اذهبي الى المحتوى

إكرام نور

العضوات
  • عدد المشاركات

    788
  • تاريخ الانضمام

  • تاريخ آخر زيارة

مشاركات المكتوبهة بواسطة إكرام نور


  1. &&الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد&&

     

    الحديث عن النعيم المقيم والإيمان الراسخ بالمنزل الكريم من الغفور الرحيم هو سلوة الأحزان، وحياء القلوب، وحادي النفوس، ومهيجها إلى القرب من ربها ومولاها.

     

    الحديث عن النعيم والرضوان لا يسأمه الجليس، ولا يمله الأنيس، عزت دار الفردوس من دار، وجل فيها المبتغى والمرام، دار وجنان تبلغ فيها النفوس مناها، قصور مبنية طابت للأبرار، غرسها الرحمن بيده، وملأها برضوانه ورحمته، وموضع السوط فيها خير من الدنيا وما فيها.

     

     

    أخي(أختي) الحبيب(ة):

     

    المسلم في كل أحواله لا يفكر إلا بالجنان، يصلي من أجل رضا ربه ودخولها، يصوم الهواجر طلباً لها، يبذل الخير أينما كان من أجل أراضي الجنان، الصغير والكبير، الذكر والأنثى، الطائع والعاصي يتمنى أن تكون الجنة هي المقام، جعلها أناس نصب أعينهم يتذكرونها في أفراحهم وأحزانهم، وشغلهم وفراغهم، وفي سفرهم وإقامتهم، لأنهم قرءوا في كتاب ربهم وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [الأعراف:43]. وفي يوم القيامة، يوم الحسرة والندامة، يقف العالم بأكمله وقفة ما أشدها من وقفة، وقفة تحمل الخوف والرجاء، والنور والظلام، تحمل الألم والأمل، إنها وقفة تحمل دعاء واحداً، اللهم سلم سلم.. اللهم سلم سلم. وبعد الفصل بينهم تعلن أسماء الفائزين والفائزات والخاسرين والخاسرات فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ [آل عمران:185]. تخيلوا أيها المؤمنون ذلك المؤمن كان في خوف وهلع، فيؤمر بدخول الجنان والخلود فيها، ويفرح بالنجاة من لهيب النار وحرها. ثم هاهو صاحبنا يطأ أرض الجنان، وينتقل في رياضها مع المتحابين، ويدخل حدائقها نزهة المشتاقين، وينظرُ لأول مرة إلى تلك الخيام اللؤلؤية وهي منصوبة على ضفاف الأنهار في أرض خضراء، ومناخ بهيج، ورائحة أزكى من المسك والزعفران، ثم يمعن النظر فيرى قصراً مشيداً به أنوار تتلألأ، وحوله فاكهةٌ كثيرةٌ لا مقطوعة ولا ممنوعة، تخيلوا أيها الأخوة شعور ذلك المؤمن في هذه اللحظات، ويعلم أنه خالد مخلد في ذلك النعيم.

     

     

    أخي(أختي) المسلم(ة):

     

    مع الشعور الذي يجده ذلك المؤمن فثمة أمر ينتظره يسعد به سعادةً ويفرحه زيادةً زيادةً، فثمة أناس في الجنة خلقهن الله من أجل ذلك المؤمن وأمثاله، وزينتهن في أجمل زينة، لتزف إلى زوجها. قال الله عنهن فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ [الرحمن:56]، وقال عنهن: كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ [الرحمن:58]، ووصفهن ربهن فقال: كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ [الواقعة:23]، ووصف نشأتهن وهيئتهن فقال: إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً (36) عُرُباً أَتْرَاباً [الواقعة:35-37] وجوههن جمعت الجمال الباطن والظاهر من جميع الوجوه، في الخيام مقصورات، وللطرف قاصرات، لا يفنى شبابها، لا يبلى جمالها، ولو اطلعت إحداهن على الدنيا لملأت ما بين السماء والأرض ريحاً، وعطراً، وشذاً، ولطمست ضوء الشمس كما تطمس الشمس ما في النجوم من ضياء، راضيات لا يسخطن أبداً.

     

    ناعمات لا يبأسن أبداً، خالدات لا يمتن أبداً، جميلة حسناء، بكر عذراء كأنها الياقوت، كلامها رخيم، وقدها قويم، وشعرها بهيم، وقدرها عظيم، وجفنها فاتر، وحسنها باهر، وجمالها زاهر، ودلالها ظاهر.

     

     

    كحيلٌ طرفها *** عذبٌ نُطقُها

     

     

    عجبٌ خلقها *** حسنٌ خُلُقُها

     

     

    كثيرة الوداد عديمة الملل، أيها الاخوة جمالها لا تتخيله العيون، ورائحتها، وملبسها، وجمال كلامها لا يخطر على قلب. فتعلم هناك - وهناك فقط - أن فيها ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر، وفي لحظات الجنان وبينما ذلك المؤمن ينعم ويمشي على بساط الجنة متنقلاً ما بين حدائقها، وخيامها، وأنهارها وإذا به ينظر نظرة أخرى لذلك القصر المشيد بأنواره المتلألئة وخضرته الناظرة، عندها يبشر المؤمن أن أقبل، فهذا قصرك، وداخله زوجتك تنتظرك منذ أن كنت في الدنيا، فينطلق إليها وتنطلق إليه في أجمل زفاف بينهم، السندس والإستبرق لباسهما، والذهب واللؤلؤ أساورهما، فتقبل إليه ونصيفها على كتفها خير من الدنيا وما فيها، فيعانق الحبيبان عناقاً لا تمله ولا يملها، ويجلسان في ظل ظليل بين الأشجار والرياحين، ومن حولهم أكواب موضوعة فيتبادلان كؤوس الرحيق المختوم، والتنسيم، والسلسبيل، وكأس من خمر لذة للشاربين، فيجلسان على تلكم البسط الحسان، ويتكئان على تلكم الوسائد المصفوفة، وتتوالى عليهم ومن بينهم المسرات، والخيرات، والإحسان، والمكرمات فيقولون: وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ [فاطر:34]. إنه عرس زفاف في هدوء ورضا يغمره السلام، والإطمئنان، والود، والأمان، ويبلغهم ربهم السلام: سَلاَمٌ قَوْلاً مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ .[يس:58] والملائكة يقولون لهم: سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ [الرعد:24]. في هذا الجو العابق وهم على الأرائك متكئون يرون أنهار الجنان تتدفق من بينهم، أنهار، من ماء ولبن، وأنهار من عسل مصفى، وأنهار من خمر لذة للشاربين. يرون فاكهة كثيرة فيأكلون، ولحم طير مما يشتهون فيتلذذون.

     

    فأبدانهم متنعمة بالجنان، والأنهار، والثمار، وقلوبهم متنعمة بالخلود والدوام في جنة الرحمن.

     

    بعد ذلك تطيب الجلسة بينهم على ضفاف أنهار العسل فيتبادلان أجمل الأحاديث والذكريات في حب ونظرات وأترككم مع ابن الجوزي، ليصف لكم جلسته وحديثه فيقول:

     

    ( إن الحور العين تقول: لولي الله وهو متكيء على نهر العسل وهي تعطيه الكأس وهما في نعيم وسرور أتدري يا حبيب الله متى زوجني الله إياك؟ فيقول: لا أدري، فتقول: نظر إليك في يوم شديد حره وأنت في ظمأ الهواجر فباهى بك الملائكة وقال: انظروا يا ملائكتي إلى عبدي، ترك شهوته، ولذته وزوجته وطعامه وشرابه، رغبة فيما عندي، أشهدكم أني قد غفرت له. فغفر لك يومئذ وزوجني إياك ).

     

    فيا سبحان الله بصيام يوم شديد حره يتلذذ ذلك المؤمن وزوجته على ضفاف أنهار العسل، فهذا زفت عروسه لصيامه، وآخر لخشيته لربه وإشفاقه، وتُزفُّ العروس لأصحاب القلوب المتعلقة بالمساجد، تُزفُّ العروس للمنفقين سراً وجهراً، تُزفُّ العروس أيها الإخوة للذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش، تُزفُّ العروس لأهل القرآن الذين يرتقون في الجنان، تُزفُّ العروس للذين هم لفروجهم حافظون، ولأماناتهم وعهدهم راعون، تُزفُّ العروس لعيون طالما نفرت دموعها خشية من ربها، تُزفُّ لأجساد وقلوب وهبت نفسها لله، تُزفُّ لأهل التوبة والإستغفار، تُزفُّ العروس للعفيف المتعفف، والضعيف المتضعف، والمتواضع ذي الطمرين المدفوع بالأبواب، تُزفُّ العروس لتارك المراء ولو كان محقاً، وتارك الكذب ولو كان مازحاً، تُزفُّ لمن حسن خلقه، وكظم غيظه، وعفا عمّن ظلمه، تُزفُّ لمن أفشى السلام، وصلى بالليل والناس نيام، الله أكبر أهل الجنان والحور أقوام آمنوا بالله وصدقوا المرسلين: وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [الأعراف:43].

     

     

    فيا خاطبَ الحسناءِ إن كنتَ باغياً *** فهَذا زمانُ المهرِ فهو المقدمُ

     

     

    وكن مبغضاً للخائنات لحبها *** فتَحظى بها من دونهن وتنعمُ

     

     

    وصم يومك الأدنى لعلك في غد *** تفوزُ بعيدِ الفطرِ والناس صومُ

     

     

    كلنا نريد أن تُزفَّ إلينا تلك العروس فلماذا تضيع من بين أيدينا بلذة ساعة ومتاع دنيا؟

     

    محرومٌ محرومٌ من شرب الخمر في الدنيا وحرم نفسه شربها مع زوجته في الجنة، محرومٌ محرومٌ من انتهك الأعراض بالزنا وحرم نفسه التلذذ بالحور بالآخرة، محرومٌ محرومٌ من استمع إلى الغناء في الدنيا وحرم نفسه سماع غناء الأشجار مع زوجته في الجنان.

     

    يقول ابن عمر رضي الله عنهما: ( والله لا ينال أحداً من الدنيا شيئاً إلا نقص من درجاته عند الله وإن كان عنده كريم ). ويقول ابن الجوزي رحمه الله في صيد الخاطر: ( بقدر صعود الإنسان في الدنيا تنزل مرتبته في الآخرة )، وقبل ذلك يقول ربنا عز وجل: مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً (18) وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً [الإسراء:19،18].

     

     

    أخي(أختي) المسلم(ة):

     

    الحور الحسان في الجنان تزفُّ إلى أفضل زوج لها بعد الأنبياء والصديقين إنه من باع نفسه من أجل الله، صاحب الدماء الطاهرة ذات الرائحة الزكية، إلى ذلك الرجل الذي يقبل على ربه بدمه الملون لون الدم، والريح ريح المسك، إنه الشهيد في سبيل الله تلكم العيون التي باتت تحرس وتجاهد في سبيل الله حتى بلغت المراد والمنى، ولن يجفّ دم شهيد حتى تتمتع عيناه بالحور الحسان.

     

     

    أيها الأحبة:

     

    فإليكم هذه القصة: في البصرة كان هناك نساء عابدات، وكان من بينهن أم إبراهيم الهاشمية توفي زوجها الصالح وترك لها إبراهيم فربّته أفضل تربية، حتى نشأ نشأة صالحة حتى أنَّ ولاة البصرة يتمنونه زوجاً لبناتهم، وفي يوم من الأيام أغار العدو على ثغر من ثغور الاسلام، فقام عبد الواحد بن زيد البصري خطيباً بالناس يحثهم على الدفاع عن الإسلام، وكانت أم إبراهيم تستمع إلى كلامه، وأخذ عبد الواحد يصف الحور الحسان فقال:

     

     

    غادة ذات دلالٍ ومرح *** يجد التائه فيها ما اقترح

     

     

    زانها الله بوجهٍ جمعت *** فيه أوصاف غريبات الملح

     

     

    بدأ يصف اكثر واكثر، فماج الناس، وأقبلت أم إبراهيم فقالت له: يا أبي عبيد، أتعرف ولدي إبراهيم؟ رؤساء أهل البصرة يخطبونه لبناتهم، فأنا والله أعجبتني تلك الجارية، وأن أرضاها زوجاً لولدي فكرّرْ عليّ ما قلت من زصفها وجمالها، فقال عبد الواحد وزاد:

     

     

    تولّد نورُ النُّور من نورِ وجهها *** فمازج طيب الطيب من خالصِ العطرِ

     

    فاشتاق الناس إلى الشهادة في سبيل الله، فقالت أم إبراهيم: يا أبا عبيد، هل لك أن تزوج إبراهيم تلك الجارية، فاتَّخذ مهرها عشرة آلاف دينار، ويخرج معك في هذه الغزوة، فلعل الله أن يرزقه الشهادة، فيكون شفيعاً لي ولأبيه يوم القيامة، فقال لها عبد الواحد: لأن فعلت لتفوزن أنت وزوجك فنادت ولدها إبراهيم من وسط الناس فقال لها لبيك يا أماه، فقالت: أي بني، أرضيت بهذه الجارية زوجة لك ببذل مهجتك في سبيل الله؟ فقال إبراهيم: أي والله يا أمي رضيت وأي رضا، فقالت: اللهم إني أشهدك أني قد زوجتُ ولدي هذا من هذه الحورية ببذل مهجته في سبيلك فتقبله مني يا أرحم الراحمين، ثم انصرفت فاشترت لولدها فرساً جيداً وسلاحاً، ثم خرج الجيش للقتال، وهم يرددون قول الله تعالى: إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ [التوبة:111].

     

    فلما أرادت أم إبراهيم فراق ولدها أعطته كفناً وحنوطاً، وقالت له: أي بني إن أردت لقاء العدو فتكفّن بهذا الكفن وتحنّط بهذا الحنوط، وإياك أن يراك الله مقصراً في سبيله، ثم ضمّته إلى صدرها وقبّلته وقالت له: لا جمع الله بيني وبينك إلا بين يديه في عرصات القيامة، وارتحل الجيش، وودعت أم إبراهيم ولدها، قال عبد الواحد: فلما واجهنا العدو برز إبراهيم في المقدمة، فقتل من العدو خلقاً كثيراً، ثم تجمعوا عليه فقتلوه، وكتب الله النصر للمسلمين، فلما رجع الجيش إلى البصرة غانماً منتصراً، خرج أهل البصرة يستقبلونهم، ومن بينهم أم إبراهيم ترقب ولدها فلما رأت عبد الواحد قالت له: يا أبا عبيد، هل قبل الله هديتي فأهنَّأ فقال: قد قبلت هديتك فخرّت ساجدة لله تعالى وقالت الحمد لله الذي لم يخيِّب ظنِّي وتقبَّل نسكي مني، فلمّا كان من الغد جاءت أم إبراهيم إلى عبد الواحد بن زيد فقالت: يا أبا عبيد رأيت البارحة إبراهيم في منامي في روضة حسناء، وعليه قبة خضراء، وهو على سرير من اللؤلؤ، وعلى رأسه تاجاً وإكليلاً، وهو يقول لي: يا أماه أبشري فقد قُبِل المهر، وزُفَّت العروس.

