اذهبي الى المحتوى

امانى يسرى محمد

العضوات
  • عدد المشاركات

    7637
  • تاريخ الانضمام

  • تاريخ آخر زيارة

  • الأيام التي فازت فيها

    60

مشاركات المكتوبهة بواسطة امانى يسرى محمد


  1. (اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ)
    " النور " صفةٌ ذاتيةٌ لله عَزَّ وجَلَّ ثابتةٌ بالكتاب والسنة، وقد عدَّ بعضهم (النُّور) من أسماء الله تعالى، ويدل عليه قوله تعالى : اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ النور/35 ، وقوله تعالى : وَأَشْرَقَتِ الأرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا ... الزمر/69.
    وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما مرفوعًا : إنَّ الله تبارك وتعالى خلق خلقه في ظلمة، فألقى عليهم من نوره، فمن أصابه من ذلك النور؛ اهتدى، ومن أخطأه؛ ضلَّ ... أحمد (6644) ، والترمذي (2642) واللفظ له.
    وفي الحديث: اللهم لك الحمد؛ أنت نور السَّماوات والأرض، ولك الحمد ... البخاري (7385، 7442، 7499) ، ومسلم (769) .

    أما قوله تعالى: اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ النور/34 .
    فقد اختلف العلماء من أهل السنة هل هذه الآية من آيات الصفات أم لا ، مع إثباتهم صفة النور لله تعالى ؟
    1- فذهب بعضهم إلى أنها ليست من آيات الصفات، وأن معناها: هادي السماوات والأرض، وأن إضافة النور إلى الله إضافة فعل إلى فاعله .
    2- وذهب بعضهم إلى أنها من آيات الصفات، وأن إضافة النور من إضافة الصفة إلى الموصوف بها .
    وذهب بعض العلماء إلى أن من قال من السلف بالقول الأول، فليس " مقصوده به نفي حقيقة النور عن الله، وأنه ليس بنور، ولا نور له "، ومن قال: إنه بمعنى منور " ؛ فهذا لا ينافي كونه في نفسه نورا ، وأن يكون النور من أسمائه وصفاته بل يؤكد ذلك " . انتهى من "مختصر الصواعق المرسلة" (426 - 428).
    وقال ابن تيمية: " ثم قول من قال من السلف: هادي أهل السموات والأرض لا يمنع أن يكون في نفسه نورًا ؛ فإن من عادة السلف في تفسيرهم: أن يذكروا بعض صفات المفسَّر من الأسماء، أو بعض أنواعه؛ ولا ينافي ذلك ثبوت بقية الصفات للمسمى ؛ بل قد يكونان متلازمين ، ولا دخول بقية الأنواع فيه "، انتهى من " مجموع الفتاوى " (6/ 390).

    اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35)سورة النور
    1- وصف الله جلّ الله نفسه بالنور "الله نور السموات" ووصف نبيه بالنور " وسراجاً منيراً " ووصف كتابه بالنور " وأنزلنا إليكم نوراً مبيناً "/ نايف الفيصل
    -2 " الله نور السموات والأرض" إن اتصلت به منحك بعض نوره... ماذا يفعل هذا النور؟
    يُريَك الحق حقا وترزق اتباعه والباطل باطلا وترزق اجتنابه.. / نايف الفيصل
    " -3 الله نور السموات والأرض " " نور على نور " أين أجد هـذا النور ؟ " في بيوت أذن الله أن ترفع .. " فمن أراد النور فلـيلزم بيت الله ... / نايف الفيصل
    4- (يهدي الله لنوره من يشاء...) مع جلاء النور،،إلا أن نور الله لايراه إلا من يحب! / وليد العاصمي
    5- (يهدي الله لنوره من يشاء!) إنه يختار،،! تملق عند بابه ،فولله ماردَّ طالباً،،/ وليد العاصمي
    6- ‏(يهدي الله لنوره من يشاء) أوفر الناس حظا من نور الهداية في الدنيا أتمهم نورا يوم القيامة (نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم) حياتك نور...." / نوال العيد.
    7- "جاءت آية {الله نور السموات والأرض} بعد آيات غض البصر فمن غضّ بصره عن الحرام أطلق الله نور بصيرته وفتح عليه من العلم. - ابن تيمية" / د.نوال العيد
    8- "يهدي الله لنوره من يشاء" تأمل كيف حرم هذا النور أناس هم أذكى منك وأكثر اطلاعا منك، فأثبت على هذا النور حتى تأتي مع من" نورهم يسعى بين أيديهم…"/ فوائد القرآن
    9- ﴿نُورٌ على نُور﴾ كلّما أردت أن يزداد النور في قلبك فـ ازداد تعلّقاً بكتابِ الله، فإمّا نور الله وإلا ليس ثمّةَ نور. . / تأملات قرآنية
    10- (الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح) المشكاة شيء..والمصباح شيء آخر.. هذا هو الفرق بينهم.. / روائع القرآن
    11- ﴿الله نور السماوات والأرض﴾ . . الحرمان .. أنّ نورا مَلأ السماوات والأرض ولا يجد طريقا لقلبك / . إبراهيم العقيل

    المصدر الأسلام سؤال وجواب
    و
    حصاد التدبر



    38769171_261541111115384_5296527641925386240_n.jpg?_nc_cat=108&_nc_sid=730e14&_nc_ohc=KLyA1Wty6wQAX8Zq5wo&_nc_ht=scontent.fcai2-1.fna&oh=d400321b4de5f96d115077d427d260ef&oe=5EC8D92C


  2. { ﺇِﻳَّﺎﻙَ ﻧَﻌْﺒُﺪُ ﻭﺇِﻳَّﺎﻙَ ﻧَﺴْﺘَﻌِﻴﻦُ }
    ﻣﺎﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻻ‌ﻳﻜﻮﻥ ، ﻭﻣﺎﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻠﻪ ﻻ‌ﻳﻨﻔﻊ ﻭﻻ‌ﻳﺪﻭﻡ."
    -ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ-



    { ﺍﻫﺪِﻧَــــﺎ ﺍﻟﺼِّﺮَﺍﻁَ ﺍﻟﻤُﺴﺘَﻘِﻴﻢَ }
    ﻻ‌ﺑﺪ ﺃﻥ ﻧﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺳﺆﺍﻝ ﺍﻟﻬﺪﺍﻳﺔ ﺃﻣﺮ ﻋﻈﻴﻢ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﺑﻬﺎ ﻫﻨﺎ ﻫﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﺑﺄﻥ ﻳﺄﺧﺬ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻨﻮﺍﺻﻴﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻴﺮ..



    { ﺧَﺘَﻢَ ﺍﻟﻠّﻪُ ﻋَﻠَﻰ ﻗُﻠُﻮﺑِﻬﻢْ ﻭَﻋَﻠَﻰ ﺳَﻤْﻌِﻬِﻢْ ﻭَﻋَﻠَﻰ ﺃَﺑْﺼَﺎﺭِﻫِﻢْ ﻏِﺸَﺎﻭَﺓٌ ﻭَﻟَﻬُﻢْ ﻋَﺬَﺍﺏٌ ﻋﻈِﻴﻢٌ }
    ﻣﺎ ﺃﺷﺪ ﺍﻟﻜﺒﺮ !!
    ﻭﻛﻴﻒ ﺃﻧﻪ ﻳُﻌﻤﻲ ﻋﻦ ﺭﺅﻳﺔ ﺍﻟﺤﻖ !!..
    ﻭﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻘﻴﺴﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﻭﻣﻮﺍﻗﻔﻨﺎ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ،،.!!
    ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺃﺭﻧﺎ ﺍﻟﺤﻖ ﺣﻘﺎ ﻭﺍﺭﺯﻗﻨﺎ ﺍﺗﺒﺎﻋﻪ ، ﻭﺃﺭﻧﺎ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﺑﺎﻃﻼ‌ ﻭﺃﻋﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﺟﺘﻨﺎﺑﻪ ..
     
    No photo description available.


    { ﻗَﺎﻟُﻮﺍْ ﺳُﺒْﺤَﺎﻧَﻚَ ﻻ‌َ ﻋِﻠْﻢَ ﻟَﻨَﺎ ﺇِﻻ‌َّ ﻣَﺎ ﻋَﻠَّﻤْﺘَﻨَﺎ ﺇِﻧَّﻚَ ﺃَﻧﺖَ ﺍﻟْﻌَﻠِﻴﻢُ ﺍﻟْﺤَﻜِﻴﻢُ }
    ﻗﺪ ﻳﺤﺠﺐ ﻋﻨﻚ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻟﻌﻠﻤﻪ ﻭﻟﺤﻜﻤﺘﻪ ﺑﺎﻷ‌ﺻﻠﺢ ﻟﺤﺎﻟﻚ ،، ﻭﻗﺪ ﻳﻔﺘﺢ ﻟﻚ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻟﻌﻠﻤﻪ ﺑﻚ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ..
    ﻓﻼ‌ ﻋﻠﻢ ﺇﻻ‌ ﻣﺎﻋﻠﻤﺘﻨﺎ ﺳﺒﺤﺎﻧﻚ ﺭﺑﻲ ..



     { ﻧَﺒَﺬَ ﻓَﺮِﻳﻖٌ ﻣِّﻦَ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺃُﻭﺗُﻮﺍْ ﺍﻟْﻜِﺘَﺎﺏَ ﻛِﺘَﺎﺏَ ﺍﻟﻠّﻪِ ﻭَﺭَﺍﺀ ﻇُﻬُﻮﺭِﻫِﻢْ ﻛَﺄَﻧَّﻬُﻢْ ﻻ‌َ ﻳَﻌْﻠَﻤُﻮﻥَ}
    ﻣﻦ ﻫﺠﺮ ﺍﻟﻘﺮﺍﻥ ﺍﺑﺘﻠﻲ ﺑﺴﻘﻂ ﺍﻟﻘﻮﻝ
    - ﺧﺎﻟﺪ ﻋﺮﻳﺞ -



    ﺇﻫﻼ‌ﻙ ﺍﻟﻈﺎﻟﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺃﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻈﻠﻮﻡ ﻳﺸﻔﻲ ﺍﻟﺼﺪﺭ ..
    { ﻭَﺃَﻏْﺮَﻗْﻨَﺎ ﺁﻝَ ﻓِﺮْﻋَﻮْﻥَ ﻭَﺃَﻧﺘُﻢْ ﺗَﻨﻈُﺮُﻭﻥَ }
    ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺷﻒِ ﺻﺪﻭﺭﻧﺎ ﺑﻬﻼ‌ﻙ  الظالمين



    { ﻭَﻟَﺘَﺠِﺪَﻧَّﻬُﻢْ ﺃَﺣْﺮَﺹَ ﺍﻟﻨَّﺎﺱِ ﻋَﻠَﻰ ﺣَﻴَﺎﺓٍ }
    ﻣﻦ ﺣﺮﺹ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺣﺮﺻﺎ ﺷﺪﻳﺪﺍ ﺭﺿﻲ ﺑﺄﻱ ﺣﻴﺎﺓ ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﻜﺮﺓ ؛
    ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺟﺎﺀﺕ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻧﻜﺮﺓ (ﺣﻴﺎﺓ)
    - ﻋﻘﻴﻞ ﺍﻟﺸﻤﺮﻱ-


    { ﻭَﺍﺳْﺘَﻌِﻴﻨُﻮﺍْ ﺑِﺎﻟﺼَّﺒْﺮِ ﻭَﺍﻟﺼَّﻼ‌َﺓِ }
    ﺍﻟﺼﺒﺮ ﻳﻌﻴﻨﻚ ﻋﻠﻰ ﺃﻻ‌ ﺗﻨﺨﻔﺾ
    ﻭﺍﻟﺼﻼ‌ﺓ ﺗﻌﻴﻨﻚ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﺮﺗﻔﻊ
    - ﻋﻠﻲالفيفي
     
    Image may contain: text



     

  3. احرص اليوم.!
    فهنالك قبل المغرب دعوتان مستجابتان:
    دعوة صائم وساعة الإجابة ليوم الجمعة
    فلا تفوتها ونبه من حولك

    بدأ أصحاب الكهف
    دعاءهم بطلب الرحمة :"إِذ أَوَى الفِتيَةُ إِلَى الكَهفِ فَقالوا رَبَّنا آتِنا مِن لَدُنكَ رَحمَةً "
    وأنت كذلك في كل وقت وعند كل محنة
    اطلب من الله الرحمة فبعدها يهون كل شيء

    احذر
    أن تصوم وتقوم وتختم القرآن وتذكر الله وتتصدق ،وتقضي حوائج الناس وتتعب نفسك ثم يأتي غيرك ليأخذ حسناتك وهو مرتاح!
    (الغيبة)
    اللهم ارزقنا حسن الخاتمه

    قال الله تعالى :-
    (ولا تقف ما ليس لك به علم )
     إما كلام (بعلم) أو سكوت بسلامة
    {اللهم هيئ لنا من أمرنا رشدا واجعل معونتك الحسنى لنا مددا
    ولا تكلنا إلى تدبيــــــر أنفسنا فالنفس تعجز عن إدراك ما رشدا}

    قد يتغير كل شيء في أقل من ثانية !
    ليس لشيء ؟
    فقط لأن الله يريد !
    "إِنَّما قَولُنا لِشَيءٍ إِذا ( أَرَدناهُ ) أَن نَقولَ لَهُ كُن فَيَكونُ "
    اللهم اكتب لنا فرجاً لهمومنا و رزقاً واسعاً مباركاً في أموالنا و أولادنا

    قال الله تعالى :-
     ﴿إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمْ الْفَتْحُ﴾
    لا يفتح الله أبواب الخير إلا لمن طرقها فمن أقبل أقبل الله عليه ومن أعرض أعرض الله عنه.
    {اللّهُم افتَح لنا أبواب رَحمـتِك وارزقـنا مِن حَيث لا نحتسب، اللّهُم نور لنا دروبنا واغفِر لنا ذنوبنا}

      ( إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِیرا)
       اللَّهُمَّ إِنَّكَ تعلمُ حالنا، وضعفنا، وعجزنا، وقلة حيلتنا، فارحمنا يا أرحم الرَّاحمين.

    *تفقدوا أحوال أقاربكم وجيرانكم*
    ومن تعرفون فى رمضان !!*
    *فكم من أبواب خلفها فقراء :
    *﴿ِيَحسَبُهُمُ الجاهِلُ أَغنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفٌِ﴾*

    ﴿فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا﴾
    من أعظم مقومات نفع العالم للناس وأثره في اﻷمة أن يكون قويا في الحق من غير عنف ثابتا عليه من غير ضعف
    {اللهم ثبتنا على الحق و مناصرته اللهم اجعلنا من أصحاب القول السديد و زهدنا في الدنيا و رغبنا في الآخرة}


     


  4. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه))؛ متفق عليه[1].


    يتعلق بهذا الحديث فوائد:

    الفائدة الأولى: الفضلُ العظيم لمَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، بأن الله يغفِرُ له ما تقدَّم مِن ذنبه، والمراد بالإيمان التصديقُ بوجوبِ صومه، والاعتقادُ بحقِّ فرضيته، والاحتساب طلبُ الثواب من الله تعالى.


    الفائدة الثانية: أسبابُ المغفرة في رمضان كثيرةٌ؛ منها ما دل عليه هذا الحديث، وهو صيام رمضان إيمانًا واحتسابًا، وقد دلت النصوصُ الشرعية على أسبابٍ أخرى ينبغي أن نحرص عليها؛ منها:

    السبب الثاني: قيامُ رمضان؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه))؛ متفق عليه[2].


    السبب الثالث: قيامُ ليلةِ القدر؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن قام ليلةَ القدرِ إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه)) متفق عليه[3].

     

    السبب الرابع: اجتنابُ كبائرِ الذنوب، قال صلى الله عليه وسلم: ((الصلواتُ الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضانُ إلى رمضان: مُكفِّرات ما بينهن إذا اجتُنِبت الكبائر))؛ رواه مسلم[4].

     

    الفائدة الثالثة: التوبةُ إلى الله تعالى من جميع الذنوب واجبةٌ، وهي وظيفة العمر في رمضان وغيره، فينبغي على المسلم الحرصُ على التوبة وتجديدُها دائمًا، فقد كان النبي يتوب إلى الله دائمًا، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((والله، إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة))؛ رواه البخاري[5].


    [1] رواه البخاري 1/ 22 (38)، ومسلم 1/ 523 (760).

    [2] رواه البخاري 1/ 22 (37)، ومسلم 1/ 523 (759).

    [3] رواه البخاري 2/ 709 (1910)، ومسلم 1/ 523 (760).

    [4] رواه مسلم 1/ 209 (233).

    [5] رواه البخاري 5/ 2324 (5948).


    د. إبراهيم بن فهد بن إبراهيم الودعان
    شبكة الالوكة

  5. مجالس التدبر -  سورة هود-

    تدبر سورة هود أرشيف - موقع الدكتورة رقية العلواني

    1. (استغفروا ربكم ثم توبوا إليه ) .
    الاستغفار: نظر للماضي السيء إقلاع ندم .
    والتوبة : نظر للمستقبل إقبال على الله وعمل للصالحات

    2. ( وما من دآبة في الأرض إلا على الله رزقها )
    في أجواء مكة والدعوة إلى الله تواجه هجوما شرساً يضيق فيه الخناق على أرزاق أتباعها تأتي هذا الآية برداً وسلاماً لتعلق القلوب بالله وأن استقامة العبد على طاعة ربه لن تنقص من رزقه برغم مكر وكيد أعداء الدين

    3. ( وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملاً)
    في أيام ضعف الإسلام وفي أيام قوته تبقى الغاية واحدة هي الابتلاء
    فالقوي والغني هل يشكر؟ والضعيف والفقير هل يصبر؟
    حكمة عظيمة تسمو بالنفس البشرية في جميع أحوالها إلى الملأ الأعلى

    4. ( إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير )
    كثير من يتكرر ذكر المغفرة قبل دخول الجنة وعدا منه سبحانه للصفو من عباد الله الذين يعملون الصالحات مما يلفت النظر إلى حاجتهم الماسة لمغفرته مهما عظمت أعمالهم الصالح فالعبد لم يبلغ شكر نعم الله ولا أدى كل حق الله عليه

    5. ( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون )
    أول درجات الابتلاء التعلق بالآخرة فمن تعلق بالدنيا سينهزم في طريق الدعوة أمام مغريات الحياة وضغوطها وياله من تذكير وتنبيه على خطورة هذا المزلق الخفي مهما صلحت المظاهر فإن تعلق القلب محل نظر الرب

    6. ( فهل أنتم مسلمون )
    هذا هي غاية المناظرة الحقة والجدال بالتي هي أحسن وليست مجرد نقاش أو حوار أجوف بلا ثمرة أو مجرد لفت الأنظار أو الفخر والتعالي . فالقرآن يعلم أتباعه والدعاة إليه أنهم لله ويدعوا إليه وإلى الاستسلام لأمره

    7-قال الله تعالى ( لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ) ولم يقل( ليبلوكم أيكم " أكثر" عملا)
    لأن الله عز وجل لا ينظر إلي كثرة العمل، بل الي ما كان خالصا ابتغاء وجه وعلي سنة نبيه ﷺ

    8. (يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا)
    أول ثمرات الإيمان المتاع الحسن. ولم يبين "صورة هذا المتاع الحسن "
    لتذهب كل نفس تقدير هذا المتاع كل مذهب.

