اذهبي الى المحتوى
المحبـــة لله

||حلقة "على حــ♥ـــب الله التقينا " للمدارسة وحفظ القرآن الكريم||

المشاركات التي تم ترشيحها

لا عليكِ أختي الحبيبة :)

 

أما عن سؤالكِ " متى تكتب الهمزة على الألف ومتى لا تكتب "

إذا كانت الهمزة همزة قطع نكتب الهمزة على الألف ، أما إذا كانت ألف الوصل لا نكتب الهمزة

مثال على همزة القطع : قوله تعالى : { ثُمَّ إنّي أعلَنتُ لَهُم و أسرَرتُ لَهُم إسراراً }

 

مثال على ألف الوصل : قوله تعالى : { فَقُلتُ استَغفِروا رَبَكُم إنَّهُ كانَ غَفاراً }

 

 

 

وإليكِ أختي الحبيبة هذا الموضوع سوف يفيدك في ذلك

 

تم تعديل بواسطة عروس القرآن

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

شكرا يا غالية جزاك الله خيرا حبيبتي على التوضيح

واحتاج مراجعة سريعة لقواعد اللغة لاني نسيتها للاسف :huh:

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

أعوذ بالله من الشَّيطان الرَّجيم

 

 

قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً (5)...... عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً (11)

 

 

قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً (5) فَلَم يَزِدهُم دُعآئي~ إلا فِراراً * وإنّي كُلَما دَعوتُهُم لِتغفِرَ لَهُم جَعلوآ أصابِعَهُم في~ أذانِهِم واستَغشَو ثِيابَهُم وأصَروا واستَكبَروا استِكباراً * ثُمَّ إنّي دَعوتُهُم جِهاراً * ثُمَّ إنّي أعلَنتُ لَهُم وأسرَرتُ لَهُم إسراراً * فَقُلتُ استَغفِروا رَبَكُم إنَّهُ كانَ غَفارا * يُرسِلِ السَّمآءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً (11)

 

 

 

وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (10) .... إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20)

 

 

وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (10) يُبَصرونَهُم يَوَدُ المُجرِمُ لَو يَفتَدي مِن عَذابِ يَومئذٍ بِبَنيه * وَصاحِبَتِهِ وأخيه * وَفصيلَتِهِ التي تُؤويه * وَمَن في الأرضِ جَميعاً ثُمَّ يُنجيه * كَلا إنَّها لَظى * نَزاعَةً لِلشَوى * تَدعوا مَن أدبَرَ وَتَوَلى * وَجَمَعَ فأوعى * إنَّ الإنسانَ خُلِقَ هَلوعا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20)

 

 

فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22)..... لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33)

 

 

فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطوفُها دانِية * كُلوا واشرَبوا هَنيئاً بِما أسلَفتُم في الأيامِ الخَالِية * وأمَّا مَن أوتِيَ كِتابَهُ بِشمالِهِ فَيقولُ ياليتَني لَم أوتَ كِتابِيَة * وَلَم أدري ما حِسابِيَة * ياليتَها كانَتِ القاضِيَة * مآ أغنى عَني مَالِيَة * هَلَكَ عَنّي سُلطانِيَة * خُذوهُ فَغُلوه * ثُمَّ الجَحيمَ صَلوه * ثُمَّ في سِلسِلَةٍ ذَرعُها سَبعونَ ذِراعاً فاسلُكوه *إنَّهُ كانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33)

 

 

فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ (21)..... لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (33)

 

 

فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ (21) أن اغدوا على حَرثِكُم إن كُنتُم صارِمين * فانطَلَقوا وَهُم يَتخافَتون * أن لا يَدخُلنّها اليومَ عَليكُم مِسكين * وَغَدَو على حَردٍ قادِرين * فلما رَأوها قالوآ إنَّا لضآلّون * بَل نَحنُ مَحرومون * قالَ أوسَطُهُم ألم أقُل لَّكُم لَولا تُسَبِحون * قالوا سُبحانَ رَبِنآ إنَّا كُنَّا ظالِمين * فأقبَلَ بَعضُهُم على بَعضٍ يتلاوَمون * قالوا ياويلَنا إنَّا كُنّا طاغين * عَسى رَبُنآ أن يُبدَلَنا خَيراً مِّنها إنَّآ إلى رَبِنا راغِبون * كذلِكَ العَذاب ولَعَذابُ الآخرةِ أكبَر لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (33)

 

قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ ..... مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ (30)

 

 

قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُم السَّمعَ والأبصارَ والأفئِدَةَ قليلاً ما تَشكُرون * قُل هُوَ الذي ذَرَأكُم في الأرضِ وإليهِ تُحشَرون * ويقولونَ مَتى هذا الوَعدُ إن كُنتُم صادِقين * قُل إنّما العِلمُ عِندَ اللهِ وإنّما أنا نَذيرٌ مُّبين * فَلَما رَأوهُ زُلفَةً سيئَت وُجوهُ الذينَ كَفروا وَقيلَ هذا الذي كُنتُم بِهِ تَدَعون * قُل أرأيتُم إن أهلَكَنيَ اللهُ وَمَن مَعِيَ أو رَحِمَنا فَمَن يُجيرُ الكافِرينَ مِن عَذابٍ أليم * قُل هُوَ الرَّحمنُ آمنَّا بِهِ وعليهِ تَوكلنا فَستَعلَمونَ مَن هُوَ في ضَلالٍ مُّبين * قُل أرأيتُم إن أصبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ (30)

 

 

 

 

 

ما شاء الله عليك

حفظ متقن جدا وممتاز كما عهدتكِ ^_^

أسأل الله أن يثبته في صدرك

ويزيدك من فضله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

هل نكمل باقي القواعد القرآنية ~

:)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

 

ما شاء الله عليك

حفظ متقن جدا وممتاز كما عهدتكِ ^_^

أسأل الله أن يثبته في صدرك

ويزيدك من فضله

الحمد لله رب العالمين :)

اللهـــــــــــــــــم آميــــــــــــــــــن ، ولك بالمثل أختي الحبيبة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جيد حبيبتي ... بأنتظار القاعدة الخامسة عشر لتضعيها ان شاء الله :)

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85.png

" القاعدة الخامسة عشر"

{ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ }

 

نتحدث اليوم عن قاعدة من القواعد القرآنية المُحكمة والتي تبعث الأمل في نفوس أهل الإيمان وتملأ قلوبهم ثقة ويقينا ، وهذه القاعدة جاءت على لسان موسى عليه السلام وهو يُبشر قومه الذين آمنوا به بحسن العاقبة لهم في الدنيا قبل الآخرة والتمكين في الأرض إن هم لا زموا التقوى

* وجاءت هذه القاعدة بلفظ مقارب في خطاب الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم في خواتيم سورة طه { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132)} وأيضاً جاءت هذه القاعدة بلفظ مقارب بعد انتهاء قصة قارون في خواتيم سورة القصص قال تعالى : { تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83)}

 

ومن المعلوم أن العاقبة هنا لا تنحصر في الآخرة التي ضمن الله تعالى النجاة فيها للمتقين كما في قوله تعالى : { وَالْآَخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (35) } سورة الزخرف ، بل هي عامة في الدنيا والآخرة

 

* ولكن قبل أن نسأل : أين هذه القاعدة من واقعنا ؟ فلنسأل : أين تحقيق التقوى على الوجه الصحيح ؟! وإلا فوعد الله لا يتخلف !

 

* وإذا تأملنا هذه الآيات السابقة التي هي في خواتيم سورة طه في قوله تعالى : { وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى } وبعد قصة قارون في سورة القصص في قوله تعالى : { وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } ، نجد أن حقيقة العاقبة أنه كل ما يعقب أمراً ويقع في آخرة من خير أوشر إلا أنها غلب إستعمالها في أمور الخير

فالمعنى أن التقوى تجيء في نهايتها عواقب خير ، واللام في قوله تعالى : { لِلتَّقْوَى } ، و{ لِلْمُتَّقِينَ } للمِلك تحقيقاً لإرادة الخير من العاقبة ، كما جاءت هذه الجملة بهذا الأسلوب لتوكيد معنى العموم ، أي لا تكون العاقبة إلا للتقوى

 

وما أحوجنا ونحن نشاهد ما نشاهده على المستوى الفردي والجماعي أن نتامل هذه القاعدة !