     

     

    يا عباد الله:

     

    هذه الحور الحسان، وهذه الجنان، وهذا سبيلها، فهل رأيتم أشد غبناً ممن يبيع الجنان العالية بحياة أشبه بأضغاث أحلام يبيع الحور بلذة قصيرة وأحوال زهيدة؟ أي سفه ممن يبيع مساكن طيبة في جنان عدن بأعطان ضيقة، وخراب بوار.

     

    فيا حسرة هذا المتخلف حين يرى ركب المؤمنين سائرين الى الجنان، ويمنع من دخولها، عندها سوف يعلم أي بضاعة أضاع.

     

     

    العروس الأجمل:

     

    تلكم المرأة الصالحة التي عاشت في هذه الدنيا نقية عفيفة صالحة مصلحة، تلكم المرأة التي باعت الدنيا بالآخرة، تقبل على ربها يوم القيامة، فتدخل الجنان، فتكون هي الأجمل، بل وأن الحور يكونون خدما لها، فهنيئا لها ولأمثالها.

     

    وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

     

     

     

    منقول


  2. لم يكلف نفسه بالسؤال ... ولكن

     

    كثير من المسلمين اليوم يقوم بفعل الشىء ، وبعد أن يتمه يأتيك سائلاً عن حُكمه ، فربما كان الحكم حراماً أو حلالاً ، أو مكروهاً أو مندوباً ... فماذا يفعل هذا المسلم لو كان الحكم حراماً ؟ ! ؛ إنه ارتكب إثماً - ولا شك - في حق نفسه لأتفه الأسباب ، لأنه لم يكلف نفسه بالسؤال ولا الاستفسار عن حكم هذا العمل الذي يريد الإقدام عليه قبل عمله والوقوع فيه .

     

    بل الأمر الأدهى من ذلك هو ذلك المسلم الذي يقوم بفعل الشيء وهو لا يعرف حكمه ، ثم لا يسأل ولا يبالى إن كان الحكم حراماً أو حلالاً ، مندوباً أو مكروهاً ... الخ .

     

    ونجد فئة من الناس الغالب عليهم أنهم لا يسألون عن الحكم الشرعي ، بل ونجد الرجل منهم حينما يتقدم الخاطب إلى خِطبة ابنته ، لا ينام الليل ولا النهار حتى يعلم أدق الأمور عنه فيسأل القريب والبعيد عنه ، وقد يضطر أحياناً إلى السفر إلى الخارج للبحث والاستفسار عنه ، وكذلك يحقق ويزن الأمور التي توصل إليه ، أليس هذا واقعنا المعاصر ؟ .

     

    اعلم يا عبد الله : أن كل حركة أو إشارة أو كلمة أو نظرة لها وعليها حساب ؛ قال الله - تعالى - :{ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ومَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَراً يَرَهُ}.

     

    وأنت تعلم ما الذرة وما كبرها ، فينبغي معرفة حكم الشيء قبل الإقدام عليه فإن كان حراماً ابتعدت عنه ، وإن كان حلالاً أقدمت عليه ... وزِنْ الأمور قبل وقوعها بميزان الصراط المستقيم ، ميزان الحق والعدل ، ميزان الحلال والحرام ، ميزان لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله .

     

     

     

    :: موسوعة الفتاوى ::

     

    منقول


  3. https://akhawat.islamway.net/forum/index.php?showtopic=13811

     

    السلام عليكم ورحمه الله وبركاته ........

     

     

    رسالة إلى من ترك شيئاً لله

     

    إن من ترك لله شيئًا عوضه الله خيرًا منه والعوض من الله أنواع مختلفة وأجل ما يعوض به الإنس بالله ومحبته وطمأنينة القلب بذكره وقوته ونشاطه ورضاه عن ربه تبارك وتعالى مع ما يلقاه من جزاء في هذه الدنيا ومع ما ينتظره من الجزاء الأوفى في العقبى .0

    نماذج لأمور من تركها لله عوضه الله خيرًا منها

     

     

     

    1- من ترك مسألة الناس ورجاؤهم وإراقة ماء الوجه أمامهم وعلق رجاؤه بالله دون سواه عوضه خيرًا مما ترك فرزقه حرية القلب وعزة النفس والاستغناء عن الخلق ( ومن يتصبر يصبره الله ومن يستعفف يعفه الله ) .

     

    2- ومن ترك الاعتراض على قدر الله فسلم لربه في جميع أمره رزقه الله الرضا واليقين وأراه من حسن العاقبة ما لا يخطر له ببال .

     

     

    3- ومن ترك الذهاب للعارفين والسحرة رزقه الله الصبر وصدق التوكل وتحقق التوحيد .

     

     

    4- ومن ترك التكالب على الدنيا جمع الله له أمره وجعل غناه في قلبه .. واتته الدنيا وهي راغمة .

     

     

    5- ومن ترك الخوف من غير الله وأفرد الله وحده بالخوف سلم من الأوهام وأمنه الله من كل شئ فصارت مخاوفه أمنًا وبردًا وسلامًا .

     

     

    6- من ترك الكذب ولزم الصدق في ما يأتي ويذر هدي إلى البر وكان عند الله صديقًا ورزق لسان صدق بين الناس فسودوه وأكرموه وأصاغوا السمع له لقوله .

     

     

    7- ومن ترك المراء وإن كان محقًا ضمن له بيت في ربض الجنة وسلم من شر اللجاج والخصومة وحافظ على صفاء قلبه وأمن من كشف عيوبه .

     

     

    8- ومن ترك الغش في البيع والشراء زاد ثقة الناس به وكثر إقبالهم على سلعته .

     

     

    9- ومن ترك الربا وكسب الخبيث بارك الله في رزقه وفتح له أبواب الخيرات والبركات .

     

     

    10- ومن ترك النظر إلى المحرم عوضه الله فراسة صادقة ونورًا وجلاء ولذة يجدها في قلبه

     

    .

    11- ومن ترك البخل وآثر التكرم والسخاء أحبه الناس واقترب من الله والجنة وسلم من الهم والغم وضيق الصدر وترقى في مدارج الكمال ومراتب الفضيلة . " ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون " .

     

     

    12- ومن ترك الكبر ولزم التواضع كمل سوؤددته وعلى قدره وتناهى فضله . قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه في الصحيح ( ومن تواضع لله رفعه ) .

     

     

    13- ومن ترك المنام ودفأه ولذته وقام يصلى لله عز وجل عوضه الله فرحًا ونشاطًا وأنسًا

     

    .

    14- ومن ترك التدخين وكافة المسكرات والمخدرات أعانه الله وأمده بألطاف من عنده وعوضه صحة وسعادة حقيقية لا تلك السعادة الوهمية العابرة .

     

     

    15- ومن ترك الانتقام والتشفي مع قدرته على ذلك عوضه الله انشراحًا في الصدر وفرحًا في القلب ففي العفو من الطمأنينة والسكينة والحلاوة وشرف النفس وعزها وترفعها ما ليس شيئًا منه في المقابلة والانتقام . قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم : ( وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزة ) .

     

     

     

    16- ومن ترك صحبة السوء التي يظن أنها بها منتهى أنسه وغاية سروره عوضه الله أصحابًا أبرارًا يجد عندهم المتعة والفائدة وينال من جراء مصاحبتهم ومعاشرتهم خيري الدنيا والآخرة .

     

    17- ومن ترك كثرة الطعام سلم من البطنة وسائر الأمراض لأن من أكل كثيرًا شرب كثيرًا فنام كثيرًا فخسر كثيرًا

     

    .

    18- ومن ترك المماطلة في الدين أعانه الله وسدد عنه بل كان حقًا على الله عونه .

     

     

    19- ومن ترك الغضب حفظ على نفسه عزتها وكرامتها ونأى بها عن ذل الاعتذار وغبة الندم ودخل في زمرة المتقين . " والكاظمين الغيظ "

     

    .

    20- ومن ترك الوقيعة في أعراض الناس والتعرض لعيوبهم ومغامزهم عوض بالسلامة من شرهم ورزق التبصر في نفسه . قال الشافعي رحمه الله :

    المرء إن كان مؤمنًا ورعًا اشغله عن عيوب الورى ورعه

    كما السقيم العليل أشغله عن وجع الناس كلهم وجعهم

     

     

    21- ومن ترك مجاراة السفهاء وأعرض عن الجاهلين حمى عرضه وأراح نفسه وسلم من سماع ما يؤذيه " خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين " .

     

     

    22- ومن ترك الحسد سلم من أضراره المتنوعة فالحسد داء عضال وسم قتال ومسلك شائن وخلق لئيم ومن لؤم الحسد أنه موكل بالأدنى فالأدنى من الأقارب والأكفاء والخلطاء

     

     

    منقول


  4. ولكن نحن من اضعفنا انفسنا بالهوان والذل لهم

    وعدم الرد عليهم وشرح لهم معانى الاسلام وما هو الاسلام

    فكل ما قالو عنا شئ او عن الاسلام قلنا لهم نعم

    او سكتنا وهذا ما اتاح لهم بان نرضى منهم باى شئ ولو كان هذا ضدنا وضد ديننا

    نحن من اساء الى الاسلام بتصرفاتنا ونحن من خضع لهم ولما يريدون بدافع

    الخوف انهم اقوياى بما لديهم ونحن ضعفاء فيجب علينا عدم الرد عليهم

    هكذا جنينا بايدينا الذل والعار والخزى

    فلم يعد لدينا القدره على ان ندافع عن ديننا وما يهدف اليه !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!


  5. كن في الدنيا كأنك غريب

     

    دار ابن خزيمة

     

     

     

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله ومن والاه.. وبعد:

     

    إعلمي أختي الحبيبة أن هذه الحياة الدنيا أنفاس معدودة في أماكن محدودة. وأن هذه الحياة ( بحر ) و الأنفاس ( مراكب ) تقربنا إلى الشاطئ. وأن الحياة ( سفر )، وهو إن طال العمر أو قصر لابد أن ينتهي إلى المنزل والمستقر في نهاية المطاف: إما إلى جنة أبداً، أو إلى نار أبداُ.

     

    فهل من مشمّر إلى الجنة؟ أم تريد القعود مع القاعدين؟

     

     

    فحيّ على جنات عدن فإنها *** منازلنا الأولى وفيها المخيم

     

     

    أختي الحبيبة

     

    لقد دق ناقوس الرحيل، وتهيأ الركب للمسير، فوضعوا الزاد، وملئت المزاد، و حملت الإبل.. وأنتم لم تزل في الرقدة الأولى بعد!

     

     

    أختي الحبيبة

    ..

     

    كلنا لابد أن يركب قطار الآخرة و يسافر. فهل تريد أن ترحل كريماً، ويحسن استقابلك، وتنزل منزلاً؟

     

    أم تريد أن تذهب مخفوراً؟ وتُستقبل مهاناً؟ وتلقى ملوماً مدحوراً؟

     

    إن من أراد سفراً سأل ونقّر، وأعد له العدة وفكر، وهيّأ له الزاد وقدّر. فما بالنا نغفل عن السفر الطويل إلى الآخرة؟

     

    إن الأيام تسير بنا وإن لم نسر، والأنفاس مراحل تقربنا إلى القبر الذي هو أول منازل الآخرة. وبعد ذلك أهوال وأهوال.

     

     

    فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة *** وإلا فإني لا إخالك ناجياً

     

    فماذا تراك قد أعددت لهذا السفر الطويل الذي بدأ بالفعل منذ نزلت من بطن أمك؟

     

     

    أيام عمرك تذهب *** وجميع سعيك يَكتب

     

     

    ثم الدليل عليك منك *** فأين أين المهرب؟

     

    فالبدار البدار.. فلا يوجد ثم طريق للهرب أو الفرار.

     

    عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : { بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا }.

     

    فبادر يا أخي بالأعمال الصالحة في زمن المهلة قبل أن تفلت من يدك الفرصة.

     

    قال : { لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله: من أين اكتسبه، وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه }.

     

    وقال :{ نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ }.

     

    فالفراغ نعمة عظيمة لمن شغلها بطاعة الله تعالى. فالنفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك هي بالباطل.

     

     

    لقد هاج الفراغ عليك شغلاً *** وأسباب البلاء من الفراغ

     

    يُحكى أن رجلاً كان يحاسب نفسه، فحسب يوماً سني عمره، فوجدها ستين سنة. فحسب أيامها، فوجدها واحداً وعشرين ألف يوم وخمسمائة يوم.

     

    فصرخ صرخة، و خرّ مغشياً عليه. فلما أفاق قال: يا ويلتاه، أنا آتي ربي بواحد وعشرين ألف ذنب وخمسمائة ذنب؟!

     

    يقول هذا لو كان يقترف ذنباً واحداً في كل يوم، فكيف بذنوب كثيرة لا تحصي؟

     

    ثم قال: آه عليّ، عمرت دنياي، وخربت أخراي، وعصيت مولاي، ثم لا أشتهي النقلة من العمران إلى الخراب. وأنشد:

     

     

    منازل دنياك شيّدتها *** وخرّبت دارك في الآخرة

     

     

    فأصبحت تكرهها للخرا *** ب وترغب في دارك العامرة

     

    وفي الحديث: { اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك }.

     

    واعلم أخي الحبيب أن لك موضعين تندم عندهما حيث لا ينفع الندم:

     

    الأول: عند الاحتضار؛ حيث تريد مهلة من الزمن لتصلح ما أفسدت، وتتدارك ما ضيعت، ولكن هيهات.

     

    الثاني: عند الحساب؛ حيث تُوفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون.

     

    قال ابن مسعود رضي الله عنه: ( ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه؛ نقص فيه أجلي، و لم يزد فيه عملي ).

     

    وقال سعيد بن جبير: ( إن كل يوم يعيشه المؤمن غنيمة ).

     

     

    أختي الحبيبة

     

    إن الليل و النهار رأس مال المؤمن؛ ربحها الجنة، وخسرانها النار. والسنة شجرة: الشهور فروعها، والأيام أغصانها، والساعات أوراقها، والأنفاس ثمارها. فمن كانت أنفاسه في طاعة؛ فثمرته شجرة طيبة، ومن كانت أنفاسه في في معصية؛ فثمرته حنظل والعياذ بالله.

     

    قال الحسن: ( من علامة إعراض الله عن العبد أن يجعل شغله فيما لا يعينه؛ خذلاناً من الله عز وجل ).

     

    و قال أبو حازم: ( إن بضاعة الآخرة كاسدة، يوشك أن تنفق، فلا يُوصل منها إلى قليل ولا كثير. ومتى حيل بين الإنسان والعمل لم يبق إلا الحسرة والأسف عليه، ويتمنى الرجوع إلى حال يتمكن فيها من العمل، فلا تنفعه الأمنية ).

     

    يا هذا..الليل و النهار مراحل ينزلها الناس مرحلة مرحلة حتى ينتهي بهم ذلك إلى آخر سفرهم. فإن استطعت أن تقدم في كل مرحلة زاداً لما بين يديها، فافعل. فإن انقطاع السفر عن قريب ماهو، والأمر أعجل من ذلك. فتزود لسفرك، واقض ما أنت قاض من أمرك، فكأنك بالأمر قد بغتك.

