اذهبي الى المحتوى
جِهاد

{ مُتًميّز } و أخِيرًا ♥♥ رواية { و تسْتَمرُ الحيَاة ..

المشاركات التي تم ترشيحها

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

 

بصراحة، كنتُ أنوي كتابة الرد منذ ساعات أو ربّما بالأمس حتّى لكنّي لم أجد كلمات لأصف بها هذا الإبداع !

حنين، إبداع قليلة جدّاً بحقكِ ..

سارة، أصايل، دانة وَ دلال رباعيٌ رائعٌ حقّاً = )

لقد قررت سأكون أنا وصديقتي الثنائي المرح :biggrin:

يعجبني وليد، ومروان وأصدقاؤهم وتصويركِ للشباب الملتزم جميلٌ جدّاً ^^

انضمام لؤي لهم جعلهم أجمل كذلك ..

 

تفلتت دانة من قبضة منى ، و أصرت على مسحه ، إنها تكره مساحيق التجميل بجميع أنواعها ، و من المستحيل أن تضع منها أي شيء على وجهها ، عدا الكحل و الخفيف منه أيضًا و ليس الثقيل .

 

رائع يا دانة !

إيّاكِ أن تستمعي لخالتكِ منى :tongue:

في الواقع أنا مثلها تماماً لا أحب مساحيق التجميل أبداً، حتى أنني لا أضع إلا "الروج" لأنني جربت في وقتٍ سابق وضع الكحل لكنني أحكّ عينيّ باستمرار وكان الجميع لا يكف عن التعليق على شكلي المضحك حيث يتحول لون وجهي إلى الأسود بسبب الكحل :mrgreen:

 

لا تتأخري علينا، حنين = )

أنا متلهفةٌ جدّاً للأجزاء القادمة :rolleyes:

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

همتي تأخرت علينا كثيرا لعل المانع خير

ما يطمؤنني عنك أنك تدخلين المنتدى فلا تنسينا

 

مع محبتي

 

م

ت

ا

ب

ع

ة

 

^_______^

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكِ السلام و رحمة الله و بركاتـــه ،،

أنتِ الرائعة عزيزتي / سندس و إستبرق

:unsure: أخجلتني بكلامك ، أسكنكِ الله الفردوس الأعلى

هو توفيق من الله وحده ، فالحمدلله الحمدلله الحمدلله ،،

سعيده بمتابعتكِ لي ، لكِ ودّي (=

 

غاليتي / سجدة قلب مسلم

وعليكِ السلام و رحمة الله و بركاته ،،

آآمين آآمين ، سعيده جدًا بمروركِ سجده ربي يسعدك يااارب

دمتِ بخير ^_^

 

حبيبتي / حنين

وعليكِ السلام و رحمة الله و بركاته

آمين و يوفقك ياارب

سعيده بكِ حنين ، نوّر المنتدى بوجودك :unsure:

 

لجوونـــه حبيبتي حيّاكِ الله ^_^

وعليكِ السلام و رحمة الله و بركاته

ههههه بالتأكيد ستكونان أحلى ثانئي مرح :unsure:

و بالنسبة للكحل .. ههههههههههههه أضحك الله سنكِ لجونه ، أنا يضًا أتشارك معكِ و دانة في هذه النقطة ^_^

سعيده بمروركِ يا غاليـــــه

كوني بالقرب دومًا ، لكِ حبّي ، و سلامي لجمــــانـــه (=

 

أم بلال

:unsure: اعتذر لتأخري

ربي يسعدك قلبي ، سعيده بمتابعتكِ ،،

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

أمووومـــه يا غاليـــه تسعدني متابعتك ، ربي يسعد قلبك ^_^

 

أموووومــه الثانية ^_^

هههههه ، لا والله حبيبتي ليس لزوم التشويق

لكن الدراسة و المدرسة وووو ... الخ

دعواتك الله يوفقني .. (=

 

سأضع لكم جزأين لأني تأخرت ، و بإذن الله اواظب كل يوم جزء ^_^

باقي 5 أجزاء إن شااء الله و تنتهي الرواية ،،

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

 

الفصل الثاني و العشرون

(22)

 

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

 

 

فتحت أم خالد الباب ببطء كي لا تزعجها ، كانت سارة جالسة بهدوء على مقعدها المتحرك ، رفعت حاجبها متعجبة ، كيف عادت إلى المقعد بعد أن حملتها إلى الفراش ليلة أمس ؟ اقتربت منها بحذر ، حجابها يغطي شعرها ، في اتجاه القبلة تمامًا ، انقبض قلبها فجأة ، و مع ضوء الشمس الخافت المحجوب بستائر الغرفة الخفيفة ، و السكون المحيط بها ، بدت كملاك طاهر متصل بخالقه ، شفاهها المبتسمة براحة ، أصابعها القابضة على المصحف ، تركت فراشها الوثير ، لمَ ؟ ما الذي تجنيه مقابل تخليها عن نوم هانئ تستمد منه طاقتها ؟ زفرت بألم ، و خرجت من حيث أتت و شعورًا ما يوخز ضميرها .

 

إنه نعيمها الروحي ، خلوتها بربها ليلًا و الناس نيام ، مناجاتها ، خضوعها و ذلها له ، هذه جنة قلبها ، و مصدر سرورها ، و أساس قوتها في الحياة ، إن كنتم تستمدون الطاقة من نومكم ، فإنها تستمد الطاقة و القوة و السعادة و الأمل و الحياة من صلتها الوثيقة بخالقها .

 

فتحت عيناها ، نظرت مفزوعة إلى المصحف بيدها ، غلبها النوم الليلة أيضًا ، حركت عجلات المقعد بإتجاه دورة المياه ، كان قدر الماء الذي ملأته لها والدتها لا يزال أسفل الصنبور ، أفرغت الماء القديم بصعوبة ، و ملأته بآخر جديد ، توضأت ، ثم صلت ركعتي الضحى ، نظرت لملابس المدرسة بقهر ، لا ، لن أنادي أمي لتعينني على ارتدائها ، أستطيع فعل ذلك وحدي ، و حينما تعزم سارة على فعل شيء فإنها و لابد ستنجح ، مشطت شعرها ، أمسكت بحقيبتها ، و هتفت : خالد .

