اذهبي الى المحتوى
نور هدى 7

الصباح الجديد

المشاركات التي تم ترشيحها

 

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

هذه الأقصوصة هي أول ما كتبت

 

(( وعادت أم أحمد إلى البيت في تلك الليلة بعد ما أصابها صداع فظيع في رأسها ...

 

فأذن لها الطبيب في أن تستريح وتعود إلى بيتها لتراه معتما ً كأنه قبر مهجور ...

 

-أين حمادة ... أين ابنك يا فريدة ...

 

واجتازت عتبة الدار وأضاءت النور وخلعت عنها معطفها ووضعت الحطب في المدفأة ...

 

وأخذت تقطع الغرفة جيئة ذهابا ً وهي تفكر ...

 

-لقد تركته في المنزل ...

 

إلى أين يمكن أن يذهب في هذه الساعة المتأخرة من الليل ...

 

ودقت الساعة الثانية عشرة تماما معلنة انتصاف الليل فانتفضت روحها ودق قلبها معها دقات متسارعة عنيفة ...

 

وشعرت ببرودة في أطرافها وقشعريرة في جسدها وصعوبة في التقاط أنفاسها وزاد الصداع عليها ...

 

-أين يمكن أن يكون ؟ ...

 

وماذا يفعل خارج البيت في منتصف الليل ؟ ...

 

ومتى أعتاد على الخروج في الليل ؟ ... أين هو ؟ ...

 

وعادت بذاكرتها إلى الماضي قبل ( 12 سنة ) مضت ...

 

كان أحمد في السابعة من عمره عندما توفي أبوه ...

 

فحملت على عاتقها أمانة تربيته وأخذت منذ ذلك الوقت تعمل ممرضة بدوام ليلي في مستشفى حكومي لتتفرغ إلى تربية ولدها في النهار ...

 

كانت تعمل ليلا ً نهارا ً من أجله ومن أجل بناء مستقبل مشرق زاهر له ...

 

والليلة عادت إلى البيت ولم تره ...

 

-أين هو الآن ؟ ... وماذا يفعل في هذا الليل ؟ ...

 

هل أحسنت تربية ابنك يا أم أحمد ؟؟؟ ...

 

وشعرت بجفاف في حلقها وبقبضة حديدية تعصر قلبها ...

 

-فعلت كل ما بوسعي من أجل ولدي ... أين هو الآن ؟؟؟ ...

 

كانت الرياح خارجا ً تعصف وتزمجر ...

 

والأمطار تهطل بغزارة والبرق يلمع والرعد يدوي فيملأ المكان رهبة ...

 

وتفاعلت قوى الطبيعة مع خلايا قلب الأم فأخذت الأفكار السوداء تعصف في نفسها

 

وبدأ الخوف يهطل على قلبها والشك يدوي في أرجاء روحها فيملأها ألما ً وقلقا ً ...

 

أخذت منديلا ً وعصبت به رأسها ...

 

-ماذا لو نزلت إلى الشارع للبحث عنه ؟ ...

 

ولكن أين أبحث عنه ؟؟؟ ...

 

وشعرت برغبة أكيدة للبكاء والصراخ ...

 

وأحست أن هناك بركانا ً يغلي في صدرها ينوي الانفجار ...

 

وتعبت منها قدماها فتهالكت على الكرسي ...

 

وأسندت رأسها بيدها واستغرقت في تفكير عميق ...

 

وهدأت عاصفة السماء عند آذان الفجر وهدأت عاصفة الأم عندما سمعت وقع أقدام ابنها وعندما رأته يدخل من الباب ...

 

وقفت وبادرته في السؤال بلهفة ووجل :

 

-أين كنت ؟ ...

 

فصمت الشاب ولم يرد ... وفجأة دوى المكان بصفعة قاسية تنزل على خد ابنها ...

 

ماذا ؟؟؟ ... إنها هي !!! ... هي من صفعه ... إنها لم تصفعه أبدا ً قبل الآن ...

 

-أمي !!! ...

 

-أين كنت ؟؟؟ ...

 

لم يجب الشاب ولكنه مدّ يده إلى جيبه وأخرج منه نقودا ً ودسّها في يد أمه ووقف صامتا ً ...

 

-ومن أين لك هذه النقود ... هل ... هل ؟؟؟ ...

 

ونفضت الأم فكرة السرقة من رأسها ...

 

-معاذ الله يا أمي ... كنت اعمل ...

 

-تعمل !!! ... ماذا تعمل في الليل ؟؟؟ !!! ...

 

-اعمل في مطبعة الجرائد ... نطبع الجرائد في الليل لتنشر في الصباح ...

 

-ومنذ متى وأنت تعمل في هذه المطبعة ؟ ...

 

-منذ أن دخلت الجامعة وزادت مصاريف دراستي ...

 

قلت في نفسي أنك تتعبين كثيرا ً من أجلي ...

 

وأنا شاب أستطيع تحمل مسؤوليتي ...

 

على الأقل في مصروفي الجامعي ...

 

فلماذا لا أخفف عنك قليلا ً ؟ ...

 

فأنا يا أمي لن أنسى تعبك عليّ طوال السنين الماضية ...

 

فأردت مساعدتك قليلا ً وعملي كما ترين وكما ربيتني ...

 

عملا ً شريفا ً ... أكسب رزقي من عرق جبيني ...

 

وابتسم الولد واقترب إلى أمه يضمها إلى صدره ويقبل جبينها ...

 

فأشرقت ابتسامته في قلبها وشعرت بحنان عذب يغزو نفسها وقبلت وجنتيه بأمومة حانية ...

 

وذبلت الشكوك وماتت في نفسها وأشرقت السعادة والسكينة في روحها ...

 

وطلعت الشمس خارج الدار وضحكت الأم كأنها تزغرد للصباح الجديد ... ))

 

= = = = = = = = = = = =

 

انتهت

 

 

21 / 3 / 1991

 

 

الإهداء : إلى كل أم ومربية ...

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تم تعديل بواسطة نور هدى 7

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

 

ما أطيب قصتكِ وما أجمل نهايتها أختى الحبيبة

فأقصى ما يتمناه الوالدين بعد السعادة لأولادهما أن يتمتعا ببرهم وحبهم

وهذا البر نفسه يكون فاتحة خير على الأولاد فى كل جوانب حياتهم ... ولكن وللأسف ... قل من يعلم هذا

 

بارك الله فيكِ أختى الحبيبة وفى ابنتكِ وأولاد المسلمين وجعلهم جميعا من الصالحين البارين

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

ما أروع كلماتك

وما أطيب وأروع قصتك هذه

بداية موفقة ورائع لأول قصة تكتبيها

لكنها تحمل كلمات ممتازة

بارك الله فيكِ

وجزاكِ الله كل خير

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

 

قصتك رائعة غاليتي نور هدى7 فيها تشبيهات بلاغية بديعة ورغم أنها قصة قصيرة إلا أنها تعكس حياة استطعنا تخيلها والعيش معها من خلال سطور القصة وحقا إن الله لا يُضيع أجر من أحسن عملا وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان

 

أحسنت يا غالية ، جزاكِ الله خيرا ونفع بكِ

بارك الله فيك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

اختى الرائعة انا قصة جميلة

انا بكيت منها

فعلا الام ثم الام ثم الام

هى بتعمل كتير من اجلنا

واحنا مهما عملنا مش هنوفى ولوجزء من فضلها

جزاك الله خيرا نو هدى ياجميلة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×