     

     

    إنما الدنيا إلى الجنة والنار طريق *** والليالي متجر الإنسان والأيام سوق

     

    قال الحسن رحمه الله: ( ما مرّ يوم على ابن آدم إلا قال له: ابن آدم، إني يوم جديد، و على عملك شهيد، وإذا ذهبت عنك لم أرجع إليك، فقدّم ما شئت تجده بين يديك، وأخّر ما شئت فلن يعود أبداُ إليك ).

     

     

    تؤمل في الدنيا طويلاً و لاتدري *** إذا جنّ ليل هل تعيش إلى الفجر

     

     

    فكم من صحيح مات من غير علة *** وكم من مريض عاش دهراً إلى دهر

     

    وقال أبو نصر آبادي: ( مراعاة الأوقات من علامات التيقظ ).

     

    وقال مورق العجلي: ( يا ابن آدم.. تؤتى كل يوم برزقك وأنت تحزن، وينقص عمرك وأنت لا تحزن وتطلب ما يطغيك وعندك ما يكفيك ).

     

    وقال الحسن: ( لم يزل الليل والنهار سريعين في نقص الأعمار، وتقريب الآجال. هيهات، قد صبّحا نوحاً وعاداً وثموداً وقروناً بين ذلك كثيراً، فأصبحوا قد أقدموا على ربهم ووردوا على أعمالهم. وأصبح الليل والنهار غَضّين جديدين لم يبلهما ما مرّا به، مستعدين لما بقي بمثل ما أصاب به من مضى ).

     

    لقد كان السلف الصالح مشغولين دائماً بالآخرة، منتبهين لقيمة الوقت.

     

    قال ابن مهدي: ( كنا مع سفيان الثوري جلوساً بمكة، فوثب و قال: النهار يعمل عمله ).

     

    وقال علي ابن أبي طالب رضي الله عنه: ( إن الدنيا قد ارتحلت مدبرة، وإن الآخرة قد ارتحلت مقبلة، ولكل منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فاليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل ).

     

     

    أختي الحبيبة

     

    ينبغي أن تذكر نفسك دائماً بهذا السؤال: لماذا خُلقنا؟ ويجيب رب العزة: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56].

     

    ثم تأمل قول أبي الدرداء رضي الله عنه: ( لولا ثلاث ما أحببت العيش يوماً واحداً: الظمأ لله بالهواجر، والسجود لله في جوف الليل، ومجالسة أقوام ينتقون أطياب الكلام كما يُنتقى أطياب الثمر ).

     

    وانظر أخي الكريم إلى وصية النبي التي حكاها ابن عمر رضي الله عنهما: ( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ).

     

    قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله: ( إن الدنيا ليست بدار قراركم، كتب الله عليها الفناء، وكتب على أهلها الظعن. فأحسنوا ما بحضرتكم من النقلة، وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ).

     

     

    سبيلك في الدنيا سبيل مسافر *** ولابد من زاد لكل مسافر

     

     

    ولابد للإنسان من حمل عدة *** ولا سيما إن خاف صولة قاهر

     

    قال الحسن: ( ابن آدم، إنك بين مطيتين يوضعانك: الليل إلى النهار، والنهار إلى الليل، حتى يسلمانك إلى الآخرة. فمن أعظم خطراً منك؟ ).

     

    ياهذا، إنك لم تزل في هدم عمرك منذ خرجت من بطن أمك. وإنما أنت أيام معدودة، كلما ذهب يوم ذهب بعضك.

     

     

    ألم تر أن اليوم أسرع ذاهب *** وأن غداً للناظرين قريب

     

    سأل الفضيل رجلاً: كم أتت عليك؟ قال: ستون سنة. فقال: فأنت ننذ ستين سنة تسير إلى ربك، ويوشك أن تبلغ. فقال الرجل: إنا لله وإنا إليه راجعون.

     

     

    ومن عجب الأيام أنك جالس *** على الأرض في الدنيا وأنت تسير

     

     

    فسيّرك يا هذا كسير سفينة *** بقوم جلوس والقلوع تطير

     

    وقال داود الطائي: ( يا ابن آدم، فرحت ببلوغ أجلك، وإنما بلغته بانقضاء مدة أجلك. وسوّفت بعملك، كأن منفعته لغيرك! ).

     

     

    إنا لنفرح بالأيام نقطعها *** وكل يوم مضى يُدني من الأجل

     

     

    فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهداً *** فإنما الربح والخسران في العمل

     

     

    أختي الحبيبة

     

    إنما الزمان أشرف شيء؛ فلا تضيعه في البطالة. احرص على الطاعات، واغتنم الأوقات قبل الفوات.

     

     

    اغتنم ركعتين زلفى إلى الله *** إذا كنت فارغاً مستريحا

     

     

    وإذا هممت بالقول في الباطل *** فاجعل مكانه تسبيحاً

     

    قال الحسن: ( لقد أدركت أقواماً كان أحدهم أشح بعمره من أحدكم بدرهمه ).

     

     

    والوقت أنفس ما عنيت بحفظه *** وأراه أسهل ما عليك يُضيّع

     

    يحكى أن أبا موسى الأشعري اجتهد قبل موته، فقيل له: لو رفقت بنفسك؟ فقال: إن الخيل إذا أرسلت فقاربت رأس مجراها أخرجت جميع ما عندها. والذي بقي من أجلي أقل من ذلك.

     

     

    وماالمرء إلا راكب ظهر عمره *** على سفر يطويه باليوم والشهر

     

     

    يبيت ويضحى كل يوم وليلة *** بعيداً عن الدنيا قريباً من القبر

     

    ياهذا.. أمس أجل، واليوم عمل، وغداً أمل. فلا يلهينك الأمل عن العمل.

     

    كان يزيد الرقاشي يقول لنفسه: ( ويحك يا يزيد، من ذا الذي يصلي عنك بعد الموت؟ من ذا الذي يصوم عنك بعد الموت؟ من ذا الذي يرضي ربك عنك بعد الموت؟ ثم يقول: أيها الناس، ألا تبكون وتنوحون على أنفسكم باقي حياتكم؟ ).

     

     

    ترحل من الدنيا بزاد من التقى *** فعمرك أيام وهن قلائل

     

    قال ابن مسعود رضي رضي الله عنه: ( إنكم في ممر من الليل والنهار، في آجال منقوصة، وأعمال محفوظة، والموت يأتي بغتة. فمن يزرع خير فيوشك أن يحصد رغبة، ومن زرع شراً فيوشك أن يحصد ندامة، ولكل زارع ما زرع ).

     

     

    تمر الليالي والحوادث تنقضي *** كأضغاث أحلام ونحن رقود

     

     

    وأعجب من ذا أنها كل ساعة *** تجدّ بنا سيراً ونحن قعود

     

    قال يحيى بن معاذ: ( لست أبكي على نفسي إن ماتت، إنما أبكي لحاجتي إن فاتت ).

     

     

    نروح ونغدو لحاجتنا *** وحاجة من عاش لا تنقضي

     

     

    تموت مع المرء حاجته *** وتبقى له حاجة ما بقي

     

     

    ..أختي الحبيبة

     

    هل آن الأوان لكي تبادر وتشمّر في جمع الغنائم الباردة قبل أن تُمنعها؟ !

     

    قال أحمد بن عاصم الأنطاكي: ( هذه غنيمة باردة: أصلح ما بقي من عمرك؛ يغفر لك ما مضى ).

     

    ولله در القائل:

     

     

    إذا كنت أعلم علماً يقيناً *** بأن جميع حياتي كساعة

     

     

    فلم لا أكون ضنيناً بها *** وأجعلها في صلاح وطاعة؟

     

    طوبى لمن سمع ووعى، وحقق ما ادعى، ونهى النفس عن الهوى، وعلم أن الفائز من ارعوى، وأن ليس للإنسان إلا ما سعى.

     

    وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


  6. المرأة وأثرها في استقامة المجتمع

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له .

     

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، اللهم صلى وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وصحبه وسلم .

     

    أما بعد ..

     

    فمرحبا بأحبائي وإخواني في الله عز وجل .

     

    ومرحباً مرحباً بأخواتي الفضليات .

     

    وأضرع إلي الله عز وجل أن ينفع بهذا اللقاء وأن يجعله خالصاً لوجهه وأن يكون زاداً لنا يوم نلقاه .

     

    يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ (آل عمران:30)

     

    واسمحوا لي أيها الأحباب الكرام أن يكون عنوان خطبتنا هذه :

     

    (( المرأة وأثرها في استقامة المجتمع ))

     

    وحتى لا ينسحب بساطُ الوقت من تحت أقدامنا فسوف أركز الحديث في عدة عناصر .

     

    أولاً : مقدمة لابد منها .

     

    ثانياً : مؤامرةٌ رهيبة .

     

    ثالثاً : تكريمُ الإسلام للمرأة .

     

    رابعا : دورُ المرأة في بناء المجتمع المسلم .

     

    خامساً : مُثُلٌ علَيا وقدوات طيبة .

     

    وأخيراً : تحيةٌ وبشرى .

     

    أولاً : مقدمة لابد منها

     

    أيتها الأخت الفاضلة الصابرة :

     

    لقد علم أعداء ديننا أن المرأة المسلمة من أعظم أسباب القوة في المجتمع الإسلامي فراحوا يخططون لها في الليل والنهار لشل حركتها والزج بها في مواقع الفتنة وأعلنوها صريحة في هذه المقولة الخطيرة (( كأسٌ وغانية يفعلان في تحطيم الأمة المسلمة أكثر مما يفعلهُ ألفُ مَدفع فأغرقوها في حبُ المادةِ والشهوات ))

     

    فلقد عز عليهم أن تجودَ المسلمةُ من جديد علي أمتها بالعلماء العاملين والمجاهدين الصادقين فصار همُهُم أن تصير المسلمةُ عقيماً لا تلد خشية أن تلدَ من جديد خالداً وصلاحَ الدين وابن تيمية وغيرهم .

     

    * ولذلك لم يرفعوا أيديهم عن بلادنا ويسحبوا جيوشهم العسكرية إلا بعد أن اطمأنوا أنهم خلفوا ورائهم جيشاً فكرياً جديداً أميناً علي كل أهدافهم وأطلقوا على أفراد هذا الجيش أضخمَ الألقاب والأوصاف كالمحررين والمجددين والمطورين .. الخ .

     

    وأحاطوا هذا الصنفَ بهالةٍ من الدعاية الكاذبة تستُر جهله وتغطى انحرافه وتنفخُ فيه ليكون شيئاً مذكوراً ، وتحدثُ حوله ضجيجاً يلفت إليه الأسماع ويَلْوى إليه الأعناق .

     

    وكل هذا في الحقيقة لا يجعل من جهله علماً ولا من فجوره تقوى ولا من بُعده عن قلوب الناس قرباً .

     

    فهم كالطبل الأجوف يُسمعُ من بعيد وباطنه من الخيرات خالٍ .

     

    ومما يمزقُ الضمائر الحية أن يكون من بين هؤلاء بعضُ المتصدين للفتوى والمتسمين بسمة أهل العلم الشرعي الذين يُزَّورون لأهل الباطل وأعداء الدين أقوالاً عرجاء يتكئون عليها .

     

    وفي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم وغيرهما من حديث عبد الله ابن عمرو أن النبي قال : (( إن الله تعالى لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يُبْقِ عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأَفْتوا بغير علم فضلوا وأضلوا )) (1)

     

    فا نطلق هؤلاء وأسيادهم يصرخون ويرفعون لواء الشعارات الكاذبة الخبيثة لتحرير المرأة !! وحرية المرأة !! وحقوق المرأة !! إلي آخر هذه المؤامرة الرهيبة .

     

     

     

     

     

    ثانيا : مؤامرة رهيبة

     

    نعم أيها الأحبة :

     

    فإن للأعداء وأتباعهم وأذنابهم خُططاً عاتية في إفساد المرأة وإخراجها عن دينها وأخلاقها بكل سبيل .

     

    وقد تمكن أعداءُ الأمة من تنفيذ هذه الخطط كلها في بعض بلاد المسلمين وفي تنفيذ بعضها في بلاد أخرى .

     

    وأستطيع في عجالة سريعة أن أبين لحضراتكم بعضَ خططِ هذه المؤامرة الرهيبة .

     

    1- افتعالهم ما يسمى بقضية المرأة :

     

    فالناس في العادة لا يتحركون بغير قضية تُزعجهُم ، وتشغلُ بالهم وفكرهم ، ومن هنا يحرص أعداء الدين أن يوهموا الناس أن للمرأة قضية تحتاج إلى نقاش وذلك للإنتصار لها ، أو الدفاع عنها ، ولذلك يكثرون الطنطنة والدندنة في وسائل الإعلام بكل صورها علي هذا الوتر بأن المرأة في مجتمعات المسلمين في معاناة دائمة وأنها مظلومة وإنها شق معطلة ورثة مهملة وأنها لا تنال حقوقها وأن الرجل قد استأثر دونها بكل شيء ، وهكذا حتى يُشِعروا الناس بوجود قضية للمرأة في بلاد المسلمين وهى في الحقيقة لا وجود لها وذلك لينطلق من يريدُ أن يرد هذه التهم بروح انهزامية من منطلق أن الإسلام متهم ، وفي قفص الاتهام ، ويحتاج إلى من يدافع عنه .

     

    2- الإجهاض علي مناعة المجتمع المسلم :

     

    فإن المجتمع المسلم وإن ناله شيء من الأذى والضعف فإنه ينفى الخبث عن نفسه ولا يقرُ الأخلاق الفاسدة مادامت فيه المناعة لكل دخيل على العقيدة والأخلاق ولذلك حرص الأعداء على إضعاف مناعة المجتمع المسلم حتى يُفْقدُوه الغيرة على دينه والحمية لعقيدته ، وبعد ذلك يكونوا قادرين على أن يصبوا في المجتمع المسلم كلَّ ألوان الرذيلة والفساد .

     

    فالنفوس تقشعر من المنكر أول مرة . وفي المرة الثانية تخف تلك القشعريرة . وفي المرة الثالثة لا تبالي بالمنكر . وفي المرة الرابعة تبحث عن مسوغ لها . وفي المرة الخامسة تفعله . وفي المرة السادسة تُفلسِفُه بل وتدعوا إليه .

     

    ومن صور إضعاف المناعة في المجتمع المسلم ما يلي :

     

    · الصحف والمجلات المنافية للأخلاق التي تُظهر المرأة بصورة فاضحة مخزية لحد أصبح معتاداً جداً عند كثير من الناس بل أصبح الإنكار لهذا التهتك والتبذل تهمه يؤخذ عليها بالنواصي والأقدام .

     

    · نشر الفكر المنحرف بصورة منتظمة إلى أن يعتاد كثير من الناس عليه عبر المسلسلات والأفلام والندوات والأخبار والمقابلات وغيرها .

     

    · الدندنة على أن المرأة مظلومة في المجتمع المسلم ومن ثم فلابد من المطالبة بحرية المرأة ومساواتها مع الرجل .

     

    · تصوير البيت والأمومة وقوامة الرجل بصورة مشوهة تتقزز منها النفوس وتأباها الطباع .

     

    فالبيت سجن مؤبد !!

     

    والزوج سجان قاهر !!

     

    والقوامة سيف مسلط !!

     

    والأمومة تكاثر حيواني !!! حتى أوجد ذلك كله في نفوس كثير من النساء أنفة واشمئزاز فانطلقن يبحثن عن الانطلاق بلا قيود !!!