 

جاءها صوته من غرفته : نعم ، أنا قادم .

و سرعان ما خرج من الغرفة ليساعدها على النزول إلى الدور السفلي ، كانت غرفتها لاتزال كما هي في الدور العلوي ريثما تنتهي تجهيزات الغرفة الجديدة في الطابق الأرضي .

 

- شكرًا خالد ، أتعبتك معي .

- لا تكوني سخيفة ، إنني مستعد لبذل حياتي لكِ .

ضحكت و قالت بإمتنان : جزاك الله خيرًا ، أنت نعم الأخ لي .

 

***

 

صاحت دانة : أوه ، هل أنتِ جادة ؟

- فكرة رائعة .

- رائعة جدًا ، يجب أن نخبر المديرة بها .

 

قالت سارة بهدوء : رويدًا رويدًا ، لم نفكر في الدعم المادي بعد !

- أوه ، صحيح ، إنها مشكلة .

قالت دلال : لو وافقت المديرة على الأمر ، ستعرض التصميم على أحد المهندسين ليقدر لها قيمة التكاليف ، و حينها نستطيع تقسيمها علينا أو جمع التبرعات .

- نعم ، دلال محقة يا سارة .

- حسنًا ، لا بأس بهذا ، من سيخبر المديرة ؟

- أنتِ بالطبع .

- لا لنذهب جميعًا .

- حسنًا ، هيا بنا .

سألت سارة بتوتر : الآن ؟

- نعم ، الآن ، ماذا سننتظر ؟

 

تحركت دلال قبلهم بإتجاه مكتب المديرة ، كانت فكرة تراود عقل سارة منذ زمن ، منذ كانت الفراشة تتقافز على الورود هناك ، صحيح أن الورود سرعان ما تذبل و تنتهي حياتها إلى هنا ، و لكن الفراش الذي يمتص رحيقها يظل موجودًا ، ينشر البهجة في قلوب الناس و يضيف الحيوية و الجمال على الحدائق ، ثم يصير إلى شرنقته فيخرج منها الحرير الطبيعي و يصبح كذكرى مخلدة لعطايا الزهرة بعد أن ذبلت و انتهت ، ( بناء مصلى في المدرسة ) تبدو فكرة صعبة و تحتاج إلى الكثير من الجهد ، لكنها رائعة ، ارتاحت لها نفس سارة ، فبعد أن رأت الموت بعينها ، كانت و لابد ستفعل شيئًا حيال هاجسها القديم الذي لا يزال يلازمها .

 

***

 

- لولو ، لنذهب إلى الكافيتريا أريد شراء زجاجة ماء .

استشاط لؤي غضبًا : والله إن نطقت باسم لولو هذا على لسانك مرة أخرى ، سأريك كيف يكون الرجل الحاصل على الحزام الأسود في الكاراتيه !

 

صاح مروان معترضًا : ليس خطأي ، انظر لشعرك الطويل ، تبدو به كفتاة قبيحة .

رماه لؤي بدفتره ، فالتقطه مروان بيده : لم تصب الهدف ، حظ سعيد في المرة القادمة يا لولو .

 

و ضغط على حروف الكلمة الأخيرة قاصدًا إغاظته ، فوقف لؤي ثائرًا و ضرب بيده على الطاولة ، و في ثواني كان مروان يجري بإتجاه الكافيتريا وحده : حسنًا حسنًا سأذهب وحدي .

 

ثم تمتم بغيظ : لست محتاجًا لك .

في حين ضحك لؤي و هو يعيد شعره للخلف : إنه مخبول تمامًا .

ضحك عبد الله : نعم ، سمين مخبول .

قال علي : يجب أن تخبروه بما قلتموه عنه ، كي لا تكون غيبة .

- نعم ، لا تقلق بشأن هذا ، سنخبره بالطبع ، و سنزيد عليه بعض البهارات .

 

قال وليد : لم لا تقص شعرك يا لؤي ؟

- إنني مشغول دومًا يا وليد ، لا أجد وقتًا لفعل أي شيء .

تنهد ثم تابع : الأطنان من المواد تنتظر دراستي لها .

و أردف بسخرية : بجانب أني أنهي بعض الأمور مع أعدائي الموقرين .

 

- أها ، أعانك الله ، كما أننا في خدمتك إن أردت أية مساعدة .

تبسم لؤي : جزاك الله خيرًا عبد الله .

سأله وليد : و ما أخبارك مع أصدقائك ؟

- ليسوا أصدقائي ، أفضل تسميتهم بأعدائي .

رشف لؤي القليل من علبة عصيره في حين سأله عبد الله : لمَ لا تحاول أن تنصحهم ؟

تلفظ لؤي بما كان في فمه من العصير و شهق بقوة : كح ، كح .

- هل أنت بخير لؤي ؟

- اضربه على ظهره .

صرخ بهم : لا لا ، أنا بخير ، كح ، كح .

و لكن وليد لم يسمع كلامه ، و ضربه على ظهره بهدوء .

- أنا بخير ، بخير ، شكرًا وليد .

ثم ابتسم و هو يمسح فمه بيده : ضربتك خفيفة بخلاف ما عليه ضربتهم ، كنت أتألم منها طول يومي و أندب حظي بأن الطعام وقف في حلقي .

