اذهبي الى المحتوى
خطابية

إلى طـــه

المشاركات التي تم ترشيحها

حبيبي طه..

 

منذ سنة تماماً غادرتَني يا ولدي لتعيش مع والدك في بيت جدك.

أتدري ماذا حل بي منذ ذلك الوقت وحتى اليوم؟

الكثير الكثير عانيت منه، وآسيت العديد من الأمور في غيابك، وواجهت الصعوبات الجمة في سبيل رؤيتك من بعيد، وتعرضت للمذلة وخضت المواجهات التي يمكنني أن أسميها شرسة، حين كنت أريد أن أتحدث إليك لمدة خمس دقائق فقط ، أو أن أضمك لحظة إلى صدري، وأين؟ في الشارع، وكأنني غريبة عنك وكأنه لا يوجد مكان بإمكانه أن يضمنا لبعض الوقت بدل التعرض لنظرات الناس.

منذ ذلك الوقت، هل تذكر؟. لم أستطع رؤيتك إلا خمس مرات، ولم أتمكن من التحدث إليك سوى مرتين داخل حرم المدرسة، كان آخرها لمدة عشر دقائق قبل يومين من عيد الأضحى المبارك في شتاء العام 2007.

 

يجب أن تعلم أنه لا يمكنني مهاتفك، فلا يسمح لي بذلك وإن فعلت يقال لي كلام كبير أتحمله لأجلك.

ويجب أن تعلم أيضاً أن بعض العاملين في المدرسة تعرضوا إلى المساءلة والمشاكل بسببي أو على الأقل أصابهم "سم البدن"، وفي كل مرة أدخل فيها المدرسة هناك صراخ ونبرة عالية في الكلام وتخويف من أنه سيتم استدعاء الشرطة لتقوم بإحتجازي، وإن هذا الأمر قد حصل بالفعل مرتين.

منذ أن غادرتني وأنا أنتظر رؤيتك مجدداً ودائماً، لا أفقد الأمل في ذلك أبداً، ولا يضعف إيماني بالله وقدرته على نصرة الحق وتغليبه. حقك في بنوتك لي، وفي أن تراني وأن أكون قريبة منك في يوميات نشأتك ونموك النفسي الصحي والمتوازن، وحقي أنا في أمومتي التي كرًّم الله بها الأم ورفعها درجات على لسان رسوله الحبيب، ولكن على من تقرأ مزاميرك يا داوود.

 

إنني أسألهم - هم- :هل تعملون بهذا، هل تقتدون به؟ وهل هو دستور حياتكم؟.

منذ أن غادرتني:

لا أستطيع رؤية سريرك فارغاً في الليل.

لا أستطيع فتح صندوق ألعابك الممتلئ بخربشاتك وفوضاك الطفولية البريئة.

لا أستطيع النظر إلى حوض الأسماك الذي حفرنا له سوياً في حديقة بيت جدتك، أتذكر لقد ماتت السمكات لأنك لم تعد ترعاها وتغير لها المياه كلما أسِنت، أترى حتى السمكات حزنت لفراقك. والحديقة كذلك، أحس كلما خرجت إليها أنها جرداء يابسة لا حياة فيها بدون صراخك ولعبك بخرطوم ومسدسات المياه. والقطط في الحديقة لم تعد تركض وراء الخيوط التي كنت تقضي الساعات في ملاعبتها.

 

لا أستطيع النظر إلى خزانتك الملأى بالثياب الجديدة التي لم تلبسها بعد ، إشتريتها لك بمناسبة عيد الفطر المبارك(2007)، والثياب الشتوية هي الأخرى، إشتريتها بمناسبة عيد الأضحى، إنتظرتك في هاتين المناسبتين الكريمتين الفضيلتين ولم تلبس ثيابك لأنني لم أستطع رؤيتك.

 

وبعدها أتى يوم عيد ميلادك في 26 آذار،على أمل اللقاء، إشتريت الهدية قبل أيام طويلة ومعها بالون أحمر، ولم أستطع رؤيتك مع أنني طلبت إليهم ذلك.

فذهبت إلى استديو التصوير، وصاحبه رجل غريب، لا يعرفني ولا يعرفك، كنت قد إلتقطت صورة لك عنده، طلبت إليه وضع الصورة مكبرةً في الواجهة كهدية مني إليك بهذه المناسبة، فقبل ورحب مسروراً بالفكرة معتبراً أنها "فكرة مهضومة" وهو لا يعرف القصة، ولكني لم أستطع رؤيتك أيضاً. والصورة ما زالت رمزاً في الواجهة.

عندما غادرتني قصدت النجار في الحي، طالبة إليه أن يصنع لي رفاً خشبياً بطول مترين علَّقته فوق سريري، ووضعت عليه ما يقارب المئة صورة لك في مختلف مراحل عمرك منذ ولادتك وحتى آخر صورة إلتقطتها.

ولكنني لا أكتفي بالصور أريد الأصل عنها.

وحتى الآن لم أستطع رؤيتك.

حبيبي ماما، خلال هذه المدة – السنة- توسطت بالكثير من المعارف والأقارب والأصدقاء لدى الطرف الآخر لمحاولة الحصول على وعد بتمكيني من رؤيتك، والحصيلة كانت الرفض، أو التظاهر بالقبول، أو وضع الشروط التي لا علاقة لها بالطلب الذي أجاهد في تحقيقه.

