اذهبي الى المحتوى
أم سهيلة

الدورة العلمية ْ~ْ شرح الأصول الثلاثة ْ~ْ

المشاركات التي تم ترشيحها

فإذا قيل لك ما الأصول الثلاثة التي يجب على العبد معرفتها فقل

معرفة العبد ربه

ودينه

ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم

 

 

 

"الذي رباني وربى جميع العالمين بنعمه" فكل العالمين قد رباهم الله بنعمه وأعدهم لما خلقوا له ، وأمدهم برزقه قال الله تبارك وتعالى في محاورة موسى وفرعون: " فمن ربكما يا موسى * قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى "{سورة طه ، الآيتين: 49-50}. فكل أحد من العالمين قد رباه الله عز وجل بنعمه.

ونعم الله عز وجل على عباده كثيرة لا يمكن حصرها قال الله تبارك وتعالى: " وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها" {سورة النحل، الآية: 18} فالله هو الذي خلقك وأعدك ، وأمدك ورزقك فهو وحده المستحق للعبادة .

 

 

أي وهو الذي أعبده وأتذلل له خضوعاً ومحبة وتعظيماً ، أفعل ما يأمرني به، وأترك ما ينهاني عنه ، فليس لي أحد أعبده سوى الله عز وجل

"رب العالمين" أي مربيهم بالنعم وخالقهم ومالكهم ، والمدبر لهم كما شاء عز وجل.

العالم كله من سوى الله ، وسمو عالماً لأنهم علم على خالقهم ومالكهم ومدبرهم ففي كل شيء آية لله تدل على أنه واحد.

 

 

الآيات : جمع آية وهي العلامة على الشيء التي تدل عليه وتبينه.

وآيات الله تعالى نوعان :

كونية وشرعية

فالكونية هي المخلوقات

والشرعية هي الوحي الذي أنزله الله على رسله

وعلى هذا يكون قول المؤلف رحمه الله "بآياته ومخلوقاته" من باب العطف الخاص على العام إذا فسرنا الآيات بأنها الآيات الكونية والشرعية. وعلى كل فالله عز وجل يعرف بآياته الكونية وهي المخلوقات العظيمة وما فيها من عجائب الصنعة وبالغ الحكمة، وكذلك يعرف بآياته الشرعية وما فيها من العدل ، والإشتمال على المصالح ، ودفع المفاسد

 

 

 

 

أي والدليل على أن الليل والنهار ، والشمس والقمر من آيات الله عز وجل قوله تعالى

" ومن آياته الليل والنهار". . . . إلخ أي من العلامات البينة المبينة لمدلولها الليل والنهار في ذاتهما واختلافهما ، وما أودع الله فيهما من مصالح العباد وتقلبات أحوالهم ، وكذلك الشمس والقمر في ذاتهما وسيرهما وانتظامهما وما يحصل بذلك من مصالح العباد ودفع مضارهم .

ثم نهى الله تعالى العباد أ، يسجدوا للشمس أو القمر وإن بلغا مبلغاً عظيماً في نفوسهم لأنهما لا يستحقان العبادة لكونها مخلوقين ، وإنما المستحق للعبادة هو الله تعالى الذي خلقهن.

 

وقوله أي من الأدلة على أن الله خلق السماوات والأرض الآية وفيها من آيات الله:

أولاً : إن الله خلق هذه المخلوقات العظيمة في ستة أيام ولو شاء لخلقها بلحظة ولكنه ربط المسببات بأسبابها كما تقتضيه حكمته .

ثانياً : أنه أستوى على العرش أي علا عليه علواً خاصاً به كما يليق بجلاله وعظمته وهذا عنوان كمال الملك والسلطان.

ثالثاً : أنه يغشى الليل النهار أن يجعل الليل غشاء للنهار ، أي غطاء له فهو كالثوب يسدل على ضوء النهار فيغطيه.

رابعاً : أنه جعل الشمس والقمر والنجوم مذللات بأمره جل سلطانه يأمرهن بما يشاء لمصلحة العباد .

خامساً : عموم ملكه وتمام سلطانه حيث كان له الخلق والأمر لا لغيره.

سادساً : عموم ربوبيته للعالمين كلهم.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

أي أعبدوه لأنه ربكم الذي خلقكم فمن أجل كونه الرب الخالق كان لزاماً عليكم أن تعبدوه ، ولهذا نقول يلزم كل من أقر بربوبية الله أن يعبده وحده وإلا كان متناقضاً.

 

قوله " فلا تجعلوا لله أندادا" لا تجعلوا للذي خلقكم ، وخلق الذين من قبلكم ، وجعل لكم الأرض فراشاً والسماء بناء ، وأنزل لكم من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم لا تجعلوا له أنداداً تعبدونها كما تعبدون الله ، أو تحبونها كما تحبون الله فإن ذلك غير لائق بكم لا عقلاً ولا شرعاً.

 

قال ابن كثير – رحمه الله تعالى _: "الخالق لهذه الأشياء هو المستحق للعبادة "

وأنواع العبادة التي أمر الله بها :

مثل الإسلام، والإيمان، والإحسان؛

ومنه الدعاء ، والخوف ، والرجاء ، والتوكل ، والرغبة ، والرهبة ، والخشوع ، والخشية ، والإنابة ، والاستعانة ، والاستعاذة ، والاستغاثة ، والذبح، والنذر ، وغير ذلك من أنواع العبادة التي أمر الله بها كلها لله تعالى

. والدليل قوله تعالى: " وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً"{سورة الجن ، الآية: 18} ، فمن صرف منها شيئاً لغير الله فهو مشرك كافر ، والدليل قوله تعالى: "ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهن له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون "{سورة المؤمنون، الآية: 117}.

 

أي كل أنواع العبادة مما ذكر وغيره لله وحده لا شريك له فلا يحل صرفها لغير الله تعالى:

 

ذكر المؤلف رحمه الله تعالى جملة من أنواع العبادة وذكر أن من صرف منها شيئاً لغير الله فهو مشرك كافر واستدل بقوله تعالى: "وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً"

وبقوله: " ومن يدع مع الله إلها ءاخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون "

 

ووجه الدلالة من الآية الأولى أن الله تعالى أخبر أن المساجد وهي مواضع السجود أو أعضاء السجود لله ورتب على ذلك قوله: " فلا تدعوا مع الله أحداً " أي لا تعبدوا معه غيره فتسجدوا له ،

 

ووجه الدلالة من الآية الثانية بأن الله سبحانه وتعالى بين أن من يدعو مع الله إله آخر فإنه كافر لأنه قال : " إنه لا يفلح الكافرون الكافرون "

 

 

هذا شروع من المؤلف رحمه الله تعالى في أدلة أنواع العبادة التي ذكرها

فبدأ رحمه الله بذكر الأدلة على الدعاء وسيأتي إن شاء الله تفصيل أدلة الإسلام والإيمان والإحسان .

 

وأستدل المؤلف رحمه الله بما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " الدعاء هو العبادة "

واستدل كذلك بقوله تعالى: " وقال ربكم أدعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين " فدلت الآية الكريمة على أن الدعاء من العبادة ولولا ذلك ما صح أن يقال: " إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين "

_فمن دعا غير الله عز وجل بشيء لا يقدر عليه إلا الله فهو مشرك كافر سواء كان المدعو حياً أو ميتاً .

_ومن دعا حياً بما يقدر عليه مثل أن يقول يا فلان أطعمني ، يا فلان إسقني فلا شيء فيه

_ ومن دعا ميتاً أو غائباً بمثل هذا فإنه مشرك لأن الميت أو الغائب لا يمكن أن يقوم بمثل هذا فدعاؤه إياه يدل على أنه يعتقد أن له تصرفاً في الكون فيكون بذلك مشركاً.

 

وأعلم أن الدعاء نوعان: دعاء مسألة ودعاء عبادة.

فدعاء المسألة هو دعاء الطلب أي طلب الحاجات وهو عبادة إذا كان من العبد لربه ، لأنه يتضمن الإفتقار إلى الله تعالى واللجوء إليه ، واعتقاد أنه قادر كريم واسع الفضل والرحمة. ويجوز إذا صدر من العبد لمثله من المخلوقين إذا كان المدعو يعقل الدعاء ويقدر على الإجابة كما سبق في قوله القائل يا فلان اطعمني.

 

وأما دعاء العبادة فأن يتعبد به للمدعو طلباً لثوابه وخوفاً من عقابه وهذا لا يصح لغير الله وصرفه لغير الله شرك أكبر مخرج من الملة وعليه يقع الوعيد في قوله تعالى: " إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين" {سورة غافر، الآية: 60}.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

والخوف ثلاثة أنواع:

 

النوع الأولى: خوف طبيعي كخوف الإنسان من السبع والنار والغرق وهذا لا يلام عليه العبد

لكن إذا كان هذا الخوف سبباً لترك واجب أو فعل محرم كان حراماً ؛ لأن ما كان سبباً لترك واجب أو فعل محرم فهو حرام ودليل قوله تعالى: "فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين"{سورة آل عمران، الآية: 175} .

 

والخوف من الله تعالى يكون محموداً ، ويكون غير محموداً .

فالمحمود ما كانت غايته أن يحول بينك وبين معصية الله بحيث يحملك على فعل الواجبات وترك المحرمات، فإذا حصلت هذه الغاية سكن القلب واطمأن وغلب عليه الفرح بنعمة الله، والرجاء لثوابه.

وغير المحمود ما يحمل العبد على اليأس من روح الله والقنوط وحينئذ يتحسر العبد وينكمش وربما يتمادى في المعصية لقوة يأسه.

 

النوع الثاني: خوف العبادة أن يخاف أحداً يتعبد بالخوف له فهذا لا يكون إلا لله تعالى. وصرفه لغير الله تعالى شرك أكبر.

 

النوع الثالث: خوف السر كأن يخاف صاحب القبر ، أو ولياً بعيداً عنه لا يؤثر فيه لكنه يخافه مخافة سر فهذا أيضاً ذكره العلماء من الشرك.

 

[align=center:bd2d6f311a]002.GIF[/align:bd2d6f311a]

 

 

الرجاء طمع الإنسان في أمر قريب المنال، وقد يكون في بعيد المنال تنزيلاً له منزلة القريب.

والرجاء المتضمن للذل والخضوع لا يكون إلا لله عز وجل وصرفه لغير الله تعالى شرك إما اصغر ، وإما أكبر بحسب ما يقوم بقلب الراجي .