 

ضحك عبد الله : بسم الله عليك ، أكل هذا بسبب كلمتي ؟

- تقصد قنبلتك ؟

ضحكوا جميعًا و تابع لؤي : إنهم ليسوا مثلنا يا عزيزي ، هؤلاء لم يعرفوا معنى الأدب أو الطهر يومًا ، فأنا مثلًا لم يوقعني في الوحل إلا سالم ، أي صديق سوء ، لكنهم هم من أوقعوا أنفسهم بما هم فيه ، أفهمتني ؟ أمثالهم لا يقف أمامهم حائل ، فواحد منهم مثلًا يتيم و توفي جديه الذين كانا يعيش معهما ففسد خلقه عندما وجد الطريق أمامه ميسرًا ، فما الذي سيمنعه على أية حال ؟ لا والدين ، لا أهل ، كما أن الدين ليس في قاموس حياته بدايةً .

أومأ عبد الله برأسه متفهمًا ، لكن وليد ابتسم : لنحاول على الأقل .

 

رفع لؤي حاجبه متعجبًا ، فقال وليد : قريبًا ستنطلق أنشطة المركز ، أليس كذلك ؟ بإمكاننا أن ندعوهم بأسلوب غير مباشر .

حرك لؤي كتفه ، و عاد إلى وضع الإسترخاء : لا بأس ، لنحاول .

 

قال وليد : بالمناسبة ، أبو علي يريدكم أن تجتمعوا اليوم في المركز ؟

- جميعنا ؟

- نعم ، يقول بأنه سيناقش معنا بعض الأمور البسيطة قبل أن نبدأ العمل .

- أها ، حسنًا لنكون هناك الرابعة عصرًا .

- نعم ، إن شاء الله .

 

***

 

بعد ثلاثة أسابيع ، كان المصلى الجديد ( مصلى الزهور ) قد تمّ بناءه في المدرسة ، و بدأت نشاطاته بالإزدهار ،تناولت أصايل اللوحة الكبيرة من يد معلمة التربية الإسلامية بنشوة عارمة ، ثم اتجهوا معًا إلى ساحة المدرسة ، و على عمود من أعمدتها العريضة شرعوا بتثبيتها .

 

صرخت دانة : لاااا ، حركيها إلى اليمين قليلًا .

ضربتها دلال : لا إنها مضبوطة هكذا ، ارفعيها قليلًا فقط .

- لا ، لا ترفعيها ، لا يجب أن ينظر البنات إلى الأعلى كي يقرءوها .

 

تضجرت أصايل : سارة ، اذهبي أنتِ و اخبريني بدلًا عنهما .

حركت سارة عجلات المقعد بيديها و وقفت على بعد من العمود ، نظرت بدقة إلى موضعها : إنها مضبوطة جدًا ، الصقيها هكذا .

- لا ، ارفعيها قليلًا .

 

ألصقتها أصايل و هتفت : انتهى الأمر ، إنها مضبوطة هكذا .

ثم تابعت : شكرًا سارة .

- و أنا ؟ ألا أستحق الشكر ؟ منذ ساعة و أنا أحاول إقناعكِ برفعها قليلًا .

ضحكت دانة و هي تغمز بشقاوة : راحت علينا لحبيبة القلب .

قهقهت أصايل و هي تدفع مقعد سارة بإتجاه الصف ، و ابتسمت سارة بهدوء .

 

في مصلى الزهور

 

محاضرة بعنوان " قلبي ملك ربي "

للداعية " ................. "

 

ندعوكم نحن أسرة التربية الإسلامية للحضور غدًا في الحصة الرابعة و الخامسة

 

نعدكم بالإستمتاع معنا ، من خلال المسابقات و الأسئلة ، و الجوائز القيمة

 

ننتظر حضوركم بشوق و نستقبلكم بأكاليل الزهور الشذية

 

و السلام عليكم

 

الآن ابتسمي يا سارة ، و اطمئني لأن المصلى سيظل نبع عطاياه متدفقًا و إن رحلتِ ، ابشري بأنكِ ستنالين حسنات كل من يسمع كلمة طيبة من الداعية ، ستجني حسنات كل من يكن المصلى سببًا في هدايته ، ابشري حبيبتي ، ابشري أنتِ الفائزة بسموكِ و إيمانكِ .

 

انطلق آذان المغرب من مكبرات المسجد المجاور لمنزلها ، هتف قلبها : لبيك ربي ، لبيك ربي ، توضأت و وجهت مقعدها للقبلة و رفعت يدها : الله أكبر .

 

- السلام عليكم و رحمة الله ، السلام عليكم و رحمة الله ..

انتهت و سلّمت ، نظرت للأرض أمامها بألم يعتصر له فؤادها ، شعور تام بالعجز ، رفعت يدها إلى الرحمن : يا رب ، يا رب ، لك الحمد و لك الشكر و مني الصبر على ما ابتليتني به من إعاقة ، يا رب ، مر شهران كاملان على شلل قدماي ، و لم أسجد لك خلاله أية سجدة ، و إني قد اشتقت لسجود طويل بين يديك فأسألك ربي أن ترزقني بسجدة لك قبل أن يحين أجلي الذي لا أدري متى يكون ، و أن تعافيني أنت الشافي .

 

سمعت خطوات تقترب من غرفتها ، فمسحت دمعاتها ، و سحبت نفسًا عميقًا قبل أن تدخل والدتها : مرحبًا سارة ، ما أخباركِ عزيزتي ؟

ابتسمت : بخير و الحمد لله .

جلست والدتها على فراشها بإبتسامة زاهية : لقد انتهينا من تجهيزات غرفتكِ الجديدة ، متى أحببتي الإنتقال إليها فأخبريني .

- أمي ، أنا لا أريد الإنتقال ، إنني مرتاحة هنا .

- و لكن حبيبتي ، إنك دومًا في غرفتكِ و لا تخرجي منها إلا للضرورة بسبب الدرج ، أعني ... لو انكِ في الأسفل سيكون تحركك أسهل ، أليس كذلك ؟

- سأفكر في الأمر .