 

** ونبدأ بالإشارة إلى المستوى الجماعي :

 

فإن أمة الإسلام تمر منذ قرون بحالة من الضعف والتفرق وتسلط الأعداء على كثير من أبنائها ، وهذه الحالة قد تجعل بعض الأفراد المنتسبين إلى الإسلام أن يبحث عن موطئ قدم خارج دائرة الإسلام فيذهب غربا وشرقاً بحثا عن مبادئ أخرى لا تمت بالإسلام بصلة

* ومن المؤلم في أمثال هؤلاء أنهم لم يروا في حضارة الشرق والغرب إلا الجانب الإيجابي وعميت أبصارهم عن الجوانب المظلمة وما أكثرها !

هذه الحضارة التي إعتنت بالجسد وأهملت الروح وعمرت الدنيا وخربت الآخرة

 

* ومن ذلك ما نذكره من انهيار النظام الإقتصادي الرأسمالي الذي قام على مصادمة منهج الله العادل في شأن المال فرأى أربابه صدق ما توعد الله تعالى به من أكلة الربا من المحق وفي كل يوم نسمع عن مليارات ضائعة وشركات عالمية أفلست ومئات من البنوك أغلقت على مستوى العالم ! حينها قال من قال : لابد من العودة إلى المنهج الإسلامي في الإقتصاد وصدق الله تعالى : { وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50) } سورة المائدة وصدق الله تعالى : { وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى }

وما أحوج الدول والجماعات الإسلامية إلى أن يتدبروا هذه القاعدة جيداً ، وأن يتأملوا العواقب التي جناها مخالفوا التقوى في الأنظمة والحُكم والسلوك

 

* ومن تدبر مجيء قوله تعالى على لسان موسى عليه السلام وهو يخاطب قومه المضطهدين عدة قرون : { قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128) } سورة الأعراف ، عرف حاجة الدول والمجتمعات إلى تدبر هذه الآية جيداً ، وأن وعد الله تعالى لا يتخلف دولاً كان أو شعوباً ، وتأمل أيضاً قوله تعالى : { الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41) } سورة الحج

* ومن أراد أن يعرف الآثار السيئة التي لقيها العالم حين بعد المسلمين عن دينهم فليقرأ كتاب الشيخ " أبي الحسن الندوي " رحمه الله : " ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين " !!

 

** أما على المستوى الفردي :

 

فإن الحديث فيها يحتاج إلى بسط أكثر ولكن حسبنا في مقامنا هذا أن نشير إلى أهمية هذه القاعدة في حياتنا اليومية

* ففي آية القصص { وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } جاءت بعد قصة قارون الذي لم يصبر على شهوة المال ! وفي ذلك إشارة إلى حاجة العبد " رجل كان أو امراة " لتدبر هذه القاعدة وخاصة ونحن نعيش في جو من الفتن والمغريات التي تصرفنا عن دين الله تعالى ، فكلما دعته نفسه إلى ما يخالف التقوى فليُذكِرها بحسن العاقبة للمتقين في الدنيا والاخرة

 

* وكذلك الداعية إلى الله تعالى ما أحوجه إلى هذه القاعدة وهو يسير في طريق الدعوة الطويل والمليء بالإبتلاء بالخير والشر ، وخصوصاً إذا لم يكن يجد معيناً ولا ناصراً ، بل قد يجد مناهضاً ومعادياً !

 

* يقول شيخنا العلامة ابن باز رحمة الله تعالى بعد أن ذكر شيئا مما تعرض له إمام الدعاة محمد صلى الله عليه وسلم من أذى وابتلاء : " فكيف يطمع أحد بعد ذلك أن يَسلَم ؟ أو يقول متى كنت متقياً أومؤمنا فلا يصيبني شئ ؟!

ليس الأمر كذلك بل لابد من الإمتحان ومن صبر حَمِدَ العاقبة كما قال تعالى : { فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (49)} سورة هود ، وقوله تعالى : { وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } فالعاقبة الحميدة لأهل التقوى متى صبورا واحتسبوا وأخلصوا لله تعالى وجاهدوا أعداءه فالعاقبة لهم في الدنيا والآخرة كما قال عزوجل : { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69) } سورة العنكبوت

فأنت يا عبد الله في أشد الحاجة إلى تقوى ربك ولزومها والإستقامة عليها ولو جرى ما جرى من الإمتحان ، ولو أصابك ما أصابك من الأذى والإستهزاء من أعداء الله أو الفسقة والمجرمين فلا تبالِ ، واذكر الرسل عليهم السلام جميعاً فقد أوذوا واستهزئ بهم وسخر منهم ولكنهم صبروا فكانت العاقبة الحميدة لهم في الدنيا والآخرة فأنت يا أخي كذلك اصبر وصابر "

 

* ومفهوم هذه القاعدة القرآنية المحكمة : " أن كل من لم يكن تقياً في جميع أحواله وأفعاله فلا عاقبه حسنة له وإن أُمهل زمناً وهذه سنة الله تعالى في خلقه "

 

* وكان شيخ الإسلام ابن تيمية يستدل بهذه القاعدة القرآنية { وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } وأمثالها أثناء هجوم التتار على بلاد الإسلام وكان يقسم بالله أن التتار لن ينصروا بل سيخذلوا وينكسروا وكان مما قال حينها : " وأعلموا أصلحكم الله أن النصرة للمؤمنين والعاقبة للمتقين وأن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون وهؤلاء القوم مقهورون مقموعون والله تعالى ناصرنا عليهم ومنتقم لنا منهم ولا وحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فأبشروا بنصر الله تعالى وحسن العاقبة " وقد تحقق هذا الأمر والحمد لله رب العالمين

 

اللهم ارزقنا تقواك واجعلنا من عبادك المُخلَصين

 

 

وإلى لقاء آخر مع قاعدة جديدة بإذن الله تعالى ..

  • معجبة 2

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85.png

" القاعدة السادسة عشر"

 

{قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ}

 

الحمد لله ما حمده الحامدون، وغفل عن ذكره الذاكرون، وصلى الله وسلم على نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبدالله، وعلى وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فهلم بادي الخير لنتدبر وقافين مع: (قواعد قرآنية)، لنتأمل جميعاً في قاعدة من القواعد القرآنية، التي يحتاجها الإنسان في مقام التمييز بين الأقوال والأفعال، والسلوكيات والمقالات، إنها القاعدة القرآنية التي دل عليها قول الله تعالى: {قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ} [المائدة:100].

 

والخبيث: ما يكره بسبب رداءته وخساسته، سواء كان شيئاً محسوساً، أو شيئاً معنوياً، فالخبيث إذاً يتناول: كل قول باطلٍ ورديء في الاعتقاد، والكذب في المقال، والقبيح من الفعال، فكل خبيث لا يحبه الله ولا يرضاه، بل مآله إلى جهنم، كما قال: {وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ} [الأنفال:37].

وإذا تبين معنى الخبيث ههنا، فإن الطيب عكس معناه، فالطيب شامل: للطيب والمباح من الأقوال والأفعال والمعتقدات، فدخل في هذه القاعدة كل ما يحبه الله تعالى ويرضاه من الواجبات والمستحبات والمباحات. فلا يستويالإيمان والكفر، ولا الطاعة والمعصية، ولا أهل الجنة وأهل النار، ولا الأعمال الخبيثة والأعمال الطيبة، ولا المال الحرام بالمال الحلال [ينظر: مفردات الراغب:272، وتفسير ابن جزي والسعدي لهذه الآية].