واعلم أن الرجاء المحمود لا يكون إلا لمن عمل بطاعة الله ورجا ثوابها، أو تاب من معصيته ورجا قبول توبته ، فأما الرجاء بلا عمل فهو غرور وتمن مذموم

 

[align=center:bd2d6f311a]002.GIF[/align:bd2d6f311a]

 

 

التوكل على الشيء الإعتماد عليه.

والتوكل على الله تعالى: الإعتماد على الله تعالى كفاية وحسباً في جلب المنافع ودفع المضار وهو من تمام الإيمان وعلاماته لقوله تعالى: " وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين"

 

وأعلم أن التوكل أنواع:

الأول: التوكل على الله تعالى وهو من تمام الإيمان وعلامات صدقه وهو واجب لا يتم الإيمان إلا به وسبق دليله.

الثاني: توكل السر بأن يعتمد على ميت في جلب منفعة ، أو دفع مضرة فهذا شرك أكبر ؛ لأنه لا يقع إلا ممن يعتقد أن لهذا الميت تصرفاً سرياً في الكون، ولا فر ق بين أن يكون نبياً ، أو ولياً ، أو طاغوتاً عدوا لله تعالى.

 

الثالث: التوكل على الغير فيما يتصرف فيه الغير مع الشعور بعلو مرتبته وانحطاط مرتبة المتوكل عنه مثل أن يعتمد عليه في حصول المعاش ونحوه فهذا نوع من الشرك الأصغر لقوة تعلق القلب به والإعتماد عليه.

أما لو أعتمد عليه على أنه سبب وأن الله تعالى هو الذي قدر ذلك على يده فإن ذلك لا بأس به، إذا كان للمتوكل بحيث ينيب غيره في أمر تجوز فيه النيابة فهذا لا بأس به بدلالة الكتاب، والسنة ، والإجماع

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

ودليل الرغبة والرهبة والخشوع قوله تعالى: " إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهباً وكانوا لنا خاشعين " (4) {سورة الأنبياء، الآية: 90}.

ودليل الخشية قوله تعالى: " فلا تخشوهم واخشوني"{سورة البقرة، الآية: 150}

 

: محبة الوصول إلى الشيء المحبوب.

والرهبة: الخوف المثمر للهرب من المخوف فهي خوف مقرون بعمل.

الخشوع: الذل والتطامن لعظمة الله بحيث يستسلم لقضائه الكوني والشرعي.

 

في هذه الآية الكريمة وصف الله تعالى الخلص من عباده بأنهم يدعون الله تعالى رغباً ورهباً مع الخشوع له

والدعاء هنا شامل لدعاء العبادة ودعاء المسألة ، فهم يدعون الله رغبة فيما عنده وطمعاً في ثوابه مع خوفهم من عقابه وآثار ذنوبهم

والمؤمن ينبغي أن يسعى إلى الله تعالى بين الخوف والرجاء، ويغلب الرجاء في جانب الطاعة لينشط عليها ويؤمل قبولها ، ويغلب الخوف إذا هم بالمعصية ليهرب منها وينجو من عقابها.

 

 

 

وقال بعض العلماء : يغلب جانب الرجاء في حال المرض وجانب الخوف في حال الصحة؛ لأن المريض منكسر ضعيف النفس وعسى أن يكون قد اقترب أجله فيموت وهو يحسن الظن بالله عز وجل ، وفي حال الصحة يكون نشيطاً مؤملاً طول البقاء فيحمله ذلك على الأشر والبطر فيغلب جانب الخوف ليسلم من ذلك.

 

[align=center:63f65f2c16]002.GIF[/align:63f65f2c16]

 

 

الإنابة الرجوع إلى الله بالقيام بطاعته واجتناب معصيته وهي قريبة من معنى التوبة إلا أنها أرق منها لما تشعر به من الاعتماد على الله واللجوء إليه ولا تكون إلا لله تعالى

ودليلها قوله تعالى: "وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له"

 

والمراد بقوله تعالى: " وأسلموا له"الإسلام الشرعي وهو الاستسلام لأحكام الله الشريعة

 

وذلك أن الإسلام لله تعالى نوعان:

الأول: إسلام كوني وهو الاستسلام لحكمه الكوني وهذا عام لكل من في السماوات والأرض من مؤمن وكافر ، وبر وفاجر لا يمكن لأحد أن يستكبر عنه ودليله قوله تعالى:" وله اسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرهاً وإليه يرجعون "{سورة آل عمران، الآية: 83} .

 

الثاني: إسلام شرعي وهو الاستسلام لحكمه الشرعي وهذا خاص بمن قام بطاعته من الرسل وإتباعهم بإحسان، ودليله في القرآن كثير ومنه هذه الآية التي ذكرها المؤلف رحمه الله.

 

 

[align=center:63f65f2c16]002.GIF[/align:63f65f2c16]

 

 

الإستعانة طلب العون وهي أنواع:

 

الأول: الإستعانة بالله وهي: الإستعانة المتضمنة لكمال الذل من العبد لربه ، وتفويض الأمر إليه، واعتقاد كفايته وهذه لا تكون إلا لله تعالى ودليلها قوله تعالى: " إياك نعبد وإياك نستعين"و صرف هذا النوع لغير الله تعالى شركاً مخرجاً عن الملة.

 

الثاني: الإستعانة بالمخلوق على أمر يقدر عليه فهذه على حسب المستعان عليه فإن كانت على بر فهي جائزة للمستعين مشروعة للمعين لقوله تعالى: "وتعاونوا على البر والتقوى "{سورة المائدة، الآية: 2}.

وإن كانت على مباح فهي جائزة للمستعين والمعين لكن المعين قد يثاب على ذلك ثواب الإحسان إلى الغير ومن ثم تكون في حقه مشروعة لقوله تعالى: " ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" {سورة البقرة ، الآية: 195}

 

الثالث: الاستعانة بمخلوق حي حاضر غير قادر فهذه لغو لا طائل تحتها مثل أن يستعين بشخص ضعيف على حمل شيء ثقيل.

 

الرابع: الإستعانة بالأموات مطلقاً أو بالأحياء على أمر الغائب لا يقدرون على مباشرته فهذا شرك لأنه لا يقع إلا من شخص يعتقد أن لهؤلاء تصرفاً خفيا في الكون.

 

الخامس: الإستعانة بالأعمال والأحوال المحبوبة إلى الله تعالى وهذه مشروعة بأمر الله تعالى في قوله:" أستعينوا بالصبر والصلواة"{سورة البقرة، الآية: 153}.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

ودليل الإستعاذة قوله تعالى: "قل أعوذ برب الفلق"{سورة الفلق، الآية: 1} .

و " قل أعوذ برب الناس" {سورة الناس، الآية: 1

 

طلب الإعاذة والإعاذة الحماية من مكروه فالمستعيذ محتم بمن أستعاذ به ومعتصم به

 

والاستعاذة أنواع:

الأول: الإستعاذة بالله تعالى وهي المتضمنة لكمال الافتقار إليه والاعتصام به واعتقاد كفايته وتمام حمايته من كل شيء حاضر أو مستقبل ، صغير أو كبير ، بشر أو غير بشر ودليلها قوله تعالى "قل أعوذ برب الفلق * من شر ما خلق"إلى آخر السورة وقوله تعالى :" قل أعوذ برب الناس * ملك الناس* إله الناس من الوسواس الخناس"إلى آخر السورة.

 

الثاني: الإستعاذة بصفة ككلامه وعظمته وعزته ونحو ذلك ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : "أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق"

وقوله : "أعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي"

 

الثالث: الإستعاذة بالأموات أو الأحياء غير الحاضرين القادرين على العوذ فهذا شرك ومنه قوله تعالى: "وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً "{سورة الجن، الآية: 6}

 

الرابع: الإستعاذة بما يمكن العوذ به من المخلوقين من البشر أو الأماكن أو غيرها فهذا جائز ودليله قوله صلى الله عليه وسلم في ذكر الفتن : "من تشرف لها تستشرفه ومن وجد ملجأ أو معاذاً فليعذبه" متفق عليه

وقد بين صلى الله عليه وسلم هذا الملجأ والمعاذ بقوله: "فمن كان له إبل فليلحق بإبله" الحديث رواه مسلم، وفي صحيحه أيضاً عن جابر رضي الله عنه أ، امرأة من بني مخزوم سرقت فأتى بها النبي صلى الله عليه وسلم فعاذت بأم سلمة الحديث،

 

[align=center:6daf9029a8]002.GIF[/align:6daf9029a8]

 

 

طلب الغوث وهو الإنقاذ من الشدة والهلاك

 

وهو أقسام :

الأول: الإستغاثة بالله عز وجل وهذا من أفضل الأعمال وأكملها وهو دأب الرسل وأتباعهم ، ودليله ما ذكره الشيخ رحمه الله " إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين"وكان ذلك في غزوة بدر حين نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المشركين في ألف رجل وأصحابه ثلثمائة وبضعة عشر رجلاً فدخل العريش يناشد ربه عز وجل رافعاً يديه مستقبل القبلة يقول : " اللهم أنجز لي ما وعدتني ، اللهم إن تهلك هذه العصابة الإسلام لا تعبد في الأرض" وما زال يستغيث بربه رافعاً يديه حتى سقط رداؤه عن منكبيه فأخذ أبو بكر رضي الله عنه رداءه فألقاه على منكبيه ثم ألتزمه من ورائه ، وقال : يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك وعدك فأنزل الله هذه الآية.

 

الثاني: الإستغاثة بالأموات أو بالأحياء غير الحاضرين القادرين على الإغاثة فهذا شرك ؛ لأنه لا يفعله إلا من يعتقد أن لهؤلاء تصرفاً خفياً في الكون فيجعل لهم حظاً من الربوبية قال الله تعالى: " أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أله مع الله قليلاً ما تذكرون"{سورة النمل ، الآية: 62}.

 

الثالث: الاستغاثة بالأحياء العالمين القادرين على الإغاثة فهذا جائز كالاستعانة بهم قال الله تعالى في قصة موسى :"فاستغاثة الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه"{سورة القصص، الآية: 15}.

 

الرابع: الاستغاثة بحي غير قادر من غير أن يعتقد أن له قوة خفية مثل أن يستغيث الغريق برجل مشلول فهذا لغو وسخرية بمن استغاث به فيمنع منه لهذه العله، ولعلة أخرى وهي الغريق ربما أغتر بذلك غيره فتوهم أن لهذا المشلول قوة خفية ينقذ بها من الشدة.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

[align=center:5b21769c0b]002.GIF[/align:5b21769c0b]

 

 

 

الذبح إزهاق الروح بإراقة الدم على وجه مخصوص

 

ويقع على وجوه

الأول: أن يقع عبادة بأن يقصد به تعظيم المذبوح له والتذلل له والتقرب إليه فهذا لا يكون إلا لله تعالى على الوجه الذي شرعه الله تعالى، وصرفه لغير الله شرك أكبر ودليله ما ذكره الشيخ رحمه الله وهو قوله تعالى:" قل إن صلاتي ونسكى ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له".