 

تأملتها والدتها مليًا ، ثم قالت بارتباك : عزيزتي سارة ، لا أريدكِ أن تقلقي بشأن إعاقتكِ ، لقد تحدثنا مع الطبيب جورج في أمريكا ، و أخبرنا بأنه يستطيع معالجتكِ ، سننتظر إنتهاء هذا العام الدراسي و ننتقل معًا إلى هناك .

 

ربتت على كتفها : مستقبلكِ كطبيبة لا يزال ينتظركِ غاليتي .

اختنقت أنفاس سارة ، و أبعدت يد والدتها عنها و هي تهمس : لن أسافر ، و لن انتقل للغرفة الجديدة ، إن الأمر يخصني وحدي .

 

ابتعدت بمقعدها كي لا ترى والدتها دموعها ، و قالت : كما أني لن أكون طبيبة ، أوليس أبي يدعي بأن الأطباء هم المسئولين عن شفاء المرضى ، إذن لمَ لمْ يشفيني الطبيب من شللي ؟ و أولست أنتِ تدعين بأنه و لولا الأطباء لمات كل الناس بسبب المرض ؟ إذن امنعي عني الموت حينما يأتيني .

 

- سارة حبيبتي ، ماذا تقولين ؟

انتحبت سارة : اتركيني و شأني ، اتركوني و شأني جميعكم .

 

ظلت والدتها مذهولة لدقيقة ، ثم وقفت و اتجهت لسارة ، قبلتها و مسحت على رأسها : أرجوكِ غاليتي ، لا تقولي هذا ثانية ، لازلتِ صغيرة على الموت ، و لن تموتي بسبب شلل في قدميك ، لا تقلقي .

 

ابتعدت عنها قليلًا و أضافت : فكري في الأمر جيدًا غاليتي ، كنت أتوقع رفضكِ و لكني واثقة بأنك ستستطيعين اختيار الأفضل لكِ ، و بخصوص الغرفة فلن يجبركِ أحد على الإنتقال لها ، افعلي ما يحلو لكِ .

 

خرجت ، و أغلقت الباب ورائها ، صدرت من سارة شهقة طويلة تلتها : آآآآهٍ .. مؤلمة ، يا لتناقضي معكِ يا أمي ، و يا للتباعد بين أفكارنا ، لازلت صغيرة على الموت ؟ ها ؟ يا الله لطفك و رحمتك أرجوهما .. إن رحمتك وسعت كل شيء .

 

سعلت بقوة ، و عندما رفعت المنديل عن وجهها كان و كالعادة مبللًا بالدماء ، و لكن كما أخبرها الطبيب فإنها أعراض طبيعية نتيجة العملية و اللحظات الصعبة التي مرت بها وقتها ، لا بأس ، أنا صابرة ، و لن يحدث إلا ما قد كتبه الله لي .

 

 

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

 

الفصل الثالث و العشرون

(23)

 

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

 

 

فتحت له الباب بإبتسامة زاهية ، قال : السلام عليكم .

أجابته بفرحة منقطعة النظير : وعليكم السلام و رحمة الله ، مرحبًا بعودتك .

 

ناظرها وليد بإستنكار : خيرًا ؟ ماذا لديكِ اليوم ؟

فقالت بإبتسامة عريضة : لقد أعددت اليوم غذاء مميزًا للغاية .

ضحك وليد : نعم ، أتمنى ألا يكون محروقًا كغذاء البارحة .

- لا تكن سخيفًا ، لم يكن محروقًا ، لقد أطفأت النار في اللحظة المناسبة .

- لكن طعمه كان متفحمًا .

 

تضجرت أصايل : أوف ، انس الأمر ، تعال إلى المطبخ بعد تغيير ملابسك .

ضحك وليد و قال ساخرًا : حسنًا ، إن لعابي يسيل من الجوع .

رمقته باحتقار و دخلت إلى المطبخ ، و بعد قليل كانت تجلس مع وليد على طاولة الطعام : هيا اعترف أنه لذيذ ، يمممم ، لذيذ جدًا .

سألها وليد و هو يلتهم قطعة دجاج صغيرة : هل أنتِ من أعددته حقًا ؟

- بالطبع ، هل أعجبك ؟

أجابها ممتعضًا : لا بأس به ، ما اسم الوصفة ؟

قطبت حاجبيها : فوتنيشي ؟ فوشتوتيني ؟

سألها باستنكار : ما هذا ؟

- اسم الوصفة بالطبع ، لا أتذكره ، ربما فوتونيشي ؟

و سرعان ما قالت بحماس : فوتوتشيني ، هذا هو .

نظر وليد إلى طبق المعركونة بالخلطة البيضاء و قطع الدجاج و الفطر الصغيرة : يا له من إسم عجيب .

ضحكت أصايل ، و سأل وليد : من أين عرفتيها ؟

- أخبرتني دانة بها ، مسكينة ، لقد أتعبتها معي ، كنت اتصل بها كل خمس دقائق كي أتأكد من الخطوات .

- أها .

 

- غدًا ، سنقيم حفلة للشباب في المركز .

- حقًا ؟ ستكون رائعة بلا شك .

همس بقلق : أرجو هذا .

ابتسمت : لا تقلق ، كن متفائل دومًا .

 

مرت لحظات صمت اشتغل كل منهما خلالها بتناول ما احتواه طبقه المستقر أمامه ، و أخيرًا قال وليد : لي سؤال أريد سؤالكِ إياه منذ فترة .

رفعت نظرها إليه : اسأل .

- ما الذي غيركِ عما كنت عليه في البداية ، حينما انتقلنا إلى هنا ؟

نظر إلى اللوحة المعلقة على الحائط أمامه ، ( قد نتألم يومًا لحد الجنون ، و قد تنثني إرادتنا ، و لكننا حتمًا لا ننكسر ) هذا ما كان باللوحة ، مع بعض الورود التي زينت حوافها ، و أضاف عندما رأى ابتسامتها : و ما سر تلك اللوحة التي علقتها في جميع غرف المنزل ؟

 

- إنها مقولة لصديقتي الحكيمة .