 

وهذه القاعدة القرآنية هي صدر الآية الكريمة: {قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة:100] والتي سيقت في معرض الحديث عن أنواع من المطاعم والمشارب والصيد، وتفصيل الحرام والحلال فيها.

 

ولا ريب أن الغرض من الآية ليس مجرد الإخبار بأن الخبيث لا يستوي هو والطيب، فذلك أمرٌ مركوز في الفَطَر، بل الغرض هو الحث والترغيب في تتبع كل طيب من القول والعمل والاعتقاد والمكسب، والتنفير من كل خبيث من القول والعمل والاعتقاد والمكسب.

ولما كان في بعض النفوس ميلٌ إلى بعض الأقوال أو الأفعال أو المكاسب الخبيثة، ولما كان كثيرٌ من الناس يؤثر العاجل على الآجل، والفاني على الباقي، جاء التحذير من الخبيث بأسلوب عجيب يقطع الطريق على من قد يحتج بكثرة من يتناول هذا الخبيث، فقال: {وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ} وذلك أن في بعض الخبائث شيءٌ من اللذة الحسية أو المعنوية، كالحصول على مالٍ كثير لكن من طريق حرام، أو الوصول إلى اللذة الجسدية عن طريق الزنا، أو الخمر أو غيرهما من الملذات المحرمة، فهذه قد تغري الإنسان، وتعجبه، إلا أنه مع كثرة مقداره، ولذاذة متناوله، وقرب وجدانه، سبب للحرمان من السعادات الباقية الأبدية السرمدية التي إليها الإشارة بقوله: {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبّكَ} [الكهف:46]، وإذا كان الأمر كذلك فالخبيث ولو أعجبك كثرته يمتنع أن يكون مساوياً للطيب الذي هو أعظمه: معرفة الله ومحبته، وطاعته، فتلك هي - والله - الحياة الطيبة التي وعد بها من استقام على أمره، بأن يطيب عيشه فيالدنيا والبرزخ والآخرة، قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل:97] هؤلاء هم الذين طابت أقوالهم وأفعالهم وحياتهم، فطاب مماتهم ورجوعهم إلى الله، كما قال: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِين} [النحل:32] نسأل الله الكريم المنان من فضله الواسع العظيم.

 

أيها المسلم:

ولعظيم موقع هذه القاعدة وما دلّت عليه، فإن المتأمل للقرآن يجد عجباً من كثرة التأكيد على العمل بما دلّت عليه هذه القاعدة، ومن ذلك:

 

1- التأكيد على ضرورة العناية بالمكاسب الطيبة، ولم يستثن الله أحداً من عباده المؤمنين في الحث على هذا الأمر، بالإضافة إلى العمومات الآمرة بطيب المكسب، كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِين} [البقرة:168] إلا أن الله تعالى خص الرسل عليهم الصلاة والسلام - الذين كانوا أطيب الناس حساً ومعنى - بخطاب خاص في هذه المسألة بالذات، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون:51].

 

وكلُّ هذا يؤكد ضرورة العناية بهذا الباب العظيم الذي هو طيب المكسب، ولقد كان سلفنا الصالح شديدي العناية بهذه المسألة، ولربما سافر أحدهم مئات الأميال، وتغرب عن وطنه، كل ذلك بحثاً عن لقمة طيبة حلال، حتى قال سفيان الثوري: "إن طلب الحلال هو عمل الأبطال".

ولقد كان من أعظم أسباب العناية بطيب المكسب عند أسلافنا أمور، من أهمها:

 

أ- أن الله طيب لا يقبل إلا طيباً كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.

ب- أن هذه المكاسب مما تنبت عليها الأجساد.

 

ولهذا فإن مما يوصى به كثرة الصدقة كلما كثر المال، أو قويت فيه الشبهة، كما أوصى بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - من يتعاطون التجارة، حيث يقول صلى الله عليه وسلم فيما رواه أهل السنن من حديث قيس بن أبي غرزة - رضي الله عنه - قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم - ونحن نسمى السماسرة - فقال: «يا معشر التجار، إن الشيطان والإثم يحضران البيع» وفي لفظ: «إنه يشهد بيعكم الحلف واللغو فشوبوه بالصدقة»، «فشوبوا بيعكم بالصدقة» [قال الترمذي: حديث حسن صحيح].

وإذا كان هذا شأن هذه المسألة - أعني طيب المكسب - فعلى الناصح لنفسه أن يجتهد في طيب مكسبه، والحذر من أي شيء يكدره، خصوصاً وقد اتسعت على الناس اليوم أنواع من المكاسب المحرمة فضلاً عن المختلطة والمشتبهة، كبعض الشركات الموجودة في أسواق الأسهم المحلية والعالمية.

 

2- ومن هدايات هذه القاعدة القرآنية العظيمة: {قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} أنه لا يصح - أبداً - أن نجعل الكثرة مقياساً لطيب شيءٍ ما، وصحته وسلامته من المحاذير الشرعية، وهذا أمرٌ يصدق على الأقوال والأفعال والمعتقدات، بل يجب أن نحكم على الأشياء بكيفيتها وصفتها وبمدى موافقتها للشرع المطهر.

تأمل - مثلاً - في قلة أتباع الرسل وكثرة أعدائهم: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنعام:116] ، وهذا مما يؤكد على الداعية أهمية العناية بالمنهج وسلامته، وأن لا يكون ذلك على حساب كثرة الأتباع! وهذا موضعٌ لا يفقهه إلا من وفقه الله تعالى، ولا يصبر عليه إلا من أعانه الله وسدده، لأن في الكثرة فتنة، وفي القلة ابتلاء.

 

 

وإليك مثالاً ثالثاً يجلي لك معنى هذه القاعدة بوضوح، وهو أن تتأمل في كثرة المقالات والعقائد الباطلة وكيف أن المعتقد الحق هو شيء واحدٌ فقط، قال تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام:153].

 

والله الذي لا إله غيره، ما في الخبيث من لذة إلا وفي الطيّب مثلها وأحسن، مع أمن من سوء العاقبة في الدنيا والآخرة، والعاقل حين يتحرر من هواه، ويمتلئ قلبه من التقوى، ومراقبة الله تعالى، فإنه لا يختار إلا الطيب، بل إن نفسه ستعاف الخبيث، ولو كان ذلك على حساب فوات لذات، ولحوق مشقات، فينتهي الأمر إلى الفلاح في الدنيا والآخرة، مسلياً نفسه بقوله تعالى: {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا} [النساء:77].

 

جعلنا الله وإياكم من الذين طابت أقوالهم وأفعالهم، فطاب منقلبهم ومآلهم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

وإلى لقاء آخر مع قاعدة جديدة بإذن الله تعالى ..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جميلة جداا هذه القاعدة أختي الحبيبة ونحتاجها كثيــــــــــــــراً في حياتنا

أسأل الله تعالى أن يجعلنا دائمـــاً نتتبع كل طيب من القول والعمل والإعتقاد والمكسب

 

جعلنا الله وإياكم من الذين طابت أقوالهم وأفعالهم، فطاب منقلبهم ومآلهم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

 

اللهــــــــــــــــــــــــــم آميـــــــــــــــــــن

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85.png

" القاعدة السابعة عشر"

 

{ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ}

 

نتحدث اليوم بإذن الله تعالى عن قاعدة من القواعد القرآنية المُحكمة في أبواب المعاملات والعلاقات بين الناس

* وهذه القاعدة القرآنية جاءت في قصة موسى مع صاحب مدين في سورة القصص والذي كان عاجزا عن طلب الماء فخرجت احدى ابنتاه للسقيا ولكنهما تأخرتا لصدور الناس عن البئر إلا أن مروءة موسى جعلته يبادر بقضاء حاجتهما من غير أن ينتظر سؤالهما في ذلك فأعجب هذا الفعل الفتاتين فذكرتا ذلك لوالديهما المقعد عن العمل فأرسل في طلبه فلما جاءه : { قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26) } سورة القصص ، تعليل لطلبها فالقوة في العمل والأمانة في أدائه على الوجه المطلوب