    9. #سورة_هود بينت منهج الرسل في مواجهة قومهم المكذبين، ودعوتهم وحرصهم على الإستمرار في الإصلاح دون تهور أو ركون، فحريّ بنا أن نتأسى بهم.

    10. (....ويعلم مستقرهاومستودعها}
    تكفل الله برزقك ، وعِلم مستقرك ومستودعك حريٌ بك أن تُعظـِّمه في قلبك ...

    11. في قوله(أحكمت آياته ثم فصلت)
    أي محكمة في لفظها ومفصلة في معناها ، فهو كامل من جهتين الصورة والمعنى

    12. (أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ، يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ.)
    سبحانه-محيط بما تضمره النفوس من خفايا، وما يدور بها من أسرار. علمه تعالى بنوايا قلبك لا تحول بينه وبينها الأبواب الموصدة

    13.{ وأن اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ }
    لا تجعل استغفارك عبارة عن كلماتٍ ترددها لاتعرف معناها !
    بل قلها بيقين وتب وارجع إلى ربك ؛ لتنال ما وعدك الله به

    14. {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها....}
    اجعل عطاء ونعيم الآخرة نصب عينيك فلا تبتغِ بعملٍ أو قولٍ، إلا مرضاة ربك

    15. لن تنال اﻹحسان إﻻ باﻹحسان
    فكن من أهل الفضائل تتعرض لنيل فضل الرحمن
    { وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ}

    16. (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)
    صحارٍ مُقفرة أو جليدٍ متحجّر أراضٍ نائية أومحيطاتٍ متعمّقة لكلّ كائن فيها أرزاقٌ تكفّل الخالق بها

    17. المأمور به: (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ)
    الاستغفار والتوبة ليست مجرد كلمات ترددها الألسنة ليس لها رصيد في القلب
    فلنُحسنهما لنجني ثمارهما اليانعة: (يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ)

    18. (ليؤوس كفور) (لفرح فخور)
    تفقد قلبك عند مجيء النعم وعند فقدها!

    19. ( لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ "" أَحْسَنُ """ عَمَلًا ) ...
    لا تغررنا كثرة العمل ، وليكن همنا إحسان العمل أولاً ، وإحسان العمل يكون بالإخلاص ، والاتباع لسنة النبي عليه السلام . ومن استطاع أن يجمع بين إحسان وكثرة فهذا فضل من الله سبحانه

    .20. هذا الكتاب المحكم المفصل المعجزمن سورة الفاتحة الى سورة الناس
    فحواه ومضمونه قوله تعالى: (الا تعبدواالا الله)

    21. (من لدن حكيم خبير)
    خبير بنفوسنايعلم مايصلحها ومايفسدها ويعلم الذي يسعدها والذي يشقيها يعلم مانسرومانعلن

    22. {ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور}
    العطاء ليس بدليل على محبة الله وكرامته، وكذلك المنع ليس بدليل على إهانة العبد فالرزق الدنيوي يحصل للمؤمن والكافر، وأما رزق القلوب من العلم والإيمان، ومحبة الله لا تكون إلا لمن يحب سبحانه.

    23. {ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن ما يحبسه ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون}
    الويل ثم الويل لمن يعصي الإله ويستهزأ بآياته ثم يقول متهكما مستبعدا:
    أين عذاب الله ما أراه يصيبني شيء يقسم القهار بأن عذابه واقع وليس له دافع

    24. ( الذين يصدّون عن سبيل الله .... يضاعف لهم العذاب ) ..
    لم يكتفوا بأنهم نأَوا هم عن الحق ، بل صدوا غيرهم .. والجزاء من جنس عملهم
    ضاعفوا الجرم بإضلال غيرهم ... فضوعِف لهم العذاب.. ولا يظلم ربنا أحدا .

    . 25. ( ولئن أذقنا الْإِنسان منا رحمة ثم نزعناها .... إنه ليئوسٌ كفور )
    ( ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء.....إنه لفرح فخور )
    ( إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات )
    يتعامل المؤمن بصبر مع المحن ، وشكر- بعمل الصالحات- مع النعم
    فلا هو ييأس عند الضراء ولا هو فرح بطر عند السراء.

    26. (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى..)
    لايكفي أن تستغفر دون أن تعزم على التوبة النصوح ردد دائما أستغفر الله العظيم وأتوب إليه عندها أبشر بوعد الله بالمتاع الحسن وهو العمر المؤجل والحياة الطيبة

    27. #سورة_هود هي خارطة طريق للمصلحين في الأرض مفتاحها إصلاح العقيدة أولًا (ألا تعبدوا إلا الله) وإصلاح العلاقة مع الله عزوجل والتعرف عليه فهو الخالق والرب والرازق عليه يتوكل المتوكلون وإليه مآل ومرجع الخلق أجمعين

    28. (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها)
    أيرزق الله دابة في الأرض ويتركك هملًا أيها الإنسان؟!
    إن شككت فاستغفره وتب إليه
    (ويعلم مستقرها) يعلم مستقرها ومستقرّك فاتّق علم العليم سبحانه في كل ما سيسطّرفي كتابك..

    29. يا لبراعة استهلال #سورة_هود!
    (كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير)
    خلاصة ما فيه: (ألا تعبدوا إلا الله) حكيم:ومن حكمته عزوجل أن أرسل رسله للناس منذرين ومبشرين (إنني لكم منه نذير وبشير) وأن المرجع إليه (إليه مرجعكم) خبير(يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور)

    30. كثير من الناس إلا من رحم ربي يدخل تحت هذا الوصف:
    (ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليؤوس كفور*ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور) والمستثنى منهم: (إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير)

    يتبع

    موقع إسلاميات


    مجالس التدبر 1439هـ – المجلس 19 – سورة هود (25-49) | اسلاميات

  6. منذ أن يدخل شهر رمضان ادع الله أن يعينك ويوفقك لقيام ليلة القدر ، فمن أعانه الله فهو المعان، ومن خذله فهو المخذول واعزم على ان تستعد لها من بدايه الشهر

    المؤمنون المحبون لربهم يعدون الأيام والليالي عدًا في انتظار ليالي العشر الأواخر من رمضان في كل عام، لعلهم يدركون ليلة القدر فإذا ظفروا بها نالوا كل الخير في الدارين .


    من الحرمان أن نرى كثيراً من المسلمين يقضون هذا الشهر والفرص النادرة فيما لا ينفعهم، فإذا جاء وقت القيام كانت أحوالهم ما بين:
    (أ) نائمون.
    (ب) يتسامرون ويقعون في غيبة إخوانهم المسلمين.
    (ج) يقضون أوقاتهم في المعاصي من مشاهدة القنوات الفضائية الهابطة، ومشاهدة الأفلام والمسلسلات الرمضانية –

    كان السلف الصالح يعتنون في رمضان كله بالطاعات، والتسابق إلى الخيرات ويتفرغون في معظم شهر رمضان لقراءة القرآن والطاعة، والعبادة؛ لأنهم عرفوا خصائص الشهر الكريم وفضائله، ولأنهم عظموا الرب سبحانه وتعالى، وعلموا أن الدنيا فانية والعمر قصير، فالعمل الصالح هو النافع، يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم، وكانوا يعتنون بالعشر الأواخر ويجتهدون فيها اجتهادا كبيرا اقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم.


    في صحيح مسلم عنه عن النبي "صلى الله عليه وسلم" قال: (التمسوها في العشر الأواخر، فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يغلبن على السبع البواقي).
    عن أبي هُرَيرةَ رضِيَ اللهُ عنهُ عنِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ أنَّه قال: ((مَن يَقُمْ ليلةَ القَدْرِ إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ له ما تَقدَّمَ من ذَنبِه)). رواة البخارى ومسلم



    لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)
    1- (خير من ألف شهر) ليلة خير من ألف ليلة لا تقس الأعمال (بحسابك) إنما العبرة بميزان الأعمال عند الله /عقيل الشمري
    2- (ليلة القدر خير من ألف شهر) من أجل الأعمال : حمد الله على هذه الليلة (فالحمد لله أن شرع لنا ليلة القدر) ما أصعب حالنا بدونها /عقيل الشمري
    3- من أراد أن ينظر إلى محروم يمشي على الأرض فلينظر إلى من يلهو في { ليلة خير من ألف شهر { ! / نايف الفيصل
    4- { ليلة القدر خير من ألف شهر } من وفق لقيام هذه الليلة فقد وفق لقيام أكثر من ثلاث وثمانين سنة كلها قيام لا قعود فيها ولا نوم ولا غير ذلك.. / ماجد الزهراني
    5- ﴿لَيْلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ ألْفِ شَهْر﴾ ما زال هناك متسعٌ من الليل ؛ لتطلب ربك وتشكو ضعفك وتستغفر ذنبك وتسأله من خيري الدنيا والآخر . / روائع القرأن
    6- ليلة القدر خير من ألف شهر" ليست العبرة بطول الأعمار إنما بحسن الأعمال ورُب لحظة واحدة هي في جوهرها خير من الحياة.. . / فوائد القرآن
    7- مغبون .. مغبون .. مغبون، من لم يبع ساعات ويشتري أكثر من ثلاثة وثمانين عاماً (ليلة القدر خيرٌ من ألف شهر/ عبدالعزيز الطريفي


    تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4)
    1- (تنزل ...بإذن ربهم) عادة (الملوك) إذا أذنوا (أكرموا) والله أجل وأعلى وأكرم /عقيل الشمري
    2- (ليلة القدر...تنزل الملائكة) يامؤمن لاتؤذ سمع الملائكة الليلة ، فلم يعتد سمعها إلا (سلاما وتسبيحا) /عقيل الشمري
    3- "تنزل الملائكة والروح فيها " يكثر تنزل الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها والملائكة يتنزلون مع تنزل البركة والرحمة. ./ تأملات قرآنية
    4- (من كل أمر) أي : تتنزل الملائكة بكل أمر قضاه الله من رزق وغيره ( ادخل أمنياتك معهم). . / عقيل الشمري
    10- ﴿ تنزل الملائكة والروح فيها ﴾ أي: يكثر نزول الملائكة فى ليله القدر/السعدي / روائع القرأن


    سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)
    1- (سلام هي حتى مطلع الفجر) سلام لأهل الأرض . (عجزت) هيئات (السلام) العالمية عن توفير السلام ليلة واحدة للبشرية لأنها (ليست سلام) /عقيل الشمري
    2- ( سلامٌ هي حتى مطلع الفجر ) ليلة القدر خالية من الشر والأذى وتكثر فيها الطاعة وأعمال الخير والبر وتكثر فيها السلامة من العذاب فهي سلام كلها. ./ عايض المطيري
    3- قال ابن أحمد : سميت ليلة القدر ، لأن الأرض تضيق بالملائكة لكثرتهم فيها من " القدر" وهو التضييق لقوله : ( وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه ) ./ عايض المطيري
    4- ﴿ سلام هي حتى مطلع الفجر ﴾ أي سالمة من كل آفة وشر، وذلك لكثرة خيرها "حتى مطلع الفجر" أي: مبتداها من غروب الشمس ومنتهاها طلوع الفجر #السعدي / روائع القرأن




    94102803_2949214785155225_55358720732488
     
    تعديل / حذف

  7. ♦ الآية: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴾سورة الحج (11).
    ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ ﴾ على جانب لا يدخل فيه دخول متمكن ﴿ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ ﴾ خصب وكثرة مال ﴿ اطْمَأَنَّ بِهِ ﴾ في الدين بذلك الخصب ﴿ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ ﴾ اختبار بجدب وقلة مال ﴿ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ ﴾ رجع عن دينه إلى الكفر.

    إن العقيدة هي الركيزة الثابتة في حياة المؤمن، تضطرب الدنيا من حوله فيثبت هو على هذه الركيزة، و تتجاذبه الأحداث و الدوافع فيتشبث هو بالصخرة التي لا تتزعزع؛ و تتهاوى من حوله الأسناد فيستند هو إلى القاعدة التي لا تحول و لا تزول.
    أما ذلك الصنف من الناس الذي يتحدث عنه السياق فيجعل العقيدة صفقة في سوق التجارة "فإن أصابه خير اطمأن به" و قال: إن الإيمان خير. فها هو ذا يجلب النفع، و يدر الضرع، و ينمي الزرع، و يربح التجارة، و يكفل الزواج "و إن أصابته فتنة انقلب على وجهه".. خسر الدنيا بالبلاء الذي أصابه فلم يصبر عليه، و لم يتماسك له، و لم يرجع إلى الله فيه. و خسر الآخرة بانقلابه على وجهه، و انكفائه عن عقيدته، و انتكاسه عن الهدى الذي كان ميسرا له.
    و التعبير القرآني يصوره في عبادته لله "على حرف" غير متمكن من العقيدة، و لا متثبت في العبادة، يصوره في حركة جسدية متأرجحة قابلة للسقوط عند الدفعة الأولى. و من ثم ينقلب على وجهه عند مس الفتنة، و وقفته المتأرجحة تمهد من قبل لهذا الانقلاب.

    وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (11)
    1- (ومن الناس من يعبد الله على حرف...خسر الدنيا والآخرة) (حرف : أي طرف) حتى العبادة لا تصلح فيها الأطراف اذهب للعمق واستقر / عقيل الشمري
    2- الناس في عبوديتهم لله يتفاوتون فكن في كل أحوالك عابدا لله في حال الطمأنينة و حال الفتنة (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) / ابتسام الجابري
    3- جاء كثيراً في القرآن ذم من يعبد الله على (حَرْفٍ) أي: على حال واحدة، فإذا تغيَّرت ترك ما كان عليه. / سلمان العودة
    4- عبودية الهوى ﴿ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين﴾/ أ.د رقية المحارب

     
    38656441_261537237782438_127264878604425

  8. أنواع التشابه في القرآن:

    التَّشابهُ الواقعُ في القرآن نوعان:


    أحدهما: حقيقي وهو ما لا يمكن أن يعلمه البشر كحقائق صفات الله - عزَّ وجلَّ - فإننا وإن كنَّا نعلم معاني هذه الصفات لكننا لا ندرك حقائقها وكيفيتها، لقوله تعالى: ﴿ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ﴾ [طه: 110]، وقوله تعالى: ﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الأنعام: 103]، ولهذا لما سُئل الإِمام مالك - رحمه الله تعالى - عن قوله تعالى: ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾ [طه: 5]، كيف استوى؟ قال: «الاستواء غير مجهولٍ، والكيف غيرُ معقولٍ، والِإيمان به واجبٌ، والسؤالُ عنه بدعةٌ».

    وهذا النوع لا يُسأل عن استكشافه لتعذر الوصول إليه.

    ويفهم من قول مالكٍ أنَّ كيفية الاستواء مجهولة لنا، ومعنى الاستواء معلوم وهو العلو.

    النوع الثاني: نسبي وهو ما يكون مشتبهًا على بعض الناس دون بعض فيكون معلومًا للراسخين في العلم دون غيرهم. وهذا النوع يُسأل عن استكشافه وبيانه لإمكان الوصول إليه إذ لا يوجد في القرآن شيءٌ لا يتبين معناه لأحدٍ من الناس، قال الله تعالى: ﴿ هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 138]، وقال: ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ ﴾ [النحل: 89]، وقال: ﴿ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ﴾ [القيامة: 18، 19]، وقال: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا ﴾ [النساء: 174]، وأمثلة هذا النوع كثيرة، منها قوله تعالى: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ [الشورى: 11]؛ حيث اشتبه على أهل التعطيل ففهموا منه انتفاء الصفات عن الله تعالى وادَّعَوا أن ثبوتها يستلزم المماثلة، وأعرضوا عن الآيات الكثيرة الدالة على ثبوت الصفات له وأن إثبات أصل المعنى لا يستلزم المماثلة.


    مثال ذلك قوله -تعالى-: ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 93]؛ حيث اشتبه على الوعيدية ففهموا منه أن قاتل المؤمن عمدًا مخلَّدٌ في النار، واطَّردوا ذلك في جميع أصحاب الكبائر، وأعرضوا عن الآيات الدالة على أن كل ذنب دون الشرك فهو تحت مشيئة الله تعالى.


    ومنها قوله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ [الحج: 70] حيث اشتبه على الجبرية ففهموا منه أن العبد مجبور على عمله، وادعوا أنه ليس له إرادة ولا قدرة عليه، وأعرضوا عن الآيات الدالة على أن للعبد إرادةً وقدرةً وأنَّ فعل العبد نوعان: اختياري وغير اختياري.


    والراسخون في العلم أصحاب العقول يعرفون كيف يخرجون هذه الآيات المتشابهة إلى معنى يتلاءم مع الآيات الأخرى فيبقى القرآن محكمًا كله لا متشابه فيه[1].



    موقف الراسخين في العلم والزائغين من المتشابه:

    إن موقفَ الراسخين في العلم من المتشابه وموقفَ الزائغين منه بيَّنه الله -تعالى- فقال في الزائغين: ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ﴾ [آل عمران: 7]، وقال في الراسخين في العلم: ﴿ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ﴾ [آل عمران: 7].