التفتت إلى اللوحة و تنهدت براحة : حالما أنظر إليها و اقرأ ما بها ، أشعر بالأمل يندفع إلى قلبي .

شعر وليد بعظيم الإمتنان لتلك الصديقة الحكيمة في قلبه ، لكنه تساءل ساخرًا : و من هي تلك الحكيمة ؟

 

رمقته أصايل بإبتسامة ماكرة ، فضحك وليد : ما تلك النظرة ؟

ضحكت أيضًا : أريد أن أخطبها لك ، ما رأيك ؟

رفع حاجبيه مذهولًا ، ثم قال مازحًا يخفي ارتباكه : و من هي تلك المحظوظة ؟

- سارة .

سألها مستنكرًا : هل أنتِ جادة ؟

- نعم ، جادة جدًا .

اندهش قليلًا لجرأة أصايل في طرح موضوع زواجه بجدية ، و قال و هو يحمل طبقه إلى حوض الغسيل : لا أعتقد بأنها تناسبني ، كما أني لن أتزوج قبلك .

 

تجاهلت الجزء الأخير و صاحت بإعتراض : لم لا تناسبك ؟ إنها فتاة رائعة ، كما أنها مختلفة كليًا عن أسرتها ، حتى أنها تتمنى ارتداء النقاب و لكن والدها لم يسمح لها بهذا .

و فجأة ترددت قليلًا حينما تذكرت : أها ، أبسبب شلل قدميها ؟

 

قال وليد نافيًا بشدة : لا أبدًا ، ليس هو السبب ..

قطع كلامه و هو يرفع كوبًا من الماء إلى فمه ، ثم همس خارجًا من المطبخ : سأنام قليلًا ، لا تنس إيقاظي لصلاة المغرب .

 

ظلت لفترة تتأمل مكانه حيث خرج ثم التفتت إلى اللوحة و تنهدت بضيق ، كيف نست أمرها ؟ من الطبيعي أن الرجل لن يحب الارتباط بامرأة مشلولة القدمين ، و لكن سارة ليست مشلولة ، بل إنها لا تشعرك بأنها كذلك أبدًا ، و مع ذلك فهي مشلولة ، الأمر عجيب حقًا أن تكون مشلولة و ليست مشلولة في الآن ذاته !

 

***

 

- آآآآآآآهاهاهاهااااااهاهاهاااااا ، هاهاهاهااااهاهاهاهاااااااا ....

دخل لؤي منزعجًا من باب المنزل ، وضع يديه على إذنيه : آخ ، ما هذا الصوت ؟

 

التفت مهند له : إحم ، إحم ، إنني أتدرب على الإنشاد للحفلة غدًا .

هتفت فرح : له ساعة و هو يتدرب ، يجب أن يوفروا له أستوديو خاص به كي لا يزعجنا هكذا .

- أفا ، متى ستعترفون بأن صوتي موسيقي رائع ؟ إنكم تحطمون قلبي المسكين .

 

- وااااو ، لقد قصصت شعرك يا لؤي ؟

مسح لؤي على شعره ، و قال بزهو : نعم ، ما رأيك ؟

- رااائع ، رائع بلا مجاملة ، أفضل ألف مرة من الشعر الطويل الذي لا يناسبك مطلقًا .

 

- و أنت ما رأيك به مهند ؟

همهم مهند بضيق : جيد !

ابتسم لؤي ، وجلس بجانبه : ماذا ستنشد لنا غدًا ؟

تهلل وجه مهند حينما لقى الاهتمام من لؤي : لم أحدد بعد ، إنني متردد بين أنشودتين ؟

- ما هما ؟ سأختار لك .

 

ضحكت فرح بخفوت ، و هي تتمتم : لا أحد يعرف كيف يراضيه سوى لؤي .

 

***

 

- عصوووم ، هل تسمعني ؟

رفع نظره ببطء : نعم .

رمقه فهد بإستنكار : ما بالك تلك الأيام ؟ تبدو مكتئبًا .

زفر عصام بألم ، فجلس فهد بجانبه : أخبرني بالسبب أيها الغالي ، لا أطيق رؤيتك بذلك الوجه العابس .

 

- مذ عودتي من أمريكا بحثت عن وظائف كثيرة ، و لم يكتب لي الله أيًا منها إلى الآن ، أشعر بأني سأظل عاطلًا للأبد .

- لابد و أنك تمزح ؟

تعجب عصام : لمَ ؟ إن كنت تراها مزحة فاتركني و شأني .

- لو قلت لي مسبقًا بالأمر ، لطلبت من أبو ناصر توظيفك بسهولة .

- ها ؟

- كما سمعت ، أعتقد بأن شركة أبو سلطان تحتاج إلى محاسب جديد ، أنتظر ، سأقوم بمكالمة سريعة .

 

خرج فهد إلى الشرفة ، و أغمض عصام عينيه ، و أكمل رحلة شروده .

- عصام ، ابشررر .

التفت له بلهفة : ماذا ؟ هل وجدت لي وظيفة ؟

- لقد وعدني أبو ناصر السكرتير بالمحاولة ، هيا البس ثيابك بسرعة و احضر أوراقك ، سنذهب إليه الآن .

رمش بعينيه مذهولًا ، قال فهد : ماذا بك يا صاح ؟ هيا قم بسرعة .

ابتسم عصام و خرج من الغرفة ، بينما انطلقت ضحكة فهد تضج مسامعه ، فتعابير وجهه المصدومة كانت مضحكة بالفعل !

 

***

 

هطل مطر الشتاء على المدينة ، بوقع موسيقي ، و دقات متناغمة ، يضرب الأرض و أسطح المنازل بقوة ، الجميع يسير بمظلاته ، مختلفة ألوانها و أحجامها ، فترى الطفلة تمسك الوردية الصغيرة ، و العجوز يحتمي بالسوداء الكبيرة ، و آخرون جعلوا من المطر حمامًا طبيعيًا لهم .