 

* واختيار الفتاة لهذين الوصفين فيه دليل على وفرة عقل هذه المرأة التي رأيت أكتمال هذين الصفتين في موسى فإنهما من المطالب التي تتفق عليها عقلاء البشر في جميع الأمم والشرائع

 

* وقد أخذ العلماء هذه الآية مأخذ القاعدة فيمن يلي أمراً من الأمور وكلما كانت المسؤولية أعظم كان التشديد في تحقيق هاتين الصفتين أكبر

 

* إن من تأمل القرآن الكريم وجد تلازما بين هاتين الصفتين القوة والأمانة في عدة مواضع منها :

 

الموضع الأول :

 

* ما وصف به مبلغ الوحيَّ والرسالات إلى الأنبياء والرسل عليهم جميعاً الصلاة والسلام " جبريل " في قوله تعالى : { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21) } سورة التكوير ، فانظركم وصفاً وصف الله به الرسول الملكي الكريم ! ومن ذلك وصفه بالقوة والأمانة وهما من أعظم عناصر القوة النجاح فيمن يؤدي عمل من الأعمال

 

الموضع الثاني :

 

* قول يوسف عليه السلام للملك : { قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55) } سورة يوسف ، أي حفيظ للذي أتولاه ، عليم بكيفية الإعطاء والتدبير والمنع ، وليس ذلك حرصاً من يوسف على الولاية وإنما هو الرغبة منه في النفع العام ، وقد عرف من نفسه الكفاءة والأمانة والحفظ من لم يكونوا يعرفونه

وقد أبرز يوسف عليه السلام هاتين الصفتين لا لذات المدح بل لأن الوضع الإقتصادي في مصر في ذلك الوقت كان يقتضي مبادرة في ضبط إدارة اموالها وخصوصا انها كانت مقبلة " بحسب الرؤيا " على سنين عجاف تحتاج إلى حكمة وتعقل في التصرف

 

الموضع الثالث :

 

* ما جاء في قصة سليمان عليه السلام وهو يعرض على من كان عنده امر بإحضار عرش بلقيس ملكة سبأ قال تعالى : { قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) } سورة النمل

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية معلقاً على هذه المواضع الثلاثة بكلام نفيس ، انقل لكم منه ما يناسب المقام :

 

* وينبغي أن يعرف الأصلح في كل منصب ، فإن الولاية لها ركنان : " القوة ، والأمانة " كما قال تعالى : { إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} والقوة في كل ولاية بحسبها : فالقوة في ولاية الحرب ترجع إلى شجاعة القلب والخبرة في الحروب والمخادعة فيها ، فالحرب خدعة وإلى القدرة على أنواع القتال : من رمي وطعن وضرب وكر وفر ، والقوة في الحكم بين الناس ترجع إلى العلم بالعدل الذي دل عليه الكتاب والسنة والقدرة على تنفيذ الأحكام ، والأمانة ترجع إلى خشية الله تعالى ، وأن لا يشتري بآياته ثمنا قليلاً ، وترك خشية الناس ، وهذه الخصال الثلاث التي اتخذها الله على كل من حكم على الناس في قوله تعالى : { ... فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44) } سورة المائدة

.... إلى أن قال :

 

 

* إجتما ع القوة والأمانة في الناس قليل ، فالواجب في كل ولاية بحسبها " فإذا تعين رجلان أحدهما أعظم أمانة والآخر أعظم قوة قدم أنفعهما لتك الولاية وأقلها ضررا فيها فتقدم في إمارة الحروب الرجل القوي الشجاع وإن كان فيه فجور على الرجل الضعيف العاجز وإن كان أمينا كما سئل الإمام أحمد : عن الرجلين يكونان أميران في الغزو وأحدهما قوي فاجر والآخر صالح ضعيف مع أيهما يُغزى ؟ فقال أما الفاجر القوي فقوته للمسلمين وفجورة على نفسه ، وأما الصالح الضعيف فصلاحه لنفسه وضعفه على المسليمن ، فيغزى مع القوي الفاجر

 

.... ثم قال رحمه الله مبينا منهج النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب : " ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعمل الرجل لمصلحة مع أنه قد كان يكون مع الأميرمن هو أفضل منه في العلم والإيمان"

 

* وكان رحمه الله قد قال كلمة تكتب بماء الذهب وهي : " إن المؤدي للأمانة مع مخالفة هواه يثبته الله تعالى فيحفظه في أهله وماله بعده ، والمطيع لهواه يعاقبه الله تعالى بنقيض قصدة فيذل أهله ويذهب ماله

 

* وفي ذلك الحكاية المشهورة أن بعض خلفاء بني العباس سأل بعض العلماء أن يُحدثه عما أدرك ؟ فقال : أدركت عمر بن عبد العزيز فقيل له : يا أمير المؤمنين تركت بنيك فقراء لاشئ لهم وكان في مرض موته فقال : أدخلوهم عليّ ، فأدخلوهم وهم بضعة عشر ذكر ليس فيهم بالغ ، فلما رآهم ذرفت عيناه ، ثم قال : يابنيّ ! والله ما منعتكم حقاً هو لكم ، ولم أكن بالذي آخذ أموال الناس فأدفعها إليكم ، وإنما أنتم أحد رجلين : إما صالح ، فالله يتولى الصالحين ، وإما غير صالح ، فلا أترك ما يستعين به على معصية الله ، قوموا عني !

قال هذا العالم الذي يحكي هذه القصة : فلقد رأيت بعض بنيه حمل على مائة فرس في سبيل الله ، يعني أعطاها لمن يغزو عليها

 

* قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " وفي هذا الباب من الحكايات والوقائع المشاهدة في هذا الزمان والمسموعة عما قبله ، ما فيه عبرة لذي لب ! "

 

ومن أراد أن يتوسع في فهم معاني هذه القاعدة العظيمة فاليراجع ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه " السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية "

 

اللهم ارزقنا فهم كتابك والعمل به ، واجعلنا بحق من يقوم من ولاه الله عليه

 

 

وإلى لقاء آخر مع قاعدة جديدة بإذن الله تعالى ..

تم تعديل بواسطة عروس القرآن
  • معجبة 2

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

أختي الحبيبة محبة

إيه اخبار القواعد القرآنية .. ^_^

 

كانت عندي فكرة جديدة :) في تقسيم القواعد القرآنية

مارأيكِ ؟ في أن تضع كل واحده منا قاعدتان في الأسبوع

يعني سوف أختار يومي الأحد والخميس لوضع القواعد

وأنتِ تختاري يومين

في إنتظارك .. O_o

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الحمد لله انا بخير حبيبتي وأعذريني لأنشغالي :blush:

وقرات القاعدة الـ17 من اول ما حطيتيها بس نسيت أحط القاعدة اللي بعدها :O

 

واقتراحك جميل حبيبتي

وانا اختار السبت والثلاثاء ... وبما انه دوري فسأنزل القاعدة الـ 18 الان ^_^

جزاك الله خيرا حبيبتي

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85.png

" القاعدة الثامنة عشر"

 

 

(وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه)

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبدالله، وعلى وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فهذا موعد جديد لموضوعنا المتنور: (قواعد قرآنية)، نعيش فيها مع قاعدة من القواعد المحكمة في أبواب التعامل مع الخلق، تلكم هي القاعدة القرآنية التي دل عليها قول الله تعالى: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه} [فاطر:43].

 

وهذه القاعدة القرآنية جاءت ضمن سياق آيات في سورة فاطر، يحسن ذكرها ليتضح معناها، يقول تعالى عن طائفة من المعاندين [التحرير والتنوير:12/73 في تفسير ابن عاشور لهذه الآية]: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا . اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيْقُ المَكْرُ السَّيِّئُ إلا بَأَهْلِه فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} [فاطر:42،43].

