اذهبي الى المحتوى
~ أم العبادلة ~

كيفية التعامل مع كثرة بكاء الأطفال

المشاركات التي تم ترشيحها

كيفية التعامل مع كثرة بكاء الأطفال

أ. عائشة الحكمي

 

 

السؤال

 

لديَّ صديقة ابنتها عمرُها ثلاث سنوات، كثيرة البكاء جدًّا جدًّا، إلى درجة أنَّها أرهقت والدتها، ودائمًا ما ننصحها أن تتركَها تبكي حتى تسكت عن البُكاء بمفردها، ولكنَّها تقوم بلَفْتِ النظر بطُرق مختلفة، إمَّا "الاستفراغ"؛ بسبب كثرة البكاء، أو التبوُّل، أو النوم، والأم تشكو كثيرًا بسببها، خاصَّة عندما تَخرج في مكان عام، وتُريد البنتُ أن تشتري شيئًا، ويَرْفِض والدها شراءَ ذلك، تقوم بالبكاء والرَّفْسِ.

 

تَرَونَ ما العلاج المناسب؟ وما تفسير هذه الحالة؟

أرجو أن تقوم بالرد أ. عائشة الحكمي.

 

الجواب

 

لبيكِ عزيزتي الغالية، حياكِ الله.

أشكر لكِ ثِقتَكِ الغالية، كما أشكر لكِ إخلاصكِ وحُسن اهتمامكِ بصديقتكِ وابنتها، رَزَقك الله ما تُحبين وفوق ما تُحبين، آمين.

 

يُعَدُّ الغضب أحدَ أكثر انفعالات الأطفال حدوثًا وتَكْرارًا في مرحلة الطُّفولة المبكرة؛ حيثُ كشفت أبحاث علماء نفس النُّمو في هذا المجال أنَّ انفجاراتِ الغضب تبلُغ قمَّتها فيما بين الثالثة والرابعة من عمر الطفل، ثم تَهدأ نسبيًّا بعد ذلك، كما أظهرت النتائجُ أن البنات أكثرُ إظهارًا لثورات الغضب من البنين حتى سن الثالثة، ثم ينعكس الوضعُ، ويصبح غضبُ البنين أكثرَ حِدَّة من البنات بعد سن الثالثة، وأن أكثرَ الأطفال انفعالاً: الطفلُ الأول والأخير في الترتيب الميلادي.

 

وقد وجدت العالمة النفسية F.L.Goodenoufh أنَّ البُكاءَ يصل إلى ذِروته في نِهاية السنة الرابعة، بينما يصلُ الصراخ إلى ذِروته في نهاية السنة الثالثة، كأهمِّ مَظْهرين من المظاهر الصوتية للغضب عند الأطفال.

 

أكثر أسباب بكاء الطفل في هذه المرحلة هي في الحقيقة ذات منشأ نفسي، ويَنْدُر أن تكون ذات منشأ فسيولوجي أو لعِلَّة مرضية؛ حيثُ يلعب النظام التربوي المتبع مع الطفل في البيت الدَّورَ الأبرز في تشجيع انفعال الغضب ومظاهره، كالبُكاء والصُّراخ عند الأطفال؛ إذ يكتشف الطفلُ بالملاحظة والتعلُّم أنَّ البكاء هو أسهل طريقة لتحقيق مَطالبه ومُسايرة رَغباته، ومِن ثَم يصبح البكاءُ وسيلةً لتأكيد الذات لديه، وحين يستجيب الأهلُ في كل مرة يبكي فيها، فإنه يَعْمِدُ إلى تَكرار البكاء؛ لأنه يَجد الإثابة على بكائه من بيئته بدلاً من عقابه على ذلك.

 

ومع ذلك تؤكد العالمة النفسية E.B.Hurlick أهميةَ التعب، والمرض، ومواعيد تناوُل الطعام، والترتيب الميلادي، والجو الانفعالي السائد في تغيير وإثارة غضب الطفل.

 

علاج المشكلة:

أولاً: على الوالدَين أنْ يضبطا نفسَيْهما وانفعالاتِهما عند حُدوث نوبة البُكاء، وينظرا إلى المشكلة بهدوء وتسامح بعيدًا عن أسلوب الصُّراخ والتوبيخ، أو أسلوب المجادلة المنطقية، أو حتى مُحاولة تَهدئة بكاء الطفلة، فكلُّ هذه الأساليب عقيمة وغير نافعة، مع الحرص على الالتزام والثَّبات على معايير تربوية واحدة بين الوالدين، يتَّفقان سابقًا على انتهاجها في تربية ابنتهما الصغيرة.

 

ثانيًا: لتفادي نوبات الغضب وانفجارات البُكاء قبل وقوعها، على والديها مُراعاة ما يلي:

1- إشعار ابنتهما بأنَّها أصبحت الآن قادرةً على التحكُّم في أمورها؛ إذ لا بُدَّ من التعامُل مع الطفلة بمرونة شديدة فيما يَخُصُّ اختيارَها للطعام، أو رغبتها في ارتداء ملابس مُعيَّنة، أو حتى النوم في وقت معين في بعض الأحيان.

 

2- عدم إعطاء الطفلة أوامر لا يُمكن التراجُع عنها.