 

صرخ مهند بحماس : يااااي ، كم أحب المطر .

شده خالد إلى حيث يقف مع سعود و زياد تحت واجهة محل عريضة : ستصاب بنزلة برد أيها المجنون .

- لا بأس ، اتركني .

 

افلت من قبضة خالد ، و راح يسير تحت المطر مستمتعًا به ، فصرخ به زياد : ستفقد صوتك الموسيقي أيها المنشد .

و وافقه سعود : نعم ، سيكون منحشرًا وراء أطنان البلغم المتكومة في حلقك .

 

هرول مهند إليهم : لا ، لا أريد أن أصاب بالزكام .

ثم سعل بقوة فأضاف مستاءًا : يبدو أنني تأخرت ، آه آآآآآتشوووووم .

- ما شاء الله ، ما كل هذا الصوت ؟

و همس زياد بتقزز : على الأقل ضع يدك على فــ ...

و قبل أن يتم الكلمة ، صدرت من مهند سعلة أخرى كانت هي الأشد حتمًا ، فخافوا عليه و طلبوا أخوه لؤي من جواله كي يحمله و يعود به إلى المنزل .

 

***

 

سحب رجلاه بهدوء إلى حيث تجلس ، أطل برأسه من الباب ، تنهد بعمق كمحاولة للسيطرة على أفكاره ، منذ ذلك الحديث الذي درا بينهما عن سارة و عن رفضه المبدئي لها ، فإن نظرات أصايل المنكسرة تلاحقه ، كان يجب أن يضع حدًا لهذا ، و يشرح لها ما قصده برفضه .

 

- مرحبًا أصايل .

التفتت إليه مبتسمة : مرحبًا ، هل نمت جيدًا ؟

تثاءب وليد : نعم ، الحمد لله .

- ضع يدك على فمك و استعذ بالله ، لا أن تفتح فمك على أقصاه بتلك الصورة .

ناظرها وليد بمكر : أراكِ عاقلة على غير العادة .

تمتمت بلامبالاة : إنني أكون عاقلة حينما أريد ذلك .

ضحك وليد ، و صمت لبرهة ثم قال : أردت أن أحادثكِ بشأن ...

رفعت أصايل نظرها إليه ، فارتبك : بشأن صديقتكِ .

- صديقتي ؟

- آ .. صديقتكِ سارة ، بشأن رفضي ..

قاطعته أصايل : أوه ، لا تكمل أرجوك ، لقد انتهى الأمر و لا داعي لفتحه مجددًا .

- لكنني كنت أريد أن أقول ...

- أرجوك وليد ، لا تتكلم ، أعلم أنك رفضتها بسبب شللها ، إنك تملك المبرر المقنع .

ثم أضافت بقهر : يا لأنانية الرجال ، إنني أثق بأن سارة لم تكن لترفض شاب مشلول قد تقدم لها ، ليس لأن الله ابتلاها بصحتها ستكمل حياتها منكسرة عاجزة .

 

تنهدت فيما يشبه التأوه : إن سارة تبدو لي كملاك طاهر من عالم آخر ، أرأيت كيف تخرج الزهرة من وسط الأشواك ، لقد نشأت سارة على طاعة الله و حبه مع أن أسرتها لا تعلم للدين طريقًا ، ربما دانة تعتبر سببًا في ذلك ، هل تعرف دانة ؟ إنها شقيقة عصام ، لقد كانت صديقة لسارة منذ الطفولة ، ثم تعرفت أنا عليهما حينما كنت في الصف الخامس .

 

سكتت لهنيهة ، كان يستمع إليها بإهتمام ، فأردفت تقول : هل تتذكر يوم علمت بوفاة والديّ ؟ كيف أصبت بالإنهيار و أغلقت على نفسي الغرفة لثلاثة أيام ؟ و كانت هي من جاءت إلي و أنعشت روحي ببلسم كلامها ، و حنان حديثها ، و عذب حروفها ، هل تتذكر هذا ؟

 

نظرت له تنتظر الإجابة ، فابتسم بهدوء : أتذكر جيدًا .

دمعت عيناها ، و أطلقت آهة مكبوتة : آآآه ، بعد وفاة أمي و أبي ، أصبحت هي أمي ، و أصبحت أنت أبي ، و لذلك .....

 

أغمضت عينيها سامحة لدموعها بالإنحدار على وجنتيها ، تأملها مليًا ، و جمع كلماته ثم همس : لم أرفضها لأنها مشلولة ، بل أني في الواقع لم أرفضها ..

 

علقت أنظارها به بلهفة ، فارتبك : أعني ، أنني ... لن أسمح لنفسي بأن أتزوج قبلك و لهذا ، آثرت أن ألغ الأمر من بادئه .

- أحقًا ؟ أحقًا أنك لم ترفضها ؟

ضحك وليد : رويدك رويدك ، ليس هذا إقرارًا بالموافقة .

تابع بجدية : حينما يحين الوقت المناسب سأتخذ القرار بعون الله .

 

ثم تابع مازحًا : وكأن كل هذا الحزن بسبب رفضي لها ؟

- نعم ، إنك لا تعلم ماذا تعني لي سارة ؟ إنها تعني لي كل شيء .

 

- أفا ، و أين ذهبت أنا ؟

أشاحت بوجهها عنه : و أنت اذهب بعيدًا عني ، يكفي أنك أرقت مضجعي لليلتين .

 

 

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

 

ما أعذب الكلام .. بوركت ِ :)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

 

الفصل الرابع و العشرون

(24)

 

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

 

 

أمسكت بالمخيط ، و بدأت تغزل المقطوعة الصوفية بروية ، على ألحان الطبيعة ، نهر هادر ، طير يغدر ، و حفيف شجر ، همست فجأة : اقترب !

فسألها : ماذا ؟

ابتسمت بشغف : إنه القدر .