 

ومعنى هذه القاعدة التي تضمنتها هذه الآية باختصار: "أن هؤلاء الكفار المعاندين أقسموا بالله أشد الأَيْمان لئن جاءهم رسول من عند الله يخوِّفهم عقاب الله ليكونُنَّ أكثر استقامة واتباعًا للحق من اليهود والنصارى وغيرهم، فلما جاءهم محمد - صلى الله عليه وسلم - ما زادهم ذلك إلا بُعدًا عن الحق ونفورًا منه، وليس إقسامهم لقَصد حسن وطلبًا للحق، وإنما هو استكبارٌ في الأرض على الخلق، يريدون به المكر السيِّئ، والخداع والباطل، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله، فهل ينتظر المستكبرون الماكرون إلا العذاب الذي نزل بأمثالهم الذين سبقوهم، فلن تجد لطريقة الله تبديلاً ولا تحويلاً فلا يستطيع أحد أن يُبَدِّل، ولا أن يُحَوِّل العذاب عن نفسه أو غيره" [التفسير الميسر (تفسير المجمع)].

 

وهذا المعنى الذي قررته هذه القاعدة، جاء معناه في آيات أخر من كتاب الله تعالى، تأمل قوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم} [يونس:23] وقولَه تعالى: {فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ} [الفتح:10]، بل قد قرر الله تعالى أن هذا الأسلوب ـ وهو المكر ـ إنما هو منهجٌ من مناهج أعداء الرسل مع الأنبياء والرسل، فقال ـ في سورة الرعد: {وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ}[الرعد:42]، وقال عز وجل: {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} [إبراهيم:46].

 

وأما الأمثلة الفردية التي تبين معاني هذه القاعدة، فكثيرة في كتاب الله تعالى، لكن حسبنا أن نشير إلى بعضها، فمن ذلك:

 

1 ـ ما قصه الله تعالى عن مكر إخوة يوسف بأخيهم، فماذا كانت العاقبة؟ يقول تعالى: {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ}[يوسف:102] صحيح أن إخوته تابوا، لكن بعد أن آذوا أباهم وأخاهم بأنواع من الأذى، فعاد مكرهم على غير مرادهم، وفاز بالعاقبة الحسنة، والمآل الحميد من صبر وعفى وحلَم.

 

2 ـ وتأمل في قول الله تعالى عمن أرادوا كيداً بنبي الله عيسى: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عمران:54]

 

3 ـ ولما تحايل المشركون بأنواع الحيل لأذية نبينا - صلى الله عليه وسلم- قال الله عنهم: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال:30].

 

وأما في السنة، وفي التاريخ فكثيرٌ جداً، ومن قرأ التاريخ قراءة المتدبر المتأمل، وجد من ذلك عبراً، وأدرك معنى هذه القاعدة القرآنية المحكمة: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه}.

ولهذا، ولما كان المكر برسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثيراً، والكيدُ له عظيماً، سلاه الله بآية عظيمة، تبعث على الثقة والطمأنينة، والأمل والراحة، ليس له - صلى الله عليه وسلم - وحده، بل لكل داعية يسير على نهجه ممن قد يشعر بكيد الكائدين ومكر الماكرين، فقال: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ . إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}[النحل:127،128].

 

"فالله حافظه من المكر والكيد، لا يدعه للماكرين الكائدين وهو مخلص في دعوته لا يبتغي من ورائها شيئاً لنفسه، وقد يقع به الأذى لامتحان صبره، ويبطئ عليه النصر لابتلاء ثقته بربه، ولكن العاقبة مظنونة ومعروفة}إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ{ ومن كان الله معه فلا عليه ممن يكيدون وممن يمكرون" [في ظلال القرآن:4/499]، والمهم أن يحفظ سياج التقوى، ولا يقطع إحسانه إلى الخلق، ثم ليبشر بعد ذلك ببطلان كيد الماكرين.

 

أيها القارئ المحب لكلام ربه:

لعلك تلاحظ أن المكر في هذه القاعدة القرآنية: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه} لعلك تلاحظ أن المكر أضيف إلى السوء، وهذا يوضح أن المكر من حيث هو لا يذم ولا يمدح إلا بالنظر في عاقبته، فإن كان المكرُ لغاية صحيحة فهو ممدوح، وإلا فلا، ومن بلاغة البيان القرآني التعبير بالحيق مع كلمة المكر، في قوله: (ولا يحيق)، فالعرب تقول: حاق به المكروه يحيق به حيقاً، إذا نزل به وأحاط به، ولا يطلق إلا على إحاطة المكروه خاصة، فلا تقول: حاق به الخير، بمعنى: أحاط به [أضواء البيان:4/153].

 

ولعلك تتأمل معي ـ أيها المستمع الكريم ـ في الحكمة من اتباع هذه القاعدة القرآنية بقوله: {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} ليتبين أن هذه القاعدة القرآنية مطردة، وفي ذلك من التحذير من مكر السوء ما فيه، لمن تدبر ووعى، كما سبق في ذكر الآيات الكريمة الدالة على ذلك.

 

وإذا تقرر أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فإنه يدخل في هذه الآية كل مكرٍ سيئ، يقول العلامة ابن عاشور: مبيناً علة اطّراد وثبات هذه القاعدة {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه}: "لأن أمثال هذه المعاملات الضارة تؤول إلى ارتفاع ثقة الناس بعضهم ببعض، والله بنى نظام هذا العالم على تعاون الناس بعضهم مع بعض، لأن الإنسان مدني بالطبع، فإذا لم يأمن أفراد الإنسان بعضهم بعضاً تنكر بعضهم لبعض، وتبادروا الإضرار والإهلاك، ليفوز كل واحد بكيد الآخر قبل أن يقع فيه، فيفضي ذلك إلى فساد كبير في العالم، والله لا يحب الفساد، ولا ضر عبيده إلا حيث تأذن شرائعه بشيء.

وكم في هذا العالم من نواميس مغفول عنها، وقد قال الله تعالى: {وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة:205].

 

وفي كتاب ابن المبارك في "الزهد" بسنده عن الزهري قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: }لا تمكر، ولا تُعن ماكراً فإن الله يقول:{وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه}».

ومن كلام العرب: من حفر لأخيه جباً وقع فيه منكباً.

فكم انهالت من خلال هذه الآية من آداب عمرانية، ومعجزات قرآنية، ومعجزات نبوية خفية [التحرير والتنوير:22/335-336].

 

أيها الممعن النظر:

وإذا أردنا أن ننظر في آثار هذه القاعدة {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه} على أهلها في الدنياوالآخرة، فلنتأمل هذه القصص التي ذكرها ربنا في كتابه عن أهل المكر بأوليائه والدعاة إلى سبيله، فبالإضافة إلى ما سبق ذكره عن جملة من الأنبياء، نجد أمثلة أخرى لأتباعهم، نجاهم الله فيها من مكر الأعداء، ومن ذلك:

 

ـ فرعون! كم كاد لبني إسرائيل لمّا آمنوا به! ومن جملتهم ذلك الرجل الذي عرف بـ "مؤمن آل فرعون" الذي قصّ الله خبره في سورة غافر! تأمل قوله تعالى: {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ . النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}[غافر:45،46] فنجى الله المؤمن، وأما فرعون وجنوده فهم الآن، بل منذ ماتوا وهم يعذبون وإلى يوم القيامة.

 

ـ وهذا الإمام البخاري ـ صاحب الصحيح ـ كان كثير من أصحابه يقولون له: إن بعض الناس يقع فيك! فيقول: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} [النساء:76] ويتلو أيضاً: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه} [فاطر:43]، فقال له أحد أصحابه: كيف لا تدعو الله على هؤلاء الذين يظلمونك ويتناولونك ويبهتونك؟

 

فقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اصبروا حتى تلقوني على الحوض}»، وقال صلى الله عليه وسلم: «{من دعا على ظالمه، فقد انتصر}» [سير أعلام النبلاء:23/455].