     

    * محاربة الحجاب بكل سبيل والدعوة إلى الاختلاط الفاحش المستهتر للزج بالطاهرات في مستنقعات الرذيلة والفتنة بحجة أن الأخلاق والتربية هما الأصل والأساس وهم أنفسهم أصحابُ هذه الدعوة المضلة أسرعَ الناس بعداً عن مواطن الأوبئة بل ولا يسمحون أبداً للصحيح أن يخالط المريض .

     

    ورحم الله من قال :

     

    ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء

     

    * سياسة تكسير الموجة .

     

    وذلك بإتباع أسلوب التدرج في الانحلال ولا مانع لديهم من أن يطأطئوا الرأس قليلاً حتى تنكسر حدةُ الموجة ثم يتهيئون للظهور مرة أخرى وبموقف جديد أجرأ والواقع أوضحُ من أن تضرب أمثلة على ذلك والأخطر من هذا أيها الأخت هذه الخطط وتلك المؤامرة على كثير من المسلمين والمسلمات حتى ردد هذه الأراجيف الباطلة الكثيرون والكثيرات ممن ينتسبون إلى الإسلام ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

     

    وها أنذا أحاول أيضاً في عجالة سريعة أن أبين كيف كان تكريمُ الإسلام للمرأة .. فو الله لا أعلم على ظهر الأرض ديناً قد كرم المرأة كما كرمها الإسلام وهذا هو عنصرنا الثالث من عناصر هذا اللقاء .

     

    ثالثاً : تكريم الإسلام للمرأة

    والوقت لا يتسع لأبين لكم باستفاضة مكانة المرأة قبل الإسلام عند الإغريق وعند الرومان وعند الصينيين وعند الهنود وعند الفرس وعند اليهود وعند النصارى وعند العرب في الجاهلية قبل الإسلام فلقد كانت المرأة جرثومة خبيثة لا تستحق حتى الحياة .

     

    · فجاء الإسلام ليرفعها من هذا الحضيض إلى تلك المكانة العلياء ، بعد أن كانت من سقط المتاع تُشترى وتباع وبعد أن كانت توأد وتُقتل وهى حية مخافة الفقر والعار .

     

    · فجاء الإسلام ليجعل المرأة صِنو الرجل ففي الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود والترمذى وابن ماجة وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع من حديث عائشة رضى الله عنها أن النبي قال : (( إنما النساء شقائق الرجال ))(1)

     

    · وجاء الإسلام فجعل بر الأم مقدماً على بر الأب ففي الصحيحين من حديث أبى هريرة أنه قال : جاء رجل إلى رسول الله فقال : يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحبتي ؟ قال : أمك ، قال ثم من ؟ قال : أمك ، قال ثم من ؟ قال : أمك ، قال ثم من ؟ قال : أبوك )) (2)

     

    · وجاء الإسلام ليكرمها زوجة ففي صحيح مسلم من حديث جابر ابن عبد الله أن النبي قال في خطبة الوداع : (( اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فرجهن بكلمة الله ))(3)

     

    وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي قال : (( استوصوا بالنساء خيراً ))(4)

     

    وفى الحديث الذي رواه أحمد والترمذى وأبو داود وغيرهم وحسنه الشيخ الألباني من حديث أبي هريرة رضى الله عنه أن النبي قال : (( أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وخياركم خياركم لأهله )) (1)

     

    · وجاء الإسلام ليكرم المرأة بنتاً ففي الحديث الذي رواه مسلم من حديث أنس أن النبي قال : (( من عال جاريتين ( أي بنتين ) حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين وضم أصابعه )) (2)

     

    · وفي رواية الترمذى (( دخلت أنا وهو الجنة كهاتين )) وقرن بين السبابة والوسطى .

     

    وفي الصحيح من حديث عائشة قالت دخلت على امرأة ومعها ابنتان لها فسألتني فلم أجد عندي شيئاً غير تمرة واحدة فأعطيتها إياها فقَسَمتَهَا بين ابنتيها ولم تأكل منها ثم قامت فخرجت فدخل النبي علينا فأخبرته فقال : (( من ابتلى من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له ستراً من النار )) . وفي لفظ (( كن له حجاباً من النار )) (3)

     

    وسماه النبي ابتلاء لأن الناس يكرهونه في العادة أو في الغالب .

     

    ثم تجلى تكريم الإسلام للمرأة فجاء القرآن ليخص النساء بسورة كاملة تتلى إلى قيام الساعة وسماها باسمهم هكذا إنها سورة النساء .

     

    واكتفي بهذا القدر في هذا العنصر ، فهذا يطول جداً فو الله ما نالت المرأة عزها وشرفها ومجدها إلا في الإسلام .

     

    بل وتصرخ الآن المرأة في الشرق والغرب على عكس ما يروجه أدعياء التحرر والمَدَنيةَ .

     

    فإنكم تعلمون جميعاً أن المرأة في هذه البلاد الكافرة يتلهى بها ويتسلى بها ويستمتع بها وهى شابة جميلة ثم يرمى بها في آخر عمرها في دار المسنين وتظل في دائرة النسيان حتى تهلك وقد لا يأتيها أبناؤها إلا في كل عام مرة بل قد لا يأتون وهذا رأيناه بأعيننا في بلاد أوربا وأمريكا وفي زيارة أخيرة لأمريكا التقيت بأخت أمريكية مسلمة في حضرة زوجها المسلم وسألتها عن شعورها بعد دخولها في الإسلام فقالت : والله يا أخي إني أريد أن أقول لكل نساء العالم : أنه لا كرامة لَكُنَّ إلا في ظلال الإسلام .

     

    وأعتقد أن هذا التكريم للمرأة يوضح لحضراتكم بجلاء لا يحتاج منى إلى تفصيل يبين دور المرأة الهام في بناء المجتمع المسلم .

     

    وهذا هو عنصرنا الرابع من عناصر هذا اللقاء .

     

    رابعا : دور المرأة في بناء المجتمع المسلم

    إن المرأة المسلمة هي الركيزة الأولى في بناء المجتمع المسلم لأنها القائمة على بناء الأسرة وبناء الأسرة هو أخطرُ بناءٍ في كيان المجتمع بل في كيان الأمة بأسرها وأنا أعجب لأناس يهتمون في بناء مكونٍ من الحجارة والطين ، يهتمون باختيار الموقع المناسب والخامات الجيدة التي تضمن لهم سلامة البناء ولا يهتمون ببناء الأسرة التي تتكون من الرجال والنساء والبنين والبنات من أن بناء الأحجار قد يتعلق بسعادة الدنيا وبناءُ الأسرة يتعلق بسعادة الدنيا والآخرة .

     

    نعم أيها الأحبة فالبيت المسلم قلعة من قلاع هذه العقيدة والأبُ المسلم لا يكفي وحده أبداً لتأمين هذه القلعة بل لابد أيضا من الأم التي تقوم معه على تأمين هذه القلعة بالتربية للأبناء على الكتاب والسنة كما قال رسول الله :

     

    (( والمرأة في بيت زوجها راعية وهى مسئولة عن رعيتها ))(1)

     

    فالأم هي الحضن التربوي الطاهر الذي خرَّج القادة الفاتحين والعلماء العاملين والدعاة الصادقين .

     

    فو الله ثم والله ما فتحنا الدنيا بأمهات ماجنات متحللات . ولكن فتحنا الدنيا بأمهات عفيفات متدينات عالمات مجاهدات صابرات حافظات للغيب قانتات تائبات عابدات .

     

    وإليكم بعض النماذج المشرقة التي نفخر بها نحن المسلمين في كل زمان ومكان .

     

    وهذا هو عنصرنا الخامس من عناصر هذا اللقاء :

     

    (( نماذج مشرقة ))

     

    وهذا العنصر وحدة يحتاج إلى لقاءات ولقاءات بدون مبالغة . واكتفى بهذه النماذج كأمثلة فقط :

     

    فتعالوا بنا لنعيش هذه الدقائق المعدودات مع هذه القدوة الطيبة .. والمثل الأعلى في عالم النساء .

     

    مع رمز الوفاء . وسكن سيد الأنبياء .. مع الطاهرة في الجاهلية والإسلام .. !!

     

    مع أول صديقة من المؤمنات .. مع أول زوجات المصطفي عليه الصلاة والسلام .

     

    مع أول من صلى على ظهر الأرض مع رسول الله .. مع أول من أنجبت الولد لرسول الله .

     

    مع أول من بُشرت بالجنة من رسول الله ..

     

    مع أول من استمعت إلى القرآن بعد رسول الله

     

    مع أول من نزل إليها جبريل ليبلغها من ربها السلام .. مع نهر الرحمة وينبوع الحنان .

     

    مع أصل العز وقلعة الإيمان .. إنها خديجة عليها من ربها الرحمة والرضوان .

     

    والله .. ثم والله .. إن الكلمات لتتواري خجلاً وحياءً أمام هذه القلعة الشامخة والزوجة الوفية المخلصة التي بذلت مالها وقلبها وعقلها لرسول الله .

     

    آمنت به حين كفر الناس .. وصدقته إذ كذبه الناس .. وواسته بمالها إذ حرمه الناس فاستحقت أعظم الثناء من رسول الله .

     

    أحبتي في الله :

     

    إذا تصفحنا كتب السير والتاريخ لن نجد امرأة وقفت مع زوجها كموقف أمنا أم المؤمنين خديجة بنت خويلد مع رسول الله حين نزل عليه جبريل أول مرة في غار حراء .. حين ضمه ضمة شديدة : وقال له اقرأ فقال : ما أنا بقارئ .

     

    ويرجع رسول الله يرجف فؤاده إلى خديجة الزوجة الوفية الطاهرة . يقول زملونى .. زملونى فزملته حتى ذهب عنه الورع ، ثم قص عليها الخبر .

     

    وقال : لقد خشيت على نفسي يا خديجة .

     

    فتقول الزوجة المثالية : كلا والله .. لا يخزيك الله أبداً .. إنك لتصل الرحم .. وتحمل الكَلَّ ( أي تساعد العاجز والضعيف ) وتكسب المعدوم ( أي تعطى المحروم وتؤثره على نفسك ) وتقرى الضيف ، وتعين على نوائب الدهر .. الله أكبر … إنها خديجة .

     

    ولم تكتف بهذا . بل ذهبت إلى ابن عمها ورقة ابن نوفل وكان امرءاً تنصر في الجاهلية وكان يكتب الكتاب العبراني وجعلته يسمع من رسول الله وأخبره الرسول بما رأى ويبشره ورقة قائلاً : هذا هو الناموس الذي نزل على موسى وإني أرجوا أن تكون نبي هذه الأمة ثم أنزل الله عليه قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ )

     

    وبهذا بُعثَ النبي ، وفي ميدان السبق الإيماني كانت الطاهرة الفائزة بالدرجة العليا برتبة صديقة المؤمنات الأولى لم يتقدمها رجل ولا امرأة كما قال جمهور أهل العلم .

     

    ومن يومها وقد قامت بدور جديد في تثبيته ومؤازرته ومعاونته في تبليغ الدعوة والصبر على عناد المشركين وقدمت له عقلها ومالها وفكرها ونفسها ووقتها ، ومن دارها الطاهرة سطع نور الإسلام ومنها أضاء الدنيا كلها .

     

    وازداد أهل مكة عداءاً وإيذاءاً للنبي وتمادت قريش في غيها وطغيانها وقاطعت بني هاشم مقاطعة اقتصادية كاملة ثلاث سنين ودخلت الحصار مع رسول الله زوجته الصابرة الطاهرة التي راحت تبذل مالها كله ، ووقفت تشد أزره وتشاركه في تحمل الأذى بنفس راضية صابرة محتسبة حتى انتهى هذا الحصار الظالم وقد ازداد حب النبي لها وتقديرها ولم تلبث الطاهرة إلا قليلاً حتى لَبَّت نداء ربها راضية مرضية مبشرة من سيد الخلق بمقعد صدق في جنات ونهر عند مليك مقتدر .

     

    أحبتي في الله :

     

    وهذه هي المجاهدة الصادقة الصابرة أسماء بنت أبى بكر رضى الله عنهما ( ذات النطاقين) التي قدمت أروع المثل في التضحية والتعقل .

     

    تقول أسماء : لما خرج رسول الله وخرج معه أبو بكر وحمل ماله كله فدخل علينا جدي أبو قحافة وقد ذهب بصره فقال : والله إني لآراه قد فَجعكم بماله مع نفسه فقالت : كلا يا أبت ، بل ترك لنا خيراً كثيراً ، وأخذت أجماراً فوضعتها حيث كان أبى يضع المال ووضعت عليها ثوبي ، ثم أخذت بيده ، فقلت : يا أبتى ضع يدك على هذا المال ، فوضع يده فقال : لا بأس إن كان قد ترك لكم هذا فقد أحسن .

     

    تقول أسماء : لا والله وما ترك لنا شيئاً ولكنى أردت أن أسكت هذا الشيخ بذلك . والحديث رواه أبو إسحاق وأحمد بسند صحيح .

     

    ولا عجب فإنها الزهرة التي تربت في حقل الإسلام ، ورباها الصديق بتربية القرآن والسنة .

     

    وهذه هي أمامة بنت الحارث زوجة شريح بن شرحبيل القاضي .. فما خبرها .

     

    حدثنا التاريخ أن شُريحاً القاضي قابل الشعبي .

     

    وأظنكم تعرفون شُريحاً إنه شريحُ بن شراحيل أو شُرَحْبيل الذي ولاه عمر بن الخطاب قضاءَ الكوفة فأقام عليه ستين سنة وضُرب المثلُ بعدله وصدقه ومن أراد أن يرجع إلى ترجمته فليرجع إلى كتاب سير أعلام النبلاء للذهبي في المجلد الرابع .

     

    أما الشعبي فهو التابع الجليل عَلاَّمَة عصره وزمانه ولد سنة ثمانً وعشرين من الهجرة وقال في حقه سعيد بن زيد عن مكحول قال : ما رأيت أحداً أعلم من الشعبي .

     

    له ترجمة طويلة في سير أعلام النبلاء فليرجع إليها من أراد في المجلد الرابع أيضاً .

     

    أيها الأحباب :

     

    يحدثنا التاريخ أن شريحاً قابل الشعبي يوماً فسأله الشعبي عن حاله في بيته فقال له شريح : من عشرين عاماً لم أر ما يغضبني من أهلي ، قال له وكيف ذلك ؟ قال شريح :

     

    من أول ليلةٍ دخلت علىّ امرأتي ورأيت فيها حسناً فاتناً وجمالاً نادراً ، قلت في نفسي أصلى ركعتين لله عز وجل .

     

    فلما سلمت وجدت زوجتي نصلى بصلاتي وتسلم بسلامي .

     

    فلما خلا البيتُ من الأصحاب والأصدقاء فمت إليها فمددت يدي نحوها فقالت : على رسلك يا أبا أمية كما أنت . ثم قالت :

     

    إن الحمد لله أحمده واستعينه وأصلى على محمد وآله وبعد . فإني امرأة غريبة ، لا علم لي بأخلاقك ، فبين لي ما تحب فآتيه ، وبين لي ما تكره فأتركه ، ثم قالت :

     

    فلقد كان لك في قومك من هي كفء لك ، ولقد كان في قومي من كُفء لي ، ولكن إذا قضى الله أمراً كان مفعولاً وقد ملكت فاصنع ما أمرك الله به فإمساك بمعروف ، أو تسريح بإحسان

     

    أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم .

     

    بالله عليكم من منا سمع هذا الكلام ليلة عُرسه ! ؟؟

     

    قال شريح : فأحوجتني والله يا شعبي إلى الخُطبة في ذلك الموضوع ، فقلت : أحمد الله واستعينه وأصلى وأسلم على النبي وآله وبعد فإنك قلت كلاماً إن ثَبَتَّ عليه يكن ذلك حظك ، وإن تدعيه يكن حجةَّ عليك ، فإني أحب كذا وكذا ، وأكره كذا وكذا ، وما رأيت من حسنةٍ فانشريها ، وما رأيت من سيئةٍ فاستريها فقالت : كيف محبتك لزيارة أهلي ؟

     

    قلت : ما أحب أن يملني أصهاري . فقالت : فمن تحب من جيرانك أن يدخل دارك فآذن له ومن تكرهُ فأكره .

     

    فلت : بنو فلانٍ قوم صالحون وبنو فلان قومُ سوء .

     

    قال شريح فبت معها بأنعم ليلة . فَمَكَثَت معي عشرين عاماً لم أعتب عليها فى شيء إلا مرة وكنت ظالماً .

     

     

     

    وأخيراً : تحية وبشرى

     

    تحية وبشرى إلى بنت الإسلام ، إلى أصل العز والشرف والحياء ، إلى صانعة الأجيال ومربية الرجال ، إلى من تربعت طيلة القرون الماضية على عرش حيائها تهزُ المهدَ بيمينها وتزلزلُ عروشَ الكفر بشمالها ، إلى أختي المسلمة التي تصمدُ أمامَ تلَكَ الهجمات الشرسة وتصفع كلَ يومٍ دعاةَ التحرر والسفور ، بتمسكها بحجابها ونقابها ، إلى هذه القلعة الشامخة أمامَ طوفان الباطل والكذب ، إلى أختي الفاضلة التي تَتضُمن كتابَ ربها عز وجل وترفع لواءَ نبيها .

     

    وهى تصرخ في وجوه المبتدعين قائلةً :

     

    بيد العفاف أصونُ عزَ حجابي وبعصمتي أعلو على أترابي

     

    إليك أيتها الدُّرة المصونة . إليك أيتها اللؤلؤة المكنونة .

     

    أقدم التحية والبشرى من رسول الله في عهد الغربة الثانية التي تنبأ بها الصادقُ المصدوقُ e في الحديث الذي رواه مسلم : (( بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء )) .

     

    فهنياً لك يا بنتَ الإسلام ويا صاحبةَ الحجاب .

     

    يا درةً حُفظت بالأمس غالية واليومَ يبغونها للهو واللعبِ

     

    يا حرةٍ قد أرادوا جعلها أمة غريبة العقل غريبة النسبِ

     

    هل يستوى مَنْ رسولُ الله قائدهُ دوماً ، وآخَرُ هاديهِ ، أبو لهبِ

     

    وأين مَنْ كانت الزهراءُ أُسوتها ممَنْ تقفت خُطى حمالة الحطبِ

     

    فلا تبالي بما يلقون من شيه وعندك الشرع إن تدعيه يستجب

     

    سليه من أنا ؟ من أهلي ؟ لمن نسبى ؟ للغرب أن أنا للإسلام والعرب

     

    لمن ولائي ؟ لمن حبي ؟ لمن عملي ؟ لله أم لدعاة الإثم والكذبِ ؟

     

    هما سبيلان يا أختاه مالهما من ثالث ، فأكسبي خيراً أو اكتسبي

     

    سبيل ربك ، والقرآن منهجه نورٌ من الله لم يحجب ولم يغب

     

    فاستمسكي بعرى الإسلام وارتفعي بالنفس من حمأة الفجار واجتنبي

     

    صوني حياءك ، صوني العرض لا تهني وصابرى ، واصبري لله واحتسبي

     

    نسأل الله العظيم أن يرد البشرية إلى الإسلام رداً جميلاً وأن يقر أعيننا بنصرة الإسلام وعز الموحدين …..

     

     

    لفضيلة الشخ محمد حسان


  7. وأنذرهم يوم الحسرة

    الحمد لله الذى أذل بالموت رقاب الجبابرة، الحمد لله الذى أنهى بالموت آمال القياصرة، فنقلهم بالموت من القصور إلى القبور، ومن ضياء المهود إلى ظلمة اللحود، ومن ملاعبة الجوارى والنساء والغلمان إلى مقاساة الهرام والديدان، ومن التنعم فى ألوان الطعام والشراب إلى التمرغ فى ألوان الوحل والتراب.

     

    أحمدك يا رب واستعينك وأستهديك لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك جل ثناؤك وعظم جاهك ولا إله غيرك .

     

    أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ينادى يوم القيامة بعد فناء خلقه ويقول : أنا الملك، لمن الملك اليوم ثم يجيب على ذاته سبحانه : لله الواحد القهار ،سبحانه سبحانه ذو العزة والجبروت ، سبحان ذوى الملك والملكوت ، سبحان من كتب الفناء على الخلائق ولا يموت .

     

    وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمد عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله ، أدى الامانة وبلغ الرسالة ونصح للأمة ، فكشف الله به الغمة ، وجاهد فى الله حق جهاده حتى أتاه اليقين ، فاللهم أجزه عنا خير ما جزيت به نبيا عن أمته ورسولا عن دعوته ورسالته .

     

    رفع الله له ذكره ، وشرح الله له صدره ، وضع الله عنه وزره وزكاه الله جل وعلا فى كل شئ

     

    زكاه في عقله فقال سبحانه: مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى

     

    وزكاه في صدقه فقال سبحانه : وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى

     

    وزكاه في علمه فقال سبحانه عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى

     

    وزكاه في بصره فقال سبحانه مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى

     

    وزكاه في فؤاده فقال سبحانه مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى

     

    وزكاه في صدره فقال سبحانه أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَك

     

    وزكاه في ذكره فقال سبحانه وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ

     

    وزكاه كله فقال سبحانه وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ

     

    وبعد كل هذا جعل الله جل وعلا حبيبه إمام الأنبياء وإمام الأصفياء وإمام الأتقياء وخاتم الأنبياء ووهبه الحوض المورود وأعطاه اللواء المعقود ، وبعد ذلك كله قال له :

    إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [الزمر :30]

     

     

     

    اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وأتباعه وعلى كل من اقتفى أثره ، وأهتدى بهديه وأستن بسنته إلى يوم الدين .

     

     

     

    أما بعد :

     

    فيا أيها الأحبة الكرام مع اللقاء الثالث والعشرين ما زلنا مع آيات سورة مريم، وإذا كنا سنواصل الحديث مع أول جمعة من شهر رمضان، إن كنا ستواصل الحديث فى تفسير آيات القرآن الكريم فلسنا ممن يجافى هذا الشهر العظيم ، وإلا فإن كان كذلك ، فإن شهر رمضان هو شهر القرآن لقول الله وجل وعلا : شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ [البقرة:185] فتعالوا بنا لنواصل المسيرة مع القرآن الكريم، فما أجمل أن تكون اللحظات التى نقضيها مع كتاب الله جل وعلا، مع هذا الذكر الحكيم ، ومع هذا النور المبين، ومع هذا الصراط المستقيم، مع مأدبة الله جل وعلا مع القرآن الكريم ، ولقد أنتهينا فى اللقاء الماضى ونحن نصدد تفسيرنا لسورة مريم مع قول الله جل وعلا :وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ [مريم :39،40]

     

    أحبتى فى الله أعيرونى القلوب والأسماع لنعيش مع هذه الأيات والكلمات الطيبات النيرات المباركات ، هذا هو الإنذار العام لجميع الخلائق على ظهر هذه الأرض من الله جل وعلا لحبيبه المصطفى محمد وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَة ِ

     

    والإنذار فى اللغة : هو الإعلام المقترن بالتهديد والوعيد ، هذا هو الإنذار إعلام مقترن بالتهديد والوعيد . والحسرة فى اللغة هى أشد الندم والتلهف على الشئ الذى فات ولا يمكن تداركه ، الإنذار إعلام مقترن بالتهديد والوعيد والحسرة هى أشد الندم والتلهف على الشئ الذى فات ولا يمكن تداركه، يقول الله جل وعلا وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إنه فى يوم القيامة، يا عباد الله إنه يوم القيامة إنه يوم الحسرة والندامة ، إنه يوم الحاقة ، أنه يوم القارعة ، إنه يوم الزلزلة ، إنه يوم الصيحة ، إنه يوم الصاخة ، إنه يوم الطامة الكبرى ،إنه الآزفة ، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم : يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ [إبراهيم :48]

     

    يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ [الأنبياء:104]

     

    يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيباً مَهِيلاً

     

    [المزمل : 14] يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ [النحل : 111]

     

    يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً[ [آل عمران : 30]

     

    يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا [الأحزاب: 66]

     

    يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [آل عمران : 106 -107]

     

    وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً[الفرقان : 27]

     

    وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفّاً لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً[الكهف : 47 ، 48]

     

    وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً [الكهف : 49]

     

    وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَة

     

    وأنذرهم يا محمد هذا اليوم الذى تنخلع القلوب لأهواله أنذر الغافلين ، وأنذر

    المؤمنين أنذر الصادقين وأنذر العصاة المتألهين ، إنذارٌ عام لجميع الخلائق على

    ظهر الأرض وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ[مريم : 39]

     

    وموجبات الحسرة يوم القيامة كثيرة يا عباد الله فمنها ما رواه الإمام البخارى ومسلم من حديث أبى سعيد الخدرى - رضى الله عنه - أن النبى قال : " إذا دخل أهل الجنية الجنة وأهل النار النار ينادى عليهم : يا أهل الجنة فيشرأبون وينظرون يرفعون رؤوسهم تجاه هذا النداء بعدما استقروا فى الجنة ، ثم ينادى على أهل النار فيشرأبون وينظرون ثم يؤتى بالموت "

     

    فى موضع بين الجنة والنار على صورة كبش أملح ، والكبش الأملح : هو الذى كثر بياضه أو هو الأبيض بياضا كاملاً يؤتى بالموت على هيئة كبش أملح فى موضع بين الجنة والنار ، وينادى على أهل الجنة وينادى على أهل النار ويقال لهم : هلى تعرفون هذا ؛ فيقولون : نعم نعرفه هذا هو الموت فيؤمر بذبحه فيذبح الموت ، فى صورة هذا الكبش الأملح ، فى موضع بين الجنة والنار ثم ينادى على أهل الجنة يقال : يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت([1]) .. الله أكبر يا أهل الجنة خلود فلا موت خلود فى هذا النعيم ، هنيئاً لكم بجنة ربكم هنيئاً لكم بما أعد الله لكم ، يا أولياء الله يا أصفياء الله هنيئاً لكم بهذه الكرامة خلود فى هذا النعيم ابد الآبدين ، ويا أهل النار يا أهل النار خلود فلا موت .. هذا من موجبات الحسرة يوم القيامة يا عباد الله. ومن موجبات الحسرة يوم القيامة أيضاً ] إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ [ أى : إذا ما استقر أهل الجنة فى الجنة وأهل النار فى النار قبل ذلك تنخلع القلوب حينما يروا جنهم على حقيقتها ، وعلى طبيعتها لأول مرة وهم فى أرض المحشر ويأمر الله جل وعلا فيؤتى بجهنم ، لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك كما ورد فى الحديث الذى رواه مسلم من حديث عبد الله بن مسعود وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْأِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى % يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي [ الفجر : 23 ، 24 ] يا ليتنى حافظت على الصلوات ، يا ليتنى وحدتُ ربَّ الأرض والسموات ، يا ليتنى عبدت الله جل وعلا ، يا ليتنى صمت النهار ، يا ليتنى قمت الليل ، يا ليتنى ما عصيت الله ، يا ليتنى ما انشغلت بالشهوات ، يا ليتنى ما انشغلت بالشبهات ، يا ليتنى يوم لا ينفع الندم إنه يوم الحسرة والندامة ، يوم لا ينفع التحسر ، يوم لا ينفع الندم فإذا ما رأوها لا يبقى ملك ولا يبقى نبى ولا يبقى صديق إلا خر على ركبتيه فى أرض المحشر لهو ما رأى وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً [ الجاثية : 28 ] فإذا ما رأوا هذا الهول وهذا المنظر الذى يخلع القلوب والأفئدة اضطربت الجوارح واضطربت الأفئدة وفزع الجميع فإذا ما انتهى الحساب واستقر أهل الجنة وأهل النار فى النار يبدأ هذا الحوار بين أهل الجنة وأهل النار وربما سأل سائل كيف يسمع أهل الجنة أهل النار ، وكيف يسمع أهل النار أهل الجنة نقول ألم نقل لكم فى اللقاء الماضى : إن الله جل وعلا سيبدل كل شئ وسيحول كل شئ حتى سمع أى إنسان أى شئ ويرى أى شئ أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ [ مريم : 38 ]

     

    تغير كل شئ فبصرك اليوم حديد ، يبدأ هذا الحوار فيبدأ به أهل الجنة وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ [ الأعراف : 44 ] ينادى أهل الجنة على أهل النار وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُوا نَعَمْ جواب قاطع مختصر فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ [ الأعراف : 44 ]

     

    ويستمر الحوار بين أهل الجنة وأهل النار وبعد بضع آيات فى سورة الأعراف ينتهى هذا الحوار بتلهف واستغاثة واستجداء من أهل النار لأهل الجنة

    وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ [ الأعراف : 50 ]

     

    هذه هى الاستغاثة يا أهل الجنة أفيضوا علينا شيئا من الماء ، أشتد بنا العطش فى هذه النيران المتأججة يا أهل الجنة.

     

    ويأتى الجواب الذى يزيد تألمهم ، والذى يزيد الحسرة والهم والغم من أهل الجنة فيقولون لهم إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ لقد حرم الله على الكافرين هذا فى هذا اليوم ألم ينزل عليكم القرآن ؟ ألم يرسل إليكم الرسل ؟ ألم يذكركم بهذا اليوم ؟ ولكنكم تعاليتم على الله جل وعلا واستكبرتم على رسل الله واستهزأتم بالعلماء ، وأبيتم إلا أن تعاندوا الله جل وعلا إن أن تعاندوا شرع الله عز وجل ، وإذا ما أمركم الله جل وعلا استهزأتم بأوامر الله وإذا ما نهاكم رسول الله سخرتم لنهى رسول الله وإذا ما ذكركم العلماء قلتم : هؤلاء هم المتنطعون المتطرفون أبيتم إلا أن تعرضوا عن منهج الله جل وعلا هَلْ جَزَاءُ الْأِحْسَانِ إِلَّا الْأِحْسَانُ [ الرحمن : 60 ] كذلك لا جزاء لهذا الكفر وهذا العناد والإعراض إلا ما ترون وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً [ مريم : 39 ]

     

    قالوا : نعم قالوا : نعم فتزداد الحسرة ويزداد التألم ، ومن موجبات الحسرة أيضاً لهؤلاء والعياذ بالله حينما تتم السعادة لأهل الجنة كما جاء فى الحديث الذى رواه البخارى ومسلم من حديث أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال : ينادى الحق جل وعلا يوم القيامة على أهل الجنة ويقول لهم : يا أهل الجنة فيقولون : لبيك ربنا وسعديك ، والخير كله فى يديك ، فيقول سبحانه : هل رضيتم ؟ فيقولون : وما لنا إلا نرضى وقد أدخلتنا الجنة ونجيتنا من النار وبيضت وجوهنا يوم تسود الوجوه .. فيقول الله جل وعلا : فلا أعطيكم أفضل من ذلك فيقول أهل الجنة : وأى شئ افضل من ذلك ؟ فيقول جل وعلا : أحل عليكم رضوانى ، فلا اسخط عليكم بعده أبداً([2])

     

    قال أعرف الخلق بالله كما فى صحيح مسلم من حديث أبى موسى الأشعرى : إن الله لا ينام ولا ينبغى له أن ينام ، يخفض القسط ويرفعه ، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار ، وعمل النهار قبل عمل الليل ، حجابه النور ، حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه([3]).

