِّ فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لا حِسَابَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْبَابِ الْأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْأَبْوَابِ ) رواه البخاري ومسلم.

 

 

 

 

شرح النوع الثاني من الشفاعة

 

الشفاعة العامة، وهي تكون للرسول صلى الله عليه وسلم ويشاركه فيها من شاء الله من الملائكة والنبيين والصالحين وهي أقسام:

 

أولاها: الشفاعة لأناس قد دخلوا النار في أن يخرجوا منها . والأدلة على هذا القسم كثيرة جدا.

 

ثانيها: الشفاعة لأناس قد استحقوا النار في أن لا يدخلوها، وهذه قد يستدل لـها بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه) أخرجه مسلم ,فإن هذه شفاعة قبل أن يدخل النار، فيشفعهم الله في ذلك.

 

ثالثها: الشفاعة لأناس من أهل الإيمان قد استحقوا الجنة أن يزدادوا رفعة ودرجات في الجنة.

 

 

 

 

شروط الشفاعة

 

1) رضا الله عن المشفوع له، لقول تعالى: (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى) الأنبياء/ 28 . وهذا يستلزم أن يكون المشفوع له من أهل التوحيد لأن الله لا يرضى عن المشركين.

2) إذن الله للشافع أن يشفع لقوله تعالى : ( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ) البقرة/255 .

3) رضا الله عن الشافع، لقوله تعالى: (إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى) النجم/26.

[حنين مسلمة 34]

 

 

<< الحديث الخامس عشر >>

 

 

عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة ومثل الذي يقرأ وهو يتعاهده وهو عليه شديد فله أجران) رواه البخاري.

 

 

 

 

معاني الكلمات

 

( مثل ) : بفتحتين أي صفته.

( حافظ ) : أي الكامل الحفظ الذي لا يتوقف ولا يشق عليه القراءة بجودة حفظه واتقانه.

( السفرة ) : جمع سافر وهم الكتبة الذين يكتبون من اللوح المحفوظ.

 

( الكرام ) : أي المكرمين عند الله.

( البررة ) : المطيعين المطهرين من الذنوب وكلمة " البررة " من البر وهو الطاعة .

( وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة ) : معناه كأنه مع السفرة فيما يستحقه من الثواب.

( وهو عليه شديد فله أجران ) : يضاعف له أجره وأجر الأول أعظم.

 

 

 

 

من مسائل الحديث

 

القرآن الكريم

 

القرآن الكريم هو كلام رب العالمين أنزله الله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ليخرج الناس من الظلمات إلى النور, وقد بين الله في القرآن الكريم أخبار الأولين والآخرين وخلق السماوات والأرضين وفصل فيه الحلال و الحرام وأصول الآداب والأخلاق وأحكام العبادات والمعاملات وسيرة الأنبياء والصالحين وجزاء المؤمنين والكافرين ووصف الجنة دار المؤمنين ووصف النار دار الكافرين وجعله تبيانـــاً لكل شيء.

 

وفي القرآن الكريم بيان لأسماء الله وصفاته ومخلوقاته والدعوة إلى الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر , وفيه دعوة إلى النظر والتفكر في الآيات الكونية والآيات القرآنية .

القرآن الكريم كتاب الله إلى الناس كافة , ومصدق لما بين يديه من الكتب كالتوراة والإنجيل ومهيمن عليها , وبعد نزول القرآن أصبح هو كتاب البشرية إلى أن تقوم الساعة فمن لم يؤمن به فهو كافر يعاقب بالعذاب يوم القيامة .

 

 

 

 

فضل حفظ القرآن

 

1. حفظ القرآن سنة متبعة , فالنبي صلى الله عليه وسلم قد حفظ القرآن الكريم بل وكان يراجعه جبريل عليه السلام في كل سنة. كما في مسلم عن فاطمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن جبريل كان يعارضه بالقرآن كل عام مرة، وإنه عارضه به في العام مرتين ) .

 

2. حفظ القرآن ينجي صاحبه من النار, فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لو جمع القرآن في إهاب ما أحرقه الله بالنار ) رواه البيهقي، وصححه الألباني.

 

3. أنه تنال به الشفاعة كما في الحديث : ( اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه ) رواه مسلم.

 

4. أن القرآن يرفع صاحبه في الجنة درجات كما في الحديث : ( يقال لصاحب القرآن يوم القيامة اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها ) رواه أحمد والترمذي وأبو داود وصححه الأرناؤوط والألباني , والمقصود بقارئ القرآن في الحديث: هو الذي كان يتلوه في الدنيا حق تلاوته، ويعمل بأحكامه فيأتمر بأوامره ويزدجر عن نواهيه، فهذا قارئ القرآن الذي يقرؤه رغبة فيه.