 

3- التعامُل مع الطفلة باحترام كما يُعامَل الشخصُ الراشد تمامًا، فإذا فَشِلَت الطفلةُ في تعلُّم سلوك معين، فعلى الأمِّ أن تضبط انفعالاتِها؛ لأنَّ الطفل يتعلم بالتقليد هذه الانفعالات وتلك التصرُّفات، ولتحرص على ألاَّ تزجر ابنتها أمام الآخرين، أو تجرح مشاعرها إذا أخطأت، بل توجهها برِفْق وأدب ولطف وصبر.

 

ثالثًا: هناك عدة أساليب لمعالجة انفجارات الأطفال الانفعالية من ذلك:

- تحويل انتباه الطفلة إلى شيء آخر غير الشيء الذي تبكي من أجله، أو مَدُّها بنشاط بديل مُثير، فإذا كانت تبكي في المطعم مثلاً؛ لأنَّها ترغب بتناول مَزيد من الحلوى، فيُمكن لوالدتِها أن تلفتَ نظرَها إلى أيِّ شيء آخر مَوجود في المطعم، كوجود طفل آخر، أو صوت سيارة، أو طائرة مَرَّت بالقرب، أو إلى لوحة مُعلقة على الحائط، أو حتى إلى لعبتها المفضلة التي تَحملها معها، وهكذا.

 

- التجاهُل التام خلال نوبة البُكاء، وعدم مَنحها أي اهتمام ما دامت تبكي، مع الحرصِ على الاهتمام بها في الأوقات الأخرى التي تتصرف خلالَها الطفلة بلُطف وأدب ونضج؛ كي تتعلم أنَّ البكاءَ ليس وسيلة نافعة لجذب الانتباه، وحتى لو كانت الأم وابنتها في مكان عام كالسوق مثلاً، فيجب على الأم ألاَّ تلبي طلبات ابنتها إذا كانت ممنوعة عنها، ولا تجعل الخجلَ من نظرات الناس سببًا في إسكات طفلتها بتلبية رغباتِها؛ لأنَّ الناسَ أيضًا لديهم أطفالٌ، ولدى أطفالهم مشكلات، فلا تلتفت إطلاقًا إلى نظرات الناس، ولا إلى بكاء طفلتها، وقطعًا ستتواءَم الطفلة مع وضعها الجديد؛ لأنَّها طفلة قيد التعليم، تحتاج الأم فقط إلى صبر وثبات في الأسلوب المتبع في التربية، وسينتهي كل ذلك عمَّا قريب إن شاء الله.

 

- عزل الطِّفلة عن الآخرين، وتخصيص غرفة مُعينة في البيت، أو وسادة مُخصَّصة، أو كرسي خاص للعقوبة على البكاء، فإذا بَدَأتِ الطفلة في البكاء، تقوم والدتُها باصطحابِها إلى هناك؛ لتبكي وتقول لها: "يزعجني صوتك وأنت تبكين، وكذلك يُزعج والدك؛ لذا تستطيعين البُكاء هنا بمفردك كما يحلو لكِ"، فإذا توقَّفت عن البكاء من فورها، فيَجب إثابتها بالاحتضان وإخبارها بأنَّها سعيدة وفخورٌ بها؛ لأنَّها توقفت عن البكاء من تلقاء نفسِها، أما إذا استمرت تبكي، فتتركها هناك وتغادر الغرفة إلى أنْ تتوقف طفلتها عن البكاء من تلقاء نفسها.

 

- تسجيل صوتها وهي تبكي على شريط (كاسيت)، وحين تبدأ بالبكاء تقوم والدتُها بتشغيل الشريط، وتغادر الغرفة، وهي تقول لها: "سنرى من سيسكت أولاً، أنتِ - وتقول اسمها - أم التي تبكي في شريط التسجيل؟".

 

رابعًا: الإكثار من الدعاء لابنتها بالصَّلاح والهداية، فحين ولدت أم مريم ابنتها مريم - عليها السلام - قالت: ﴿ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ [آل عمران: 36]، لقد عوذتها وعوذت ذريتها معها، كما كان من دعاء إبراهيم - عليه السلام - قوله: ﴿ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء ﴾ [إبراهيم: 40]، وقد قيل: في أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - نزل قول الله - تعالى -: ﴿ حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأحقاف: 15].

 

ختامًا:

قال ابن قيم الجوزية في "تحفة المودود بأحكام المولود": "ولا ينبغي أنْ يشق على الأبوين بُكاء الطفل وصراخه، ولا سيما لشُربه اللبنَ إذا جاع، فإنه ينتفع بذلك البُكاء انتفاعًا عظيمًا، فإنَّه يروِّض أعضاءه، ويوسع أمعاءَه، ويفسح صدره، ويسخن دماغه، ويَحمي مزاجه، ويثير حرارتَه الغريزية، ويُحرك الطبيعة؛ لدفع ما فيها من الفضول، ويدفع فضلاتِ الدماغ من المخاط وغيره".

 

دمتِ بألف خير، ولا تنسَيني من صالح دعائكِ.

 

المصدر الألوكة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبراكاته

بارك الله فيكِ غاليتي امة الرحمن

موضوع مفيد

نفع الله به وبكِ

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بوركت امومة

مقال مفيد كثير

انا عانيت من بكاء زهرة ليلا و نهارا حتى بلغت اكثر من سنة

الحمد لله على كل حال

جزاك الله خير

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×