اذهبي الى المحتوى
لألئ متناثره

قاعدة جليلة‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول‏}‏

المشاركات التي تم ترشيحها

بســم الله الـرحمــن الرحيــم

 

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

 

قاعدة جليلة‏:‏ ‏{‏يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ ‏}‏

 

w6w200504212127391916cca7bcb.gif

 

قال الله تعالى‏:‏ ‏{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}‏‏(‏الأنفال‏:‏ 24‏.‏

‏ فتضمنت هذه الآية أمورا‏:‏

أحدها ‏:‏أن الحياة النافعة إنما تحصل بالاستجابة لله ورسوله، فمن لم تحصل له الاستجابة فلا حياة له، وإن كانت له حياة بهيمية مشتركة بينه وبين أرذل الحيوانات ‏.‏فالحياة الطيبة هي حياة من استجاب لله والرسول ظاهرا وباطنا ‏.‏فهؤلاء هم الأحياء وإن ماتوا،وغيرهم أموات وإن كانوا أحياء الأبدان‏.‏ولهذا كان أكمل الناس حياة أكملهم استجابة لدعوة الرسول،فإن كل ما دعا إليه ففيه الحياة، فمن فاته جزء منه فاته جزء من الحياة ،وفيه من الحياة بحسب ما استجاب للرسول‏.‏

 

قال مجاهد ‏:‏‏{‏لما يحييكم‏}‏ يعني للحق‏.‏ وقال قتادة‏:‏هو هذا القرآن فيه الحياة والثقة والنجاة والعصمة في الدنيا والآخرة‏.‏ وقال السدي‏:‏ هو الإسلام أحياهم به بعد موتهم بالكفر ‏.‏ وقال ابن إسحق وعروة بن الزبير‏:‏ واللفظ له ‏{‏لما يحييكم‏} ‏يعني للحرب التي أعزكم الله بها بعد الذل،وقواكم بعد الضعف ، ومنعكم بها من عدوكم بعد القهر منهم لكم‏.‏ وكل هذه عبارات عن حقيقة واحدة وهي القيام بما جاء به الرسول ظاهرا وباطنا‏.‏ قال الواحدي والأكثرون على أن معنى قوله ‏{‏لما يحييكم‏}‏هو الجهاد ،وهو قول ابن إسحق واختيار أكثر أهل المعاني ‏.‏قال الفراء‏:‏ إذا دعاكم إلى إحياء أمركم بجهاد عدوكم يريد أن أمرهم إنما يقوى بالحرب والجهاد ،فلو تركوا الجهاد ضعف أمرهم واجترأ عليهم عدوهم‏.‏

 

قلت‏:‏ الجهاد من أعظم ما يحييهم به في الدنيا وفي البرزخ‏(1)‏ وفي الآخرة ‏:‏

 

أما في الدنيا فإن قوتهم وقهرهم لعدوهم بالجهاد ‏.‏وأما في البرزخ فقد قال تعالى‏:‏ ‏{وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ }‏‏(‏آل عمران‏:‏ 169‏.‏‏)‏‏.‏

 

وأما في الآخرة فإن حظ المجاهدين والشهداء من حياتهم ونعيمها أعظم من حظ غيرهم‏.‏

 

ولهذا قال ابن قتيبة ‏:‏‏"‏لما يحييكم‏"‏ يعني الشهادة‏.‏ وقال بعض المفسرين‏:‏ ‏"‏لما يحييكم‏"‏ يعني الجنة‏.‏ فإنها الحياة الدائمة الطيبة ‏.‏حكاه أبو علي الجرجاني‏.‏

 

والآية تتناول هذا كله، فإن الإيمان والإسلام والقرآن والجهاد تحيي القلوب الحياة الطيبة‏.‏ وكمال الحياة في الجنة، والرسول داع إلى الإيمان وإلى الجنة، فهو داع إلى الحياة في الدنيا والآخرة‏.‏ والإنسان مضطر إلى نوعين من الحياة‏:‏ حياة بدنه التي بها يدرك النافع والضار ويؤثر ما ينفعه على ما يضره‏.‏ ومتى نقصت فيه هذه الحياة ناله من الألم والضعف بحسب ذلك‏.‏

 

ولذلك كانت حياة المريض والمحزون وصاحب الهم والغم والخوف والفقر والذل دون حياة من هو معافى من ذلك‏.‏وحياة قلبه وروحه التي بها يميز بين الحق والباطل والغي والرشاد والهوى والضلال، فيختار الحق على ضده‏.‏

 

فتفيده هذه الحياة قوة التمييز بين النافع والضار في العلوم والإرادات والأعمال‏.‏ وتفيده قوة الإيمان والإرادة والحب للحق، وقوة البغض والكراهة للباطل‏.‏ فشعوره وتمييزه وحبه ونفرته بحسب نصيبه من هذه الحياة، كما أن البدن الحي يكون شعوره وإحساسه بالنافع والمؤلم أتم، ويكون ميله إلى النافع ونفرته عن المؤلم أعظم‏.‏ فهذا بحسب حياة البدن، وذاك بحسب حياة القلب‏.‏ فإذا بطلت حياته بطل تمييزه‏.‏ وإن كان له نوع تمييز لم يكن فيه قوة يؤثر بها النافع على الضار‏.‏

 

كما أن الإنسان لا حياة له حتى ينفخ فيه الملك، الذي هو رسول الله، من روحه ،فيصير حيا بذلك النفخ، وكان قبل ذلك من جملة الأموات‏.‏