 

الثاني: أن يقع إكراماً لضيف أو وليمة لعرس أو نحو ذلك فهذا مأمور به إما وجوباً أو إستحباباً لقوله صلى الله عليه وسلم : "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه" وقوله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف "أو لم ولو بشاة" .

 

الثالث: أن يقع على وجه التمتع بالأكل أو الإتجار به ونحو ذلك فهذا من قسم المباح فالأصل فيه الإباحة لقوله تعالى: "أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاماً فهم لها مالكون * وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون " {سورة يس، الآيتين: 71، 72} وقد يكون مطلوباً أو منهياً عنه حسبما يكون وسيلة له.

 

[align=center:5b21769c0b]002.GIF[/align:5b21769c0b]

 

 

دليل كون النذر من العبادة قوله تعالى: "يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً"

.

وجه الدلالة من الآية أن الله أثنى عليهم لإيفائهم النذر وهذا يدل على أن الله يحب ذلك ، وكل محبوب لله من الأعمال فهو عبادة.

ويؤيد ذلك قوله : "ويخافون يوماً كان شره مستطيراً ".

 

وأعلم أن النذر الذي امتدح الله تعالى هؤلاء القائمين به هو جميع العبادات التي فرضها الله عز وجل فإن العبادات الواجبة إذا شرع فيها الإنسان فقد التزم بها ودليل ذلك قوله تعالى: " ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق "{سورة الحج، الآية: 29} .

 

والنذر هو إلزام الإنسان نفسه بشيء ما ، أو طاعة لله غير واجبة مكروه ، وقال بعض العلماء إنه محرم لأن النبي صلى الله عليه وسلم ، نهى عن النذر وقال :

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

[align=center:0e2f62c131]

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

 

أخواتي طالبات العلم الشرعي

 

انتهينا بحمد الله من الأصل الأول من الأصول الثلاثة

أرجو من الأخوات مراجعة ما مضى

و سأقوم بوضع أسئلة للمراجعة على الأصل الأول في نهاية الأسبوع

إن شاء الله

وفقكنّ الله [/align:0e2f62c131]

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكى السلام ورحمة الله وبركاتة

 

الحمد لله الذى به تتم الصالحات

 

وإن شاء الله تتم المراجعة كما اشرتى

 

وبإنتظار الاسئلة جزاكى الله عنا خيرا

 

وبارك الله فيكى على دعائك الطيب

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

 

 

دين الإسلام وإن شئت فقل الإسلام هو "الاستسلام لله بالتوحيد والأنقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله"

أي بأن يستسلم العبد لربه استسلاما شرعياً وذلك بتوحيد الله عز وجل وافراده بالعبادة ، وهذا الإسلام هو الذي يحمد عليه العبد ويثاب عليه، أما الاستسلام القدري فلا ثواب فيه لأنه لا حيلة للإنسان فيه قال الله تعالى: } وله اسلم من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً وإليه يرجعون{ {سورة آل عمران، الآية: 83}.

 

 

وذلك بفعل أوامره واجتناب نواهيه؛ لأن الطاعة طاعة في الأمر بفعله وطاعة في النهي بتركه.

) البراءة من الشرك أي أن يتبرأ منه ، ويتخلى منه وهذا يستلزم البراءة من أهله قال الله تعالى: } قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءؤا منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده{ {سورة الممتحنة ، الآية: 4

 

[align=center:c736727a74]002.GIF[/align:c736727a74]

 

 

 

 

 

 

شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة وصوم رمضان ، وحج بيت الله الحرام.

 

فدليل الشهادة قوله تعالى: " شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم" {سورة آل عمران، الآية : 18}

 

شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ركن واحد وإنما كانتا ركنا واحداً مع أنهما من شقين لأن العبادات تبني على تحقيقهما معاً، فلا تقبل العبادة إلا بالإخلاص لله عز وجل وهو ما تتضمنه شهادة أن محمداً رسول الله .

 

في الآية الكريمة شهادة الله لنفسه بأنه لا إله إلا هو ، وشهادة الملائكة وشهادة أهل العلم بذلك وأنه تعالى قائم بالقسط أي العدل ثم قرر ذلك بقوله : } لا إله إلا هو العزيز الحكيم{ وفي هذه الآية منقبة عظيمة لأهل العلم حيث أخبر أنهم شهداء معه ومع الملائكة والمراد بهم أولو العلم بشريعته ويدخل فيهم دخولاً أولياً رسله الكرام

 

 

أي معنى لا إله إلا الله ألا معبود بحق إلا الله

فشهادة أن لا إله إلا الله أن يعترف الإنسان بلسانه وقلبه بأنه لا معبود حق إلا الله عز وجل لأنه "إله" بمعنى مألوه، والتأله التعبد

وجملة " لا إله إلا الله" مشتملة على نفي وإثبات ، أما النفي فهو " لا إله" وأمال الإثبات "إلا الله" و "الله"

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

.

 

_إبراهيم هو خليل الله إمام الحنفاء، وأفضل الرسل بعد محمد صلى الله عليه وسلم وأبوه آزر .

_(براء) صفة مشبهة بالبراءة وهي أبلغ من بريء . وقوله : "إنني براء مما تعبدون" يوافي قول " لا إله " .

 

_ خلقني إبتداء على الفطرة وقوله : " إلا الذي فطرني" يوافي قوله "إلا الله" فهو سبحانه وتعالى لا شريك له في ملكه ودليل ذلك قوله تعالى : " ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين{ {سورة الأعراف، الآية: 54} ففي هذه الآية حصر الخلق والأمر لله رب العالمين وحده فله الخلق وله الأمر الكوني الشرعي.

 

_ " سيهدين "سيدلني على الحق ويوفقني له.

_ " وجعلها "أي هذه الكلمة وهي البراءة من كل معبود سوى الله.

_ " في عقبه "في ذريته.

_ " لعلهم يرجعون " أي إليها من الشرك.

_ الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم لمناظرة أهل الكتاب اليهود والنصارى.

_ " تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم" هذه الكلمة هي ألا نعبد إلا الله هي معنى "لا إله إلا الله" ، ومعنى " سواء بيننا وبينكم " أننا نحن وإياكم سواء فيها.

_ أي لا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله عز وجل بحيث يعظم كما يعظم الله عز وجل ، ويعبد كما يعبد الله ، ويجعل الحكم لغيره.

_ "فإن تولوا" أعرضوا عما دعوتموهم إليه.

_أي فأعلنوا لهم واشهدوهم أنكم مسلمون لله ، بريئون مما هم عليه من العناد والتولي عن هذه الكلمة العظيمة "لا إله إلا الله" .

 

[align=center:b4e0f9d68f]002.GIF[/align:b4e0f9d68f]

 

 

قوله " من أنفسكم "أي من جنسكم بل هو من بينكم أيضاً

يشق عليه ما شق عليكم , حريص على منفعتكم ودفع الضر عنكم

ذو رأفة ورحمة بالمؤمنين ، وخص المؤمنين بذلك لأنه صلى الله عليه وسلم مأمور بجهاد الكفار والمنافقين والغلظة عليهم

وهذه الأوصاف لرسول الله صلى الله عليه وسلم تدل على أنه رسول الله حقاً

 

 

معنى شهادة "أن محمداً رسول الله" هو الإقرار باللسان والإيمان بالقلب بأن محمد بن عبد الله القرشي الهاشمي رسول الله – عز وجل – إلى جميع الخلق من الجن والإنس كما قال الله تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"{سورة الذاريات، الآية: 56} ولا عبادة لله تعالى إلا عن طريق الوحي الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم

كما

 

ومقتضى هذه الشهادة أن تصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أخبر، وأن تمتثل أمره فيما أمر، وأن تجتنب ما عنه نهى وزجر ، وأن لا تعبد الله إلا بما شرع

ومقتضى هذه الشهادة أيضاً أن لا تعتقد أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، حقاً في الربوبية وتصريف الكون، أو حقاً في العبادة ، بل هو صلى الله عليه وسلم عبد لا يعبد ورسول لا يكذب، ولا يملك لنفسه ولا لغيره شيئاً من النفع أو الضر إلا ما شاء الله كما قال الله تعالى: "قل لا أقول لكم عندي خزاءن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم أني ملك إن أبتغ إلا ما يوحى إلي" {سورة الأنعام، الآية: 50}.

فهو عبد مأمور يتبع ما أمر به ، وقال الله تعالى: " قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً * قل إني لن يجبرني من الله أحد ولن أجد من دون ملتحداً "{سورة الجن، الآيتين: 21-22}

فحقه صلى الله عليه وسلم ، أن تنزله المنزلة التي أنزله الله تعالى أياها وهو أنه عبد الله ورسوله ، صلوات الله وسلامه عليه.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاك الله خيرا مشرفتنا الحبيبة على جهودك وجعلها في ميزان اعمالك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

[align=center:d9a04541c8]002.GIF[/align:d9a04541c8]

 

 

 

أي أن الصلاة والزكاة من الدين قوله تعالى: "وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلواة ويؤتوا الزكاة " {سورة البينة، الآية: 5}. وهذه الآية عامة شاملة لجميع أنواع العبادة فلا بد أن يكون الإنسان فيها مخلصاً لله عز وجل حنيفاً متبعاً لشريعته.

 

إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة من العبادة ولكنه سبحانه وتعالى نص عليهما لما لهما من الأهمية فالصلاة عبادة البدن، والزكاة عبادة المال وهما قرينتان في كتاب الله عز وجل.

 

وهذه الآية الكريمة كما تضمنت ذكر العبادة والصلاة فقد تضمنت حقيقة التوحيد وأنه الإخلاص لله عز وجل من غير ميل إلى الشرك ، فمن لم يخلص لله لم يكن موحداً ، ومن جعل عبادته لغير الله لم يكن موحداً

 

 

[align=center:d9a04541c8]002.GIF[/align:d9a04541c8]

 

 

أي دليل وجوبه قوله تعالى: " يأيها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون"

وفي قوله "كما كتب على الذين من قبلكم "فوائد:

أولاً : أهمية الصيام حيث فرضه الله عز وجل على الأمم من قبلنا وهذا يدل على محبة الله عز وجل له وأنه لازم لكل أمة.