 

ـ وقد ذكر ابن القيم أمثلةً تطبيقية وعملية من واقع الناس لهذه القاعدة: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه} في سياق حديثه عن المتحايلين على الأحكام الشرعية، كالمتحايلين على أكل الربا ببعض المعاملات، أو يحتالون على بعض الأنكحة، وأمثال هؤلاء، فقال: "فالمحتال بالباطل مُعَاملٌ بنقيض قصده شرعاً وقَدَرَاً، وقد شاهد الناس عيانا أنه من عاش بالمكر مات بالفقر، ولهذا عاقب الله من احتال على إسقاط نصيب المساكين وقت الجداد بحرمانهم الثمرة كلها (يشير بذلك إلى قصة أصحاب الجنة في سورة القلم)، وعاقب من احتال على الصيد المحرم بأن مسخهم قردة وخنازير، وعاقب من احتال على أكل أموال الناس بالربا بأن يمحق ماله، كما قال تعالى: {يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} [البقرة:276] فلا بد أن يمحق مال المرابي ولو بلغ ما بلغ، وأصل هذا أن الله سبحانه جعل عقوبات أصحاب الجرائم بضد ما قصدوا له بتلك الجرائم،... إلى أن قال: وهذا بابٌ واسعٌ جداً عظيمُ النفع، فمن تدبره يجده متضمناً لمعاقبة الرب سبحانه من خرج عن طاعته بأن يعكس عليه مقصوده شرعاً وقدراً، دنياً وأخرى، وقد اطردت سنته الكونية سبحانه في عباده بأن من مكر بالباطل مكر به، ومن احتال احتيل عليه، ومن خادع غيره خُدِعَ، قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ}، وقال تعالى: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه}، فلا تجد ماكراً إلا وهو ممكورٌ به، ولا مخادعا إلا وهو مخدوع ولا محتالا إلا وهو محتال عليه" انتهى كلامه.

 

وبه تنتهي هذه الوقفات المختصرات مع هذه القاعدة القرآنية الكريمة، ولم تنته بعد وقفاتنا التي نريدها مع بقية القواعد،

فإلى لقاء قادم بإذن الله تعالى.

  • معجبة 2

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

تمت قراءة القاعدة

جزاكِ الله خيراً أختي الحبيبة :)

 

وبما أنكِ أختي الحبيبة وضعت القاعدة اليوم ، إن شاء الله تعالى أضع القاعدة التي تليها غداً

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85.png

" القاعدة التاسعة عشر"

 

{ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ }

 

نتحدث اليوم بإذن الله تعالى عن قاعدة من القواعد القرآنية المُحكمة في أبواب التعامل بين الخَلق فالحياة لا تخلوا من البغي والعدوان سواء على النفس أوعلى دونها

 

* وهذه القاعدة العظيمة جاءت بعد قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178) } سورة البقرة ، ثم قال تعالى مبينا هذه القاعدة العظيمة في باب الجنايات : { وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179) }

 

ولنا مع هذه القاعدة وقفات :

 

* الوقفة الأولى :

 

إن من تأمل واقع الحياة - مسلمها وكافرها – فسيجد قِلة القتل في البلاد التي يُقتل فيها القاتل كما أشار إلى ذلك العالم الشنقيطي وعلل ذلك بقوله : " لأن القصاص رادع عن جريمة القتل ، كما ذكره الله تعالى في الآية المذكورة آنفاً ، وما يزعمه أعداء الإسلام من أن القصاص فيه إقلال عدد أفراد المجتمع بقتل واحد ثان بعد ما مات الأول ، وينبغي أن يُعاقب بغير القتل فيحبس ، وقد يولَد له في الحبس فيزيد المجتمع ، وهذا كله كلام ساقط عارعن الحكمة لأن الحبس لايردع الناس عن القتل فإذا لم تكن العقوبة رادعة فسيكثر القتل ويتضاعف نقص المجتمع بعدد القتل"

 

* الوقفة الثانية :

 

مع قوله عزوجل في هذ القاعدة المُحكمة : { وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ }

" ذلك أن الحياة أعز شئ على الإنسان فلا تعادل عقوبة القتل في الردع والإنزجار ، وفي ذلك من الحكمة في تطمين أولياء القتلى بأن القضاء ينتقم لهم ممن إعتدى على قتيلهم قال تعالى : { وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (33) } سورة الإسراء ، أي لئلا يتصدى أولياء القتيل للإنتقام من القاتل بأنفسهم لأن ذلك يفضي إلى صورة الحرب بين رهطين فيكثر فيه إتلاف الأنفس "

 

* الوقفة الثالثة :

 

مع تنكير كلمة الحياة في هذه القاعدة القرآنية : { وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ } فهذا التنكير للتعظيم أي في القصاص حياة لنفوسكم ، فلو أهمل خكم القصاص لما إرتدع الناس لأن أشد ماتتوقاه نفوس البشر من الحوادث هو الموت ، فلو علم القاتل أنه يسلم من الموت لأقدم على القتل مستخفاً بالعقوبات

 

* الوقفة الرابعة:

 

هي مع ختم هذه القاعدة بقولة : { يَا أُولِي الْأَلْبَابِ } ففي ذلك تنبيه على التأمل في حِكمة القِصاص إذ هو في بادئ الرأي كأنه عقوبة بمثل الجناية لأن في القِصاص رزية ثانية لكنه عند التأمل في الحياة لا رزية للوجهين المتقدمين ، ثم قال تعالى : { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } إكمالاً للعلة أي لأجل أن تتقوا فلا تتجاوزا في أخذ الثأر حد العدل والإنصاف

 

* الوقفة الخامسة:

 

أن هذه القاعدة العظيمة فاقت ما كان ساريا مسرى المثل عند بعض المتأخرين وهو قولهم ( القتلُ أنفى للقتل ) وبالمقارنة بين هذا المثل وبين ما نحن بصدده من هذه القاعدة القرآنية : { وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ } ظهر ما يلي :

 

* أن حروف القاعدة القرآنية {فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ } أقل عددا من عبارة ( القتلُ أنفى للقتل ) .

 

* القاعدة القرآنية ذكرت " القصاص " ولم تقل القتل ، فشملت كل ما تقابل به الجناية على الأنفس فما دون الأنفس من عقوبة مماثلة وحددت الأمر بأن يكون عقوبة وجزاء لخطأ سابق لا مجرد عدوان وهذا عين العدل ، أما عبارة العرب فقد ذكرت القتل فقط ، ولم تقيده بأن تكون عقوبة ولم تُشِر إلى مبدأ العدل فهي قاصرة وناقصة.

 

* القاعدة القرآنية : {فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ } نصت على ثبوت الحياة بتقرير حكم القصاص ، أما المثل العربي فذكر نفي القتل ، وهو لا يدل على المعنى الذي يدل عليه لفظ "حياة "

 

* القاعدة القرآنية خالية من عيب التكرار ، بخلاف المثل العربي الذي تكررت فيه كلمة القتل مرتين في جملة قصيرة

 

* القاعدة القرآنية صريحة في دلالتها على معانيها مستغنية بكلماتها عن تقدير محذوفات ، بخلاف عبارة " العرب " فهي تحتاج إلى تقديرات حتى يستقيم معناها إذ لا بد فيها من ثلاثة تقديرات وهي كما يلي : " القتل " قصاصا " أنفى " من تركه " للقتل " عمداً وعدواناً

 

* القاعدة القرآنية فيها سلاسة لإشتمالها على حروف متلائمة سهلة التتابع في النطق ، أما العبارة " العربية " ففيها تكرار حرف القاف المتحرك بين ساكنن وفي هذا ثقل على الناطق

 

وإلى هنا ينتهي ما أردت بيانه حول هذه القاعدة القرآنية الكريمة :{ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ }

 

وإلى لقاء آخر مع قاعدة جديدة بإذن الله تعالى ..