    فالزائغون يتخذون من هذه الآيات المشتبهات وسيلةً للطعن في كتاب الله وفتنة الناس عنه وتأويله لغير ما أراد الله تعالى به فيَضِلون وُيضلون.

    وأمَّا الراسخون في العلم فيؤمنون بأنَّ ما جاء في كتاب الله -تعالى- فهو حقٌّ وليس فيه اختلاف ولا تناقض؛ لأنه من عند الله، ﴿ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 82]، وما جاء مشتبهًا ردوه إلى المحكم ليكون الجميع مُحكَمًا.

    1 - ويقولون في المثال الأول: إن لله تعالى يدين حقيقتين على ما يليق بجلاله وعظمته لا تماثلان أيدي المخلوقين، كما أن له ذاتًا لا تماثل ذوات الخلوقين؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿ لَيسَ كمِثله شيء وَهُوَ السَميِعُ البَصير ﴾ [الشورى 11]، وكعُلُو الله على عرشه على ما يليق بجلاله لا يشبه مخلوقاته:

    قال الله تعالى: ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾ [طه: 5].

    2 - ويقولون في المثال الثاني: إن الحسنةَ والسيئة كلتاهما بتقدير الله - عَزَّ وَجَلَّ - لكن الحسنة سببها التفضل من الله تعالى على عباده، أما السيئة فسببها فعل العبد كما قال الله تعالى: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30]، فإضافة السيئة إلى العبد من إضافة الشيء إلى سببه لا من إضافته إلى مُقَدِّره، أما إضافة الحسنة والسيئة إلى الله تعالى فمن باب إضافة الشيء إلى مُقَدِّره، وبهذا يزول ما يوهم الاختلاف بين الآيتين لانفكاك الجهة.

    3 - ويقولون في المثال الثالث: إنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يقع منه شَكٌّ فيما أُنزل إليه، بل هو أعلم به وأقواهم يقينًا كما قال الله تعالى: ﴿ قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ.. ﴾ الآية [يونس: 104]، المعنى: إن كنتم في شك منه فأنا على يقين منه، ولهذا لا أعبد الذين تعبدون من دون الله، بل أكفر بهم وأعبد الله.

    ولا يلزم من قوله: ﴿ فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ﴾ [يونس: 94] أن يكون الشك جائزًا على الرسول -صلى الله عليه وسلم- واقعًا منه، ألا ترى قوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ﴾ [الزخرف: 81]، هل يلزم منه أن يكون الولد جائزًا على الله تعالى أو حاصلًا؟


    كلا، فهذا لم يكن حاصلًا ولا جائزًا على الله تعالى، قال الله تعالى: ﴿ وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ﴾ [مريم: 92، 93]، ولا يلزم من قوله تعالى: ﴿ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴾ [البقرة: 147، وغيرها] أن يكون الامتراء واقعًا من الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأن النهي عن الشيء قد يوجه إلى من لم يقع منه، ألا ترى قوله تعالى: ﴿ وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [القصص: 87]، المعلوم أنهم لم يصدوا النبي -صلى الله عليه وسلم- عن آيات الله وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يقع منه شرك؛ والغرض من توجيه النهي إلى من لا يقع منه التنديد بمن وقع منهم والتحذير من منهاجهم، وبهذا يزول الاشتباه وظن ما لا يليق بالرسول صلى الله عليه وسلم[2].



    الحكمة في تنوع القرآن إلى محكم ومتشابه:

    لو كان القرآن كله محكمًا لفاتت الحكمة من الاختبار به تصديقًا وعملًا؛ لظهور معناه وعدم المجال لتحريفه والتمسك بالمتشابه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله. ولو كان كله متشابهًا لفات كونه بيانًا وهُدًى للناس، ولما أمكن العمل به وبناء العقيدة السليمة عليه، ولكن الله تعالى بحكمته جعل منه آياتٍ محكمات يُرجع إليهنَّ عند التشابه وأُخر متشابهات امتحانًا للعباد ليتبيَّن صادق الإِيمان ممن في قلبه زيغ، فإن صادق الإِيمان يعلم أن القرآن كله من عند الله تعالى وما كان من عند الله فهو حق ولا يمكن أن يكون فيه باطل أو تناقض لقوله تعالى:


    ﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فصلت: 42]، وقوله: ﴿ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 82].


    وأما مَن في قلبه زيغ فيتخذ من المتشابه سبيلًا إلى تحريفَ المحكم واتباع الهوى في التشكيك في الأخبار والاستكبار عن الأحكام ولهذا تجد كثيرًا من المنحرفين في العقائد والأعمال يحتجون على انحرافهم بهذه الآيات المتشابهة[3]. وعن عائشة قالت: تلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذه الآية: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران: 7]، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «فإذَا رأيتَ الذين يتَّبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سَمَّى اللهُ فاحذَرْهم». متفق عليه.

    المصدر: «رسائل التوجيهات الإسلامية» (2 /35 - 57)


    شبكة الألوكة


  9. (ومن كان مريضاً أو على سفر)

    حذفت كلمة منكم في هذه الآية على خلاف الآية السابقة؛ لأنه أستعيض عنها بما قبلها (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) وحتى لا يقع تكرار الكلمة وهذا من عِظم بلاغة القرآن.



    (الذي أنزل فيه القرآن)

    في الآية دليل صريح على أن القرآن أنزل بشهر رمضان وتحديداً في ليلة القدر ( إنا أنزله في ليلة القدر) سورة القدر آية رقم ظ،. (إنا أنزلناه في ليلة مباركة) سورة الدخان آية رقم ظ£.



    هل الأفضل للمسافر الفطر أم الصوم في نهار رمضان؟

    اختلف فيه العلماء لكن الأرجح: أن ينظر الصائم لحاله إن كان عليه مشقة ولو يسيرة فالأفضل له الفطر. وإن تساوت فيه المشقة والمقدرة فالأفضل له الصوم، لأن الصيام في نهار رمضان أفضل من غيره.





    "أياماً معدوات"

    معدودات: جمع يدل على القلة. لمّا كان الأجر المترتب كثير مقابل هذه الأيام صارت الأيام قليلة معدودات.



    (فعدة من أيام أخر)

    هذه الأيام هل تكون متتابعة أم متفرقة؟ الآية أطلقت، فعليه يجوز أن يقضيها متتابعة أو متفرقة.



    إلا الصوم فإنه لي"

    اختص الله الصيام عن باقي العبادات لأن الصائم لا يُرى ولا يُعرف بين الناس كالمصلي ونحوه.



    .(ولعلكم تشكرون)

    كيف نشكرالله على الصيام مع أن فيه مشقة؟ -

    الصيام لا يعلم أجره إلاالله(إنمايوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)فرمضان شهر الصبر فيه تجتمع أنواع الصبر: ظ،-صبر على الطاعة ظ¢-صبر عن المعصيةوالمباحات ظ£-صبر على أقدار الله المؤلمةوالجوع والعطش من أقدار الله المؤلمة



    "فمن كان مريضاً أو على سفرٍ فعدةٌ من أيام أُخر"

    أو على سفر: فيه دلالة على أنه لا يلزم المسافر أن يكون سفره شاقاً ليفطر، بل حتى لو كان مسافراً راكباً ومرتاحاً في سفره فله أن يفطر.



    "فمن تطوع خيراً فهو خير له"

    المعنى: من زاد على الاطعام الواجب عليه فهو خيراً له.

    وهذا يشمل حتى زكاة الفطر أو زكاة المال فلو زاد عليها العبد فهو خيراً له.




    (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)

    هكذا هي شريعة الله كلها ليس فيها كلفة على الناس بل مبنية على اليسر مقدور عليها، ومع أنها مقدور عليها في الاصل إلا أن الله يُيسرها ويجعل فيها رخص في بعض الحالات.




    (ولتكبروا الله على ما هداكم)

    المقصود الأسمى من الصيام هو تعظيم الله عز وجل لأن لا أحد يعلم عن الصائم غير الله تعالى. - والصائمين إذا أتموا صيامهم من شهر رمضان وبعد رؤية هلال شوال فإنه يستحب لهم تكبير الله عز وجل حتى يدخل الإمام لصلاة العيد.



    "إن كنتم تعلمون"

    فيه اشارة على أن من علم شيئاً ليس كمن لا يعلمه، ومن يعلم حكم شرعياً فهو أولى بامتثاله ممن لا يعلم.


     

  10.  

    الفرق بين الربا والصدقة :
     
    قال تعالى:
    ﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ﴾
    من معاني (يمحق الله الربا)
    أن هذا المال الذي جمعته بالحرام يتلفه الله؛ بمصادرةٍ، بحريقٍ، بمشكلةٍ، بمرضٍ عُضال تنفقه.
    أعلم رجلاً له دخلٌ حرام، علةٌ في قلبه كلَّفته بضع مئات من الألوف، فالله عزَّ وجل يمحق المال الحرام بطرق كثيرة، إما أن يتلف المال نفسه، أو أن ينفق على صحة الإنسان، أو أن يدفَع جزاء خطأ غير مقصود، أو أن يشقى الإنسان به، أو أن يسرق منه، أو أن يكون هذا المال نكداً عليه، تألَّب عليه أولاده وتطاولوا عليه طمعاً بهذا المال، أي يصبح هذا المال الحرام مصدر شقاءٍ لهذا الإنسان
    هذا معنى

    (يمحق الله الربا)
    وليس المحق سريعاً بل قد يأتي متأخراً..
    ﴿ وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ﴾
    أما الصدقة فيضاعفها الله أيضاً، وثوابها قد يأتي عاجلاً أو آجلاً حسب مشيئة الله.

    الآية التالية تحمل إنذاراً قاسياً مرعباً :
    قال تعالى:
    ﴿ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا ﴾
    هنا الآية تحمل إنذاراً قاسياً مرعباً..
    ﴿ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾
    مَن نحن حتى نتعرَّض لحرب الله عزَّ وجل؟

    أحياناً خطأ بسيط في الأجهزة تصبح حياة الإنسان جحيماً، فالخلايا في أي مكان بالجسم قد تنمو نمواً غير طبيعي، وانتهى الأمر . واللهِ مرة كنت في جلسة، فيها شخص لا أعرفه لكنه واجم وجوماً يلفت النظر، كأن هموم الدنيا تراكمت عليه، بعد أن انتهت الجلسة، أوصلته إلى البيت، وسألته في الطريق فلم يجب إطلاقاً، ثم علمت أنه يعاني مرضاً عُضالاً، نعم مرض عضال، مرض خبيث، هذا معنى يمحق الله الربا، نحن تحت ألطاف الله عزَّ وجل، فالذي يجرؤ ويأكل المال الحرام قد يمحق الله حياته، يمحق صحته، يمحق سعادته، يمحق أمنه، يمحق طمأنينته..
    ﴿ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ* وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ ﴾

    أي أن هذا الذي أقرضته المال بفائدة إذا كان ذو عسرة فانتظره حتى يتيسَّر أمره، لا تقل له: إما أن تقضي وإما أن تربي، فهذا سلوك أهل الجاهلية ولا يليق بالمؤمنين.
    ﴿ أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ ﴾
    [سورة البقرة: 5 ]

    الصدقة تزيد المال، وتملأ نفس المتصدق بالسكينة، والإقبال، والطمأنينة، والقوة، والانشراح، ولها أثر نفسي، وأثر مادي، بعد حين يعوّض الله عزَّ وجل على المتصدق أضعافاً مضاعفة.
     
    ﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ﴾
    العجيب أن المسألة في الرياضيات بالعكس، إذا أقرضت قرضاً ربوياً مئة ألفٍ مثلاً عاد مئة وعشرين، فالربا اسمه ربا من الزيادة، أما إذا أقرضت قرضاً حسناً عاد مئة، فبالآلات الحاسبة الربا ينمِّي المال، والصدقة لا تنميه بل تنقصه، فالآية تنص على عكس حساب الرياضيات.

    ﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ﴾
    ماذا نستنبط من هذا؟
    نستنبط أن هناك قوانين مستنبطة من حركة الحياة، وهناك منظومةٌ من القوانين الأخرى لا يعلمها إلا قلةٌ قليلة ممن أوتوا العلم، مثلاً: الإنسان قد يرابي وقد يربح ملايين مملينة من الربا ثم تأتيه مصيبةٌ بقانونٍ آخر تمحق كل ماله، وهذا الشيء يقع، هناك من يحترق ماله، هناك من يدمَّر، هناك من يفقد أعز ما يملك، هناك من تصادر أمواله، فهناك قوانين مستنبطة من حركة الحياة، وهناك قوانين استثنائية بيد الله عزَّ وجل، فأنت حينما تخاف الله وتقرض قرضاً حسناً، ويقل مالك، تكافأ برزقٍ لا تدري من أين جاءك.. " أبى الله إلا أن يجعل رزق عبده المؤمن من حيث لا يحتسب ".
    بينما الذي يرابي أيضاً بقانون استثنائي يدمِّره الله عزَّ وجل، ومن عظمة الله عزَّ وجل أنه يتلف مال الإنسان بأبسط الأسباب، ويغنيه أيضاً بأبسط الأسباب..

    ﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ﴾
    أنت حينما تقرأ كلام الله، وتقول: صدق الله العظيم، يجب أن تؤمن إيماناً يقينياً أن الربا سيمحقه الله ولو بعد حين، وأن الصدقات سيربيها الله ولو بعد حين، لكن لا بد مـن أن تشعر أن العقاب لا يأتي عقب الذنب أبداً، وأن الجزاء الحسن لا يأتي عقب الصدقة بسبب أن الله لو فعل هذا لألغي الاختيار، فمثلاً مرابٍ تعامل بالربا فأتلفَ ماله بعد ساعة فلا أحد يفعل ذلك لا حباً بالله ولا طاعةً له ولكن خوفاً على المال، والمتصدق يدفع الصدقة فيأتيه عشرة أضعافها، فيبادر أهل الكفر والإلحاد ويدفعون الصدقات، إذاً لو جاء العقاب والثواب عقب العمل لألغي الاختيار، ولكن حكمة الله أنك تفعل ما تشاء، وإلى أمدٍ طويل دون أن تصاب بشيء، وتأخذ أبعادك، فأنت مخيَّر، فالمَحْقُ هنا قد لا يكون سريعاً.
     
    ﴿ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ﴾
    أي كفار بهذا المنهج العظيم أثيمٌ لمخالفته، منهجٌ عظيم كفر به، ومنهجٌ عظيم أَثِم بمخالفته.
     
    موسوعة النابلسي للعلوم الاسلامية

     


  11. جاءت عدة أحاديث تدل على رفع القرآن الكريم في آخر الزمان   يكون بعد جميع أشراط الساعة
    ، ومن هذه الأحاديث :  
    عَنْ عبد الله بن مَسْعُودٍ قَالَ : " لَيُسْرَيَنَّ عَلَى الْقُرْآنِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَلا يُتْرَكُ آيَةٌ فِي مُصْحَفٍ وَلا فِي قَلْبِ أَحَدٍ إِلا رُفِعَتْ " أخرجه الدارمي بسند صحيح  برقم 3209 .
    وأخرج الدارمي برقم 3207 بإسناد حسن لغيره : عن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ : " أَكْثِرُوا تِلاوَةَ الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ " قَالُوا : هَذِهِ الْمَصَاحِفُ تُرْفَعُ ! فَكَيْفَ بِمَا فِي صُدُورِ الرِّجَالِ ؟ قَالَ : " يُسْرَى عَلَيْهِ لَيْلا فَيُصْبِحُونَ مِنْهُ فُقَرَاءَ ، وَيَنْسَوْنَ قَوْلَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، وَيَقَعُونَ فِي قَوْلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَأَشْعَارِهِمْ ، وَذَلِكَ حِينَ يَقَعُ عَلَيْهِمْ الْقَوْلُ " والمراد بالقول : ماجاء في الآية الكريمة : ( وَإِذَا وَقَعَ القَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجَنا لَهُمْ دَابَةً مِنَ الأَرْضِ تُكَلِمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآياتِنَا لا يُوْقِنُون ) النمل / 82 . قال ابن كثير في تفسير هذه الآية : ( هذه الدابة تخرج في آخر الزمان عند فساد  الناس ، وتركهم أوامر الله ، وتبديلهم الدين الحق يخرج الله لهم دابة من الأرض ، قيل من مكة وقيل من غيرها .. فتكلم  الناس على ذلك ؛ قال ابن عباس والحسن وقتادة - ويروى عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنهم : " تكلمهم كلاماً " أي تخاطبهم مخاطبة ، وقال عطاء الخراساني - ويروى عن علي واختاره ابن جرير -: " تكلمهم فتقول لهم إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون " وفي هذا القول نظر لا يخفى والله أعلم ، وقال ابن عباس في رواية :  " تجرحهم " وعنه رواية قال : " كُلاً تفعل " يعنى هذا وهذا ، وهو قول حسن ولا منافاة والله أعلم ) تفسير القرآن العظيم ( 3 / 375 - 378 ) .

    وقد ورد في ذكر الدابة أحاديث وآثار كثيرة ؛ منها :  
    ما روي عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال : " أشرف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من غرفة ونحن نتذاكر أمر الساعة ؛ فقال : لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات : طلوع الشمس من مغربها ، والدخان ، والدابة ، وخروج يأجوج ومأجوج ، وخروج عيسى بن مريم عليه السلام ، والدجال ، وثلاثة خسوف خسف بالمغرب وخسف بالمشرق وخسف بجزيرة العرب ، ونار تخرج من قعر عدن تسوق - أو تحشر- الناس ، تبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم حيث قالوا " رواه الإمام أحمد برقم 46 واللفظ له ، ورواه مسلم برقم2901 ، وأبوداود برقم 4311 ، والترمذي برقم 2183 وقال : حسن صحيح  ، والنسائي برقم 11380 ، وابن ماجه برقم 4055 .

    وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ثلاث إذا خرجن لم  ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل : الدجال ، والدابة ، وطلوع الشمس من المغرب - أو من مغربها - " رواه الترمذي برقم 3072 وقال : حديث حسن صحيح .

    وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " بادروا بالأعمال ستاً : طلوع الشمس من مغربها ، أو الدخان ، أو الدجال ، أو الدابة ، أو خاصة أحدكم أو أمر العامة " رواه مسلم برقم 2947 وابن ماجه برقم 4056 وغيرهما . وهناك أحاديث كثيرة يطول ذكرها تدل على أن الدابة ستخرج في آخر الزمان ، والله  المستعان .

    ومما جاء أيضاً في رفع القرآن آخر الزمان ما رواه الطبراني في المعجم الكبير برقم 8698  عن ابن مسعود رضي الله عنه قال :
    " لَيُنْتَزَعَنَّ هذا القرآن من بين أظهركم ، قيل له : يا أبا عبد الرحمن : كيف يُنتزع وقد أثبتناه في قلوبنا وأثبتناه في مصاحفنا ؟ قال : يُسْرَى عليه في ليلة فلا يبقى في قلب عبد ولا مصحف منه شيء ، ويصبح الناس كالبهائم " ثم قرأ قول الله تعالى : ( ولئن شئنا لَنَذْهَبَنَّ بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلاً ) الإسراء / 86 . قال ابن حجر في فتح الباري ( 13 /16 ) : سنده صحيح ولكنه موقوف . وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ( 7 / 329 )  : رجاله رجال الصحيح ، غير شداد بن معقل  وهو ثقة . وصححه الألباني .
    وهذا الحديث حكمه حكم المرفوع ، لأنه لا يُقال بالرأي  .
    قال الإمام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى ( 3 / 198 ) : "  فإنه يسرى به فى آخر الزمان من المصاحف والصدور فلا يبقى فى الصدور منه كلمة ، ولا فى المصاحف منه حرف " .

    وقد أنزل الله القرآن هدى للناس وتكفّل بحفظه وهو المعجزة الخالدة للنبي صلى الله عليه وسلم وسيبقى يتعلّم منه ويهتدي عليه الأولون والآخرون ولكن في آخر الزمان قبل قيام الساعة مباشرة يقبض الله أرواح المؤمنين ولا يبقى في الأرض إلا شرار الخلق ولا تكون صلاة ولا صيام ولا حجّ ولا صدقة ، ولا تكون هناك فائدة من وجود الكعبة ولا بقاء القرآن فيقدِّر الله عزّ وجلّ خراب الكعبة على يد كافر من الحبشة ( روى البخاري في صحيحه برقم 1519 أن أبا هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة " ) ، ويرفع الله عزّ وجلّ القرآن من الأرض فلا تبقى منه آية في المصاحف والصدور ، والله يغار أن يبقى كتابه في الأرض بلا فائدة لا يُعمل به فيحدث هذا الأمر .
    وهذا الحدث المُخيف والخطير يدفع المسلم الصادق إلى المسارعة بالاهتمام بكتاب الله تعلما وحفظا وتلاوة وتدبّرا قبل أن يُرفع الكتاب .

    وهذا من فتن آخر الزمان التي قال عنها رسولنا صلى الله عليه وسلم : ( بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا ، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا ) رواه مسلم برقم 169 . نسأل الله أن يثبتنا على دينه ، ويرد عنا الفتن ، ما ظهر منها وما بطن .


    الاسلام سؤال وجواب

  12. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

    فإن الرضا بالقدر مطلب عظيم ومأمور به على سبيل الاستحباب، وقيل على سبيل الوجوب، كما قال ابن القيم وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: اللهم إني أسألك الرضا بعد القضاء.

    رواه أحمد، وقال الألباني في ظلال الجنة: صحيح لغيره.

    وقد فسر القشيري الرضا: بترك التسخط.

    وقد ذكر شيخ الإسلام في التحفة العراقية: أن الحزن على المصيبة معفو عنه إذا لم يقترن به ما يكرهه الله.

    وقال ابن القيم في المدارج: والرضا بالقضاء الكوني القدري الموافق لمحبة العبد وإرادته ورضاه من الصحة والغنى والعافية واللذة أمر لازم بمقتضى الطبيعة، لأنه ملائم للعبد محبوب له فليس في الرضى به عبودية، بل العبودية في مقابلته بالشكر والاعتراف بالمنة ووضع النعمة مواضعها التي يحب الله أن توضع فيها وأن لا يعصى المنعم بها وأن يرى التقصير في جميع ذلك، والرضى بالقضاء الكوني القدري الجاري على خلاف مراد العبد ومحبته مما لا يلائمه ولا يدخل تحت اختياره مستحب وهو من مقامات أهل الإيمان وفي وجوبه قولان وهذا كالمرض والفقر وأذى الخلق له والحر والبرد والآلام ونحو ذلك.

    انتهى.

    وقال ابن القيم في المدارج ـ أيضاً: وليس من شرط الرضى أن لا يحس بالألم والمكاره، بل أن لا يعترض على الحكم ولا يتسخطه، ولهذا أشكل على بعض الناس الرضى بالمكروه وطعنوا فيه، وقالوا: هذا ممتنع على الطبيعة، وإنما هو الصبر وإلا فكيف يجتمع الرضى والكراهية وهما ضدان؟.

    والصواب: أنه لا تناقض بينهما وأن وجود التألم وكراهة النفس له لا ينافي الرضى كرضى المريض بشرب الدواء الكريه، ورضى الصائم في اليوم الشديد الحر بما يناله من ألم الجوع والظمإ، ورضى المجاهد بما يحصل له في سبيل الله من ألم الجراح وغيرها.

    انتهى.

    واعلم أنه ذكر بعض أهل العلم أن الرضى لا يلزم منه الرضى بالمقضي، بل يشرع للعبد أن يسعى في إزالة ما حصل له فيعالج المرض بالتداوي، ويعالج الكرب والهم بالسعي في تفريجه، ويعالج الفقر بالتكسب، فيحرص العبد على ما ينفعه ويرضى بقضاء وقدر الله أولاً وآخراً، ففي حديث مسلم: أحرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل.

    وبهذا يعلم أن حزن القلب لا ينافي الصبر إن لم يكن هناك تسخط على القدر، وأما التسخط على القدر فهو ممنوع شرعاً

     

    اسلام ويب


  13.  
     
    محاضرة توعويه عن الغياب بمدرسة أسامة بن زيد - مدرسة أسامة بن زيد ...

    تدبر آية: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)
     
     
    بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمد الشاكرين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه ومن والاه. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    يعيش عالمنا اليوم أزمات متعددة فتسمع أزمة في الغذاء وتسمع عن أزمة في الوقود وتسمع عن أزمة في مواد البناء وهكذا، ولكن هناك أزمة حقيقة تعاني منها المجتمعات المعاصرة بشكل عام، صحيح متفاوت ولكن هناك أزمة، هناك أزمة في الرحمة، في التراحم فيما بين البشر، وحين نقول أزمة في الرحمة لا نعني بالرحمة مجرد الانفعال الخاص الذي يعرض بشكل طارئ على القلب حين يشاهد حاجة إنسان أو فقر محتاج أو ألم طفل، لا، نحن نتحدث عن الرحمة التي تحدث عنها القرآن في مئات المرات، كل سور القرآن تقريبًا لا تخلو من الحديث عن الرحمة والله سبحانه وتعالى كتب على نفسه الرحمة وقال في كتابه العزيز
    (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ۚ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) الأعراف)

    تأملوا معي
    (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْكُلَّ شَيْءٍ ۚفَسَأَكْتُبُهَا)
    سيكتب رحمته سبحانه وتعالى للذين يتّقون وخصّ بالذكر الزكاة، لماذا الزكاة بالذات؟
    الزكاة التي هي انعكاس لمفهوم الرحمة بكل معانيها، انعكاس لذلك الخلق المتأصل في النفس الذي يشمل كل أنواع السلوك الفاضل في التعامل مع البشر ليس فقط مع البشر بل مع الكائنات بل مع الوجود بأسره، والله سبحانه وتعالى وصف نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم فقال (وَمَا أَرْسَلْنَاكَإِلَّا رَحْمَةًلِّلْعَالَمِينَ (107) الأنبياء) لكل البشر، لكل الوجود الإنساني، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحمة للوجود الإنساني وغير الإنساني، للوجود الإنساني بأسره، للطيور، للحيوان، للجمل، لكل شيء، فما مرّ بشيء في هذا الكون إلا وأفرغ فيه من جميل رحمته وشمائل تلك الرحمة الفيّاضة التي عُرف بها صلى الله عليه وسلم.

    ولنا أن نتساءل اليوم ونحن نتحدث عن الرحمة، الرحمة ذات المنزلة الرفيعة في ديننا وفي كتاب ربنا:
    أين الرحمة في واقعنا الذي نعيش؟!
    هل بالفعل حلّت القسوة محل الرحمة في بعض علاقاتنا اليومية؟!
    أين الرحمة على سبيل المثال في ذلك الأب الذي يقسو على أبنائه بدون مبرر؟!
    أين الرحمة في ذلك التعامل الجاف بين الآباء والأمهات وأبنائهم؟!
    أين الرحمة في ذلك الجفاء والقسوة بين الرجل وزوجته؟!
    أين الرحمة في ذلك التعامل القاسي بين المرأة والخادمة في البيت؟!
    أين الرحمة في ذلك التعامل مع صاحب العمل والشخص الذي يعمل عنده، العامل البسيط المتواضع، أين الرحمة؟!
    أين دلالات وعلامات الرحمة في كل ذلك؟!أين الرحمة في تعاملنا وسلوكنا مع أبنائنا وبناتنا الطلبة في المدارس؟!
    أين رجمة المدرّس بتلاميذه؟! أين رحمة الكبير بالصغار؟!أين رحمة الصغار فيما بينهم؟!
    أين رحمة الطفل الصغير بقطة يراها تجري وتركض في الشارع؟
    أين رحمة الصغير بطير نراه في بعض الأحيان يؤذيه ويحاول أن يقتله؟!
    أين الرحمة؟!!

    كلنا يشكو بطريقة أو بأخرى بعض مظاهر العنف والقسوة التي باتت تظهر في مجتمعاتنا ولنا أن نتساءل هنا ونحن نرى تلك القسوة والقسوة يقابلها الرحمة، طالما أني بدأت أشكو من مظاهر قسوة فهذا يعني قطعًا أن هناك نقصًا في الرحمة، هذا النقص أحتاج أن أعالجه، هذا النقص أحتاج أن أعيد النظر في منابعه وأن أبحث لماذا حدث ذلك الجفاف في منابع الرحمة في حياتنا؟ هذه الرحمة نحتاج أن نتحدث عنها ونتحدث عن كيفية صناعتها في حياتنا من جديد. الرحمة تصنّع محليًا في قلوبنا وفي مجتمعاتنا وفي بيوتنا، الرحمة لا تستورد من مكان خارجي! الإنسان الذي رُبي في مجتمع أو في بيئة تفتقر إلى الرحمة فلا يمكن بطبيعة الحال أن يكون رحيمًا رؤوفًا بالآخرين، الإنسان الذي يربّى على الرحمة، يربى على العاطفة، على الحنان، يربى على الطيبة والكرم هو الإنسان المؤهل لأن يقدّم الرحمة للآخرين.

    ولذا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لن تؤمنوا حتى تراحموا، وتأملوا الربط بين الإيمان والرحمة، لن تؤمنوا حتى تراحموا، يرحم بعضكم البعض، قالوا يا رسول الله كلنا رحيم، قال إنه ليس برحمة أحدكم صاحبه ولكنها الرحمة العامة. فليس المطلوب أن تقصر الرحمة فقط على من تعرف ولا على من أسدى إليك خيرًا أو معروفًا ولكنها الرحمة العامة التي تسع عامة الناس من تعرف ومن لا تعرف، بل تسع البشرية بأسرها.

    ولذا في الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم:

    لا يرحم الله من لا يرحم الناس، من لا يرحم لا يُرحَم.
    إذن هو أخذ وعطاء، هو تكوّنٌ وأخذ ورد لذلك الجميل فحين أشكو من مظاهر الجفاف في منابع الرحمة هذا يعني أن هناك خللًا في حياتي أنا، في تعاملي وسلوكي أنا بحاجة إلى أن أعيد من جديد تغذية تلك المنابع، منابع الرحمة ومواردها من جديد. وعلى عكس ما يظنه البعض، البعض قد يتصور أن الرحمة تعني أن أنفق مالًا، الرحمة تعني أن أقدّم شيئًا من الأموال، الأشياء المادية المحسوسة ولكن في واقع الأمر الرحمة أوسع من ذلك بكثير، لا تنحصر في الماديات، الرحمة في الأشياء المعنوية، الرحمة يمكن أن تكون في ابتسامة يرسمها الإنسان على شفتيه في الصباح الباكر أمام من يحتاج إليها، الرحمة يمكن أن تكون تربيتة على كتف من يحتاج إليها، الرحمة يمكن أن تكون كلمة ونصيحة صادقة تسديها لمن هو بحاجة إليها، الرحمة يمكن أن تكون دعوة صادقة بظهر الغيب يكون أخ لك بعيد وربما قريب أحوج ما يكون إليها،الرحمة حين ترى مريضًا في الشارع على سبيل المثال فترفع يديك إلى السماء وتقول: يا رب اكتب له الشفاء والعافية وخفف عنه، الرحمة حين ترى دموع الآخرين فتحاول جاهدًا أن تمسحها، الرحمة حين تشعر بآلآم الآخرين، الرحمة حين تشعر بحاجاتهم ومعاناتهم حتى وإن كانوا في مكان بعيد عنك. والرحمة كما ذكرنا ليست مجرد شعور عاطفي أو انفعال طارئ، الرحمة عمل،الرحمة تبدأ بذلك الشعور النفسي الإنساني الراقي ولكنها تتحول إلى عمل إيجابي. هب أنك رأيت شخصًا يحتاج إلى المساعدة أيكفي أن تقول فقط يا رب ارحمه ويا رب أعنه ويا رب ساعده ولا تمتد يدك لأخذ العون والمساعدة وتقديمها له؟!
    هذا لا يكفي، العمل الصح العمل الإيجابي هو الذي نتحدث عنه الذي تحركه دوافع النفس النبيلة التي تجعل التراحم صفة وعملة حاضرة في واقعنا وفي بيوتنا وفي مجتمعاتنا.

     إسلاميات


    قرآن كريم ~ آية ~ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ۚ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ Islamic Quotes, Quran, Peace, Home Decor, Homemade Home Decor, Interior Design, Holy Quran, Home Interiors, Decoration Home
     

     


  14.  28 شعبان, 1441
     

    وقفات مع قدوم رمضان
     
     
     
    بعد أيام قليلة سيطل علينا شهر الخير والرحمات والبركات، ولا يخفى عليكم ما أودع الله فيه من الخيرات العظيمة، والهِبات الجسيمة، والعطايا الكثيرة، ومثل هذا الموسم يحتاج إلى حنكة وذكاء للتعامل معه؛ حتى لا يمر علينا مرور الكرام، كما يحتاج إلى وقفات ووصايا ورسائل، أذكر بها نفسي وإياكم قبل حلوله؛ ولهذا ثمة وقفات مهمة نقفها اليوم، ونمر عليها سريعًا، ونحتاج إليها مع قرب حلول شهر الصوم:
     
    شهر رمضان؛ وأول هذه الوقفات والرسائل:

    تجديد النية الصالحة وإخلاص العمل لله:
    فكل عمل تريد عمله، فلا بد من استحضار النية الطيبة، وأن يكون العمل خالصًا لله تعالى، وكل عمل يُراد به غير وجه الله، فهو حابط يُعاقَب عليه العبد ولا يؤجر؛ كما قال سبحانه: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110]، وأخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة، قال صلى الله عليه وسلم: ((قال تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري، تركته وشركه))؛ فلنستحضر النية الطيبة من الآن ونحن نقف على مسافات بسيطة من أبواب شهر الصوم رمضان، لنستحضر النية الخالصة، ولنعلم أن الإمساك ونية الصوم يأتي بها كل صائم، أما نية إخلاص الصوم وصدق العبادة، فهي التي لا يحققها إلا القلة من الموفقين: ﴿ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [فصلت: 35]، لا يستوي من لا يتجاوز اهتمامه وتفكيره في استقبال رمضان شراء الحاجيات، وتكديس الأطعمة الرمضانية، والتسابق على الأسواق لشراء كل ما لذَّ وطاب، ومن يجعل جلَّ اهتمامه غذاء الروح، والتفكير في تطهير القلب وتزكية النفس، والإقبال على الله تعالى في هذا الشهر المبارك، لسان حاله: كيف أستفيد من هذا الموسم؟ كيف أستعد وأخطط لأن أكون من العتقاء من النار، من الذين تشتاق لهم الجنة، من الذين يغفر الله لهم ما تقدم من ذنوبهم؟ كيف أستعد لأسبق الناس في الخير؛ فأكون أولهم قرآنًا، وأولهم إطعامًا، وأكثرهم تسبيحًا واستغفارًا، وأكثرهم عطفًا ورحمةً، وأكثرهم صدقةً وبذلًا، وأكثرهم صلاةً وقيامًا، وأحسنهم أخلاقًا ومعاملة.
     