     

    ولكن يوم القيامة يتبدل كل شئ ، ويتغير كل شئ فيكشف بينهم الحجاب ، فيتمتعون بالنظر إليه سبحانه عز وجل وتلا النبى قول الله عز وجل لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ [ يونس : 26 ] والحسنى : هى الجنة والزيادة : هى التمتع بالنظر إلى وجه ربنا جل وعلا ، كما يقول استاذنا ابن القيم رحمه الله تعالى : ليس نعيم الجنة فى لبنها ولا فى خمرها ولا فى حريرها ولا فى ذهبها ولا فى حورها ولا فى نعيمها ، لكن نعيم الجنة الحقيقى فى رؤية وجه ربنا جل وعلا ، هذا هو النعيم الذى ما انشغل به أهل الجنة إلا نسوا به كل نعيم : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ [ القيامة : 22-25 ]

     

    وتزداد حسرتهم بعدما تتم السعادة لأهل الجنة بخطبة إبليس اللعين يوم أن يقف أبليس فيهم خطيباً ؛ لتزداد الحسرة ولتتم الحسرة والألم كما أخبر الله جل وعلا عن ذلك فى سورة إبراهيم بقوله : وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [ إبراهيم : 22 ]

     

    هذه بعض موجبات الحسرة فى هذا اليوم ، وأنذرهم يوم الحسرة مثل لنفسك أيها المغرور يوم القيامة والسماء تمور .. إذا كورت شمس النهار وأدنيت حتى على رأس العباد تسير .. وإذا النجوم تساقطت ، وتناثرت بعد الضياء كدور .. وإذا السعير تسعرت نيرانها ولها على أهل الذنوب زفير وإذا العشار تعطلت وتخربت خلت الديار فما بها معمور وإذا الجبال تقلعت بأصولها فرأيتها مثل السحاب تسير .. وإذا الوحوش لدى القيامة أحشرت ، وتقول للأملاك : أين تسير .. وإذا الصحائف نشرت وتطايرت وتهتكت للعالمين ستور .. واذا الجحيم تسعرت نيرانها ولها على أهل الذنوب زفير .. وإذا الجليل طوى السماء يمينه طى السجل كتابه المنشور .. وإذا الجنان تزخرفت وتطيب لفتى على طول البلاء صبور .. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ [ التكوير : 1-14]

     

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ % وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَاماً كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ [ الانفطار : 1-19 ]

     

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا وَقَالَ الْأِنْسَانُ مَا لَهَا يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ [ الزلزلة : 1-8 ]

     

    تذكر وقوفك يوم العرض عريانا .. مستوحشاً قلق الأحشاء حيرانا .. والنار تلهب من غيظ ومن حنق .. على العصاة ورب العرش غضباناً .. أقرأ كتابك يا عبد على مهل .. فهل ترى فيه حرفا غير ما كان .. فلما قرأت ولم تنكر قراءته .. وأقررت من عرف الأشياء عرفاناً .. نادى الجليل خذوه يا ملائكتى .. وأمضوا بعبد عصى للنار عطشانا .. المشركون غدا فى النار يلتهبوا .. والموحدون لدار الخلد سكانا وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ [ مريم : 38 ] وبعدها يأتى الفصل ، وتأتى الحقيقة الكبرى فى هذا الوجود يأتى القول الحق : إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ [ مريم : 40 ] لنتعرف على معانى هذه الكلمات بعد جلسة الاستراحة أسأل الله جل وعلا أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال ، وأن يغفر لنا الذنوب أنه ولى ذلك ومولاه وأقول : قولى هذا واستغفر الله لى ولكم.

     

    الخطبة الثانية :

     

    الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، واشهد أن محمداً عبده ورسوله ، وصل اللهم وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله واصحابه وأتباعه ، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته وأقتفى أثره إلى يوم الدين.

     

    أما بعد :

     

    أحبتى فى الله هكذا يقول الحق جلا وعلا : إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَهذه هى الحقيقة الكبرى فى هذا الوجود يا من غرك غناك ، يا من غرتك قوتك ، يا من غرتك أموالك ، يا من غرك جاهك ، يا من غرك جندك ، يا من غرك جاهك يا من غرتك قوتك أعلم إنك موروث ، أعلم إنك راحل لله جل وعلا ، دنياك مهما طالبت فهى قصيرة .. ومهما عظمت فهى حقيرة ؛ لأن الليل مهما طال لابد من طلوع الفجر ، وأن العمر مهما طال لابد من دخول القبر .. الدنيا دار ممر والآخرة دار المقر فخذوا من ممركم لمقركم ، ولا تفضحوا أستاركم عند من يعلم أسراركم .. إن الله جل وعلا هو الوارث لكل شئ والوارث لكل حى يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ [ الإنشقاق : 6 ]

     

    إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى[ [ العلق : 8 ]

     

    إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ [ مريم : 40 ]

     

    إذا نفخ إسرافيل نفخة الصعق ، فمات كل حى على ظهر هذه الأرض وفى السموات إلا ما شاء الله جل وعلا كما قال رب العزة

    وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ [ الزمر : 68 ]

     

    مات كل حى على وجه الأرض ومن فى السموات إلا ما شاء الله بعد نفخة الصعق ، فإذا ما أفنى الله خلقه وافنى الله عباده وذهب كل شئ وضاع كل شئ لا يبقى إلا الله كان آخر كما كان أولاً قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ [ الإخلاص]

     

    سكون مذهل وخشوع مزلزل لا حس ولا حركة ولا صوت ذهب كل شئ وضاع كل شئ ، وافنى الله كل شئ فى وسط هذا السكون فى وسط هذا الخشوع ينطلق صوت رهيب مهيب يسأل صاحب الصوت ويجيب ، وما فى الوجود سائل غيره ولا مجيب ، يهتف الحق جل وعلا بصوته ويقول : أنا الملك اين ملوك لأرض إين المتجبرون أين الجبارون ؟!

     

    وفى رواية مسلم : لمن الملك اليوم ؟ فيجيب سبحانه على نفسه بقوله : لله الواحد القهار ، أين الظالمون ؟ وأين التابعون له فى الغى ؟ بل واين فرعون وهامان ؟ وأين من دوخوا الدنيا بسطوتهم وذكرهم فى الورى ظلم وطغيان هل ابقى الموت ذا عز لعزته ، أو هل نجا منه بالسلطان إنسان ؟ لا ، والذى خلق الأكوان من عدم الكل يفنى فلا أنس ولا جان قل :

     

    يا نفس قد أزف الرحيل

    فتأهبى يا نفس لا

    فلتنزلن بمنزل

    وليركبن عليك من

    قرن الفنا بنا فلا يبقى

     

     

     

    وأظلك الخطب الجليل

    يلعب بك الأمل الطويل

    ينسى الخليل به الخليل

    الثرى حمل ثقيل

    العزيز ولا الذليل

     

     

     

     

    إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ [ مريم : 40 ]

     

    إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ فيا أيها المسكين ، أيها اللاهى الغافل إلى متى ؟ إلى متى ؟ عد إلى الله جل وعلا ، فإن الأنفاس محسوبة ، وإن الأيام معدودة !!

     

    دع عنك ما قد فات فى زمن الصبا

    لم ينسه الملكان حين نسيته

    والروح منك وديعة أودعتها

    وغرور دنياك التى تسعى لها

    الليل فاعلم والنهار كلاهما

     

     

    واذكر ذنوبك وابكها يا مذنب

    بل اثبتاه وانت لاه تلعب

    ستردها بالرغم منك وتسلب

    دار حقيقتها متاع يذهب

    أنفاسنا فيهما تعد وتحسب

     

     

     

    إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ اسأل الله جل وعلا بأسمائه الحسنى ، وصفاته العلى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب

     

    لفضيلة الشيخ محمد حسان


  8. الصبر على حفظ اللسان وكفّه في الفتن .

     

    يجب على كل مكلف أن يكفّ لسانه ويحفظه عن كل باطل ، وفي جميع الأوقات والأحوال ، بيد أنه يزداد ذلك الحفظ ويتأكد إبان الفتنة وحلول المحنة ، ففيها تكثر الأقاويل ، وتزداد شهوة الإشاعات والمبالغات والأباطيل ، وعندها تكون الآذان مستعدة لاستقبال كل ما يقال ، وفي هذه تكمن الخطورة ، فرب كلمة أشد من وقع السيف أيام الفتنة .

     

    عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

     

    (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت )أخرجه البخاري.

     

    قال الإمام النووي رحمه الله معلقا على هذا الحديث : قلت : فهذا الحديث المتفق على صحته نص صريح في أنه لا ينبغي أن يتكلم إلا إذا كان الكلام خيرا ، وهو الذي ظهرت له مصلحته ، ومتى شك في ظهور المصلحة فلا يتكلم ) .

     

    وهذا الحديث يحذر من آفات اللسان عموما أي في جميع الأوقات والأيام وعلى مر الشهور والأعوام ، بيد أن هناك بعض الأحاديث وردت في التحذير من آفات اللسان في أوقات مخصوصة وهي إبان نزول الكوارث والفتن ، والمصائب والمحن ، فإن وقع اللسان فيها أشد وقعا من السيف .

     

    فمما ورد في ذلك : ما جاء عن عبد الله بن عمرو قال : بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ ذكروا الفتنة ،أو ذكرت عنده قال : إذا رأيتم الناس قد مَرِجَت عهودهم ، وخفت أماناتهم ، وكانوا هكذا - وشبّك بين أصابعه – قال : فقمت إليه فقلت : كيف أفعل عند ذلك جعلني الله فداك ؟ قال : (الزم بيتك ، واملك عليك لسانك ، وخذ بما تعرف ، ودع ما تنكر ، وعليك بأمر خاصة نفسك ، ودع عنك أمر العامة ) أخرجه أبو داود وصححه الألباني .

     

     

     

    وشاهدنا من الحديث هو قوله : ( واملك عليك لسانك ) ، ومعناه : " احفظه وصنه ولا تجره إلا فيما لك لا عليك ، أو أمسكه عما لا يعنيك" . ذكره الشوكاني رحمه الله .

     

    ---------------------------

     

    المصدر : موقف المسلم من الفتن في ضوء الكتاب والسنة .


  9. السؤال:

    ما حكم قول المرأة للرجل الأجنبي " إني أحبك في الله ".

     

     

    الجواب:

    بسم الله الرحمن الرحيم

    أرى أنه لا يجوز للمرأة مخاطبة الرجل الأجنبي بذلك ولا مكاتبته به مهما كان علماً و نفعاً وديناً.

     

    وذلك أن المؤمنة منهية عن الخضوع في القول عند مخاطبة الرجال الأجانب

     

    فقد قال الله تعالى لأكمل نساء المؤمنين وأبعدهن عن الريب: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) (الأحزاب: 32).

     

    قال ابن العربي في تفسيره أحكام القرآن (3/56: "فأمرهن الله تعالى أن يكون قولهن جزلاً, وكلامهن فصلاً, ولا يكون على وجه يحدث في القلب علاقة بما يظهر عليه من اللين المطمع للسامع , وأخذ عليهن أن يكون قولهن معروفاً".

     

    فنهى الله تعالى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وهن أمهات المؤمنين عن اللين في القول،

     

    وهذا يشمل اللين في جنس القول واللين في صفة أدائه.

     

    وسائر المؤمنات يدخلن في هذا التوجيه من باب أولى فإن الطمع في غيرهن أقرب.

     

    فالمرأة ينبغي لها إذا خاطبت الأجانب أن لا تلين كلامها وتكسره فان ذلك أبعد من الريبة والطمع فيها.

     

    أما ما رواه أحمد وأبوداود من ثابت قال: حدثنا أنس بن مالك أن رجلاً كان عند النبي صلى الله عليه وسلم فمر به رجل. فقال: يا رسول الله إني لأحب هذا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أعلمته؟ قال: لا. قال: أعلمه. قال: فلحقه، فقال: إني أحبك في الله. فقال: أحبك الذي أحببتني له.

     

    فرواه أحمد من طريق الحسين بن واقد به ورواه أبوداود من طريق المبارك بن فضالة به.

     

    ورواه الطبراني في المعجم الأوسط من طريق إسحاق بن إبراهيم قال أنا عبد الرزاق قال: أنا معمر عن الأشعث بن عبد الله عن أنس بن مالك وفيه قال: " ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله، فأخبره بما قال. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنت مع من أحببت ولك ما احتسبت".

     

    وقد صحح الحديث ابن حبان والحاكم ووافقه الذهبي كما في المستدرك 4/189.

     

    فإنه لا يدل على مشروعية أن تخبر المرأة الرجل الأجنبي بذلك، وكذلك العكس. فإن هذا الخبر وارد في محبة الموافق في الجنس الذي تؤمن فيه الفتنة وليس فيه ريبة.

     

    وقد أشار إلى هذا المعنى المناوي في فيض القدير (1/247) فقال: "إذا أحبت المرأة أخرى لله ندب إعلامها". وأنه إنما يقول ذلك للمرأة فيما إذا كانت زوجة ونحوها.

     

    كما أنه لا يعلم أن إحدى الصحابيات قالته للنبي صلى الله عليه وسلم الذي جعل الله محبته فرضاً على أهل الإيمان ذكوراً وإناثاً ولم ينقل أنه قاله لإحداهن.

     

    والله المسؤول أن يحفظ علينا ديننا وأن يلهمنا رشدنا آمين.

     

     

    الشيخ

    خالد بن عبد الله المصلح

    13/9/1424هـ


  10. سألته: كيف أنت يا سيدي؟

     

     

     

    فرد علي: إن المتقين في جنات ونهر... بجوار خير البشر... أحياء نرزق.

     

     

    فقلت: وكيف كان الرحيل؟ فإني والله أخوف ما أخافه لحظة الإنتقال من هذه

     

     

     

    الدار إلى تلك.

     

     

     

    قال: كنائم ثم استيقظ.

     

     

    قلت: يا الله... ألا تجدوا كربات وسكرات الموت وآلام القتل؟

     

     

     

    قال: أبداً... ألا كما يجد أحدكم مس القرصة.