 

وكذلك لا حياة لروحه وقلبه حتى ينفخ فيه الرسول صلى الله عليه وسلم من الروح الذي ألقي إليه، قال تعالى ‏{يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ}‏‏(‏النحل‏:‏ 2‏.‏‏)‏، وقال‏:‏ ‏{يُلْقِي الرّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىَ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ }‏‏(‏غافر‏:‏ 15‏.‏‏)‏، وقال‏:‏ ‏{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا }‏‏(‏الشورى‏:‏ 52‏.‏‏)‏ فأخبر أن وحيه روح ونور ،فالحياة والاستنارة موقوفة على نفخ الرسول الملكي، فمن أصابه نفخ الرسول الملكي ونفخ الرسول البشري حصلت له الحياتان‏.‏

 

ومن حصل له نفخ الملك دون نفخ الرسول حصلت له إحدى الحياتين وفاتته الأخرى‏.‏

 

وقال تعالى‏:‏ ‏{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا }‏‏(‏الأنعام‏:‏ 122 ‏.‏‏)‏، فجمع له بين النور والحياة كما جمع لمن أعرض عن كتابه بين الموت والظلمة‏.‏ قال ابن عباس وجميع المفسرين‏:‏ كان كافراً ضالاًّ فهديناه‏.‏

 

w6w200504212127391916cca7bcb.gif

 

وقوله‏:‏ ‏{وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ }‏‏(‏الأنعام‏:‏ 122 ‏.‏‏)

يتضمن أموراً‏:‏

 

أحدها‏:‏ أنه يمشي في الناس بالنور وهم في الظلمة، فمثله ومثلهم كمثل قوم أظلم عليهم الليل فضلوا ولم يهتدوا للطريق، وآخر معه نور يمشي به في الطريق ويراها ويرى ما يحذره فيها‏.‏

 

ثانيها‏:‏ أنه يمشي فيهم بنوره فهم يقتبسون منه لحاجتهم إلى النور‏.‏

ثالثها‏:‏ أنه يمشي بنوره يوم القيامة على الصراط إذا بقي أهل الشرك والنفاق في ظلمات شركهم ونفاقهم‏.‏

 

w6w200504212127391916cca7bcb.gif

 

قوله‏:‏ ‏{ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ}‏ ‏(‏الآية‏:‏ 24 من سورة الأنفال‏.‏‏)‏ المشهور في الآية أنه يحول بين المؤمن وبين الكفر، وبين الكافر وبين الإيمان، ويحول بين أهل طاعته وبين معصيته، وبين أهل معصيته وبين طاعته، وهذا قول ابن عباس وجمهور المفسرين‏.‏

 

وفي الآية قول آخر‏:‏ أن المعنى‏:‏ أنه سبحانه قريب من قلبه لا تخفى عليه خافية فهو بينه وبين قلبه، ذكره الواحدي عن قتادة، وكان هذا أنسب بالسياق؛ لأن الاستجابة أصلها بالقلب، فلا تنفع الاستجابة بالبدن دون القلب، فإن الله سبحانه بين العبد وبين قلبه، فيعلم هل استجاب له قلبه وهل أضمر ذلك أو أضمر خلافه‏؟‏

 

وعلى القول الأول فوجه المناسبة أنكم إن تثاقلتم عن الاستجابة وأبطأتم عنها فلا تأمنوا أن الله يحول بينكم وبين قلوبكم فلا يمكنكم بعد ذلك الاستجابة عقوبة لكم على تركها بعد وضوح الحق واستبانته؛ فيكون كقوله‏:‏ ‏{وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ}‏‏(‏الآية‏:‏ 110 من سورة الأنعام‏.‏‏)‏،

وقوله‏:‏ ‏{ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ }‏ ‏(‏الآية‏:‏ 5 من سورة الصف‏.‏‏)‏، وقوله‏:‏ ‏{ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِن قَبْلُ}‏‏(‏الآية‏:‏ 101 من سورة الأعراف‏.‏‏)‏، ففي الآية تحذير عن ترك الاستجابة بالقلب وإن استجاب بالجوارح‏.‏

 

وفي الآية سر آخر وهو أنه جمع لهم بين الشرع والأمر به وهو الاستجابة، وبين القدر والإيمان به، فهي كقوله‏:‏ ‏{ لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ العَالَمِينَ)

‏‏(‏الآيتان‏:‏ 28، 29 من سورة التكوير‏.‏‏)‏، وقوله‏:‏ ‏{فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ وَمَا يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ المَغْفِرَةِ }‏‏(‏الآيتان‏:‏ 55، 56 من سورة المدثر‏.‏‏)‏ ، والله أعلم‏.‏

 

w6w200504212127391916cca7bcb.gif

 

الفوائد... لابن قيم الجوزيه..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بارك الله فيك وجعله في ميزان حسناتك

اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
بارك الله فيك وجعله في ميزان حسناتك

اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك

وفيك اختي الغاليه بنت الأكرمين..

 

اللهم أميـــــــــــــن

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

لأليء متناثرة

 

جزاكِ الله خيرًا على هذه الفائدة القيمة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

 

جزاكِ الله خيرًا على الفائدة القيمة

جعلها الله في ميزان حسناتك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

 

جزاكِ الله خيرًا على الفائدة القيمة

جعلها الله في ميزان حسناتك

أهلا بك ياغالية..

شكرا على مرورك

وجزاك الله خيرا,,

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×