 

5. أنه جعل تعظيم حامله من الأدلة على تعظيم الله تعالى، ففي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط ) رواه أبو داود والبخاري في الأدب المفرد، وحسنه الألباني.

 

6. أن حفظة القرآن هم أهل الله وخاصته فقد روى النسائي وابن ماجه وغيرهما من حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن لله أهلين من الناس، قالوا: ومن هم يا رسول الله؟ قال: أهل القرآن هم أهل الله وخاصته ) والحديث صححه الألباني..

 

7. أن حفظ القرآن سبب الرفعة في الدنيا والآخرة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين ) رواه مسلم.

 

8. تقديم الحافظ لإمامة الصلاة على غيره , ففي صحيح مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى ).

 

9. إلحاق منزلته بأهل الخير، كما في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال: ( الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة ) متفق عليه.

 

10. أن الغبطة الحقيقية تكون في حفظ القرآن ففي الحديث : ( لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله الكتاب فهو يقوم به آناء الليل وأطراف النهار.......) الحديث متفق عليه.

 

11. أن حفظ القرآن وتعلمه خير من الدنيا وما فيها، ففي الحديث : ( أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين، وثلاث خير من ثلاث، وأربع خير من أربع ومن أعدادهن من الإبل ) رواه مسلم.

 

 

 

 

عدل الله تبارك وتعالى

 

عدل الله اقتضى المساواة بين الناس فمن سهل عليه القرآن تلاوة وحفظا وترتيلا فهو مع هؤلاء الملائكة الذين آتاهم الله القرآن فهم ماهرون به وهو سهل عليهم . أما من يقرأ القرآن ويجد صعوبة في ذلك كأن يكون سيء الحفظ أو أميا تصعب عليه القراءة أو غير عربي لا يحسن النطق الصحيح أو تصعب عليه قراءة الحروف العربية ، كل هؤلاء لهم أجران أجر التلاوة الصحيحة السليمة الميسرة وأجر الصعوبة التي يتكبدونها والأجر هنا على قدر المشقة.

 

لماذا أجر الحافظ أعظم ؟؟

 

قال القاضي وغيره من العلماء ليس معناه الذي يتتعتع عليه له من الأجر أكثر من الماهر به بل الماهر أفضل وأكثر أجرا لأنه مع السفرة وله أجور كثيرة ولم يذكر هذه المنزلة لغيره وكيف يلحق به من لم يعتن بكتاب الله تعالى وحفظه واتقانه وكثرة تلاوته وروايته كاعتنائه حتى مهر فيه والله أعلم.

 

وإليكن المقال التالي :

 

خطوات حفظ القرآن الكريم

 

 

 

 

حكم حفظ القرآن كاملاً

 

فلا شك أن في حفظ القرآن الكريم خيراً عظيماً إلا أنه ورغم هذا الفضل فقد ذهب الفقهاء إلى أن حفظ ما عدا الفاتحة وسورة معها من القرآن الكريم ليس فرض عين على كل مسلم، بل هو فرض كفاية، فيجب على المسلمين أن يوجد بينهم عدد كافٍ يحفظ كل القرآن، وإن لم يوجد بينهم هذا العدد أثم الجميع، وإن وجد العدد سقط الإثم عن الجميع.

 

وقد روى البخاري قوله صلى الله عليه وسلم فيمن يكون إماماً في الصلاة: "ليؤمكم أكثركم قرآناً" وهذا يدل على أن هناك تفاوتاً بين الصحابة في كثرة حفظ القرآن، ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك عليهم، وقد مات صلى الله عليه وسلم والصحابة على هذا التفاوت في الحفظ.

 

 

هجر القرآن

 

قال الله تعالى في كتابه حكاية عن نبيه صلى الله عليه وسلم: ( وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا ) [الفرقان: 30] وذكر أهل العلم عند تفسير هذه الآية أنواع هجر القرآن وهي :

 

1. عدم الاستماع إليه إذا تلي، وإكثار اللغط والكلام عند تلاوته حتى لا يسمع.

2. ترك الإيمان به وعدم التصديق.

3. ترك تدبره وتفهمه.

4. ترك العمل به فلا تمتثل أوامره ولا تجتنب نواهيه.

5. ترك التحاكم إليه.

6. عدم الاستشفاء به.

7. العدول عن سماعه إلى سماع آلات اللهو والغناء والطرب.

 

 

 

 

من فوائد الحديث

 

لا تكن من الذين يهجرون كتاب الله، ولا يذكرونه إلا في مواسم معينة، ولتحرص كل الحرص وأنت تتلو كتاب الله أن تستحضر نية الإخلاص لله سبحانه، وأن تكون على حالة من الخشوع والوقار، لأنك تتلو كتاب رب العالمين.