    أما وقفتنا الثانية ونحن نتهيأ لاستقبال رمضان:
    تقدير قدر نعمة بلوغ رمضان:
    والتي هي بحد ذاتها مؤشر خير، يدل على محبة الله للعبد أن بلَّغه شهر الخير، ومدَّ في عمره وبلغه شهر العتق والغفران، بينما هناك آخرون من أحبائه أو إخوانه أو من يعرفهم فجأهم الموت واختطفهم بسبب مرض أو غيره قبل أن يدركوا هذا الموسم العظيم والمبارك، أو يحققوا الأمنيات والآمال، نعم، كم في المقابر مَن كان يؤمل آمالًا عظيمة: أن يبني، وأن يسافر، وأن يتزوج، وأن يربح الملايين، وأن يتخرج، وأن ينال الشهادات العالية، ومنها كذلك أمنية أن يصوم رمضان مع أهله وأبنائه أو أفراد أسرته، لكن المنية أخذته قبل أن يحقق شيئًا من مراده، واختطفه الموت قبل أن يفعل شيئًا أو يقدم شيئًا! أما أنت فقد مدَّ الله في عمرك ومتعك بالصحة والعافية، لكي تبلغ شهر مضاعفة الحسنات ورفع الدرجات، كذلك بلوغ ليلة خير من ألف شهر، لكن دون أن يخطر ببالك يومًا فضل من أدرك رمضان، أو تفكرت يومًا في عظم ثواب العمل في هذا الشهر المبارك، تأمل معي هذه القصة العجيبة؛ روى الإمام أحمد وابن ماجه وصححه الألباني من حديث طلحة بن عبيدالله رضي الله عنه: ((أن رجلين قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان إسلامهما جميعًا، فكان أحدهما أشد اجتهادًا من الآخر، فغزا المجتهد منهما فاستشهد، ثم مكث الآخر بعده سنة، ثم توفي، يقول طلحة: فرأيت في المنام كأني عند باب الجنة، وإذا أنا بهما، فخرج خارج من الجنة، فأذِن للذي توفي الآخر منهما، ثم خرج فأذن للذي استشهد، ثم رجع إليَّ، فقال: ارجع؛ فإنك لم يأنِ لك بعد، فأصبح طلحة يحدث برؤياه الناس؛ فعجبوا لذلك، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدثوه الحديث، فقال: من أي ذلك تعجبون؟ فقالوا: يا رسول الله، هذا كان أشد الرجلين اجتهادًا ثم استشهد، ودخل هذا الآخر الجنة قبله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أليس قد مكث هذا بعده سنة؟ قالوا: بلى، قال: وأدرك رمضان وصامه؟ قالوا: بلى، قال: وصلى كذا وكذا من سجدة في السنة؟ قالوا: بلى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فما بينهما أبعد مما بين السماء والأرض)).
     
    الله أكبر، إن بلوغ رمضان نعمة عظيمة، ترفع لك الدرجات وتضاعف لك الحسنات، وتزيد من رصيدك، بلوغ رمضان فضل كبير من الله تعالى، بلوغ رمضان وصيامه وقيامه يسبق الشهداء في سبيل الله الذين لم يدركوا رمضان.
     
    الوقفة الثالثة ونحن نتهيأ لاستقبال رمضان:
    وقفة المحاسبة والتوبة والانخلاع من الذنوب وترك الإصرار عليها؛ ليستنير القلب ويقبل على ربه: التوبة إلى الله جل وعلا من جميع الذنوب؛ صغيرها وكبيرها، ظاهرها وباطنها - واجبة على كل مسلم ومسلمة وفي كل حين؛ كما قال سبحانه: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31]، ولكن تجديدها قبل مواسم الخير له أهمية خاصة؛ إذ التوبة من أسباب تهيئة القلب؛ كما قيل: "التخلية قبل التحلية"، فتخلية القلب وتطهيره من ذنوب الشهوات والشبهات تجعل القلب مستعدًّا ومهيأً للقيام في تلك المواسم بما أوجب الله، وبالتزود من الخير، والمسابقة مع المتسابقين، بل وتجده مقبلًا على ربه جل وعلا؛ وذلك لزوال حجب الذنوب عنه.
     
    والله سبحانه وتعالى يفرح بتوبة عباده، ويدعوهم إليها، ويرغبهم فيها، ويريدها منهم، ويحبها لهم:
    ﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ ﴾ [النساء: 27].
    إن المؤمن يجب أن يتوقف مليًّا عند هذه الآية، ويتفكر فيها: ﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ ﴾ [النساء: 27]، ماذا يريد سبحانه؟ أن يتوب علينا، يريد التوبة لنا؛ لئلا يعذبنا، يريد التوبة لنا؛ ليجزيَنا على توبتنا أعظم الجزاء، يريد التوبة لنا؛ ليرفعنا بها لأعلى المنازل والدرجات، يريد التوبة لنا؛ ليحميَنا من العقوبات المترتبة على الذنوب والمعاصي، يريد التوبة لنا؛ ليحميَنا من نقص الخيرات، ونزع البركات، ومن حلول الخوف والجوع، والهم والغم، وغيرها من آثار الذنوب، فهي دعوة منه سبحانه لحفظ أمن الناس ورزقهم بالتوبة؛ لأنه إذا انتهى أهل الشر عن شرهم، زالت موجبات العذاب.
     
    إنه يريد أن يتوب علينا مع أن توبتنا لا تنفعه شيئًا، وعدم توبتنا لا يضره شيئًا، وإنما نفع ذلك وضرره عائد علينا، ومع ذلك يريد سبحانه أن يتوب علينا، يريد عز وجل التوبة منا لنجاتنا وسعادتنا وفوزنا، فهل يدعونا ربنا لشيء يريده منا، ونفعه عائد علينا، ولا نمتثل أمره، ولا نخضع لمراده، ونحن عبيده وهو ربنا، وبيده أرزاقنا وحياتنا وموتنا، وإليه مرجعنا ومصيرنا، وهو من يملك نفعنا وضرنا، وسعادتنا وشقوتنا، فإما سعدنا ونعمنا بتوبتنا، وإما عذبنا بصدودنا واستكبارنا، كل هذه هبات من التواب الرحيم وهبنا إياها لما أراد سبحانه أن يتوب علينا، ولولا وحيه سبحانه لَما علمِنا ما التوبة، وما طريقتها، ولولا فطرته التي فطرنا عليها بالتأله له وعبوديته، لاستكبرنا عن التوبة، ولولا أنه فتح أبوابها لنا ووعظنا بها حتى لانت قلوبنا، لَما تُبْنا، ثم يتوج سبحانه ذلك بقبولها عنا مهما عظم جرمنا، وكبرت جنايتنا، وتعددت آثامنا.
     
    وكم من شخص في الدنيا يعتذر له فما يقبل ذلك ممن جنى عليه، وربنا سبحانه يقبلنا وهو غني عنا، ويفرح بنا، ويحب ذلك منا، فأي كرم أكرمنا به عز في علاه، وتبارك في مجده، سبحانه وبحمده؟ ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الشورى: 25].
     
    فالتوبة النصوح قبل مواسم الخير من أسباب تطهير القلب من أدران الذنوب والمعاصي، وتهيئته للسير في مدارج السالكين، والرقي في درجات المقربين؛ إذ المعاصي والذنوب حُجُبٌ وأقفال على القلب، تمنعه وتثبطه عن السير إلى الله جل وعلا.
     
    ومتى ما تخفف العبد من أثقاله، وزالت الحجب عن قلبه - سمت روحه وارتفعت، وعلت نفسه، وحينها يجد نشاطًا وإقبالًا على الطاعة في رمضان، وتجده يسابق في الخيرات بنفس مقبلة تواقة للخير، وأما من لم يتخلص من ذنوبه، فإنه سيكون أسيرًا لها، فتكون حجبًا على قلبه أو تقصر به عن القيام بالخير في رمضان؛ ولهذا تجد أمثال هؤلاء - عافانا الله وإياكم من حالهم - لديهم ضعف في الشعور بلذة العبادة، والأنس بالطاعة، والراحة في القلب.
     
    اللهم بلغنا شهر رمضان ونحن في صحة وإيمان، وأمن وأمان، وسلامة واطمئنان، يا كريم يا منان.
    أقول ما سمعتم، واستغفروا الله لي ولكم؛ إنه هو الغفور الرحيم.
     
    الخطبة الثانية
    أما بعد:
    فهي وصايا مهمة ووقفات لا بد من الإشارة إليها، ونحن على بعد مسافات بسيطة من معانقة شهر الصوم رمضان، ووقفتنا الرابعة والأخيرة فهي عبارة عن جملة من التوصيات أذكر بها نفسي وإياكم، وبشكل مختصر وعاجل؛ وهي:
    أولًا: الإكثار من الدعاء أن يبلغك الله شهر الخير وأنت صحيح نقي من الذنوب، والإلحاح على الله تعالى في أن يبارك لك في وقتك وعمرك، وأن يبارك لك في رمضان، وأن يجعلك في رمضان من أسبق الناس إلى الخير.
     
    ثانيًا: تعلَّم ما لا بد منه من فقه الصيام وأحكامه وآدابه والعبادات فيه؛ كالاعتكاف، والعمرة، وزكاة الفطر، وغيرها.
     
    ثالثًا: اعقد العزم الصادق والهمة العالية على استغلال رمضان بالأعمال الصالحة؛ قال تعالى: ﴿ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ ﴾ [محمد: 21].
     
    رابعًا: استحضر أن رمضان - كما وصفه الله عز وجل - أيام معدودات، أيام سريعة الانقضاء، أيام سريعة الرحيل، أيام سريعة الانصرام.
     
    كذلك استحضر أن المشقة الناشئة عن الاجتهاد في العبادة سرعان ما تذهب، وسرعان ما تختفي بعد أيام، وسيبقى الأجر، ويبقى الثواب وشرح الصدر بإذن الله، أما المفرط، فإن ساعات لهوه وغفلته تذهب سريعًا، ولكن تبقى تبعاتها وأوزارها.
     
    خامسًا وأخيرًا: التخطيط والترتيب لبرنامج يومي للأعمال الصالحة؛ كقراءة القرآن، والجلوس في المسجد، والجلوس مع الأهل، والصدقة والقيام، والعمرة والاعتكاف، والدعوة، وغيرها من الأعمال، فلا يدخل عليك الشهر وأنت في شتات، فتُحرم كثيرًا من الخيرات والبركات.
     
    أسأل الله أن يبلغنا وإياكم رمضان، اللهم بلغنا رمضان وأحسن عملنا فيه، إنك أجود مسؤول وخير مأمول؛ ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].
     
     
    أحمد عبدالله صالح
     
    شبكة الالوكة

    93865634_3107740252617320_3141509049330171904_o.jpg?_nc_cat=107&_nc_sid=8bfeb9&_nc_ohc=LVBwpohtExoAX_cF4Lm&_nc_ht=scontent.fcai2-1.fna&oh=d44a3e8daa645929d8a609ce4976a466&oe=5EC26054
     
     
     
     
     
     

  15. 1) " صُومُوا تَصِّحوا ".
    قال العراقي في تخريج أحاديث الإحياء (رقم 2753 ) أخرجه الطبراني في الأوسط وأبو نعيم في الطب النبوي من حديث أبي هريرة بسند ضعيف.
    وقال الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة (1/ 420 ) (ضعيف).
     
    2) " أول شهر رمضان رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار ".
    قال الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة (4/ 70): (منكر).
     
    3) " رجب شهر الله، وشعبان شهري، ورمضان شهر أمتي".
    قال الشيخ الألباني في ضعيف الجامع (ح3094): (ضعيف).
     
    4) صلاة الرغائب.
    قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (5/ 295): وأما صلاة الرغائب فلا أصل لها.
     
    5) " لو يعلم العباد ما في رمضان لتمنت أمتي أن يكون رمضان السنة كلها، إن الجنة لتزين لرمضان من رأس الحول إلى الحول، فإذا كان أول يوم من رمضان هبت ريح من تحت العرش...".
    قال الشيخ الألباني في ضعيف الترغيب (ح596): (موضوع ).
     
    6) " ما من أيام أحب إلى الله تعالى أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة و قيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر".
    قال الشيخ الألباني في ضعيف الجامع (ح5161): (ضعيف).
     
    7) " إن لله عز وجل في كل ليلة من رمضان ستمائة ألف عتيق من النار فإذا كان آخر ليلة أعتق الله بعدد من مضى ".
    قال الشيخ الألباني في الأجوبة النافعة (ص: 115): (حديث باطل).
     
     " من قضى صلاة من الفرائض في آخر جمعة من شهر رمضان كان ذلك جابراً لكل صلاة فاتته في عمره إلى سبعين سنة".
    ذكره العجلوني في كشف الخفاء (ح 2575) وقال: قال القاري: (باطل).
     
    9) " من أحيا ليلة الفطر وليلة الأضحى لم يمت قلبه يوم تموت القلوب".
    قال الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة (2/11): (موضوع).
     
    10) " شهر رمضان معلق بين السماء والأرض لا يرفع إلى الله تعالى إلا بزكاة الفطر".
    قال الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة (1 / 117): (ضعيف).
     
    11) " شهر رمضان يكفر ما بين يديه إلى شهر رمضان المقبل".
    قال الشيخ الألباني في ضعيف الجامع (ح 3414): (ضعيف).
     
    12) " أغنوهم – أي المساكين - عن الطواف في هذا اليوم ".
    قال الشيخ الألباني في تمام المنة (ص: 388): جزم الحافظ – أي ابن حجر - بضعف الحديث في بلوغ المرام وسبقه النووي في المجموع.
     
    13) " أعطيت أمتي في شهر رمضان خمساً لم يعطهن نبي قبلي: أما واحدة فإنه إذا كان أول ليلة من شهر رمضان نظر الله إليهم ومن نظر الله إليه لم يعذبه أبداً، وأما الثانية: فإن خلوف أفواههم حين يمسون أطيب عند الله من ريح المسك، وأما الثالثة: فإن الملائكة تستغفر لهم في كل يوم وليلة، وأما الرابعة: فإن الله تعالى يأمر جنته فيقول لها: استعدي وتزيني لعبادي أوشك أن يستريحوا من تعب الدنيا إلى داري وكرامتي، وأما الخامسة: فإنه إذا كان آخر ليلة غفر الله لهم جميعاً"، فقال رجل من القوم: أهي ليلة القدر؟ قال: " لا ألم تر إلى العمال يعملون فإذا فرغوا من أعمالهم وفوا أجورهم".
    قال الشيخ الألباني في ضعيف الترغيب (ح587): (ضعيف).
     
    14) عن سلمان قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان فقال: " يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله تعالى صيامه فريضة وقيام ليله تطوعاً، من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فريضة فيه كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر يزداد فيه رزق المؤمن، من فطر فيه صائماً كان له مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء " قلنا: يا رسول الله ليس كلنا يجد ما نفطر به الصائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يعطي الله هذا الثواب من فطر صائماً على مذقة لبن أو تمرة أو شربة من ماء ومن أشبع صائماً سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة، وهو شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، ومن خفف عن مملوكه فيه غفر الله له وأعتقه من النار ".
    قال الشيخ الألباني في ضعيف الترغيب (ح589): (منكر ).


    يحيى نعيم محمد خلة
    شبكة الالوكة

  16. إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيِكَ لهُ، وأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1] أَمَّا بَعْدُ:
    عبادَ اللهِ:

    مِن أَخطرِ الأمراضِ الَّتي تُواجِهُ الإنسانَ في عَملِهِ وحَياتِهِ، هو آفَةُ التَّسوِيفِ. والتَّسويفُ هو الممَاطَلةُ، هو مَرضُ تَأجيلِ الأَعمالِ، وتَأجيلِ أَداءِ الواجباتِ والحقوقِ. هو أُسلوبٌ يتعلَّقُ بالعَملِ والحَركةِ والإنتاجِ والسَّعيِ. وعَكسُهُ المبادرةُ والمسارعةُ والإتمامُ للمُهمَّاتِ وإنجَازُهَا.


    والتَّسويفُ هو من أَلد أعداءِ الإنسانِ، فهو هَادمٌ للعُمُرِ بلا فائدةٍ، مُضيِّعٌ للوقتِ الثَّمينِ بلا منفعةٍ، ومُفوِّتٌ لمصالحِ الإنسانِ بلا ثَمرةٍ.

    التسويفُ، هو المسؤولُ الأولُ عن الإِخفاقاتِ، والقُصُورِ عَن المعَالِي والإِنجَازاتِ.


    كثيرةٌ هِيَ الأسبابُ التي تَقفُ وراءَ وُقوعِ كَثيرٍ مَن النَّاسِ في فَخِّ هذه العَادةِ السيئةِ، لعلَّ أَبرزَهَا الخَوفُ مِن الفشلِ والخشيةُ من عدمِ النجاحِ، وضَعفُ الإرادةِ وغيابُ العَزيمةِ والهمةِ، والركونُ إلى الكسلِ والدَّعةِ والرَّاحةِ، معَ طُولِ الأَملِ والغَفلةِ عَن قِصَرِ الحياةِ وسُرعةِ انقضَائِهَا، ونِسيانِ الموتِ الذي قَد يَأتِي بَغتةً كمَا ذَكرَ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ العَزيزِ.


    أيهَا الإِخوةُ: وأمَّا عَن أَخطرِ أَنواعِ التَّسويفِ وأَعظَمِهِ، فهُو التَّسويفُ في عَلاقةِ الإنسانِ مَعَ ربِّهِ وخالِقِه، فيؤجِّلُ أوامِرهُ التي أَمَرَه بهَا، فتَفتُرُ هِمَّتُهُ ويَظلُّ يُؤجِّلُ في الطَّاعاتِ، بَل رُبَّمَا في الفَرائِضِ حتَّى يُضيِّعُهَا، فإذَا مَا هَمَّ العبدُ بأداءِ الصلاةِ وَسوَسَ لَه الشيطانُ الرجيمُ بأنْ يُؤجِّلُهَا قَليلًا حتَّى يَنتهِي ممَّا هو فيهِ، ولا يَزالُ الشيطانُ به، حتى يَقطَعَ صِلتَهُ بربِّهِ.


    أيها المؤمنونَ: إنَّ المُطَّلِعَ على كتابِ اللهِ تعَالى يُدرِكُ سَريعاً كَثرةَ الآياتِ التي تَحُثُّ على المسارعةِ إلى الأعمالِ الصالحةِ وعدمِ تَأجِيلِهَا أو تَسوِيفِهَا، قالَ تعَالى:
    ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133] وقالَ تعَالَى: ﴿ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الحديد: 21].



    كمَا أنَّه سَيَلْحَظُ التحذيرَ المتكَرِّرَ مِن عَاقبةِ التَّسويفِ والتَّأجيلِ في وقتٍ لا يَنفعُ فيهِ النَّدمُ، قالَ تعالى:
    ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [المؤمنون: 99، 100] وقالَ جل شأنُه: ﴿ وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [المنافقون: 10].