ثانياً: التخفيف على هذه الأمة حيث إنها لم تكلف وحدها بالصيام الذي قد يكون فيه مشقة على النفوس والأبدان.

ثالثاً : الإشارة إلى أن الله تعالى أكمل لهذه الأمة دينها حيث أكمل لها الفضائل التي سبقت لغيرها

بين الله عز وجل في هذه الآية حكمة الصيام بقوله"لعلكم تتقون"أي تتقون الله بصيامكم وما يترتب عليه من خصال التقوى

 

 

 

أي دليل وجوبه قوله تعالى: "ولله على الناس حج البيت "إلخ.

وهذه الآية نزلت في السنة التاسعة من الهجرة وبها كانت فريضة الحج ولكن الله عز وجل قال." من أستطاع إليه سبيلاً " ففيه دليل على أن من لم يستطع فلا حج عليه

 

في قوله تعالى"ومن كفر فإن الله غني عن العالمين "دليل على أن ترك الحج ممن أستطاع إليه سبيلاً يكون كفراً ولكنه كفر لا يخرج من الملة على قول جمهور العلماء لقول عبد الله بن شقيق: "كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة"

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

الإيمان في اللغة التصديق.

وفي الشرع "إعتقاد بالقلب وقول باللسان وعمل بالجوارح

وهو بضع وسبعون شبعة" .

البضع: بكسر الباء من الثلاثة إلى التسعة.

الشعبة : الجزء من الشيء.

إماطة الأذى: أي إزالة الأذى وهو ما يؤذي المارة من أحجار واشواك ، ونفايات وقمامة وماله رائحة كريهة ونحو ذلك.

الحياء: صفة إنفعالية عند الخجل وتحجز المرء عن فعل ما يخالف المروءة.

 

والجمع بين ما تضمنه كلام المؤلف رحمه الله تعالى من أن الإيمان بضع وسبعون شعبة وأن الإيمان أركانه ستة أن نقول: الإيمان الذي هو العقيدة أصوله ستة وهي المذكورة في حديث جبريل عليه الصلاة والسلام حينما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان فقال: "الإيمان أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ورسله ، واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره"

 

وأما الإيمان الذي يشمل الأعمال وأنواعها وأجناسها فهو بضع وسبعون شبعة ولهذا سمى الله تعالى الصلاة إيماناً

 

 

 

 

 

وقد دل على وجوده تعالى: الفطرة ، والعقل ، والشرع والحس.

1- أما دلالة الفطرة على وجوده: فإن كل مخلوق قد فطر على الإيمان بخالقه من غير سبق تفكير أو تعليم ، ولا ينصرف عن مقتضى هذه الفطرة إلا من طرأ على قلبه ما يصرفه عنها لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " ما من مولود إلا يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه ، أو ينصرانه ، أو يمجسانه"

 

2- وأما دلالة العقل على وجود الله تعالى : فلأن هذه المخلوقات سابقها ولاحقها لابد لها من خالق أوجدها إذ لا يمكن أن توجد نفسها بنفسها ، ولا يمكن أن توجد صدقة.

لا يمكن أن توجد نفسها بنفسها لأن الشيء لا يخلق نفسه ، لأن قبل وجوده معدوم فكيف يكون خالقاً؟

ولا يمكن أن توجد صدفة ، لأن كل حادث لابد له من محدث ، ولأن وجودها على هذا النظام البديع، والتناسق المتآلف ، والإرتباط الملتحم بين الأسباب ومسبباتها ، وبين الكائنات بعضها مع بعض يمنع منعاً باتاً أن يكون وجودها صدفة ، إذ الموجود صدفة ليس على نظام في أصل وجوده فكيف يكون منتظماً حال بقائه وتطوره؟!

وإذا لم يمكن أن توجد هذه المخلوقات نفسها بنفسها ، ولا أن توجد صدفة تعين أن يكون لها موجد وهو الله رب العالمين.

وقد ذكر الله تعالى هذا الدليل العقلي والبرهان القطعي في سورة الطور ، حيث قال: } أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون { {سورة الطور، الآية: 35} يعني أنهم لم يخلقوا من غير خالق، ولا هم الذين خلقوا أنفسهم ، فتعين أن يكون خالقهم هو الله تبارك وتعالى، ولهذا لما سمع – جبير بن مطعم – رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة الطور فبلغ هذه الآيات:"أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون * أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون * أم عندهم خزائن ربك أم هم المصيطرون "{سورة الطور، الآيات: 35-37} وكان – جبير يؤمئذ مشركاً قال : "كاد قلبي أن يطير ، وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي" رواه – البخاري – مفرقاً .

ولنضرب مثلاً يوضح ذلك ، فإنه لو حدثك شخص عن قصير مشيد ، أحاطت به الحدائق، وجرت بينها الأنهار ، وملئ بالفرش والأسرة، وزين بأنواع الزينة من مقوماته ومكملاته ، وقال لك: إن هذا القصر وما فيه من كمال قد أوجد نفسه ، أو وجد هكذا صدفة بدون موجد ، لبادرت إلى إنكار ذلك وتكذيبه ، وعددت حديثه سفها من القول، أفيجوز بعد ذلك أن يكون هذا الكون الواسع بأرضه وسمائه ، وأفلاكه وأحواله، ونظامه البديع الباهر، قد أوجد نفسه، أو وجد صدفة بدون موجد ؟ !

 

3- وأما دلالة الشرع على وجود الله تعالى : فلأن الكتب السماوية كلها تنطق بذلك ، وما جاءت به من الأحكام المتضمنة لمصالح الخلق دليل على أنها من رب حكيم عليم بمصالح خلقه، وما جاءت به من الأخبار الكونية التي شهد الواقع بصدقها دليل على أنها من رب قادر على إيجاد ما أخبر به.

 

4- وأما أدلة الحس على وجود الله فمن وجهين:

 

أحدهما: أننا نسمع ونشاهد من إجابة الداعين ، وغوث المكروبين ، ما يدل دلالة قاطعة على وجوده تعالى ، قال الله تعالى: "ونوحاً إذ نادى من قبل فأستجبنا له "{سورة الأنبياء، الآية: 76} وقال تعالى: " إذ تستغيثون ربكم فأستجاب لكم " {سورة الأنفال ، الآية: 9} وفي صحيح البخاري عن – أنس بن مالك رضي الله عنه : "أن أعرابياً دخل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال: ( يا رسول الله) ، هلك المال ، وجاع العيال ، فادع الله لنا ، فرفع يديه ودعا فثار السحاب أمثال الجبال فلم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته. وفي الجمعة الثانية قام ذلك الأعرابي أو غيره فقال : ( يارسول الله) تهدم البناء وغرق المال، فادع الله لنا ، فرفع يديه وقال : "الله حوالينا ولا علينا" ، فما يشير إلى ناحية إلا أنفرجت".

وما زالت إجابة الداعين أمراً مشهوداً إلى يومنا هذا لمن صدق اللجوء إلى الله تعالى وأتى بشرائط الإجابة.

 

الوجه الثاني: أن آيات الأنبياء التي تسمى (المعجزات) ويشاهدها الناس ، أو يسمعون بها ، برهان قاطع على وجود مرسلهم ، وهو الله تعالى، لأنها أمور خارجة عن نطاق البشر ، يجريها الله تعالى تاييداً لرسله ونصراً لهم .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

أي بأنه وحده الرب لا شريك له ولا معين.

والرب : من له الخلق والملك ، والأمر ، فلا خالق إلا الله ، ولا مالك إلا هو ، ولا أمر إلا له، قال تعالى : "ألا له الخلق والأمر"{سورة الأعراف، الآية : 54}

وقال: "ذالكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير"{سورة فاطر، الآية: 13} .

 

ولم يعلم أن أحداً من الخلق أنكر ربوبية الله سبحانه، إلا أن يكون مكابراً غير معتقد بما يقول ، كما حصل من – فرعون – حين قال لقومه : " أنا ربكم الأعلى "{سورة النازعات ، الآية: 24} وقال: "يأيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري" {سورة القصص، الآية: 38}

لكن ذلك ليس عن عقيدة ، قال الله تعالى: " وجحدوا بها وأستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً "{سورة النمل، الآية: 14} .

ولهذا كان المشركون يقرون بربوبية الله تعالى ، مع إشراكهم به في الألوهية، قال الله تعالى : "قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون * سيقولون لله قل أفلا تذكرون * قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم * سيقولون لله قل أفلا تتقون * قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون * سيقولون لله قل فأنى تسحرون"

{سورة المؤمنون ، الآيات : 84-89}.

وقال الله تعالى: "ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم"{سورة الزخرف، الآية: 9} وقال: " ولئن سألتهم من خلقهن ليقولن الله فأنى يؤفكون{"{سورة الزخرف، الآية: 87}.

 

وأمر الرب سبحانه شامل للأمر الكوني والشرعي فكما أنه مدبر الكون القاضي فيه بما يريد حسب ما تقتضيه حكمته ، فهو كذلك الحاكم فيه بشرع العبادت وأحكام المعاملات حسبما تقتضيه حكمته ، فمن اتخذ مع الله تعالى مشرعاً في العبادات أو حاكماً في المعاملات فقد أشرك به ولم يحقق الإيمان.

 

 

 

أي ( بأنه وحده الإله الحق لا شريك له) و "الإله" بمعنى المألوه" أي "المعبود حياً وتعظيماً

وقال الله تعالى: "وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم "{سورة البقرة، الآية: 163}

وقال تعالى: " شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم "{سورة آل عمران، الآية: 18}.

 

وكل ما اتخذ إلها مع الله يعبد من دونه فألوهيته باطلة ، قال الله تعالى:" ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير "{سورة الحج ، الآية: 62} وتسميتها آلهة لا يعطيها حق الألوهية قال الله تعالى في اللات والعزى ومناة: "إن هي إلا اسماء سميتموها أنتم واباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان" {سورة النجم ، الآية: 23}

وقال عن يوسف أنه قال لصاحبي السجن: "أرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار * ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وءاباؤكم ما انزل الله بها من سلطان"{سورة يوسف، الآيتين: 39-40}

ولهذا كانت الرسل عليهم الصلاة والسلام يقولون لأقوامهم"أعبدوا الله ما لكم من إله غيره" ولكن أبى ذلك المشركون ، واتخذوا من دون الله آلهة ، يعبدونهم مع الله سبحانه وتعالى، ويستنصرون بهم ، ويستغيثون.