 

***

 

في صبح يومٍ ، وقف أمام المرآة يرتب هندامه ، وجهه ممتعض ، و ملامحه توحي بقلقه الساكن بقلبه ، قهقه فهد : تبدو خائفًا .

- أنت محق ، أشعر بأني في حلم سأستيقظ منه قريبًا .

تطيب فهد بعطره : لمَ ؟ أكل هذا لأنك حصلت على وظيفة ؟

- نعم ، وظيفة طازجة تمامًا ، قدمت لي على غفلة ، و لكنها في الحقيقة ..

 

خرج من باب المنزل ، سحب نفسًا عميقًا و أكمل : .. ما كنت أتمناه بالضبط !

تبسم فهد بحب ، و أشغل محرك السيارة ثم انطلق إلى عمله حيث شركة أبو سلطان ، و برفقته المحاسب الجديد عصام .

 

***

 

صرخت دانة : دلال ، اضغطي عليها بسرعة ، سيجف اللاصق .

- حسنًا ، لا داعي للصراخ ، أوف .

 

همست سارة لأصايل : لا يستطيعا العمل معًا دون صراخ .

ضحكت : نعم ، إنهما " توم " و " جيري "

- لكنهما رائعتان معًا ، سبحان الله ، من كان يتخيل أن دلال ستكون صديقة مقربة لنا يومًا ما .

تأملتها بإبتسامة هادئة ، فأضافت سارة مازحة : لازلت أتذكر وصفكِ لها بأنها وحش متنكر .

انطلقت من أصايل ضحكة صاخبة ، نظرت لهم دانة بغيظ : أنتم تضحكون و نحن نعمل ، يا للظلم !

 

و اتجهت دلال إليهما : هيا ، إنه دوركما في العمل ، لقد أنتهينا من تغليف معظم الشرائط .

وقفت أصايل في مكانها و هي تدفع مقعد سارة : بسم الله ، هيا لنبدأ سارتي .

جلسا معًا يزينان شرائط دعوية سيوزعونها غدًا على الطالبات في طابور المدرسة ضمن أنشطة المصلى ، كان حب الله يجمعهم ،و بأسلوبهم الرقيق ، بمرحهم ، ببسماتهم الهادئة ، بمشاكساتهم و بمزاحهم اللطيف استطاعوا أن يحوزوا على إعجاب الجميع ، و ينالوا حب غالبية الطالبات ، حتى كانت أعداد لا بأس بها من البنات يتوافدن على المصلى بإستمرار ، و لكن لا ننكر وجود فئة أخرى قد غطى الصدأ قلوبها فأوسعت تلك الزهور النقية سخرية و سبابًا ، و لكن لأنها زهور ، فإنها تمتع الشخص بعطرها حتى و إن قطفها و قتل نموها .

 

***

 

- السلام عليكم .

أجابه الشباب : وعليكم السلاااام .

- أعرفكم بنفسي ، أنا وليد ، من قسم علوم الشريعة .

- حياك الله .

- هلا بك .

- نورت و الله .

- أي خدمة ؟

تعالت أصوات الشباب ما بين مرحب ، و هامس يغمز لصاحبه ، و مستهزئ ساخر ، ابتسم بسعة صدر : أحببت أن أهديكم بعض الهدايا البسيطة ، و أتمنى أن تقبلوها مني .

 

تناول السلة من بين يدي لؤي ، و بدأ بالمرور على الشباب يعطي كل واحد كيسًا صغيرًا بلون عنابي هادئ يحتوي على شريط و كتيب صغير، أما لؤي فكان يمر عليهم مسلمًا إياهم بطاقة صغيرة كُتبَ عليها ( مركز الشباب الإسلامي ، يرحب بك في أي يوم ، في أي ساعة ، انضم معنا و ارسم خطوط حياتك المزهرة ، العنوان : ............... ، الهاتف : ******* ، الجوال : ******* )

 

- نعم ، سأرسم خطوط حياتي المشجرة .

نظر له لؤي بغضب ، فابتسم الشاب بسخرية و هو يلوح بالبطاقة : سأنضم إليكم ، أريد زراعة بعض الزهور في حديقتي المتعفنة .

قبض لؤي بيده غضبًا ، في حين قال وليد بأدب : سيسعدنا كثيرًا إنضمامك إلينا يا عزيزي ، و أنني لا أحبذ بان تقول عن حديقتك متعفنة ، قل بانها ذابلة ، فهذا أفضل ، لأنها ستنمو بعد القليل من رشات الماء عليها ، أليس كذلك ؟

- نعم نعم ، بالطبع ، و لكني أشترط أن يكون الرش بالتنقيط .

 

ضحك أصحابه من حوله بصخب ، ناول وليد الكيس الأخير لأحد الشباب و قال بسعادة : أعدك أن يكون كذلك ، سننتظر قدومك .

ثم رحل بصحبة لؤي إلى موقع تجمعهم ، كان مروان و علي و عبد الله ينتظرونهم ، هتف لؤي و هو يضرب بيده على الطاولة : سخافة ، حماقة ، قلة أدب ، حقارة ..

 

قال مروان : أوه ، يا لهذا القاموس اللطيف !

- نعم ، اعترض كما تشاء ، لو رأيتهم و هم يستهزأون بنا قبل دقائق لكنت قلت أكثر مما قلته .

ربت وليد على يده : أيها الغالي لؤي ، لا تبالي بهذا ، لقد كان يتكلم بأسلوب غير مباشر فحسب ، إنه لا يقصد الإستهزاء .

دفعه لؤي و قال بحنق : دعني و حسن ظنك بالآخرين ، كان إستهزاءهم واضحًا للغاية .