تم تعديل بواسطة عروس القرآن
  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85.png

" القاعدة التاسعة عشر"

 

{ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ }

 

نتحدث اليوم بإذن الله تعالى عن قاعدة من القواعد القرآنية المُحكمة في أبواب التعامل بين الخَلق فالحياة لا تخلوا من البغي والعدوان سواء على النفس أوعلى دونها

 

* وهذه القاعدة العظيمة جاءت بعد قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178) } سورة البقرة ، ثم قال تعالى مبينا هذه القاعدة العظيمة في باب الجنايات : { وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179) }

 

ولنا مع هذه القاعدة وقفات :

 

* الوقفة الأولى :

 

إن من تأمل واقع الحياة - مسلمها وكافرها – فسيجد قِلة القتل في البلاد التي يُقتل فيها القاتل كما أشار إلى ذلك العالم الشنقيطي وعلل ذلك بقوله : " لأن القصاص رادع عن جريمة القتل ، كما ذكره الله تعالى في الآية المذكورة آنفاً ، وما يزعمه أعداء الإسلام من أن القصاص فيه إقلال عدد أفراد المجتمع بقتل واحد ثان بعد ما مات الأول ، وينبغي أن يُعاقب بغير القتل فيحبس ، وقد يولَد له في الحبس فيزيد المجتمع ، وهذا كله كلام ساقط عارعن الحكمة لأن الحبس لايردع الناس عن القتل فإذا لم تكن العقوبة رادعة فسيكثر القتل ويتضاعف نقص المجتمع بعدد القتل"

 

* الوقفة الثانية :

 

مع قوله عزوجل في هذ القاعدة المُحكمة : { وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ }

" ذلك أن الحياة أعز شئ على الإنسان فلا تعادل عقوبة القتل في الردع والإنزجار ، وفي ذلك من الحكمة في تطمين أولياء القتلى بأن القضاء ينتقم لهم ممن إعتدى على قتيلهم قال تعالى : { وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (33) } سورة الإسراء ، أي لئلا يتصدى أولياء القتيل للإنتقام من القاتل بأنفسهم لأن ذلك يفضي إلى صورة الحرب بين رهطين فيكثر فيه إتلاف الأنفس "

 

* الوقفة الثالثة :

 

مع تنكير كلمة الحياة في هذه القاعدة القرآنية : { وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ } فهذا التنكير للتعظيم أي في القصاص حياة لنفوسكم ، فلو أهمل خكم القصاص لما إرتدع الناس لأن أشد ماتتوقاه نفوس البشر من الحوادث هو الموت ، فلو علم القاتل أنه يسلم من الموت لأقدم على القتل مستخفاً بالعقوبات

 

* الوقفة الرابعة:

 

هي مع ختم هذه القاعدة بقولة : { يَا أُولِي الْأَلْبَابِ } ففي ذلك تنبيه على التأمل في حِكمة القِصاص إذ هو في بادئ الرأي كأنه عقوبة بمثل الجناية لأن في القِصاص رزية ثانية لكنه عند التأمل في الحياة لا رزية للوجهين المتقدمين ، ثم قال تعالى : { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } إكمالاً للعلة أي لأجل أن تتقوا فلا تتجاوزا في أخذ الثأر حد العدل والإنصاف

 

* الوقفة الخامسة:

 

أن هذه القاعدة العظيمة فاقت ما كان ساريا مسرى المثل عند بعض المتأخرين وهو قولهم ( القتلُ أنفى للقتل ) وبالمقارنة بين هذا المثل وبين ما نحن بصدده من هذه القاعدة القرآنية : { وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ } ظهر ما يلي :

 

* أن حروف القاعدة القرآنية {فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ } أقل عددا من عبارة ( القتلُ أنفى للقتل ) .

 

* القاعدة القرآنية ذكرت " القصاص " ولم تقل القتل ، فشملت كل ما تقابل به الجناية على الأنفس فما دون الأنفس من عقوبة مماثلة وحددت الأمر بأن يكون عقوبة وجزاء لخطأ سابق لا مجرد عدوان وهذا عين العدل ، أما عبارة العرب فقد ذكرت القتل فقط ، ولم تقيده بأن تكون عقوبة ولم تُشِر إلى مبدأ العدل فهي قاصرة وناقصة.

 

* القاعدة القرآنية : {فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ } نصت على ثبوت الحياة بتقرير حكم القصاص ، أما المثل العربي فذكر نفي القتل ، وهو لا يدل على المعنى الذي يدل عليه لفظ "حياة "

 

* القاعدة القرآنية خالية من عيب التكرار ، بخلاف المثل العربي الذي تكررت فيه كلمة القتل مرتين في جملة قصيرة

 

* القاعدة القرآنية صريحة في دلالتها على معانيها مستغنية بكلماتها عن تقدير محذوفات ، بخلاف عبارة " العرب " فهي تحتاج إلى تقديرات حتى يستقيم معناها إذ لا بد فيها من ثلاثة تقديرات وهي كما يلي : " القتل " قصاصا " أنفى " من تركه " للقتل " عمداً وعدواناً

 

* القاعدة القرآنية فيها سلاسة لإشتمالها على حروف متلائمة سهلة التتابع في النطق ، أما العبارة " العربية " ففيها تكرار حرف القاف المتحرك بين ساكنن وفي هذا ثقل على الناطق

 

وإلى هنا ينتهي ما أردت بيانه حول هذه القاعدة القرآنية الكريمة :{ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ }

 

 

وإلى لقاء آخر مع قاعدة جديدة بإذن الله تعالى ..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

قاعدة رائعة من قواعد الحياة

بارك الله فيك اختي الحبيبة

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عذرا يا حبيبات لكنها الوسيلة الوحيدة التي يمكن بها أن تأتيني تنبيهات لكل جديد تنشروه

بارك الرحمن فيكما وحفظكما من كل سوء

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

@المحبة لله

 

@ عروس القرآن

 

بارك الله لكما وجزاكما خير الجزاء

 

مدارسة كلام الله من أسمي الطاعات

 

اتذوق معكما حلاوة كلمات الله و محكم تنزيله

 

سبحان من صاغه وو ضع كل حرف في مكان لا يقبل التبديل أو الحذف

  • معجبة 2

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

@ تالية القرآن

 

وجزاكِ الله خيراً مثلُه

سعدت جدااا بمروركِ الكريم

وما أجمل مدارسة كلام رب العالمين! :)

أسأل الله تعالى أن ينفعنا بما علمنا ويعلما وما ينفعنا دائمــــــاً

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عذرا يا حبيبات لكنها الوسيلة الوحيدة التي يمكن بها أن تأتيني تنبيهات لكل جديد تنشروه

بارك الرحمن فيكما وحفظكما من كل سوء

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

وحياك هنا يا غالية ولا داعي للاعتذار ابدا

وان شاء الله تستفادي من صفحتنا

وبارك الله فيك حبيبتي

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

@المحبة لله

 

@ عروس القرآن

 

بارك الله لكما وجزاكما خير الجزاء

 

مدارسة كلام الله من أسمي الطاعات

 

اتذوق معكما حلاوة كلمات الله و محكم تنزيله

 

سبحان من صاغه وو ضع كل حرف في مكان لا يقبل التبديل أو الحذف

 

وبارك الله فيك وجزاك الله خيرا

ولا يوجد احلى من مدارسة كتاب الله :)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

القاعدة العشرون:

(وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ)

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبدالله، وعلى وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فهذا حديث متجدد عن قاعدة من القواعد المحكمة في أبواب العدل والجزاء، ولتدبرها أثرٌ في فهم المؤمن لما يراه أو يقرأه في كتب التاريخ، أو كتاب الواقع من تقلبات الزمن والدهر بأهله، سواء على مستوى الأفراد أم الجماعات، إنها القاعدة القرآنية التي دل عليها قوله تعالى: {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} [الحج:18].

 

ولعل إيراد الآية الكاملة التي ذكرت فيها هذه القاعدة مما يجلي لنا أبرز صور الإهانة التي تنزل الإنسان من عليائه، يقول سبحانه وتعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج:18].