    قالَ ابنُ كَثيرٍ رحمه اللهُ: "ذَكَرَ تَعَالَى أَنَّهُمْ يَسْأَلُونَ الرَّجْعَةَ، فَلَا يُجَابُونَ، عِنْدَ الِاحْتِضَارِ، وَيَوْمَ النُّشُورِ وَوَقْتَ الْعَرْضِ عَلَى الْجَبَّارِ، وَحِينَ يُعْرَضُونَ عَلَى النَّارِ، وَهُمْ فِي غَمَرَاتِ عَذَابِ الْجَحِيمِ".


    وأما السُّنةُ النبويةُ فهي زاخِرةٌ بالتحذيرِ مِنَ التَّسويفِ والتَّحريضِ علَى المبَادرةِ إلى الخَيراتِ والمسارعةِ إلى الطاعاتِ والأَعمالِ الصالحةِ قبلَ تَعذُّرِهَا والاشتغالِ عَنهَا بما يَحدثُ للإنسانِ في قَادمِ أيَّامهِ.


    قال صلى اللهُ عليه وسلم:
    "بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِى كَافِرًا أَوْ يُمْسِى مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا" رواهُ مُسلمٌ، وقالَ صلى اللهُ عليه وسلم: "بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ سِتًّا: طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، أَوِ الدُّخَانَ، أَوِ الدَّجَّالَ، أَوِ الدَّابَّةَ، أَوْ خَاصَّةَ أَحَدِكُمْ، أَوْ أَمْرَ الْعَامَّةِ" رواه مسلمٌ.


    أيها المؤمنونَ: كَم هِيَ رَسائلُ التذكيرِ والوَعظِ والتَّحذيرِ؟! لأجلِ أنْ نتقَرَّبَ إلى ربِّنَا أَكثرَ وأَكثرَ ومَعَ هذَا نِجدُ الإِحجامَ والتقصيرَ. نَجدُ الأمَانِيَ والتَّسويفَ، يُمنِي المرءُ نفسَه بأنَّ العُمُرَ طَويلٌ، والوقتَ فيه فُسحَةٌ. وفي قَادمِ الأَيامِ مُتَّسعٌ لكنَّ المشكِلَةَ أنَّه يَكبُرُ ويَكبُرُ مَعهُ تَشَبُّثُهُ بدُنيَاهُ. يَكبُرُ ويُكثُرُ مَعهُ تَسويفُ التوبةِ وتَأخِيرُ الإِنابةِ، وتَصغُرُ مَعهُ هِمَّتُهُ لآخِرَتِهِ، إنَّكَ ربَّمَا تَجدُ أُناسًا في السبعينَ أو في الثمانينَ مِن أَعمَارِهِمْ، وهُم هُم علَى تَقصِيرِهِمْ وضَعفِ عَلاقَتِهِم باللهِ تعالى.

    إِنْ أَنتَ لَم تَزْرعْ وأَبصَرتَ حَاصِدًا ♦♦♦ نَدِمْتَ علَى التَّفرِيطِ في زَمنِ الْبَذْرِ


    ومِنَ التسويفِ، التسويفُ في ردِّ المظالمِ والحقوقِ إلى الخلقِ، وسيِّدُ المسارعينَ إلى الخَيراتِ صلى الله عليه وسلم يقولُ:
    "مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ، قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ... الحديث" رواه البخاريُّ.


    وقَد قرَّرَ أهلُ العلمِ أنَّ حُقوقَ العبادِ لا تَسقُطُ بالتوبةِ، بل لا تَسقطُ حقوقُ العبادِ حتى بالشَّهادةِ في سَبيلِ اللهِ عزَّ وجلَّ، قال الإمامُ النوويُّ: "وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إلاَّ الدَّيْنَ" فَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى جَمِيعِ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ، وَأَنَّ الْجِهَادَ وَالشَّهَادَةَ وَغَيْرَهُمَا مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ، لَا يُكَفِّرُ حُقُوقَ الْآدَمِيِّينَ وَإِنَّمَا يُكَفِّرُ حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى".

    أيهَا النَّاسُ.. لا تَقتصِرُ آثارُ التَّسويفِ وتَأجيلِ الأَعمالِ علَى الحياةِ الدُّنيا بتَراكُمِ الأعمالِ حتى تُصبِحَ كالجبالِ، وبالعيشِ في هَامشِ الحياةِ، وعَدمِ تَذَوُّقِ طَعمِ ولذَّةِ النَّجاحِ، والنَّدمِ على ما فَاتَ في وقتٍ لا يَنفَعُ فيه النَّدمُ، فهِيَ مُقارنةٌ بآثَارِ التَّسويفِ العَظيمةِ في كلِّ ما يَتعلَّقُ بالدارِ الآخِرةِ أَهونُ وأقلُّ شَأناً.


    فإذَا كانَ عِقابُ مَن يُسوِّفُ أعمَالَهُ الدنيويةَ هو ضَياعُ بَعضِ الفُرصِ الذهبيةِ وفُقدانِ ثِقةِ الناسِ بهِ وبأقوالِهِ التي لا يُترجِمُهَا لأعمالٍ، وبالهمِّ وكثرة تأنيب الضمير والقلق، فإنَّ عاقبةَ مَن يُؤخِّرُ المبادرةَ بالتوبةِ والإنابةِ إلى اللهِ ويَتَّبعُ أَهواءَ نفسِه ووساوسِ الشيطانِ الذي يُغرِيهِ بطُولِ الحياةِ ويخدَعُه بأوهامِ تَسويفِ الإقلاعِ عن الكبائرِ والإصرارِ على الصغائرِ إلى أجلٍ غيرِ مسمَّى، هِيَ خَسارةُ دُخولِ الجنَّةِ والتمَتُّعِ بنعِيمِهَا الخالدِ، وتَعريضُ النَّفسِ لأهوالِ نَارِ جهنَّمَ، عياذًا باللهِ .


    لقَد حذَّرَ ابنُ القَيمِ مِن تَأخيرِ التوبةِ والتسويفِ فيها فقالَ: "إنَّ الْمُبَادَرَةَ إِلَى التَّوْبَةِ مِنَ الذَّنْبِ فَرْضٌ عَلَى الْفَوْرِ، وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا، فَمَتَى أَخَّرَهَا عَصَى بِالتَّأْخِيرِ، فَإِذَا تَابَ مِنَ الذَّنْبِ بَقِيَ عَلَيْهِ تَوْبَةٌ أُخْرَى، وَهِيَ تَوْبَتُهُ مِنْ تَأْخِيرِ التَّوْبَةِ، وَقَلَّ أَنْ تَخْطُرَ هَذِهِ بِبَالِ التَّائِبِ، بَلْ عِنْدَهُ أَنَّهُ إِذَا تَابَ مِنَ الذَّنْبِ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ آخَرُ، وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ مِنْ تَأْخِيرِ التَّوْبَةِ، وَلَا يُنْجِي مِنْ هَذَا إِلَّا تَوْبَةٌ عَامَّةٌ، مِمَّا يَعْلَمُ مِنْ ذُنُوبِهِ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُ التوبة" .اهـ.



    فاتَّقوا اللهَ - عبادَ اللهِ -، واعمَلُوا بجِدٍّ وتَفَانٍ، فالعُمُرُ كلُّهُ دَقائقٌ وثَوانٍ، والحياةُ لا تُصفِّقُ إلا للمبادِرينَ والناجحينَ فقَط.

    أقُولُ قَوْلي هَذَا وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لي وَلَكُمْ، فَاسْتغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَادْعُوهُ يَسْتجِبْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ البَرُّ الكَرِيْمُ.



    فأَفضلُ طَريقةٍ لمحاربةِ التَّسويفِ - عبدَ اللهِ - هو أَن تَتذكَّرَ مَحدُودِيَّةَ عُمرِكَ، وأنك لا تَدرِي متى سَتمُوتُ؟ وأنَّ الفلاحَ في الآخرةِ، ونَيلَ التَّقدمِ والنجاحِ في الدنيا لَن تَحوزَهُ إلاَّ بأداءِ الأعمالِ في أوقَاتِهَا، والجدِّ والاجتهادِ والنشاطِ واقتناصِ الفُرصِ، وأَن تَهتَمَّ بمصاحبةِ المُجِدِّينَ في حياتِهِم، وأَن تَنظُر في أحوالِ الناجحينَ والعظماءِ؛ فإنهم لَم يَصلِوا إلى مَا وَصلُوا إليه إلاَّ بالنشاطِ والفَاعليةِ والجدِّ والعملِ الدائمِ وإنجازِ الأعمالِ في أوقَاتِهَا.


    ومِمَّا يُؤثرُ عَن سيدِنا عمرَ بنِ الخطَّابِ رضي اللهُ عنه: "مِنَ القُوةِ ألاَّ تُؤخِّرَ عملَ اليومِ إلى الغَدِ".

    ولا أُؤخِّرُ شُغلَ اليَومِ عن كَسلٍ ♦♦♦ إلى غَدٍ إنَّ يَومَ العَاجِزينَ غَدُ



    قِفْ معَ نَفسِكَ وَقفةً حَازِمةً، وحَاسِبْ نَفسَكَ واتَّخِذِ القَرارَ الشُّجاعَ وأَعلِنِ الرَّجعةَ والتوبةَ والإنابةَ إلى ربِّكَ، وإياكَ ثم إياكَ ثم إياكَ مِن التَّسويفِ.



    اللهمَّ إنَّا نَعوذُ بكَ أَن نَكونَ مِن الغافلينَ، أو أَن نُكتَبَ في ديوانِ المغرورينَ، ونَعوذُ بكَ مِن أَملٍ يُنسِي ويُلهِي، يَا أرحمَ الراحمينَ.

    صلُّوا وسلِّمُوا...


    أحمد بن عبد الله الحزيمي

    شبكة الالوكة



  17. 1 - تفقُّد أحوال الأقارب، وإدخال السرور عليهم:

    قال الله تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ﴾ [النساء: 1]؛ أي: اتقوا الأرحام أن تقطعوها.


    ففي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: سمِعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَن سرَّه أن يُبسَط له في رزقه، أو يُنسَأ له في أثره فليَصِلْ رحِمه))[1].



    وروى ابن ماجه - بسند حسن - عن عبدالله بن سلَام رضي الله عنه، قال: لَمَّا قدِم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، انجفَل الناس قبله، وقيل: قد قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثلاثًا، فجئتُ في الناس لأنظر، فلما تبيَّنت وجهه عرَفت أن وجهه ليس بوجهِ كذَّاب، فكان أول شيء سمِعتُه تكلم به أن قال: ((يا أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعِموا الطعام، وصِلُوا الأرحام، وصَلُّوا بالليل والناس نيامٌ؛ تدخلوا الجنة بسلام))[2].




    2 - عدم قطيعة الرحم:

    قال الله تعالى: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ﴾ [محمد: 22، 23].



    ففي الصحيحين عن جُبير بن مُطعم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يدخل الجنةَ قاطعُ رحمٍ))[3].



    وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله خلق الخلق، حتى إذا فرغ منهم قامتِ الرَّحِم، فقالت: هذا مقام العائذِ مِن القطيعة، قال: نعم، أما ترضَين أن أصِلَ مَن وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى، قال: فذاك لك))، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا إن شئتم: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ * أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾)) [محمد: 22 - 24].



    3 - صلة الرحم بنصحهم، وإرشاد ضالهم، وتذكير غافلهم:

    قال الله تعالى: ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ [الشعراء: 214]. وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لَمَّا أُنزِلت هذه الآية: ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ [الشعراء: 214]، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشًا فاجتمعوا، فعمَّ وخصَّ، فقال: ((يا بني كعب بن لؤي، أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني مرة بن كعب، أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبدشمس، أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبدمناف، أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني هاشم، أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبدالمطلب، أنقذوا أنفسكم من النار، يا فاطمةُ، أنقذي نفسك من النار؛ فإني لا أملِكُ لكم من الله شيئًا، غير أن لكم رَحِمًا سأبُلُّها ببَلالِها))[4].


    4 - صلة الرحم بالتصدق عليهم إن كانوا فقراء:

    روى الترمذي - وحسَّنه - عن سلمان بن عامر رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الصدقة على المسكين صدقةٌ، وهي على ذي الرحم اثنتانِ؛ صدقة، وصلة))[5].



    كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالًا من نخل، وكان أحب أمواله إليه بَيْرُحاء، وكانت مستقبلةَ المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها، ويشرب من ماء فيها طيِّب، قال أنسٌ: فلما أنزلت هذه الآية: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 92] قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إن الله تبارك وتعالى يقول: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 92]، وإن أحب أموالي إليَّ بَيْرُحاء، وإنها صدقة لله، أرجو بِرَّها وذُخْرَها عند الله، فضَعْها يا رسول الله حيث أراك الله، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بخٍ، ذلك مالٌ رابح، ذلك مال رابح، وقد سمعتُ ما قلتَ، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين))، فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه[6].



    5 - تقديم الهدايا للأرحام:

    ففي الصحيحين عن كريب مولى ابن عباس أن ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها أخبرته أنها أعتقت وليدةً، ولم تستأذن النبي صلى الله عليه وسلم، فلما كان يومُها الذي يدور عليها فيه، قالت: أشعرتَ يا رسول الله أني أعتقت وليدتي، قال: ((أَوَفعلتِ؟))، قالت: نعم، قال: ((أما إنك لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك))[7].


    6 - مقابلة القطيعة بالصلة والسيئة بالحسنة:

    قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ﴾ [الرعد: 21].

    روى البخاري عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصلَ الذي إذا قُطِعت رَحِمُه وصَلها))[8].



    وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلًا قال: يا رسول الله، إن لي قرابةً أصِلُهم ويقطعوني، وأُحسِن إليهم ويُسِيئون إليَّ، وأحلُمُ عنهم ويجهَلون عليَّ، فقال: ((لئن كنت كما قلت فكأنما تُسِفُّهم المَلَّ[9]، ولا يزال معك من الله ظَهيرٌ عليهم ما دمت على ذلك))[10].



    7 - بر الخالة وصلتها:

    روى البخاري عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الخالة بمنزلة الأم))[11].


    8 - تجنُّب الخلوة بالأجنبية أو مصافحتها أثناء زيارة الأرحام:

    قال تعالى: ﴿ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31].


    وروى البخاري عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إياكم والدخولَ على النساء))، فقال رجلٌ من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحَمْوَ[12]؟ قال: ((الحَمْوُ الموتُ[13]))[14].


    وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يخلُوَنَّ رجلٌ بامرأة إلا مع ذي مَحْرَم))، فقام رجلٌ فقال: يا رسول الله، امرأتي خرجت حاجَّةً، واكْتُتِبْتُ في غزوة كذا وكذا، قال: ((ارجِع فحُجَّ مع امرأتك))[15].




    [1] متفق عليه: رواه البخاري (20567)، ومسلم (2557).

    [2] صحيح: رواه ابن ماجه (3251)، وصححه الألباني.

    [3] متفق عليه: رواه البخاري (5984)، ومسلم (2556).

    [4] متفق عليه: رواه البخاري (2753)، ومسلم (204).

    [5] حسن بشواهده: رواه أحمد (16227)، والترمذي (658)، وحسنه، وفيه الرباب بنت صليع، تابعية، لم يوثقها غير ابن حبان، وبقية رجاله ثقات، وللحديث شواهد في الصحيحين وغيرهما.

    [6] متفق عليه: رواه البخاري (1461)، ومسلم (998).

    [7] متفق عليه: رواه البخاري (2592)، ومسلم (999).

    [8] رواه البخاري (5991).

    [9] تُسِفُّهم المَلَّ: تطعمهم الرماد الحار، والمعنى: أنك بكثرة إحسانك إليهم تحقرهم في أنفسهم.

    [10] رواه مسلم (2558).

    [11] رواه البخاري (2700).

    [12] الحمو: جمعها أحماء، وهم أقارب الزوج؛ مثل: أخو الزوج، وابن أخيه، وعم الزوج، وابن عمه.

    [13] الحمو: الموت: قيل المراد أن الخلوة بالحمو قد تؤدي إلى هلاك الدين إن وقعت المعصية، أو إلى الموت إن وقعت المعصية، ووجب الرجم، أو إلى هلاك المرأة بفراق زوجها إذا حملته الغَيرة على تطليقها.

    [14] رواه البخاري (5232).

    [15] متفق عليه: رواه البخاري (5233)، ومسلم (1341).


    الشيخ وحيد عبدالسلام بالي
    شبكة الالوكة


  18. من روائع القرآن الكريم
    - (أياما معدودة) - (أياما معدودات) -
    د. صالح بن عبد الله التركي

     تفريغ سمر الأرناؤوط

    (وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿٨٠﴾ البقرة) (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴿٢٤﴾ آل عمران)

    من جملة ما زعمت اليهود في كتاب الله عز وجلّ ما جاء في كتاب الله عز وجلّ في سورة البقرة (وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً) على حين أن الله عز وجلّ يقول في آي عمران (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ) فاختلفت اليهود في هذا الزعم فطائفة تقول أياما معدودة وطائفة تقول أياما معدودات فما الفرق بين القولين؟
    وهل يتساوى القولان في كتاب الله عز وجلّ من حيث التعبير القرآني ومن حيث الدلالة البيانية والله العربية؟

    أولًا عندنا قاعدة في اللغة تقول أن وصف ما لا يعقل بالمفرد أكثر منه بالجمع فقول الله عز وجلّ أيام معدودة أكثر بالعدد من أيام معدودات كما تقول طريق معبّدة أكثر من طرق معبّدات.

    وجاء عند ابن كثير رحمه الله في تفسيره عن قتاده قال عند قوله تعالى (وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً)
    قال ذلك طائفة من اليهود: نعذّب بعدد الأيام التي ذهب فيها موسى إلى ربه والأيام التي عبدنا فيها العجل وهي أربعون يومًا. وجاء في فتح القدير عن الشوكاني عن مجاهد عن قوله تعالى (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ) قال ذلك طائفة من اليهود نُعذّب بعدد أيام الدنيا يعنون أيام الأسبوع.
    وقال ابن جماعه رحمه الله كما نقل السيوطي في الاتقان: قال ذلك طائفتان من اليهود فزعمت الطائفة الأولى أنهم يعذبون بالنار بعدد الأيام التي عبدوا فيها العجل يعنون أربعون يوما وهذا القول ينزّل على آية البقرة والطائفة الأخرى تقول نعذّب بالنار بعدد أيام الدنيا يعنون أيام الأسبوع وهذا القول ينزّل على آية آل عمران فلا تضاد في كتاب الله عز وجلّ ولا تنافر بين آيات الله تبارك وتعالى والله عز وجلّ يقول (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴿٨٢﴾ النساء)

     


  19. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تَقَدَّمُوا رمضانَ بصوم يوم ولا يومين، إلا رجلٌ كان يصوم صومًا فليَصُمْه))؛ متفق عليه.
     