     

     

    قلت: وهل تفتنون في قبوركم وتسألون؟

     

     

     

    قال: ألم تقرأ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى ببارقة

     

     

     

    السيوف على رأسه فتنة؟ أي فتنة؟ وأي سؤال؟ وأي حنوط؟ لا... لا شئ

     

     

     

    من ذلك أبداً.

     

     

    قلت: طوبى لكم... فإننا والله من بعدكم في كبد.

     

     

     

    قال: لا تيأس من رحمة الله فهو أرحم الراحمين.

     

     

    قلت: حاشا لله أن أيأس من رحمته ولكن كثر المثبطون والمنافقون

     

     

     

    وقل المعين.

     

     

     

    قال: هذا هو طريق من سبقك... قليل هم من يسلكوه.

     

     

    قلت: هل تتمنى أن تعود إلى دنيانا؟

     

     

     

    قال: نعم... لأقتل في سبيله مرة ثانية.

     

     

    قلت: ولماذا؟ ألست قد نلت ما تتمناه؟

     

     

     

    قال: آه... لو تعلم ما يجده الشهيد من الكرامة عند استشهاده... مواكب

     

     

     

    الملائكة تستقبله... والحور تبشره... وتتراءى له قصوره... فلا تسأل

     

     

     

    عن سروره وابتهاجه.

     

     

    قلت: ما قولك فينا يا سيدي؟

     

     

     

    قال: مساكين أنتم والله... فتن وابتلاءات وآلام وأمراض وذل ولا يدري

     

     

     

    أحدكم كيف يختم له.

     

     

    قلت: ألا تدلني على طريقة يصطفيني الله بها شهيداً؟

     

     

     

    قال: جاهد في سبيل الله... فالجهاد سوق قائم إلى يوم الدين ... فمن لم

     

     

     

    يدخله لن يبيع ولن يشتري.

     

     

    قلت: ولكن هل يصطفيني الله؟

     

     

     

    قال: أعرض سلعتك عليه سبحانه وتعالى وأحسن الظن به ولن يخيب ظنك

     

     

     

    إن شاء الله... فهو أكرم الأكرمين.

     

     

    قلت: وما أكثر ما يزين هذه السلعة حتى تصير مؤهلة لأن يشتريها

     

     

     

    رب العزة؟

     

     

     

    قال: الصدق والتجرد وحسن البلاء والصبر والمثابرة.

     

     

    قلت: دلني على شئ يعينني على ذلك؟

     

     

     

    قال: خفف الحمل... لا تتعلق كثيراً بالدنيا وأهلها... خصوصاً الأقربين.

     

     

     

    وأطل التفكير في الجنة وما أعد الله فيها للمجاهدين في سبيله من قصور

     

     

     

    وأنهار وحور وهم فيها آمنون بجوار أكرم الأكرمين.

     

     

     

    وتذكر جهنم عياذاً بالله وما أعد الله فيها للمخالفين من طعام ذا غصة

     

     

     

    وعذاباً أليما.

     

     

    قلت: أوصيني؟

     

     

     

    قال: أوصيك بالكتاب والسنة ومنهج السلف.

     

     

    ابتعد عن اللغو والجدال وتصنيف الناس.

     

     

     

    لا تشغل نفسك بالقيل والقال والخصومات.

     

     

     

    ففي نفسك ما يشغلك عن الغير... وعمر الدنيا قصير... وعمرك فيك أقصر.

     

     

     

    لا تجامل على حساب الحق أياً كان... ولكن بالتي هي أحسن.

     

     

    قلت: زدني يا سيدي؟

     

     

     

    قال: عليك بقيام الليل... فنعم الزاد للمجاهدين.

     

     

    قلت: زدني؟

     

     

     

    قال: الجهاد الجهاد... فالمجاهدون هم الرجال وهم الأبطال في كل زمان

     

    ومكان.

     

     

    قلت: أي جماعة تأمرني موالاتها ونصرتها؟

     

     

     

    قال: المجاهدون المجاهدون.

     

     

    فتحت شهيتي للأسئلة وما إن هممت بطرح أسئلة أخرى... حتى قاطعني.

     

     

     

    مهلاً... مهلاً... فأنت تذكرني بالدنيا وأهلها وإني أستوحش من ذلك...

     

     

     

    أتركك الآن.

     

     

    فقلت: لا تتركني يا سيدي.

     

     

     

    قال: أما الرجوع إليكم فمن المحال... وإذا كنت حقاً تحبنا فألحق بالقافلة

     

     

     

    فهي لا تزال تسير.

     

     

    قلت: أوحقاً قد ألحق بكم؟

     

     

     

    قال: ليس ذلك على الله بعزيز... هل تعلم؟

     

     

    قلت: ماذا يا سيدي الفاضل؟

     

     

     

    قال: إننا قريبين جداً من الذين يريدون بيع بضاعتهم لمولاهم وما عليهم

     

     

     

    إلا بالصدق في البيع.

     

     

    قلت: يشهد الله على ذلك... لكني متثاقلاً قليلاً.

     

     

     

    قال: يا هذا... أعلم أنه لن ينال السعادة من لزم الوسادة.

     

     

     

    تحرر من طينتك وثقلتك واربأ بنفسك أن تعيش مع الهمل فإنما هي نفس

     

     

     

    واحدة.

     

     

    قلت: إن في القلب غصة لفراق الأحبة؟

     

     

     

    قال: لم يصفو قلبك بعد.

     

     

     

    حتى يكون الله أحب إليك من كل شئ ويكون شوقك إلى لقائه كشوق

     

     

     

    الغريب الذي طال غيابه على أعز أحبابه.

     

     

    قلت: وهؤلاء الذين يتبجحون بالمصالح المظنونة ومنهم علماء؟

     

     

     

    قال: يا هذا... لا تجهل... مولاك يدعوك لجنة عرضها السماوات والأرض

     

     

     

    وأنت تقول إنهم يقولون.

     

     

    أليس قدوتك رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام؟

     

    قلت: بلى.

     

     

     

    قال: فاقتفي آثارهم... ولا تلتفت... فالبساتين هناك قد أينعت ثمارها

     

     

     

    وحان وقت القطاف.

     

     

    قلت: كلمة أخيرة يا سيدي؟

     

     

     

    قال: أوصيك بالجهاد.

     

     

    الجهاد يا أخي الجهاد... لا يعدله شئ أبداً.

     

     

     

    والمجاهدون هم خير الناس.

     

     

     

    آآآه لو تعلمون...!!!

     

     

     

    منقول


  11. النقاط الذهبية في كيفية نقاش الروافض والتنبيه لبعض ألاعيبهم في النقاش

     

     

    الحمد لله وحده وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده

     

    هذه نقاط مهمة يحتاج إليها من أراد أن يناقش الرافضة خاصة مع إنتشار الأخذ والعطاء معهم من خلال المنتديات وظهور معتقداتهم رغما عنهم في كثير من الأحيان لان دينهم قائم على الكذب والنفاق الذي يسمونه التقية .

     

    والموضوع نقلته من موقع الخيمة وهو للأخ راشد الإماراتي جزاه الله خيرا

     

    يقول حفظه الله (الحمد لله وبعد فإني تأملت إختلاف أساليب إخواننا السنة في مناظراتهم لضلالات الروافض فوجدت منهم مع الأسف الشديد يدخلون في نقاشات عشوائية غير مرتبة وهذا النوع من النقاش يشتت ويبعثر ويفرع الموضوع أكثر مما لو ضبطت هذه النقاشات بما سأتكلم عنه إنشاء الله في موضوعي هذا بحيث يخرج المناظر من نقاشة بفائدة وهدف يبني عليه كل موضوعه.

    بإختصار شديد سأذكر هنا نقاطا أساسية مهمة تضيق على أعناق الروافض في النقاش بحيث لا يستطيعوا معها التلوي والتلاعب مع أحد من إخواننا السنة المجاهدين لهم ولخبثهم بإذن الله فإن الراد على المبتدعة مجاهد يحفظ الله به الدين من المشككين فيه وهم هدفهم وغايتهم تشكيك العوام من الناس الذين لا يعلمون من أمر الدين كثير تفصيل ويكون لكلام صاحب العلم عليهم وفي فضح خبثهم وقع شديد أمام الناس لأن الجاهل يتنبه لمكر الروافض إذا سمع كلام بني دينه في رده على شياطين الإنس الضلال من أمثالهم.

     

     

    أنا سميتها النقاط الذهبية لأنها توفر على المناقش وطالب العلم وقته الذي هو في حقيقة الأمر أغلى من الذهب. فإن الذهب قد يعوض والعمر لا يعوض ولا يسترجع منه نفس.

     

    النقاط الذهبيه هي:

     

    1. قضية التقية:

     

    هذه النقطة في حقيقة الأمر من أصعب وأخبث النقاط التي يصعب عليك أخي المناظر أن تجرد الرافضي منها في النقاش لأن هذه التقية هي الكذب والنفاق بعينه وهي عندهم من الدين الذي يتقربون لله به وهم في حقيقة الأمر يتقربون للشيطان به لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا. والكذب والنفاق مذموم عند كل الأمم إلا عند هؤلاء الشواذ من البشر. والله إنه ليصعب على المناظر منا لهم أن يأخذ من أفواههم كلمة واحدة ثابتة فهم ليسوا مثلنا فنحن نعتز بإظهار ديننا رضي من رضي وسخط من سخط. أما هم فحتي على الإنترنت يستعملون التقية وكأننا بسيوفنا على أعناقهم نهددهم بالقتل إن قالوا لنا عن عفن ما تخفيه صدورهم!!!! سبحان الله وهل أنتهم يا روافض مكرهون على التخفي حتى على الإنترنت؟!؟!؟! وأفضل مثال لذلك عدم تصريحهم إلا القليل بالقول بتحريف القرآن وأن علمائهم الكبار سطروه في كتبهم فهم يدورون حول الرحي ولا يصرحون رغم أن أفضل دليل عملي على حقيقة هذا الأمر عندهم هو عدم وجود الحوزات العلمية المتخصصة في القرآن الكريم في جامعاتهم ولا يوجد بها قسم خاص للقرآن الكريم وعلومه بل هم ينتقصون من يكثر وينشغل منهم بعلوم القرآن الكريم. وهذا ليس نقاشنا وإنما مثال فقط. زبدة الكلام أنصحك أخي السني المناظر أن تلزم الرافضي بما في كتبهم وأن تبين له تناقض كلامه إن إستعمل نفاق التقية مع ما في كتبهم وألزمه بكلمة فصل لكي لا يضيع الوقت.

     

     

    2. كثرة كذبهم في ذكر المصادر لك من كتبنا:

    هذه النقطة مهمة جدا لأن الرافضي قد تجده يتبجح عليك بأنه مستعد أن يأتيك بأضعاف من المصادر فوق الذي أتى به ليثبت لك حقيقة كلامه وأنه موجود. وهذا الكلام يدور على عدة احتمالات دائما يستعملها الروافض في التلاعب وهي عندما تراجع المصدر قد تجد مؤلفه لا يمثل معتقد أهل السنة والجماعة ككونه من المعتزلة مثلا أو قد تجد المصدر هو من مصدرهم هم وليس مصدرنا أو قد تجده في بعض كتب التاريخ الغير مسنده أو التي تحتاج لتحقيق حديثي وليس فقط ذكر عابر. فكتب التاريخ مثلا ليست عندنا كالصحيحين مثلا لأنه يوجد فيها الكثير من غير الصحيح من الأخبار والوقائع. أو أنه يوجد في مصدر صحيح ولكن الرافضي الخبيث لا ينقل لك الكلام كاملا بل ينتف منه ما يريد ويترك ما يفضح ألاعيبه فلا ينقله لك وهذا فيهم كثير.

     

    3. قضية استدلالهم بالأحاديث الغير ثابتة:

    هذه النقطه لا تحتاج لتنبيه كبير لأن أكثر إستدلالاتهم علينا هي بالأحاديث التي نحن نحارب وننقي ديننا منها فكيف تتهمونا بها!!! وهذا هو عين ما نادى به المحدث الألباني رحمه الله وسماه بالتصفية والتربية. أي تصفية الدين من كل فكر أو حديث لا يثبت أو موضوع شاب على الدين صفوته ثم نربي الجيل على هذه الأحاديث المصفاة. فيجب التشديد عليهم بلزوم الحديث الصحيح عن طريقنا فقط لكي لا يضيع الوقت في الكلام على حديث لا يثبت أصلا.

     

     

    4. فرحهم المضحك باستدلالهم علينا بالصحيح من الأحاديث:

    هنا يشعر الرافضي بفرح بالغ وكأنه قد أقام الحجة على مناظره منا. وهنا أمر قد فات هذا الرافضي ونحن لا نلومه لخبثه وعدم أمانته عندنا أصلا. هم يأتونا بالحديث الصحيح ولكن مع الأسف الشديد هم يشرحوه لنا وكأنهم عندنا أمناء بمنزلة إبن حجر العسقلاني في الشرح مثلا!!! يا سبحان الله هم ينقلون لنا ما يعتقدون فيه قيام حجة علينا ولكن لا ينقلون لنا الشرح من مصادرنا لنعلم على رأس من ستقع الحجة إن هم أرادوا الحجة أصلا. ومثال ذلك يأتوك بأحاديث مجملة في بعض الروايات الصحيحة ليركبوا منه معنى آخر خلاف المعلوم من الأمر الثبوتي في نفس الحديث ولكن من رواية تفصيلية أخرى تشرح ما أجمل في الرواية الأولى. يات النسخ معامه غير مخصص يكفرون بها الصحابة ويتركون الأحاديث والآيات المخصصة الجلية بإيمان الصحابة القوي أو بأحاديث بشارتهم بالجنة.

     

    5. قضية محاولة تشكيكهم لنا في ثقة علمائنا الكبار:

    إن أكثر ما يهمهم وينفعهم هو فصل الناس عن إلتفافهم حول علمائنا لأن هذا أمر يغيضهم ويعلمون أننا سنتوجه بتوجيه علمائنا لأنهم هو ورثة الأنبياء الذين يعلمونا بدين الله وبحقيقة أعدائنا وضلالهم. وخير مثال على ذلك إستدلالهم مثلا بوجود قولان إثنان مختلفان للمحدث اللأباني رحمه الله وكان أحدهم ينقل هذا مستدلا على أن الألباني رحمه الله متناقض وغير واضح في علم الحديث ليبين للناس أن هذا الذي تقتدون به وتأتمنونه ليس أهلا لهذا العلم. سبحان الله إن لم يكن الألباني رحمة الله عليه ذا علم بالحديث الشريف فهل أصبح الروافض عندنا أمناء على الكتب التسعة مثلا؟!!! ولعلهم تناسوا أن هناك أمور قد ترجع لخطأ قد فات الطبعات القديمة تداركه أو أن للأمر إجتهاد قد بان للمحدث الألباني لاحقا أمر خلاف السابق ولم يكن بيده تغيير الطبعات القديمة التي عمت الدنيا بفضل الله. فترى هؤلاء الروافض يضخمون أمرا من لا شيء لأنه لا يحتاج لتعليق لبيان أمره للصغير والكبير منا!!! أو لعلهم يقولون هذا الكلام لضنهم أننا نعتقد عصمة علمائنا كما يزعمون هم عصمة الأئمة عندهم!!