 

وحتى اليوم لم أتمكن من رؤيتك.

اليوم ومنذ ما يقارب الشهرين لم أتمكن من رؤيتك ولم ألمحك حتى عن بعد. لكن عزائي أنني أراك كل ليلة في منامي أضمك وأشمك وأبلِّغك مدى شوقي وخوفي عليك واشتياقي إليك دون رقيب ولا من يتنصت.

أتساءل: إذا كانت هذه حالي أنا، فكيف تمضي أيامك أنت بعيداً عني وكيف تتحمل حرمانك مني؟، أنت الطفل البريء الذي تعرف تماماً أنني أسكن قريباً منك مسافة لا تتعدى عشر دقائق بالسيارة.

 

إياك أن تعتقد أنني لم ألجأ إلى المحكمة للمطالبة بحقي الشرعي في أمومتي وبحقك أنت عليَّ في بنوتك لي. ولكن النتيجة كانت خسارتي لحكم بدائي بأن تزورني مرة واحدة يوم الأحد من كل أسبوع حيث تم فسخ هذا الحكم بحكم إستئنافي.

وحتى الآن لم أستطع أن أراك أو أن أضمك إلى صدري.

 

هل تدري؟، إنني أموت كل يوم مئة مرة ومرة، بل ملايين المرات كل يوم، ولم أستطع من رؤيتك حتى اليوم.

لا أنفك أفكر بك على مدى اللحظات والثواني، وأسترجع كل تفاصيلك الرائعة شكلاً ومضموناً في كل لحظة. البيت من دونك، أحسه قبراً مظلماً لا تملؤه بضحكاتك الصبيانية. وأتذكر ما تحب وما لا تحب، أتذكر أغنية مقدمة ذلك المسلسل الذي كنا نواظب على متابعته سوياً. أتذكر أغنية المقدمة وكلماتها كنت تحفظها عن ظهر قلب خاصة حين كنت أحملك ونرقص سويةً على موسيقاها، فتبدأ أنت بالغناء: "باب الحزن مفتوح عباب الوفا،...، وقلوب تعبانة جفا، وأصحاب حنوا للصفا...، الحزن مثل الفرح ببكي وبقوي، ... في دمعة بتجرح ودمعة بتضوي... ، وتختم قائلاً ماما أحب هذه الأغنية كثيراً".

 

قلبي يا أمي تعبان و"أصحابي" لم يحنُّوا بعد، والحزن سيجعلني قوية، ولكن حزني وحده لن يعيدك إليًّ.

في النهاية، لا أدري ماذا سيحصل، إنني أشعر وكأن جبالاً تجثم فوق صدري، وأتعذب كل لحظة أفكر فيها كم أنت بحاجة إليَّ، مع علمي التام أنك بحاجة إلى والدك أيضاً لأن هذه هي سنة الحياة. فالشرط الاول يستكمل بالثاني، والإثنان متكاملان.

ومع كل هذا وما سبقه وما سيلحقه، لم أستطع أن أراك أو أن أشم رائحتك العطرة. ولكن الإستغراب الكبير الذي تحدثني به نفسي دائماً أنه: ألم يلاحظوا أنه، لكي تنشأ نشأة نفسية صحية، من المفروض حسسب كل أعراف الإنسانية أن تكون قريباً مني وعلى تواصل معي. أقلبها يميناً ويساراً (مانها ظابطة معي، وأكيد مانها ظابطة معك، ما بتظبط أصلاً هيك يا روحي).

 

هناك إحساس يراودني أنه سيكون من المستحيل عليَّ أن أراك أو أن يُسمح لي برؤيتك مجدداً رغم كل ما سبق وأعلنت وتحدثت عنه في هذا البيان الأمومي.

حبيبي يا ماما ..

 

هل تتخيل شوقي إليك؟، متأكدة أنك تفعل رغم صغر سنك.

هل تقدر مدى القهر الذي أعاني منه؟، أعرف أنك تفعل بقدر ما أقدر العذاب الذي تعاني أنت منه.

 

 

أعجبتني وحركت مشاعري فأحببت أن تلامسنّ ما لامسته

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

لا حول ولا قوة إلا بالله

عافانا الله وعافى كل مسلم ومسلمة من الحرمان من الذرية

يــــــــــاه..كم هو أمر صعب..جدا صعب!!

 

أسأل الله أن يمتع هذه الأم _وكل أم محرومة_بحضن ابنها وضمه وتقبيله بل والعيش معه..

وألا يحرم أحدا من أمــه أبدا.

 

جزاكِ الله خيرا حبيبتي خطابية..قد لامست بالفعل قلب كل أم تعشق أطفالهــــا..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

يا رب العدل بين البشر لم يعد له وجود

 

يا رب نحن فى انتظار العدل الالهى فى الدنيا قبل الاخرة

 

فنحن بشر قدراتنا على التحمل فوق طاقتها ضعيفة

 

يا رب يا من انت ارحم بنا من امهاتنا ارحم ضعفنا وقلة حيلتنا

 

يا رب ليس لنا اله سواك ندعوه

 

يا رب وقفنا على بابك اذلاء فقوينا واعزنا

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×