 

وقد أبطل الله تعالى اتخاذ المشركين هذه الآلهة ببرهانين عقليين:

الأول: أنه ليس في هذه الآلهة التي أتخذوها شيء من خصائص الألوهية ، فهي مخلوقة لا تخلق ، ولا تجلب نفعاً لعابديها ، ولا تدفع عنهم ضرراً ، ولا تملك لهم حياة ولا موتاً ، ولا يملكون شيئاً من السماوات ولا يشاركون فيه.

قال الله تعالى: "واتخذوا من دونه ءالهة لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً ولا يملكون موتاً ولا حياة ولا نشوراً"{سورة الفرقان، الآية: 3}.

وقال: " أيشركون ما لا يخلق شيئاً وهم يخلقون * ولا يستطيعون لهم نصراً ولا أنفسهم ينصرون " {سورة الأعراف، الآيتين: 191-192}.

وإذا كانت هذه حال تلك الآلهة، فإن اتخاذها آلهة من أسفه السفه ، وأبطل الباطل.

 

الثاني: أن هؤلاء المشركين كانوا يقرون بأن الله تعالى وحده الرب الخالق الذي بيده ملكوت كل شيء ، وهو يجير ولا يجار عليه ، وهذا يستلزم أن يوحوده بالألوهية كما قال تعالى :"يأيها الناس أعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون * الذي جعل لكم الأرض فراشاً والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون"{سورة البقرة ، الآيتين: 21-22} وقال : " قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون * فذلك الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون "{سورة يونس ، الآيتين: 31-32}.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

أي ( ما أثبته الله لنفسه في كتابه ، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات على الوجه اللائق به من غير تحريف ، ولا تعطيل ، ولا تكييف ، ولا تمثيل

قال الله تعالى :" ولله الأسماء الحسنى فأدعوه به وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون "{سورة الأعراف، الآية: 180}

وقال : " ليس كمثله شيء وهو السميع البصير"{سورة الشورى ، الآية: 11} .

 

وقد ضل في هذا الأمر طائفتان:

إحداهما : (المعطلة) الذين أنكروا الأسماء ، والصفات ، أو بعضها ، زاعمين أن إثباتها يستلزم التشبيه ، أي تشبيه الله تعالى بخلقه ، وهذا الزعم باطل لوجوه منها:

الأول : أنه يستلزم لوازم باطلة كالتناقض في كلام الله سبحانه ، وذلك أن الله تعالى أثبت لنفسه الأسماء والصفات، ونفى أن يكون كمثله شيء ، ولو كان إثباتها يستلزم التشبيه لزم التناقض في كلام الله ، وتكذيب بعضه بعضاً.

الثاني: أنه لا يلزم من أتفاق الشيئين في أسم أو صفة أن يكونا متماثلين، فأنت ترى الشخصين يتفقان في أن كلاً منهما إنسان سميع ، بصير ، متكلم ، ولا يلزم من ذلك أن يتماثلا في المعاني الإنسانية ، والسمع والبصر ، والكلام ، وترى الحيوانات لها أيد وأرجل ، وأعين ولا يلزم من أتفاقها هذا أن تكون أيديها وأرجلها ، وأعينها متماثلة .

فإذا ظهر التباين بين المخلوقات فيما تتفق فيه من أسماء ، أو صفات، فالتباين بين الخالق والمخلوق أبين وأعظم.

 

الطائفة الثانية: ( المشبهة) الذين أثبتوا الأسماء والصفات مع تشبيه الله تعالى بخلقه زاعمين أن هذا مقتضى دلالة النصوص ، لأن الله تعالى يخاطب العباد يفهمون وهذا الزعم باطل لوجوه منها:

الأول: أن مشابهة الله تعالى لخلقه أمر باطل ببطله العقل، والشرع ، ولا يمكن أن يكون مقتضى نصوص الكتاب والسنة أمراً باطلاً.

الثاني: أن الله تعالى خاطب العباد بما يفهمون من حيث أصل المعنى ، أما الحقيقة والكنه الذي عليه ذلك المعنى فهو مما استأثر الله تعالى بعلمه فيما يتعلق بذاته، وصفاته.

 

فإذا اثبت الله لنفسه أنه سميع ، فإن السمع معلوم من حيث أصل المعنى ( وهو إدراك الأصوات) لكن حقيقة ذلك بالنسبة إلى سمع الله تعالى غير معلومة ، لأن حقيقة السمع تتباين حتى في المخلوقات ، فالتباين فيها بين الخالق والمخلوق، أبين وأعظم.

 

وإذا أخبر الله تعالى عن نفسه أنه أستوى على عرشه فإن الإستواء من حيث أصل المعنى معلوم ، لكن حقيقة الإستواء التي هو عليه غير معلومة بالنسبة إلى استواء الله على عرشه فإن الإستواء تتباين في حق المخلوق، فليس الإستواء على كرسي مستقر كالإستواء على رحل بعير صعب نفور، فإذا تباينت في حق المخلوق ، فالتباين فيها بين الخالق والمخلوق أبين وأعظم.

 

والإيمان بالله تعالى على ما وصفنا يثمر للمؤمنين ثمرات جليلة منها:

الأولى: تحقيق توحيد الله تعالى بحيث لا يتعلق بغيره رجاء، ولا خوفاً ، ولا يعبد غيره.

الثانية: كمال محبة الله تعالى ، وتعظيمه بمقتضى أسمائه الحسنى وصفاته العليا.

الثالثة: تحقيق عبادته بفعل ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم

كنت غائبة عن الركن فترة أحسبها طويلة ، والآن عودتى مؤقتة ، وأعجبنى جداً المجهود المبذول فى ركنى الحبيب ، وأعجبنى منهج الدورة العلمية الحالية ، فوفقكن الله وجزاكِ خيراً مشرفتنا الغالية جداً ام سهيلة ، وأسأل الله أن يعينك ويثيبك خيراً آمييييين.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم

 

أم نوح كتبت :

 

 

 

كنت غائبة عن الركن فترة أحسبها طويلة ، والآن عودتى مؤقتة ، وأعجبنى جداً المجهود المبذول ، وأعجبنى منهج الدورة العلمية الحالية ، فوفقكن الله وجزاكِ خيراً مشرفتنا الغالية جداً ام سهيلة ، وأسأل الله أن يعينك ويثيبك خيراً آمييييين.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته

 

أختي الحبيبة الغالية ام نوح

عوداً حميداً

كم نتمنى أن تبقي معنا

يسر الله لكِ خيري الدنيا و الآخرة

 

أختي الحبيبة وافية

بارك الله فيكِ

مرورك أسعدني

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

عالم غيبي مخلوقون ، عابدون لله تعالى ، وليس لهم من خصائص الربوبية والألوهية شيء

خلقهم الله تعالى من نور ، ومنحهم الأنقياد التام لأمره، والقوة على تنفيذه. قال الله تعالى: "ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون * يسبحون الليل والنهار لا يفترون "{سورة الأنبياء، الآيتين: 19-20} .

 

وهم عدد كثير لا يحصيهم إلا الله تعالى، وقد ثبت في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه في قصة المعراج أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع له البيت المعمور في السماء يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لم يعودا إليه آخر ما عليهم

 

والإيمان بالملائكة يتضمن أربعة أمور:

الأول: الإيمان بوجودهم.

 

الثاني: الإيمان بمن علمنا اسمه منهم باسمه (كجبريل) ومن لم نعلم اسمه نؤمن بهم إجمالاً.

 

الثالث: الإيمان بما علمنا من صفاتهم، كصفة ( جبريل ) فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه رآه على صفته التي خلق عليها وله ستمائة جناح قد سد الأفق. وقد يتحول الملك بأمر الله تعالى إلى هيئة رجل ، كما حصل (لجبريل) حين أرسله تعالى إلى-مريم-فتمثل لها بشراً سوياً ، وحين جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في أصحابه جاءه بصفة لا يرى عليه أثر السفر ، ولا يعرفه أحد من الصحابة ، فجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه ، وسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام ، والإيمان والإحسان ، والساعة ، وأماراتها ، فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم فانطلق. ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : "هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم". رواه مسلم.

وكذلك الملائكة الذين أرسلهم الله تعالى إلى إبراهيم، ولوط كانوا في صورة رجال.

 

الرابع: الإيمان بما علمنا من أعمالهم التي يقومون بها بأمر الله تعالى، كتسبيحه، والتعبد له ليلاً ونهاراً بدون ملل ولا فتور.

وقد يكون لبعضهم أعمال خاصة.

مثل: جبريل الأمين على وحي الله تعالى يرسله به إلى الأنبياء والرسل.

ومثل: ميكائيل الموكل بالقطر أي بالمطر والنبات.

ومثل: إسرافيل الموكل بالنفخ في الصور عند قيام الساعة وبعث الخلق.

ومثل: ملك الموت الموكل بقبض الأرواح عند الموت.

ومثل: مالك الروح بالنار وهو خازن النار.

ومثل: الملائكة الموكلين بالأجنة في الأرحام إذا تم للإنسان أربعة أشهر في بطن امه ، بعث الله إليه ملكاً وأمره بكتب رزقه ، وأجله ، وعمله ، وشقي أم سعيد.

ومثل: الملائكة الموكلين بحفظ أعمال بني آدم وكتابتها لكل شخص ، ملكان : أحدهما عن اليمين، والثاني عن الشمال.

ومثل: الملائكة الموكلين بسؤال إذا وضع في قبره يأتيه ملكان يسألانه عن ربه، ودينه، ونبيه.

 

والإيمان بالملائكة يثمر ثمرات جليلة منها:

الأولى: العلم بعظمة الله تعالى، وقوته ، وسلطانه ، فإن عظمة المخلوق من عظمة الخالق.

الثانية: شكر الله تعالى على عنايته ببني آدم ، حيث وكل من هؤلاء الملائكة من يقوم بحفظهم ، وكتابة أعمالهم ، وغير ذلك من مصالحهم.

الثالثة: محبة الملائكة على ما قاموا به من عبادة الله تعالى.

 

 

وقد أنكر قوم من الزائغين كون الملائكة أجساماً ، وقالوا إنهم عبارة عن قوى الخير الكامنة في المخلوقات ، وهذا تكذيب لكتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع المسلمين.

قال الله تعالى : " الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلاً أولى أجنحة مثنى وثلاث ورباع " {سورة الفاطر ، الآية: 1} .

وقال: " ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا ايديهم أخرجوا أنفسكم "{سورة الأنعام ، الآية: 93}.

وقال في أهل الجنة :"والملائكة يدخلون عليهم من كل باب * سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار" {سورة الرعد، الآيتين: 23-24}.

وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أحب الله العبد نادى جبريل إن الله يحب فلاناً فأحبه، فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء، ، إن الله يحب فلانأ فأحبوه ، فيحبه أهل السماء ، ثم يوضع له القبول في الأرض". (1)

 

وهذه النصوص صريحة في أن الملائكة أجسام لا قوى معنوية ، كما قال الزائغون وعلى مقتضى هذه النصوص أجمع المسلمون.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وكتبه

 

الكتب: جمع ( كتاب ) بمعنى ( مكتوب ).

والمراد بها هنا : الكتب التي أنزلها تعالى على رسله رحمة للخلق ، وهداية لهم ، ليصلوا بها إلى سعادتهم في الدنيا والآخرة.

 

والإيمان بالكتب يتضمن أربعة أمور:

الأول: الإيمان بأن نزولها من عند الله حقاً.

 

الثاني: الإيمان بما علمنا اسمه منها باسمه كالقرآن الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، والتوراة التي أنزلت على موسى صلى الله عليه وسلم ، والإنجيل الذي أنزل على عيسى صلى الله عليه وسلم، والزبور الذي أوتيه داود صلى الله عليه وسلم وأما لم نعلم اسمه فتؤمن به إجمالاً.

 

الثالث: تصديق ما صح من أخبارها ، كأخبار القرآن ، وأخبار مالم يبدل أو يحرف من الكتب السابقة.

 

الرابع: العمل باحكام ما لم ينسخ منها ، والرضا والتسليم به سواء فهمنا حكمته أم لم نفهمها ، وجميع الكتب السابقة منسوخة بالقرآن العظيم قال الله تعالى : "وأنزلن إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه "{سورة المائدة، الآية: 48} أي ( حاكماً عليه ) وعلى هذا فلا يجوز العمل بأي حكم من أحكام الكتب السابقة إلا ما صح منها وأقره القرآن.

 

والإيمان بالكتب يثمر ثمرات جليلة منها:

الأولى: العلم بعناية الله تعالى بعباده حيث أنزل لكل قوم كتاباً يهديهم به.

الثانية: العلم بحكمة الله تعالى في شرعه حيث شرع لكل قوم ما يناسب أحوالهم. كما قال الله تعالى : " لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً "{سورة المائدة ، الآية: 48}.

 

002.GIF

 

 

الرسل : جمع (رسول) بمعنى (مرسل) أي مبعوث بإبلاغ شيء.

 

والمراد هنا: من أوحى إليه من البشر بشرع وأمر بتبليغه. {سورة المائدة، الآية:163}.

وفي صحيح البخاري عن-أنس بن مالك- رضي الله عنه في حديث الشفاعة أن النبي صلى الله عليه وسلم (ذكر أن الناس يأتون إلى آدم ليشفع لهم فيعتذر ، إليهم ويقول: ائتوا نوحاً رسول بعثه الله – وذكر تمام الحديث.

 

وقال الله تعالى في محمد صلى الله عليه وسلم " ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين" {سورة الأحزاب، الآية:40}.

 

ولم تخل أمة من رسول يبعثه الله تعالى بشريعة مستقلة إلى قومه ، أو نبي يوحى إليه بشريعة من قبله ليجددها ، قال الله تعالى: " ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن أعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت" {سورة النحل ، الآية: 36} وقال تعالى: "وإن من أمة إلا خلا فيها نذير"{سورة فاطر، الآية: 24}

 

والرسل بشر مخلوقون ليس لهم من خصائص الربوبية والألوهية شيء، قال الله تعالى عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وهو سيد المرسلين وأعظمهم جاهاً عند الله: "قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون" {سورة الأعراف، الآية: 188}.

وقال تعالى: " قل إني لا املك لكم ضراً ولا رشداً * قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحداً "{سورة الجن ، الآيتين: 21-22} .

 

وتلحقهم خصائص البشرية من المرض ، والموت ، والحاجة إلى الطعام والشراب، وغير ذلك ، قال الله الله تعالى عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام في وصفه لربه تعالى:"والذي هو يطعمني ويسقين * وإذا مرضت فهو يشفين * والذي يميتني ثم يحيين " {سورة الشعراء، الآيات79-81} .

 

وقد وصفهم الله تعالى بالعبودية له في أعلى مقاماتهم ، وفي سياق الثناء عليهم فقال تعالى في نوح صلى الله عليه وسلم : "إنه كان عبداً شكورا"{سورة الإسراء، الآية:3} وقال في محمد صلى الله عليه وسلم : " تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً"{سورة الفرقان الآية: 1}.

وقال في إبراهيم ، وإسحاق ويعقوب صلى الله عليهم وسلم : "واذكر عبدنا إبراهيم وإسحق ويعقوب أولى في الأيدى والأبصار * إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار * وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار "{سورة ص، الآيات: 45-47}. وقال في عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم : } إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلاً لبني إسرائيل"{سورة الزخرف، ، الآية: 59} .

 

والإيمان بالرسل يتضمن أربعة أمور:

الأول: الإيمان بأن رسالتهم حق من الله تعالى، فمن كفر برسالة واحد منهم فقد كفر بالجميع . كما قال الله تعالى: " كذبت قوم نوح المرسلين"{سورة الشعراء، الآية: 105} فجعلهم الله مكذبين لجميع الرسل مع أنه لم يكن رسول غيره حين كذبوه ، وعلى هذا فالنصارى الذين كذبوا محمداً صلى الله عليه وسلم ولم يتبعوه هم مكذبون للمسيح بن مريم غير متبعين له أيضاً ، لا سيما وأنه قد بشرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم ولا معنى لبشارتهم به إلا أنه رسول إليهم ينقذهم الله به من الضلالة ، ويهديهم إلى صراط مستقيم.

 

الثاني: الإيمان بمن علمنا اسمه منهم باسمه مثل: محمد وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ونوح عليهم الصلاة والسلام ، وهؤلاء الخمسة هم أولو العزم من الرسل ، وقد ذكرهم الله تعالى في موضعين من القرآن في سورة الأحزاب في قوله:" ولقد أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى أبن مريم"{سورة الأحزاب، الآية: 7}. وفي سورة الشورى في قوله " * شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه"{ سورة الشورى، الآية: 13}.

وأما من لم نعلم أسمه منهم فنؤمن به إجمالاً قال الله تعالى: "ولقد أرسلنا رسلاً منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك"{سورة غافر، الآية: 78}.

 

الثالث: تصديق ما صح عنهم من أخبارهم.

الرابع: العمل بشريعة من أرسل إلينا منهم، وهو خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم المرسل إلى جميع الناس قال الله تعالى: } فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليماً{ {سورة النساء، الآية: 65}.

 

وللإيمان بالرسل ثمران جليلة منها:

الأولى: العلم برحمه الله تعالى وعنايته بعباده حيث أرسل إليهم الرسل ليهدوهم إلى صراط الله تعالى ، ويبينوا لهم كيف يعبدون الله ، لأن العقل البشري لا يستقل بمعرفة ذلك.

 

الثانية: شكره تعالى على هذه النعمة الكبرى.

الثالثة: محبة الرسل عليهم الصلاة والسلام وتعظيمهم، والثناء عليهم بما يليق بهم، لأنهم رسل الله تعالى، ولأنهم قاموا بعبادته ، وتبليغ رسالته ، والنصح لعباده.

وقد كذب المعاندون رسلهم زاعمين أن رسل الله تعالى لا يكونون من البشر وقد ذكر الله تعالى هذا الزعم وأبطله بقوله "وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشراً رسولاً * قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكاً رسولاً"{سورة الإسراء، الآيتين: 94-95} فأبطل الله تعالى هذا الزعم بأنه لا بد أن يكون الرسول بشراً لأنه مرسل إلى أهل الأرض، وهم بشر ، ولو كان أهل الأرض ملائكة لنزل الله عليهم من السماء ملكاً رسولاً ، ليكون مثلهم ،

وهكذا حكى الله تعالى عن المكذبين للرسل أنهم قالوا: "إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد ءاباؤنا فأتونا بسلطان مبين * قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله"{سورة إبراهيم، الآيتين: 10-11}.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم اخواتي الكريمات كنت غائبة اختي ام سهيلة وفاتتني 3صفحات فارجو الله ان اتدارك وان اسير مع الركب ان شاء الله وجازاك المولى عزوجل على ما تقدمينه وان شاء الله ارجو ان يجعله في ميزان حسناتك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

واليوم الآخر

 

يوم القيامة الذي يبعث الناس فيه للحساب والجزاء . وسمي بذلك لأنه لا يوم بعده ، حيث يستقر أهل الجنة في منازهم ، وأهل النار في منازلهم.

 

والإيمان باليوم الآخر يتضمن ثلاثة أمور:

 

الأول: الإيمان بالبعث : وهو إحياء الموتى حين ينفخ في الصور النفخة الثانية، فيقوم الناس لرب العالمين ، حفاة غير منتعلين ، عراة غير مستترين ، غر لا غير مختتنين ، قال الله تعالى: "كما بدأنا أول خلق نعيد وعداً علينا إنا كنا فاعلين"{سورة الأنبياء، الآية: 104}.

 

والبعث : حق ثابت دل عليه الكتاب ، والسنة ، وإجماع المسلمين .

_ قال الله تعالى: " ثم إنكم بعد ذلك لميتون * ثم إنكم يوم القيامة تبعثون "{سورة المؤمنون، الآيتين: 15-16}.

_وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " يحشر الناس يوم القيامة غرلاً متفق عليه .

_وأجمع المسلمون على ثبوته ، وهو مقتضى الحكمة حيث تقتضي أن يجعل الله تعالى لهذه الخليقة معاداً يجازيهم فيه على ما كلفهم به على ألسنة رسله قال الله تعالى : " أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وانكم إلينا لا ترجعون "{سورة المؤمنون، الآية: 115} وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم : "إن الذي فرض عليك القرءان لرادك إلى معاد "{سورة القصص، الآية: 85}.

 

الثاني: الإيمان بالحساب والجزاء: يحاسب العبد على عمله ، ويجازى عليه ، وقد دل على ذلك الكتاب ، والسنة ، وإجماع المسلمين

_ قال الله تعالى: "إن إلينا إيابهم * ثم إن علينا حسابهم " {سورة الغاشية، الآيتين : 25-26} وقال: " ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً وإنك كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين " {سورة الأنبياء ، الآية: 47}.