     

     

    6. إستدلالهم علينا بكلام أعدائنا من النصارى أو الصوفية مثلا:

    وهنا تجد الروافض يحتجون على ثبوت بعض الوقائع المكذوبة على حال الدعوة السلفية المباركة وقت حياة المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب والفترة التي من بعده بكلام أمثال لورانس العرب أو بعض القصص المكذوبة من كتب الصوفية في زعمهم مثلا أن الوهابيون عندما أخذوا المدينة دخلوا بخيولهم إلى المسجد النبوي الشريف وآذوا الناس والحجاج كذلك في مكة. سبحان الله وهل كلام الخصوم دليل موثوق؟!؟!؟!!! تنبه

     

     

    7.قضية إستدلالهم ببعض النسخ الغير محققه جيدا:

    فهنا قد تجد منهم من يأتيك بنسخة ويريك موضع الإستدلال وقد لا تنتبه للأمر فعلا!!! ولكن عندما تقارن هذه النسخة بالنسخ التي تعب أصحابها سنين في تحقيقها ستعلم أن هناك فرق كبير بين النسخ التجارية ذات الأخطاء الكثيرة وبين المنقاة إنشاء الله بحسب جهد المحققين من الأخطاء. وأفضل مثال يحضرني هو أن أحدهم إستدل عليّ بكلام غبن كثير رحمه الله من تفسيره وكان ذاك الرافضي يستشهد بحديث قال ابن كثير بعده وهذا الحديث لا يقدح به...وكان ذاك الرافضي يحتج عليّ عندما قلت له بضعف الحديث. فنظرت لتفسير ابن كثير لنسخه محققة على عشر نسخ وإذا بي أجد النسخة فيها كلام ابن كثير بعد الحديث يقول( وهذا الحديث لا يفرح به) أي ضعيف فقلت الله أكبر خطأ مطبعي بسيط يقلب المعني رأسا على عقب فالحمد لله على جهد المحققين المخلصين بإذن الله.

     

     

    8.قضية إستشهادهم بقصائد الشعراء:

    أولا بغض النظر عن صحة سند القصيدة أم لا فنحن نقول في (((العموم))) وهل المرجع عندنا القصائد أم الوحيان القرآن والسنة؟؟؟!! أضف لذلك أن كثيرا من القصائد المفتراة لا يملون من الإستشهاد بها في النقاش ولا أدري إلى متي ستكرر في باب النقاش وكأنها قرآن لا نستطيع أن نعارضهم على الإستشهاد به!!!

     

    9.قضية التدليس والخلط في بيان أسماء العلماء أو الأشخاص:

    وهنا قد يقولون لك إن ابن حجر العسقلاني قد قال في الحديث كذا وكذا وهم في الحقيقة يعلمون أن الذي يتكلمون عنه هو ابن حجر المتساهل في الحديث وليس الحافظ العسقلاني ولكنهم يوهمون السامع على أنهما شخص واحد ويدلسون عليه لغاية خبيثة لا تمت للأمانة العلمية بصلة فتنبه.

     

    10.قضية التفرع في المسائل الفرعية مع تجاهل الإصول:

    وهذا الباب لا يغرق فيه إلا الجدد الذين لا يعلمون بحقيقة الفوارق الإصولية التي تفصلهم عنا. فما فائدة النقاش بالساعات في مسألة المسح أو الغسل للقدم في الوضوء وهم لا يعترفون بكل مصادرنا بما فيها القرآن الكريم لأنهم يزعمون تحريفه وتبديله من قبل الصحابه!!! والعقيدة عندهم تختلف تماما لشركياتهم في القبور والأولياء وقس بمكيال وبلا مكيال في هذا الأمر. فلا تتعب نفسك أخي السني المناظر في الفرعيات لأن الأصل مجروح فما فائدة علاج الفرع والأصل ينزف طيلة قرون متلاطمة.

     

     

    في نهاية المقال أقول أن النقاط حقيقة الأمر كثيرة ولكني أجملت ما غلب على ضنّي أهمها وإنشاء الله إن حظرني أمر مهم سأضيفه للنقاط الذهبية العشرة لاحقا وإنشاء الله الإخوة هنا لا أظنهم سيبخلوا علينا بما يحسن بنا أن نضيفه أو ننبه لأمره وننهض به جميعا والسلام ).

     

    منقول


  12. post-18412-1155897671_thumb.jpg

     

     

    الحمدلله رب العالمين وصلاة والسلام علي أشرف المرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأزواجه وصحبه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين .. وبعد

     

    أيشرك المسلم وهو لا يعلم ؟؟!

     

     

     

    1- قال تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ } يوسف 106 .

    2- وقال تعالى: { الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ } الأنعام 82، والظلم فسره صلى الله عليه وسلم بالشرك.

    3- ولما قال بعض الصحابة للرسول صلى الله عليه وسلم: « اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط» قال صلى الله عليه وسلم الله أكبر! إنها السنن! قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة لتركبن سنن من كان قبلكم » أخرجه الترمذي وأحمد وابن حبان وغيرهم.

    4- وقال صلى الله عليه وسلم: « أيها الناس! اتقوا هذا الشرك، فإنه أخفى من دبيب النمل! فقيل له: وكيف نتقيه؟ فقال صلى الله عليه وسلم: قولوا اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئاً نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلمه » أخرجه أحمد

     

    هل سيعود أحد من المسلمين إلى الشرك؟؟

     

     

    1- قال صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى يعبدوا الأوثان» أخرجه أحمد وأبوداود والترمذي وابن ماجة.

    2- وقال صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس حول ذي الخلصة» وهو في الصحيحين.

    وكانت صنماً تعبدها دوس في الجاهلية بتبالة (تبالة أي مكان)

    3- وقال صلى الله عليه وسلم: «لايذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى» رواه مسلم.

    ولتعلم أن أوجب الواجبات وأعظم ما فرض الله عليك هو: تعلم التوحيد والعمل به ومعرفة الشرك والتخلص منه.

     

     

    ماهــــو التوحيـــد؟؟

     

     

    التوحيد: هو إفراد الله بما يختص به من الألوهية والربوبية والأسماء والصفات وهو قسمان:

    1- توحيد الألوهية: وهو إفراد العبد أفعاله التعبدية لله وحده فلا يصرف شيئا منها لغير الله.

    2- توحيد الربوبية والأسماء والصفات: وهو إفراد الله سبحانه وتعالى بأفعاله وصفاته وأسمائه فلا يشاركه أحد فيها.

     

    ما هــــو الشــــرك؟

     

    وأما الشرك فهو: صرف شيء مما يختص به الله لمخلوق، وهو قسمان:

    (الأول) الشرك الأكبر: وهو صرف شيء مما يختص به الله لمخلوق كما يصرف لله وهو مخرج من الإسلام، وهو قسمان:

    (أ) شرك في الألوهية: وهو صرف العبد شيئاً من أفعاله التعبدية لغير الله، ومن أنواعه : الشرك في الدعاء والمحبة والطاعة والنية والقصد والخوف والرجاء والتوكل .

    (ب) شرك في الربوبية والأسماء والصفات: وهو صرف العبد شيئاً من أفعال الله أو صفاته أو أسمائه لغير الله كالخلق والرزق والإحياء.

    2- (الثاني) الشرك الأصغر: وهو صرف شيء مما يختص به الله لمخلوق ولكن ليس كما يصرف لله. وهو لا يخرج من الإسلام، ولا يحبط العمل كله، بل يحبط ما وقع فيه الشرك، وهو كبيرة من كبائر الذنوب ووسيلة إلى الشرك الأكبر ولا يخلد فاعله في النار.

     

     

    ألفاظ شركية محرمة منتشرة

     

     

    1- خير يا طير ( لكونه يستعمل للتطير) قال صلى الله عليه وسلم: «الطيرة شرك الطيرة شرك ثلاثاً...» رواه أبوداود

    2- الحلف بغير الله مثل:

    (1) والنبي

    (2) والكعبة

    (3) وحياتك

    (4) وحياتي

    (5) والله وحياتك

    (6) بالأمانة

    (7) بالذمة

    ( وشرفي

    (9) بصلاتك

    (10) وجاه النبي

    (11) بحق فلان

    (12) بروح والديه

    (13) برأس الأم أو الأب أو الأولاد

    (14) الحلف بالأموات مثل: الجيلاني والبدوي

    (15) التسمية الشركية: مثل: عبدالرسول لقوله صلى الله عليه وسلم: «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك» رواه الترمذي، وكفارته أن يقول: «لا إله إلا الله» متفق عليه.

    وهذه كلها من الشرك الأصغر إذا لم يقصد تعظيم المحلوف به كتعظيم الله ، أما مع القصد فهو شرك أكبر.

     

     

     

    3- تسوية مخلوق بالله في الألفاظ لا في التعظيم: مثل

    (1) ما شاء الله وشئت

    (2) لولا الله وأنت

    (3) داخل على الله وعليك

    (4) الله لي في السماء وأنت لي في الأرض

    (5) مالي إلا الله وأنت

    (6) هذا من بركات الله وبركاتك

    (7) متوكل على الله وعليك

    ( أعوذ بالله وبك

    (9) لولا فلان لكان كذا

    (10) وهذا من الله وفلان

    (11) متوكل على فلان. قال تعالى:{ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } البقرة 22 .

    قال النبي صلى الله عليه وسلم: « قل: ما شاء الله وحده » رواه أحمد ، والصحيح أن تقول كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء فلان» رواه أحمد وأبو داود

    4- وجه الله عليك أن تأكل أو تفضل عندنا لأنه لا يستشفع بالله على المخلوق.

    5- مطرنا بنوء (النجم) كذا: ففي الحديث القدسي : «أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر: فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب » رواه أبو داود

     

     

    صور من الشرك الأكبر والشرك الأصغر

     

    لتعلم بأن الجهل بحقيقة الشرك جعلت بعض المسلمين يعملون أنواع الشركيات بل الشرك الأكبر، وهم يعتقدون بأنها من أفضل وأعظم العبادات والقربات إلى الله!! فصاروا كالمشركين القائلين: { مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى } الزمر3 ، بل إن منهم من يظن أن الشرك هو فقط عبادة الأصنام أو الأحجار ونحوها فللشرك صور كثيرة منها:

    1- الاعتقاد بالسيد أو الولي أو الإمام أو الشيخ وغيرهم: بأنهم يضرون أو ينفعون أو يتصرفون في الكون وفي حياة الناس أو أنهم يعلمون الغيب أو يطلعون على اللوح المحفوظ، أو أنهم حاضرون وناظرون في كل مكان أو أنهم وسائط بينهم وبين الله أو يطلبون منهم المدد والغوث أو يخافونهم ويرجونهم ويتوكلون عليهم أو يشرعون لهم مالم يأذن به الله من الحلال والحرام أو يقدمون أوامرهم على أمر الله كما قال تعالى: { اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ } التوبة 31 .

    2- الدعاء أو السجود أو النذر أو الاستغاثة أو الذبح لغير الله كائن من كان بقصد التقرب إليه أو رجاء نفعه أو دفع ضره.

    3- ومن صور الشرك الأصغر:

    (1) الرياء والسمعة: وهو عدم إخلاص عمل ما لله تعالى كمن يتصدق لغير الله.

    (2) تسوية مخلوق بالله في الألفاظ من دون تسويته بالتعظيم كالحلف.

    (3) التعلق بالأسباب من دون الله.

    (4) قصد الدنيا بعمل صالح.

     

     

    الشركيات المخرجة من الإسلام

     

    الشركيات المخرجة من الاسلام التي تفعل للأموات أو عند قبور الأنبياء والصالحين وغيرهم

     

    1- دعاء الميت أو الاستغاثة به ومناداته وسؤاله وطلب المدد منه كأن يقول: ياسيدي فلان انصرني أو أغثني أو اشفني أو المدد.

    2- الذبح للميت بأن يذبح له كبشأ أو دجاجة تقربا له وتعظيماً.

    3- النذر للميت:بأن يقول: ياسيدي فلان إن شفيتني من المرض أو قضيت حاجتي فلك علي أن أفعل كذا وكذا كما يفعل عند قبر البدوي والجيلاني وابن عربي وغيرهم.

    4- اعتقاد أن الميت يتصرف في الكون والحياة وأنه ينفع أو يضر.

    5- التقرب إلى الميت بوضع الطعام والأموال والحيوانات والهدايا عند قبره أو إكرام السدنة الذين يقومون على ضريحه بها.

    6- دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم وسؤاله الحاجات من دون الله تعالى كمن يقول: المدد يا رسول الله أو المغفرة.

    7- السجود أو الركوع أو الطواف أو الحج للقبر أو للميت تقرباً إليه.

    8- الخوف من الموتى أن يضروه، أو يؤذوه، أو يصيبوه بالمرض.

    9- أن يطلب من الموتى الدعاء أو الشفاعة له عند الله.

     

     

    عقوبة المشرك بالله

     

    من لم يتب من الشرك بعد قيام الحجة عليه فهو من أهل الجحيم كما جاء في الأدلة التالية :

    1- قال تعالى: { إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ } النساء 48 .

    2- وقال تعالى: { إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ } المائدة 72 .

    3- وفي صحيح البخاري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من لقي الله يشرك به شيئا دخل النار»

    ولتعلم بأن الشرك قد غلب على كثير من النفوس حتى صار الإسلام غريباً، فأكثرهم لا يفهمون معنى (لا إله إلا الله) ولذا ينقضونها في كل وقت !!

    ولتعلم أيضا بأنه لا يجوز لك السكوت عن أي مظهر من مظاهر الشرك بل إن من الواجبات العظيمة عليك محاربة الشرك وأن تكون داعياً إلى التوحيد.

    فكثيرون يعتقدون أنهم بعيدون كل البعد عن الشرك وما هو عنهم ببعيد!!

    فالمرء قد يشرك بسبب كلمة سريعة أو عمل لا يستغرق فعله ثوان أو عمل قلبي من خوف أو رجاء أو حب يصرف لغير الله!!فما أكثر الذين يشركون وهم لا يعلمون!!

     

     

    المحرمات التي تفعل عند قبور الأنبياء والصالحين

     

    وهي بدع وخرافات ووسائل إلى الشرك الأكبر

     

    1-الاعتقاد بأن دعاء الله عند القبر مجاب وكذا استقبال القبر عند الدعاء كما تستقبل القبلة وكذا قراءة القرآن عندها.

    2- شد الرحال والسفر إلى القبور والمشاهد والأضرحة والاعتكاف عندها باسم الزيارة والتبرك فلا يجوز السفر إلى أي بقعة تعظيما لها أو تقربا إلى الله إلا للمساجد الثلاثة (المسجد الحرام، والنبوي، والأقصى) لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى» رواه الترمذي.

    3- تجصيص القبور والبناء عليها وتعليتها ووضع الستائر عليها وبناء المشاهد والقبب عليها والكتابة عليها وإنارتها وإسراجها واتخاذها مزارات وأعياد وغرس الشجر عندها وتزيينها بأي زينة.

    4- بناء المساجد على القبور أو الصلاة عندها أو استقبالها عند الصلاة فيحرم الصلاة في هذه المساجد والصلاة فيها باطلة ويجب هدمها لقوله صلى الله عليه وسلم: « لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» رواه مسلم وأحمد

    5- التمسح بالقبر وتعفير الوجه بترابه تبركا.

     

    وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×