    يتعلق بهذا الحديث فوائد:
    الفائدة الأولى: النهيُ عن الصيام قبل رمضان بيوم أو يومين، وهذا النهي يُفيد التحريم، ويشمل النهيُ صومَ يوم الشكِّ.
    الفائدة الثانية: مفهومُ قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تَقَدَّمُوا)) يدلُّ على إباحة الصيام قبل رمضان بثلاثة أيام فصاعدًا، وقد اختَلَف العلماء في الجمع بين هذين الحديثين، مع حديث صيامِه صلى الله عليه وسلم لأكثر شعبان[1].
    • وأرجح الأقوال في المسألة: أن مَن كان يصوم قبل منتصف شعبان، فله أن يصوم بعده من غير كراهية؛ لأن ذلك هو فعلُ النبي صلى الله عليه وسلم، ومَن لم يكن يصوم قبل منتصف شعبان فيُكرَه له الصيام بعد منتصفه؛ لهذا الحديث، إلى أن يبقى منه يوم أو يومين، فيكون صيامها محرمًا كما تقدم.

    الفائدة الثالثة: لا يدخلُ في النهي عن الصيام قبل رمضان مَن كان يصوم صومًا معتادًا، فهذا جائزٌ،
    وله أمثلة؛ منها:
    أولًا: مَن كان يصوم يومًا ويترك يومًا.
    ثانيًا: مَن كان يصوم الاثنين والخميس.
    ثالثًا: مَن كان يصوم أكثر شعبان، ويدل على هذا ما جاء عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صام شهرين متتابعين، إلا أنه كان يَصِلُ شعبان برمضان"؛ رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه[2]؛ وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم كان يصومُ أكثر شعبان، وهذا من الصيام المعتاد الداخل في الاستثناء الوارد في الحديث.
    قال مجاهد: إذا كان رجلٌ يُدِيم الصوم، فلا بأس أن يصلَه[3].

    رابعًا: مَن بقي عليه قضاءُ شيءٍ من رمضان، وجب عليه الصيامُ ما بقي في شعبان شيء.

    [1] رواه البخاري (1868)، (1869)، ومسلم (1156).
    [2] رواه أحمد 6/ 300، وأبو داود (2336)، والنسائي (2175)، وابن ماجه (1648)، وقال الألباني: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ صحيح سنن أبي داود 7/ 100 (2024).
    [3] رواه ابن أبي شيبة في مصنفه 2/ 285 (9037).

    د. إبراهيم بن فهد بن إبراهيم الودعان
    شبكة الألوكة

  20. في الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((الصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَلَا يَرْفُثْ، وَلَا يَجْهَلْ، وَإِن امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ المسْكِ، يَتْرُكُ طَعَامَهُ، وَشَرَابَهُ، وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي؛ الصِّيَامُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالحسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا))[1].


    معاني الكلمات:

    • جُنَّةٌ: أي وقاية وحماية وستر.

    • يَرْفُثْ: أي يقول الكلام الفاحش، ويُطْلق أيضًا على الجِماع ومقدِّماته.

    • وَلَا يَجْهَلْ: أي لا يفعل شيئًا من أفعال أهل الجهل؛ كالصياح والسَّفه، ونحو ذلك.

    • شَاتَمَه: أي صار يعيبه ويَشتمه.

    • لَخُلُوفُ: أي تغيُّر رائحة فمِ الصائمِ من أثرِ الصيام.



    المعنى العام:

    بيَّن لنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الصيام سِتر ووقاية من عذاب النار للصائم، فينبغي ألا يفعل فعلًا محرَّمًا، ولا يقول قولًا مُحرَّمًا، فإن عابَه أحدٌ أو سبَّه، فليقل: إني صائمٌ؛ حتى يدفع عَنْ نفسه العجز عَن المدافعة. ثم بيَّن النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن رائحة فم الصائم أطيبُ عند الله من ريح المسك، وأن الصائم يدَع الطعام والشراب من أجل الله لذلك، فإن الصيام لله تعالى يجزي به جزاءً كثيرًا، والحسنةُ بعشر أمثالها.


    • هل يقول الصائم إذا شُتِم: إني صائمٌ سرًّا أو جهرًا؟

    لأهل العلم في هذه المسألة ثلاثة أقوال[2]:

    القول الأول: يقولها سرًّا دائمًا.

    القول الثاني: يقولها جهرًا دائمًا.

    القول الثالث: إن كان صائمًا صيام فرض يقولها جهرًا، وإن كان صائمًا صيام نفلٍ يقولها سرًّا.


    • لماذا يقول الصائم إذا شُتِم: «إني صائم» جهرًا؟

    يقول الصائم إذا شُتِم: «إني صائم» جهرًا لفائدتين:

    الفائدة الأولى: بيان أن المشتوم ترك مقابلة الشاتم بمثل شَتْمه لكونه صائمًا.

    الفائدة الثانية: تذكير الشاتم بأن الصائم لا يشتم أحدًا.



    • ما معنى: «إني صائم»؟

    قول الصائم إذا شُتِم: «إني صائم» له ثلاثة معانٍ:

    المعنى الأول: كما أني صائم من الطعام، فإني صائمٌ عما حرَّم الله سبحانه وتعالى.

    المعنى الثاني: إني مُتَشبِّه بالملائكة.

    المعنى الثالث: إني متلبِّسٌ بعبادة عظيمة، فلا يَليق بي أن أفعل ما يَشينها.



    الفوائد المستنبطة من الحديث:

    1- الصيام يقي عذابَ النار في الآخرة، والمعاصي في الدنيا.

    2- فضيلة الحِلْم مع الناس.

    3- فضيلة الصوم على كثير من العبادات.

    4- الكلام الفاحش والجهالة تقلِّل أجر الصائم.

    5- سَعة رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده؛ حيث جعل لهم الحسنة بعشرٍ.

    6- استحباب قول الصائم: إني صائم، إذا سبَّه أحد.



    [1] متفق عليه: رواه البخاري (1761)، ومسلم (1151).

    [2] انظر: شرح صحيح مسلم، للنووي (8/28)، وفتح الباري (4/105).


    خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
    شبكة الالوكة


  21. خُلُق التفاؤُلِ
    (من دروس رمضان )


    رمضان مِن العبادات التي تربي في نفوسنا خُلق التفاؤل، فقبل رمضان نعصي الله، ويأتي رمضان ليعطينا الأمل، ويبشرنا بمغفرة الذنوب، ونعيش رمضان بالأمل والبشارات القرآنية والنبوية، ويمضي رمضان وقد غفر الله لمن صامه حق الصيام، وقامه حق القيام.


    و صيام هذا الشهرِ يعلِّمك الصَّبر وضبطَ جوارحك وأعصابك؛ لأن نفسَ الإنسان أمَّارةٌ بالسُّوء، وتنزغه بين الفينة والأخرى، وهذا الشهر فرصةٌ سانحة للتدريب ولجم جماح نفس الإنسان، التي قد تتفلَّت منه من حيث لا يدري.


     
    ونحن بصدد سورة من سور القرآن الكريم، ضربت المثل العالي في تربية الأمل وعدم اليأس؛ فسورة سيدنا يوسف عليه السلام قدَّمت لنا أنموذجًا فريدًا في الثقة بالله وعدم القنوط، فبعد أن فَقدَ سيدنا يعقوب الابن الثاني - بنيامين - بعد فقدِه أخاه يوسف، لم ييئس لحظةً، ولم يقنط، فقال لبنيه: ﴿ يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87].
    هل بعد هذا الأمل أمل؟! وهل بعد هذه الثقة ثقة؟! وهو - أي سيدنا يعقوب - صاحب الألم، وفاقد الولد، يدعو لعدم اليأس.
     

    تأملات في سورة يوسف:
    عندما فقد يعقوب ولده - يوسف - كان جوابه: ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾ [يوسف: 18]، ولما فقَد الولد الثاني - بنيامين - قال: ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [يوسف: 83]، فالآية الأولى رقم (18)، والآية الثانية رقم (83)، فبينهما: 65 آية، والآية التي جاءت بالبشارة والأمل: ﴿ فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 96]، هي الآية رقم (96).
    وعددُ الآيات بين غياب يوسف وبشارة يعقوب: (78) آية، والمدة الزمنية مِن وقت غياب يوسف لحين عودته: ثمانون سنة، وقيل: غير ذلك[1].
    والشاهد: أنه مهما طالت المدة، وامتد الأجل، فكُنْ صاحب أمل.
     
    إن التشاؤم من أخلاق الجاهلية؛ ولذلك حذرنا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ونهى عنه، فقال صلى الله عليه وسلم: ((لا طِيَرة، وخيرُها الفألُ))، قيل: يا رسول الله، وما الفأل؟ قال: ((الكلمة الصالحة يسمَعُها أحدكم))[2]، وكان التفاؤل مما يعجب رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؛ كما قال أبو هريرة: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعجِبه الفأل الحسَن، ويكرَه الطِّيَرة)[3].
     
    وعلَّم أصحابه رضي الله عنهم أن يستبشروا بالخير دائمًا، ولا ييئسوا؛ فمِن بين وصاياه ما جاء عن أبي موسى، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعَث أحدًا من أصحابه في بعض أمره، قال: ((بشِّروا ولا تنفِّروا، ويسِّروا ولا تعسِّروا))[4].
     
    بل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُغيِّر أسماء الأشخاص والأماكن على سبيل التفاؤل؛ عن سعيد بن المسيَّب: أن جده حزنًا قدم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((ما اسمك؟))، قال: اسمي: حزنٌ، قال: ((بل أنت سهلٌ))، قال: ما أنا بمغيرٍ اسمًا سمانيه أبي، قال ابن المسيَّب: (فما زالَتْ فينا الحزونةُ بعدُ)[5].
     
    ومنه كثير في السنة النبوية؛ فزينبُ كان اسمها برَّةَ، فقيل: تزكي نفسها، فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب، وغيَّر اسم رجلٍ كان اسمه العاص، فسماه مطيعًا، وغيَّر اسم عاصية وقال: ((أنتِ جميلة))، وكان لا يتطير من شيءٍ، غيرَ أنه كان إذا أراد أن يأتي أرضًا سأل عن اسمها، فإن كان حسنًا، رُئِيَ البِشرُ في وجهه، وإن كان قبيحًا رُئِيَ ذلك في وجهه، وغيَّر عمرُ اسم (قليل)، وقال: أنتَ كثيرُ بن الصلت.
     

    التفاؤل في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم:
    لما شارَف رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، لقيه أبو عبدالله - بريدة بن الحصيب الأسلمي - في سبعين مِن قومه مِن بني سهم، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن أنت))؟ قال: بريدة، فقال لأبي بكر: ((برد أمرنا وصلَح))، ثم قال: ((ممن))؟ قال: مِن أسلم، فقال لأبي بكر: ((سلمنا))، ثم قال: ((مِن بني من))؟ قال: من بني سَهْم، قال: ((خرج سهمُك يا أبا بكر))، فقال بريدة للنبي صلى الله عليه وسلم: من أنت؟ قال: ((أنا محمد بن عبدالله، رسول الله))، فقال بريدة: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، فأسلم بريدة وأسلم مَن كان معه جميعًا، قال بريدة: الحمد لله الذي أسلم بنو سَهْم طائعين غير مكرهين[6].
     
    وعن عائشة رضي الله عنها، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليك يومٌ كان أشد من يوم أحدٍ، قال: ((لقد لقيتُ مِن قومكِ ما لقيت، وكان أشد ما لقيتُ منهم يوم العقبة؛ إذ عرضتُ نفسي على ابن عبدياليل بن عبدكلالٍ، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهمومٌ على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابةٍ قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردُّوا عليك، وقد بعث إليك ملَك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال فسلم عليَّ، ثم قال: يا محمد، فقال، ذلك فيما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده، لا يشرك به شيئًا))[7].
     
    كانت الطائف ثاني أعظم مدينة في الجزيرة العربية بعد مكة المكرمة، وامتازت بالكثافة السكانية والتجارة العربية، وكان مِن بينها قبيلة ثَقِيف، القبيلة القوية المعروفة، فلما ارتدت الجزيرة العربية بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يثبت إلا ثلاثُ مُدن وقرية واحدة، وهي: المدينة، ومكة، والطائف، وقرية بشرق الجزيرة العربية.
     
    وقوله صلى الله عليه وسلم: ((بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده)) قد تحقَّق بعد سنين طوال، فأخرج الله من أصلابهم: خالد بن الوليد، عمرو بن العاص، أبا حذيفة بن عتبة، عكرمة بن أبي جهل، فأسلموا بعد ذلك.
     
    عن البراء بن عازبٍ، قال: لما كان حيث أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحفِرَ الخندق، عرَض لنا في بعض الجبل صخرةٌ عظيمةٌ شديدةٌ، لا تدخل فيها المعاول، فاشتكينا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآها أخذ المعول وألقى ثوبه، وقال: ((باسم الله))، ثم ضرب ضربةً فكسر ثلثها، وقال: ((الله أكبر، أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحُمْر الساعة))، ثم ضرب الثانية فقطع ثلثًا آخر، فقال: ((الله أكبر، أعطيت مفاتيح فارس، والله إني لأبصر قصر المدائن الأبيض))، ثم ضرب الثالثة فقال: ((باسم الله))، فقطع بقية الحجر، وقال: ((الله أكبر، أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء))[8].
    وإني لأرجو الله حتى كأنني *** أرى بجميلِ الظنِّ ما اللهُ صانعُ
     
    وهذا دعاء مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لصرف الأحزان والهموم، ودفع اليأس والقنوط؛ عن أبي سعيدٍ الخدري، قال: دخل رسول صلى الله عليه وسلم ذات يومٍ المسجد، فإذا هو برجلٍ مِن الأنصار، يقال له: أبو أمامة، فقال: ((يا أمامة، ما لي أراك جالسًا في المسجد في غير وقت الصلاة؟))، قال: همومٌ لزمتني وديونٌ يا رسول الله، قال: ((أفلا أعلِّمك كلامًا إذا أنت قلتَه أذهَب الله عز وجل همَّك، وقضى عنك دَيْنَك؟))، قال: قلت: بلى يا رسول، قال: ((قل إذا أصبحتَ وإذا أمسيتَ: اللهم إني أعوذ بك مِن الهمِّ والحزَن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدَّيْن، وقهر الرجال))، قال: ففعلتُ ذلك، فأذهَب الله عز وجل همي، وقضى عني دَيني[9].
     
    ألا بُعدًا لليأس والتشاؤم، ومرحبًا بالأمل والتفاؤل؛ فشتانَ بين المتفائِل والمتشائِم؛ فالمتفائل يقول: إن كأسي مملوءة إلى نصفها، والمتشائم يقول: إن نصف كأسي فارغة.
    فكم لله مِن لطفٍ خفي
    يَدِقُّ خَفاه عن فهمِ الذَّكِيِّ
    وكم أمرٍ تُساءُ به صباحًا
    فتأتيك المسرَّةُ في العشِيِّ
    وكم يُسْرٍ أتى مِن بعدِ عُسْرٍ
    ففرَّج كُرْبةَ القلبِ الشَّجِيِّ
    إذا ضاقَتْ بك الأحوالُ يومًا
    فثِقْ بالواحدِ الأحدِ العَلِيِّ


    وصية عملية:
    أحسِنِ الظنَّ بربك دائمًا، فلو أحسنتَ الظنَّ، لرأيتَ الحياةَ جميلةً، وسترى مستقبَلَك بقدرِ تفاؤلِك وحُسنِ ظنِّك.



    [1] قيل: بين غياب يوسف وبين لقائه يعقوب ثمانون سنة، وقيل: ثلاث وثمانون سنة، وقال آخرون: ثمان عشرة سنة، وأهل الكتاب يزعمون أنها كانت أربعين سنة أو نحوها؛ انظر: تفسير الطبري، (ج16، ص274، 275) بتصرف.

    [2] البخاري (5755)، مسلم (2223).

    [3] ابن ماجه (3536)، وقال الشيخ/ شعيب الأرناؤوط: صحيح.

    [4] مسلم (1732).

    [5] البخاري (6193).

    [6] سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد، لمحمد بن يوسف الصالحي الشامي، (ج3، ص251، 252)، تحقيق: الشيخ عادل أحمد عبدالموجود، الشيخ علي محمد معوض، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، ط1/ 1414 ه = 1993 م.

    [7] البخاري (3231)، مسلم (1795).

    [8] مسند أحمد (18694)، وحسنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري (ج7، ص397)، وقال: ووقع عند أحمد والنسائي في هذه القصة زيادة بإسنادٍ حسَن عن البراء.

    [9] أبو داود (1555)، وضعفه الأرناؤوط.


    الشيخ أحمد علوان
    شبكة الالوكة
     

  22. من روائع القرآن الكريم
    إضافة اسم التفضيل إلى الاسم الظاهر أو الضمير في القرآن (أكثر الناس - أكثرهم)
     د. صالح بن عبد الله التركي

    تفريغ سمر الأرناؤوط

    يقول الله تبارك وتعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ ﴿٢٤٣﴾ البقرة)
    في حين يقول الله تبارك وتعالى (وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آَيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٣٧﴾ الأنعام)
    فقال الله عز وجلّ في الآية الأولى (ولكن أكثر الناس) وقال في الآية الثانية (ولكن أكثرهم)
    فأضاف اسم التفضيل في الآية الأولى إلى الاسم الظاهر وقال (ولكن أكثر الناس) في حين أنه أضاف اسم التفضيل في الآية الثانية إلى الضمير وقال (ولكن أكثرهم)

    ومن قواعد العربية أن الإضافة إلى الاسم الظاهر تعني السعة والشمول والعموم والإحاطة في حين أن الإضافة إلى الضمير تعني الإيجاز والاختزال وكتاب ربنا شاهد على هذا وماثل على هذا. فإذا ولّينا أنظارنا إلى هذه الآية وغيرها وجدنا أن الله تبارك وتعالى قال في آية سورة البقرة (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ) كلمة (ألوف) جمع كثرة أي هو عدد كبير وشريحة من الناس كبيرة جدا فقال الله عز وجلّ (وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ) لم يقل ولكن أكثرهم لأن الآية تتحدث عن ألوف من الناس وعن شريحة وجموع كثيرة حتى قال بعضهم أكثر من ثلاثين ألف، إذن قال في الآية (وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ) عندما تحدث عن عموم الناس وعن فئام كثيرة من الناس.