فهل أدركتَ معي أخي وأنت تستمع لهذه الآية الكريمة أن أعلى وأبهى وأجلى صور كرامة العبد أن يوحّد ربه، وأن يفرده بالعبادة، وأن يترجم ذلك بالسجود لربه، والتذللِ بين يدي مولاه، وخالقِه ورازقه، ومَنْ أمرُ سعادتِه ونجاته وفلاحِه بيده سبحانه وتعالى، يفعلُ ذلك اعترافًا بحق الله، ورجاءً لفضله، وخوفًا من عقابه؟!

وهل أدركتَ أيضًا أن غاية الهوان والذلّ، والسفول والضعة أن يستنكف العبد عن السجود لربه، أو يشرك مع خالقه إلهًا آخر؟! وتكون الجبال الصم، والشجر، والدواب البُهمُ، خيرًا منه حين سجدت لخالقها ومعبودها الحق؟!

 

أيها الإخوة:

وإذا تبيّن هذا فإن هذه القاعدة القرآنية الكريمة: {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} جاءت في سياق بيان من هم الذين يستحقون العذاب؟ إنهم الذين أذلوا أنفسهم بالإشراك بربهم، فأذلهم الله بالعذاب، كما قال سبحانه وتعالى: {وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ} فلا يجدون حينها من يكرمهم بالنصر، أو بالشفاعة!

وتأمل أيها المبارك كيف جاء التعبير عن هذا العذاب بقوله: {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ} ولم يأت بـ(ومن يعذل الله) وذلك ـوالله أعلم ـ "لأن الإهانة إذلالٌ وتحقيرٌ وخزيٌ، وذلك قدرٌ زائدٌ على ألم العذاب، فقد يعذب الرجل الكريم ولا يهان" (1).

ثم تأمل كيف جاء التعبير عن ضد ذلك بقوله: {فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} فإن لفظ "الكرم لفظ جامع للمحاسن والمحامد، لا يراد به مجرد الإعطاء، بل الإعطاء من تمام معناه، فإن الإحسان إلى الغير تمام المحاسن، والكرم كثرة الخير ويسرته،... والشيء الحسن المحمود يوصف بالكرم، قال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ‌وْا إِلَى الْأَرْ‌ضِ كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِ‌يمٍ} [الشعراء:7]، قال ابن قتيبة: من كل جنس حسن، والقرآن قد دل على أن الناس فيهم كريم على الله يكرمه، وفيهم من يهينه، قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَ‌مَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات:13]، وقال تعالى: {وَمَن يُهِنِ اللَّـهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِ‌مٍ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج:18] (2).

 

أيها القارئ الكريم:

وإذا كان الشرك بالله هو أعظم صورةٍ يذل بها العبد نفسه، ويدسها في دركات الهوان، فإن ثمةَ صورًا أخرى وإن كانت دون الشرك إلا أن أثرها في هوان العبد وذله ظاهر بيّن: إنه ذل المعصية، وهوان العبد بسببها، يقول ابن القيم: موضحًاً شيئًا من معاني هذه القاعدة القرآنية المحكمة {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} وهو يتحدث عن شيء من شؤم المعاصي، وآثارها السيئة:

ومنها: أن المعصية سببٌ لهوان العبد على ربه وسقوطه من عينه، قال الحسن البصري: هانوا عليه فعصوه ولو عزوا عليه لعصمهم!.

وإذا هان العبد على الله لم يكرمه أحد، كما قال الله تعالى: {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ}! وإنْ عَظّمهم الناس في الظاهر لحاجتهم إليهم، أو خوفًا من شرهم، فهم في قلوبهم أحقر شيء وأهونه...

إلى أن قال: وهو يتحدث عن بعض عقوبات المعاصي:

أن يرفع الله عز وجل مهابته من قلوب الخلق، ويهون عليهم، ويستخفون به، كما هان عليه أمر الله، واستخف به، فعلى قدر محبة العبد لله يحبه الناس، وعلى قدر خوفه من الله يخافه الناس، وعلى قدر تعظيمه الله وحرماته يعظم الناس حرماته! وكيف ينتهك عبدٌ حرمات الله ويطمع أن لا ينهك الناس حرماته؟! أم كيف يهون عليه حق الله ولا يهونه الله على الناس؟! أم كيف يستخف بمعاصي الله ولا يستخف به الخلق؟!

 

وقد أشار سبحانه إلى هذا في كتابه عند ذكر عقوبات الذنوب، وأنه أركس أربابها بما كسبوا، وغطي على قلوبهم، وطبع عليها بذنوبهم، وأنه نسيهم كما نسوه، وأهانهم كما أهانوا دينه، وضيعهم كما ضيعوا أمره، ولهذا قال تعالى في آية سجود المخلوقات له: {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} فإنهم لما هان عليهم السجود له، واستخفوا به، ولم يفعلوه أهانهم، فلم يكن لهم من مكرم بعد أن أهانهم، ومن ذا يكرم من أهانه الله أو يهن من أكرم... إلى أن قال: ومن عقوباتها: أنها تسلب صاحبها أسماء المدح والشرف، وتكسوه أسماء الذم والصغار، فتسلبه اسم المؤمن والبر والمحسن والمتقي والمطيع... ونحوها، وتكسوه اسم الفاجر والعاصي والمخالف والمسيء...، وأمثالها فهذه أسماء الفسوق وبئس الاسم الفسوق بعد الإيمان التي توجب غضب الديان، ودخول النيران، وعيش الخزي والهوان، وتلك أسماء توجب رضى الرحمان، ودخول الجنان، وتوجب شرف المتسمي بها على سائر أنواع الإنسان، فلو لم يكن في عقوبة المعصية إلا استحقاق تلك الأسماء وموجباتها لكان في العقل ناهٍ عنها، ولو لم يكن في ثواب الطاعة إلا الفوز بتلك الأسماء وموجباتها؛ لكان في العقل أمرٌ بها ولكن لا مانع لما أعطى الله، ولا معطي لما منع، ولا مقرب لمن باعد، ولا مبعد لمن قرب، ومن يهن الله فماله من مكرم، إن الله يفعل ما يشاء انتهى كلامه.

 

معشر القراء الكرام:

وفي كلمة ابن القيم الآنفة: "ومن ذا يكرم من أهانه الله، أو يهنْ من أكرم؟" إشارة إلى معنى يفهم من هذه القاعدة القرآنية المحكمة: {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} وهو أن من أكرمه ربه بطاعته، والانقيادِ لشرعه ظاهرًا وباطنًا، فهو الأعز الأكرم، وإن خاله المنافقون أو الكفار الأمر على خلاف ذلك، كما قال من طمس الله على بصائرهم من المنافقين وأشباههم: {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [المنافقون:8] إي والله.. لا يعلمون من هم أهل العزة حقًا!

 

ألم يقل الله: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين} [آل عمران:139]؟!

وكيف يشعر المؤمن بالهوان وسنده أعلى؟! ومنهجه أعلى؟! ودوره أعلى؟ وقدوته ج أعلى وأسمى؟!

فهل يعي ويدرك أهل الإيمان أنهم الأعزة حقًا متى ما قاموا بما أوجب الله عليهم؟

 

وأختم حديثي عن هذه القاعدة القرآنية المحكمة {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ}،بكلمة رائعة لشيخ الإسلام ابن تيمية: حيث يقول:

"الكرامة في لزوم الاستقامة، واللهُ تعالى لم يكرم عبده بكرامة أعظم من موافقته فيما يحبه ويرضاه وهو طاعته وطاعة رسوله وموالاة أوليائه ومعاداة أعدائه وهؤلاء هم أولياء الله الذين قال الله فيهم: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّـهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس:62]" ، أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم منهم، وأن يكرمنا وإياكم بطاعته، ولا يذلنا ويهيننا بمعصيته،

 

وإلى لقاء جديد بإذن الله،

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

للأستماع الى القاعدة بدل القراءة

_______________

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

ما شاء الله ..

بورك فيكما اختاي المحبة لله و عروس القران

كل ما في هذا المتصفح ..جمييل جدااا و مفيد

سأعود هنا كثيراا .. للمتابعة باذن الله

جزاكما الله خيرا ..

  • معجبة 2

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×