_وعن ابن عمر رضي الله عنهما-أن النبي صلى الله عليه وسلم –قال: "إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره ، فيقول : أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم أي رب حتى إذا قرره بذنوبه، ورأى أنه قد هلك قال: قد سترتها عليك في الدنيا ، وأنا أغفرها لك اليوم، فيعطى كتاب حسناته، وأما الكفار والمنافقون فينادى بهم على رؤوس الخلائق هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ، ألا لعنة الله على الظالمين". متفق عليه.

_وقد أجمع المسلمون على إثبات الحساب والجزاء على الأعمال ، وهو مقتضى الحكمة فإن الله تعالى أنزل الكتب، وأرسل الرسل ، وفرض على العباد قبول ما جاءوا به ، والعمل بما يجب العمل به منه، وأوجب قتال المعارضين له وأحل دماءهم ، وذرياتهم ، ونسائهم ، وأموالهم. فلو لم يكن حساب، ولا جزاء لكان هذا من العبث الذي ينزه الرب الحكيم عنه، وقد أشار الله تعالى إلى ذلك بقوله :" فلنسئلن الذين أرسل إليهم ولنسئلن المرسلين * فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين عليهم بعلم وما كنا غائبين " {سورة الأعراف، الآيتين: 6-7} .

 

الثالث: الإيمان بالجنة والنار، وأنهما المال الأبدي للخلق

فالجنة دار النعيم التي أعدها الله تعالى للمؤمنين المتقين ، الذين آمنوا بما أوجب الله عليهم الإيمان به، وقاموا بطاعة الله ورسوله ، مخلصين لله متبعين لرسوله . فيها من أنواع النعيم مالا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر" . قال الله تعالى : "إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية * جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تدري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضى الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشى ربه " {سورة البينة، الآيتين: 7-8}.

وقال تعالى :" فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون "{سورة السجدة ، الآية: 17}.

وأما النار فهي دار العذاب التي أعدها الله تعالى للكافرين الظالمين ، الذين كفروا به وعصوا رسله ، فيها من أنواع العذاب والنكال مالا يخطر على البال قال الله تعالى: " واتقوا النار التي أعدت للكافرين " وقال : " إنا أعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوى الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقاً "{سورة الكهف، الآية: 29}

 

 

ويلتحق بالإيمان باليوم الآخر : الإيمان بكل ما يكون بعد الموت مثل:

(أ‌) فتنة القبر: وهي سؤال الميت بعد دفنه عن ربه، ودينه، ونبيه، فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت ، فيقول: ربي الله، وديني الإسلام، ونبي محمد صلى الله عليه وسلم. ويضل الله الظالمين فيقول الكافر هاه ، هاه ، لا أدري . ويقول المنافق أو المرتاب لا أدري سمعت الناس لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته.

(ب‌) عذاب القبر ونعيمه: فيكون العذاب للظالمين من المنافقين والكافرين قال الله تعالى : "ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن ءايته تستكبرون "{سورة الأنعام ، الآية: 23}.

وقال تعال في آل عمران -: " النار يعرضون عليها عدوا وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا ال فرعون أشد العذاب "{سورة غافر، الآية: 44} .

وفي صحيح مسلم من حديث زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه، ثم أقبل بوجهه فقال: تعوذوا بالله من عذاب النار. قالوا: نعوذ بالله من عذاب النار. فقال: تعوذوا بالله من عذاب القربر. قالوا. قالوا: نعوذ بالله من عذاب القبر. قال: تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن. قال: تعوذوا بالله من فتنة الدجال. قالوا: نعوذ بالله من فتنة الدجال، قالوا : نعوذ بالله من فتنة الدجال .

 

وأما نعيم القبر فللمؤمنين الصادقين قال الله تعالى: " إن الذين قالوا ربنا الله ثم أستقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون"{سورة فصلت، الآية: 41}.

وعن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المؤمن إذا أجاب الملكين في قبره مد بصره"رواه أحمد أبو داود في حديث طويل.

 

وللإيمان باليوم الآخر ثمرات جليلة منها:

الأولى: الرغبة في فعل الطاعة والحرص عليها رجاء لثواب ذلك اليوم.

الثانية: الرهبة عند فعل المعصية والرضى بها خوفاً من عقاب ذلك اليوم.

الثالثة: تسلية المؤمن عما يفوته من الدنيا بما يرجوه من نعيم الآخرة وثوابها.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

وقد أنكر الكافرون البعث بعد الموت زاعمين أن ذلك غير ممكن.

وهذا الزعم باطل دل على بطلانه الشرع ، والحس ، والعقل .

 

أما الشرع : فقد قال الله تعالى: "زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير "{سورة التغابن، الآية: 7} وقد اتفقت جميع الكتب السماوية عليه.

 

وأما الحس : فقد أرى الله عباده إحياء الموتى في هذه الدنيا ، وفي سورة البقرة خمسة أمثلة على ذلك وهي:

المثال الأول: قوم موسى حين قالوا له: " لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة"{سورة البقرة، الآية: 55} فأماتهم الله تعالى، ثم أحياهم وفي ذلك يقول الله تعالى مخاطباً بني إسرائيل : "وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون * ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون" {سورة البقرة، الآيتين : 55، 56}.

المثال الثاني في قصة القتيل الذي أختصم فيه بنو إسرائيل ، فأمرهم الله تعالى أن يذبحوا بقرة فيضربوه ببعضها ليخبرهم بمن قتله ، وفي ذلك يقول الله تعالى: "وإذ قتلتم نفساً فادارءتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون * فقلنا أضربوه ببعضها كذلك يحي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون " {سورة البقرن ، الآيتين: 72-73}.

المثال الثالث: في قصة القوم الذين خرجوا من ديارهم فراراً من الموت وهم ألوف فأماتهم الله تعالى ، ثم أحياهم وفي ذلك يقول الله تعالى: " ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون " {سورة البقرة، الآية: 243}.

المثال الرابع: في قصة الذي مر على قرية ميتة فاستبعد أن يحييها الله تعالى، فأماته الله تعالى مئة سنة ، ثم أحياه وفي ذلك يقول الله تعالى: "أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحى هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فأنظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وأنظر إلى جمارك ولنجعلك آية للناس وأنظر إلى العظام كيف ننشرها ثم نكسوها لحماً فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير"{سورة البقرة، الآية: 259}.

المثال الخامس: في قصة إبراهيم الخليل حين سأل الله تعالى أن يريه كيف يحيى الموتى ؟ فأمره الله تعالى أن يذبح أربعة من الطير ، ويفرقهن أجزاء على الجبال التي حوله ، ثم يناديهن فتلتئم الأجزاء بعضها إلى بعض ، ويأتين إلى إبراهيم سعياً، وفي ذلك يقول الله تعالى: "وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم أجعل على كل جبل منهن جزء ثم أدعهن يأتينك سعياً وأعلم أن الله عزيز حكيم" {سورة البقرة، الآية: 260}.

 

فهذه أمثلة حسية واقعية تدل على إمكانية إحياء الموتى، وقد سبقت الإشارة إلى ما جعله الله تعالى من آيات عيسى ابن مريم من إحياء الموتى وإخراجهم من قبورهم بإذن الله تعالى.

 

وأما دلالة العقل فمن وجهين:

أحدهما : أن الله تعالى فاطر السماوات والأرض وما فيهما ، خالقهما ابتداء ، والقادر على ابتداء الخلق لا يعجز عن إعادته ، قال الله تعالى: "وهو الذي يبدؤ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه"{سورة الروم، الآية: 27} وقال تعالى : "كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين"{سورة الأنبياء، الآية: 104}. وقال آمرا بالرد على من أنكر إحياء العظام وهي رميم: } قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم{ {سورة يس، الآية: 79}.

 

الثاني: أن الأرض تكون ميتة هامدة ليس فيها شجرة خضراء، فينزل عليها المطر فتهتز خضراء حية فيها من كل زوج بهيج، والقادر على إحيائها بعد موتها ، قادر على إحياء الموتى . قال الله تعالى" ومن آيته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء أهتزت وربت إن الذي أحياها لمحيى الموتى إنه على كل شيء قدير"{سورة فصلت، الآية: 39} وقال تعالى: " ونزلنا من السماء ماء مباركاً فأنبتنا به جنات وحب الحصيد * والنخل باسقات لها طلع نضيد * رزقاً للعباد وأوحيينا به بلدة ميتاً كذلك الخروج"{سورة ق، الآيات: 9-11}.

 

وقد ضل قوم من أهل الزيغ فأنكروا عذاب القبر، ونعيمه ، زاعمين أن ذلك غير ممكن لمخالفة الواقع، قالوا فإنه لو كشف عن الميت في قبره لوجد كما كان عليه، والقبر لم يتغير بسعة ولا ضيق.

 

وهذا الزعم باطل بالشرع ، والحس ، والعقل:

أما الشرع: فقد سبقت النصوص الدالة على ثبوت عذاب القبر ،

 

مما يلتحق بالإيمان باليوم الآخر. وفي صحيح البخاري – من حديث – ابن عباس رضي الله عنهما قال: "خرج النبي صلى الله عليه وسلم من بعض حيطان المدينة ، فسمع صوت إنسانين يعذبان في قبورهما" وذكر الحديث ، وفيه : "أن أحدهما كان لا يستتر من البول" وفي –رواية – " من (بوله) وأن الآخر كان يمشي بالنميمة".

وأما الحس: فإن النائم يرى في منامه أنه كان في مكان فسيح بهيج يتنعم فيه، أو أنه كان في مكان ضيق موحش يتألم منه، وربما يستيقظ أحياناً مما رأى ، ومع ذلك فهو على فراشه في حجرته على ما هو عليه ، والنوم أخو الموت ولهذا سماه الله تعالى " وفاة " قال الله تعالى: " الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى"{سورة الزمر، الآية: 42}.

 

وأما العقل : فإن النائم في منامه يرى الرؤيا الحق المطابقة للمواقع ، وربما رأى النبي صلى الله عليه وسلم على صفته، ومن رآه على صفته فقد رآه حقاً ومع ذلك فالنائم في حجرته على فراشه بعيداً عما رأى، فإن كان هذا ممكناً في أحوال الدنيا ، أفلا يكون ممكناً في أحوال الآخرة ؟!