تبسم وليد : بل أني وجدته مجرد حديث عادي ، ربما أن الشاب من قسم اللغة العربية و أحب تطبيق درس التورية على حديثه معنا ، ما المشكلة في ذلك ؟

تنهد لؤي متأملًا في عيون وليد السوداء : إنك عجيب يا وليد ، عجيب جدًا ، لا أدري أي طريقة تلك التي يفكر بها عقلك ، ألا تهتم حقًا بسخريتهم ؟

 

همس بسعادة : لا تحزن ، إن الله معنا ، يجب أن نتخذ هذا كشعار لنا ، فلتخبروني ، إن لم ندعو نحن إلى الله ، فمن الذي سيدعو إليه و ينصح ؟

 

سحب نفسًا و أكمل : أمثل وسيلة نشكر بها الله تعالى عل نعمة هدايته أن نأمر بالمعروف و ننهى عن المنكر و ندعو إليه ، أليس كذلك ؟

ابتسم عبد الله : كلامك صائب ، ليعيننا الله على ذلك .

 

نظر وليد إلى لؤي ، فضحك الأخير : لا تنظر لي هكذا ، لن أعلق على كلامك ، إنني مغتاظ كيف أنك دومًا تقنعني بوجهة نظرك ، أتمنى لو أني أقنعك بوجهة نظري يومًا .

 

ضحك الجميع بما فيهم لؤي ، و سرعان ما انجلى الهم عن صدره و هو يردد بداخله : نحن الأعلى ، نحن الأسمى ، و واجبنا الدعوة إلى الله ، و نصرة ديننا .

 

***

 

أحكمت سارة الغطاء حولها ، ثم أخفت وجهها بداخله كمحاولة لتخفيف البرد عن أنفها المحمرة ، الرياح تعوي في الفضاء ، و السماء رمادية اكتظت بالغيوم الثقيلة ، الهواء بارد ينسل برشاقة من أطراف النافذة ، تقلبت يمينًا و يساراً ، همست : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، بسم الله .

 

تركت فراشها الدافئ ، و بصعوبة جلست على المقعد المتحرك ، و اتجهت صوب دورة المياه ، توضأت بالماء البارد ليدفع عنها النوم ، استقبلت القبلة ، و تمتمت بهدوء : و من يدري أيا نفسي أتكون تلك الليلة الأخيرة التي أصلي فيها لربي ؟ أم سيمهلني الله في عمري كي أستزيد بطاعاتي ؟

 

 

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

 

أكملي رعاك ِ الله .. فأنا متابعة ^^

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

 

بارك الله فيك وفي قلمك المبدع

رواية رائعة حقا ,ومما زاد في روعتها ذاك البريق الذي ينبض من خلال كلماتها البديعة واسلوب الكتابة الذي نهجتيه في سردك للاحداث

انت حقا نبض اديبة

 

تقبلي مروري وتحياتي لك بمزيد من الابداعات

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

 

تقدّم علاقة دلال مع البقيّة رائعٌ جدّاً كما أنّ تحوّلها كان سريعاً !

كذلكَ الحال مع لؤي وَ وليد = )

أحببتُ شخصيّاتِ روايتكِ حقّاً ..

كما أنّ ما حصل لسارة مؤلمٌ حقّاً، وكتمانها لشعورها الحقيقي أشدّ إيلاماً = (

أصايل وَ وليد تقدّمهما كان مدهشاً !

بودّي لو أسمع صوتَ المنشد مهنّد :icon15:

 

لي ملاحظةٌ على روايتكِ حنين، ليس من النّاحيةِ الأدبية فقصّتكِ وتعابيركِ جذابةٌ جدّاً وجميلةٌ أيضاً = )

ملاحظتي من الناحية النحوية، وخاصّة الأسماء الخمسة تخطئين فيها كثيراً لو كانت روايتكِ خاليةً من تلك الأخطاء لكانت أفضل بكثييير :icon15:

 

شكراً على كل شيء حنين = )

بانتظار الجزء القادم أو الأجزاء القادمة :mrgreen:

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

أين أنتِ يا حنين ؟

لا أطيق الانتظار، أرجوكِ ضعي جزءاً جديداً = )

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

,,

السَّلام عَلَيكُم وَرَحمَۃ اللَّـہ وَبَرَكَاتُـہ ..

 

الرِّوَايَۃ رَاائِعَۃ وَرَائِعَۃ جِدًّا ..

فِي فَترَة الانقِطَاع كُنت سَأُرَاسِلُڪِ لِتَضَعِي الرِّوَايَۃ فِي مُدَوَّنَتِڪِ ..

لَكِنِّي تَمَكَّنت مِن الدُّخُول قَبل مُرَاسَلَتِڪِ ..

 

بَارَڪ اللَّـہ فِيڪِ وَأَنتَظِر الأَجزَاء البَاقِيَۃ بِشَوق ^^

 

الجُ ـمانة

post-31583-1235585597.gif

post-31583-1235403415.gif

,,

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

ما شاء الله ..

كلمات انسابت كالدرر وحروف نسجت قصة روعتها بروعة كاتبتها :)

قرات كل حرف منها بتركيز وامعان احسست اني بينهن وبصحبتهن انعم !

بارك الله في قلمك همة :)

 

واصلي ونحن معك نتابع ^^

بشوق لمعرفة النهاية ،، لكِ ودي !

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

همتي ما الخطب ؟ لعل المانع خير أم تراك نسيتينا ؟؟

مازلنا ننتظرك مبدعتنا

 

أنا أيضا بحثت عن الرواية بالمدونة ولم أجدها :wub:

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

سندس و إستبرق + ابتهالات + أم بلال + لجونــه + أمة الله + جمونـــه + مسك الريحان + شوق الرضا

 

ربي يسعدكن غالياتي كما تسعدنني بمروركن اللطيف هُنا

آسفة جدًا جدًا للتأخير :icon15:

 

::

 

لجونــه ----> جزاكِ الله خيرًا يا غاليــه لحرصكِ على تنبيهي ، و بالفعل أنا لم أدقق في الرواية نحويًا أبدًا ://

جمونــه و مسوكــه و ابتهالات ----> سعيده بوجودكنّ و متابعتكن ، لكنّ ودّي ،،

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×