    ويقول الله عز وجلّ في سورة غافر نظيرة لهذه الآية (لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٥٧﴾ غافر) هذا الأمر يخص جميع الناس فقال الله عز وجلّ (لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) وهذا أمر يخص جميع الخلق وجميع الناس. ثم قال الله عز وجلّ بعدها (إِنَّ السَّاعَةَ لَآَتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿٥٩﴾ غافر) لم يقل (ولكن أكثرهم) لأن الساعة تخص جميع الناس فقال الله عز وجلّ في ختام الآية (وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ)

    في حين أن الله عز وجلّ يقول في سورة الأنعام (وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آَيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٣٧﴾ الأنعام) فأضاف اسم التفضيل إلى الضمير فقال (ولكن أكثرهم) وهذه الإضافة تدل على الإيجاز والاختزال ذلك أن هذه الآية تعني بمجموعة وطائفة من الناس وهم كفار مكة القائلين لهذا القول (وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) كما جاء عند البغوي في معالم التنزيل وعند غيره. إذن قال الله عز وجلّ في نهاية الآية (وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) لأن الآية تخاطب وتعني طائفة من الناس ليست بكثيرة.

    وقال الله عز وجلّ نظير هذه الآية في سورة الحجرات (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴿٤﴾ الحجرات) وهذه الآية نزلت في وفد تميم وهم وفد من الأعراب من نجد جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنادوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا يا محمد اخرج إلينا فإن حمدنا زين وذمّنا شين فقال صلى الله عليه وسلم ذلك الله فأنزل الله تبارك وتعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ) لم يقل أكثر الناس لأن الآية تعني بطائفة من الناس حضروا عند النبي صلى الله عليه وسلم وشريحة ونزر بسيط فقال الله عز وجلّ في معرض الآية (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ) فأضاف اسم التفضيل للضمير لأن الآية تعني بطائفة بسيطة ونزر قليل من الناس.

    وخلاصة هذه الوقفة أن اسم التفضيل في القرآن الكريم إذا أضيف للاسم الظاهر فإنه يعني السعة والعموم والإحاطة والشمول وإذا أضيف للضمير فإنه يعني بطائفة قليلة من الناس وشريحة بسيطة من الناس تعرض لها السياق القرآني وذكرها والله أعلم بمراده.


    الآيات التي ورد فيها (ولكن أكثر الناس)

    ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ ۝٢٤٣﴾ [البقرة] ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي ۖ لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ۚ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً ۗ يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ۝١٨٧﴾ [الأعراف] ﴿أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَامًا وَرَحْمَةً ۚ أُولَٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ۚ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ ۚ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ ۚ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ ۝١٧﴾ [هود] ﴿وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ۚ وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ۝٢١﴾ [يوسف] ﴿وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَيْءٍ ۚ ذَٰلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ ۝٣٨﴾ [يوسف] ﴿مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ۚ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۚ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ۝٤٠﴾ [يوسف] ﴿وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُم مِّنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا ۚ وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ۝٦٨﴾ [يوسف] ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ۝١٠٣﴾ [يوسف] ﴿المر ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ ۗ وَالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ ۝١﴾ [الرعد] ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ ۙ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَن يَمُوتُ ۚ بَلَىٰ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ۝٣٨﴾ [النحل] ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا ۝٨٩﴾ [الإسراء] ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا ۝٥٠﴾ [الفرقان] ﴿وَعْدَ اللَّهِ ۖ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ۝٦﴾ [الروم] ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ۝٣٠﴾ [الروم] ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ۝٢٨﴾ [سبإ] ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ۝٣٦﴾ [سبإ] ﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ۝٥٧﴾ [غافر] ﴿إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ ۝٥٩﴾ [غافر] ﴿اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ ۝٦١﴾ [غافر] ﴿قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ۝٢٦﴾ [الجاثية]

    الآيات التي ورد فيها (ولكن أكثرهم)

    ﴿وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ ۚ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يُنَزِّلَ آيَةً وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ۝٣٧﴾ [الأنعام] ﴿وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَىٰ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَّا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ ۝١١١﴾ [الأنعام] ﴿فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَٰذِهِ ۖ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ ۗ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللَّهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ۝١٣١﴾ [الأعراف] ﴿وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ ۚ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ۝٣٤﴾ [الأنفال] ﴿أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ۝٥٥﴾ [يونس] ﴿وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ ۝٦٠﴾ [يونس] ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ ۝٧٣﴾ [النمل] ﴿فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ۝١٣﴾ [القصص] ﴿وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا ۚ أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقًا مِّن لَّدُنَّا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ۝٥٧﴾ [القصص] ﴿فَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ ۚ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ۝٤٩﴾ [الزمر] ﴿مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ۝٣٩﴾ [الدخان] ﴿وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَٰلِكَ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ۝٤٧﴾ [الطور]


    موقع إسلاميات

     


  23. حال أغلب الناس اليوم
    كسل ، نوم مديد ، تأجيل ، لا مبالاة ، هدر للوقت ، كلام فارغ ، سهرات لا معنى لها ، لقاء ساذج ، مشي في الطرقات ، متابعة مسلسلات ، أغلب أوقاتهم على مواقع التواصل الإجتماعي ، تعليقات سخيفة ، مشاحنات بين بعضهم ، إتهامات ، سُباب ، كلام في أعراض بعضهم بعضاً ، تأجيج للفتن ، تخوين ، تشهير ، فضائح .


    والله الذي لا إله إلا هو .. هكذا يضيع وقت أغلب الناس اليوم ، بلا أي فائدة !!

    ثم خلال ثانية واحدة يفاجؤون بعلّةٍ في أجسامهم ، تتفاقم هذه العلّة ، ثم الموت والنعوة على جدران بيوتهم !!
    ماذا قدمت يا عبدي ؟
    إلى متى وأنت باللذات مشغول ، وأنت عن كل ما قدمت مسؤول ؟

    ( أنت بضعة أيام ، كلما إنقضى يومٌ إنقضى بضعٌ منك)

    الوقت يمضي سريعاً ، ولا ينتظر أحداً ..
    ما مضى من عمرك فات ، والمؤمل غيب ، ولك الساعة التي أنت فيها ..
    لا تملك إلا هذه الساعة فقط !

    نظم وقتك ، ضع برنامج لحياتك ، للقاءاتك ، لمطالعتك ، لقراءة القرآن ، لعباداتك ، لذكر الله ، للصلاة على رسول الله ، للعمل الصالح ، إستخدم وسائل التواصل في الخير وهداية الناس والدعوة إلى الله ، ودعك من أخبار المشاهير والموضة والأغاني والإباحيات ، وقنوات الفتن والفضائح ، والتعليقات والمشاحنات التي لا تقدم ولا تؤخر في حياتك شيئاً ..

    إرتقي بنفسك ، إستمع لدروس العلم ، نظم وقت لتجارتك وعملك ، لكسب المال ، للجلوس مع أهلك ، للجلوس مع زوجتك وأولادك ، لإجازتك ، للذهاب في نزهة .
    لابد من برنامج ، لابد من تنظيم ، الوقت لا ينتظر أحداً وهو يمضي سريعاً ..

    يعني البارحة كنت طفلاً صغيراً هل تذكر ؟
    كيف مضى الذي مضى ؟
    مضى كلمح البصر ، أليس كذلك ؟
    وهذا الذي بقي أيضاً والله سيمضي أيضاً كلمح البصر ..
    ثم ستكون أمام أعمالك كلها ، عملاً عملاً ، موقفاً موقفاً ، إحساناً إحساناً ، إعطاءً إعطاءً ، إساءة إساءةً ، ظلماً ظلماً ، خيراً خيراً ، شراً شراً .
    عندكم عبادات ، عندكم مهمات ، عندكم أولاد ، عندك زوجة ، عندكِ زوج ، عندكم أهل ، عندكم متطلبات ، عندكم إلتزامات ..
    لكن حينما تنظم وقتك ، وتأخذ بالأسباب كلها ، ثم تتوكل على الله ، وتسأل الله الرزق الحلال ، وتخرج من بيتك في وقت مبكر ..
    الله عز وجل في عليائه يتولى بذاته العلية أن يرزقك رزقاً كثيراً حلالاً طيباً مباركاً فيه .



    الله عز وجل أقسم، وإذا أقسم الله بشيء فهم بالنسبة إلينا شيء عظيم، الوقت هو كل شيء عندنا، بلا وقت لا يوجد شيء، قال تعالى:
    (والْعَصْرِ (1) )( سورة العصر ).
    أقسم بمطلق الزمن، لمن أقسم ؟
    لهذا الإنسان، من هو هذا الإنسان ؟
    هو الزمن، أقسم الله بمطلق الزمن لهذا المخلوق الأول الذي هو في حقيقته زمن فقال له:
    (والْعَصْرِ (1) )( سورة العصر ).
    جواب القسم:
    (إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) )( سورة العصر ).
    خاسر:

    لأن مضي الزمن يستهلكه فقط
    الأذكياء والعقلاء يعيشون المستقبل، والأقل عقلاً يعيشون الحاضر، والأغبياء يتغنون بالماضي، فالبطولة أن تعيش المستقبل، وأخطر حدث مستقبلي مغادرة الدنيا، ولهذا قدّم الله الموت على الحياة، قال في الآية الكريمة:
    (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً )[ سورة الملك: 2 ]
    السبب أنت حينما تبدأ الحياة أمامك خيارات لا تعد ولا تحصى، أما حينما يأتي ملك الموت فأنت أمام خيارين لا ثالث لهما،
    إما إلى جنة يدوم نعيمها، أو إلى نار لا ينفد عذابها، فو الذي نفس محمد بيده ما بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار




    راتب النابلسي

     


  24. بسم الله الرحمن الرحيم مزخرفة : صور بسم الله الرحمن الرحيم مزخرفة ...

    أقسى عقوبة في الوجود
    "كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ" اللهمَّ لا تحرمنا لذّة النَّظَرِ إلى وجهكَ الكريم
     
     
    بالصبر والتقوى يقلب الله المحن إلى منح، ويُبطل كيد الخصوم ويُزيل الهموم
    (وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً).
     
     
    (وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ)
    كلهم في طريقك اختبارا لك .. أتصبر !!
     
     
    {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ }
    الأمراض مواسم العقلاء يستدركون بها ما فات من فوارطهم وزلّاتهم ، إن كانوا من أرباب الزلّات ويستزيدون من طاعاتهم إن لم يكونوا أرباب زلّات . [ ابن عقيل ]
     
     
    تأملات قرآنية •• {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا ۙ ...}
    أعجل الذنوب عقوبة : الظلم ، و يالسرعان ما يبيد الظلم دولاً و يهلك أمماً ، و يمحو أعيانًا ، فلا يبقى إلا آثارها .. اللهم إني أعوذ بك أن .. أظلِم أو أُظلَم .
     
    تدبر القرآن الكريم وقفات ولفتات‎... - تدبر القرآن الكريم وقفات ...
     
    قال تعالى: ﴿بل يُريد الإنسان لِيَفْجُرَ أَمامه﴾
    قال سعيد بن جبير رحمه الله : يُقدِم على الذنب ويؤخّر التوبة، فيقول سوف أتوب، سوف أعمل، حتى يأتيه الموت على شر أحواله وأسوأ أعماله . تفسير البغوي
     
     
    "أحياناً تجد أن كل شيء يسير عكس الإتجاه الذي تريده وأن كل الظروف ضدك وأن كل الطرق أمامك مسدودة وفجأة تتذكر الآية الكريمة : ﴿لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا﴾ فتنتبه إلى أن هناك دائماً أمل وفي نهاية النفق نقطة ضوء توصلك إلى ما تريده"
     
     
    ﴿يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم﴾
    وقفة صادقة مع هذا النداء الرباني كافية في إعادة النظر في علاقتنا مع الله، اللهم غرني كرمك ورحمتك وعفوك فأعف عنا ياكريم ..

    No photo description available.
     
    بدأ أصحاب الكهف دعاءهم بطلب الرحمة : "إِذ أَوَى الفِتيَةُ إِلَى الكَهفِ فَقالوا رَبَّنا آتِنا مِن لَدُنكَ رَحمَةً " وأنت كذلك في كل وقت وعند كل محنة اطلب من الله الرحمة فبعدها يهون كل شيء
     
     
    {قُلْ كلٌّ يعمل على شاكلته}
    أي: على ما يشاكله ويناسبه فالنفس الشريفة العليّةُ لا ترضى بالظلم ولا بالفواحش ولا بالسرقة والخيانة ، لأنها أكبر من ذلك وأجل، والنفس المهينة الحقيرة الخسيسة بالضد من ذلك، فكلُّ نفسٍ تميل إلى ما يناسبها ويشاكلها . ابن القيم
     
     
    لما قال أبليس: (أنا خير منه) لعنه الله.
    ولما قال ابن نوح: (سآوي إلى جبل يعصمني) أغرقه الله.
    ولما قال النمرود: (أنا أحيي وأميت) أهلكه الله.
    ولما قال فرعون: (أنا ربكم الأعلى) أغرقه الله.
    ولما قال قارون:(إنما أوتيته على علمٍ عندي) خسف الله به.
    فاحذر أن تتكبر على الله جل جلاله

    تأملات قرآنية في رمضان (1)
     
     
    {لكيلا تأسوا على مافاتكم}
    لا تعطِ شيئًا من قلبك لشيءٍ قد فاتك!
    •~ قلبك عزيز ~• وهو محط نظر الرب.. فلا تتشعب به خلف أيٍّ مما فات !
    فلو قُدر لك مافات ماكان سيفوتك أبدا.. ولا توجد قوة في الأرض تمنعه من الوصول إليك لكنه لم يقدر لك !!
     
     
    {وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}
    كل إنسان- مهما بلغت مرتبته- مفتقر إلى الله عز وجل في الهداية، فلا يقول قائل: أنا عالم! أنا عابد! فيعتمد على نفسه ويعجب بها، بل يجب عليه أن يرى قدر نعمة الله عليه بالهداية؛ فكم من أناس أضلهم الله وهم أقوياء أذكياء. [ابن عثيمين]
     
     
    ﴿ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا﴾
    قال الشيخ السعدي: أي {ومن كان في هذه} الدنيا {أعمى} عن الحق فلم يقبله، ولم ينقد له، بل اتبع الضلال، {فهو في الآخرة أعمي} عن سلوك طريق الجنة كما لم يسلكه في الدنيا، {وَأَضَلُّ سبيلا} فإن الجزاء من جنس العمل، وكما تدين تدان.
     
     
    قال الله تعالى: *﴿وَلا تَهِنوا وَلا تَحزَنوا وَأَنتُمُ الأَعلَونَ إِن كُنتُم مُؤمِنينَ (١٣٩)﴾*
    مهما اشتدت المصائب عليك ، إيَّاك أن تسمحَ للضعف أن يتسللَ إلى نفسك، وإيَّاك أن تسمحَ للحزن أن يهزمك. *كن قوياً بإيمانك وثقتك بالله.*
     
     
    (وَذَكرْهم بِأيام الله)
    تتناول أيام نعمه وأيام نقمه ليشكروا ويعتبروا؛ولهذا قال بعدها: (إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور) فإن ذكر النعم : يدعو إلى الشكر وذكر النقم : يقتضي الصبر. [ابن تيمية]
     
     
    في قصة "سبأ" إشارة على قدرة الله على تحويل النعم إلى نقم وقلب المنح إلى محن ذلك أن هذه المدينة ملَّت نعم الله، وأعرضت عن شرع الله وفي ذلك يحذر المرءُ من نسيان نعم الله عليه أو مللها وعدم شكرها فهو مُؤْذِنٌ بجريان السنن عليه، وسنن الله لا تُحابي أحدًا.
    الشيخ/ عبداللطيف التويجري
     
     
    قال تعالى: { أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير } بسبب معصية واحدة هزم أعظم جيش في التاريخ قائده محمد ﷺ ومعه الصحابة الأخيار؛ فلا نستهن بالمعاصي فإنها سبب لكل بلاء وكل شر .
     
     
    (مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) كل نعمة تحارب بها شرع الله ستتجرع و بالها

    تدبرات قرآنية – تجمع دعاة الشام
     
    {لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ}
    لا ينفع الحزن على الأمور الماضية
    التي لا يمكن ردها ولا استدراكها
    وقد يضر الهمّ الذي يحدث بِسبب
    الخوف من المُستقبل
    فعلى العبد أن يكون ابن يومهُ
    يجمع جدهُ واجتهادهُ في إصلاح يومهُ.
    [السعدي]
     
     
    أحضرَ عرشَ بلقيس من اليمن إلى بيت المقدس في طرفة عينٍ ثم قال : "هذا من فضل ربي"
    وذو القرنين جاء بزُبَر الحديد، وجعله ناراً، وأفرغه قطراً وصنع ردماً عظيماً سجن خلفه يأجوج ومأجوج ثم قال : "هذا رحمة من ربي"
    أدب الإنجاز ردُّه إلى توفيق الله !
     
    ﴿فَأَخَذناهُم بِالبَأساءِ وَالضَّرّاءِ لَعَلَّهُم يَتَضَرَّعونَ﴾
    إذا ابتلى الله عبده بشيء من أنواع البلايا والمحن
    فإن رده ذلك الابتلاء والمحن إلى ربه وجمعه عليه وطرحه ببابه؛ فهو علامة سعادته وإرادة الخير به.[ابن القيم]
     

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×