 

وأما إعتمادهم فيما زعموه على أنه لو كشف عن الميت في قبره لوجد كما كان عليه ، والقبر لم يتغير بسعة ولا ضيق ، فجوابه من وجوه منها:

الأولى: أنه لا تجوز معارضة ما جاء به الشرع بمثل هذه الشبهات الداحضة التي لو تأمل المعارض بها ما جاء به الشرع حق التأمل لعلم بطلان هذه الشبهات وقد قيل:

وكم من عائب قولاً صحيحاً وآفته من الفهم السقيم

 

الثاني: أن أحوال البرزخ من أمور الغيب التي لا يدركها الحس، ولو كانت تدرك بالحس لفاتت فائدة الإيمان بالغيب، ولتساوى المؤمنون بالغيب، والجاحدون في التصديق بها.

 

الثالث: أن العذاب والنعيم وسعة القبر وضيقه إنما يدركها الميت دون غيره، وهذا كما يرى النائم في منامه أنه في مكان ضيق موحش، أو في مكان واسع بهيج، وهو بالنسبة لغيره لم يتغير منامه هو في حجرته وهو بين أصحابه فيسمع الوحي، ولا يسمعه الصحابة ، وربما يتمثل له الملك رجلاً فيكلمه والصحابة لا يرون الملك، ولا يسمعونه.

 

الرابع: أن إدراك الخلق محدود بما مكنهم الله تعالى من إدراكه ولا يمكن أن يدركوا كل موجود، فالسماوات السبع والأرض ومن فيهن، وكل شيء يسبح بحمد الله تسبيحاً حقيقياً يسمعه الله تعالى من شاء من خلقه أحياناً. ومع ذلك هو محجوب عنا، وفي ذلك يقول الله تعالى:" تسبح له السماوات والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم "{سورة الإسراء، الآية: 44} وهكذا الشياطين، والجن، يسعون في الأرض ذهاباً وإياباً، وقد حضرت الجن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم واستمتعوا لقراءته وأنصتوا وولوا إلى قومهم منذرين. ومع هذا فهم محجوبون عنا وفي ذلك يقول الله تعالى: " يا بني أدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سؤاتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونه إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون " {سورة الأعراف، الآية: 27} وإذا كان الخلق لا يدركون كل موجود ، فإنه لا يجوز أن ينكروا ما ثبت من أمور الغيب ، ولم يدركوه.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وتؤمن بالقدر خيره وشره

والدليل على هذه الأركان الستة قوله تعالى: "* ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من ءامن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين "{سورة البقرة، الآية: 177} ودليل القدر قوله تعالى: "إنا كل شيء خلقناه بقدر "{سورة القمر، الآية: 49}

 

بفتح الدال: "تقدير الله تعالى للكائنات ، حسبما سبق علمه ، وأقتضته حكمته" .

 

والإيمان بالقدر يتضمن أربعة أمور:

 

الأول: الإيمان بأن الله تعالى علم بكل شيء جملة وتفصيلاً ، أزلاً وأبداً ، سواء كان ذلك مما يتعلق بأفعاله أو بأفعال عباده.

 

الثاني: الإيمان بأن الله كتب ذلك في اللوح المحفوظ ، وفي هذين الأمرين يقول الله تعالى : "ألم تعلم أن الله يعلم ملا في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير "{سورة الحج، الآية: 170}.

وفي صحيح مسلم- عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم " كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة".

 

الثالث: الإيمان بأن جميع الكائنات لا تكون إلا بمشيئة الله تعالى، سواء كانت مما يتعلق بفعله أم مما يتعلق بفعله أم مما يتعلق بفعل المخلوقين .

قال الله تعالى فيما يتعلق بفعله : "وربك يخلق ما يشاء ويختار "{سورة القصص، الآية: 86}، وقال : "ويفعل الله ما يشاء "{سورة إبراهيم ، الآية: 27}

وقال تعالى فيما يتعلق بفعل المخلوقين: " ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم "{سورة النساء ، الآية: 90} وقال:"ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون"{سورة الأنعام، الآية: 112}.

 

الرابع: الإيمان بأن جميع الكائنات مخلوقة لله تعالى بذواتها ، وصفاتها ، وحركاتها ، قال الله تعالى: "الله خلق كل شيء وهو على كل شيء وكيل " {سورة الزمر ، الآية: 12} وقال: " وخلق كل شيء فقدره تقديراً "{سورة الفرقان، الآية: 2}. وقال عن نبي الله إبراهيم صلى الله عليه وسلم أنه قال لقومه: } والله خلقكم وما تعلمون{ {سورة الصافات، الآية: 96}.

 

والإيمان بالقدر على ما وصفنا لا ينافي أن يكون للعبد مشيئة في أفعاله الإختيارية وقدرة عليها ، لأن الشرع والواقع دالان على إثبات ذلك له.

 

أما الشرع : فقد قال الله تعالى في المشيئة:" فمن شاء أتخذ إلى ربه مئاباً "{سورة النبأ، الآية: 39} وقال في القدرة: "فاتقوا الله ما أستطعتم واسمعوا وأطيعوا " {سورة التغابن، الآية: 16} وقال:" لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما أكتسبت "{سورة البقرة، الآية: 286}.

وأما الواقع: فإن كل إنسان يعلم أن له مشيئة وقدرة بهما يفعل وبهما يترك، ويفرق بين ما يقع: بإرادته كالمشيء وما يقع بغير إرادته كالإرتعاش، لكن مشيئة العبد وقدرته واقعتان بمشيئة الله تعالى ، وقدرته لقول الله تعالى: "لمن شاء منكم أن يستقيم * وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين " {سورة التكوير، الآيتين: 28-29} ولأن الكون كله ملك لله تعالى فلا يكون في ملكه شيء بدون علمه ومشيئته.

 

والإيمان بالقدر على ما وصفنا لا يمنح العبد حجة على ما ترك من الواجبات أو فعل من المعاصي ، وعلى هذا فاحتجاجه به باطل من وجوه :

الأول: قوله تعالى: "سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا ءاباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون"{سورة الأنعام ، الآية: 148} ولو كان لهم حجة بالقدر ما أذاقهم الله بأسه.

الثاني: قوله تعالى: "رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزاً حكيماً "{سورة النساء، الآية: 165}ولو كان القدر حجة للمخالفين لم تنتف بإرسال الرسل ، لأن المخالفة بعد إرسالهم واقعة بقدر الله تعالى.

الثالث: ما رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما منكم من أحد إلا قد كتب مقعده من النار أو الجنة. فقال رجل من القوم : ألا نتكل يارسول الله ؟ قال لا أعملوا فكل ميسر ، ثم قرأ "فأما من أعطى وأتقى " الآية. وفي لفظ لمسلم : "فكل ميسر لما خلق له" فأرم النبي صلى الله عليه وسلم بالعمل ونهى عن الإتكال على القدر.

الرابع: أن الله تعالى أمر العبد ونهاه ، ولم يكلفه إلا ما يستطيع، قال الله تعالى:"فاتقوا الله ما أستطعتم "{سورة التغابن، الآية: 16} وقال:"لا يكلف الله نفساً إلا وسعها "{سورة البقرة، الآية: 286} ولو كان العبد مجبراً على الفعل لكان مكلفاً بما لا يستطيع الخلاص منه، وهذا باطل ولذلك إذا وقعت منه المعصية بجهل، أو نسيان ، أو إكراه فلا إثم أو إكراه ، فلا إثم عليه لأنه معذور.

الخامس: ان قدر الله تعالى سر مكتوم لا يعلم به إلا بعد وقوع المقدور، وإرادة العبد لما يفعله سابقة على فعله فتكون إرادته الفعل غير مبنية على علم منه بقدر الله ، وحينئذ تنفى حجته إذ لا حجة للمرء فيما لا يعلمه.

السادس: أننا نرى الإنسان يحرص على ما يلائمه ثم يحتج على عدوله بالقدر ، فلماذا يعدل عما ينفعه في أمور دينه إلى ما يضره ثم يحتج بالقدر؟‍ أفليس شأن الأمرين واحداً؟

وإليك مثالاً يوضح ذلك: لو كان بين يدي الإنسان طريقان أحدهما ينتهى به إلى بلد كلها نظام، وأمن مستتب، وعيش رغيد، واحترام للنفوس والأعراض والأموال، فأي الطريقين يسلك؟ إنه سيسلك الطريق الثاني الذي ينتهي به إلى بلد النظام والأمن، ولا يمكن لأي عاقل أبداً أن يسلك طريق بلد الفوضى، والخوف، ويحتج بالقدر ، فلماذا يسلك في أمر الآخرة طريق النار دون الجنة ويحتج بالقدر؟

مثال آخر: نرى المريض يؤمر بالدواء فيشربه ونفسه لا تشتهيه، وينهي عن الطعام الذي يضره فيتركه ونفسه تشتهيه، كل ذلك طلباً للشفاء والسلامة، ولا يمكن أن يمتنع عن شرب الدواء أو يأكل الطعام الذي يضره ويحتج بالقدر فلماذا يترك الإنسان ما أمر الله ورسوله، أو يفعل ما نهى الله ورسوله ثم يحتج بالقدر؟

السابع : أن المحتج بالقدر على ما تركه من الواجبات أو فعله من المعاصي ، لو أعتدى عليه شخص فأخذ ماله أو أنتهك حرمته ثم أحتج بالقدر، وقال: لا تلمني فإن اعتدائي كان بقدر الله، لم يقبل حجته. فكيف لا يقبل الإحتجاج بالقدر في اعتداء غيره عليه، ويحتج به لنفسه في إعتدائه على حق الله تعالى؟

ويذكر أن– أمير المؤمنين – عمر بن الخطاب رضي الله عنه رفع إليه سارق استحق القطع، فأمر بقطع يده فقال: مهلاً يا أمير المؤمنين ، فإنما سرقت بقدر الله. فقال: ونحن إنما نقطع بقدر الله.

 

وللإيمان بالقدر ثمرات جليلة منها:

الأولى: الاعتماد على الله تعالى، عند فعل الأسباب بحيث لا يعتمد على السبب نفسه لأن كل شيء بقدر الله تعالى.

الثانية: أن لا يعجب المرء بنفسه عند حصول مراده، لأن حصوله نعمة من الله تعالى ، بما قدره من أسباب الخير، والنجاح ، وأعجابه بنفسه ينسيه شكر هذه النعمة.

الثالثة: الطمأنينة ، والراحة النفسية بما يجرى عليه من أقدار الله تعالى فلا يقلق بفوات محبوب، أو حصول مكروه، لأن ذلك بقدر الله الذي له ملك السماوات والأرض، وهو كائن لا محالة وفي ذلك يقول الله تعالى: "ما اصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير * لكيلا تاسوا على ما فتكم ولا تفرحوا بما ءاتاكم والله لا يحب كل مختال فخور "{سورة الحديد، الآيتين : 22-23} و يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن اصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له" رواه مسلم.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×